تركستان الشرقية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001

بقلم: توختي آخون أركين (باحث تركستانى مقيم فى السعودية)

إن تدهور الأوضاع الإسلامية في تركستان الشرقية وتمادي السلطات الصينية الشيوعية في إجراءاتها الاستبدادية بدأت عقب انهيار الاتحاد السوفياتي الذي أدى إلى استقلال جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية في عام 1991، وذلك خوفا من أن تهب عليها رياح الخلاص ، وتحررها عن نير الاحتلال الصيني ، كما تحرر جزءها الغربي تركستان الغربية من الحكم الروسي الشيوعي .
سياسة أضرب بقوة:
واتخذت حكومة الصين الشيوعية تدابير صارمة في تشديد قبضتها الحديدية على هذا الجزء الإسلامي على الصعيدين الداخلي والخارجي ، وقد عملت على منع الدعم السياسي الذي كان يحظى بها اللاجئون التركستانيون في الاتحاد السوفياتي إبان الحكم الشيوعي، حيث وقعت اتفاقية إقليمية عرفت باسم اجتماع شنغهاي الخماسي The Shanghai Five مع دول الجوار وهي قازاقستان وقيرغيزستان وتاجيكستان وروسيا الاتحادية في 26 ابريل 1996 ، ثم بعد أن وقعتها اوزبكستان في 15 يونية 2001 سميت بمنظمة تعاون شنغهاي Organization Shanghai Cooperation ، وأعلنت عن تأسيس مركز لمقاومة الإرهاب في بشكك عاصمة قيرغيزستان ، وهكذا نجحت الصين التي استفادت من الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية في هذه الدول حديثة الاستقلال والتكوين على فرض املاءاتها السياسية الخاصة بتركستان الشرقية لتمارس بحرية إجراءات القمع والتنكيل ضد المسلمين التركستانيين .
وأما على الصعيد الداخلي في ذات الوقت اتخذ المكتب السياسي للجنة الدائمة للحزب الشيوعي الصيني في اجتماعه الطارئ في 28 مارس 1996 قرارا سريا للغاية في معالجة قضية تركستان الشرقية ( شنجانغ) عرفت بالوثيقة رقم 7 ، وقد تضمنت تطبيق عشرة إجراءات صارمة تبدأ بحظر التعليم الإسلامي ومنع النشاط الديني واستعمال القمع والاغتيال والإعدام لمن يعارض الحكم الشيوعي أو يدعو إلى استقلال وانفصال تركستان الشرقية عن الصين . وبدأت السلطات الصينية في تنفيذ هذه السياسة بحملة (اضرب بقوة) Yan Da في 12 ابريل 1996، وأدت هذه الحملة الجائرة إلى منع المسلمين من منسوبي وموظفي أجهزة الحكم الصيني والنساء والشباب من ارتياد المساجد وحظر التعليم الإسلامي وكان من ذلك ما حدث في مدينة غولجة في ليلة القدر السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1417 عندما وقف رجال المباحث والاستخبارات والشرطة أمام أبواب المساجد يمنعون الشباب والنساء من دخول المساجد لأداء صلاة التراويح والتهجد ، فاشتبك المسلمون معهم ، واندلعت ثورة عارمة في غولجة التي تقع في شمال البلاد ، وتدخل الجيش الصيني لضرب هؤلاء المسلمين العزل ، فقتل منهم أكثر من ثلاثمائة واعتقل نحو عشرة ألاف مسلم . وقد ذكر وانغ لي جوانWang Lequan سكرتير الحزب الشيوعي لمقاطعة شنجانغ ( تركستان الشرقية) في جريدة شنجانغ الرسمية اليومية بتاريخ 11/7/1997 ان السلطات الشيوعية اعتقلت 17000 شخصا في معسكرات السخرة لجيش التحرير والبناء ، كما ذكرت جريدة شنجانغ ذاتها بتاريخ 21/6/1997 أن الأجهزة الصينية هدمت 133 مسجدا وأغلقت 105 مدرسة إسلامية ، وفي بلدة واحدة هي قراقاش في محافظة خوتن هدمت المساجد التالية :
1- مسجد اوستانغ بويي
2- مسجد اوي واغ
3- مسجد فانغيزن يولي
4- مسجد 17 دادوي
5- مسجد 18 دادوي
6- مسجد مزار باشي
7- مسجد كونغشي يولي
8- مسجد بوجاقجي يول
9- مسجد شهرليك ياغ زاوودي
10- مسجد كويا كوركي
وفي الوقت الذي انهار النظام الشيوعي وتخلصت الشعوب التي منيت به في الاتحاد السوفياتي وأوربا الشرقية ، وحرر الحكم الصيني نفسه نظامه الاقتصادي منه ، إلا أنه شدد في تطبيقه على المسلمين وبخاصة علىالتركستانيين بهدف تذويبهم ثقافيا واجتماعيا في البوتقة الصينية . وقد لاحظت ذلك الهيئات الدولية ، ونشر مكتب مباحث الأمن الكندي مقالا بعنوان (اضطراب الإسلام في مقاطعة شنجانغ ذات الحكم الذاتي )كتبه الدكتور باول جورج Dr Paul George باحث مستقل في قضايا التنمية السياسية والأمن العالمي ، برقم 73 في ربيع عام 1998 ، أشار إلى أن بكين تعمل بشكل منظم في التحكم والسيطرة على النشاطات الدينية في كافة أنحاء الصين ، بدعوى حماية الوحدة الوطنية والاستقرار ، ولكن في شنجانغ ( تركستان الشرقية ) حيث الإسلام يبدو بشكل ملحوظ في الهوية الوطنية والثقافية المحلية ، فتعده بكين تهديدا مباشرا لسلطانه ، وتعتبر المساجد والمدارس الإسلامية مراكز استياء لحكمها ، وتقوم من وقت لآخر بالإغلاق واعتقال رجال الدين ومعاقبتهم بعنف.
