آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: التائه

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية محمد مزكتلي
    تاريخ التسجيل
    10/11/2008
    العمر
    58
    المشاركات
    145
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي التائه

    أنا واحد من ملايين الجماهير العربية التي تجلس أمام شاشات القنوات الفضائية,وأتابع بخاصة القنوات الدينية.
    التي تزاحم عليها الشيوخ والعلماء ليعمونا ما جهلناه من أمور الدين,وهم مثابون على ذلك وإن شاء الله مأجورين.
    وبما أنني أنا مشاهد,وأنا المقصود بما يعرض على الشاشات من مشاهد,فأعتقد أنه من حقي أن أقول رأي وأكون شاهد.
    وأستنجد بالمعنيين بالأمر وأستغيث,لينقذونا من طوفان مقبل حثيث, روافده الأجتهاد الشخصي والفكر الأسلامي الحديث.
    أضع أمامكم أيها الأكابر قضيتي لتنصفونيوالملايين الذين هم على شاكلتي .
    وسأوجز شكواي بثلاث نقاط حرصاً مني على وقتكم الثمين,سائلن المولى أن تفيدونا وتشفوا صدورنا اللهم أمين.
    أولى هذه النقاط التي سحبوا فيها من تحتنا البساط .
    هي أن هؤلاء الذين يخاطبون المشاهدين,قد سلموا تماما بأنهم يخاطبون جمهوراً من الجهلة والمغفلين.
    ولا أدري كيف خلصوا إلى هذا اليقين!؟.
    فما أن ينتهوا من سرد مقدماتهم الطويلة والمعهودة,ويبدأون الخوض في غمار مواضيعهم المورودة.
    حتى يستبسل الواحد منهم باذلا جهودا,ناشدا الأشعار مستنفرا لجنوده وشهوده.
    فمازالت عقول المشاهدين قاصرة,عن استيعاب مفردات هؤلاء العباقرة.
    فبعد أن يسجل خروجاً عن الموضوع عدة مرات يعود ليعيد نفس الجمل والعبارات.
    ويستمر على هذه الحالة من اللف والدوران مستجديا عقارب الساعة أن تسرع في الدوران.
    ومن لم يفهم فهو جاهل وفي قلبه مرض, وفيه على الله العوض.
    وهنا تشرق أمام المشاهد حقيقة ساطعة,وهي أنه وقع في فخ محاضرة مخادعة.
    فالشيخ الفاضل لا يملك شيئا جديدا ليضيفه فهو محدود بالحدود التي حددها له مضيفه.
    في بعض الأحيان قد يكون هذا التصرف مبرر,رغم أنه صار كثيرا ما يتكرر.
    إذ علينا أن نتغاضى عن كثيرمن السلبيات,من أجل الفوز بالقليل من الأيجابيات.
    لكن الطامة الكبرى تكمن في أصرار البعض على أستغفال المشاهد,وعلى اعتابره هبنقة ضحل التفكير في العلم زاهد.
    فأخذوا يصولون ويجولون على هواهم في الشاشات يقول مالاينبغي أن يقال من أساطير وخرافات,ومن بدع ومخالفات.
    والواجب على المشاهدين أن يستمعوا من دون تعليق,والويل كل الويل لمن تفيهق وحاد عن الطريق.
    فقد أنكر معلوماً من الدين بالضرورة,والسيف خصمه إن لم يتب ويعود إلى الحظيرة.
    يضحكون على عقول المشاهدين كما يحلوا لهم,مستغلين أن ديننا فرض علينا أحترامهم وقبولهم.
    فكل ما يقولوه يجب أن يقبل ويطاع,وإن كان لا منطقيا ولا مستطاع.
    وجاء البرهان والشاهد على ما أقول,حينما عرض برنامجاً لأحد هؤلاء الفحول.
    حيث كان يتحدث عن معجزات القرأن التي لا تعد ولا تحصى,مع ملاحظة بأن حروف القرأن بحد ذاته تعد وتحصى.
    فأخبرنا بأنه سيتحفنا بمعجزة جديدة تفتقت عنها إرهاصاته الفكرية الفريدة.
    فشنفت أذناي وسمرت عيناي,وفتحت أبواب عقلي على مصراعيها,لأحاول ألتقاط عباراته السامية والوصول إليها.
    أما فحوى هذا الأختراع المذهل العظيم,فيتعلق بالحروف المقطعة التي في القرآن الكريم.
    فقد أخذ هذا الجهبذ اللامعة هذه الحروف,ووضعها أمامه مرتباً إياها في صفوف.
    وبعد أن فحصها بعناية أسقط منها ما هو مكرر,وللأمعان في البحث والتمحيص وضعها تحت المجهر.
