للذين يحلمون بنهاية فتح
كثير من القوى الفلسطينية والاحزاب التي لبست ثوب الكفاح المسلح بعد انطلاقة فتح ابهرها بريق فتح والزحف الجماهيري حولها مالم تحققه هي على مدار سنوات من عملها الوطني ولذلك كانت حركة فتح محل استهداف ليس من قوى اقليمية فقط بل كانت تأمل بعض الاحزاب والفصائل من تقليص انتشار حركة فتح بين الجماهير من خلال عمل حزبي او عمل تنافسي على صعيد الميدان العسكري والتنظيمي .
ولكن حركة فتح ومنذ انطلاقتها قفزت وكبرت بكبر جماهيرها عن كل النزاعات واحيانا ً الصراعات الغير شريفة .
وفتح عندما اصابتها الآلام والامراض المزمنة لم تكن تلك الآلام والامراض وليدة التنافس والصراع الذي تجاوزته عندما قالت الأرض للسواعد التي تحررها ولكن آلام فتح اتت من التحريفيين اصحاب الولاء لأنظمة ومتغيرات اقليمية ، فلم يكن لحركة فتح الاستطاعة بكبر انتشارها من السيطرة التامة على النهج والممارسة وخاصة ان حركة فتح هي حركة الجماهير ولم يحكمها ايديولوجية ، بل لديها من المرونة كان احد مساوئها الانفلاش والشخصنة وحكم الفرد وحكم رأس المؤسسة الفتحاوية سواء تنظيمية او امنية او غيره ولذلك هذه الظواهر كانت السهم الخارق لقدرات فتح وطاقاتها واصرارها وارادتها ، لم يكن العنف الثوري الا شعار مستبعد من حركة فتح ولأن حركة فتح وسطية وبلا فكر بل هناك توجه بتنحية الصراع الثانوي للتفرغ للصراع الرئيسي وهنا كان خلط في التكتيك والاستراتيجية وايهما اولى ؟
وبدون تحديد اطار فتح بقيادته فإن فتح هي الحركة الوطنية المعبرة عن الشعب الفلسطيني والمشكل الفلسطيني في اي زمان ومكان ولا نستطيع ايضا ً ان نقول ان لفتح انطلاقة واحدة لأن تلك الانطلاقة مرتبطة بحركة الجماهير ونظرتها لمتغيرات الصراع ، فمن يلصق في فتح الآن الجرائم ،ومن يلصق في فتح الآن التنازل فهم قصيري النظر ولا يؤمنون بحركة الجماهير .
ويعيد التاريخ نفسه الآن واذا تمحصنا في الصراع الدائر بين حماس وكما يدعون فتح فإنه صراع بين حماس واجهزة امنية افرزت قيادة فلسطينية بعيدة كل ابعد عن ارادة التنظيم وقوى التنظيم والشعب الفلسطيني ، وربما هناك ائتلاف في المصالح لاضعاف حركة فتح من جديد على قاعدة السادية والحكم والنظرية الاوحد للساحة الفلسطينية ، فهؤلاء مصابين بقصر النظر ايضا ً لعدم فهمهم لحركة الجماهير ومصلحتها في استمرارية حركة النضال الوطني الفلسطيني وبرنامجها التحرري الذي طرحته منذ عام 1965 في انطلاقتها الاولى وكما قلنا فإن الانطلاقة لا تحدد بتاريخ بل هي استمرارية وتجدد لحركة الجماهير ، فما كانت الانتفاضة الاولى والثانية الا محطات لانطلاقات وطنية تعبر عن الحال الفلسطيني .
من المؤسف ان نرى اليوم ان تتحرك حماس لتحاول ان تحرق الاخضر واليابس في حركة فتح باستهدافها الحركة كمفهوم شامل وخاص ، فهي تستهدف جل ابناء حركة فتح وربما الشرفاء هم من يقعوا الضحايا امام سطوة حماس ، في حين ان هؤلاء الشرفاء رفضوا ان يوجه تيار الفساد والتيار الانحرافي بنادقهم في اتجاه صدور ابناء حماس ، في حين كان هناك التمييز بل الاصطفاف مع حركة حماس للقضاء على الفساد والمفسدين ولكن ارى كما قال اخي الدكتور ابراش ان هناك اصبح توافقا ً او التقاء في المصالح بين تيارالفساد والمفسدين في داخل حركة فتح وبين اهداف حماس كم قلنا لحماس يجب ان تحددي البوصلة وبدقة وكيف تستهدفين المفسدين في الساحة الفلسطينية ؟ ونحن نلتقي معك على ذلك الا ان الاخوة في حماس اغمضوا اعينهم عن التمايز والتمييز بين من هم سبقوهم بشرف وعزة في الكفاح المسلح والتضحية وبين القوى المضادة الاقليمية في داخل حركة فتح التي تتعامل معها حماس وتعترف بها وتتم لقاءات بينها وبينهم على تقاسم ما يسمى " بالسلطة" التي هي مرفوضة اساسا ً من شرفاء فتح ،خطوات حماس تصب في خانة محمود عباس لتقاسم قريب على سلطة او حل سياسي وهذا ما يرفضه شرفاء حركة فتح ولأن الطريق مازال طويلا ً ولا يوجد انصاف حلول كما تريد حماس وكما يريد تيار ابو مازن .
