آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: السوريانية -تقدم ع/ط د.شاكر مطلق

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية الدكتور شاكر مطلق
    تاريخ التسجيل
    01/04/2007
    العمر
    86
    المشاركات
    259
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي السوريانية -تقدم ع/ط د.شاكر مطلق

    Betreff: السوريانية
    Von: "Rahaf kawaf" r_kawaf95@hotmail.com
    An: Dr. Shak MUTLAK
    Datum: 31. Dec 2008 09:30

    ________________________________________
    Archive: Dr. Shaker MUTLAK
    كان سكان حلب قبل الفتح الإسلامي ، سوريانيون ، يتكلمون اللغة السوريانية ، التي تعتبر ابنة الآرامية ، هذه اللغة التي تكلمها السيد المسيح ، و هي لغة الإنجيل
    و التي انتشرت جغرافيا فتكلمها أهل بلاد الشام و بلاد الرافدين و أهل بلاد النيل ( مصر الحالية ) و تكلمها الفرس في فترة من الفترات ، و تعتبر هذه اللغة توأم اللغة العربية .وصمدت هذه اللغة أمام لغات الغزاة الفرس و اليونان و الروم لبلاد الشام ، و لكن بعد الفتح الإسلامي تضاءل استعمال هذه اللغة و اقتصرت على قرى محدودة كمعلولا و جبعدين ، و على رجال الدين من الطائفة السريانية في الكنائس ، و بقيت بقاياها في الكلام الذي يتناقله الناس في حياتهم اليومية .
    أورد في المقالة التالية نص أغلب كلماته سوريانية ، و يتضمن ألفاظا يتداولها الحلبيون يوميا دون أن يدروا بأنها سوريانية ، وفقا للمعجم السورياني ، و هي الكلمات التي وضعت بين قوسين :
    قام يوسف ليلبس ، (بحبش عالتاسومة و أكلت معو ) الشغلة نص ساعة ، و ما لاقى غير (الاسكربينه ) ، (بعق ) لأموا: صاير منظري (هردبشت )، و (عبيتمقلسوا ) علي رفقاتي ، ما (عبتطسي ) منظري . - قالتلو أمه : حاج (تنق )، (التوك ) منك ، مو من رفقاتك ، بدك ( تتبهنك و تتبهور و تجخ ) وانت لسا (تلميذ ) ، بقا لما تصير (زلمه ) اش بتساوي ، ( انجوق ) رفقاتك و حاج ( تكر و تتسهسك ) معون ، (الصوج ) علي عطيتك وج ، استنا شوي ( بلكي ) بنزل بسوم لك ( كلاش ) ، مفكر حالك (حربوق )، خرج تشتري لحالك ، (أشكرة) بيضحكوا عليك ،أصلا مبين عليك (طشم ، و تنح ) . (ردحلا ) وقال : (اتاري ، عبتخاوزي ) بيني و بين اخواتي البنات ، هنن بس ، بتاخدين (تش و بتزوزقين ) ، (مرستقين ) حالكون مع بعض ، بدي اشكيك لأبوي .- قالتلو : حاج (تأنكل و تضرب عونطا و تفسفس ) لأبوك ،( اصطفل ) ، بدي اقولو عبتشرب (تتن ) ، و انو القصة (كيت كيت ) . - قام ( تعشبق ) فيا ، و ( غبق ) ، و ( مجق ) ايدا ، و (شلح ) تيابه و ( زتون ، و تكمكر ) ، و قالا : دخيلك و الله ( بسرجلني ) .
    و هذا النص مفهوم تماما للحلبيين و سوف اشرح بعض الكلمات التي وردت فيه بالفصحى لنلاحظ الفرق :
    التاسومة و الاسكربينة : من أنواع الأحذية .
    أكلت معو : أي استغرق .
    هردبشت : معدوم الأناقة .
    عبيتمقلس : يسخر .
    عبتطس : ترى .
    التوك : الخطأ.
    تتبهنك و تتبهور و تجخ : تسرف في الصرف و تتظاهر و تنفق بلا طائل .
    انجوق : دع .
    عبتخاوز : تنحاز لجهة دون اخرى .
    مرستقين : أموره مضبوطة و مستقرة .
    مجق : قبل من القبلة .
    أما اسم مدينة حلب فهو اسم سورياني بحت و يعني المدينة البيضاء ، فكلمة حلب تعني الأبيض بالسوريانية . وينفرد السوريانيون بتسمية الحليب حليبا بسبب بياضه ، بينما نرى أن بقية البلدان العربية تسميه لبنا .و بما أن حلب مميزة بالحجارة الكلسية البيضاء ، فقد سميت المدينة البيضاء . أما كلمة الشهباء فهي كلمة عربية أضافها العرب إلى اسم حلب ، و شهباء تعني الأبيض بالعربية ، و ذلك بقصد تفسير معنى كلمة حلب السوريانية .
    و الرواية المشهورة أن إبراهيم الخليل عليه السلام كان لديه بقرة اسمها الشهباء ، و كان يجلس في قلعة حلب ، و يقوم بحلب البقرة فينادي الناس ( حلب الشهباء ) ، و يتسابقون لشرب حليبها ، و هي رواية مهزوزة ، لا دليل تاريخي لها .
    فلا يمكن أن يسمي إبراهيم الخليل بقرته الشهباء ، و هو كما يجمع المؤرخون لم يكن يتكلم العربية ، و إنما الآرامية أو السريانية .
    و من الأسماء ذات الأصل السورياني ، و التي تحملها العائلات الحلبية الحالية :
    -(برمدا): و تعني الابن الشارد أو ابن المدى - (داديخي): و تعني العم .
    - (قطريب): و تعني ابن زوج المرأة
    -(صلاحية): و تعني الصحن الفخار الكبير
    -(عويرة): تعني المعبر .
    -(مارتيني): مار تعني السيد و تيني هو التين أي سيد التين
    -(قرداحي): تعني الحداد الذي يتعامل مع الحديد و الاسلحة من سيوف و غيرها .
    -(كيروز أو قيروز) : تعني الواعظ.
    -(نوفل): تعني الهابط .
    -(شحرور): تعني الأسود .
    -(جوبي): من يعمل بالآبار و الجباب . -(الشياح): من يعمل بالتذويب .
    -(توما): من التؤام .

    و من الأحياء القديمة في حلب و التي تحمل أسماء سوريانية :
    يقول الحلبيون (بحسيتا اللي ما نسيتا) ، و بحسيتا هو اسم حي مشهور لدى الحلبيين ، كانت فيه دور البغاء المرخصة رسميا ، و التي ألغي ترخيصها في خمسينيات القرن الماضي ، و نقلت إلى حي الجورة في دير الزور وقتها . و يوجد حالياً لوحة رخامية جديدة معلقة في مدخل حي باحسيتا ، تهدف إلى شرح مصدر التسمية ، و تقول هذه اللافتة أن سبب التسمية يعود إلى شخص اسمه (سيتا) باح بسر ما ، فسمي الحي (باح سيتا) . هذا خطا فادح ، فحسيتا بالسوريانية تعني المغفرة و الطهارة ، و با تعني بيت ، و يكون معنى الكلمة (بيت الطهارة و المغفرة) ، و يبدو أن معبداً أو مكانا مقدسا كان في ذلك الحي، و لذلك سمي بهذا الاسم حينها .أما حي بانقوسا فهو بالسوريانية بيت الناقوس ، و الناقوس هو جرس الكنيسة ، و يبدو أن كنيسة كانت موجودة هناك فسمي الحي بهذا الاسم ، على خلاف بعض التفاسير التي تقول أن الاسم يعني (بان قوسها ).
    و من أسماء الأحياء أيضا (الجلوم): التي تعني مكان جز صوف المواشي ، و (المعادي): و معناها التزعزع و الارتجاج و يبدو أنها كانت منطقة زلقة ، و (النيرب): و معناها المنبسط من الأرض أو الوادي طريق الماء ، و (جبرين): تأتي من جبرا و هو الرجل ، و (الشقيف): تعني الأرض الحجرية ، و (قنّسرين): تعني عش النسور ، و (ميسلون): تعني مسيل الماء ، و (العرقوب): و هو كعب الرجل .



