UN Assistance Mission for Iraq
(UNAMI)
بعثة الأمم المتحدة
لتقديم المساعدة للعراق
التقرير الخاص بحقوق الإنسان
1 تموز/يوليو – 31 آب/أغسطس 2006
ملخص
1. على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة لضمان إحترام حقوق الإنسان وإعادة إقرار سيادة القانون، تستمر إنتهاكات حقوق الإنسان في العراق، وبالأخص الحق في الحياة والكرامة الشخصية، وبمعدلات يومية مخيفة. فخلال شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس، وصل إجمالي عدد القتلى من المدنيين إلى 6,599 شخصاً (3,590 في شهر تموز/ يوليو و3,009 في شهر اب/أغسطس). وقد شهد شهر تموز/يوليو زيادة في عدد الحوادث الأمنية نتج عنها عدد غير مسبوق من القتلى المدنيين في جميع أنحاء البلاد. وعلى الرغم من إنخفاض عمليات القتل مطلع شهر آب/أغسطس، إلا أن هناك تزايداً واضحاً في عددها مع نهاية الشهر في بغداد والمحافظات الأخرى (أنظر الفقرات 12-14).
2. وتأتي إنتهاكات حقوق الإنسان نتيجة للأعمال المشتركة للجماعات المتمردة التي تستهدف قوات الأمن العراقية والقوات متعددة الجنسيات إضافة إلى أولئك الذين يعملون في الإدارة العامة أو الأعمال الحرة أو في مهن متعددة أخرى. وتستخدم الجماعات المسلحة وسائل إرهابية من أجل تصعيد حالة إنعدام الأمن والحوادث الطائفية والتي بدورها تثير حلقة مفرغة من العنف وعمليات القتل الإنتقامية مسببة حالة من إنعدام الإستقرار في عموم البلاد.
3. إن أحد الجوانب الأساسية التي تميز الوضع الحالي في العراق هو غياب السيطرة المركزية، المخولة لاستخدام القوة في البلاد مما أدى إلى نمو متزايد للميليشيات وظهور العصابات والجريمة المنظمة التي تتهم في بعض الأحيان بأنها على علاقة مع بعض القطاعات في الشرطة وقوات الأمن؛ يضاف إلى ذلك تزايد عدد الشركات الأمنية الخاصة، المحلية والدولية. وتستمر الميليشات، التي تكون لها صلة أحياناً ببعض الأحزاب السياسية والتي تشكل جزءاً من الحكومة، في العمل خارج نطاق القانون؛ وبالمثل، فإن فرق الموت والمتطرفين الدينيين والطائفيين يميلون كالميليشيات إلى ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان.
4. في الوقت الذي تتفاوت فيه أنواع إنتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب في العراق ونطاقها منذ عام 2003، تواجه الحكومة العراقية التي تم تشكيلها في شهر أيار/مايو 2006، وعلى الرغم من التزامها بحماية وتعزيز حقوق الإنسان، تدهوراً عاماً في القانون والنظام. يشكل هذا الوضع تحدياً خطيراً للمنظومة المؤسساتية في العراق. كما أن المؤسسات الوطنية لإنفاذ القانون غير كافية من حيث العدد وغير مجهزة نوعاً ٍ وتبقى بحاجة إلى المزيد من التدريب. ويستمر غياب الأنظمة الداخلية وضعف أنظمة المساءلة الداخلية في تقويض وضع حقوق الإنسان.
5. علاوة على ذلك، أدت إستجابة المؤسسات العراقية وبالتحديد القوات الأمنية، إضافة إلى العمليات العسكرية في المناطق التي يزداد فيها نشاط المتمردين بشكل أكبر، إلى إدعاءات مستمرة بإنتهاك حقوق الإنسان. وقد واصلت معظم مؤسسات الدولة والتي تعتبر جوهرية في مجال حماية الحقوق الأساسية في إتخاذ الخطوات في الإتجاه الصحيح، على الرغم من كونها غير كافية للتصدي لإنتهاكات حقوق الإنسان القديمة والحديثة بشكل سريع وفعال. ولا تزال التقارير المتعلقة بالتعذيب في المعتقلات الرسمية تلقي بثقلها بقوة فيما تستمر كذلك ممارسة الميليشيات وفرق الموت لأعمال التعذيب. وفي بعض الحالات، لم يتم بعد تنفيذ الإلتزامات التي تم التعهد بها ونتج عن ذلك أن تطوير العمل في المؤسسات المعنية بحماية والترويج لحقوق الإنسان لم يحظ بالاهتمام المطلوب. وفي الوقت ذاته، هناك تصور متنامي بامكانية الإفلات من العقاب فيما يخص جرائم الماضي والحاضر مما يهدد بتقويض أكبر لسيادة القانون.
6. إن العنف منظماً كان أم عشوائياً، يشكل الإطار السائد للحياة اليومية في العراق في ظل انعدام القانون والنظام وضعف التنمية الإجتماعية والإقتصادية الحقيقية. وقد كشفت عمليات الإختطاف التي تقوم بها العصابات الإجرامية عن بعد طائفي. (أنظر الفقرات 36-40). وقد وثقت التقارير السابقة الصادرة عن مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، أثر العنف على العامة والأطفال وأصحاب الكفاءات والمهنيين والفئات المستضعفة في المجتمع كالمهجرين. وتذكر التقارير أن النساء يقعن وبشكل متزايد ضحايا لما يسمى "جرائم الشرف" (الفقرات 41-49)، كما أن حرية التعبير عن الرأي أصبحت مهددة هي الأخرى جرّاء الترهيب وإستهداف الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام والهجمات التي تتعرض لها وسائل الإعلام الإخبارية (الفقرات 29-35). ويشعر أفراد الأقليات العرقية والدينية واللغوية في العراق بأن هويتهم بل وجودهم بحد ذاته يتعرضان للتهديد.
7. لا تزال التنقلات المتزايدة للسكان بحثاً عن الأمن تشكل ضغطاً على موارد السلطات المركزية والمحلية وقدراتها كما أنها تزيد من حالة الضعف التي يعاني منها هؤلاء السكان. ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، أنه ومنذ تدمير مرقد الإمام العسكري في سامراء في شهر شباط/ فبراير 2006، هُجر ما يقارب 300,000 شخص في العراق (الفقرات 56-57).
8. وقد استمرت الجهود من أجل ضمان عدم حرمان الأفراد من حريتهم أواعتقالهم دون أمر قضائي كما تم تحويل أعداد كبيرة من المعتقلين إلى الحجز القانوني تحت اشراف وزارة العدل. وخلال الفترة التي يغطيها التقرير، بلغ عدد المعتقلين 35,542 ، مشكلاً ارتفاعاً إجمالياً في عدد المعتقلين مقارنة بالفترة التي غطاها التقرير السابق والخاص بشهري أيار/مايو- حزيران/يونيو. كما بدأ القضاء بتنفيذ خطة لزيادة عدد القضاة في حين تدرس وزارة الداخلية فكرة تأسيس مركز للأخلاقيات وحقوق الإنسان. (المزيد عن المعتقلين في الفقرات 58-63).
9. لا يمكن إحراز تقدم ملموس ما لم تبذل محاولات فعالة لتعزيز أداء الجهاز القضائي في البلاد وإنفاذه للقانون والتي بدورها تؤدي إلى تحقيق التقدم في مجال الإصلاح القانوني والمؤسساتي. ولا بد أن تتضمن مثل هذه الجهود معالجة المظالم الأساسية ومكافحة الإفلات من العقاب فيما يخص جرائم الماضي والحاضر. إن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات سياسية حاسمة للتعاطي إيجابياً مع المخاوف المشروعة للناس والشكاوى المتنافسة، من أجل إيجاد حل فعال لهذه المشاكل.
10. إن العنف الذي يطال العراق، والذي يشكل تحدياً للنسيج الاجتماعي بأكمله، يتأجج أكثر نتيجة الإرث المتمثل في الإفلات من العقاب فيما يخص إنتهاكات حقوق الإنسان التي جرت في الماضي والذي يعتبر بدوره مسؤولاً عن إثارة مشاعر الإنتقام والمزيد من العنف. كما أن عدم قدرة مؤسسات الدولة على تقديم مرتكبي إنتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة وتوفير الحماية اللازمة للمواطنين العاديين، مما ينتج عنه لجوء هؤلاء إلى طرقهم الخاصة من أجل تحقيق العدالة، يمثل خطراً يهدد بتقسيم المجتمع العراقي إلى أقطاب متنافرة. قد يؤدي هذا الوضع إلى خلق حالة من المواجهات الطائفية التي تتحول إلى نمط يهدف إلى التعزيز الذاتي لكل طائفة. ومن أجل تنفيذ خطة المصالحة الوطنية لشهر يونيو/حزيران 2006، ستحتاج الحكومة العراقية إلى التعاطي وبشكل فعال مع انتهاكات حقوق الإنسان القديمة منها والحالية. ومن أجل دعم هذه الأهداف، بادر مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بتنفيذ برنامج حول العدالة الإنتقالية في العراق.
11. ولا تزال عملية مراقبة وضع حقوق الإنسان في العراق مشوبة بالتحديات، خاصة بسبب الوضع الأمني الذي يجعل من الصعب التحقق من الإدعاءات التي يتم تسلمها بشكل مستقل. وعلى أية حال، فإن الروايات الفردية التي تتلقاها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، إضافة إلى المعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال السلطات المعنية، والتقارير التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان المحلية والشركات الأمنية الخاصة والصحافة، توفر مؤشرات إضافية لأنماط واضحة في هذا الشان.
حماية حقوق الإنسان
الإعدام خارج نطاق القانون والقتل العمد والعشوائي:
12. وفقاً للمعلومات التي وفرتها وزارة الصحة ومعهد الطب العدلي في بغداد، فقد وصل عدد القتلى من المدنيين جراء أعمال العنف في جميع أرجاء البلاد حداً غير مسبوقاً. حيث بلغ العدد 3,590 قتيلاً في شهر تموز/يوليو (من بينهم 183 إمرأة و23 طفلا) و3,009 قتيلاً في شهر آب/أغسطس (من بينهم 194 إمرأة و 24 طفلا) . ووصل عدد الجرحي الي 3,793 في شهر تموز / يوليو من بينهم 234 إمراة و 72 طفلاً، بينما بلغ العدد 4,309 في شهر آب / أغسطس من بينهم 256 إمراة و 90 طفلاً. ذكرت التقارير الصادرة عن معهد الطب العدلي في بغداد أن عدد الجثث التي تم جلبها إلى المعهد وصل إلى 1,855 جثة في شهر تموز/يوليو و1,536 جثة في شهر آب/أغسطس 2006؛ حيث أن الأغلبية الساحقة من القتلى لقوا مصرعهم إثر جروح أصيبوا بها جراء إطلاق نار (1,417 في شهر تموز/يوليو و 1,091 في شهر آب/أغسطس). و قد يعزى الإنخفاض في عدد القتلى، وأغلبهم من ضحايا العنف الذين لم يتم التعرف عليهم والذين تم جمعهم من شوارع بغداد، إلى التحسن النسبي في الوضع الأمني نتيجة لتنفيذ "عملية معاً إلى الأمام" في أحياء محددة من العاصمة. (أنظر الفقرة 23).
13. كما وصل إجمالي عدد القتلى في بغداد خلال شهري تموز/يوليو وآب/ أغسطس، إلى 5,106 قتيلا يشمل هذا العدد حصيلة القتلى في شهر يوليو/تموز البالغة 2884ً.