كان لحماس ان تلعب دورا ً مهما ً في تنشيط الحركة الوطنية ولشرفاء فتح ومساعدتهم والسد بأيديهم لمواجهة اخطبوط السيطرة على حركة فتح من القوى الانقلابية المشبوهة التي تحاول اليوم السيطرة على اقدار حركة فتح وهي المحاولة الاخيرة كاستحقاقات لمبادرة امريكية وعربية واوروبية وفي النهاية كما تنظر حماس حي الشيخ جراح يهود والقدس تهود بكاملها والبحر الميت يهود ايضاً ، وامام موقف حماس الوسطي يعد عباس وحكومته جيل من الفتحاويين الجدد الذين لا يعرفون حركة فتح التاريخ والشهادة وكما قال اخي بسام ابو شريف ان هؤلاء رجال الحرس الوطني ذوي العدة والعتاد واللباس لا يفهمون ولا يعرفون من هو ابو جهاد ولا الرنتيسي ولا احمد ياسين ولا ابو عمار ، واذا عرفوا ابو عمار فلقد عرفوه ضمن برمجة اعلامية محددة .
وهنا سؤال لاخوتنا في حماس هل كل من منعتيهم من الحضور للمشاكسة ومحاولة تفجير المؤتمر لكي لا يكون مؤتمراً فئويا ً جغرافيا ً يعبر سياسيا ً عن حال الانقلابيين هل كلهم عملاء لدايتون واجهزته ؟ من الاستخفاف بالعقول ان نقول ان ذلك صحيح . بل حماس بتوقيفها كل اعضاء المؤتمر تصب في خانة ومصلحة التيار والقوى المضادة في حركة فتح وهذا ربما يؤدي الى انسلاخ كامل لحركة وطنية يعبر عنها ابناء حركة فتح حيث لا نشاط لهم في غزة وتنظيما ً محظورا ً وفي الضفة تتم عمليات احتواء قصرية وترغيبية لهم ، اي تساهم حماس في القضاء على حركة التحرر الوطني الفلسطيني بثوبها النضالي الذي اعتنق الكفاح المسلح منذ اكثر من 4 عقود ، وهنا نقول الى اين يمكن ان تصل حماس وهي التي طرحت في تجاذب مع مواقف امريكية القبول بالدولة على الارض التي احتلت عام 1967 وحينما طرحت حركة فتح حلولها المرحلية وليست الحلول التي كان يريد منها التيار الانقلابي ان تكون استراتيجية ، هوجمت حركة فتح وقيل انها تنازلت عن فلسطين واذا كانت البرامج السياسية لحركة فتح قد تنازلت عن فلسطين التاريخية فإن برنامج حماس يصب في نفس الخانة ايضا ً من خلال تصريحات الاخ اسماعيل هنية .
ولكن نقول ان الحركة الوطنية الفلسطينية هي اكبر من كل المراهنات عليها بالذوبان او بالانهيار وكما قلت لأنها مرتبطة بحركة الجماهير التي تريد من حركة التحرر وممثليها ان يكونوا في مستوى المسؤولية والمثالية الوطنية ونتفق مع كل الاخوة الذين يتحركون بصدق مع الشرفاء بأننا يجب ان نستأصل الجناح التفريطي الاختراقي لقيادة حركة فتح ولأطرها ولقياداتها من خلال مؤتمر ما يسمى " بيت لحم " الذي يمارس فيه عباس الآن الارهاب من خلال قوة الحرس الوطني المدرب من قبل دايتون والخبراء الاميركان والعرب ونقول ان الشرعية لحركة الجماهير التي اندفعت نحو حركة فتح كحركة تحرر وطني وستبقى هكذا ولن تنحصر الانطلاقة في عام 1965 .
بقلم/ سميح خلف
المفضلات