بعد ان تطرقنا الى الباب (1) من احد فصول الكتاب .. نتطرق الى الباب (2) من نفس الفصل وهو مرتبط بطبيعة الحال بما قبله
ومن خلال المواقف التعليمية التي تحدث للفرد فانه يتطلب لحدوث عملية التعلم كما ذكرنا شروط معينة لتساهم وتؤدي الى النجاح والتي من ضمنها :
1. الدافع :
يميل الكائن الى محاولة تلبية رغباته وحاجاته سواء كانت هذه الحاجات داخلية في الانسان نفسه او في مجال البيئة المحيطة به ، وفي مجال التربية الرياضية وانشطتها المختلفة فقد اختلفت الرغبة والحاجة في تعلم المهارات الحركية باختلاف الدوافع الذي يسعى الفرد من ورائها للتعلم ،فهناك من الافراد يميلون الى تعلم المهارات الحركية الاساسية الرياضية بدافع اكتساب مهارات نشاط رياضي معين . وعلى العكس نجد ان الدافع من وراء ذلك لمجموعة اخرى هو اكتساب الصحة واللياقة البدنية للمحافظة على بنيتهم وتركيبهم الجسماني من التعرض للتشوهات .
فالدافع هو الطاقة الكامنة الموجودة في الفرد ويعمل على استغلالها واخراجها الى حيز الوجود ، حيث تعتبر هذه الطاقة بمثابة الاستعداد والقابلية للتعليم .
فالمظاهر المثيرة في البيئة الخارجية تساعد الفرد لتعلم الكثير من هذه المظاهر ، وعلى سبيل المثال فبعد مشاهدة الاداء الرائع لابطال وبطلات الجمباز في الدورة الاولمبية التاسعة عشر التي اقيمت في " بكين " صيف هذا العام "2008 "دفعت الكثير من الأفراد لمحاولة تعلم رياضة الجمباز . حيث اعتبر هذا الاداء الرائع بأشكال مختلفة بمثابة المثير الذي دفع وأثار الكثير على عملية تعلم مهارات وحركات الجمباز .
ويرى علماء النفس ان القوى الدافعة للتعلم قد تكون نتيجة لاستجابت الفرد للعوامل والقوى الداخلية المتمثلة " الرغبات او الحوافز " ، او استجاباته للعوامل والقوى الخارجية المتمثلة " بالاهداف والبوعث " .
فمصطلح " الرغبة او الحافز " هي استجابة الفرد الداخلية للقيام بعمل معين او تعلم مهارة معينة ، يقوم به الفرد من اجل اشباع الحاجات النفسية الاساسية مثل محاولة الفرد تعلم مهارات الجمباز المتقدمة لتحقيق ذاته وتميزه بين افراد مجتمعه وحب الظهور في المجتمع الذي ينتمي اليه .
اما مصطلح " الهدف او الباعث " فهو استجابة الفرد لذلك العائد والمردود الذي يحصل عليه اذا قام بعملية التعلم من البيئة الخارجية المحيطة سواء كان ذلك يتمثل في الوالدين او في المدرس من العوائد كالمكافئات في حالة الفوز والاشتراك في الرحلات الخارجية كمكافئة من قبل ادارة المدرسة او الهيئات الرياضية المتخصصة في مديرية التربية والتعليم .
ونظرا لاهمية هذه القوى في المجال الرياضي فانه يقع على عاتق مدرس التربية الرياضية في المدارس محاولة استثارة كل من الحافزوالباعث من اجل تنمية الدافعية لدى الافراد في هذه المراحل السنية والتي تختلف فيها الرغبات والاهداف والميول والاتجاهات ومحاولة توضيحها حتى يكون الفرد مسئولا عن تحقيق الهدف الذي يرمي اليه .
وقد قسم بعض العلماء القوى التي تمثل الدوافع من البيئتين الداخلية والخارجية الى دوافع اولية " اساسية " ودوافع" ثانوية" وذهب فريق اخر الى تسميتها بالدوافع الفسيولوجية ’ الدوافع الاجتماعية وذهب البعض الى تسميتها ابعد من هذا وذاك بتسميتها بالدوافع الفطرية والدوافع المكتسبة .
ومن هنا لابد من توضيح اهمية كل من الدوافع فالدوافع الاساسية او الفسيولوجية او الفطرية هي في مجموعها مجموعة الحاجات الاساسية التي لايستطيع الكائن الحي الاستغناء عنها منذ لحظة ولادته وخلال مراحل حياتة السنية . اما الدوافع المكتسبة او الدوافع الثانوية او الاجتماعية فهي مجموعة الحاجات التي يمر بها الانسان في حياته ويعمل على تحقيقها والوصول اليها.
وما يهمنا في المجال الحركي الرياضي هو النوع الثاني من الدوافع وهي المكتسبة التي تعمل على تحقيق الرضا والسعادة والشعور بالجمال من الممارسة المختلفة لالوان النشاط الرياضي المتعدده. فالفرد الذي يكون الدافع من وراء تعلمه رياضة الجمباز هو الشعور بانه قادر على تعلم اصعب المهارات الحركية والرياضية واكثرها تعقيدا ’ فان هذا الدافع يثير في هذا الفرد المزيد من بذل الجهد والعطاء وتحمل الصعاب من اجل تحقيق الهدف المراد الوصول اليه من هذا الدافع .
وفي ما يتعلق باهمية الدوافع في مجال التعلم الحركي للرياضة بشكل عام ورياضة الجمباز بشكل خاص ’ فيمكن تلخيص اهميتها فيما يلي :
1. تظهر اهميتها من خلال زيادة نشاط وحركة الفرد ’ فتكون القيمة النهائية لذلك التخلص من حالات الخمول والكسل المصاحبة للفرد في حالة غياب الدافع .
2. زيادة تركيز وتوجيه سلوك الفرد نحو ظاهرة ونشاط رياضي معين عن بقية الانشطة الاخرى’ فتأثر الطفل في المدرسة بمشاهدة فقرات الجمباز في التلفزيون يجعل الطالب يطلب من المدرس تعليمه مهارات جمباز لما سبق ان شاهده واعجبه .
3. تساعد الدوافع لدى الفرد على بذل المزيد من الجهد خلال مراحل التعليم المختلفة ومواجهة الصعاب والمخاطر التي قد تواجهه اثناء التعلم كما هو في رياضة الجمباز التي تتطلب من الفرد الصبر والتحمل من اجل الوصول الى مستوى متقدم .
4. تشترك الدوافع في تحسين بعض القدرات العقلية كالتذكر والانتباه والادراك لما يتم تعلمه ’ حيث تساعد هذه القدرات على زيادة التعلم وتحسنه الملحوظ وادراك العلاقات المتبادلة اثناء الموقف التعليمي الذي يمر من خلاله .
2. التدريب (الممارسة) :

الممارسة والتدريب هي الشرط الثاني والرئيسي في العملية التعليمية حيث ثبت علميا انه لا يتم تعلم اي مهارة حركية رياضية بدون ممارستها وتطبيقها لاخذ الاحساس الحركي لاجزائها ومكوناتها ’ فتعليمات الشرح اللفظي التي يقوم بها المدرس بالاضافه الى ان النماذج الحركية تسهم بقدر لم يكن كافيا الا اذا صاحب ذلك التجريب والممارسة .
فالفرد الذي لم يسبق له المرور بخبرة مهارة الوقوف على الرأس بالجمباز ’ فانه لن يستطيع تعلمها والوصول الى درجة عالية من الاتقان بمجرد سماعة النواحي الفنية المتعلقة بتلك المهارة ’ بالاضافة الى مشاهدته العديد من النماذج الحية او وسائل الايضاح لما يراد تعلمه ’ وهنا تتدخل الممارسة والتدريب لإكمال هذه العملية باتاحة الفرصة للفرد المتعلم بان يجرب نفسة في تطبيق ما سمعه باذنه ورآه بعينه . فالتعلم الحركي عن طريق حاسة او حاستين من الحواس لا يكفي الا بممارسة وتدخل حاسة ثالثة هي حاسة الاحساس بالحركة .
وتظهر اهمية التدريب والممارسة في مراحل التعليم الاولي في تهذيب شكل الاداء الحركي الذي يشمل الكثير من الاستجابات العشوائية التي ليس لها علاقة بالاداء وما يرافقها من اخطاء ’ فتظهر الاهمية من خلال اصلاح الاخطاء المصاحبة لاداء المتعلم والتعرف على نواحي القصور والضعف والعمل على معالجتها اثناء التدريب على المهارة المتعلمة لتظهر في النهاية بشكل وتناسق تام يؤدي الى اكتمال عملية التعلم .
من هذا يتضح ان التعلم عن طريق حاسة السمع (الاذن) وعن طريق حاسة الرؤية (العين) لا يكفي الا اذا صاحب ذلك ممارسة وتدريب لتحقق العملية التعليمية الهدف الذي وضعت من اجله.
3. النضج :
يقصد بالنضج هو وصول اجهزة الجسم الداخلية الى مرحلة تكون فيها قادرة على اداء وظيفتها دون المرور بخبرة سابقة ، فالطفل في سنوات حياته الاولى لا يستطيع المشي على قدميه ما لم يتم نضج في الجهازين الحركي والعضلي لديه حتى تستطيع عضلات رجليه على حمله كذلك تحريك القدمين اثناء الخطو .
وفي رياضة الجمباز وفي المجال الرياضي الحركي فانه يصعب تعليم الطفل مهارة التوازن الحركي ما لم يكتمل نمو ووصول جهاز التوازن في المخ الى مرحلة النضج التي تؤهله لتعلم هذا المتطلب الجديد دون مروره السابق في هذه الخبرة التعليمية ومن هنا نستطيع ان نفرق بين استجابات وسلوك الافراد الراجع الى التعلم والنضج من خلال :
1. التعلم عملية نمو تحدث نتيجة لقيام الفرد بنشاط ، اما النضج فهو عملية نمو داخلي متتابع تتناول جميع نواحي الفرد .
2. التعلم عملية ارادية أي تحدث تحت تاثير الارادة ، في حين ان النضج يحدث تلقائيا دون ارادة الفرد .
3. يؤدي التعلم الى ظهور انماط خاصة من السلوك لدى الفرد عن غيره ، اما النضج فيؤدي الى ظهور انماط عامة من السلوك ـ لدى جميع الافراد في نفس
العمر بالرغم من اختلاف العوامل المؤثرة .
4. يعزى التعلم الى عوامل البيئة الخارجية التي تؤثر في الفرد ، في حين يعزى النضج الى العوامل العضوية الداخلية ا والى التغيرات الناتجة عن التطورات التشريحية والفسيولوجية (البيولوجية) وخاصة في الجهاز العصبي للفرد.