اعتاد العرب عموماً على ترديد جملة (فلان مدعوم) وجملة فلان مدعوم تعني أن (له ظهراً يحميه) وسواء لفظ العرب الجملة الأولى أم الثانية فكلا الجملتين لهما دلالة واحدة معناها في أغلب الأحيان (ابتعد عن فلان) أو لا تتحرش به أو (لا تتحدث إليه خلافاً لرأيه) لأنه قد يؤدي إلى (إيذائك) أو ضررك وفهمكم كفاية...
ودرجت موضة الــ(دعم) هذه وازدادت مع مرور الزمن إلى أن أصبحت كلمة عادية ومتداولة بين الناس... ولكن من غير الطبيعي أن يرددها مثقفون أو كتاب أو صحفيون (بافتخار) إذ أنه من واجب الكاتب و الأديب و الصحفي أن يحمل لواء الحق، والـ(الحق) هنا يبطل الكلمة السابقة (مدعوم) لأن الحق يساوي بين الناس، والـ(دعم) يفَرِّق بينهم، أما أن يتبنى بعض من يطلقون على أنفسهم لقب (مثقفين) هذه الكلمة، فهذا يعني أن لا ثقافة حقيقية يحملونها...
أمام هذه الحالة اعتاد غير الـ(مدعومين) أن يشكلوا خط دفاع عن أنفسهم سواء بالصد الصريح أو بالتحايل والخداع وإيهام (المدعوم) بأنه مدعوم أكثر منه، كما فعل الحذّاء الحمصي.
ماذا فعل الحذَّاء: ؟
يحكى أن حذاء حمصياً (يصلح أحذية) افتتح له دكاناً في الطابق الأول في إحد الأبنية، وآخر افتتح له دكاناً (تحت دكان الحذّاء) لبيع المجوهرات، وكان الحذاء يبدأ عمله من الصباح ويطرق المسامير في الأحذية واضعاً سندانه على الأرض، مما يشكل إزعاجاً لبائع المجوهرات، وعلى ذمة الراوي فقد كان صاحب المجوهرات (مدعوماً) فاشتكى إلى قائد الشرطة، فأرسل قائد الشرطة (دورية) لتحضر الحذاء، وعندما وصلت الـ(دورية) إليه وأبلغوه أن يمثل بين يدي قائد الشرطة أجابهم الحذاء بلا مبالاة: (مالي فاضي لقائد الشرطة، فأنا مشغول بإصلاح حذاء المحافظ) فعادت الدورية أدراجها ولم يعد قائد الشرطة يطلب الحذّاء.
هذه القصة يتندر بها الحماصنة منذ خمسينيات القرن الماضي.. لم أروِ هذه القصة إلا للتندر، وأضيف: لا عتب على الـ(مدعومين) الجهلاء... والعتب كل العتب على من يدعون الثقافة وحمل الفكر إضافة إلى الـ(دعم).
المفضلات