عدد المدنيين العراقيين الذين قتلوا جراء العنف (بإستثناء إقليم كردستان)
تموز/يوليو 2006 آب/أغسطس 2006 إجمالي عدد القتلى
عدد القتلى حسب تقارير وزارة الصحة (مستشفيات بغداد وبقية أنحاء البلاد) 1,735
(56 إمرأة)
(23 طفلاً) 1,473
(56 إمرأة)
(24 طفلاً) 3,208
عدد الجثث التي تم جلبها إلى معهد الطب العدلي في بغداد 1,855
(127 إمرأة) 1,536
(129 إمرأة) 3,391
مجموع القتلى 3,590 3,009 6,599
عدد الجرحى في العراق (بإستثناء إقليم كردستان)
تموز/يوليو 2006 آب/أغسطس 2006 إجمالي عدد الجرحى
3,487
(234 إمرأة)
(72 طفلاً) 3,963
(256 إمرأة)
(90 طفلاً) 7,450
14. وقد إستمرت عمليات القتل العشوائي ضد المدنيين في كافة أنحاء البلاد في الوقت الذي بدت آثار التعذيب الشديد وأساليب القتل بالإعدام على مئات الجثث. وتقوم فرق الموت أو الجماعات المسلحة بتنفيذ عمليات القتل هذه بما تنطوي عليه من دلالات طائفية وإنتقامية. كما حدثت أيضاً عمليات قتل عشوائي طالت البائعين المتجولين أو عمال التنظيف.
15. وقد تم إستهداف أعضاء الشرطة والمجندين بشكل خاص أمام مراكز التجنيد الخاصة بالشرطة والجيش أو أمام المطاعم الإعتيادية التي يرتادونها والتي غالباً ما تؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين.
16. كما حصل إرتفاع في عدد الهجمات الطائفية والإنتقامية خلال شهر تموز/يوليو. ففي 9 تموز/يوليو، ذكرت التقارير قيام عصابات من المسلحين بحملة مسعورة حصدوا خلالها أرواح 40 سنياً على الأقل في حي الجهاد بعد التأكد من إنتماءات الضحايا الدينية من خلال هوياتهم في نقاط تفتيش مؤقتة. كما ذكرت التقارير أن الميليشيات قامت بإقتحام المنازل وقتل سكانها. ويزعم أن هذا الهجوم جاء رداً علي هجوم سابق في 8 تموز/يوليو ضد أحد الجوامع الشيعية في المنطقة والذي أدى إلى مقتل 19 شخصاً، بضمنهم 3 أطفال، وجرح 59 آخرين حسب ما ذكرت التقارير. وعلى الرغم من أن السكان ألقوا باللائمة على جيش المهدي في عمليات قتل السنّة هذه، إلا أن مسؤول هذه الجماعة، السيد مقتدى الصدر، قد نفى أي تورط لجماعته في هذه الهجمات. تلى ذلك، إنفجار سيارتين مفخختين في 9 تموز/يوليو، قرب أحد الجوامع الشيعية في منطقة الكسرة، أحد الأحياء المختلطة شمال شرق بغداد.
17. وفي 12 تموز/يوليو، قام مسلحون مجهولون بالهجوم على محطة للحافلات في المقدادية، حيث قاموا بعزل الرجال السنّة عن الشيعة الذين تم أخذهم إلى قرية بالور المجاورة حيث قاموا يتقييد أيدي 24 منهم وعصب أعينهم وإطلاق الرصاص عليهم في الرأس. وفي 13 تموز/يوليو لقي ثلاثة من عمال النظافة في الشوارع مصرعهم عند إنفجار عبوة ناسفة شرق بغداد. وفي 16 تموز/يوليو، أدى تقجير إنتحاري في أحد المقاهي في طوز خورماتو، قرب كركوك، إلى مقتل 28 شخصاً. وفي 17 تموز/يوليو، قُتل 48 شخصاً على الأقل، بمن فيهم نساء وأطفال، وجُرح 46 آخرون في إعتداء منسق شمل تفجير سيارتين مفخختين، وإطلاق عدد من قذائف الهاون والعيارات النارية من قبل بعض الأفراد في أحد الأسواق المكتظة في المحمودية. وفي 23 تموز/يوليو، أدى هجوم إرهابي نُفذ وسط حشد من العمال الذين يعملون بأجور يومية، قرب مركز للشرطة في منطقة جميلة التابعة لمدينة الصدر إلى مقتل 34 شخصاً على الأقل. وفي وقت لاحق من نفس اليوم، إنفجرت قنبلة أخرى في نفس المنطقة أدت إلى مقتل ثمانية أشخاص آخرين.
18. وتشكل الهجمات الإرهابية على الأسواق والمساجد وعمليات القتل ضد زوار العتبات المقدسة أفعالاً مقيتة بشكل خاص. فخلال الفترة التي يغطيها التقرير، كان ما لايقل عن عشرة مساجد يرتادها السنّة والشيعة هدفاً لإنفجار أو هجوم مما أدى إلى مقتل وجرح العديد من المواطنين. وفي 6 تموز/يوليو، لقي 12 شخصاً مصرعهم وجُرح 41 شخصاً عندما إستهدفت إحدى السيارات المفخخة الزوار الشيعة القادمين من إيران لزيارة مرقد ميثم التمّار في الكوفة، قرب مدينة النجف الأشرف. وفي 11 تموز/يوليو، قام مسلحون بقتل 10 أشخاص على الأقل من الشيعة في بغداد كانوا يستقلون أحد الحافلات الصغيرة التي تحمل نعشاً لغرض دفنه في النجف. كما تم قتل إثنان من زوّار العتبات المقدسة في 13 تموز/يوليو في منطقة الدورة في بغداد عندما كانوا في طريقهم إلى النجف. وفي 13 تموز/يوليو أيضاً قام مسلحون بإطلاق النار على إحدى السيارات في بغداد والمتوجهة إلى النجف لحضور جنازة مما أدى إلى قتل أحد الأشخاص وجرح آخر. وعلى الرغم من الحظر الذي فرضته الحكومة على حركة المركبات في بغداد كجزء من الخطة الأمنية المتعلقة بإحتفال الشيعة الذي يشمل زيارة ضريح الإمام موسى الكاظم في 19 و20 آب/أغسطس، قُتل 20 شخصاً على الأقل وجُرح 300 آخرون عندما هاجمت جماعات مسلحة الزوار الذين توجهوا مشياً على الأقدام إلى الضريح.
19. تهدف الهجمات الإرهابية إلى إلحاق الموت والأذى بالمدنيين في مناطق التجمعات العامة كالأسواق ومناطق التسوق ومحطات تعبئة الوقود. فقد حصلت عدة حوادث في يوم 10 تموز/يوليو، حيث قُتل إثنا عشر شخصاً وجُرح العديد في إنفجار قنبلة في مدينة الصدر، تبعها إنفجار سيارة مفخخة وسط الحشد الذي تجمّع قرب موقع الإنفجار الأول. كما أدى إنفجار آخر في سوق الشورجة (وسط بغداد) إلى قتل ثلاثة أشخاص وجرح 18 آخرين. وقد قام مسلحون مجهولون بالهجوم على حافلة لنقل الركاب وقتل سبعة أشخاص، بضمنهم إمرأة واحدة، قبل إشعال النيران في الحافلة في منطقة العامرية، أحد الأحياء التي يسيطر عليها السنّة غرب بغداد. علاوة على ذلك، ذكرت التقارير حصول تبادل لإطلاق النار بين الميليشيات الشيعية والمتمردين في منطقة الدورة في بغداد. كما أدى إنفجار قنبلة أخرى خارج أحد المطاعم في شارع الرشيد وسط بغداد إلى مقتل ستة أشخاص وجرح 28 آخرين، فيما أدى هجوم بالقنابل على إحدى محطات الغاز في المحمودية إلى جرح 10 أشخاص. وفي 31 آب/أغسطس، أدى إنفجار إستهدف سوق الشورجة مرة أخرى إلى مقتل 24 وجرح 35 شخصاً. وفي وقت سابق من نفس اليوم ، أدى انفجار قنبلة مخبأة في دراجة هوائية في أحد مراكز التجنيد التابعة للجيش في الحلة إلى مقتل 12 شخصاً من المتقدمين للتعيين.
20. ويستمر تنفيذ أحكام الإعدام خارج نطاق القانون ضد الأعضاء السابقين في القوات المسلحة أو ممن كانوا مرتبطين بالنظام السابق بالاضافة إلى أعضاء من الإدارة العامة والأحزاب السياسية. ففي 10 تموز / يوليو، تم اغتيال اللواء صالح محمد صالح وهو ضابط ومسؤول سابق في جيشِ صدام حسين في عملية اطلاق نار في البصرة. وقد استلم مكتب حقوق الانسان في بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق ومنذ سقوط النظام السابق، العديد من التقارير حول قتل اعضاء من قوات سلاح الجو. وفي 10 تموز/ يوليو، قٌتل السيد عدنان اسكندر المهداوي، عضو المجلس البلدي في ديالى أثناء تواجده في سامراء، وجرح اثنان من حراسه في عملية اطلاق نار من سيارة. في نفس اليوم قُتل مسئول في الحزب الاسلامي العراقي واثنين من حراسه من قبل مسلحين مجهولين. وفي 16 تموز / يوليو، قتل فارس عبد اللطيف ،عضو سابق في حزب البعث، مع ابنه في سوق بالمقدادية ولقيت امرأة مصرعها في نفس الهجوم. وفي 31 اب/ أغسطس، تم اغتيال الفريق وجيه ضرار حنيفش، القائد السابق لقاعدة الحبانية الجوية في مدينة الرمادي.
21. ولا تزال حدة التوتر مرتفعة أيضاًً في مدينة كركوك ذات التعددية العرقية. ففي 10 تموز / يوليو قُتل خمسة اشخاص وجرح اثنا عشر اخرين عندما انفجرت قنبلة كانت قد زرعت بشاحنة في محاولة فاشلة لاستهداف أحد مكاتب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه جلال طالباني. وفي 27 اب / أغسطس قتل على الأقل ثلاثة أشخاص و جرح ثلاثة وخمسون اخرون في سلسلة انفجارات لسيارات مفخخة. كما قتل أربعة مدنيين أكراد نتيجة اطلاق نار عشوائي من سيارة في منطقة الرشاد جنوب كركوك. وفي 11 اب / أغسطس، استهدفت عدة هجمات أيضًا مكاتب الاتحاد الوطني الكردستاني في البصرة والكوت وكربلاء والناصرية، بعد أن انتقدت صحيفة كردستان الرسمية رجل الدين الشيعي اية الله محمد اليعقوبي، متهمة إياه بإشاعة التوتر بين العرب الشيعة والأكراد في كركوك.
22. في 17 تموز / يوليو، أقدم مسلحون مجهولون على قتل اللواء فخري عبد الحسن علي، رئيس الدائرة القانونية في وزارة الداخلية، رمياً بالرصاص عندما كان يهم بمغادرة منزله في المنصور. اللواء فخري كان يمثل وزارة الداخلية ضمن اجتماعات "مجموعة العمل القطاعية حول سيادة القانون" والتي يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى، وتتم بتنسيق وتيسير مكتب حقوق الإنسان في بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق. وفي 20 تموز/ يوليو، قتل عشرة من أصحاب المحال التجارية والباعة المتجولين أثناء إطلاق النار عليهم من سيارة في شارع الرابع عشر من يوليو في منطقة المنصور في بغداد. ونتيجة لذلك تم اغلاق معظم المحلات التجارية في تلك المنطقة المزدحمة والمأهولة تخوفاً من وقوع المزيد من أعمال القتل. هذا وقد تم في الفترة التي يغطيها التقرير استهداف بعض زعماء العشائر وثلاثة من المترجمين العاملين في السفارة الامريكية وضباط في الشرطة.