و لا يقتصر الأمر على الاضطهاد الديني فقط ، بل إن الصينيين المهجرين إليها هم الذين يسيطرون ويتصرفون في هذا البلد المسلم التركستاني ، إذ يقول الباحث المذكور : معظم كبار الموظفين وكل قواد الجيش هم من الصينيين الذين عينتهم بكين ، فالصينيون يسيطرون على كل الصناعات الرئيسة ومراكز الاستثمار الاقتصادي لتحقيق متطلبات السلطة المركزية ، وأما اغلب المسلمين المحليين فهم في مهنهم التقليدية في الزراعة والرعي ، وفرص العمل لهم في المجالات الأخرى محدودة جدا علاوة أن الثروات تصدر إلى داخل الصين ثم تستورد منها مصنوعات غالية الثمن .
معسكرات السخرة:
وقد عرفت شنجانغ ( تركستان الشرقية ) بسيبريا الصين لأنها أصبحت معسكرات سخرة لالآف السجناء السياسيين والمجرمين ، وتدير هذه المعسكرات منظمة بين توان Bin Tuan وتعرف باسم جيش شنجانغ للإنتاج والبناء Xinjiang Production and Construction Corps (XPCC) ويبلغ عدد أفراده 2،28 مليون جندي ، وفي عام 1996 سحبت خزينة الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لمشروعات البنك الدولي مع منظمة بين توان ، لأن المساعدات التي رصدها البنك الدولي لتنمية مجتمعات الاويغور المتخلفة كانت تستخدمها بين توان في معسكرات السخرة التي تعرف باسم لاوغاي Laogai وعددها 14 معسكرا لتشغيل السجناء .
الاستيطان الصيني .. التذويب العرقي :
وفي الوقت الذي يعيش المسلمون في معسكرات السخرة أو على هامش الحياة في مراعيهم ومزارعهم البدائية ، فإن السلطات الصينية قد أغرقت مقاطعة شنجانغ ( تركستان الشرقية) بملايين الصينيين البوذيين المهجرين من أنحاء الصين تحت شعار : اذهب إلى الغرب أيها الشاب Xibu da kaifa بلغ عدد الصينيين المهجرين 992، 421 ، 7 نسمة، بنسبة 40% والمسلمون الاويغور 575، 506 ، 8 نسمة أي بنسبة 45 % من جملة عدد سكانها البالغ 900، 761 ، 18 نسمة في عام 2001 حسب التقديرات الرسمية كما جاء في كتاب شنجانغ السنوي الرسمي المطبوع عام 2002 ؛ وبينما كان عدد الاويغور 100، 291، 3 نسمة يمثلون نسبة 95، 75 % ، و الصينيون 249،202 نسمة أي بنسبة 71، 6 % من جملة سكانها البالغ عددهم 400، 333، 4 نسمة عند احتلال الصين الشيوعية لها في عام 1949 ، ولكن خلال نصف قرن من الحكم الشيوعي تضاعف عدد الاويغور 58، 2 مرة فقط ، بينما تضاعف عدد الصينيين 78، 29 مرة ، علاوة أن الرقم الرسمي لعدد الصينيين المهجرين لا يشمل إلا المسجلين في مكتب الإحصاء لمقاطعة شنجانغ (تركستان الشرقية ) لأن جيش شنجانغ للإنتاج والبناء الذي يتولى مهمة توطين المهجرين الصينيين لا يعلن إلا عن الأرقام التي يتم توظيفها وتوطينها في الأجهزة والشركات الرسمية ، بينما لا يتم الإعلان عن عدد الذين يعملون في مزارعها ومؤسساتها ، مما أدى الى أن الباحثين يؤكدون أن عدد المهجرين الصينيين يزيد عن عشرة ملايين وان كثافتهم حاليا يفوق نسبة المسلمين الاويغور وغيرهم في تركستان الشرقية ، وبخاصة أن جريدة بكين جي فانغ جونJeifangjun Bao ذكرت في عددها الصادر بتاريخ 10/3/ 1989 أن جيش شنجانغ للإنتاج والبناء يشرف على 170 بلدة و2000 قرية وأن المستوطنين ينتجون 20 % من الإنتاج السنوي ؛ ومدينة شيخنزة التي تديرها ، ويعتبرها الصينيون شنغهاي الصغرى ، قد بلغ عدد سكانها 051،600 نسمة ، بينما عدد الاويغور فيها 7611 نسمة فقط ، وذلك حسب الإحصاء الرسمي لعام 2001 المنشور في الكتاب السنوي لمقاطعة شنجانغ ( تركستان الشرقية)لعام 2002، وعلى ضوء ذلك يؤكد الباحثون أن في كثير من مدن تركستان الشرقية تبدلت النسبة من 9 اويغور و صيني واحد إلى نسبة 9 صينيين وواحد اويغور ، وفي اورومجي عاصمة مقاطعة شنجانغ ( تركستان الشرقية ) تحولت النسبة من 80% اويغور و20% صينيين إلى 80% صينيين و20% اويغور ، بل بدأ التذويب السكاني الصيني يهدد مدينة كاشغر التي كانت تعرف بمكانتها العلمية الإسلامية ببخارى الصغرى فالنظام الشيوعي الصيني، كما جاء في جريدة الشعب اليومية الصادرة في بكين بتاريخ 2/12/1992 أشار إلى نقل مائة ألف صيني إليها من منطقة سد الممرات الثلاثة ، مع تنفيذ لنقل 000، 470 صيني إليها بالتدريج ، ويبلغ عدد المهجرين الصينيين إلى تركستان الشرقية ما بين 52 ألف -55 ألف في السنة حاليا ، بعد أن كان عدد المهجرين سنويا 250 ألف في عام 1950 ثم بلغ ذروته 350 ألف صيني مهجر في عام 1965 كما جاء في الجزء الخاص بمقاطعة شنجانغ ( تركستان الشرقية) من كتاب سكان الصين في القرن الحادي والعشرين الذي نشره دار نشر إحصائيات الصين في بكين عام 1994.