    دروس في اللغة الحلبية:
    أول ما جهجه الضو، اجا يوسف ليشطف البيت، منشان البق، سكّر باب الصئاء، شلح الشحاطة منشان ما يجقجق، وجرجر الكراسي وأصيص الزريعة، تكتك شلون بدو يشطف، بحبش شوي، دندل الزنبيل و شقل المي من الجب، سخنا عالنار لبقبقت و بربقت، و كتا بالحوش الجواني بالطاسة لانو ما عندن قسطل و صهريج و خرطوم،ودعك الارض منيح من الزفر لانو دبقة، فك الكمر ليترحرح وشلح الشلحة،منشان ما تتشحور، وشلفا وراه، و فشّخ فوق المي، و دقّر شوي، و بعدين نط، تفشكل بكومة دف،وانطبش جواتا، طبشة قاتولية، وانجرحت ايدو واوا، حشّك، وبعق وجعّر آخ يا يامو، يا يابو، اجت امه و بإيدا الطواية و الشمشاية،و قالتلو يي يي، ليش عبتحركش و تنكّش، متل البوبو،كنت امسوك الدربزون،اش معمصة عيونك و مفشفش، بروك عالبرطوش، و تلقح عالزيق، وحاج تطرطق وتفرتّك، دحتّه دحة،وجابت لو شقفة شرشطونة و ربطتا، بعد ما خسلتا بالمي، و طرطشت تنورتا،و قالتلو قوم تغندر.
    و طبعا النص مفهوم تماما لأهل حلب ،
    و هو يعني :
    عند طلوع الضوء و إشراق الصباح، أراد يوسف أن يغسل بيته لوجود الناموس، أغلق باب الدار، وخلع حذائه لئلا يدوس فوق الماء و يلوث الأرض، و أزاح المقاعد و أحواض الزرع، خطط طريقة الغسل، بحث قليلا، و رفع الماء من البئر،و قام بتسخينها حتى تعالى صوت غليانها و صبها في ارض الدار بالوعاء، لعدم وجود خزان ماء و أنابيب في منزلهم، و حف الأرض المتسخة و الدبقة،وخلع حزامه و لباسا يرتديه و رماه خلفه، خشية أن يتسخ بالهباب الأسود، ليكون لباسه فضفاضا، ثم تمهل قليلا و بعدها قفز فوق الماء، فتعثر بكومة أخشاب، و سقط سقطة أليمة و جرحت يده، شتم و نادى: يا أماه يا أبتاه، فجاءت أمه و بيدها وعاء الطبخ و ملعقة كبيرة، و قالت: واه، لماذا تبحث بين الأغراض مثل الأطفال الصغار، كان يجب أن تمسك بالسور الحديدي،و هل عيناك مغمضتان و قواك ضعيفة, اجلس على عتبة الباب و تنحى جانبا، و ضربته، وجلبت له قطعة قماش و ربطتها بعد غسلها بالماء، و تناثر الماء فأصاب رداءها،و قالت له هيا قم فامشي متبخترا، كل هذا الكلام باللغة السوريانية الحلبية.
    ==========
    *)- وصلتني من صديق في ألمانيا، وتستحق القراءة ،على ما أعتقد.
    مطلق

    حمص – سورية / Homs-Syria
    بغطاسية – شارع ابن زريق 3
    هـ : عيادة (Prax.) 2222655 31 963 +
    ص.ب.( 1484) P.O.B.
    E-Mail:mutlak@scs-net.org

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية نادية كيلاني
    تاريخ التسجيل
    31/12/2008
    المشاركات
    386
    معدل تقييم المستوى
    16

    Thumbs up رد: السوريانية -تقدم ع/ط د.شاكر مطلق


    الفاضل د/ شاكر مطلق
    شكرا على نقلك لهذا الموضوع الطريف والمهم
    ومن عجائب اللغة العربية أنها تجب ما قبلها
    لقد جاءت العربية والعالم يتكلم لغات شتى ليست السريانية فقط فى بلاد الشام
    أيضا القبطية فى مصر وكل من دخل فى الاسلام تكلم العربية بطلاقة
    قد نقول لأنه لابد أن يتعامل بلغة القرآن ..
    أقول حتى الذين لم يعتنقوا الاسلام وظلوا مسيحيين أيضا نسوا لغتهم
    سواء السريانية أو القبطية وتكلموا العربية بطلاقة ودرسوها نحوا وصرفا
    وهذا ما كنت أسأل فيه نفسى دائما من ملاحظتى لأقباط مصر أتساءل أين لغتهم؟
    على كل لك شكرى وتقديرى
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    http://nadiakelany.blogspot.com/
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية عدنان أبوشعر
    تاريخ التسجيل
    13/05/2009
    العمر
    71
    المشاركات
    134
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: السوريانية -تقدم ع/ط د.شاكر مطلق

    كتبت إلى قريبة لي معتذراً وموضحاً سبب امتعاضي من استخدامها لبعض التراكيب والعبارات العامية، ورغم أن رسالتي تلك كانت مسألة اعتذار وإيضاح موقف إلا أنها بكليتها تصب في خانة الذفاع عن الفصحى، ونقلت في ذيلها النص الذي شرحه الأخ الدكتور شاكر مطلق مشكوراً، وأجدني مدفوعاً لأطل عليكم- ولأول مرة- حاملاً رسالتي لتفصح عن هويتي، راجياً أن تجد القبول لديكم، وعذراً للإسهاب الذي اقتضاه المقام.

    غاليتي رود،

    أبدأ بالاعتذار منك، وأثنـّي بتقبيل وجنتيك الطاهرتين استغفاراً لإساءة لم أتعمدها، وأثلـِّثُ بقولي أن موهبة الكتابة رزق من الله وهبة منه، والله وزّع الأرزاق والمواهب دون استشارة مخلوقاته، فأعطاك ما لم يعط غيرك وحباك ما لم يمنحه لزيد أو لعمرو، فلا نقاش في المواهب إذ أن الواهب لا يُناقش.

    ولقد وددت لو أنك - قبل انتصارك لنفسك – قمت بسؤالي عن سر غضبي وامتعاضي (غير المبرر لديك) من اعتماد العاميّة في كتابة الرسائل ضمن المنتدى، وما حزّ في نفسي أكثر من ذلك أن رسالتك حملت دموع محب لمحب ولوم عزيز لعزيز، فكانت سياطاً كنت أتجنبها طيلة حياتي لاعتبارات أبوية أكنها لك منذ طفولتك، سقاها حبي العميق لك و لأمك المتميزة الطاهرة، وروّاها أبوك الزكيّ النقيّ التقيّ، وحاك نسيجها ولحمتها سيرة جمعتني معك طفولة وشباباً ملؤها الحب، وأضاءت دربها شعلة التفاني والإخلاص.
    و لك – بعد أن تصغي لوجهة نظري- أن تحكمي على ردة فعلي، فلربما تلمّست لي ما يبرر تصرفي ويخرجني من قفص اتهامك، وتفهمت أسباب قلقي وخوفي من ظاهرة الكتابة بالعامية – من قبل أكثر المشتركين- أسلوباً متبعاً في الحديث والنقاش لا مجرد كلمات متناثرة هنا وهناك توضع بين أقواس ويراد منها زيادة البيان أو الطرفة المقصودة لذاتها، ويحق لك بعد قراءة رسالتي– يا حبيبة خالها المتميزة- أن تقرري إن كان في بَوْحي لياسر وأسامة استهداف لشخصك بالذات وطعن لك في الظهر، أم محض أنـّة مكلوم بأمته، وحشرجة خائف على مصير أسرته.

