رياضة الفقراء . ملاعب الفقراء . صناعة الأمجاد . أية عبرة ؟

وجدتني في الباب الأول , كمن يحاور أبطالا غائبين – منهم من غاب لأنه ودع دنياه , ومنهم من يغيب قهرا – ولكنهم جميعا وغيرهم كثير , حاضرون في أدهان الرياضيين وعشاق الألعاب الرياضية المتنوعة
وبنية صادقة , رميت من خلال هذا الباب , إلى إبراز مفهوم الرياضي الفقير, وبعض أدبيات الدفاع عن فقراء الرياضة , ممن تشكل وضعيتهم الفقيرة , صورة من صور الفقر الكبيرة , المتصفة بالظلم الممارس في حقهم , مع أنهم مسلمون مغاربة من أبناء هذا الوطن , والإسلام يرفض الظلم لأنه يجمع كل مكارم الأخلاق , ونحن لا نريد أن نكون مقلدين لهيمنة رياضة الدول الغنية على رياضة الدول الفقيرة , أو منحازين لأطروحاته
فالمدخلات, حضرت منطلقة من البحث في الواقع المشاهد والملموس, وكانت الشهادات في صفاتها الخاصة , تكتسي صبغة السواد الأعظم , معتمدة منهج الوصف الاستطلاعي متضمنة . كيف ظهرت الحالة, ومتى , وكيف تطورت ؟ وعلاقاتها مع – سواء من أنقذ حالا ت معدودة , أو ما يمكن أن يحدث من حالا ت مشابهة – على أمل تجنب ما كان سلبيا في الحالات المختارة – رغم قلة عددها –
ولعل كل حالة , قد كشفت عن الأسباب المسئولة , وهي جميعها أسباب اجتماعية واقتصادية , فهي لا تخلو من مسئولية الاضطهاد الذي مارسه الذي يملك على الذي لا يملك . ولم نرم إلى تسجيل الحالات ضمن خانة الحفظ أو " صار بالبال " وإنما لإنتاج أسئلة , تصبح لها القدرة على إثارة الانتباه , والترغيب في المعالجة المطلوبة . في وقت لا ينبغي أن تتكرر حالات في نسخ معدلة , بل ليكون العمل من أجل استثمار هذه الحالات وغيرها , فهي توضح آليات التخلف ومعوقات النمو – على الأقل , النمو الرياضي - نقول بصدق أيضا : إن التعقيبات التي ذيلت كل حالة , إنما اعتمدت لرفع الالتباسات وللإنصات إلى ما قد يعتري الأوضاع من تعثرات جراء الصمت والتغافل , الذي طال حالات دخلت متاهة الهجرة الرياضية , أو تقوقعت في عنق زجاجة الصمت المطبق
لعل قراءة متأنية , تتيح الفرصة لترجمة توجهات جذرية بعيدة عن الارتجال أو الحلول الترقيعية والظرفية
ولعل بعض النقد – ظاهرا أو ضمنيا – مما ذيلنا به كل حالة , هو مما يسكننا من أطروحات, وأفكار وفرضيات , انطلاقا من عمق اهتمامنا الجاد والمتواضع , الذي نراه عنوانا للتحرك والانتقال إلى رياضة تتكامل طاقاتها, ولا تتنافر أو تتطاحن, فالتكامل الرياضي اليوم فرصة أكبر مما كان عليه الحال في الماضي , كما الانتقال إلى رياضة تحظى بالأولوية كحق من حقوق الرياضيين الفقراء , والانتقال إلى رياضة تنمي الانتماء للوطن , وحب البلد , حتى تقل مشاكلها , وتقل الرغبة في الهجرة للغرب بإغراءاته وتسهيلاته وتفوقه في التجهيزات
قد يقول البعض أني كنت متمنطقا أكثر من اللازم , ما دامت الرياضة فعلا إنسانيا عالميا , فعالميتها لا تفرض حصرها في منطقة المغرب , ولعل ما يدحض هذا المرمى هو السؤال : وأين المواطنة في ظل هذه العالمية الرياضية ؟ ومن هنا , فأنا متعصب إلى وطنية هؤلاء الأبطال , الذين يعدون من ضحايا الفقر الرياضي , وأحيي فيهم روح ومعنويات دفاعهم عن القميص الوطني والعلم المغربي في المحافل الدولية , حتى في لحظة الحسرة أو ذرف الدموع , لأنها ستبقى صفعة في وجه من تعمد إهمالهم , وسبب هجرتهم وتجنيسهم
محمد التهامي بنيس