التهديد الاقتصاد ي:
لم يراع النظام الصيني الظروف الجغرافية لتركستان الشرقية التي تغطيها صحراء تكلامكان الشاسعة وسلاسل الجبال ويعيش السكان في الواحات حول مجاري المياه عند حافات المنحدرات الجبلية التي تمثل فقط 4،5% من مساحة البلاد وارتفعت كثافة السكان بسبب التهجير من 2،7 نسمة في كيلومتر المربع في عام 1949 إلى 258 نسمة في كيلو متر المربع في عام 2001 ، وقد حذر لي شانتونغ Li Shantong مدير قسم التطوير الإقليمي في مركز أبحاث مجلس الدولة الصينية عن العواقب الوخيمة من هذا التهجير والتوطين الكثيف على الأوضاع البيئية ،كما جاء في جريدة الصين اليومية الصادرة في بكين بتاريخ 11/6/2000، وهذا التوطين الصيني يجري تنفيذه بمنح المهجرين إعفاءات ضريبية شاملة مع توفير المساكن والأراضي لهم مما يتم مصادرتها من الاويغور المسلمين الذين تم طردهم إلى أطراف القرى والأراضي القاحلة ، وغدا مثلا ثلاثة أرباع سكان كاشغر لا يجدون الماء الكافي ، وفي اورومجي لم يعد الاويغور يوجدون في مراكزها التجارية إلا متسولين أو باعة متجولين أو طباخين يبيعون الأطعمة في أزقتها ، و يقول فانغ غوي ليانغ Fang Guiliang مهندس مؤسسة البترول الوطنية الصينيةCNPC : أن 80% من العمال في حقل النفط تاريم في منطقة كورلا هم من الصينيين ، والمحليون يعملون فقط في الأعمال الثانوية التي تعطى لهم عبر الوسطاء . ومنظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر في ابريل عام 1999 أكدت أن الحكم الصيني يمارس سياسة التمييز العنصري في التوظيف لأن العدد الساحق من العمال في حقول النفط والمشروعات هم من الصينيين ، والاويغور أو المسلمون عموما هم من الفلاحين و 80% منهم يعيشون تحت خط الفقر إذ لا يزيد متوسط دخلهم السنوي عن 50 دولارا ، علاوة أن الحزب الشيوعي الصيني يجبر كل واحد منهم أن يعمل لصالح حكومة مقاطعة شنجانغ ( تركستان الشرقية ) بدون اجر لمدة تتراوح من 45 إلى 180 يوما في السنة الواحدة . وتقول لويسا ليمLouisa Lim مراسلة إذاعة راديو بي بي سي البريطانية في بكين فيما نشر بتاريخ 19/12/2003 : إن ادعاءات التطوير الاقتصادي بالتهجير إلى مقاطعة شنجانغ ( تركستان الشرقية) لم تعد فائدتها إلا إلى المهجرين الصينيين ، فالعاملون مثلا في مصفاة تازونغ Tazhong في وسط صحراء تكلامكان هم من الصينيين ، ويبرر ذلك سكرتير الحزب الشيوعي الصيني وانغ لي جوان Wang Li Guan ببساطة أن الاويغور لا يملكون المهارات. ويقول المسن الاويغوري أيتام يوسف : انه باع عربته التي يجرها الحمار ويستخدمها لنقل الأعراض ، لأنه لم يتمكن من إعاشة وتعليم أبنائه الأربعة في المدارس ، ومع ذلك يعتبر هذا الرجل الذي يسكن بيت من الطين نفسه أنه أفضل من غيره ، إذ يقول: هناك الكثيرون الذين لا يجدون عملا، حتى أن خريجي الجامعات لا يجدون عملا؛ ومناظر المتسولين مألوفة ، ومعظمهم من الاويغور الذين هم مواطنون أصلاء ولكن من الدرجة الثانية .
التهديد الاجتماعي و الثقافي :
إن تدفق هؤلاء المهجرين الصينيين وكثافة توطينهم لم يؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي لمسلمي تركستان الشرقية فحسب ، بل إلى ممارسات جائرة ضد المسلمين حيث منع رفع الآذان من مكبرات الصوت بدعوى أنها تزعج هؤلاء الصينيين (الدخلاء) ، ويتم ترويج الزواج المختلط لزواج الصينيين والصينيات البوذيات بالمسلمين بضغوط اقتصادية وإغراءات مادية .
ونظرا لما يشكله هذا الاستيطان الصيني المكثف من ضغط على المدارس المحلية ، فمثلا في المدرسة المتوسطة الأولى في كورلا وهي مدينة تركستانية حيث يختلط 750 طالبا اويغوريا مع 1800 طالبا صينيين أمرت الإدارة المدرسية أن يدرس الطلاب الاويغور باللغة الصينية ، ولم يتمكن من ذلك إلا 75 طالبا فقط ، وبدلا أن يطلب من المهجرين الصينيين تعلم اللغة الاويغورية وهي لغة البلاد الأصلية ، أصدر وانغ لي جوانWang Li guan سكرتير الحزب الشيوعي الصيني لمقاطعة شنجانغ (تركستان الشرقية) قرارا بتاريخ 9 مارس 2002 يتضمن فرض التدريس باللغة الصينية لكافة المواد المدرسية من الصف الثالث ومافوق، مهددا لغة شعب تركستان المسلم وثقافته العريقة إلى الزوال ، وكان قد أعاد صياغة تاريخه بصناعة تاريخ صيني ، وزور حضارته الإسلامية التركية بحضارة مزيفة لاتمت إليه بصلة ، وذلك بعد أن اضطهد وأعتقل المؤرخين والمؤلفين المسلمين ، أمثال تورغون ألماس وتوختي تونياز بسبب كتاباتهم التي تعكس تاريخ الاويغور الحق قبل الاحتلال الصيني وبعده ، وغدا الصينيون هم الذين يكتبون تاريخ وحضارة هذا الشعب المسلم وتفرض كتبهم على الاويغور الذين ينحصر دورهم على دراستها و القراءة أو الترجمة فقط ، و لا يحق لهم النقد والإيضاح وكشف الحقائق. فمثلا محمود الكاشغري الذي قدم كتابه ديوان لغة الترك إلى الخليفة العباسي المقتدر بالله في عام 467 هـ/1075 م تعتبره الصين مفكرا صينيا ، وهكذا مثله يوسف خاص حاجب وغيرهما. والهدف هو مسخ هوية هذا الشعب التركستاني المسلم تماما.