23. أقدمت الحكومة العراقية في منتصف تموز / يوليو، على اطلاق "عملية إلى الأمام معاً" في محاولة منها لاستئصال العنف في العاصمة. في 25 يوليو/تموز، قامت الحكومة بتمديد "حالة الطوارى" الى ثلاثين يوماً إضافياً. وفي أوائل أب/ أغسطس، تم تركيز وتجميع ما يقارب الإثني عشر ألف جندي، من القوات العراقية والقوات متعددة الجنسيات، في بعض الأحياء التي كانت قد شهدت حالات عديدة من انعدام الأمن مثل الدورة والكاظمية والاعظمية والمنصور. وقد نتج عن العملية، والتي شملت التدخلات المركزة ومنع تجوال السيارات في مناطق معينة وعمليات تفتيش للبيوت السكنية، انخفاضاً في عدد الحوادث الامنية مما أدي إلي انخفاض في أعداد الضحايا في العاصمة. وقد طرأ تحسن في الثقة التي شعر بها السكان المحليين الا انه تم التعبير عن القلق فيما اذا سيستمر استقرار الأوضاع الأمنية بعد رحيل قوات الجيش وإحلال الشرطة العراقية مكانها في المنطقة.
24. ويعتبر هجوم 31 اب /اغسطس، من أكثر الهجمات دموية، حيث قتل فيه على الأقل ستة وأربعون شخصاً ومئتان وستة وثمانون اخرين في سلسلة تفجيرات متزامنة في أحياء بغداد الشرقية ذات الغالبية الشيعية. وقد استخدمت بالهجوم متفجرات زرعت في مبان ومحلات تجارية تم استئجارها بضعة أيام قبل الهجوم وسيارة مفخخة مركونة في سوق تجاري وعدد من قذائف الهاون والصواريخ تم تفجيرها بشكل متزامن وأدت الى مصرع هذا العدد من الوفيات وإلحاق الدمار بالممتلكات والمساكن في الأحياء الشيعية.
استهداف المهنيين وأصحاب الاختصاصات
المحامون والقضاة
25. ويستمر استهداف القضاة والمحامين نظراً لطبيعة عملهم. إن مثل هذا العنف الذي يمارس بحق القضاة يعتبر خطيراً خصوصا في ظل النقص الشديد في أعداد العاملين في هذا المجال في كافة أنحاء البلاد. ويؤدي مثل هذا العنف ايضا الى تقويض عملية ارساء سيادة القانون في البلاد. ففي فترة اعداد هذا التقرير لقي ثلاثة قضاة مصرعهم، واختطفت قاضية ونجى اثنان اخران ورحل قاض اخر من منطقته بعدما تلقى تهديدات بالقتل. في الفترة ذاتها قتل ما لا يقل عن سبعة من القضاة.
26. كما تم استهداف المحاكم والمسؤولين رفيعو المستوى في وزارة العدل. ففي 23 تموز/ يوليو انفجرت سيارة مفخخة امام محكمة استئناف كركوك مما أدى إلى مصرع ستة وعشرون شخصاً، وكان من بين الضحايا محام، و جرح مئة اخرين. في 24 آب/ أغسطس قُتل اربعة اشخاص وجرح ثماني اخرين في تفجير انتحاري خارج محكمة موصل العدلية في الموصل حيث كانت حصيلة معظم الضحايا من رجال الشرطة. في 30 اب/ اغسطس، أقدم مسلحون مجهولون على قتل الانسة ناديا محمد حسن، مدير عام كاتب العدل العام في وزارة العدل، وسائقها وحارسين شخصيين لها في بغداد.
27. ونتيجة لهذه الأوضاع الأمنية فقد أصبح العديد من المحامين غير غادرين على ممارسة عملهم بحرية أو المشاركة في قضايا قد تعرض حياتهم للخطر. ويتضح أن المحامين باتوا يترددون بقبول العمل في قضايا تتعلق بالشؤون العائلية مثل جرائم الشرف والإرث والوصاية على الأبناء بعد الطلاق لخوفهم من الاستهداف من قبل جماعات متعصبة أو متطرفة في المجتمع. وقد أشارت التقارير إلى أن النساء هنَ الأكثر تاثراً نتيجة هذه الأوضاع. وفي 29 تموز/ يوليو ،2006 تم قتل المحامي صلاح عبد القادر، المعروف بتعامله مع قضايا "جرائم الشرف" والوصاية على الأطفال، داخل مكتبه في بغداد. وأفادت عائلته أنها وجدت ورقة بالقرب من جثته كتب عليها: "هذا هو الثمن الذي سيدفعه كل من لا يتبع تعاليم الإسلام ومن يدافع عن كل ما هو قذر وسيء". وتشير التقارير أن ما لا يقل عن مئة وعشرون محاميًاً غادروا البلاد منذ كانون ثاني/ يناير 2006.
28. افادت نقابة المحامين في السليمانية أن قوات الأمن اعتقلت محامياً في بكرجاو في 18 آب /أغسطس، على خلفية مشاركته في مظاهرة ضد حكومة إقليم كردستان وأطلق سراحه بعد يومين بقرار من قاضي التحقيق.
الصحفيون
29. ويستمر قلق بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق بشأن التهديدات المستمرة لحرية التعبير عن الرأي في البلاد نتيجة للاستهداف المستمر للصحفيين ووكالات الأنباء. وطبقاً للمعلومات الواردة من منظمات عالمية تراقب حرية التعبير في العراق، يتراوح عدد الصحفيين والعاملين في مجال الاعلام الذين قتلوا منذ اذار/ مارس 2003، بين 100 – 134 شخص ينتمون إلى تجمعات مختلفة من كافة أنحاء العراق.
30. تم العثور علي جثة الصحفي العراقي عبد الوهاب عبد الرزاق أحمد القيسي ، رئيس تحرير مجلة "كل الدنيا" في 31 تموز/ يوليو، بعد عشرة أيام من قيام عناصر ملثمة من الميليشيات باختطافه في حي بغداد الجديدة. وفي نفس اليوم، قتل محمد عباس محمد، محرر في جريدة "البينة الجديدة" رمياً بالرصاص إثر خروجه من منزله في بغداد الغربية. كما عثرت قوات الشرطة العراقية في اليوم ذاته على جثة الصحفي المستقل اسماعيل أمين علي، وهو كاتب معروف جداً فى صحيفتي "الصباح" و"القرار"، في مدينة الصدر في شرقي بغداد.
31. بدأت في شهر آب / أغسطس، محاكمة ثلاثة صحفيين في محكمة الكرّادة الجنائية بعدة تهم استناداً الي المادة 226 من القانون الجنائي العراقي، وتشمل تهماً بتشويه السمعة والافتراء على قوات الشرطة ووبعض الشخصيات القضائية في 3 مقالات نشرتها جريدة "صدى واسط" حيث يعمل الصحفيون الثلاثة، في 2004. وأفادت تقارير بأن إحدى المقالات انتقدت محافظ واسط بالتحديد بينما انتقدت المقالتان الأخريان النظام القضائي العراقي وقوات الشرطة في المحافظة، بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان الأساسية. وقد أكد مكتب محافظ البصرة من جهته لمكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، بأن سلطات المدينة ستقاضي أي صحفي يقوم بنشر "صورة خاطئة عن الوضع الأمني في البصرة عبر وسائل الاعلام".
32. أفادت رابطة الصحفيين العراقيين أن قوات تابعة لوزارة الداخلية قامت بالاعتداء بالضرب علي صحفي يعمل في قناة الحرة الفضائية يدعي علي الياسي في الأول من أب / أغسطس. و في نفس اليوم، تم العثور على جثة عادل ناجي المنصوري، صحفي يعمل في قناة "العالم" الفضائية الايرانية وذلك بعد يوم واحد من قيام مسلحين باختطافه من بيته في منطقة العامرية في بغداد. إضافة إلى ذلك، تم اختطاف رياض محمد علي عطو، محرر صحيفة "تل عفر اليوم" الأسبوعية في تل عفر، في 20 تموز/يوليو في الموصل وتم العثور على جثته في 1 آب/أغسطس. كما عُثر على جثة اياد ناصف الموسوي في منتصف شهر آب / اغسطس في شارع فلسطين بالقرب من المكان الذي اختطف منه في أواسط شهر تموز/ يوليو الماضي. و في 16 آب/أغسطس، قامت جماعة مسلحة باختطاف سيف عبد الجبار التميمي في غرب بغداد. وكان السيد التميمي يعمل في جريدة "الإخاء" التابعة للحزب الوطني العراقي التركماني في العراق.
33. أعلنت رابطة الصحفيين العراقيين عن محاولة اغتيال لكل من نائب رئيس الرابطة السيد جبار طراد الشمري والرئيس الأسبق للرابطة، السيد عبد الله اللامي، في 29 آب / أغسطس. إضافة إلى ذلك، وفي 27 آب / أغسطس، انفجرت سيارة مفخخة في بغداد خارج مكاتب جريدة "الصباح" التابعة للدولة مما أدّى الى مقتل شخصين وجرح 25 آخرين وهذا هو الهجوم الثاني الذي يستهدف جريدة الصباح خلال الأشهر العشرة الماضية. وفي نفس اليوم استهدف انفجار آخر فندق فلسطين والذي يعتبر مقراً للكثير من وكالات الأنباء والصحفيين الأجانب، وأسفر الانفجار عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 10 آخرين. وكان فندق فلسطين قد استُهدف في تشرين الأول / اأكتوبر 2005، حيث أصيب تسعة صحفيين وعاملين في مجال الإعلام بإصابات بالغة.
34. لقد فر عدد كبير من الصحفيين من البلاد بعد أن تم تهديدهم أو تعرضهم لمحاولات اغتيال. و قد طالبت العديد من منظمات حقوق الانسان العراقية باجراء التحقيقات في جميع قضايا التهديد والإعتداء على الصحفيين وأن تقوم الحكومة بتوفير الحماية لهم. و أعلن نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية، الدكتور سلام الزوبعي، في منتصف شهر آب / أغسطس بأن مكتبه سيتبنى اقتراح ينص على انشاء قوة حماية من أجل حماية المنظمات والعاملين في مجال الإعلام.
35. ويعبر مكتب حقوق الانسان في "يونامي" عن قلقه فيما يخص حرية التعبير عن الرأي في إقليم كردستان خاصة بعد قيام قوات الشرطة باعتقال ما لا يقل عن سبعة صحفيين أثناء قيامهم بتغطية مظاهرات نُظمت ضد حكومة إقليم كردستان في محافظة السليمانية وذلك بتاريخ 13 آب / أغسطس. و قد تم اطلاق سراح الصحفيين لاحقا بكفالة مالية (انظر الفقرات 84-85).
