العصر في فقه استعمال الجذور
مادة "عصر" من المواد الأولى التي بحثتها في فقه استعمال الجذور، سنة 1989م، وجلست أكثر من ستة أشهر وأنا أعود إلى المادة لعلي أجد مدخلاً لفهم استعمال هذا الجذر، حتى وقفت على استعمال فعل "اعتصر هديته"
وعند تحليل هذا الاستعمال تبين استعمال الجذر "عصر"
كيف يعتصر هديته ؟!
فمثلاء؛ أحد أصحاب المصالح له تعامل مع مسؤول له علاقة في مصلحته،
ثم جاء لهذا المسؤول مولود جديد، فذهب إليه وبارك له في مولوده، وقدم له هدية مميزة أضعاف ما يقدمه الناس في مثل هذه المناسبات،
وبعد فترة نزلت دائرة المسؤول عطاء جديدًا .. فتقدم صاحب المصلحة لهذا العطاء.
ثم زار المسؤول وسلم عليه، واستخبر عن مولوده ... تذكيرًا له بالهدية التي قدمها له من قبل، فوعده بأن العطاء سيرسي عليه ويكون له.
إذن هديته استردها بطريق آخر بأفضل منها ... فبذلك اعتصر هديته .. فكانت المادة كلها على هذا الاستعمال.
"استرداد الشيء بأفضل منه بطريق آخر"
فأدركت لماذا سمي وقت العصر بهذا الاسم؛ لأن الناس في الصباح ينطلقون إلى اعمالهم في الصباح وأيديهم خالية، فيعودون آخر النهار إلى بيوتهم للراحة ومحملين بما جنته أيديهم،
وأدركت دللالة قوله تعالى : {ثم يأتي عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون{49} يوسف؛ أي يسترجون ما يبذرونه في الأرض بخير منه وبأضعاف كثيرة، ما كانت تحدث في سنين القحط. بدلا من الذهاب بعيدًا إلى ربطه بعصر العنب أو البرتقال المصري.
وأدركت ان العصر الذي أقسم الله به في سورة العصر، هو وقت رجوع الناس إلى الله تعالى بما جنته أيديهم؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء، والخاسر من لا يجني من عمله شيئًا،
وهذا الرجوع العظيم إلى الله يوم القيامة لا يقارن برجون الناس إل بيوتهم محملين من متاع الحياة الدنيا، والأول فعل لله والثاني فعل للناس، والقسم بفعل الله لعظمته أولى من القسم بفعل الناس، ولله أن يقسم بما يشاء.
فالعصر الذي أقسم الله تعالى به في سورة العصر هو يوم القيامة ويكون "العصر" اسمًا من أسمائها
والإعصار : عودة الماء الذي صب من قبل في البحر بكميات كبيرة ونقية وبعنف شديد.
والمعصرات : عودت الاء المتبخر من الأرض طاهرًا نقيًا.
وأعصرت الفتاة : بلغت؛ ومن يتقدم بالزواج منها يعود عليه ما انفق في زواجه ببنين وبنات يملؤون عليه بيته وحياته.
ففقه استعمال الجذور يبين عظمة وسحر تسمية المسميات بأسمائها
المفضلات