التهديد الصحي :
لم تكتف حكومة الصين بالآثار المدمرة التي تركتها التفجيرات النووية على البيئة والإنسان في منطقة لوب نور بتركستان الشرقية التي جعلتها حقلا لتجاربها النووية منذ عام 1964، واستمرت تلك التجارب تمارس مكشوفا في الفضاء حتى عام 1980، ثم توقفت كما تزعم في عام 1996 ، وبلغت 42 تجربة نووية وهيدروجينية ، وقد أدت إلى تزايد انتشار السرطان والإجهاض وتشوه المواليد ، ومع أنها حاولت إخفاء ذلك وتبرير ما نتج عنها ، إلا أن المنظمات الدولية مثل السلام الأخضر والأطباء العالميون لمنع الحرب النووية IPPNW أكدت على نتائجها المدمرة على السكان والبيئة وخاصة أن مستوى الإشعاع الذري في لوب نور وصل إلى 239 بلوتونيوم ، و 90 سترنتيوم ، 187 سيسيوم . وفي مؤتمر المرأة العالمي في بكين عام 1995 أثارت الدكتورة قالية كولدوغازيفKalia Moldogaziava باحثة من جامعة بشكك بجمهورية قيرغيزستان قضية ارتفاع نسبة الوفيات إلى 40 % في مناطق قيرغيزستان الشرقية على حدودها المتاخمة مع مقاطعة شنجانغ (تركستان الشرقية) بالصين ، وذلك في أواخر شهر مايو 1994 على اثر تجربة نووية في تركستان الشرقية ، وذكرت هذه الباحثة إن نسبة ارتفاع الأمراض في تلك النواحي من قيرغيزستان تصل إلى 5،8 في الألف، وأن الأطفال يعانون من اضطراب النظام العصبي وقصور في القلب ... هذا كله بسبب ارتفاع مستوى الإشعاع الذري في قيرغيزستان المجاورة... كم هي أثارها القاتلة في تركستان المسلمة نفسها ؟؟ وما تحدثت عنها هذه الباحثة هي عن تجربة نووية تحت الأرض ، ولكن هذه البلاد وشعبها المسلم لا يزال يعاني من نتائج التفجيرات النووية التي كانت تتم مكشوفة في الفضاء .
وكأن هذه الوسيلة لم تكفي في نشر الموت لأبادة المسلمين ، فاستغلت السلطات الصينية فقدان الوعي الصحي والاجتماعي الذي فرضتها على الشعب التركستاني المسلم على ترويج المخدرات والكحول ، فمثلا في مدينة قراماي يوزع الخمر مجانا على الاويغور المسلمين ،كما جاء في نشرة البيانات الحرةFree Lists التي توزعها كيستون نيوز سرفرس Keston News Service بتاريخ 10/3/ 2002 ، وقد ذكر الباحث جوستين رودلسون Justin Rudelson في مقالا له بتاريخ 11/6/2002: أنه في مدينة إيلي عندما حاول الطلاب المسلمون توعية الشباب بمخاطر الكحول وضرره على الإنسان ، مطالبين محلات الخمور بالتوقف عن البيع ، قامت السلطات الصينية بقمع حملتهم بالقوة ، ونتج عنها مقتل 200 طالبا مسلما في عام 1997؛ وكانت قد روجت تجارة المخدرات الآتية سرا من ماينمار (بورما) وتايلاند وما يعرف بالمثلث الذهبي عبر مقاطعات يوننان وجنغهاي وكانسو ومنها إلى شنجانغ (تركستان الشرقية)، ثم تتصل بالمافية الدولية لتجارة المخدرات في باكستان وأفغانستان وقازاقستان ومنها إلى أسواق العالم في أوروبا وأمريكا. و المناطق الصينية التي يمر منها طريق المخدرات الذي عرف بالطريق الأسود هي بلاد يسكنها أكثرية اسلامية ،حيث يصدر منه مثلا ما بين 80 - 100 طن من هروين رقم 4Heroin No.4 الذي تنتج ماينمار (بورما) منه 200 طنا، وفي الوقت الذي يعاقب مروجو المخدرات بالسجن والإعدام في مناطق الصين الأخرى ، فالمرجون لها في مناطق المسلمين يتمتعون بحماية السلطات السرية لمناشطهم ، وقد أثبتت التحريات التي أجريت في مقاطعة يوننان وفي معسكر جانغجي Changji أن قادة جيش التحرير الشعبي وهو جيش الإنتاج والبناء في تركستان الشرقية يتاجرون بهذه السموم القاتلة ؛ لأن الهدف هو المسلمون ، فمثلا في مدينة لينشا Linxia في مقاطعة كانسو التي يسميها المسلمون الصينيون Hui مكة الصغرى ، لكثرة مساجدها ومدارسها الإسلامية ، تعتبر احد المراكز الناشطة لتجارة الهيروين في الصين ، وهو متوفر في كل مكان، ورخيص جدا . وينتهي هذا الطريق الصيني للمخدرات في تركستان الشرقية حيث تم ترويجها بين الأهالي بدسها في الأطعمة والمشروبات التي تقدم في المطاعم وقد بلغ نسبة من ابتلي بها 20% من جملة السكان ، كما أن المبتلين بها من فئة الشباب التي تقل أعمارهم عن 35 سنة تبلغ نسبتهم 80% ، والهروين الذي يباع باسم بايميانBaimian لا تصل نقاوته حتى 30% ، ولم يقتصر الترويج لهذا النوع فقط ، بل هناك الكوكايين والأفيون والحشيش ، والماريجوانا والافدرين Ephedrine وغيرها.