    فخاطبنا وهو يعتقد بأننا حفنة من الجهلاء,بأنه فتح فتحاً مبيناً وأنضم إلى موكب العظماء.
    فالنهارات والليالي التي قضاها يزدرد الزعتر والملفوف,ليشحذ ذكائه ويقدر على تأليف جملة مفيدة من هذه الحروف.
    قد أثمرت أخيراً عن ضالته المنشودة,بعد أن أضناه التعب وأنحل عوده.
    وتمكن من أن يؤلف من هذه الحروف جملة واحدة مفيدة,مدعياً بأن محاولاته لتأليف غيرها كانت عقيمة.
    (نص حكيم قاطع له سر).
    بالرغم من حسن نيته ونبل مقصده إلا أنني لست أدري لمَ لم أصدق هذه الحكاية,فأربعة عشر حرفاً يمكن أن أؤلف منهم نصف رواية.
    فهذه الحروف هي نصف الأبجدية,ويا خسارة الزعتر والملفوف اللذان ضاعا على هذه الفكرة الهزلية.
    وأردت أن أبرر للشيخ شطحته الفكرية على أنها هفوة,لكنه منعني كونه أستنفذ في شرحها كاملة زمن الحلقة.
    إتك لو تأملت عزيزي القارئ هذه الجملة لمدة دقيقتين,وقمت بأبدال مكان حرفين,لظهرت أمامك جملتين جديدتين مفيدتين.
    أما إذا قمت بأبدال مواقع كل الحروف,فستحصل على مئات الجمل بل الألوف.
    وسأترك لك هذه المهمة من باب التسلية لأنتقل أنا إلى النقطة التالية.
    النقطة الثانية هي أشد خطراً من الأولى,وأخذت تمتد وتنتشر عرضاً وطولا.
    فنحن حضرات المشاهدين البسطاء,نتابع القنوات الدينية لننهل من معين العلماء.
    نبراسنا ما يقولون,وطريقنا ما يمهدون,وشعارنا ما يرفعون,وهدفنا ما يحددون.
    أمرنا أن نقتدي بهم في كل مكان وزمان,فهم قادتنا إلى درب النجاة وشاطئ الأمان.
    لكن مايحدث الأن هو أمر شديد الغرابة,لم يسبق له أن حدث منذ أول عهد الصحابة.
    فواحد خلفي يرخي لنا العنان,وثانٍ سلفي يشد على رقابنا الحبال.
    وثالث مجدد ينزل بنا لقيعان الوديان,ورابع متشدد يصعد بنا قمم الجبال.
    ونحن نلحق بهم ما بين كر وفر,لا نجد لنا موقف ولا مستقر.
    أختلفت الأهواء وتضاربت الأراء وبدأت الخلافات تدب بينهم,وبدأت عبارات الردح تدور بينهم.
    وبذور الشقاق أخذت تنتش بريهم,وتشكلت الصدوع من صدى لغوهم.
    وتوالدت القنوات الدينية على كل الأقمار الصناعية,وهي تخاطب المشاهدين من وجهات نظرها الأنانية.
    وكلما أفتتحت قناة جديدة أستبشرنا بها الخير,لكنها تخذلنا لتبدأ كأسلافها في مدح نفسها وذم الغير.
    والمشاهدين هم وحدهم ضحايا هذه المنافسات,أعيتهم وشتّتهم هذه النقاشات والسجالات.
    فالمشاهد لا يرقى إليه أي شك في أن يحيد واحد من هؤلاء الشيوخ عن الصواب,فكلهم عارفين مؤمنين دخلوا مرابع العلم من أوسع الأبواب.
    لكنه وجد نفسه أمام سؤال صعب لم يجد له جواب!.
    إلى من يستمع!؟.وإلى من من هؤلاء يتبع!؟.
    وكلهم نخبة صفوة,لا كبوة لهم ولا هفوة.
    سأتبع هذا الشيخ فوجهه يفيض بالنور والتقوى,لا.. لا سأتبع الأخر لأن حجته أشد وأقوى.
    إن صاحب اللحية الطويلة يبكيني حينما يدعو ويبتهل,لكن صاحب اللحية القصيرة أسلوبه سلس وسهل.
    حيرة مريرة!!؟؟.تصيب المشاهدين بالخوف والقشعريرة!!؟؟.
    فالقضية ليست لهواً ولا مزاح,إنها قضية عقيدة و دين وأيمان,إنها قضية خلاص أبدي فإما جهنم وإما الجنان.
    قضية لا تحتمل التجربة ولا المقامرة ولا الرهان,فمحال أن أعود لأعيد الكرة إذا أكتشفت بأتي كنت غلطان.
    يقولون أستمع وأتبع من يرتاح له قلبك,فكل العلماء نجوم أهتدوا بهم من كانوا قبلك.
    وأنا أقول إن غايتي ليست إراحة قلبي,بل غايتي ومنتهاي هي إرضاء ربي,ولو كان ذلك على حساب قلبي.
    والجميع يعلم ماذا يعني أرضاء القلب بدلاً من أرضاء الرب.
    أتوسل إلى فضيلة العلماء الأكابر, أن يتفحصوا بدقة من يعتلي المنابر.
    وأن يوحدوا الصفوف,ويختصروا الألوف ويقتصروا على من هو ثقة ومعروف.
