عوانس فتح
مقال قديم
لكني نقلته لكم للاطلاع عليه ولما يجري من تلاعب
في بيت لحم - هل تتغير الوجوه
عوانس "فتح" والحقد على حماس..!!
عادل أبو هاشم
كاتب وصحفي فلسطيني- الرياض
من أصعب الأمور على النفس البشرية الاعتراف بالخطأ والتراجع عنه، وتتحول هذه الظاهرة إلى واقع مأساوي في مجتمعات تحكمها عقائد مطلقة وتربية تجعل كل فرد يظن أنه يملك الحقيقة المطلقة ويمكنه من إصدار أحكام على أصغر القضايا وأكبرها، وتترسخ هذه الظاهرة في غياب الديموقراطية والمؤسسات ونظام للمحاسبة ينطبق على الجميع، مما يسمح للفرد أو النظام بالتهرب من مسؤولية أعماله وإلقائها على كاهل طرف آخر.
ما دعانا إلى الكلام السابق ما يتردد هذه الأيام من تصريحات تحمل كل معاني الضغينة والحقد على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بعد فوزها الساحق في الانتخابات التشريعية الفلسطينية من فئة صغيرة في حركة فتح من المنتفعين، والانتهازيين، والمتسلقين، والوصوليين، و"فئران السفينة الفلسطينية" من الأفاقين، والمنافقين، ومعدومي الضمير، وفاقدي الانتماء والكرامة، وأباطرة الفساد، الذين مارسوا بغاء الفعل والقول، وفضلوا المتاجرة بدماء شعبهم وقضيته الوطنية، الذين التقوا وتجمعوا لإغراق السفينة الفلسطينية من الداخل.! وقد حذرنا منهم في مقالنا السابق "هل حقـًا هزمت حركة فتح"..!!
إضافة إلى زمرة من دهاقنة ومنظري اتفاق أوسلو الذين أدخلونا في متاهات وزواريب "أوسلو" الذي جلب الخراب والدمار على شعبنا، ومن أزلام سلطة الفساد والإفساد والتفريط التي فرضت على شعبنا لأكثر من عقد من الزمان..!!
إنهم جمع غريب وخليط عجيب، التقوا في خط واحد دون اجتماع منسق ومهيأ له، ومشوا في تظاهرة ليس لها قائد علني ولا برنامج سياسي، لا يجمع بينهم إلا شعار الإدارة الأمريكية والعدو الإسرائيلي بوجوب إفشال حركة حماس في قيادة الشعب الفلسطيني.!
وقد أطلق شعبنا الفلسطيني في داخل الوطن المحتل والشتات على هذه الزمرة المتعفنة لقب "عوانس فتح" الذين يصرون على إفشال كل عرس فلسطيني..!!
لقد أصيب الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي بالدهشة عندما وجد أن الحقد الدفين والهجوم الشرس على حركة حماس يأتي من فلسطينيين وعرب ومسلمين، وتعجب أن بينهم كتابـًا وأدباء ومثقفين وحملة أقلام في وسائل إعلام عربية، وتعجب أكثر أن بينهم سياسيين في مواقع المسؤولية.
ويطرح التساؤل التالي نفسه:
لمصلحة مَنْ هذه الهجمة الشرسة من بعض المتنفذين في السلطة الفلسطينية، والأصوات المشبوهة الصادرة من بعض النخب السياسية والثقافية الفلسطينية والعربية ضد حركة حماس..؟!
ولمصلحة مَنْ سعي بعض مسؤولي السلطة الفلسطينية لإفشال حركة حماس.؟!
صحيح أن سلطة أوسلو التي تتخبط في سياسات مرعبة أدخلت في عقول الشعب الفلسطيني بأن السياسة هي الاختيار بين السيء والأسوأ، ولكن هل يشفع ذلك بأن يصبح الهجوم على حركة حماس مسؤولية "عوانس فتح".!
لقد وصلت الوقاحة بـ"عوانس فتح" طوال الأيام الماضية الى اتهام حركة حماس باتهامات لم تصدر عن أعتى عتاة الليكوديين في إسرائيل، ولا عن رمز من رموز المحافظين الجدد في أمريكا الذين يملأهم الحقد على الفلسطينيين.!
هل يعقل أن يصف أحد متـنفذي السلطة الفلسطينية فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية بالنكبة الكبرى.! وشبهها بنكبتي فلسطين في العامين 1948م و1967م.؟!
قد يقول قائل بأن حالة من الغباء المركب قد أصابت "عوانس فتح" بعد فوز حماس، حيث ستضيع منهم امتيازاتهم ومنافعهم من السلطة، وأن هذا الغباء لا يصل إلى حد الخيانة الوطنية في التناغم مع العدو الإسرائيلي والإدارة الأمريكية في الهجوم والتشكيك على حركة حماس.
ولكن قديمـًا قالت العرب "حينما يتعلق الأمر بمصير الأوطان.. فإن الغباء والخيانة يتساويان".
قبل أيام خرج علينا الطيب عبد الرحيم أمين عام السلطة الفلسطينية في الفضائيات وهو يلقي رد الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" على كتاب تشكيل الحكومة وبرنامجها السياسي برئاسة المجاهد إسماعيل هنية، وشاهد الجميع كم الحقد الهائل على وجه هذا الرجل وحركاته وكيف تخرج الكلمات من فمه وهو يلقي بالخطاب وكأنه يعلن قرار ضرب إسرائيل بالأسلحة النووية الفلسطينية.!