وهذه المخدرات التي أخذت تتدفق إلى تركستان الشرقية بتشجيع السلطات الصينية منذ عام 1994 ، جلبت معها مرض الإيدز إلى مناطق المسلمين ، حيث تفيد التقارير أن التحاليل الطبية التي أجريت على مسلمي تركستان الشرقية في عام 1995 م لم تسجل إصابة واحدة بالأعراض الخاصة بفيروس مرض نقص المناعة HIV ، ولكن في نهاية عام 1996 يقول الباحث الصيني زنغ شي وين Zheng Xiwen من الأكاديمية الصينية لدواء المقاومة Chinese Academy of Preventive Medicine : أن واحدا من كل أربعة يتعاطون المخدرات كان ايجابيا بفيروسHIV . وفي السنوات الأخيرة أصبحت شنجانغ (تركستان الشرقية) من أكثر المقاطعات الصينية انتشارا بمرض وباء الإيدز ، وأن المسلمين الاويغور هم أكثر القوميات التي منيت بهذا الوباء . ومثلا في الأول من شهر ديسمبر 2003 فإن الباحث لي شيانغ Li Xiang من الوحدة الخاصة بمكافحة الإيدز في مدينة ارورمجي أشار إلى 303 إصابة جديدة بمرض الإيدز في شهر سبتمبر 2003 ، وأن عدد المصابين بلغ 3165 ، ويقدر العدد الحقيقي للمصابين بأكثر من ثلاثين ألفا ، ويذكر أن ثلاثة من كل 200 شخص في اورومجي يحمل الأعراض الخاصة بفيروس مرض نقص المناعة ، بينما تقدر بعض الجهات المحلية نسبة المصابين بنحو 40% في اورومجي و 85 % في مدينة إيلي بالقرب من حدود قازاقستان .ويمكن القول أن نسبة الإصابة تصل إلى 30 % في مقاطعة شنجانغ (تركستان الشرقية) مما يجعلها المقاطعة الصينية الأولى في نسبة انتشار الإيدز في الصين كلها .
هل هناك مقاومة ...؟
هذه الممارسات الجائرة لاشك أنها تثير امتعاضا وسخطا في أي مجتمع إنساني ، مهما تدنى تخلفه الحضاري أو فقد مشاعره وأحاسيسه فهو لن يفرح بالموت والابادة والقتل ، كما يلاحظ ذلك مع الحيوان نفسه الذي يساق إلى الذبح ، فهل يستطيع شعب تركستان الشرقية المسلم أن يدافع عن نفسه ؟! أو ان يعرب عن ألآمه وأحزانه وهمومه ؟! بالطبع لا !! فالكل يعرف الدبابات التي سحقت المتظاهرين في ميدان تيان مين في بكين في ربيع عام 1988، إذا لم يكن يعرف ما حدث للمتظاهرين في مدينة غولجة في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1417 (1997) ، هذه هي ديمقراطية النظام الشيوعي الصيني! إن السلطات الصينية تريد إبادة الشعب التركستاني بصمت ، ولا تريد من الضحية أن يتألم .. وإذا تألم فهو إرهابي ، هكذا وصفت الأجهزة الصينية التركستانيين الرافضين لأبادتهم بالإرهابيين وانتهزت دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ذريعة لاعتقال وقتل التركستانيين الرافضين للابادة . وقد سبق أن أشارت الصحف الصينية نفسها الى إن ما تدعيه الصين بمحاربة الإرهاب إنما هو تبرير لسياستها الجائرة ، حيث ذكرت جريدة أخبار جنوب الصين الصباحية South China Morning Post في عددها الصادر بتاريخ 2/9/1998 : (أن الصين تتخذ هذه الذرائع لتبرير قمع المناشط الدينية للأفراد والجماعات في مقاطعة شنجانغ) ، كما كشفت الهيئات الأمريكية والأوروبية والباحثون المتخصصون بالدراسات الصينية هذه الفرية المفضوحة التي وصمت التركستانيين الرافضين بالإرهابيين ، ومن ذلك مايلي :
1- مراقب حقوق الإنسان Human Rights Watch ذكر في نشرة له بتاريخ 17 أكتوبر 2001 : أن الدعم القوي الذي تقدمه الصين لواشنطون في حربها ضد الإرهاب ، إنما هو محاولة منها لكسب الدعم العالمي أو على الأقل السكوت عما تمارسها ضد الأقلية الاويغورية في مقاطعة شنجانغ .
2- منظمة العفو الدولية بتاريخ 19 ديسمبر 2003 قالت إن الحكومة الصينية لا تفرق بين المقاومة المسلحة والمطالبة السلمية بحق حرية العبادة والاجتماع والتعبير، فهي تعتبر أية مطالبة بحكم ذاتي أوسع أو استقلال حركة انفصال عرقية ، وتصف النشاط السلمي للمعارضين بالإرهاب طلبا لدعم دولي لقمع كل أشكال المعارضة .
3- كتب فيليب فانPhilip P.Pan في جريدة واشنطون بوست بتاريخ 15 يوليه 2002 مقالا بعنوان :( في غرب الصين المقاومة العرقية تصبح إرهابا) بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 مباشرة بدأت الصين تنشر معلومات كثيرة عن الحركات الانفصالية في مقاطعة شنجانغ ، وذلك كي تظهر أنها شريكة لأمريكا في حربها ضد الإرهاب و حتى تبرر حربها لقمع المعارضة الاويغورية .
4- الدكتور جون ايسبسيتو John Espisito مدير مركز التفاهم الإسلامي – المسيحي في جامعة جورج تاون قال : من المفيد لحكومة الصين أن ترمي اللوم على الأجانب ، وليس على الأحداث الداخلية ، فالمشاكل الداخلية تفاقمت من الاستياء الناجم من تدفق المهاجرين الصينيين إلى البلاد و تخلف الاويغور وحرمانهم من ثروات بلادهم ، كما جاء ذلك في مقال لمراسل نشرة أ. ب . س . الإخبارية ABCNEWS بار سيتزBarr Seitz بعنوان : (الصين تسحق الإسلام) عدد فيها الكاتب الأحداث التي أدت إلى انتفاضة الاويغور .