التخويف والتهديد و الاختطاف
36. لا تزال عمليات التخويف والتهديد والاختطاف من أجل الفدية تؤثر على حياة العراقيين العاديين ولمثل هذه الحوادث دلالات طائفية. فلا تزال العصابات الإجرامية تقوم بالكثير من أعمال الاختطاف وترتدي أحياناً زي الشرطة أو القوات الخاصة. أما بالنسبة لضحايا الاختطاف، فإما يتم الافراج عنهم أو يختفون يتحدد ذلك وفقاً لانتماءاتهم الطائفية. و قد ذكرت بعض التقارير أنه في بعض الحالات يتم بيع الضحايا إلى عصابات أخرى. ولا توجد احصائيات دقيقة فيما يختص بحالات الاختطاف، حيث لا يطلب ذوي الضحايا مساعدة الشرطة أو القضاء بل يتجهون الى زعماء المليشيات أو العشائر الذين قد يتمتعون بقدر من التأثير والسلطة في هذه المناطق للتدخل لحل المشكلة. وهنالك ادعاءات لم يتم التأكد من صحتها بعد بأن العديد من الأشخاص المفقودين محجوزون في مراكز توقيف غير قانونية تديرها فرق الموت. وفي معظم الحالات لا يرد لعائلات الضحايا أية معلومات عنهم بعد غيابهم. وقد أفاد العديد من السكان بأنهم استلموا رسائل تهديد يُطالَبون فيها بترك منازلهم وبأن لا يقوموا ببيع أو ايجار ما يتركونه من أملاك إثر رحيلهم مما يزيد من صعوبة وضع للعائلات المهَجرة. وقد تلقى مكتب حقوق الإنسان في "يونامي" تقارير تدل على أن العديد من هذه المنازل المهجورة قد تم الاستيلاء عليها من قبل المليشيات.
37. في 13 تموز / يوليو، قتل السيد محمد كريم عبد الصاحب، مدرب الفريق الوطني العراقي للمصارعة، في حي الأعظمية في بغداد. وفي يوم 15 تموز / يوليو، قامت جماعة مسلحة ترتدي زي الشرطة باختطاف رئيس اللجنة الاولمبية السيد عمّار جبّار السعدي ومعه على الأقل 12 شخصا آخرين بما فيهم نائب رئيس اللجنة الاولمبية ورئيس إتحاد "التايكواندو"، السيد جمال عبدالكريم، وكذلك رئيس إتحاد الملاكمة، السيد بشار مصطفى. وقد تم الإفراج لاحقاً عن بعض المُختطفين إلا أنه لم يُعرف حتى الآن مصير السيد عمّار جبّار السعدي. ومن اللافت للنظر أنه في الكثير من حالات الإختطاف مقابل فدية، لا يتم بالضرورة الإفراج عن الضحايا بالرغم من إستعداد عائلاتهم لدفع الفدية. وبعد ان إختفى السيد محمد إبراهيم بساعات، في 6 آب / أغسطس، اتصل الخاطفون بأهل الضحية مستخدمين "الهاتف النقال" الخاص بالضحية وطالبوا بفدية. واستمرت المفاوضات بين أهل الضحية والمختطفين ولكن في 7 آب / أغسطس، طالب المختطفون من أسرة الضحية إخلاء منزلهم والانتقال الي منطقة اخرى. وانقطع الاتصال مع الخاطفين في 8 آب / أغسطس، ولا يزال مصير محمد إبراهيم مجهولاً. و في 31 تموز / يوليو، اختطف مسلحون مجهولون 26 شخصاً في شارع للتسوّق في منطقة العرصات وسط بغداد. وكان من بين المختطفين رئيس غرفة التجارة العراقية الأميركية، وهي منظمة مستقلة لها علاقة بالحكومة الأميركية، ومعه 10 أشخاص آخرين من طاقم المنظمة بالإضافة الى 15 موظف يعملون في شركة للهاتف المحمول. وذكرت التقارير بأن المختطفين كانوا يرتدون زي الشرطة ويستقلون 15 سيارة تابعة للشرطة ولا تحمل لوحات تسجيل وغادروا بعد أن قاموا بفصل النساء عن الرجال ومن ثم قاموا بعصب عيون الرجال وكبّلوا أيديهم وأخذوهم الى مكان مجهول.
38. تلقى مكتب حقوق الإنسان في "يونامي" تقارير وروايات من أفراد تفيد بأن المسافرين على الطرق الرئيسة من وإلى الحدود العراقية الغربية غالباً ما يُسألون عن انتمائهم الديني وذلك من قبل جماعات مسلحة تتصرف بحصانة. ففي الأول من آب / أغسطس، اختطفت جماعة مسلحة مجهولة الهوية، 45 مدنياً من النجف وأقتادتهم إلى منطقة غير معروفة. وفي 6 آب / أغسطس، اختُطف 8 موظفين من شركة ناصر التابعة لوزارة الصناعة أثناء سفرهم في حافلة صغيرة وقد تم إطلاق سراح سائق الباص في وقت لاحق وتم العثور على جثة أحد الأشخاص. وفي 13 آب / أغسطس، قام مسلحون باقتياد السيد خالد عبد الله و 5 آخرون من سائقي الشاحنات وتعذيبهم بشدة أثناء توقفهم عند مطعم بالقرب من الرطبة لدى عودتهم من الحدود السورية إلى بغداد. وقد تم إطلاق سراح 3 من السائقين بينما لا يزال مصير خالد عبد الله و2 من رفاقه وشاحناتهم مجهولاً. وتفيد التقارير بأنه وحتى نهاية شهر آب / أغسطس، تم اختفاء 25 سائق شاحنة وشاحناتهم بينما كانوا يمرون من نفس الطريق.
39. أفادت مجموعات الإغاثة المحلية والتي تعتبر في بعض الأحيان المصدر الوحيد لمساعدة العدد المتنامي من الأشخاص المهجرين، بأنها تلقت تهديدات بسبب مساعدتها الأسر المهجرة ذات الانتماءات الدينية المختلفة. ويعيق العنف تقديم المساعدة في مناطق مثل الأنبار وبغداد. فقد تم توزيع تهديداً مطبوعاً على وكالات الإغاثة في كركوك في نهاية شهر آب / أغسطس، متهماً سبعة من هذه المنظمات التي تتخذ دولاً أجنبية مقرًا لها، بالعمل لمصلحة دولة أجنبية وضد مصلحة العراق.
40. نجى السيد حسين الإبراهيمي وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان من محاولة إغتيال في 25 تموز / يوليو، عندما أطلق مجهولون النار عليه عند وصوله إلى منزله في مدينة كربلاء. و كان السيد الإبراهيمي قد استلم رسائل تهديد في أيار / مايو ،2006 يُتهم فيها بأنه "جاسوس" للولايات المتحدة الأميركية وبأنه يسهل الأمور "لقوات الإحتلال" من خلال تدريسه لنشاطات حقوق الإنسان.
وضع المرأة
41. لا تزال المرأة في العراق تعاني من تبعات الوضع المتأزم من النواحي الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. يؤدي ذلك إلى جعلها عرضة للكثير من المخاطر والمزيد من التهميش. وكما سبق أن ذُكر، فإن الوضع الأمني المتدهور وتسلُح الجماعات المتشددة، تحد بشكل متزايد من قدرة النساء على التحرك بحرية خارج بيوتهن ومن الوصول الى الخدمات الصحية ومتابعة الدراسة والمشاركة في الحياة العامة.
42. وقد استلم مكتب حقوق الإنسان في "يونامي" تقارير تفيد بأن هناك تزايد في عدد النساء اللواتي يتعرضن بشكل متزايد لتهديد حياتهن وكرامتهن الجسدية اذا ما اتهمن أو تم الشك بأنهن قمن بارتكاب أفعال قد تمس "بشرف عائلاتهن". ومع أن ما يسمى ب "جرائم الشرف" ليست بالظاهرة الجديدة في العراق، فإن انهيار القانون والنظام يزيد من خطر ازدياد هذه الظاهرة وتعزيز ثقافة أخذ الناس لزمام الأمور بأيديهم دون اللجوء إلى القانون. و في الوقت الذي يصعب فيه الحصول على إحصائيات دقيقة تشمل جميع أنحاء العراق، فإن من المعروف أن ظاهرة "جرائم الشرف" عادة ما تستهدف النساء وإن كانت غير مقتصرة عليهن. وفي أحد القضايا التي أعلم بها مكتب حقوق الإنسان في "يونامي" مؤخراً، تم قتل صبيين وفتاة تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاماَ في 11 آب / أغسطس، في شمال العراق على خلفية اتهام الفتاة بإقامة علاقة مع أحد الصبيين. ويبدو أنه لم يكن هناك أية محاولة لإجراء تحقيق جنائي من قبل السلطات المعنية لتحديد هوية مرتكبي هذه الجريمة ومعاقبتهم.
43. على الرغم من أن الأثار المترتبة عن"جرائم الشرف" على النساء متفاوتة، فإنها تعد إنتهاكاً للحقوق الأساسية المكفولة وفق إتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والتي يُعد العراق دولةً طرفاً فيها. وعلى الرغم من أن إتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لاتتضمن أحكاماً خاصة فيما يتعلق بالعنف ضد النساء، بيد ان التوصية الثانية عشرة للجنة الإتفاقية تبين أن العنف المبني على أساس الجنس محظور وفق الإتفاقية التي تنص على أنه: "يتحتم على الدول الأطراف العمل على حماية النساء من أي شكل من أشكال العنف الذي يحدث في وسطهم العائلي أو في مكان العمل، أو في أي موقع آخر من حياتهم الإجتماعية." كما يتضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإتفاقية الخاصة بحقوق الطفل، والتي يعتبر العراق دولةً طرفاً فيها، أحكاماً خاصة تحظر العنف ضد النساء والفتيات الصغار.
44. بالإضافة لذلك، فإن المادة الرابعة من إعلان الأمم المتحدة الخاص بالقضاء على التمييز ضد المرأة ينص على أنه يجب على الدول أن تدين العنف المرتكب ضد المرأة وألا تتذرع بالعادات أو التقاليد أو الممارسات المتبعة باسم الدين للتهرب من التزاماتها بالقضاء على هذا العنف" ( المادة 4).
45. ووفقا لقانون العقوبات العراقي، فإن قتل النساء بذريعة الدفاع عن "الشرف" يعتبر ظرفاً مخففاً، حيث تنص المادة 409 على أنه يُعاقب من تثبت إدانته "بالقتل دفاعاً عن الشرف" بالسجن لمدة أقصاها ثلاث سنوات. ومع ذلك، ولأنه نادراً ما يتم الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم، تتم ملاحقة جزء يسير منها قضائياً وذلك يُعزى ايضاً إلى أن الشرطة والقضاة غالبا ما يتعاطفون مع مرتكبي الجريمة.
46. لقد علم مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بتعرض ثلاث نساء للقتل على أيدي رجال مجهولين في محافظة ميسان في منتصف شهر آب/أغسطس، بذريعة الدفاع عن "الشرف". ويبدو أن إثنتين من هؤلاء النسوة كانتا معروفتين تماماً وكانتا تعيشان في" العمارات السكنية القديمة" في مركز مدينة العمارة في محافظة ميسان، بينما كانت تُقيم المرأة الثالثة في منطقة "الإسكان" في العمارة.
47. وكانت حكومة إقليم كردستان، ولا تزال، تؤدي دوراً قيادياً داعياً إلى شجب "القتل دفاعاً عن الشرف" في العراق، وتُعدّ التعديلات التي تم إجراؤها على قانون العقوبات واعتبارها مثل هذه الجرائم بأنها جرائم عادية، أمر جدير بالثناء. إضافة لذلك، فقد أحرزت حكومة إقليم كردستان تقدماً هاماً من خلال إعترافها بوجود حالات ما يسمى ب"القتل دفاعاً عن الشرف" ومن خلال رفع مستوى الوعي العام فيما يتعلق بهذه المسألة . ومع ذلك، فقد علم مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق أنه وخلال الأشهر الستة الماضية كان هناك تزايد ملحوظ في معدل وفيات النساء جرّاء تعرضهن لحوادث أو جرائم في إقليم كردستان.