وتساءل الشارع الفلسطيني ألا يوجد شخص آخر في هذه السلطة يلقي هذا الخطاب بدلا من هذا الرجل الذي عرف عنه الاستماتة في محاولات ضرب الفصائل الفلسطينية المعارضة لاتفاق أوسلو وخاصة حركتي حماس والجهاد؟!
إن الشارع الفلسطيني لن ينسى موقف الطيب عبد الرحيم من قضية اغتيال المسؤول العسكري لحركة حماس المهندس محيي الدين الشريف في مارس "آذار" 1998م وإسراعه إلى اتهام حركة حماس بقتل مسؤولها العسكري.! وكيف تحول هذا الرجل إلى قائد أمني يأمر بالقبض على عماد عوض الله الذي اتهمه بقتل الشريف وبعد الاعتقال يقوم بالتحقيق معه ومع الآخرين الذين اتهموا بالمشاركة في عملية القتل معلنـًا بأن جميع الحقائق سيعرفها الشعب الفلسطيني بعد الانتهاء من التحقيق، ومنذ أكثر من 8 سنوات لم يسمع أي إنسان بنتائج التحقيق سوى أن عماد عوض الله هرب من سجنه في أريحا بعد ستة أشهر من اعتقاله ليتم اغتياله بعد يومين مع شقيقه القائد عادل عوض الله لتطوى بذلك صفحة من صفحات الطيب عبد الرحيم في ضرب وشق حركة حماس.!
إن الهجمة الشرسة على حركة حماس هذه الأيام تعيد إلى الأذهان المحاولات العديدة التي مارستها بعض القوى في السابق لتصوير الحركة على غير حقيقتها، وهي نفس النغمة التي رددتها "جوقة" من بعض النخب السياسية والثقافية الفلسطينية والعربية الذين عميت قلوبهم وفسدت ضمائرهم في تشويه العمليات الاستشهادية والتنديد بأبطالها، والتسابق على تشويه وتسفيه تاريخ جهاد ونضال الشعب الفلسطيني، والمطالبة بتجريد الفلسطينيين من السلاح الوحيد الذي تبقى لهم، وغضوا الطرف عن حرب الإبادة والتطهير العرقي والفصل العنصري وكل الجرائم اليومية البشعة التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد أبناء شعبهم!
هل تذكرون دور "عوانس فتح" في الضغط على الرئيس ياسر عرفات- رحمه الله-، وترديدهم كالببغاوات ما تقوله الإدارة الأمريكية والإسرائيلية من عدم ديموقراطية عرفات وفشله في قيادة شعبه، وبالتالي يجب استبداله بقيادة جديدة؟
إنهم نفس "عوانس فتح" الذين هبطوا علينا فجأة من السماء في براشوت أمريكي يحمل العلم الإسرائيلي بعد خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش في 24/6/2002م والذي طرح فيه خريطة الطريق، وطالب فيه باستبدال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رحمه الله، فجاءت "عوانس فتح" وخاصة من أولئك الذين ساهموا معه في عملية التفاوض (العلني منها والسري في مراحل التفاوض وأشكاله المختلفة) من أجل عزله سياسيـًا، وبالتالي إسقاطه من قيادة الشعب الفلسطيني.!
إنهم نفس "عوانس فتح" الذين أطلقوا على أنفسهم "المعارضون الجدد"..!!
فقد عاش هؤلاء بفضل عرفات، وضربوا بسيفه، واستفادوا منه إن لم نقل إنهم استغلوا انتمائهم إليه، وأطاعوا أوامره في تحقيق أهدافهم المعيشية، وكانوا أصحاب حظوة عنده، وعندما جاءت أوامر الإدارة الأمريكية بوجوب استبدال القيادة الفلسطينية، أصبح عرفات هو المستبد والمتسلط الذي يأخذ القرار لوحده.!
إنه مرض أكبر من مؤامرة..!!
إنها عقدة نقص أكبر منها مسايرة لمناخ يرى العلاقة مع العدو طبيعية والعلاقة مع الأخ مسألة فيها نظر..!!
لقد علمنا التاريخ أنه لا يتآمر.. ولكنه يسجل المؤامرات..!!
كلمة أخيرة:
لقد نجحت حركة حماس في البقاء لأنها لم تهدر الدم الفلسطيني ، ولا الرصاص الفلسطيني في غير ميدان المعركة ، ولأنها وضعت دائماً مصلحة الشعب الفلسطيني ووحدته قبل كل شيء ، وبقيت رموز حماس عنواناً لمعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة ، وتعبيراً عن حقه الضائع ، وبقيت حماس ممثلة لإرادة الشعب الفلسطيني وتمرده ضد المحتل رغم ما واجهته في سبيل ذلك ، وظلت حدقات مجاهدي القسام ، وفوهات بنادق كتائب القسام مصوبة باتجاه صدر واحد ، هو صدر المحتل.
إن ما تحتاجه الحركة هذه الأيام– عبر حقول الألغام والأشراك المنصوبة لها من قبل الإدارة الأمريكية والعدو الإسرائيلي و"عوانس فتح"– أن تعمق رؤيتها بإلقاء نظرة نافذة صادقة إلى داخلها وعلى كل ما حولها وعبر كل ما يجري، لتتأكد من أن الكمائن التي نصبت لها منذ نشأتها وإلى الآن قد ازدادت بعد تسلمها السلطة، وأن المطلوب أمريكيـًا وإسرائيليـًا وفلسطينياً استدراجها إلى معارك جانبية، جماعية كانت أم فردية، تحولها من أداة فعل وتخطيط إلى أداة ردود فعل وتبسيط، وتبعدها عن أهدافها الحقيقية.
رد مع اقتباس
رد: عوانس فتح
المفضلات