    وسأورد لكم بعض أمثلة لخلافات لم يتفق عليها ولا حتى أثنان.
    فأبتداءاً بقضايا الزواج وأنواعه والطلاق وأشكاله,مروراً بإرضاع الكبير وحرمته وزواج المسيار وأحليته,أنتهاءاً بصلاة الجنازة وبطلان الختان وجوازه.
    ولن أتطرق إلى الفتاوة المطاطية, والمحاضرات الأرتجالية, والأراء الأعتباطية.
    التي توقع بأصحابها بالتراهات,وتدخل المشاهدين بالمتاهات.
    ألحقوا بنا يا فضيلة العلماء الكبار, فقد بتنا نهلوس وأصبحنا غريبوا الأطوار.
    نسعى حائرين إلى أدراك الحقيقة في دروب صارت حفرها عميقة.
    النقطة الثالثة والأخيرة,والتي أورثتني مرارة الألم والحيرة.
    هي الصمت!!؟؟..الصمت المطلق المطبق,الصمت المؤذي المستفز المقلق!!؟؟.
    الصمت عن الأخرين,فقط الأخرين الذين هم ليسوا من أهل الأسلام.
    فشيوخنا الأفاضل على أبناء جلدتهم حجتهم قوية وبلاغتهم قرشية لا يرقى لها كلام.
    أما أمام الأخرين فصمت مطبق وأشارة تعجب وعلامة أستفهام.
    يسمون هذا الأخر بالمشكك والمتربص وهادم القيم,وتجاهله هو من مكارم الأخلاق والشيم.
    وأتساءل متى كان السكوت عن الحق فضيلة, ومتى صار الشك من مفردات الرذيلة!!؟؟.
    إن الشك في الأمور هو حق مباح ومشروع,لا يستثنى منه أية مسألة أو موضوع.
    إن الشك هو الطريق الوحيد المفضي إلى الحقيقة,ولولا الشك مابحث أحد عن الحقيقة.
    إن الحقيقة المولودة من رحم الشك وإرادة الوصول إلى اليقين,هي أسطع وأقوى من الحقيقة المبرمجة الملقنة تلقين.
    هذه فرصة ذهبية لا تعوض أوجدها لنا الأخرين,كي نثبت أقدامنا ونعدل من أفهامنا ونستجلي عين اليقين.
    فمالي أرى شيوخنا وأئمة علومنا صامتين خائفين,أتراهم يستصعبون الفصل بين ظلام الغفلة ونور اليقين!؟.
    أم تراهم يحسبون بأن ديننا مقام من قش وطين!؟.
    أنا أرفض مقولة الكلاب تعوي والقافلة تسير,فهي لا تنسجم أبداً مع خطورة هذا الوضع الخطير.
    فإن دلت فإنها تدل على يأس فاضح وأستسلام مرير.
    وكي لا أظلم الجميع وتحقيقاً للأمانة العلمية,فقد تجند بعضهم للرد على هلوسات المتربصين الفكرية.
    فبعد طول أنتظار تحلق المشاهدين حول الشاشة ليتابعوا مشهد الأنتصار.
    أطل علينا المذيع يحيط به ثلاثة من أصحاب العمائم,فاستبشرنا خيراً بهؤلاء الهيلمانات أصحاب العزائم.
    لكنهم فاجأونا وأفرحوا الأخرين برد هو سيل من عبارات السب واللعن والشتائم,متوعدين إياهم بالسيوف والمعارك والهزائم.
    وبأنهم سوف يقطعونهم ويطبخونهم ويقدمونهم طعاماً على الولائم.
    وبعد ن أفرغوا ما في جعابهم من عبارات السب والتهيد أنهى امذيع الحلقة على أمل القاء من الجديد.
    إنني أناشدكم أيها العلماء الأجلاء الأكابر,بأن تقوموا هذه الأنحرافات وتقطعوا بها كل دابر.
    فنحن في زمن عصيب لا يعلم به إلا الله,نتلقى فيه السياط ونلحق الآه بالآه.
    أنظروا إلينا بعين الشفقة والرحمة يا أعلام الدين ورايات الحكمة.
    أين أنتم يا أصحاب العقل المنار والحوار الحضاري والهدف الشريف,أين أنتم يا أصحاب الحجة الدامغة والبراهين اللامعة والفكر الحصيف.
    أين لمسات أيديكم المباركة الشافية,لتمسح رؤوساً قد تصدعت.
    أين مفردات ألسنتكم المفحمة الراقية لتحني رؤوساً قد تمنعت.
    على قدر أهل العزم تأتي العزائم,والعبرة ليست في شكل العمائم,والحق لايكون في السب والشتائم,بل في التوعية والتبصر والسرد الملائم.
    اللهم إن كنت قد أخطأت فأنت الذي لا يخطئ,وإن كنت قد اصبت فأنت الذي يجزئ.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أنا لا أقول كل الحقيقة
    لكن كل ما أقوله هو حقيقة