5- الجنرال الأمريكي فرانسيس تايلرFrancis Taylor المنسق الأمريكي لمحاربة الإرهاب الذي زار الصين ، في تصريح له من بكين بتاريخ 6/12/ 2001 قال : لم تصنف الولايات المتحدة الأمريكية منظمات التحرير لتركستان الشرقية بالإرهاب ، فالقضايا الاقتصادية والاجتماعية ليس من الضرورة أن توصف مقاومتها بالإرهاب ، ولابد أن تعالج سياسيا.
6- المفوضية الدولية لحقوق الإنسان السيدة ماري روبنسون في تصريح لها في بكين بتاريخ 8 نوفمبر 2001 حذرت الصين من استخدام الحملة الأمريكية لمحاربة الإرهاب ذريعة لقمع الأقليات العرقية ، وأبدت عن مخاوفها بخاصة على الاويغور ، وقالت : أن من الصعب الموازنة بين محاربة الإرهاب وممارسة سياسة التمييز العنصري ، لأن الإرهاب نفسه لم يعرف بعد.
7- الباحث الصيني جين بينغ جونغ Chien-Peng Chung كتب بعنوان : (حرب الصين على الإرهاب )في مجلة فورين افاريزForeign Affairs الأمريكية في عددها الصادر في شهري يوليه/اوغسطس 2002 ، يقول : في الواقع أن عنف الانفصاليين في شنجانغ ( تركستان الشرقية ) ليس جديدا ، ولا تحركه القوى الخارجية ... وما تحتاج إليه بكين هي أن تعترف أن سياستها نفسها هو سبب استياء الاويغور، وبدلا أن تستعمل القوة والقمع التي تأزم المشكلة ، على حكومة الصين أن تعالج الظروف التي تغذي مشاعر الانفصاليين .
8- أما الكاتب المسلم الأستاذ فهمي هويدي فقد كتب في مجلة المجلة العدد 1144 وتاريخ 13-19 /1/ 2002 بعنوان : (أحلام ألأقليات المسلمة ضمن ضحايا سبتمبر) : حين شنت سلطات بكين حملة القمع ضدهم وصفتهم في البداية بالانفصاليين ، وحين أصبحت كلمة الإرهاب لاحقا صفة يتم بها الاغتيال المعنوي للفرد والجماعة، وتسوغ السحق والاغتيال ، فأطلق الصينيون على الناشطين التركستانيين وصف (الإرهابيين) .
تفاقم التهديد الشيوعي:
وقد تمادى الصينيون في ممارساتهم الجائرة ضد المسلمين الاويغور مستغلين الظروف الدولية التي أثارتها الصهيونية المسيحية ضد الإسلام والمسلمين ، وشغلت أحداثها العالم الحر عن متابعة ما يحدث لهم، وكثفت السلطات الصينية من محاربتها للإسلام في تركستان الشرقية بصفة خاصة لأنها تميز المسلمين الصينيين الذين يتمتعون بحرية دينية اكبر عن إخوانهم التركستانيين في مقاطعة شنجانغ ، وطبقت فيها مؤخرا الإجراءات الصارمة ، التي تناولت بعضها الهيئات والشخصيات العالمية الإسلامية بالتفصيل ومن أهم ذلك النقاط التالية:
1- منع جميع منسوبي الأجهزة الحكومية والحزبية الشيوعية الصينية من ممارسة أي نشاط ديني ، فالقانون يحرم على من ينتسب إلى الحزب الشيوعي أو إلى الأجهزة الحكومية أن يؤمن بالإله أو بالآخرة أو يمارس شعائر دينية لأن هذا يعتبر مخالفة صريحة لمبادىء المادية والشيوعية والاشتراكية ( التوضيحات الخاصة بقضايا الدين والقومية في القانون = ميلله ت دين مه سليلري وه ئونكغا ئائت قانون- نيزام بيلملري ئوقوشلوقي – ئورومجي 1997، ص 133)
2- منع الشباب الإسلامي ممن دون السن القانوني 18 عاما من التعليم الديني بأي شكل من الأشكال ومعاقبة الدارس والمدرس بالاعتقال والجزاءات المالية ( التوضيحات الخاصة بقضايا الدين والقومية في القانون = ميلله ت دين مه سليلري وه ئونكغا ئائت قانون- نيزام بيلملري ئوقوشلوقي – ئورومجي 1997 ، ص151)
3- منع الشباب والنساء المسلمات من ارتياد المساجد والجوامع لأداء الصلاة والتعلم وحفظ القران الكريم، مع ملاحظة أن ذلك مسموح للمسلمين الصينيين في غير تركستان الشرقية . فالسيدة محبت مثلا اعتقلت مع تلاميذتها اللاتي يدرسن مبادىء الإسلام في مدينة خوتن في 10 ديسمبر 2001 وعوقب كل فتاة بمبلغ 300 يوان والمعلمة بمبلغ 7000 يوان.
4- إجبار الشباب وطلاب المدارس والمعاهد على عدم الصوم في شهر رمضان المبارك بتقديم الوجبات الغذائية لهم خلال النهار ، وطرد وتغريم وحبس من يثبت صيامه وحرمانه من العمل أو الدراسة. كما فرض على الفلاحين الذين يضبطون صياما مبلغ 30 يوان ، وإذا لم يتمكن من الدفع فيجبر على العمل في معسكرات السخرة لمدة شهر.
5- هدم المساجد المجاورة للمدارس خشية من تردد الطلاب أو المدرسون إليها أو الالتقاء بمن يصلون فيها ويحتكون بهم وينتقل عدوى الصلاح و الإيمان إليهم ، فمثلا في 5/4/2002 أغلقت السلطات الصينية ثلاثة مساجد لقربها من المدارس في بلدة ينكي باغ في محافظة خوتن ، وفي بلدة قراقاش بمحافظة خوتن أغلق مسجد دونغ ، وتم تحويله إلى مصنع سجاد بتاريخ 9 أكتوبر 2001 ، وفي 15 أكتوبر 2001 أوردت وكالة الأنباء الدولية رويترز تصريحا لمسئول الشؤون الدينية لمدينة خوتن يبرر إغلاق المسجد لقربه من مدرسة يخشى على طلابها من التأثير السيىء عليهم .