    سامحك الله لتسرب الشك إلى قلبك في صدق ما أكنه لك من إعجاب وحب، وجعل خير ما أكتبه الآن في صحيفتك، لأنني والله كنت بصدد الكتابة إلى كل أهل المنتدى حول أمر اعتمادهم العامية في مخاطباتهم، لكن أسامة وياسر منعاني من ذلك خشية تحسس البعض، وهائنذا وقعت في ( شر) أعمالي معك يا حبيبة.


    أبدأ فأقول معترفاً أن لديّ مشكلة في الرؤية - الرؤية العقلية- ولديّ رُهاب (فوبيا) فيما يتعلق بها من خلال يقين استحكم في تلافيف دماغي مفاده أننا محارَبون. وكلما ازددت عمرا، وتوسعت قراءة واطلاعاً، اتضّحت أمامي المؤامرة، وصدمتني لامبالاة أمتنا من جانب، وقوة خصومنا- ليس بحق يمتلكونه بل بباطل يمدّون رقعته- وصولاً إلى دخولهم إلى عُقر دارنا وأعماق نفوس أبنائنا دون استئذان، من جانب آخر.

    الموضوع أكبر بكثير من خطأ إملائي في كتابة ( واللهي يا خالو)، فالأمر بات يمسُّ بقائي وبقاءك وبقاء الأمة العربية الإسلامية يا حبيبتي... إنهم وببساطة يريدون استئصالنا بشكل بطيء غير ملحوظ، وقد تنعتين خالك بالمبالغة، بل لعلك تتهكمين على ما يمكن تسميته بالأحلام المفزعة التي تراوده، ولكنني يا(خالو) انظر إلى الحادثة التاريخية الآتية فأصاب بالوجل والخجل فاقرئي ما سأرويه بتمعُّن:
    -ابنة سيدنا أبي الأسود الدؤلي : يا أبتِ ما أجملُ السماء؟
    - أبو الأسود: نجومـُها. (بضم الميم)
    - ابنته: ما قصدتُ هذا يا أبتِ، ولكني أتعجب من جمال النجوم في السماء وبهائها.
    - أبو الأسود: إذاً يا بنيّة قولي: ما أجملَ السماء، وافتحي فاكِ.

    فهمّ لساعته بكتابة ما سمي بقواعد النحو، والذي سُميّ كذلك لأنه استأذن علي بن أبي طالب في وضع نحو ما وضع.


    وتوالت الأيام، ودخل الأعاجم في الإسلام عبر فتوحات تمّت في بلاد الديلم ،و فارس ، وآسيا الوسطى موطن الأمة التركية وبلاد الخزر ،وخراسان ، وصولاً إلى القسطنطينية .

    وبدأت مشكلة العُجمة واللحن في اللغة تتفاقم، لكن أحداً ما لم يتعمد الإساءة في دخولها، بل كان الأمر كناية عن دخول مفردات أعجمية، أو نتيجة جهل بقواعد اللغة على طريقة ابنة الدؤلي، بل لم يجرؤ أحد على حمل راية تهدف إلى التخلي عن لغة القرآن.
    إن دخول الكلمات والمفردات الجديدة وخروجها من اللغة أمر طبيعي ينسحب على كل لغات الأرض خاصة في حالات الفتوحات والاستعمار المنظـّم . فاليوم نقرأ مئات الكلمات الإفرنسية في قاموس اللغة الإنكليزية، والتي بدأت بالتسلل إلى الإنكليزية مع بداية غزو وليام الأول (الفرنسي) لبريطانيا وتكريسه للفرنسية لغة لبلاطه في إنكلترا المستعمرة، فبدأت العامة تقلد لغة البلاط تقليد الضعيف للقوي، وسادت هذه الكلمات و تجذرت في اللغة الإنكليزية. لكن اللغة الإنكليزية، رغم ذلك، حافظت على قواعد لغتها ذات الأصول الجرمانية، و قبلت دخول المفردات الإفرنسية اللاتينية الغريبة عنها، تماماً كما قبلت دخول مفردات علمية عربية مثل (alcohol)- أي الغول والتي تلفظ :كحول ( لاحظي كيف عدنا لاستخدام لفظهم الخاطئ للكلمة )، و( logarithm)، أي لوغاريتم نسبة للعالم الخوارزمي مؤسس علم اللوغاريتمات، و((algebra أي علم الجبر.. وغيرها كثير.
    ولا يقتصر الأمر على الإنكليزية، إذ أن كل لغات العالم تعرضت لنقل المفردات منها وإليها. ولا ضير في ذلك، لا بل إن ذلك يأتي في سياق الصيرورة الحيوية لكل اللغات العالمية إذا ما أرادت دفع شبح الاندثار، فتستوعب وتوصِّف منتجات الكائن البشري وأحلامه ورؤاه من خلال الاشتقاق والنحت والتجوز والتوليد والتعريب واستيراد المفردات، لأن المفردة أو الكلمة – حسب تعبير مؤسس المدرسة البنيوية فرديناد دي سوسور( (Ferdinand de Saussure مجرد رمز اعتباطي (arbitrary)، مهمته أن يكون دالاً على (significant) شيء مدلول عليه (significance). وللمزيد من الإيضاح أضرب المثل التالي:
    لا يوجد في تركيبة حروف مفردة : (شجرة) ما يدل على الشجرة بحد ذاتها، فهي حروف (اعتباطية) ، بيد أننا لمجرد سماعنا لتصويت الحروف المتتابعة : ش+ ج + ر+ ة ، يـُقدحُ في أذهاننا صورة لشجرة (من غير تعيين لنوعها أكانت زيتونة أو نخلة ). وهذا ما يحدث تماماَ في ذهن المتحدث في الإنكليزية عندما يسمع حروف كلمة tree : t + r + e + e متتابعة متصلة، والأمر عينه لمتحدث بالفرنسية لكلمة : (arbre ).فكل من (شجرة) و (tree) و(arbre)علامة اعتباطية (arbitrary significant).

    لقد استفضت بشرحي كي أبيّن أن لا مشكلة باستخدام الكلمات الوافدة، ولكن المشكلة تتمحور في موضوع بناء الجمل وصياغة الكلام وفق قواعد وضوابط. وهذا ما نحن بصدده.
    ويحسن بي أن أبدأ بإلقاء الضوء على جذور الدعوة إلى استبدال العامية بالفصحى تاريخياً لتأكيد خبث الداعين لاستخدام العامية وترويجها بغرض استهداف لغة القرآن والنيل منها.
    كان قد بدأ التذمر من اللغة العربية علانية بنحوها وصرفها في مصر في القرن التاسع عشر عندما ألف رفاعة الطهطاوي كتابًا في عام 1868 اسمه"أنوار توفيق الجليل من أخبار توثيق بني إسماعيل" قال فيه:
    « إنَّ اللغة المتداوَلة المُسمَّاة باللغة الدارجة التي يقع بها التفاهمُ في المعاملات السائرة لا مانع أن يكون لها قواعد قريبة المأخذ وتصنف بها كتب المنافع العمومية، والمصالح البلدية.. ».
    ويبدو أن هذه الدعوة أسالت لعاب المستشرقين فنسجوا حبال مكرهم حولها، ففي سنة 1880م طلع علينا الدكتور ( ولهم اسبيتا) الألماني الجنسية والذي كان مديراً لدار الكتب المصرية، بكتابه " قواعد العربية العامية في مصر"، قائلاً:
    « أخيرا سأجازف بالتصريح عن الأمل الذي راودني على الدوام طوال مدة جمع هذا الكتاب وهو أمل يتعلق بمصر نفسها، ويمس أمرا هو بالنسبة إليها والى شعبها يكاد يكون مسألة حياة أو موت. فكل من عاش فترة طويلة في بلاد تتكلم بالعربية يعرف إلى أي حد كبير تتأثر كل نواحي النشاط فيها بسبب الاختلاف بين لغة الحديث ولغة الكتابة.. وبالتزام الكتابة بالعربية الكلاسيكية القديمة لا يمكن ان ينمو أدب حقيقي ويتطور، لان الطبقة المتعلمة القليلة العدد هي وحدها التي يمكن ان يكون الكتاب في متناول يدها».
    يعد الناقدون كتابه هذا أول كتاب يتناول بجدية دراسة لهجة من اللهجات العربية المحلية لاتخاذها لغة أدبية بحجة صعوبة الفصحى ووعورتها.
    وتابع المستشرق الألماني الدكتور (كارل فولرس) على درب (اسبيتا)، حيث تولى ا دارة الكتب المصرية خلفاً له، وطالب بنبذ العربية الفصحى وضرورة الكتابة بالعامية، ووضع كتاباً اسماه «اللهجة العربية الحديثة» طالب فيه ليس بإحلال العامية محل الفصحى فحسب بل باستعمال الحروف اللاتينية لدى كتابة العامية أيضاً!
    وقد تلا (أسبيتا) في الدعوة إلى العامية ( اللورد دوفرين) الوزير البريطاني الذي قام بزيارة مصر أول سنوات الاحتلال وبالتحديد عام 1882م. فرفع بعد زيارته تقريراً إلى وزير الخارجية البريطاني دعا فيه إلى معارضة الفصحى، وتشجيع لهجة مصر العامية.
    ويعد ( ويلكوكس )، الذي مات عام 1932بعد أن قضى من عمره في مصر 49عاماً في عمل دائب وجهد متواصل من أجل دعوته على مهاجمة اللغة العربية، من أطول المبشرين نفساً وأكثرهم إلحاحاً، فقد بذل جهوداً كبيرة بين التأليف والمحاضرات من أجل دعوته، ففي سنة 1926م نشر رسالة بعنوان :" سوريا ومصر وشمال أفريقيا تتكلم البونية لا العربية ". وقد وجه الدعوة في هذه الرسالة إلى ضرورة اتخاذ العامية لغة للتعليم بدل العربية الفصحى. واقترح تحديد مدة زمنية مقدارها عشر سنوات، ورأى أن هذه المدة كفيلة بتخليص المصريين من الصخرة الثقيلة التي يعانون منها باستخدام العربية الفصحى.
    وقد تلا ( ويلكوكس ) القاضي الإنجليزي ( سلدن ولمور ) وبعده الإنجليزي (باول ) عام1926م، الذي اشترك مع زميله ( فيليوت ) أستاذ اللغات الشرقية بجامعة (كمبردج) في وضع كتاب باللغة الإنجليزية أسمياه ( المقتضب في عربية مصر ) وهو يتناول الدعوة إلى اتخاذ العامية بدلا من الفصحى . وقد حاولا في كتابهما أن يضعا قواعد لتسهيل تعليم اللغة العامية.
    ولم يقف الأمر عند هذه الجهود الفردية، بل إن حكومات الاحتلال البريطاني قد سعت وشجعت إنشاء جرائد باللغة الدارجة، وقد صدر منها عام 1900م وحده سبع عشرة جريدة.
    ويعدُّ (أحمد لطفي السيد ) من أوائل المصريين الذين حملوا لواء الدعوة إلى العامية (بتمصير) اللغة العربية، وكتب في ذلك عدداً من المقالات نشرت عام 1913م في صحيفة "الجريدة". ولعل الكاتب سلامة موسى يقف في طليعة خصوم اللغة العربية في الربع الثاني من القرن العشرين، ولعل اللغة العربية لم تجد أشرس منه من بين جميع خصومها خلال هذه الفترة أيضاً. كيف لا وقد تحدث عنها قائلاً: «ورثناها من بدو الجاهلية في عصر الناقة ويُراد لنا أن نتعامل بها في عصر الطائرة». ومن الأمثلة التي ساقها سلامة موسى على بدائية العربية وارتباك الذهن العربي هو استعمال ألفاظ قديمة لدلالات جديدة: «إننا نستعمل الفعل «أحصى» بمعنى عدّ، فانه مشتق من الحصا، أي صغار الحجر، وذلك لان الإنسان البدائي كان يجعل العد بالأرقام فكان إذا شاء مثلاً أن يعرف ما عنده من خراف، وضع في جعبته عن كل خروف حصاة». وفاته أن الأمر لا يختلف في الفعل الانجليزي (calculate) بمعنى (يحسب)، فهو مأخوذ من الكلمة الرومانية القديمة (culculus) بمعنى الحصاة أو الحجر. وكان الرومان يستعملون الحصاة أيضاً في العد والحساب منذ آلاف السنين.
    وقذف «أمين شميل» بنفسه في أتون المعركة أيضاً حيث نادى كذلك بالتخلي عن العربية بشقيها الفصيح والعامي واستعارة لغة أجنبية لتدريس العلوم الحديثة والتأليف فيها كي تحيينا علمياً وثقافياً واقتصادياً، كما أكد على عقم كل محاولة تبذل لإحياء اللغة العربية التي وصفها بالمحتضرة!

    ثم جاء بعد ذلك في لبنان سعيد عقل الشاعر المشهور، وأنيس فريحة أستاذ التاريخ واللغات السامية بالجامعة الأميركية ببيروت - الذي يأتي في مقدمة دعاة اللاتينية في لبنان بذريعة تسهيل القراءة - ويعترض على اعتماد اللغة العربية لغة للجيل الحاضر لأن قواعدها مستنبطة من القرآن الكريم والشعر العربي القديم حيث يقول:
    «ولكن لا يصح اعتماد اللغة ـ كما تحدّرت الينا مدوّنة ـ مصدراً لدراسة اللغة في عهودها السابقة، وذلك لأن الذين استنبطوا قواعدها وضبطوا أحكامها اعتمدوا الشعر الجاهلي أولا ثم القرآن الكريم مادة لغوية. ومتى كانت لغة الشعر ولغة الأدب والدين مرآة تعكس لغة الناس في معاشهم ومكاسبهم».؟!
    والغريب أن واحداً من هؤلاء الذين دعوا إلى استخدام العامية لم يجرؤ على الكتابة بها، فكتبوا كل مقالاتهم وسطروا كل كتبهم بالفصحى، مما يكشف عوار ما يدعون إليه وخبث ما يخططون له.

