أشتاقُكِ يا أُمّي
إلى روح أُمّي ... خُلاصة الزهد وروح الحنان، التي كانت حياتي بالنسبة لها؛ كلها تعب ... ووجودها بالنسبة لي كله نور .
محمد حسين بزي
عندما تنطفئُ الحكاياتْ
ويبلغُ الموتُ مداه
ثمةَ ملاكٌ يوقظُ الغيبَ
وتبدأُ مِنْ جديد الحكايةْ..
تلهو بأنظارِ السواقي
وتستريحُ بظلِّ الله
ورشحاتِ الملكوتْ
بستانُ الأُمِ يُظلّل كلَّ البهاءْ
كمْ كانت الحكايةُ جميلةً يا أُمّي
وكمْ ظلَّلَنا بهاءُ الله في "الناسوتْ"
وكمْ كنتُ يومَها جميلاً
وكمْ كنتُ يومَها طفلاً
أحبو في قبتكِ المقدسة
بين النورِ والماءْ
قبل أن يُبَكرَ اليُـُتمُ بأيامْ
ويكبُرَ فيَّ سريعاً
سرعةَ صوتِ السماءْ
ليس لي بعدكِ من سماءْ
ولا نداءْ
أنواءٌ تُفضي إلى أنواءْ
غربةٌ تهربُ منها الغُربةْ
ونهرٌ غادرهُ الماءْ
بَعْدَكِ:
من سيزرعُ حقلنا باللوزِ والحنانْ
ويخبئُ الفجرَ من كل يومٍ
ويجمعُ غلةَ الضوءِ الأول بصحيفة الأقحوانْ ؟
من سيُهدهدُ الشمسَ بالدعاءْ
حتى تغفوَ في حضنكِ المهيبْ ..
وتَستَحِم الغُدرانْ ؟
من سيخبزُ قمحنا بالمساءِ الأرجوانيّ
لتأكلَ نهاراتُـنا الخبزَ والشعرَ والعنفوانْ ؟
من سيروي حكايا بنتَ جبيلٍ للسّمَرْ ؟
وقصص العاشقين للقمرْ ؟
ومن سيعدُّ معي نجماتِ نيسانْ
وأيام عمري
ومنازلَ القمرْ ؟
منْ سيحرث الليل بالسجودْ ..
ويزرع سماء الله شجرْ ؟
من سيقول لي:
اذهبْ .. فالله معكْ
ويودعني بالأنفاسِ المبتهلة لله
حتى تنعدمَ الرؤيةُ إلاَّ عن وجهكِ الكريمْ ؟
أُمّي..
منْ للحياةِ بعدكِ ؛ ومنْ للمحرابْ ؟
تيتمتْ والله الصلواتْ
والمناجاة نفضت عباءة الصوفْ
وبكتْ مُهَجُ الدعواتِ ابتهالاتِها البِكرْ
أُمّي ..
يا كلمةً ألقاها اللهُ للجَنَّةِ فسجدتْ تحت قدميّكِ
فطابَ لها السجودْ
وطابَ لها الشهودْ
وطابَ .. وطابَ بها الوجودْ
أُمّي ..
إبراهيمُ قامَ بالمحرابْ
والبيتُ طافَ بالكتابْ
هلْ تنظرين؟
أُمّي ..
سنلتقي دونَ وَجَلْ
ونفنى على عَجَلْ
هلْ تعرفين؟
أُمّي ..
سنغفو بصحوةِ القَدَرْ
ونصحو بغفوةِ العُمرْ
هلْ تعلمين؟
أُمّي ..
لكِِ الله ؛ ما أجملكِ
حتى في الموتِ تفرحين !
أيَّ سِرّ أودعكِ الله
وأيَّ قرارٍ مكينْ ؟
أنتِ في حضرةِ الصمدْ
وأنا أشتـــــاق الأحـــدْ
فلا تجعلي انتظاري بعدكِ طويلا
فأنا أشتاقكِ يا أُمّي
أشتاقك..
أشتاقكِِ ؛ وأُمّـي
يــــــــا أُمّي .
بيروت 4/4/2009 م.
المفضلات