6- منع التعليم الإسلامي في غير المعاهد الحكومية التي يلتحق بها الطلاب الذين تختارهم السلطات الشيوعية بعد التخرج من المدارس الثانوية ، ومعاقبة كل عالم أو طالب يدرس العلوم الإسلامية أو يحفظ القران الكريم في مسجد أو في منزل . فقد أعلن جيانغ جينJiang Jien مساعد سكرتير الحزب الشيوعي في اجتماع في كاشغر بتاريخ 4/3/2002 : هؤلاء الذين يدرسون طلاب المدارس التعاليم الدينية سيعاقبون عقابا شديدا ، وإذا اشترك الطلاب في ممارسة الشعائر الدينية سيعاقبون هم وأولياء أمورهم وأساتذتهم.
7- إلزام أئمة وخطباء المساجد بقراءة خطبة الجمعة من كتاب بعنوان: ( الوعظ والتبليغ الجديد) قامت بوضعه الهيئة الصينية للإشراف على الشؤون الدينية الإسلامية برئاسة جين خونغشينغ وطبع ونشر في بكين بتاريخ 1/7/2001، ولا يسمح لأي إمام كان أن يخرج عن نصوصه. وقد نشرت وكالة الأنباء الفرنسية من بكين خبرا بتاريخ 24/1/2002: أن 253 من الأئمة انهوا دورات تأهيلية في السياسية الايدولوجية في عام 2001 ، كما اجبروا على الالتحاق في دورات تأهيلية لمدة ساعتين بعد عصر كل يوم جمعة في بعض المناطق .
8- مصادرة الكتب الإسلامية الواردة من البلدان الإسلامية مهما كان نوعها وإتلافها وحرقها، منها ترجمة معاني القران الكريم باللغة الاويغورية التي طبعت في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة في عام 1415 هـ/1995م ، وكان قد تم إرسال 200 ألف نسخة منها هدية من خادم الحرمين الشريفين إلى الجمعية الإسلامية لمقاطعة شنجانغ ، ولكن السلطات الشيوعية صادرتها وأتلفتها بدون تقدير لعلاقتها مع المملكة العربية السعودية ، ومما نشرتها أجهزة الشيوعية مؤخرا عن إتلاف الكتب الدينية كان في تاريخ 12/11/2003، حيث أذاعت أخبار شنجانغ ( شنجاك خه وه ر ليري): أن إدارة الأمن العام لمنطقة تومور يول في اورومجي أحرقت في محطة القطار الجنوبية ...(367 )كتابا دينيا ، ويمكن أن يشاهد في الخبر المنشور صفحات من القران الكريم وهي تحترق .
وإلى جانب هذه الإجراءات الجائرة ضد المسلمين اتخذت الصين الأساليب القانونية التي تجيز لها اعتبار أي ممارسة دينية أو ثقافية أو اجتماعية مخالفة لسياستها العنصرية والفاشستية ضد الاويغور المسلمين جرما ، وأدخلت مثلا تعديلات في المواد 114 -115- 120 -125 -127 -191- 291 من القانون الجزائي ، وقد نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا عن ذلك بعنوان : التشريع والقمع الصيني لمناهضة الإرهاب في مقاطعة شنجانغ اويغور الذاتية الحكم China`s anti terrorism legislation and repression in the Xinjiang Uighur Autonomous Region .
تهديد المهاجرين وملاحقتهم:
ولم تكتف السلطات الصينية الشيوعية بالأساليب الصارمة التي نفذتها ضد المسلمين وا ضطهادهم في كل مجالات الحياة في بلادهم، بل أخذت تمارس ضغوطها السياسية بالقوة على الدول المجاورة لمنع أي نشاط سياسي أو علمي أو اجتماعي ، حتى المساكن الوقفية التي يلجاء إليها الفقراء والحجاج في روالبندي بباكستان قد أغلقت ، وكذلك الجمعيات الاويغورية (التركستانية) وهي جمعيات ثقافية في قازاقستان وقيرغيزستان ، واغتالت بعض رؤسائها مثل حاشر واحدي ونعمت بوساقوف و دلبريم سمساقوفا ، وطرد الطلاب الذين يدرسون فيها ، بل تسلمت بعض الطلاب واللاجئين من باكستان ونيبال وقازاقستان وقيرغيزستان وأعدمتهم حال دخولهم إلى الصين بدون محاكمة أو قضاء ، وقد أثبتتها الهيئات الدولية التي طالبت وقف مثل هذه الممارسات الغاشمة ، ولكن إذا كانت دول الجوار باكستان وهي دولة إسلامية رضخت لمطالب الصين مع قازاقستان وقيرغيزستان وهما دولتان ذات وشائج وقربى في الدين والدم ،كما لم يسلم من شرها التركستانيون في البلاد البعيدة ، فمثلا في سوريا نشرت جريدة الحياة بتاريخ 13/1/2004: أن السلطات السورية أبعدت الشاعر الصيني احمد جان عثمان .. بسبب مجهول ؛ والواقع إن هذا الشاعر لم يكن صينيا ، بل هو اويغوري ، وهذا هو السبب. ولكن وجدت الصين نفسها بعيدة عن الدول الأخرى التي يعيش فيها اللاجئون التركستانيون والمهاجرون فعملت على تشويه سمعتهم بالادعاء زورا أنهم إرهابيون، وفي يوم الاثنين 15/12/ 2003 أتهمت الحكومة الصينية أربعة منظمات تركستانية بالإرهاب كما اتهمت 11 اويغوريا (تركستانيا) مهاجرا بالإرهاب ، وطالب زاو يونغ جنZhao Yongchen المدير المساعد لمكتب محاربة الإرهاب في وزارة الأمن العام الصينية تعاون دول العالم وهيئاتها على إغلاق و وقف مناشط هذه المنظمات الأربعة ، وقطع المساعدات المالية عنها ، وتجميد أصولها ، وإلغاء ما توفرها لها من تسهيلات ، كما طالب بتسليم من أسمتهم بالإرهابيين إلى الصين ؛ ولكن لم تتوانى الهيئات الدولية والباحثون المختصون بالتنديد بهذا الإعلان ، ووكالة الأنباء الدولية رويترز بتاريخ 15/12/2003 التي نشرت الخبر قالت: أن بعض الدبلوماسيين الغربيين والعلماء يشكون أن يكون للأويغور حركة استقلالية متحدة ، ويعتبرون أن معظم الاويغور يقاومون سياسات غير عادلة ثقافية واقتصادية، و انهم يعيشون تحت القمع العسكري ، ولا يجدون تعاونا لممارسة مقاومة مدعومة، وهذا ماجعل منظمة العفو الدولية تطالب المجتمع الدولي ألا يسمح لحكومة الصين أن توصف وتعامل الفعاليات السياسية السلمية بالإرهاب كما جاء في نشرتها المؤرخة في 19/12/2003 .