48. وعلمت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بقلق أنه خلال الفترة من 1 كانون الثاني/ يناير ولغاية 1 تموز/يوليو لعام 2006، وفقاً لأرقام معهد الطب العدلي لدى محافظتي أربيل والسليمانية، فقد بلغ عدد النساء اللاتي تعرضن للقتل 112 و163 على التوالي. وكان التعرض "للحروق" سبباً في وفاة أكثر من نصف الحالات في أربيل وتقريبا ثلثي الحالات في السليمانية. وأفادت التقارير الصحفية في إقليم كردستان بأن حوادث مشابهة لوحظت أيضاً في محافظة دهوك. وأبلغت العديد من الناشطات في حقوق المرأة، ومنظمات المجتمع المدني وأعضاء لدى الجمعية الوطنية لإقليم كردستان بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق أنه في العديد من الحالات تخفي "حوادث الحريق" في الحقيقة "جرائم شرف" يتم إرتكابها ضمن إطار العائلة.
49. يتوجب على السلطات المركزية والإقليمية والمحلية، ضمن إطار محاربتهم للعنف المتفشي، توفير حماية أكبر للنساء من الجرائم المرتكبة بحقهن داخل الأسرة، والتي تشتمل على كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات المرتكبة على أساس الدفاع عن الشرف. ومتى ما أرتكبت مثل هذه الجرائم، يتوجب على السلطات أن تضمن إجراء التحقيقات اللازمة وتقديم المسؤولين عنها الى العدالة. وبات من الضروري إجراء مراجعة مبكرة لقانون العقوبات العراقي فيما ينسجم مع ما قامت به الجمعية الوطنية في كردستان والتي أوضحت بأن "القتل دفاعاً عن الشرف" بات يُشكل عاملاً يزيد الأمر سوءاً. في 24 آب/أغسطس، أعرب السيد أشرف قاضي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق عن قلقه للرئيس جلال الطالباني ازاء مسألة "جرائم الشرف"، كما تم إرسال رسالة فيما بعد الى رئيس إقليم كردستان لتسليط الضوء على قلق بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بصدد هذه الظاهرة.
العمليات العسكرية:
50. في الأنبار، حيث العمليات العسكرية لازالت مستمرة، تُشير تقارير دورية يقوم المواطنون والمنظمات غيرالحكومية والمراقبون بإبلاغها الى أن السكان المحليين لازالوا غير قادرين على التنقل بحرية أو يتعرضون للنزوح المؤقت وعدم توفر الإمدادات الطبية والغذائية وإنقطاع الإمدادات المائية والكهربائية بصورة مستمرة، وكذلك محدودية بلوغ الخدمات الأساسية الأخرى مثل التعليم والصحة.
51. في الفلوجة، ومنذ بدايات العام 2005، تسيطر القوات متعددة الجنسيات على مداخل المدينة ويتوجب على المقيمين فيها حمل هويات خاصة صادرة عن القوات متعددة الجنسيات، من أجل السماح لهم بدخول المدينة. ووردت معلومات مفادها أن الوقوف في طوابير طويلة يعيق حركة الناس والبضائع من والى المدينة. وفي مدينة الرطبة، أفادت الأنباء عن قيام القوات متعددة الجنسيات بشن عمليات عسكرية في أوائل تموز/ يوليو، كان من ضمنها محاصرة المدينة بأكملها لحوالي أربعة أيام. كما ويستمر فرض مثل هذا الحصار على المدينة بين الفينة والفينة.
52. وفي الرمادي، حيث يواصل المتمردون شن حملاتهم المستمرة ضد الحكومة والقوات متعددة الجنسيات، أفاد مواطنون بأن المتمردين قاموا بقتل وتهديد المدنيين. واستخدم المتمردون المنازل التي يقطنها المدنيون كمخابئ مما عرّض المدنيين لإنتقام القوات متعددة الجنسيات. وتم ارتكاب العديد من الهجمات ضد الإدارة المدنية، استهدفت على وجه الخصوص الشرطة العراقية وعائلاتهم، كما تسبب العنف الطائفي أيضاً بنزوح السكّان غير السنيين من المدينة وفي نفس الوقت استمر قدوم المهجرين السنيين من أنحاء أخرى من البلاد إلى مدينة الرمادي.
53. لقد استمر ورود تقارير إلى بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق عن تورط القوات متعددة الجنسيات بحوادث يتم فيها الإستخدام المفرط للقوة واستمرار القيود المفروضة على حركة السكان المدنيين، وخصوصاً في المناطق التي تدور في رحاها عمليات عسكرية. ووفقاً لتقارير تم تلقّيها من المقيمين المحليين ومنظمات غير حكومية تعمل في المنطقة، وخلال العمليات العسكرية في الرمادي أوائل شهر تموز، فإن القوات متعددة الجنسيات أغلقت الطرق وفرضت منع تجوال صارم مما أدّى إلى إرتفاع الأسعار ونقص بالموارد. وأُتهمت القوات متعددة الجنسيات بالإستخدام المزعوم للقوة المفرطة في المناطق المدنية من خلال شنّ الغارات الجوية لأهداف مما اسفر عن سقوط العديد من الجرحى والتهديد بالخطر والنزوح في المناطق المتضررة بشكل مباشر من المواجهة. ووردت معلومات أيضا عن أن القوات متعددة الجنسيات قد احتلت وبشكل قسري ممتلكات مدنية كان يستخدمها المتمردون، حتى لو تم ذلك رغما عن إرادة أصحابها. لهذه الأسباب، يُغادر المقيمون في المنازل المجاورة لمنازل استخدمها المتمردون و/ أو احتلتها مؤخراً القوات متعددة الجنسيات. وفي 5 تموز/يوليو، احتلت القوات متعددة الجنسيات مستشفى الرمادي التخصصي بزعم انه يُخبيء "إرهابيين." وبعد مفاوضات لاحقة مع مسؤولي الصحة في الأنبار، غادرت القوات متعددة الجنسيات المستشفى في 13 تموز/يوليو، ولكنها أبقت دورية خارج المستشفى.
54. إن تواجد القناصة التابعين للقوات متعددة الجنسيات على أسطح البنايات يفسر بشكل غير مباشر قلة الحركة والمخاوف المتزايدة والصعوبات التي يواجهها السكان. ففي 28 آب/أغسطس وردت معلومات عن أن قناصين أطلقوا النيران على ثلاثة عشر مدنيا لخرقهم حظر التجوال، متسببين بقتل ستة وجرح سبعة في حي الإسكان الجديدة في الرمادي.
الاقليات
55. لا تزال الأقليات الدينية والعرقية ضحايا للعنف والجماعات المسلحة والتمييز القانوني والتهميش السياسي والاجتماعي في العراق اليوم. وتُفيد الأقليات بضياع حقوقهم في المشاركة السياسية وحريتهم الثقافية وحرية ممارستهم لعقائدهم. كما أعربت جماعات الصابئة المندائيين، وهم جماعة من الشعوب الأصلية يعود تاريخها في العراق الى آلاف السنين، عن خوفهم من أن تعرضهم للقتل والتهجير في العراق يهدد وجودهم بحد ذاته. ولا تزال النزاعات العرقيه والعنف مستمر في كركوك تحديداً حيث تقطن الغالبية التركمانية. وتواصل العديد من العائلات المسيحية الهجرة الى شمال العراق من بغداد ونينوى. ولايزال مجتمع الشبك في الموصل ونينوى يشكو من التعرض للعنف والتهديد، وحسب التقارير، قُتل ما يزيد عن مائة شبكي منذ بداية العام 2006، كما رحلت اكثر من الف عائلة للإقامة في قرى خارج مدينة الموصل. ويقول أفراد من الشبك الذين يعيشون في سهل نينوى انهم قد تعرضوا للمضايقات على أيدي المليشيات الكردية التي كانت تسأل السكان عن خلفياتهم وارتباطاتهم العرقية. وتذمّر البهائيون ايضاً من التمييز العنصري الممارس ضدهم لدى التعرف على هوياتهم عند السفر او انجاز المعاملات. ولا تزال الأقليات تشعر بالقلق إزاء تهميشهم السياسي نتيجة للصراع المسلح الدائر. وتذمّر معظم ممثلي الأقليات من عدم الإعتراف بهم كما ينبغي في الدستور العراقي ويسعون للحصول على ضمانات أكثر عند مراجعة الدستور العراقي خصوصاً فيما يتعلق بهويتهم وتمثيلهم السياسي.
النزوح
56. كنتيجة للعنف المستمر في البلاد، يستمر مسلسل الهجرة العراقية الى مناطق اكثر امناً داخل وخارج العراق لأسباب أمنية، وحسب بيانات عملت الأمم المتحده على جمعها, فمنذ تدمير المرقد المقدس في سامراء في 22 شباط/فبراير 2006، والتي أثارت موجة من العنف الطائفي, تعرض ما يزيد عن 200.000 عراقي للنزوح من مساكنهم وهم يعيشون الان في أجزاء مختلفة من مناطقهم أو في مناطق أُخرى. وكشفت متابعة تحركات النازحين عن أن جميع محافظات العراق شهدت بدرجات متفاوتة، حالات نزوح منها أو إليها سعياً للعيش بأمان، وأن معظم المحافظات استقبلت نازحين قدموا إليها من بغداد.
57. لقد لجأ عدد يقدّر بـ 50,000 شخصً من كافة قطاعات المجتمع والطوائف الدينية من بقية أرجاء العراق إلى إقليم كردستان؛ حيث رحبت حكومته بقدومهم بصورة تستحق الثناء. ولم يستقر غالبية النازحين في المخيمات، بل توفرت لدى بعضهم فرصة الإقامة مع أقاربهم ومعارفهم وأقام البعض الاخر في المساجد والمباني العامة. ويتعرض النازحون لمخاطر متزايدة بسبب اقتلاعهم من ديارهم ، لذلك يجب مواصلة الجهود لضمان توفير ملاذ آمن للمدنيين الذين هم بحاجة للحماية مع ضمان حماية حقوقهم بما فيها الحق في الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم في المجتمعات التي تستضيفهم.
سيادة القانون
الاعتقالات
58. مازالت أوضاع ومشروعية الاعتقال في العراق أمراً يسترعى الاهتمام، فوفقاً لإحصائيات وزارة حقوق الإنسان وصل إجمالي عدد المعتقلين إلى 35,542 بحلول 31 آب/أغسطس 2006 .ويوضح الجدول أدناه أنه بعد الانخفاض في عدد المعتقلين الذي شهدته الفترة مابين أيار/مايو – حزيران/ يونيو 2006 حدثت زيادة في عدد المعتقلين خلال شهري تموز/يوليو –آب/ أغسطس 2006 ، وبصفة خاصة في عدد المعتقلين لدى وزارة العدل (بزيادة قدرها 92% مقارنة بنهاية شهر حزيران/يونيو)، وهذا يعكس حقيقة زيادة عدد السجناء الذين تم نقلهم من مرافق الاعتقال الأخرى إلى وزارة العدل. ومن ناحية أخرى، انخفض عدد المعتقلين في إقليم كردستان ( بنسبة حوالي -8%) مقارنة بشهر حزيران/يونيو. وعلى الرغم من الانخفاض الملحوظ في عدد المعتقلين لدى وزارة الدفاع بين شهري تموز/يوليو وآب /أغسطس ، ازداد عدد المعتقلين تحت اشراف وزارة الدفاع بمعدل (2%+) إذا ما قارنا شهري حزيران/يونيو وآب/أغسطس . كذلك نجد أن عدد المعتقلين لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي تحتجز أيضاً الأحداث قد ازداد زيادة طفيفة. كما ازداد عدد المعتقلين لدى القوات المتعددة الجنسيات بمعدل (8 %+) مقارنةً بنهاية يونيو / حزيران- وتموز/يوليو. ومن بين 13,571 معتقلاً تحتجزهم القوات متعددة الجنسيات، يوجد 85 معتقلاً لدى السلطات البريطانية والبقية تحتجزهم السلطات الأميركية. كذلك انخفض عدد المعتقلين لدى وزارة الداخلية انخفاضاً هامشياً مقارنة بالفترة التي يغطيها التقرير السابق.
