من ملاعب الفقراء أيضا
ملعب " الفيتور " بباب عجيسة
لم أستحضر ترتيبا أو تسلسلا للنبش في ذاكرة ملاعب فاس . لأن فعل التذكر لا موعد محددا له
, بل يأتي في أية لحظة يوقظها مشهد أو زيارة أو حدث . وكان لجولة في يوم رمضاني فضل الوقوف على آثار ملعب الفيتور بباب عجيسة أو باب " الكيسة " كما هو شائع قديما وحاضرا , وهو الساحة التي كانت إليها تخرج معاصر الزيت بقايا عصر الزيتون لتضعه " فيتورا " في أكوام كنا نستدفئ فيها صغارا لأن تفاعل البقايا الكيماوية ومركبات هذه البقايا , يولد حرارة تبقى دفينة ولم تستغل , سوى أن فرشاتها طبقة فوق طبقة كون مساحة رطبة كأنها ملعب معشوشب راقت أرضيتها الأقدام الحافية التي ما أن جربت لعب الكرة عليها أو الجري أو القفز على الحبل أو الارتماء أو لعبة " الماريل " أو كما تسميها الصغيرات " السيس أو تيك تيكة " وهن يقفزن برجل واحدة على تربيعات خطت بقضيب , حتى أصبحت الأرضية مشهورة استقطبت إليها شباب الأحياء المجاورة – العشابين . الزنجفور . فندق اليهودي . زقاق الرمان . النواعريين . درب العامر . الجياف . البليدة وغيرها من الأحياء والأزقة التي كانت تفتقد لساحات صالحة من هذا النوع الرطب , ونظمت فرق الأحياء نفسها على مختلف الفئات والأعمار , وهي تتناوب على هذا الملعب , وأشهر فريق اقترن اسمه واسم لاعبيه به , كان فريق الخرشافي , وبرع حارس مرمى اشتهر باسم الزاز ولم ينس أحد ذلك اللاعب البطل الذي كان يأتي على بغلته البيضاء التي يحمل على ظهرها بضائع المصانع والمتاجر وأمتعة البدويين الوافدين من قرية با محمد أو سيدي أحمد البرنوصي أو مولاي بوشتى الخمار أو منطقة جبالة عامة . كان مشهورا بلعبه بسروال " قندريسة " دون أن يعيق خفته أو قدرته على الجري أو إبداعه في التسديد والتسجيل ومن مختلف المزاولين أمثال – بن الصديق . قويدر . عبد الخالق . الفيلالي . بنكيران وآخرين ممن تكونت منهم اللبنة الأولى التي أنجبت فريق الحياة الرياضي الفاسي الذي أصبح مدرسة في كرة القدم تطعم فريق المغرب الفاسي بلاعبين مهرة من بينهم من شق طريقه إلى الفريق الوطني أمثال عزيز وعبد الرحمان السليماني , ومع أن هذا الملعب أنجب فرقا كثيرة فإن الفريق الذي صمد واحتوى جل لاعبي هذه الفرق ظل فريق الحياة , حيث تطور من احتضان اللاعبين الممتهنين للحرف التقليدية كالحمالة والجزارة والدباغة , إلى بعض التجار وصاحب مقهى , قبل أن ينظم عدد من طلبة الثانويات ورجال التعليم ومنهم من شق طريقه في رياضات أخرى وبصفة خاصة كرة السلة , ورغم أن هذا الملعب اندثر وأصبح في خبر كان , نستحضره كذكرى , فإنه كان بحق حلقة في تكوين أجيال رياضية بعضها شده الحنين إلى الالتصاق بكرة القدم كمسير أو كمدرب أو كحكم , نذكر منهم الحكم الدولي عبد الحق تمصوري الذي علمنا أنه يقيم في مدينة أكادير , نشيطا في لجنة التحكيم بها إلى جانب نشاطه كمفتش في التعليم يمزج التربوي بالرياضي . وعزيز بلفتوح الذي كان حارس مرمى فريق الحياة لفترة قبل أن يلتحق بالوداد البيضاوي لفترة قصيرة وقبل أن يمتهن التحكيم إلى أن تقاعد حكما
إنها أسماء قليلة من غيرها الكثير , كان الفضل في استذكارها لملعب " الفيتور" أو لفريق الحياة الرياضي الفاسي
محمد التهامي بنيس
المقال منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي عدد : 5647 بتاريخ 26 يناير 1999 م
.................................................. .................................................. .......