د – ملعب تيران البقر
هناك من يقصد باسم التيران . القطعة الأرضية , وهناك من يرى أن الاسم مشتق من طبيعة المساحة التي كانت مرعى للبقر والتيران , وهناك من رأى أن للاسم علاقة بقوة الممارسين على أرضيته فأطلقوا عليه : ملعب التيران
لكن المؤكد أنه كان مساحة فلاحية مخصصة في جزئها الكبير لرعي البقر , أعلاها سهل منبسط وقد شملته الهيكلة فأصبح أول ملعب يستجيب لحاجيات الشباب الرياضي المتكاثر والذي يفتقد لكل التجهيزات الرياضية اللازمة التي قادته لإشباع رغبات نموه في كل البقع المحفوفة بالمخاطر
وعينت وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة مكلفا بالملعب الذي يضم ملاعب لكرة القدم والسلة والطائرة واليد , مع مساحات صغيرة كانت تستعمل بدورها فلا تجد مساحة إلا وبها جماعات تتدرب وتتبارى باندفاع لإثبات الذات ولتلبية حاجات فرق الأحياء التي كثرت وكونت مكاتبها وجمعت لاعبيها : الأزهر . المجد . التقدم . الدفاع . الأطلس . التهذيب . الرجاء . وهي كلها فرق أحياء شعبية . وأخرى سميت باسم أحيائها .
فالتجأ السيد الزياني المكلف بالتسيير والإدارة إلى إجراء مقابلتين في نفس الوقت على عرض الملعب الكبير . كلما كان الأمر يتعلق بالفتيان والشبان . أم مباريات الكبار , فهي تشكل في الغالب عرسا كرويا , إذ تغص جنبات الملعب بجمهور المشجعين والمرددين لأسماء الأبطال الذين اشتهر كل منهم بميزة خصوصية كقوة البدن . الجري السريع . طول القامة . القرع . الصلع . قوة تسديد الكرات الثابتة . ومنهم " با خدة . ملاكة . بوجمعة . استيتو . الجامعي . ماني . السلاوي ...الخ
وأخطر ما ظل عالقا بذهني الصغير أن واحدا – يجدر بنا عدم ذكر اسمه – كان في كل استراحة ما بين الشوطين يدخن " سبسيا من الكيف " بل إذا احتاج إليه أثناء التباري خرج إلى الشرط لقضاء غرضه ثم يعود للمباراة بشكل عاد . دون حسيب أو رقيب
وأذكر أيضا أن حارسا للمرمى . وهو معلم بمدرسة للتعليم الحر كان يجمع خلف مرماه تلاميذه لتشجيعه والهتاف باسمه كلما تصدى لكرة وأنقد مرماه من إصابة محققة في حركات بهلوانية تزيد من الإعجاب به . وكلما نظم فريقه هجوما وظل في استراحة مؤقتة . التفت إلى تلاميذه يلقنهم حروفا وجملا ويدربهم على ترديد نشيد , وانتقاد صاحب السبسي وسلوكه. مع تشجيع لاعبي الفريق المحلي وانتقاد الفريق الخصم بما يلزم من الاحترام على الأقل لأن كل الفرق المتبارية تنتمي لنفس المدينة .
وعلى الرغم من عدم توفر الملعب على مستودعات للملابس أو الاستحمام . إذ غالبا ما تكون العين النابعة بباب غار القطار , هي المكان المفضل للاستحمام . فكل ذلك لم يكن ليثني اللاعبين عن التزايد وعن الممارسة المنتظمة . وكل فريق يعين حارسا للملابس يتعهدها طيلة أطوار المقابلة . وسرعان ما نشطت حركة تجارية خفيفة لبيع الحلويات والفواكه وبصفة خاصة البرتقال ثم عصير البرتقال
وإلى جانب ما كونه هذا الملعب من أبطال , ظهرت أسماء في مجال التحكيم : منهم على سبيل المثال السادة : التهامي بونوار . الزياني . الزكزوتي . الحاج السطالي . التاقي , ولعلهم وغيرهم قليل كانوا من المؤسسين بشكل أولي للجنة التحكيم المحلية قبل أن تعرف الهيكلة والتنظيم الذي جعل منها مدرسة ومؤسسة أعطت أسماء في مجال التحكيم على مستوى العصبة وبين العصب وعلى الصعيد الوطني ثم الدولي فيما بعد
محمد التهامي بنيس
المقال نشر بجريدة الاتحاد الاشتراكي . عدد : 5636 يوم الجمعة 27 رمضان 1419 هج – 15 يناير 1999 م