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية زهار محمد
    تاريخ التسجيل
    15/02/2009
    المشاركات
    188
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: التائه

    على الرغم من أن العقل قد سما وأثبت أنه الأرقى
    إلا أن الغريزة ظلت هي الأقوى والأبقى

    أخر كلامك يلخص كل ما اريد قوله

    نحن في عصر اصبحت الغريزة هي السيدة

    والعقل اصبح في آخر اهتمامات الانسان العربي


  3. #3
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: التائه

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    الأخ الكريم محمد مزكلتي، مقالك الساخر هذا و رغم طوله لذيذ و شيق.
    تناولت موضوعا شائكا و حيويا في نفس الوقت، إنها الإزدواجية العقيمة في تبليغ الخطاب الديني.
    ندعو الله ان يفقه فقهاءنا و أن يهديهم لصراطه المستقيم كي يقولوا ما جاء به الدين الحنيف.
    مشكور على مقالك و دمت في حفظ الله و رعايته / صديقك عز الدين الغزاوي.


  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية محمد مزكتلي
    تاريخ التسجيل
    10/11/2008
    العمر
    58
    المشاركات
    145
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: التائه

    إلى السيد عز الدين الغزاوي تحية عربية وبعد:
    ياترى الحق على من؟
    هل الحق على أربعين قنا ة دينية تعرض لنا مختلف موديلات العمامات طوال الليل والنهار؟
    أم الحق على ثمانين قناة موسيقة إباحية تبث الفيديو كليب على كل الأقمار؟
    أم الحق على مئة قناة تدعي الشفافية لا لشئ إلا لتجعلنا نصدق نشرات الأخبار؟
    أم الحق على مئة وعشرون قناة منوعة تحاصرنا بالمسلسلات المكسيكية والتركية و بلاد الصين والهندوسنجار؟
    أم الحق على وزارات التربية التي صار معظم موظفيها موظفي رقابة وتفتيش؟
    يلاحقوا من سرق المازوت واختلس ثمن المقاعد ومن حوَّل المكتبة إلى دكان لبيع السندويش؟
    أم الحق على الكتّاب أصحاب أقلام الشيفر والباركر الذهبية ؟
    الذين صارجلَّ همهم هو أحراز جائزة أو تقلد ميدالية؟
    أم الحق على المراكز الثقافية التي صارت تؤجر قاعاتها للحفلات الاجتماعية والأعراس؟
    أومنبراً مسخر لشاعر فاشل جيوبه مملؤة لينقذها من الإفلاس؟
    أم الحق علينا لأننا رضينا؟
    صفقنا حتى احمرت أيادينا من الوجل ؟
    وتقنعنا لكيلا نرى على وجوهنا حمرة الخجل؟

    أنا لا أقول كل الحقيقة
    لكن كل ما أقوله هو حقيقة

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •