(ت679هـ):
يحيى بن عبد العظيم بن يحيى بن محمد بن علي، الشيخ جمال الدين أبو الحسين الجزار الأديب المصري؛ ولد سنة ثلاث وستمائة تقريباً، وتوفي ثامن عشر شوال سنة تسع وسبعين وستمائة بالفالج، وكان بديع المعاني جيد التورية عذب التركيب فصيح الألفاظ حلو النادرة، صاحب مجون وزوايد، يمدح الملوك والكبار، وكان يتزيّا بزي الكتّاب، عاش مرتزقا بالشعر، وما هُجي أحد من شعراء زمانه ما هُجي هو، ولا ثُلب كما ثلب، وكان يسمى "تعاشير".
ومما هجي به رحمه الله تعالى :

ماذا أقول في فتـى
نَشْءِ التيوس والبقرْ
فِعالـه ذميـمـةٌ
وبيته بيت (الزفر)
وكان قليل الهجاء، متحمّلاً متودّداً إلى الناس، حسن التعريض، واحتاج في آخر عمره إلى الاستجداء بغير شعر. وكان كثير التبذير لا تكاد خلته تستد أبدا ولا يغفل طلبه ولكن بأحسن الصور، وكان مسرفا على نفسه.
وله كتاب "فوائد الموائد" وعمل بعض الفضلاء عليه "علائم الولائم". وجمع قطعة من شعره سماها "تقاطيف الجزار" وهذه تسمية حسنة.
ولم يكن في عصره من يقاربه في جودة النظم غير السراج الوراق، وهو كان فارس تلك الحلبة ومنه أخذوا وعلى نمطه نسجوا ومن مادته استمدوا. وبينه وبين شعراء عصره مجاراة ومباراة.
يقول في هذه الصفحة من حياته:

قطعتُ شبيبتي وأضعتُ عمري... وقد أتعبتُ في الهذَيان فكـري
وما لي أجـرةٌ فيـه ولا لـي .......لـيإذا ما تبتُ يوماً بعـض أجـرِ

قرأت النحـوَ تبيانـاً وفهمـاً ....إلى أن كعْتُ منه وضاق صدري

فما استنبطتُ منه سوى محـالٍ ....يُحال به على (زيد وعمـرو)

يتبع