لا يختلف اثنان على أن نشر الوعي و الإرشاد و التثقيف الصحي لإيجاد بيئة صحية مناسبة يعتبر سببا رئيسا في خفض نفقات شركات التأمين , كما يعود بالفائدة على المجتمع .
فإذا دققنا في نفقات و فواتير شركات التأمين نجد أنها مرتفعة من ناحية , وان نسبة لا بأس بها من هذه المدفوعات كان من الممكن تفاديها من ناحية أخرى , فلو أن سياسات التسويق و المبيعات تأخذ منحى آخر للوصول إلى العميل , و توصيل فكرة التأمين و أهدافه , و إبراز حاجة الناس و السوق إلى التأمين و فوائده , و ما يتوجب على العميل أن يتحمله من نفقات مقابل الحصول على عقد التأمين الجيد , و في المقابل , ماذا يمكن للعميل أن يجنيه من عقد التأمين , و ماذا لا يمكن تغطيته في عقد التأمين , من دون مبالغة و لا مجاملة أو خداع . فالتأمين عملية طويلة الأمد و ليست عملية بيع لمنتج مستهلك و لمرّة واحدة فقط , بل أمر قد يمتد أمده طيلة حياة البعض , أو ما دام يمارس الأعمال و التجارة التي تدر عليه مصادر دخله .
ومن هنا تبرز الحاجة الملحة لإعادة النظر في السياسات التسويقية و أساليبها وطرق تطويرها , فلا يجب أن يغيب عن ذهن القائمين على التخطيط و الدراسات أهمية التوجه و بكثافة نحو السوق المتعطش للتأمين , ولكنه يخشى التورط في هذا الموضوع , و ذلك لعدة أسباب , منها المادية: وقد تكون بسبب ارتفاع كلفة التأمين أو ضعف إمكانيات العميل المادية أو سوء تنظيم أموره المادية , أو الدينية : فمثلا هل التأمين حلالا أم حراما , أو الجهل بالفكرة : بحيث لم تخطر على باله أو لم يسمع بها , أو الفهم الخاطئ لها : وذلك نتيجة معلومات خاطئة أو ناقصة أو مشوشة وصلت إليه , أو من خلال تجربة شخصية سيئة خاضها بنفسه مع شركات التأمين أو سمع عنها من أطراف أخرى : كأن يفاجأ في أحدى المستشفيات أو إحدى العيادات عند حاجته للعلاج بأن هذا العقد لا يشمل هذه المعالجة أو لا يغطي هذه الخدمة أو اصطدم بمماطلة وكيل تأمينه عند مطالبته بمستحقاته , ومن بعض أسبابها توصيل المعلومات من قبل المندوب بطريقة خاطئة أو تضليلية من اجل بيع عقد التأمين والحصول على عمولته , - على طريقة اضرب و اهربhit and run , أو ربما عن عدم سوء نية ولكن نتيجة خلل في التدريب الذي تلقاه المندوب ( وهنا لا يفوتنا التنويه بعدم إيفاء أهمية التدريب و فوائده الحق الكافي من قبل الكثير من مؤسسات و شركات دول العالم الثالث…!؟ , إما للتوفير أو ااـمـحـسـوبـيـة , بحيث تكون الأولوية للمصالح الخاصة والاعتبارات الشخصية هي الدافع أو الهدف عند اختيار المواضيع التدريبية أو الأشخاص المراد إيفادهم للتدريب , ولا يخفى أيضا خطورة المعلومات الصادرة عمّن يسوّق لصالحه بالذم و القدح ضد الشركات المنافسة الأخرى : كأن يقول إن شركتنا فقط هي الوحيدة التي تقدم هذه الخدمة أو تلك , أو أنه حدث مع الشركة الفلانية كذا و كذا , أو أن عيوب الشركات الأخرى هي كيت و كيت ( و هذا من أخطر الأسباب ).
وللحديث عن بعض الاقتراحات التي قد تلعب دورا بالغ الأهمية بما يخص موضوع التوعية والإرشاد ,فان إصدار نشرات إرشادية عن كيفية التعامل مع الأدوية , و أهمية الدقة في مواعيد تناولها , و الأضرار الناجمة عن الإخلال في ذلك , إضافة إلى مراقبة نتائجها و تجنب مضاعفاتها , وعدم تعاطيها بعد انتهاء صلاحيتها , و كيفية حفظها و أماكنه . كذلك إنتاج أفلام وثائقية و توعوية برعاية شركات التأمين لغايات إرشادية و تـسـويـقـيـة في نفس الوقت.
وفي مجال اضمحلال الوعي التأميني في السوق و توجيهه , فإن القسم الأكبر من اللوم يقع على شركات التأمين وخاصة القائمين على برامج الأبحاث و التسويق أولا ثم دوائر المبيعات ثانيا , بسبب المفهوم الخاطئ عن التأمين و فوائده و أبعاده , نتيجة أخطاء تسويقية , أو ممارسات يلمسها المؤمن له , بسبب تجربة له مع التأمين مر بها أو يتناقلها الناس ... ! , مما يساهم في خلق أجواء من عدم الثقة بين طرفي المعادلة في العملية التأمينية .
و لتفادي ذلك , فالدعوة موجهة للقيام بدراسات صحيحة و دقيقة لبحث أوضاع(المجتمع) السوق – بما فيه من مختلف العملاء من الأفراد و الجماعات والشركات و المؤسسات - و إشكاليات التعامل فيه , كالأمور المالية و أنظمتها و طرقها السائدة , إضافة إلى معدلات الدخل لدى الفئات المختلفة في المجتمع (السوق). كذلك مشاكله الاجتماعية و الصحية . و عاداته و تقاليده , ومعتقداته, و خاصة ما أشرنا إليه عن التحليل أو التحريم , أو مفهوم التوكل على الله سبحانه و تعالى , أو الله يستر من الأمراض أو كل شئ قضاء و قدر , أو ان الله يفعل ما يريد . و ثقافته العامة و الصحية بشكل خاص . و طريقة تفكيره و درجات ردود أفعاله تجاه موضوع التأمين - إيجابية كانت أم سلبية – وتجاه كافة القضايا التي تواجهه , في سبيل الوصول إلى أفضل الأجواء المطلوبة لسوق التأمين , و ذلك بهدف تغيير أو تحسين أي فكرة في السوق قد تؤدي إلى خلل في المعادلة التأمينية , و لعل أهمها : توخي الواقعية و الصدق في العرض , و طرح البرامج التأمينية الواضحة , بلا لبس و لا غموض , و بأسعار مدروسة , مصحوبة بخدمات سريعة و مطابقة لما تم الاتفاق عليه بين الطرفين - و بدون البنود ذات الحروف الصغيرة small prints و التي ليس أقل ما نقول عنها أنها لا تخدم العميل فحسب , ولكنها تسيء إلى قطاع التأمين أيضا - , كذلك متابعة كل صغيرة قبل الكبيرة , بما يضمن الفائدة إلى طرفي العقد التأميني . و بذلك نستطيع بناء شبكة فاعلة من مندوبي التسويق النشيطين و الأكثر إخلاصا , يعملون ليل نهار و في كل الظروف , و بدون كلفة إضافية لخدمة الشركات التي تقدم الخدمة الأفضل لعملائها من خلال الالتزام بالخدمة , إضافة إلى خدمة ما بعد البيع , و هـذه الـشـبـكـة بـالـتـأكـيـد هـي الــعــمــلاء الـذيـن نـالـت الـشـركـة الـمـؤمـنـة لـهـم رضـاهـم عـنـدمـا خـذلـتـهـم الـظـروف .
و من منطلق أن صحة الإنسان هي الأساس , كما أنها رأس المال الحقيقي , فإنه إذا ما أصابها الضرر جزئيا أو كليا , فتلكم هي الخسارة التي لا يمكن تعويضها و لا ينفع عندها أي مقابل مادي. و عندما نتحدث عن القضاء و القدر ,
فالإيمان به هو خير ما يقوم بهذه المهمة, بحيث يجسر الهوة بين الشعور بالخسارة و الاطمئنان الذاتي لمزاولة الحياة بطريقة أقرب إلى الواقعية .
ولكن ما نحن بصدده – وهو تخفيض مدفوعات شركات التأمين - فهو ما ينتج عن الخطأ الناجم عن عدم الكفاءة ,من بعض الجهات الصحية أو الطبية , أو الجهل , أو الإهمال , أو المتاجرة , أو الغرور , أو الخطأ نفسه , من تلك
الجهات , مما يتسبب في جروح معنوية عميقة , إضافة إلى الخسائر الصحية أو المادية أو كلاهما , وما يترتب عليها تجاه المريض و من يعيل أو من يدخره للمستقبل .
و لوضع حد – أو المحاولة على الأقل – لمثل هذه الممارسات و المخاطر المترتبة عن تلك الأخطاء , تبرز الحاجة إلى إضافة بند التأمين ضد الأخطاء الطبية , إلى قائمة بنود عقود التأمين , مما يساعد على رفع مؤشر الشعور بالمسؤولية من قبل الجهات الصحية أو الطبية المعنية , و تنظيم أعمالها , و متابعة شؤون المرضى ,إضافة إلى زيادة حرص كل طرف على الاضطلاع بما بترتب عليه , و بكل الأمانة و الإخلاص , و ما أوتي من علم و خبرة , أو عدم الغوص حيث لا يجيد العوم .
و لا ننسى أخطاء بعض المختبرات , من إهمال , أو عدم دقة , أو إجراء الاختبارات في ظروف غير معيارية , أو استعمال أجهزة إختبار غير دقيقة أو غير صالحة , مما ينجم عنه تشخيص خاطئ , يؤدي إلى علاج خاطئ فدواء خاطئ وبالتالي نتائج لا تحمد عقباها .
فإذا ما أمعنا النظر فيما سبق ذكره , فإننا نجد أن فاتورة التأمين ترتفع , مما يكبد شركات التأمين أموالا و تكاليف يمكن توفيرها بالمجمل . كما يمكن حماية المؤمن لهم إذا ما تم وضع الخطط اللازمة , بعد دراسة وافية , لمعالجة نقاط الضعف في العقود و في التطبيق , كذلك إنشاء أقسام للمتابعة و البحث و التحري و التدقيق في صحة التطبيق و الممارسة المسؤولة.
قضايا للمناقشة…
التأمين والملكية الفكرية :
في معرض الحديث عن الملكية الفكرية و حمايتها من منطلق الحفاظ على حقوق التأليف والطبع و النشر و الإنتاج و التوزيع و استغلال الفكرة أو الكلمة ماديا أو معنويا , مما يضفي الأمن و الأمان الاجتماعي و التجاري لكل صاحب حق , فإن ذلك يعمل على دفع عجلة الاقتصاد بتسارع إيجابي نحو مستقبل أفضل و أكثر استقراراً , وهذا يضمن حق الحصاد لمن يزرع فيبدع . ففي ظل قانون حماية الملكية الفكرية و تطبيقاته , يبقى هاجس القرصنة والاعتداء على الأملاك واردا , في خضم التنافس غير الشريف . بحيث يستدعي التأكيد على ضمان الحقوق لكل ذي حق . و قد يتطلب الأمر توكيل من يتكفل بتأمين هذا الحق , و ذلك بتحمل الضرر المادي أو المعنوي أو كليهما في حال حدوث أي اختراق أو إساءة استغلال لهذا الحق.
التأمين ضد حوادث الاختطاف والأضرار النفسية الناجمة عنها
وهذا موضوع واسع يحتاج إلى بحث و مراجع قانونية للبت في وضع دراسة واضحة تغطي كافة جوانب هذه القضية لما يمكن أن تشتمل عليه من أمور , قد تمتد من اختطاف الأفراد إلى اختطاف الطائرات , أو اختطاف الأولاد (في حالات المشاكل بين الأزواج مثل الطلاق أو الانفصال أو الوصاية على القاصر ).