    حتى أن الحرف العربي لم يسلم هو الآخر من أنياب هؤلاء، فشنوا حملة مسعورة للاستعاضة عنه بالحرف اللاتيني، وكان أول من تولى كبر هذه الدعوة للكتابة بالحروف اللاتينية هو المبشـّر «لويس ماسينيون » الموظف في قسم الشؤون الشرقية في وزارة الخارجية الفرنسية. وقد بثت دعوته هذه في المغرب ومصر وسوريا ولبنان. وتابعه كولان وغيره، ثم شاعت هذه الدعوة بين خريجي معاهد الإرساليات فحملوا لواءها في بيروت. أما في مصر فقد جرت محاولات كثيرة أبرزها تلك التي دعا إليها لطفي السيد وقاسم أمين وسلامة موسى وعبد العزيز فهمي. وحينما دعا الأخير إلى العدول عن الحرف العربي إلى اللاتيني، تلقف سلامة موسى دعوته بالتشجيع وراح ينفخ في الداعين إليها: «
    وقد افتتح هذه الدعوة المستشرق الفرنسي" لويس ماسينون" عندما ألقى محاضرة في جمع من الشباب العربي في باريس عام 1929م، ومما جاء في محاضرته: «إنه لا حياة للغة العربية إلا إن كتبت بحروف لاتينية : «، وقد تحمس لهذه الفكرة وتبناها عبد العزيز فهمي ، فدعا إلى استبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية ، وطرح فكرته هذه في الجلسة التي عقدها مجمع اللغة العربية في 3 مايو سنة 1943م.
    ولنستمع إلى تفنيد هذه البدعة من باحث غربي هو "إدوارد بنسون"، مدير مدرسة اللغات الشرقية في لندن ، حيث قال : « حذار من استعمال الحروف اللاتينية في كتابة اللغة العربية ..لأن الحروف العربية هي حروف لغة القرآن، وإذا مسستم الحروف العربية مسستم القرآن، بل هدمتم صرح وحدة الإسلام لأن الإسلام أساسه اللغة العربية ، فإذا ضاعت ضاع الإسلام. «

    فلماذا يحاربون اللغة العربية؟

    لا ريب بأنهم يهدفون لتحويل التراث الضخم للأمة الإسلامية وفي مقدمته القرآن والسنة والشريعة الإسلامية الي مجرد (ثقافة) تاريخية عسيرة على فهم القارئ، ولا يمكن التعامل معها إلا بواسطة المعاجم اللغوية، ذلك أن الأمة العربية إذا تنازلت عن لغتها الفصحى ولجأت إلى العامية وكتبت باللاتينية، ستكون عاجزة عن فهم القرآن والوقوف على مضامينه، وسيغدو القرآن كتاباُ يرتل على الأموات كحال الإنجيل والتوراة، وهو ما يهدف إليه الاستعمار الفكري والسياسي. فالهدف النهائي إذاً تغريب المسلمين وهو أحد الأهداف المرجوّة للعولمة الثقافية.،

    وهنا لابد لنا من القول بأن الدعوة إلى إقصاء اللغة العربية بدعوى عجزها عن استيعاب ومواكبة الانفجار المعرفي وحركة التطور والحداثة، أو تعديل بنيتها القواعدية لتتماشى مع مستجدات تطور الكائن الإنساني، هي دعوة مشبوهة وباطلة تتناقض مع مواقف الأمم المتقدمة تقنياً ومعرفياً مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والصين واليابان من لغاتها التي استطاعت أن تواكب مسيرة الحضارة دون إقصاء أو تعديل لقواعد لغاتها.

    وآفة العامية أنها غير منيعة مثل الفصحى، وتفتقد للأصالة والجزالة. و سأورد نصاً باللهجة الحلبية المحكية، وللقارئ أن يحكم على (معاصرتها) وجزالتها، وتمكنها من (مواكبة) مستجدات الحضارة المادية، آخذين بعين الاعتبار أن كل المفردات التي كتبت باللون الأحمر هي مفردات (سريانية) وليست عربية:

    (( قام يوسف ليلبس ، (بَحـْبـَشْ عالتاسومة، و أكلت معو) الشغلة نص ساعة ، و ما لاقى غير (الاسكربينه).

    (بعق) لأمو: صاير منظري (هردبشت) ، و (عبيتمقلسوا) عليّ رفقاتي ، ما (عبتطسي) منظري؟

    قالتلو أمه : حاج (تنق).. (التوك ) منك ، مو من رفقاتك ، بدك ( تتبهنك و تتبهور و تجخّ ) وانت لسا (تلميذ) ، بقا لما تصير (زلمه) اش بتساوي ، ( انجوق ) رفقاتك و حاج ( تكر و تتسهسك ) معهن. ) الصوج) علي عطيتك وجّ ، استنا شويّ (بلكي) بنزل بسوم لك (كلاش) ، مفكر حالك)حربوق)، خـَرْجْ تشتري لحالك؟ (أشـْكـَـرَة) بيضحكوا عليك ،أصلا مبيّن عليك (طشم ، و تـِنـِح).

    (ردحلا) وقال: (اتاري ، عبتخاوزي) بيني و بين اخواتي البنات، هنن بس، بتاخدين (تش و بتزوزقين) ، (مرستقين ) حالكون مع بعض ، بدي اشكيك لأبوي.

    قالتلو: حاج (تأنكل و تضرب عونطا و تفسفس) لأبوك ، (اصطفل) ، بدي اقولو عبتشرب (تتن) ، و انو القصة (كيت كيت (.


    قام ( تعشبق ) فيا ، و ( غبق و مجق (ايدا ، و (شلح ) تيابه و ( زتون ، و تكمكر ) ، و قالها : دخيلك و الله ( بسرجلني) .))




    وأختم حديثي بمقال للكاتب الإسلامي فهمي هويدي تحت عنوان اللغة العربية إلى أين؟

    « إنه لا سبيل في نظري لتخليص اللغة العربية من عداء أعدائها وظلم ذويها إلا بعد الإدراك بأن ما يخطط وما يدبر لها بالليل والنهار مرده إلى أنها هي لغة القرآن ولغة التعبد ولغة الحضارة والعلم والعالمية لعالمية الإسلام نفسه، ولغة التوحيد، ولغة الجمال والبيان ودقة التصوير...، فمتى أدركنا هذا كان نقطة البداية نحو التجاوز «

    جزاك الله خيراً يا حبيبتي على ما حركت من فكر، وهيجت من مشاعر وأشواق. واسلمي لخالك عدنان


    وشكراً لصبر من قرأ وتجشم عناء المتابعة.


  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية عدنان أبوشعر
    تاريخ التسجيل
    13/05/2009
    العمر
    71
    المشاركات
    134
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: السوريانية -تقدم ع/ط د.شاكر مطلق