% للفرق في نهاية حزيران/يونيو وأب/أغسطس آب/أغسطس تموز/يوليو حزيران/يونيو أيار/مايو سلطة الاحتجاز
8% 13,571 13,000 12,616 14,961 القوات متعددة الجنسيات
92% 14,427 8,145 7,528 7,528 وزارة العدل
0% 4,331 3,787 4,346 4,727 وزارة الداخلية
2% 743 969 730 660 وزارة الدفاع
1% 490 497 487 282 وزارة العمل والشؤون الإجتماعية
31% 33,562 26,398 25,707 28,158 العدد الإجمالي ماعدا حكومة كردستان الإقليمية
_8% 1,980 1,980 2,147 1,448 العدد الإجمالي في كردستان
28% 35,542 28,378 27,854 29,606 العدد الإجمالي في العراق
59. لقد تم الافراج عن ما لا يقل عن 2,776 معتقل خلال الفترة التي يغطيها التقرير، وقد تم نقل بعض المعتقلين ممن كانت تحتجزهم القوات متعددة الجنسيات في سجن أبو غريب لفترات متفاوتة ولأسباب أمنية قاهرة، والبالغ عددهم 186 معتقلاً إلى حراسة وزارة العدل وأأُطلق سراح البعض الاخر في 9 آب /أغسطس، 2006.
60. ومازال آلاف المعتقلين محتجزين خارج الإطار القانوني القائم، وُيعزي ذلك جزئياً إلى عدم قدرة المحاكم العراقية على الفصل في مثل هذا العدد الكبير من القضايا، حيث لا يتجاوز عدد القضاة 800 قاضياً وهذا عدد غير كافٍ لبلد ُيقدر عدد سكانه بأكثر من 27 مليون نسمة. وعلاوةً على ذلك، وكما ورد أعلاه، يعمل القضاة وموظفو السلك القضائي في ظروف أمنية بالغة الخطورة إذ قُتل العديد منهم وتعرضوا للاعتداء أو التهديد. وترحب بعثة يونامي بالإعلان عن أن 200 قاضٍٍ سيتم تعيينهم قريباً من خلال إجراءات سريعة، وقد اُختيروا من بين 500 محامٍ من ذوي السمعة الطيبة والذين مارسوا مهنة المحاماة في العراق لأكثر من 10 سنوات. وبالإضافة لذلك، سيتخرج 379 قاضياً من المعهد القضائي في تموز/يوليو 2007. ومن المتوقع أن تسهل زيادة عدد القضاة البت في العدد المتزايد من القضايا لاسيما تلك المتعلقة بالإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وفي 30 أيار/ مايو، كشف تفتيش مشترك بقيادة نائب رئيس الوزراء والقوات متعددة الجنسيات في سجن ُيعرف باسم الموقع رقم (4) عن وجود 1,431 معتقلاً يمثلون دليلاً منهجياً على الانتهاك النفسي والبدني . وفيما يتعلق بالإدعاءات بارتكاب انتهاكات في "الموقع رقم4 "، تم إصدار 52 مذكرة توقيف ضد مسؤولين من وزارة الداخلية وهى حالياً بانتظار التنفيذ.
61. مازال انعدام القانون والنظام في الوقت الراهن والذي يرافقه تطبيق مجموعة من التدابيرالاستثنائية الناجمة عن حالة الطوارئ والتي مدد مجلس النواب في 25 تموز/يوليوالعمل بها لفترة 30 يوماٌ إضافية، وكذلك الإجتياحات الأمنية المستمرة تؤدي كلها إلى تضخم عدد المعتقلين وإثقال كاهل النظام القضائي.
62. وبنقل القيادة العسكرية من القوات متعددة الجنسيات إلى السلطات العراقية، ستصبح سلطات الاعتقال لدى الجيش العراقي مرتبطة مع التدابير الأمنية الاستثنائية المقرة بموجب "حالة الطوارئ" وهذا بدوره يتطلب التقيد بالشرط القانوني المتعلق بضرورة مثول المعتقلين أمام قاضٍ خلال 72 ساعة. لذلك من الضروري استخدام سلطة القيام الاعتقال بدقة ضمن نطاق القانون.
63. كما تعرب البعثة عن ترحيبها باصدار العفو كجزء من خطة المصالحة الوطنية التي أعلنها رئيس الوزراء نوري المالكي في 25 حزيران/ يونيو، في محاولة لتعزيزهذه الخطة. ومع ذلك، لن يشمل هذا العفو جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية .وترى بعثة يونامي أنَّ العفو يجب ألا يكون عاماً وغير مشروطٍ بل أن يكون لفترة محددة وأن يُصاغ بعناية. ويجب أن تكون العملية التي تؤدي إلى أي عفو شفافة وعادلة، كما يجب أن تكون مصحوبة بحملة توعية توضح للرأي العام الغرض منها وإمكانية تطبيقها للجميع من أجل أن تساهم مساهمة فعلية في دعم الغرض المنشود من المصالحة الوطنية.
التعذيب
64. يقوم مكتب حقوق الإنسان في بعثة يونامي بصورة منتظمة بتوثيق ممارسات التعذيب التي انتشرت على نطاق واسع في العراق. وقد ظهرت هذه المسألة بشكل متكرر كهاجس رئيسي، واعترف العديد من المسؤولين العراقيين بأنها تُشكل معضلة. وقد استلم مكتب حقوق الإنسان في فترات دورية، معلومات تتعلق بممارسة التعذيب في مراكز الإعتقال؛ فالجثث التي تظهر بصورة منتظمة في جميع أرجاء البلاد تبدو عليها علامات تؤكد أن الضحايا تعرضوا للتعذيب بوحشية قبل إعدامهم خارج نطاق القانون.
65. تلقّى مكتب حقوق الإنسان تقارير ووثائق ُتبين نوع التعذيب الذي يتعرض له الضحايا، خاصة أثناء التحقيق؛ حيث ظهرت على جثث المعتقلين علامات الضرب بواسطة الأسلاك الكهربائية وجروح منتشرة في أجزاء مختلفة من الجسم بما في ذلك الرأس والأعضاء التناسلية وتكسير عظام الأيدي والأرجل وآثار حروق بالكهرباء وأعقاب السجائر. وقد ذكرت التقارير أن الجثث التي ُعثر عليها في معهد الطب العدلي تبدو عليها في كثير من الأحيان آثار التعذيب القاسي ومن ضمنها الجروح الناتجة من تأثير الأحماض والحروق بواسطة المواد الكيميائية ونزع الجلد وتكسير العظام (الظهر والأيدي والأرجل) وفقء العيون ونزع الأسنان أو الأظافر والجروح الناجمة عن استخدام المثقب الكهربائي. وقد ذكر الأشخاص الذين نجوا من الموت أثناء تعرضهم لهذه الحوادث بأنهم شهدوا تعرض أشخاص آخرين للتعذيب من أجل الحصول على معلومات عن الهوية الطائفية للضحايا. وعلى سبيل المثال ذكر أحد الأشخاص أنه تعرض للضرب بالأسلاك الكهربائية والقضبان الحديدية على أيدي أفراد مجموعة سنية متطرفة لحمله على الاعتراف بالطائفة التي ينتمي إليها. كما بدت على جثة رجل آخر قامت باختطافه مليشيات شيعية آثار تشويه بالوجه وأصابع يد مبتورة وثقب كبير تحت كتفه الأيسر ربما يكون ناتج عن مثقب كهربائي.
66. في 1 و2 تموز / يوليو التقى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب السيد/ مانفريد نواك مع العاملين/ات في مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، كما التقى في عمان أيضاً بكادر من المدافعين عن حقوق الإنسان وممثلين عن عدد من المنظمات العراقية غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان، وضحايا التعذيب الذين وفدوا من أقاليم مختلفة من العراق. وقدّم عدد من الضحايا 17 حالة مفصلة وُمدعمة بالشهادات الكاملة والصور والالتماسات والشكاوى الرسمية والإثباتات إلى البعثة التي قامت بدورها بتسليمها إلى المقرر الخاص. وفي 2 تموز/يوليو، عقد السيد/نواك اجتماعاً عبر الأقمار الصناعية مع منظمات غير حكومية عراقية أخرى تلاها اجتماع منفصل مع ممثلين عن وزارة حقوق الإنسان في بغداد. وقد لفتت المنظمات غير الحكومية انتباه المقرر الخاص إلى الحالات الواردة من السجون التي تديرها وزارتي الداخلية والدفاع وأيضاً الادعاءات المتعلقة بممارسة التعذيب في السجون التي تديرها المليشيات أو القوات متعددة الجنسيات. وتترواح طبيعة التعذيب التي أوردتها التقارير مابين الاستخدام المفرط للقوة الذي يتسبب في موت السجناء والعقوبات الفردية المرتبطة بحالات العصيان.
67. وعبرت المنظمات غير الحكومية العراقية عن استيائها من الوضع السائد حالياً وشددت على الحاجة الماسة لتدخل منظمة الأمم المتحدة والكيانات الدولية لمنع حدوث انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان. وكذلك ذكرت المنظمات غير الحكومية أن اهتمامها الرئيسي ما زال مركزاً على الولاية الموكلة للمقرر الخاص وسلطته فى اتخاذ إجراءات فعالة وعملية للتصدي لهذه الممارسات المُتبعة في السجون في كافة أرجاء العراق, وكذلك قدرته على إحداث تغيير إيجابي في الموقف على الأرض ورغبته في زيارة العراق لكتابة تقرير والتحقيق في المزاعم المتعلقة بالتعرض للتعذيب.
68. يتمثل دور المقرر الخاص في التحقيق في حالات التعذيب التي تحدث في جميع البلدان بغض النظر عن مصادقة البلد على الاتفاقية الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وعلى الرغم من ذلك لا يمكن الشروع في أي مهمة لتقصى الحقائق إلا بعد استلام المقرر الخاص دعوة رسمية من الحكومات المعنية. وعلى الرغم من أن المقرر الخاص استلم عدة شكاوى وادعاءات عن حالات تعذيب تتم في العراق، ولكن لسوء الحظ لم توجه للمقرر الخاص حتى الآن أية دعوة رسمية لزيارة العراق. وقد أكد السيد نواك استعداده لزيارة العراق حال تلقّيه دعوة تعرض عليه ذلك. إن مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، ينصح بأن تقوم العراق بإقرار الاتفاقية الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وأن تقدم دعوة رسمية للمقرر الخاص لزيارة العراق.
التقرير الخاص بملجأ الجادرية
69. واصلت منظمة الأمم المتحدة مطالبتها الحكومة العراقية بنشر نتائج التحقيق في مركز الاعتقال غير الشرعي المعروف بإسم "الجادرية " والذي يعرف أيضاً بـ "الملجأ" والذي تم اكتشافه في بغداد في تشرين الثاني / نوفمبر 2005. وفي 19 تموز/ يوليو، كتب المفوض السامي للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان رسالة أخرى إلى رئيس الوزراء العراقي تنص على "اتخاذ إجراءات فورية ضد ظاهرة الإفلات من العقوبة وأن تقديم المسؤولين عن إرتكاب انتهاكات حقوق إنسان جسيمة إلى المحاكمة سيكون هاماً للغاية في تهيئة الظروف المناسبة للمصالحة الوطنية الفاعلة وسيادة القانون في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق." كما أكد المفوض السامي مجدداً رغبة الأمم المتحدة في مساعدة حكومة العراق على التصدي للأمور المُثيرة للقلق والمعنية بحقوق الإنسان في مرافق الاعتقال في جميع أرجاء البلاد وفي بناء قدرات مؤسساتية للتعامل مع التحديات التي تواجه حقوق الإنسان.
