بقلم الأستاذ أحمد العربي بوعبداللهنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



هل تستحق حياتك أن تخطط لها؟


كثيرا ما كان يتردد بخاطري سؤال ملح يتحول في أغلب الأحيان إلى حوار داخلي جاد ومركز وكان كثيرا ما يطاردني في جلوتي مثلما يقتحم علي خلوتي مازلت إلى حد الساعة أذكر فزعي من تقريعاته, بيد أنه يأخذ بلبِّي حينما يجيئني هاتفا هامسا متلطفا متوددا:" إلى متى - يا أحمد- تبقى سفينة حياتك تمضي إلى غير وجهة معلومة بلا بوصلة ضابطة ولا منارة هادية ولا قبلة موّجِّهة؟إلى متى تتركها عرضة لأمواج الحياة تتقاذفها ورياح الظروف تميل بها حيث مالت؟ إلى متى تضل تعمل بلا تخطيط كيفما اتفق فلا راحة ولا إنجاز؟أو ليست حياتك أمانة؟ ألا تستحق حياتك أن تخطط لها....الخ.؟".
فما إن ينتهي هذا الحوار العميق حتى أشحذ عزمي في كل مرة وأذكي إرادتي في كل كرة لكن جهلي بكيفية التخطيط للحياة قد شكل عقبة مؤقتة أمام تحويل العزم والإرادة إلى واقع عملي, لكنني ما لبثت حتى اشتريت بعض الكتب التي تعلم فنون التخطيط وإدارة الوقت فنهلت من معينها حتى ملأت إهابي منها ثم شاركت في دوارات تدريبية استفدت منها تطبيقات عملية هامة في ذات المجال. وهذا الجهد المبذول و العائد المحصول وهو "من فضل الله سبحانه ومنته أولا وأخيرا " وهو ما حفزني لمحاورتك في هذا الفن وقد أعددت لك منه روائع عملية وبدائع تطبيقية تكافئ استحقاقك وتضاهي مستواك, فأنت بالفعل قارئ هادف ومثقف مميّز وحياتك أغلى من أن تتركها تسير من غير خطة مكتوبة وموثقة.
فاقتطع لنفسك ساعة من الزمن في مكان هادئ وأحضر معك أوراقا وقلما فموضوعنا اليوم دسم بالتطبيقات غني بالتدريبات حافل بالمتعة والإثارة والاستكشاف.

التمرين الافتتاحي
أكتب الأسئلة التالية وأجب عليها بكل صدق فإن أبشع الكذب أن يكذب المرء على نفسه:
1)- لماذا أحيا (أعيش)؟ قد تقول: من أجل عبادة الله أو كسب رضاه والجنة- أقول لك جيد لكن كيف تحقق عبادتك لله سبحانه عمليا؟و لكي تفهم قصدي أقول إن ابن منظور رحمه الله قد حقق عبادته لله تعالى عندما خدم اللغة العربية و ألف قاموسه الرائع(لسان العرب) الذي ما زال بعد أربعة عشر قرنا أفضل قاموس على الإطلاق.لقد كان صاحب رسالة واضحة ومحددة فخدم العرب والإنسانية جمعاء بخدمته للغة العربية, استمع إليه في مقدمته وهو يقول: "غرضي هو تأليف كتاب يفتتن به الناس في الدنيا ويتحدث عنه أهل الجنة" أو كما قال.
فما هي رسالتك أنت-عزيزي القارئ؟ لماذا جئت إلى الدنيا. أجب بدقة وصدق وضع لنفسك بوصلة.
2)- هل أنت صادق مع الله؟هل أنت راض عن نفسك وعن إنجازاتك هل أنت سعيد بذلك؟ هل أنت صادق في تعاملك مع نفسك ومع الآخرين؟
3)- تخيل نفسك وقد فارقت الحياة ماذا تحب أن تترك خلفك من الإنجازات؟ بماذا تحب أن تلاقي الله تعالى.


التمرين الثاني

إنك تتفق معي - عزيزي القارئ- على أن المسافة بين واقعك الراهن وواقعك المأمول هي مسافة خطة.
1)- حدد واقعك الحالي على كل الأصعدة (,الروحي, العلمي, المهني, المادي, الأسري...) أين أنت الآن بالضبط؟ ضروري جدا أن تحدد بدقة وضعك الراهن.
2)- حدد مستقبلك المنشود على كل الأصعدة أيضا كما ترغب تماما وكما تشتهي حقيقة.
3)- حدد كل ما تحتاج إليه للانتقال من نقطة (1) إلى النقطة (2).
إن تحديد ما تحتاج إليه للانتقال من وضعك الحالي إلى واقعك المأمول هو ما نسميه معرفة التخطيط السليم.
لعلك الآن عرفت ما الذي عليك عمله وكيف تصل إلى ما تريد.
4)- ما هي الإجراءات الأولية التي تبدأ بها رحلة التغيير؟ كيف تعرف أنك قد حققت هدفك؟ ما هي الدلائل التي تدلك على ذلك؟.
فائدة:- لعلك استفدت من هذه التمرينين أن عملية التخطيط الشخصي هي عملية التصميم لمستقبلك وأنها تتكون من خطوات متتالية وهي:-
1)-التشخيص:- من أنا؟ وأين أنا الآن بالضبط؟.
2)-التهديف:-أين أريد أن أكون؟
3)- التنظيم:- كيف أصل إلى ما أريد؟
4)- التنفيذ:- كيف أعرف أنني قد وصلت؟
وانطلاقا من الفائدة المستفادة وعبر نفس الخطوات سنطبق تدريباتنا: وسنبدأ بأول خطوة وهي:

خطوة التشخيص
تصرف كقائد نبيل وكن صريحا وصادقا ودقيقا ومرتاحا مع نفسك و خذ كل وقتك في إجاباتك على كل الأسئلة فهذا ما ينفعها في الحياتين, استمتع بذلك فالمتعة سرّ الإبداع.