    كتبت إلى قريبة لي معتذراً وموضحاً سبب امتعاضي من استخدامها لبعض التراكيب والعبارات العامية، ورغم أن رسالتي تلك كانت مسألة اعتذار وإيضاح موقف إلا أنها بكليتها تصب في خانة الذفاع عن الفصحى، ونقلت في ذيلها النص الذي شرحه الأخ الدكتور شاكر مطلق مشكوراً، وأجدني مدفوعاً لأطل عليكم- ولأول مرة- حاملاً رسالتي لتفصح عن هويتي، راجياً أن تجد القبول لديكم، وعذراً للإسهاب الذي اقتضاه المقام.
    غاليتي رود،
    أبدأ بالاعتذار منك، وأثنـّي بتقبيل وجنتيك الطاهرتين استغفاراً لإساءة لم أتعمدها، وأثلـِّثُ بقولي أن موهبة الكتابة رزق من الله وهبة منه، والله وزّع الأرزاق والمواهب دون استشارة مخلوقاته، فأعطاك ما لم يعط غيرك وحباك ما لم يمنحه لزيد أو لعمرو، فلا نقاش في المواهب إذ أن الواهب لا يُناقش.
    ولقد وددت لو أنك - قبل انتصارك لنفسك – قمت بسؤالي عن سر غضبي وامتعاضي (غير المبرر لديك) من اعتماد العاميّة في كتابة الرسائل ضمن المنتدى، وما حزّ في نفسي أكثر من ذلك أن رسالتك حملت دموع محب لمحب ولوم عزيز لعزيز، فكانت سياطاً كنت أتجنبها طيلة حياتي لاعتبارات أبوية أكنها لك منذ طفولتك، سقاها حبي العميق لك و لأمك المتميزة الطاهرة، وروّاها أبوك الزكيّ النقيّ التقيّ، وحاك نسيجها ولحمتها سيرة جمعتني معك طفولة وشباباً ملؤها الحب، وأضاءت دربها شعلة التفاني والإخلاص.
    و لك – بعد أن تصغي لوجهة نظري- أن تحكمي على ردة فعلي، فلربما تلمّست لي ما يبرر تصرفي ويخرجني من قفص اتهامك، وتفهمت أسباب قلقي وخوفي من ظاهرة الكتابة بالعامية – من قبل أكثر المشتركين- أسلوباً متبعاً في الحديث والنقاش لا مجرد كلمات متناثرة هنا وهناك توضع بين أقواس ويراد منها زيادة البيان أو الطرفة المقصودة لذاتها، ويحق لك بعد قراءة رسالتي– يا حبيبة خالها المتميزة- أن تقرري إن كان في بَوْحي لياسر وأسامة استهداف لشخصك بالذات وطعن لك في الظهر، أم محض أنـّة مكلوم بأمته، وحشرجة خائف على مصير أسرته.
    سامحك الله لتسرب الشك إلى قلبك في صدق ما أكنه لك من إعجاب وحب، وجعل خير ما أكتبه الآن في صحيفتك، لأنني والله كنت بصدد الكتابة إلى كل أهل المنتدى حول أمر اعتمادهم العامية في مخاطباتهم، لكن أسامة وياسر منعاني من ذلك خشية تحسس البعض، وهائنذا وقعت في ( شر) أعمالي معك يا حبيبة.
    أبدأ فأقول معترفاً أن لديّ مشكلة في الرؤية - الرؤية العقلية- ولديّ رُهاب (فوبيا) فيما يتعلق بها من خلال يقين استحكم في تلافيف دماغي مفاده أننا محارَبون. وكلما ازددت عمرا، وتوسعت قراءة واطلاعاً، اتضّحت أمامي المؤامرة، وصدمتني لامبالاة أمتنا من جانب، وقوة خصومنا- ليس بحق يمتلكونه بل بباطل يمدّون رقعته- وصولاً إلى دخولهم إلى عُقر دارنا وأعماق نفوس أبنائنا دون استئذان، من جانب آخر.
    الموضوع أكبر بكثير من خطأ إملائي في كتابة ( واللهي يا خالو)، فالأمر بات يمسُّ بقائي وبقاءك وبقاء الأمة العربية الإسلامية يا حبيبتي... إنهم وببساطة يريدون استئصالنا بشكل بطيء غير ملحوظ، وقد تنعتين خالك بالمبالغة، بل لعلك تتهكمين على ما يمكن تسميته بالأحلام المفزعة التي تراوده، ولكنني يا(خالو) انظر إلى الحادثة التاريخية الآتية فأصاب بالوجل والخجل فاقرئي ما سأرويه بتمعُّن:
    -ابنة سيدنا أبي الأسود الدؤلي : يا أبتِ ما أجملُ السماء؟
    - أبو الأسود: نجومـُها. (بضم الميم)
    - ابنته: ما قصدتُ هذا يا أبتِ، ولكني أتعجب من جمال النجوم في السماء وبهائها.
    - أبو الأسود: إذاً يا بنيّة قولي: ما أجملَ السماء، وافتحي فاكِ.
    فهمّ لساعته بكتابة ما سمي بقواعد النحو، والذي سُميّ كذلك لأنه استأذن علي بن أبي طالب في وضع نحو ما وضع.
    وتوالت الأيام، ودخل الأعاجم في الإسلام عبر فتوحات تمّت في بلاد الديلم ،و فارس ، وآسيا الوسطى موطن الأمة التركية وبلاد الخزر ،وخراسان ، وصولاً إلى القسطنطينية .
    وبدأت مشكلة العُجمة واللحن في اللغة تتفاقم، لكن أحداً ما لم يتعمد الإساءة في دخولها، بل كان الأمر كناية عن دخول مفردات أعجمية، أو نتيجة جهل بقواعد اللغة على طريقة ابنة الدؤلي، بل لم يجرؤ أحد على حمل راية تهدف إلى التخلي عن لغة القرآن.
    إن دخول الكلمات والمفردات الجديدة وخروجها من اللغة أمر طبيعي ينسحب على كل لغات الأرض خاصة في حالات الفتوحات والاستعمار المنظـّم . فاليوم نقرأ مئات الكلمات الإفرنسية في قاموس اللغة الإنكليزية، والتي بدأت بالتسلل إلى الإنكليزية مع بداية غزو وليام الأول (الفرنسي) لبريطانيا وتكريسه للفرنسية لغة لبلاطه في إنكلترا المستعمرة، فبدأت العامة تقلد لغة البلاط تقليد الضعيف للقوي، وسادت هذه الكلمات و تجذرت في اللغة الإنكليزية. لكن اللغة الإنكليزية، رغم ذلك، حافظت على قواعد لغتها ذات الأصول الجرمانية، و قبلت دخول المفردات الإفرنسية اللاتينية الغريبة عنها، تماماً كما قبلت دخول مفردات علمية عربية مثل (alcohol)- أي الغول والتي تلفظ :كحول ( لاحظي كيف عدنا لاستخدام لفظهم الخاطئ للكلمة )، و( logarithm)، أي لوغاريتم نسبة للعالم الخوارزمي مؤسس علم اللوغاريتمات، و((algebra أي علم الجبر.. وغيرها كثير.
    ولا يقتصر الأمر على الإنكليزية، إذ أن كل لغات العالم تعرضت لنقل المفردات منها وإليها. ولا ضير في ذلك، لا بل إن ذلك يأتي في سياق الصيرورة الحيوية لكل اللغات العالمية إذا ما أرادت دفع شبح الاندثار، فتستوعب وتوصِّف منتجات الكائن البشري وأحلامه ورؤاه من خلال الاشتقاق والنحت والتجوز والتوليد والتعريب واستيراد المفردات، لأن المفردة أو الكلمة – حسب تعبير مؤسس المدرسة البنيوية فرديناد دي سوسور( (Ferdinand de Saussure مجرد رمز اعتباطي (arbitrary)، مهمته أن يكون دالاً على (significant) شيء مدلول عليه (significance). وللمزيد من الإيضاح أضرب المثل التالي:
    لا يوجد في تركيبة حروف مفردة : (شجرة) ما يدل على الشجرة بحد ذاتها، فهي حروف (اعتباطية) ، بيد أننا لمجرد سماعنا لتصويت الحروف المتتابعة : ش+ ج + ر+ ة ، يـُقدحُ في أذهاننا صورة لشجرة (من غير تعيين لنوعها أكانت زيتونة أو نخلة ). وهذا ما يحدث تماماَ في ذهن المتحدث في الإنكليزية عندما يسمع حروف كلمة tree : t + r + e + e متتابعة متصلة، والأمر عينه لمتحدث بالفرنسية لكلمة : (arbre ).فكل من (شجرة) و (tree) و(arbre)علامة اعتباطية (arbitrary significant).
    لقد استفضت بشرحي كي أبيّن أن لا مشكلة باستخدام الكلمات الوافدة، ولكن المشكلة تتمحور في موضوع بناء الجمل وصياغة الكلام وفق قواعد وضوابط. وهذا ما نحن بصدده.
    ويحسن بي أن أبدأ بإلقاء الضوء على جذور الدعوة إلى استبدال العامية بالفصحى تاريخياً لتأكيد خبث الداعين لاستخدام العامية وترويجها بغرض استهداف لغة القرآن والنيل منها.
    كان قد بدأ التذمر من اللغة العربية علانية بنحوها وصرفها في مصر في القرن التاسع عشر عندما ألف رفاعة الطهطاوي كتابًا في عام 1868 اسمه"أنوار توفيق الجليل من أخبار توثيق بني إسماعيل" قال فيه:
    « إنَّ اللغة المتداوَلة المُسمَّاة باللغة الدارجة التي يقع بها التفاهمُ في المعاملات السائرة لا مانع أن يكون لها قواعد قريبة المأخذ وتصنف بها كتب المنافع العمومية، والمصالح البلدية.. ».
    ويبدو أن هذه الدعوة أسالت لعاب المستشرقين فنسجوا حبال مكرهم حولها، ففي سنة 1880م طلع علينا الدكتور ( ولهم اسبيتا) الألماني الجنسية والذي كان مديراً لدار الكتب المصرية، بكتابه " قواعد العربية العامية في مصر"، قائلاً:
    « أخيرا سأجازف بالتصريح عن الأمل الذي راودني على الدوام طوال مدة جمع هذا الكتاب وهو أمل يتعلق بمصر نفسها، ويمس أمرا هو بالنسبة إليها والى شعبها يكاد يكون مسألة حياة أو موت. فكل من عاش فترة طويلة في بلاد تتكلم بالعربية يعرف إلى أي حد كبير تتأثر كل نواحي النشاط فيها بسبب الاختلاف بين لغة الحديث ولغة الكتابة.. وبالتزام الكتابة بالعربية الكلاسيكية القديمة لا يمكن ان ينمو أدب حقيقي ويتطور، لان الطبقة المتعلمة القليلة العدد هي وحدها التي يمكن ان يكون الكتاب في متناول يدها».
    يعد الناقدون كتابه هذا أول كتاب يتناول بجدية دراسة لهجة من اللهجات العربية المحلية لاتخاذها لغة أدبية بحجة صعوبة الفصحى ووعورتها.
    وتابع المستشرق الألماني الدكتور (كارل فولرس) على درب (اسبيتا)، حيث تولى ا دارة الكتب المصرية خلفاً له، وطالب بنبذ العربية الفصحى وضرورة الكتابة بالعامية، ووضع كتاباً اسماه «اللهجة العربية الحديثة» طالب فيه ليس بإحلال العامية محل الفصحى فحسب بل باستعمال الحروف اللاتينية لدى كتابة العامية أيضاً!
    وقد تلا (أسبيتا) في الدعوة إلى العامية ( اللورد دوفرين) الوزير البريطاني الذي قام بزيارة مصر أول سنوات الاحتلال وبالتحديد عام 1882م. فرفع بعد زيارته تقريراً إلى وزير الخارجية البريطاني دعا فيه إلى معارضة الفصحى، وتشجيع لهجة مصر العامية.