70. وكما ذكر في تقرير حقوق الإنسان السابق، فقد قام مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بجمع معلومات تفيد بأن وزير الداخلية وكبار الموظفين في الوزارة على علم باستخدام هذا المرفق كمركز اعتقال. وهناك مزاعم أيضاً مفادها أن القوات متعددة الجنسيات لديها علم بذلك وإنها قامت بزيارة الملجأ لمعالجة المعتقلين قبل 13 تشرين الثاني /نوفمبر، ويُعتقد أيضاً أن السلك القضائي على علم بوجود المعتقل وظروف المعتقلين مع وجود قاضيين تابعين لمديرية التحقيقات الخاصة التي تتولى مسؤولية الملجأ نيابة عن وزير الداخلية, حيث تم إنشاء مديرية التحقيقات الخاصة في حزيران/يونيو 2005، تحت قيادة نائب رئيس الوزراء لشؤون المخابرات ويعمل حوالي 26 ضابطاً في مديرية التحقيقات الخاصة والتي تتسلم أيضاً معتقلين من مخافر الشرطة والدوريات بالإضافة إلى القوات الخاصة مثل لواء النظام العام والاستخبارات وشرطة المحافظات.
71. في يوم الأحد 13 تشرين الثاني /نوفمبر 2005، قامت القوات متعددة الجنسيات وقوات عراقية مشتركة بإجراء تفتيش مفاجيء على "الملجأ" حيث تم العثور على 168 معتقلاً. وكانت النظافة والصرف الصحي في المعتقل أقل من المستوى المطلوب؛ كان الطعام متوفراً بينما لم تكن المساحات كافية لإيواء مثل هذا عدد من المعتقلين. وقد ترواحت أعمار المعتقلين من عمر 15 عاماً إلى منتصف الستينات. وقد ادعى العديد من المعتقلين بأن الملجأ كان تحت مسؤولية منظمة بدر بينما زعم آخرون بأنهم قد اعتقلوا على أيدي أشخاص يرتدون ملابس عسكرية وفي نفس الوقت أكدت أغلبهم بأنه قد اعتقالهم في نقاط التفتيش، وفي حالات قليلة ذكر المعتقلون بأنه قد تم اعتقالهم لإستخدامهم كوسيلة لإبتزاز شخص ثالث. أظهرت الفحوصات الطبية أن حوالي 101 من 186 سجيناً قد تلقوا معاملة سيئة وظهرت على أجسامهم علامات تدل على تعرضهم للصعقات الكهربائية والضرب والطعن.
72. ووفقاً لروايات المعتقلين توفي 18 سجيناً أو قتلوا أثناء التحقيق معهم وقد أكدت المستندات التي قدمها الشهود وفاة 14 سجيناً من هذه المجموعة. ومن ناحية أخرى، ألقي القبض على 95 معتقلاً بموجب أمر قضائي وتم توثيق أقوالهم. كما جرى اعتقال 71 متهماً بموجب أمر قضائي ولكن لم يتم تثبيت أقوالهم أمام القضاء. وقد قام محقق بتوثيق أقوال 7 متهمين ولكن لم تعرض أوراقهم على القضاء.
73. على الرغم من النداءات المتكررة التي وجهها مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق إلى الحكومة العراقية لنشر التقرير الخاص بملجأ الجادرية، إلا إنه لم يتم إصدار هذا التقرير حتى الآن. ويجب على الحكومة العراقية أن تفتح تحقيقاً قضائياً حول إنتهاكات حقوق الإنسان في ملجأ الجادرية بدءاً بموظفي الملجأ بما فيهم كبار المسؤولين. إن نشر التحقيق الخاص بملجأ الجادرية وإجراء تحقيق رسمي في هذه القضية ومقاضاة الذين تثبت إدانتهم في المزاعم المتعلقة بإنتهاكات حقوق الإنسان، سيخدم شعب وحكومة العراق وسيعطي إنطباعاً قوياً بأن العراق متمسك بالتزامه بإنشاء نظام جديد مبني على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.
مزاعم عن انتهاكات حقوق إنسان ارتكبتها القوات متعددة الجنسيات
74. في 9 تموز/يوليو، ذكر الجيش الأميركي بأنه عقب إلقاء القبض في الولايات المتحدة على المتهم الرئيسي بإغتصاب وقتل فتاة وقتل والدتها ووالدها وأخيها البالغ من العمر 5 سنوات في 13 آذار/مارس بالقرب من مدينة المحمودية: تم توجيه تهمة الاغتصاب والقتل إلى 3 جنود آخرين يؤدون الخدمة الفعلية كما وجهت إلى جندي رابع تهمة ترك الخدمة لأسباب تتعلق بهذه الجريمة وأوردت التقارير أن جندي سادس قد وجهت إليه إتهامات لنفس السبب.
75. أثارت هذه الجريمة جدلاً حاداً في أوساط كبار السياسيين العراقيين والرأي العام بخصوص الأحكام السارية حالياً والتي أصدرتها سلطة الائتلاف المؤقتة (القانون 17) الذي ينص على أن قوات التحالف والموظفين الدبلوماسيين والمقاولين الذين يعملون لدى قوات التحالف أو لدى بعثة دبلوماسية "يتمتعون بالحصانة ضد الإجراءات القانونية العراقية." بينما تنص المادة 32 من مجموعة القوانين القضائية العسكرية الأميركية على ضرورة القيام بإجراءات شاملة ومحايدة في التهم والأدلة قبل إحالتها إلى المحكمة العسكرية. وفيما يتعلق بجريمة المحمودية تم البدء بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 32 في معسكر فيكتوري في بغداد، وإذا ثبتت الإدانة قد يواجه المتهمون عقوبة الإعدام.
76. وفي 7 تموز/ يوليو أصدر قائد فيلق عمليات القوات متعددة الجنسيات بياناً أعلن فيه أن تحقيقاً داخلياً للجيش الأمريكي خلص إلى أن إهمال كبار ضباط مشاة البحرية الأميركية قد أدى إلى عدم إجراء تحقيق شامل بخصوص قتل 24 مدنياً عراقياً في منطقة حديثة في 19 تشرين الثاني / نوفمبر. وتمت مراجعة هذه القضية بواسطة لجنتي تحقيق عسكريتين أميركيتين وتم تسليمها إلى فريق الادعاء العسكري للنظر في أي ادعاءات أخرى ومعرفة ما إذا توفرت أدلة كافية لبناء قضية.
77. وفي أوائل آب / أغسطس، أُستهل التحقيق في الولايات المتحدة في قضيتين، الأولى تتعلق بأربعة جنود أمريكيين متهمين بقتل 3 عراقيين بالقرب من سامراء في آيار/ مايو من هذا العام، والأخرى ضد 7 من مشاة البحرية الأميركية وجندي بحار لقيامهم بقتل رجل معاق في الحمدانية في 26نيسان/ إبريل .
78. ورحبت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بالتحقيقات التي أجرتها الولايات المتحدة ومراجعة قواعد الاشتباك ومدونة قواعد السلوك.
المحكمة العراقية العليا
79. قدّم محامو الدفاع مرافعتهم الختامية خلال محاكمة صدام حسين وسبعة من المتهمين معه في 10، 11، 24، 26 و 27 تموز/. وقد قام محامو الدفاع المعينين من قبل المتهمين أنفسهم بمقاطعة الجلسات إعتراضاً على إجراءات المحكمة وتضامناً مع محامي الدفاع الذين تم إغتيالهم منذ بدء المحاكمة. وقد ذكر رئيس المحكمة أن إجراءات المحاكمة ستستمر بوجود محامين تم تعيينهم من قبل المحكمة وفقاً للقانون العراقي. ولم يتم الكشف عن أسماء المحامين الذين عينتهم المحكمة كما تم تشويه أصواتهم لأسباب أمنية.
80. تتعلق القضية الإجرائية الأخرى بمسألة وجوب حضور المتهمين إلى قاعة المحكمة خلال المرافعات الختامية. وطبقاً للفقرتين 145 و 158 من قانون الإجراءات الجنائية العراقي، ينبغي على المتهمين الحضور شخصياً إلا في حالة إنتهاكهم قواعد المحكمة. وفي 26 تموز/يوليو، إدعى صدام حسين أنه قد تم إرغامه على حضور الجلسة رغم أن المحكمة قد أنكرت حدوث ذلك. وكان المتهمون الأربعة قد بدأوا إضراباً عن الطعام إعتباراً من مساء 7 تموز/يوليو، إلا أن رئيس المحكمة ذكر أن صدام حسين بدا مؤهلاً لحضور المحاكمة بعد إستئنافه الأكل في اليوم ذاته حسب التقرير الطبي الذي إستلمته المحكمة.
81. وقد إستندت مرافعات المحامين الذين تم تعيينهم من قبل المحكمة على القانون الإنساني الدولي. كما أن الفشل في تحديد المسؤولية الفردية كانت من الأمور التي طرحها المحامون على نطاق واسع، مشيرين إلى العديد من الأحكام القضائية التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا.
82. سيتم الإعلان عن الحكم في قضية الدجيل في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2006، وقد أشار المراقبون الدوليون الذين يقومون بمراقبة المحاكمة إلى أن هناك عدداً من نقاط الضعف في الأداء المؤسساتي للمحكمة، بما فيها عدم كفاءة الإدارة وإعتمادها على شهود مجهولي الهوية مما قيّد حق المتهمين في مواجهة الشهود ودحض الأدلة. علاوة على ذلك، فقد كشف الوضع الأمني في العراق عن قصور في توفير الحماية لمحامي الدفاع.
83. في 21 آب/أغسطس، أُستهلت المحاكمة الثانية بحق صدام حسين وستة من أعوانه تم توجيه تهم لهم تتمثل بإرتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أثناء "حملة الأنفال" التي حدثت في الفترة الواقعة بين عامي 1986 – 1987 وأسفرت عن مقتل حوالي 180.000 كردي شمال العراق. وبحسب أقوال الإدعاء فقد تم تدمير قرى تدميراً كاملاً جرّاء تعرضها لقصف جوي ومدفعي عشوائي وكذلك لهجمات بالغاز السام وتم دفع المزارعين بالقوة إلى مخيمات حيث تعرضوا لإطلاق النيران عليهم وللتعذيب والإغتصاب. هذا وقد أنكر صدام حسين، المُتهم بإرتكاب جرائم إبادة جماعية هو وعلي حسن المجيد المُلقّب بعلي الكيميائي، التُهم الموجهة إليه بإرتكابه جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب. وقد قدّم الإدعاء إلتماساً حول شرعية المحكمة العراقية العُليا بدعوى أن المعتقلين هم أسرى حرب. وفي 22 و23 آب/أغسطس، سرد شهود الإدعاء روايات عن كيف أن الطائرات والمروحيات شنّت هجمات على قريتيْن كرديتيْن بالأسلحة الكيميائية مما أسفر عن مقتل العديدين وإصابة آخرين بجروح بالغة، وقد تعرض ضحايا آخرون للإعتقال ومن ثم إختفوا.