التدريب الأول:- ما الذي حققته لحد الآن؟
1)- ما هي أهم المشاريع التي حققتها في السنوات الماضية؟.
2)- ما هي الأعمال التي تستمتع بالقيام بها؟.
3)- ما هي أسعد اللحظات في حياتك؟.
4)- هل استطعت التخلص من بعض العادات السلبية؟.
5)- هل حققت أشياء إيجابية على مستوى العلاقات أو الإنجازات أو أي مستوى آخر؟.
التدريب الثاني:- ما هي مخيبات أملك؟.
1)- ما هي الإنجازات التي لم تحققها وتتمنى لو حققتها؟.
2)- ما هي أحلامك التي تمنيتها ولكنها خابت؟.
3)- هل خضت تجربة سلبية وما زلت تعاني من آثارها رغم أنها أصبحت من الماضي؟
4)- ما هي المنجزات التي أنجزتها ولكنك لم تحققها كما كنت تتوخى؟.
تذكر:- أن الصالحين يكتسبون الحكمة من إخفاقاتهم مثلما يكتسبونها من إنجازاتهم.
وأن الناجحين يتعلمون من فشلاتهم مثلما يتعلمون من نجاحاتهم.
التدريب الثالث:- ما هي الدروس التي استفدتها من إخفاقاتك ومن نجاحاتك؟.
1)- ما هي أهم المنجزات التي حققتها بحياتك؟.
2)- ما هي الأمور التي أسهمت بنجاحك؟.
3)- ما الذي كان يجعلها أكثر تميزا وأجدى نفعا؟.
4)- ما هي الدروس التي تعلمتها؟ وهل تعلمتها فعلا ما الدليل على ذلك؟.
5)- ما هو التغيير الذي تحتاج إليه؟.
6)- ما هي المهارات و الإمكانات التي تحتاج إليها للقيام بهذا التغيير؟.
7)- راجع قائمة الدروس المستفادة وكيف ستنجز بشكل مختلف؟.
التدريب الرابع:- كيف تضع نفسك في وضع الانضباط؟.
1)- كيف ينبغي أن تنظر إلى نفسك حتى تحقق النجاح في حياتك؟.
2)- ضع نفسك في قلب الهدف فذلك بداية التحول, واسأل نفسك ما هي الأشياء التي تتغير لو حققت أهدافك المستقبلية؟.
3)- كيف تتخلص من مخاوفك من شكوكك من مزعجاتك؟ فهذه قيود تكبلك وحدود تعوقك لكنك أنت من صنعتها بتفكيرك السالب,أنظر كيف كنت تضع لنفسك القيود وكم كلفك ذلك؟.
4)- ماذا كنت تقول لنفسك كي تبرر إخفاقاتك؟ هل تقول مثلا:- "قلة الإمكانيات أو كثرة الأشغال أو قلة الداعم أو غيرها من الإسقاطات السمجة .....".
5)-فكيف تغير تفكيرك إلى تفكير إيجابي بناء؟ وكيف تتحمل مسئولية نفسك؟ تخيل نفسك بمنظارك الإيجابي الجديد؟ انظر كيف يزيدك قوة ؟ وكيف يحفزك إلى الإنجاز؟ هل ستتفادى الرجوع إلى منظارك القديم؟.
التدريب الخامس:- ما هي قناعاتك وقيمك الشخصية؟
1)- ما هي اهتماماتك في الحياة؟
2)- ما هي أهم المبادئ التي تعيش وفقها؟
3)- ماهي أهم النقاط في شخصيتك, من وجهة نظرك؟
4)- كيف تستخدم هذه النقاط لتحقيق النجاح في مشاريع حياتك؟
5)- ما هي أهم نقاط الضعف في شخصيتك؟ ولماذا كانت أصلا في شخصيتك؟
6)- هل من سبيل إلى معالجتها؟ تدريب مثلا, دراسة أو غيرها؟
التدريب السادس:- من هم قدوتك؟ وما هي صفاتهم؟.
1)- من هم الأشخاص الذين يثيرون إعجابك؟ وما هي الصفات التي تعجبك فيهم؟
-أذكر شخصيات تاريخية واذكر سبب الإعجاب (صفاتهم).
-أذكر شخصيات معاصرة مع ذكر صفاتهم.
2) من هو الشخص الذي كان له أكبر الأثر في حياتك؟ لماذا كان له هذا الأثر؟.
3)- لو كانت لك موارد غير محدودة ما هي المشاريع التي كنت ستقوم بها؟
4)- لو لم يبقى من حياتك إلا ستة أشهر ما هي الأعمال التي كنت ستختار القيام بها؟.
تذكر -عزيزي القارئ- أن قيمنا وقناعاتنا لها الأثر الأكبر على صعيد حياتنا نجاحا وإخفاقا تألقا وأفولا.
و انتبه:- فما قمنا به لحد الآن يعد جراحة نفسية عميقة وتصحيح ذهني من خلال عملية التشخيص الممتعة والمفيدة بإذن الله بل لعلها تكون أمتع اللحظات وأكثرها فائدة على مسقبل حياتك كلها بعونه وتوفيقه وهو المستعان.