    ويعد ( ويلكوكس )، الذي مات عام 1932بعد أن قضى من عمره في مصر 49عاماً في عمل دائب وجهد متواصل من أجل دعوته على مهاجمة اللغة العربية، من أطول المبشرين نفساً وأكثرهم إلحاحاً، فقد بذل جهوداً كبيرة بين التأليف والمحاضرات من أجل دعوته، ففي سنة 1926م نشر رسالة بعنوان :" سوريا ومصر وشمال أفريقيا تتكلم البونية لا العربية ". وقد وجه الدعوة في هذه الرسالة إلى ضرورة اتخاذ العامية لغة للتعليم بدل العربية الفصحى. واقترح تحديد مدة زمنية مقدارها عشر سنوات، ورأى أن هذه المدة كفيلة بتخليص المصريين من الصخرة الثقيلة التي يعانون منها باستخدام العربية الفصحى.
    وقد تلا ( ويلكوكس ) القاضي الإنجليزي ( سلدن ولمور ) وبعده الإنجليزي (باول ) عام1926م، الذي اشترك مع زميله ( فيليوت ) أستاذ اللغات الشرقية بجامعة (كمبردج) في وضع كتاب باللغة الإنجليزية أسمياه ( المقتضب في عربية مصر ) وهو يتناول الدعوة إلى اتخاذ العامية بدلا من الفصحى . وقد حاولا في كتابهما أن يضعا قواعد لتسهيل تعليم اللغة العامية.
    ولم يقف الأمر عند هذه الجهود الفردية، بل إن حكومات الاحتلال البريطاني قد سعت وشجعت إنشاء جرائد باللغة الدارجة، وقد صدر منها عام 1900م وحده سبع عشرة جريدة.
    ويعدُّ (أحمد لطفي السيد ) من أوائل المصريين الذين حملوا لواء الدعوة إلى العامية (بتمصير) اللغة العربية، وكتب في ذلك عدداً من المقالات نشرت عام 1913م في صحيفة "الجريدة". ولعل الكاتب سلامة موسى يقف في طليعة خصوم اللغة العربية في الربع الثاني من القرن العشرين، ولعل اللغة العربية لم تجد أشرس منه من بين جميع خصومها خلال هذه الفترة أيضاً. كيف لا وقد تحدث عنها قائلاً: «ورثناها من بدو الجاهلية في عصر الناقة ويُراد لنا أن نتعامل بها في عصر الطائرة». ومن الأمثلة التي ساقها سلامة موسى على بدائية العربية وارتباك الذهن العربي هو استعمال ألفاظ قديمة لدلالات جديدة: «إننا نستعمل الفعل «أحصى» بمعنى عدّ، فانه مشتق من الحصا، أي صغار الحجر، وذلك لان الإنسان البدائي كان يجعل العد بالأرقام فكان إذا شاء مثلاً أن يعرف ما عنده من خراف، وضع في جعبته عن كل خروف حصاة». وفاته أن الأمر لا يختلف في الفعل الانجليزي (calculate) بمعنى (يحسب)، فهو مأخوذ من الكلمة الرومانية القديمة (culculus) بمعنى الحصاة أو الحجر. وكان الرومان يستعملون الحصاة أيضاً في العد والحساب منذ آلاف السنين.
    وقذف «أمين شميل» بنفسه في أتون المعركة أيضاً حيث نادى كذلك بالتخلي عن العربية بشقيها الفصيح والعامي واستعارة لغة أجنبية لتدريس العلوم الحديثة والتأليف فيها كي تحيينا علمياً وثقافياً واقتصادياً، كما أكد على عقم كل محاولة تبذل لإحياء اللغة العربية التي وصفها بالمحتضرة!
    ثم جاء بعد ذلك في لبنان سعيد عقل الشاعر المشهور، وأنيس فريحة أستاذ التاريخ واللغات السامية بالجامعة الأميركية ببيروت - الذي يأتي في مقدمة دعاة اللاتينية في لبنان بذريعة تسهيل القراءة - ويعترض على اعتماد اللغة العربية لغة للجيل الحاضر لأن قواعدها مستنبطة من القرآن الكريم والشعر العربي القديم حيث يقول:
    «ولكن لا يصح اعتماد اللغة ـ كما تحدّرت الينا مدوّنة ـ مصدراً لدراسة اللغة في عهودها السابقة، وذلك لأن الذين استنبطوا قواعدها وضبطوا أحكامها اعتمدوا الشعر الجاهلي أولا ثم القرآن الكريم مادة لغوية. ومتى كانت لغة الشعر ولغة الأدب والدين مرآة تعكس لغة الناس في معاشهم ومكاسبهم».؟!
    والغريب أن واحداً من هؤلاء الذين دعوا إلى استخدام العامية لم يجرؤ على الكتابة بها، فكتبوا كل مقالاتهم وسطروا كل كتبهم بالفصحى، مما يكشف عوار ما يدعون إليه وخبث ما يخططون له.
    حتى أن الحرف العربي لم يسلم هو الآخر من أنياب هؤلاء، فشنوا حملة مسعورة للاستعاضة عنه بالحرف اللاتيني، وكان أول من تولى كبر هذه الدعوة للكتابة بالحروف اللاتينية هو المبشـّر «لويس ماسينيون » الموظف في قسم الشؤون الشرقية في وزارة الخارجية الفرنسية. وقد بثت دعوته هذه في المغرب ومصر وسوريا ولبنان. وتابعه كولان وغيره، ثم شاعت هذه الدعوة بين خريجي معاهد الإرساليات فحملوا لواءها في بيروت. أما في مصر فقد جرت محاولات كثيرة أبرزها تلك التي دعا إليها لطفي السيد وقاسم أمين وسلامة موسى وعبد العزيز فهمي. وحينما دعا الأخير إلى العدول عن الحرف العربي إلى اللاتيني، تلقف سلامة موسى دعوته بالتشجيع وراح ينفخ في الداعين إليها: «
    وقد افتتح هذه الدعوة المستشرق الفرنسي" لويس ماسينون" عندما ألقى محاضرة في جمع من الشباب العربي في باريس عام 1929م، ومما جاء في محاضرته: «إنه لا حياة للغة العربية إلا إن كتبت بحروف لاتينية : «، وقد تحمس لهذه الفكرة وتبناها عبد العزيز فهمي ، فدعا إلى استبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية ، وطرح فكرته هذه في الجلسة التي عقدها مجمع اللغة العربية في 3 مايو سنة 1943م.
    ولنستمع إلى تفنيد هذه البدعة من باحث غربي هو "إدوارد بنسون"، مدير مدرسة اللغات الشرقية في لندن ، حيث قال : « حذار من استعمال الحروف اللاتينية في كتابة اللغة العربية ..لأن الحروف العربية هي حروف لغة القرآن، وإذا مسستم الحروف العربية مسستم القرآن، بل هدمتم صرح وحدة الإسلام لأن الإسلام أساسه اللغة العربية ، فإذا ضاعت ضاع الإسلام. «
    فلماذا يحاربون اللغة العربية؟
    لا ريب بأنهم يهدفون لتحويل التراث الضخم للأمة الإسلامية وفي مقدمته القرآن والسنة والشريعة الإسلامية الي مجرد (ثقافة) تاريخية عسيرة على فهم القارئ، ولا يمكن التعامل معها إلا بواسطة المعاجم اللغوية، ذلك أن الأمة العربية إذا تنازلت عن لغتها الفصحى ولجأت إلى العامية وكتبت باللاتينية، ستكون عاجزة عن فهم القرآن والوقوف على مضامينه، وسيغدو القرآن كتاباُ يرتل على الأموات كحال الإنجيل والتوراة، وهو ما يهدف إليه الاستعمار الفكري والسياسي. فالهدف النهائي إذاً تغريب المسلمين وهو أحد الأهداف المرجوّة للعولمة الثقافية.،
    وهنا لابد لنا من القول بأن الدعوة إلى إقصاء اللغة العربية بدعوى عجزها عن استيعاب ومواكبة الانفجار المعرفي وحركة التطور والحداثة، أو تعديل بنيتها القواعدية لتتماشى مع مستجدات تطور الكائن الإنساني، هي دعوة مشبوهة وباطلة تتناقض مع مواقف الأمم المتقدمة تقنياً ومعرفياً مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والصين واليابان من لغاتها التي استطاعت أن تواكب مسيرة الحضارة دون إقصاء أو تعديل لقواعد لغاتها.
    وآفة العامية أنها غير منيعة مثل الفصحى، وتفتقد للأصالة والجزالة. و سأورد نصاً باللهجة الحلبية المحكية، وللقارئ أن يحكم على (معاصرتها) وجزالتها، وتمكنها من (مواكبة) مستجدات الحضارة المادية، آخذين بعين الاعتبار أن كل المفردات التي كتبت باللون الأحمر هي مفردات (سريانية) وليست عربية:
    (( قام يوسف ليلبس ، (بَحـْبـَشْ عالتاسومة، و أكلت معو) الشغلة نص ساعة ، و ما لاقى غير (الاسكربينه).
    (بعق) لأمو: صاير منظري (هردبشت) ، و (عبيتمقلسوا) عليّ رفقاتي ، ما (عبتطسي) منظري؟
    قالتلو أمه : حاج (تنق).. (التوك ) منك ، مو من رفقاتك ، بدك ( تتبهنك و تتبهور و تجخّ ) وانت لسا (تلميذ) ، بقا لما تصير (زلمه) اش بتساوي ، ( انجوق ) رفقاتك و حاج ( تكر و تتسهسك ) معهن. ) الصوج) علي عطيتك وجّ ، استنا شويّ (بلكي) بنزل بسوم لك (كلاش) ، مفكر حالك)حربوق)، خـَرْجْ تشتري لحالك؟ (أشـْكـَـرَة) بيضحكوا عليك ،أصلا مبيّن عليك (طشم ، و تـِنـِح).
    (ردحلا) وقال: (اتاري ، عبتخاوزي) بيني و بين اخواتي البنات، هنن بس، بتاخدين (تش و بتزوزقين) ، (مرستقين ) حالكون مع بعض ، بدي اشكيك لأبوي.
    قالتلو: حاج (تأنكل و تضرب عونطا و تفسفس) لأبوك ، (اصطفل) ، بدي اقولو عبتشرب (تتن) ، و انو القصة (كيت كيت (.
    قام ( تعشبق ) فيا ، و ( غبق و مجق (ايدا ، و (شلح ) تيابه و ( زتون ، و تكمكر ) ، و قالها : دخيلك و الله ( بسرجلني) .))
    وأختم حديثي بمقال للكاتب الإسلامي فهمي هويدي تحت عنوان اللغة العربية إلى أين؟
    « إنه لا سبيل في نظري لتخليص اللغة العربية من عداء أعدائها وظلم ذويها إلا بعد الإدراك بأن ما يخطط وما يدبر لها بالليل والنهار مرده إلى أنها هي لغة القرآن ولغة التعبد ولغة الحضارة والعلم والعالمية لعالمية الإسلام نفسه، ولغة التوحيد، ولغة الجمال والبيان ودقة التصوير...، فمتى أدركنا هذا كان نقطة البداية نحو التجاوز «
    جزاك الله خيراً يا حبيبتي على ما حركت من فكر، وهيجت من مشاعر وأشواق. واسلمي لخالك عدنان
    وشكراً لصبر من قرأ وتجشم عناء المتابعة.


