دخل أبو علقمة النحوي على أعين الطبيب ، فقال : أمتع الله بك ، إني أكلت من لحوم هذه الجوازم فطسئت طسأة فأصابني وجع من الوالبة إلى ذات العنق ، فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الحلب والشراسيف فهل عندك دواء ؟
قال : نعم خذ حرقفاً وسلقفاً وسرقفاً فزهزقه وزقزقه واغسله بماء روث واشربه ، فقال أبو علقمة : لم أفهم هذا ، فقال : أفهمتك كما أفهمتني
خرج الرشيد يوما متنزها وانفرد عن عسكره والفضل بن الربيع خلفه, فإذا هو بشيخ قد ركب حمارا له, فنظر إليه فإذا هو رطب العينين, فقال له الفضل: أين تريد؟ قال حائطا لي, قال هل لك أن أدلك على شيء تداوي به عينيك فتذهب هذه الرطوبة؟ قال ما أحوجني إلى ذلك, قال خذ عيدان الهواء وغبار الماء وورق الكمأة فصيره في قشر جوزة واكتحل به فإنه يذهب عنك ما تجد, قال فاتكأ على قربوسه فضرط ضرطة طويلة ثم قال تأخذ هذه أجرة لوصفتك فإن نفعتنا زدناك, فضحك الرشيد حتى كاد أن يسقط عن ظهر دابته.