إقليم كردستان
84. في الوقت الذي لا يزال فيه إقليم كردستان يتمتع بالهدوء النسبي وبأوضاع أفضل في تنميته الإقتصادية والإجتماعية، تُثير بعض الأمور المُتعلقة بحقوق الإنسان القلق وخصوصاً تلك المعنية بحقوق المرأة وحرية التعبير. فقد خرجت مظاهرات في عدة مدن تابعة لمحافظة السُليمانية إحتجاجاً على فساد موظفين مسؤولين محليين وللدعوة إلى تحسين تقديم الخدمات الأساسية. وكانت معظم الإحتجاجات سلمية بالرغم من أن بعضاً منها اتخذ منحىٍ اتسم بالعنف عندما هاجم متظاهرون المباني العامة بالحجارة. ويبدو أن السلطات قامت بإعتقال بعض الأفراد قبل المظاهرات بهدف تفادى تنظيمها، وتم إعتقال حوالي 200 شخص لفترة قصيرة بعد المظاهرات.
85. وفي 27 تموز/يوليو، اصطدم عُمّال لدى مصنع تسلوجا للإسمنت، الذي أعلن إضرابه عن العمل منذ مطلع شهر تموز/يوليو، مع حرّاس الأمن عندما كانوا يحاولون لقاء مدير المؤسسة. وأفادت التقارير عن إصابة 13 متظاهراً على الأقل بجروح أثناء الحادث. وأفادت وسائل الإعلام الكردية عن مقتل ثلاثة من العرب الذين يعملون في المصنع، بيد أنه لم يتسنّى لمكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق التأكّد من صحة هذه المعلومات من مصادر رسمية. وفي 9 آب/أغسطس وفي قضاء كه لار، قُتل أحد المتظاهرين وجُرح آخرون، من بينهم رجال شرطة، إثر مناوشات وقعت بين قوات الأمن والمتظاهرين، وفي أعقاب هذا الحادث، تم إيقاف 28 ضابط شرطة عن العمل إلى حين إنتهاء التحقيق الرسمي. وفي 8 آب/أغسطس وفي مدينة دربنديخان، تم إعتقال حوالي 100 متظاهر أثناء وبعد مشاركتهم بمظاهرات مُشابهة. وتعرّض صحفي يعمل لدى صحيفة "هاولاتي" للاعتقال، وهي صحيفة مستقلّة تصدر أسبوعياً وكانت قد أفادت بأنها كانت ضحية للسلطات التي رفعت عليها دعوى قضائية في الماضي، ومن ثم تم إطلاق سراحه. وفي 13 آب/أغسطس في السُليمانية، تظاهر حشد قُدّر عدده بحوالي 3.000 شخص أمام مكتب المحافظ مُطالبين بتحسين توفير الخدمات الأساسية ووضع حدّ للفساد والمزيد من العدالة الإجتماعية وتم إعتقال 12 صحفياً كانوا يُغطون الحدث بالإضافة إلى عشرات المتظاهرين بمن فيهم نساء بقوا معتقلين طوال الليل، وفي دهوك جرت مظاهرات مشابهة في 12 آب/أغسطس، وانتهت المظاهرات بسلام دون الإبلاغ عن أية إصابات أو إعتقال أي شخص.
تعزيز حقوق الإنسان
مشروع حقوق الإنسان للعراق 2006 – 2007
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ونشاطات بناء القدرات
86. واصل مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق العمل على إنشاء مؤسسة وطنية تُعنى بحقوق الإنسان في العراق، وفقاً لتكليف الدستور العراقي وفيما ينسجم مع المعايير الدولية. وتم إعداد مسودة قانون لتأسيس مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان حيث سيقوم مجلس النواب بدراستها قريباً. وفي منتصف شهر تموز/يوليو، عُقدت العديد من الإجتماعات بين مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ولجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس النواب ووزارة حقوق الإنسان لمناقشة وبلورة مسودة القانون المعني بإقامة المؤسسة. وبالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، رعى مكتب حقوق الإنسان التابع للبعثة ونظّم ورشة عمل حول حقوق الإنسان لبرلمانيين عراقيين في جنيف، سويسرا، استمرت أعمالها لمدة خمسة أيام في الفترة الواقعة بين 7 – 11 آب/أغسطس. وضمّت ورشة العمل إثنا عشر عضواً في لجنة حقوق الإنسان البرلمانية التابعة لمجلس النواب لحضور عدة جلسات حول معاهدات حقوق الإنسان الدولية والهيئات المنشأة بموجب معاهدات ومؤسسات حقوق الإنسان الوطنية ودور البرلمان في الإصلاح التشريعي ومجلس حقوق الإنسان و الآليات الدولية الأخرى لحقوق الانسان . كما حضر أعضاء لجنة حقوق الإنسان جلسات لدى الإتحاد البرلماني الدولي.
87. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب تبنّى في 25 تموز/يوليو قانون المرافق الإصلاحية من أجل تعزيز أفضل لسيادة القانون في البلاد فيما يتماشى مع الدستور والمعايير الدولية.
مجموعة العمل الخاصة بموضوع حقوق الإنسان
88. عُقد الإجتماع الثاني لمجموعة العمل الخاصة بموضوع حقوق الإنسان ضمن الفريق القُطري التابع للأمم المتحدة في 25 تموز/يوليو، وترأس الاجتماع نائب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار، السيد جان ماري فاخوري. وتمثّل هدف هذا الإجتماع بتسهيل تبادل المعلومات حول مواضيع تُعنى بحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون، ولتحديد الأولويات والفجوات الهامة في هذه المجالات بالإضافة إلى ضمان اعتماد نُهج وأسلوب يولي الاهتمام والعناية ويعتمد بشكل جدي حقوق الإنسان كمبدأ أساسي عند عملية التخطيط والتنفيد للمشاريع والبرامج التي يقوم الفريق القُطري التابع للأمم المتحدة بتنفيذها في العراق.
مجموعة العمل القطاعية المعنية بسيادة القانون
89. في 10 تموز/يوليو، عقد مكتب حقوق الإنسان وترأس الإجتماع الثاني للفريق الأساسي المعني بحقوق الإنسان، وهو جزء من الفريق العامل القطاعي المعني بسيادة القانون بمشاركة وزارة حقوق الإنسان ومجلس القضاء الأعلى والمفوضية الأوروبية وسفارتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وخلال اللقاء، قدّم ممثل وزارة حقوق الإنسان شرحاً عن مشاريع الوزارة في الوقت الذي أبدت فيه الجهات المانحة التزامها بالمساعدة على تعزيز حقوق الإنسان.
90. كما التقت الفرق الأساسية التابعة لمجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل، وهي جزء من الفريق العامل القطاعي المعني بسيادة القانون في بغداد في الفترة الواقعة بين 11 و23 تموز/يوليو على التوالي. وقد استعرض الفريق الأول المقترحات الجديدة المُقدّمة من مجلس القضاء الأعلى لتحسين القدرات التحقيقية للنظام القضائي، بينما استعرض الفريق الثاني أولويات وزارة العدل وناقش خطط التنفيذ. ويُحضّر مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق لتنفيذ مشاريع محددة كدعمٍ للنظام القضائي المنشود في برنامج حقوق الإنسان للعراق والذي يعمل مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على تطويره.
العدالة الإنتقالية
91. في 22 و23 تموز/يوليو، نظّم مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمركز الدولي للعدالة الإنتقالية، بمشاركة وزارة حقوق الإنسان، إجتماعاً حول العدالة الإنتقالية في العراق بغية مراجعة المبادرات قيد التنفيذ والمتعلقة بالعدالة الانتقالية ولوضع الخطوات المستقبلية المحتملة. ويتمثل الهدف الإجمالي من هذا الإجتماع بدعم تنفيذ خطة رئيس الوزراء للمصالحة الوطنية التي أعلن عنها في 25 حزيران/يونيو. وتزامن إجتماع العدالة الإنتقالية مع إجراء مباحثات حول إنشاء لجنة عُليا للمصالحة والحوار الوطني في 22 تموز/يوليو. وافتتح الإجتماع رئيس مجلس النواب وحضره وزير حقوق الإنسان ووزير المصالحة الوطنية ومستشار الأمن القومي. وخلال الإجتماع الذي استمرت أعماله لمدة يومين، وتحديداً أثناء الجلسات التي عقدها الفريق العامل في اليوم الثاني، اعتبر معظم المشاركين آليات العدالة الإنتقالية بأنها عنصر أساسي لخطة المصالحة الوطنية. واعترفوا بأن الألية الحالية غير مكتملة أو لا تعمل بشكل جيد وتتطلب المزيد من الدعم من الأمم المتحدة لإيجاد "طريقة عراقية" للعدالة الإنتقالية. كما شارك في هذا الإجتماع ممثلون عن مجلس النواب والوزارات والمجتمع المدني والأحزاب السياسية.
92. وقد ركّز اليوم الأول على المعايير القانونية الدولية وأفضل الممارسات ومراجعة العديد من آليات العدالة الإنتقالية المُطبقة في العراق من مثل محكمة الجنايات الكبرى العراقية ومحكمة الجنايات المركزية العراقية ولجنة إجتثاث البعث ولجنة دعاوى الملكية وآليات التعويض عن الضرر الأخرى. وتمت مناقشة موضوع المغيبين والمختفين مطولاً. وخلال جلسات الفريق العامل التي تم تنظيمها في اليوم الثاني، ناقش المشاركون آليات العدالة الإنتقالية الرئيسية: فحص السجلات للكشف عن التجاوزات وإقامة الدعاوى وتقصّي الحقائق وعمليات المصالحة والتعويض عن الضرر. وقامت الفرق، التي تألفت من مشاركين عراقيين ترأسوها هم بأنفسهم، بإجراء مباحثات معمقة والتوصل إلى توصيات محددة من بينها: أي إصلاح دستوري حول إجتثاث البعث لا بد أن يتم بقيادة مجلس النواب؛ وإنشاء لجنة رفيعة المستوى لإصدار توصياتها فيما يتعلق برفع الدعاوى والعفو؛ إنشاء لجنة لكشف الحقائق؛ وتفعيل عملية التعويض عن الضرر من خلال تشكيل لجنة وزارية لتُنسّق عمل الجمعيات التي تم إنشاءها مؤخراً والمعنية بالشهداء والسجناء السياسيين. وقد ألقت هذه المداولات الضوء على ضرورة التعامل مع أحزان الماضي إضافة إلى إنتهاكات حقوق الإنسان الراهنة في العراق من أجل خلق ظروف مواتية للحوار. كما يظهر للعيان بأنه على الرغم من المبادرات العديدة المطروحة والمعنية بالعدالة الإنتقالية التي تم توليها منذ العام 2003، فهي تفتقر للإنسجام ولم يتم التشاور بشأنها مع السكان كما تتطلب الدعم السياسي.
93. الا أن هذا الإجتماع يُشكل الخطوة الأولى نحو وضع الخطوط الأساسية لإستراتيجية العدالة الإنتقالية للعراق، ولا بد من إجراء مباحثات أُخرى لتحديد أفضل الآليات للعراق آخذين بعين الإعتبار خصوصيته والعنف الدائر فيه. وتم التعبير بوضوح بأن نجاح أية إستراتيجية للعدالة الإنتقالية يتطلب إجراء مشاورات مع كل من منظمات المجتمع المدني والضحايا أنفسهم. وفي الوقت الذي كان فيه مفهوم استعداد العراق لإيجاد آليات العداله الإنتقالية الخاصة به في صلب المناقشات، تم إدراك دور الأمم المتحدة والخبراء وطالبت العديد من النداءات الأمم المتحدة بلعب دور أكبر. ومن بين أعمال المتابعة الناجمة عن الإجتماع، وافق مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق على إعداد وثيقة تعكس أفضل الممارسات الدولية فيما يتعلق بقوانين العفو ليتم توزيعها على نطاق واسع.
المفضلات