  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية نجوى النابلسي
    تاريخ التسجيل
    02/12/2008
    العمر
    71
    المشاركات
    895
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: السوريانية -تقدم ع/ط د.شاكر مطلق

    الأستاذ الرائع عدنان أبو شعر

    سلام خاص خالص المحبة
    رسالة أود تحويلها إلى جميع الشباب والشابات اليوم
    ألف شكر لكل المعلومات القيمة التي تضمنتها .
    سلمت يداك وجوزيت خيراً عن الجهد الذي بذلته فيها.



    A great truth is a truth whose opposite is also a great truth

  6. #6
    أستاذ بارز الصورة الرمزية عدنان أبوشعر
    تاريخ التسجيل
    13/05/2009
    العمر
    71
    المشاركات
    134
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: السوريانية -تقدم ع/ط د.شاكر مطلق

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجوى النابلسي مشاهدة المشاركة
    الأستاذ الرائع عدنان أبو شعر
    سلام خاص خالص المحبة
    رسالة أود تحويلها إلى جميع الشباب والشابات اليوم
    ألف شكر لكل المعلومات القيمة التي تضمنتها .
    سلمت يداك وجوزيت خيراً عن الجهد الذي بذلته فيها.

    الأستاذة نجوى
    تحية وسلاماً من ساكن سفح قاسيون
    أنت وأمثالك مثال الروعة في تجسيدك للصورة المشرقة للمرأة العربية المسلمة التي تشمخ بثقافتها وتتسامى بحبها للمعرفة.
    ودمت للأمة ولأهلك وأصدقائك
    عدنان أبوشعر
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •