الفصل الثاني


3- 1 - ممارسة الفقراء للرياضة
" المرجعية المنهجية
إن كل فئة رياضية في مجتمعنا النامي , تحمل رؤى تؤمن بها وتسعى إلى أن تطبق على أرض الواقع , ورؤى فقراء الرياضة, محددة فيما هو ملموس في . مرجعياتها المستوحاة من أنها تنتمي إلى المغرب البلد الإسلامي العربي الأمازيغي – المتشبعة مكوناته بالأهمية الرياضية ذات الثوابت الراسخة في أعرافها وتقاليدها , وفي قانون بلادها وفي اندماجها ضمن التعددية الاجتماعية وتنوعاتها في نفس البلد
- فمن حيث المرجعية الدينية, تتشبث هذه الفئة بتعاليم القرآن الكريم الذي جمع كل مكارم الأخلاق , وترى أن الدين يرفض الظلم, ويمكن أن تكون مراجعة الظالم با لتي هي أحسن
- ومن حيث اعتبارات المواطنة, ترى أن الرياضة حق للجميع, تعايشا وممارسة بغض النظر عن التصنيف الطبقي . - و أن تحصين شبابها . وشبا بها الرياضي وحمايته من المخاطر والمنزلقات , له ثوابت مجسدة في الحقوق الرياضية وحق الممارسة من بينها . وحق التنظيم والمشاركة العادلة في أنشطة أي تنظيم .
- وعز الحياة بالنسبة إليها , اكتمال المواطنة والتشبث بالا نتماء لبلدهم المغرب , الذي هو الأصل وهم فرع من فروعه, لا يرغبون في أن يفرض عليهم الانسلاخ عنه, ويقينهم أن " الأصل لا يتمنى فرعا أفضل من فرعه " فطبقات البلدة, وهي مجموعة الفروع فيه, تتحقق لها الحيا ة الكريمة, بالتلا قي والتكامل , وليس بالتنا فر والتطاحن , وهذا في نظرنا يدخل ضمن مكارم الأخلا ق – والرياضة أخلاق– رغم أنها صناعة بشرية , ابتكرها الإنسان لتمنحه مزايا تنافسية
وليس من التنافس أن يزكى فرع أو يستحوذ على مقدرات الآخر , فطبقة الفقراء الرياضيين, تعتبرأن طبقة الأغنياء الرياضيين اقتحمت الرياضات الموصوفة برياضة الفقراء , بينما العكس المنطقي لم يحدث , وما حققته ريا ضة الفقراء من مزايا, يسود الإحساس أنها تسلب منها
ولازال اتجاه اقتسام هذه المزايا يتزايد ويحكم قبضته , ليس هاهنا فحسب , بل هو في هيمنة ريا ضيي الدول الغنية على ريا ضيي ورياضة الدول الفقيرة والذي يندرج في إطار الهيمنة على اقتصادها وخيراتها الطبيعية والبشرية وليس من التنافس, أن يصبح الرياضي الفقير غريبا في بلد نا , البطل المسن من هذه الفئة , مهمل منسي , الرياضي المنقطع يجر وراءه خيبة الأمل وحسرة انجرافه مع عشق رياضة لم تضمن له مستقبلا , وشبابها يعاني من نقص البنى التحتية , ومضا يق في القليل المتوفر منها , ومحروم من تلك التي هي مخصصة لأغنياء الرياضة . فحتى لو كان المبرر هو ازدياد الرغبة في الفوز, فإن الفوز الحقيقي ذو الآثار الايجابية الآنية والمستقبلية , ليس هو ا لفوز في مباراة طارئة , بقدر ما هو الفوز في توسيع القاعدة الممارسة, وقاعد ة المستمتعين برياضة ما . صغارا أو كبارا , ذكورا أو إناثا . خاصة ونحن المغاربة- بأغنيائنا وفقرائنا لسنا فقراء أخلاق , و لا فقراء الاعتراف بالجميل , فما تحققه رياضتنا من تقدم ننوه به. أيا كان من بلغه . وهذا ما يحثنا على لفت الانتباه إلى الفئة المنسية من فقراء الرياضة والفئة التي تعاني من ويلات الانقطاع
قد يساهم مفهوم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , وما تقترحه من شراكة فاعلة للقطاع الخاص إيجابيا . إذا اقتنع هذا القطاع أن الاستثمار في الحقل الرياضي يضيف قيمة اقتصادية للشركة وقيمة لقدراتها على البذل والتطوير, ويزيل عن القطاع الخاص تهمة التخلف عن التنمية الرياضية , فبذلك يسهم في خلق مناخ جديد لدعم المحتاجين رياضيا والمنسيين في ميدانهم الرياضي وخارجه بعد الانقطاع . وتصبح مساهمتهم إنمائية. تضمن استدامة العطاء لتوسيع شبكة الممارسين بتعاون مع الدولة والمجتمع . حتى إذا ظهرت الحاجة إلى الأبناك المحلية لتلعب دورا محوريا في هذه التنمية , كانت هذه الحاجة واجبا اجتماعيا رياضيا في ظل ما تنعم به من مقدرات وأرباح مصدرها وسببها المواطن المغربي , واتجاها واضحا على أن هناك جهدا كبيرا ملموسا لتطوير الأفكار وتحويلها إلى واقع مربح ماديا وتشاركيا واقتصاديا ورياضيا يمكن أن يقود إلى إحداث صندوق لتنمية الرياضة في الأحياء الفقيرة
محمد التهامي بنيس