المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال الأحمر
مِن بَعدِ ما كبُرَتْ، قالت "فَـتًى جَاني"!...
شعر: جمال بن عمار الأحمر
إلى التي لم تحمل بها أنثى، ولم تسع بها قدمان!
كتبت عام 1995م، ونشرت بلبنان في العام نفسه، ثم نشرت في أسبوعية "النور الجديد"، الصادرة بقسنطينة، الجزائر، ع 57، بتاريخ: الأحد 4 محرم 1423هـ، 17/03/2002، ص 19
قَد كنتُ أُنذرُها ليلاً بِلا غدِها=والأمرُ فاجَأَها في مِثْل شَيطانِ
مَجّتْ عَقِيرتَها، دَاستْ بَصِيرتَها=تِلْكُم كَبيرتُها، فالنُّصحُ أَعْياني
هَدَّت مَنَائِرَها، حَلّتْ ضَفَائرَها=بَاعتْ سَرَائِرَها للمُجرِم الجَاني
غَطّت مَدَامِعَها، سَدَّتْ مَسَامِعَها=خَلّتْ مَوَاقِعَها رِيعًا لِدِيدَانِ
يَا طُولَ رَقْدَتِها في عُمْقِ سَقْطَتِها=والحُلمُ رَاوَدَها في عَيْن وَسْنَان!
يَا هَوْلَ مَشهَدِها والـمَوتُ يَأكُلُها=ضَاقتْ مَسَالكُها كالعَاجِزِ الوَاني!
قد كِدتُ أُدرِكُها والمـوجُ يَقذِفُها=غَاصَتْ مَلاَمِحُها في مِثْلِ طُوفَانِ
أَلْقَمْتُها نَفَسِي...مَاتَت بِلاَ رَمَسِ!=ضَاعَتْ كَأَنْدَلُسِي! وَاغَوْرَ أَحْزَاني!
أَلْبَسْتُها شَرَفِي، حَلّيْتُها صُدَفِي=أَرْكَبْتُها كَتِفِي؛ فَرْدًا بِأَقْرَاني
أَسْكَنْتُها كَبِدِي؛ قَصْرًا بِلا عَمَدِ=في مَحْضنِ الوَلَدِ؛ عَطْفًا بِتَحْنَانِ
أَطْعَمْتُها عُمُرِي؛ قُدْمًا بِلا دُبُرِ=في قِلّةِ النَّفَرِ، في وَجْهِ طُغْيَانِ
أَسْمَعْتُها قَسَمِي، رَوّيْتُها بِدَمِي=أَنْشَدْتُها أَلَمِي مِن عُمْقِ أَشْجَانِي
أَقْطَعْتُها زَمَنِي وَالْحَالُ يَطْلُبُنِي=نَافَحْتُ في المِحَنِ عَنْها بِأَسْنَاني
قَد بِعْتُها وَلَدي، أَهْلِي وَمَا بِيَدِي=لَمْ أُبْقِ مِن رَفَدِ في جُورِ سُلْطَانِ
دَعّمْتُها بِغَدِي وَالحَاضِرِ الرّغِدِ=أَعْلَيْتُها بِيَدِي مِن عَوْنِ رَحْمَنِ
أَنْعَلْتُها فِكَرِي مِن سَامِقِ النَّظَرِ=رَقْرَاقَةَ العِبَرِ، رَيّا لِظَمْآنِ
أَعْطَيْتُها قَلَمِي، دَعَّمْتُهُ بِفَمِي=في عَالمَِ الْكَلِمِ وَالفِعْلِ سَيَّانِ
نَظّفْتُ سَاحَتَها، قَرّبْتُ وَاحَتَها=وَسّعْتُ رَاحَتَها في كُلّ إِيوَانِ
أَوْلَيْتُها أَدَبي في مِثْلِ مَا لأَبِي=في الحُبِّ والرَّهَبِ مِن غَيْرِ عِصْيَانِ
أَهْدَيْتُها فَرَحِي بِالرُّغْمِ مِن تَرَحِي=في القَلْبِ كَالقُرَحِ تَدْمي بِنِيرَانِ
عَلَّمْتُها نَفَثِي؛ رُقْيَا لِذِي عَبَثِ=طُهْرًا بِلا رَفَثِ، عِلْمًا بِقُرْآنِ
ضَيَّعْتُ شَارِدَتِي، أَتْلَفْتُ وَارِدَتِي=أَهْمَلْتُ سَانِحَتِي مِن حَقِّ أَخْدَانِي
غَنّيْتُ "يَا وَجَعِي!" مِن شِدَّةِ الْوَلَعِ=أَخْبَرْتُها هَلَعِي مِن زَيْغِ خَوّانِ
ذَكّرْتُها نَغَمِي؛ إِكْسِيرَ ذِي سَقَمِ=صَارَتْ كَذِي غَنَمِ في وَجْهِ ذُؤْبَانِ
مِن بَعْدِ مَا كَبُرَتْ زَاغَتْ وَمَا ادَّكَرَتْ=قَالَتْ وقَد بَطِرَتْ:"هَذَا فَتًى جَاني"
نِعْمَ الوَكِيلُ وَحَسْبِي، أَنْتَ خَالِقنا=قَصْدِي رِضَاكَ، وَعُذْرًا، أَنْتَ دَيّاني
|
|
|
|
أخي الحبيب العالم الجليل, واستاذي الأديب الأريب الشاعر
جمال الأحمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا. سعدت جدا بالإتصال الهاتفي معكم للمرة الثانية أمس واليوم, وأشكرك على الرسالة التي أرسلتها لي
بالأحرف اللاتينية والتي تحمل عبارة الدنيا والآخرة.
ثانيا. والذي خلق السماء بلا عمد منذ بدأت بقراءة العنوان وشرعت بالبيت الأول عرفت أنك تتغنى بالأندلس
ماذا اقول لك أخي الحبيب, واستاذي الفاضل, هل نذرف الدمع, هل نندب حظنا, هل نقلب مواجعنا, هل نلعن
ونسب, ونشتم من تسببوا بضياع قلاعنا, وضحوا بابائنا, وشموخنا, وبكل ما جهدوا وجاهد من أجله
أجدادنا, لله درك على هذه الجوهرة الفريدة,
التي سبكت حروفها بقلائد الجمان, ورصعت مترادفاتها بالزمرد, وطرز طباقها, وجناسها
بالياقوت, واللؤلؤ, والمرجان.
إنها قصيدة عصماء, تستحق بجدارة الوقوف عندها طويلا, بحثا, ونقدا, للوقوف على جمالية, وبهاء
وروعة ماخطه يراعك, من نفس شعري بهي, ساحر, آخاذ.
مع خالص ودي, وفخري بكم ايها الكبير
أخوكم
ياسر طويش |
|
|
|
|
المفضلات