وأما المنظمات التركستانية الأربعة التي اتهمتها حكومة الصين بالإرهاب وطلبت إغلاقها وإيقاف مناشطها وتسليمها رؤسائها فهي :
1- الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية ETIM وهي المنظمة التركستانية الوحيدة التي اعتبرتها الولايات المتحدة الأمريكية إرهابية لاعتقال بعض أفرادها وزعيمها المطلوب الشيخ حسن مخصوم الذي قتل قبل هذا الإعلان في أفغانستان بتاريخ 2/10/2003، وكانت السلطات الصينية قد انتزعت أقوالا من بعض الشباب الاويغوري اعتبرتها اعترافا بصلتهم بالقاعدة والطالبان ، ولعل شعبا مثل الاويغور الذي يواجه خطر الابادة وضراوة الظلم لا يعاب و لو تعاون مع الشيطان أو غيره ، مادام هدفه حول الخلاص من عدوه المستبد ، لا من عدو غيره . ولم يثبت أن الاويغور استهدف أو اشترك في عملية في غير الصين ، ومع ذلك فكل المسلمين الاويغور يرفضون الإرهاب والاعتداء على المدنيين في أي مكان .
2- مؤتمر شباب الاويغور الدولي WUYC تأسس في ميونيخ بألمانيا في 9/11/ 1996 ، و يرأسه حاليا الأستاذ دولقون عيسى هو احد المطلوبين في البيان الصيني الأخير وهو خريج قسم الكيمياء بجامعة شنجانغ في اورومجي في عهد الحكم الشيوعي وقد هاجر منذ عشرة أعوام من بلاده ، وهذه منظمة شبابية أكثر أعضائها من الطلاب والشباب المهاجرين من تركستان الشرقية من بعد 1985.
3- المركز الإعلامي لتركستان الشرقية ETIC ومقره في ميونيخ بألمانيا ويديره الأستاذ عبد الجليل قراقاش ، وهو من أوائل من التجأ إلى ألمانيا و فتح موقعا في الانترنت ( شبكة الاتصالات الدولية) لتعريف العالم بالأحداث الفاجعة في بلاده بعنوان : WWW.UYGUR.COM وذلك باللغات الاويغورية والتركية والإنجليزية والعربية ، كما نشر جريدة أسبوعية باللغتين الاويغورية والتركية باسم أوجقون.
4- منظمة تحرير تركستان الشرقية ETLO أسسها بعض الشباب الاويغوري في عام 1999 ، وترأسها الأستاذ محمد أمين حضرت ، وهو مؤلف ومخرج سينمائي معروف أشتهر في أوائل ثمانينات القرن العشرين في اورومجي والصين ، ثم هاجر مع من هاجر إلى تركيا في عام 1995، والمعروف أن النظام الشيوعي يحرم تدريس الدين في المدارس والمعاهد ولم يكن لمثله أن يقود حركة أصولية أو إرهابية تكون ذات صلة وثيقة بالحركات الإسلامية ، ولكن الحكم الصيني يغالط نفسه ويتعامى عن سوء سياسته التي أثارت سخط المسلمين.
والعامل المشترك لهذه المنظمات الأربعة أن رؤسائها هم من الشبان الدارسين في مدارس الصين الشيوعية في تركستان الشرقية ، و المهاجرين منها منذ عام 1985، وماعدا الأول ، فالباقون لم تكن لهم دراسة إسلامية ومعرفتهم الدينية محددة ، ولا تؤهلهم لقيادة جماعات دينية أصولية ، ولم يمارس احد منهم الإمامة أو العمل الدعوي أو المشيخة الدينية ، وحتى التهمة التي وجهت السلطات الصينية اليهم لم تكن واضحة ومحددة ، بل وصفت هذه المنظمات كلها بالإرهابية ( قامت بكل الأعمال الإرهابية التي مارستها المجموعات الانفصالية ) ، وهذا ما دعا منظمة العفو الدولية أن تقول عن مؤتمر شباب الاويغور الدولي والمركز الإعلامي لتركستان الشرقية : أنهما مجموعتان سياسيتان تعمل من ألمانيا على تعميم التقارير التي تفضح الانتهاكات الصينية لحقوق الإنسان ضد الاويغور وتطلبان بالحكم الذاتي أو الاستقلال للمقاطعة ، وأن الحكومة الصينية لا تفرق بين المعارضة العنيفة والتعبير السلمي لممارسة حرية التعبير .(لندن ، النشرة رقم 288 ، وتاريخ 19/12/2003).
واصبح المسلمون الاويغور تحت رقابة الاستخبارات والمباحث في كل مكان ليس في بلادهم تركستان الشرقية التي تعتبر معتقلا كبيرا ، بل في الخارج حتى في موسم الحج الذى أتخذه الصينيون فرصة لمراقبة نشاط المسلمين الديني الذي يتعارض مع مبادئهم الشيوعية البالية ، ثم هم يمنعون الحجاج الاويغور ويراقبون علاقاتهم بالمهاجرين التركستانيين المقيمين في الديار المقدسة أو القادمين إليها من مواطن هجرتهم ويتسقطون أخبارهم ، فمثلا في حج عام 1424 قدم إلهام جان رئيس إدارة المباحث السرية لمقاطعة شنجانغ مع اكثر من عشرين ضابطا للمباحث الأمنية والاستخبارات ، منهم دلمراد حسن نائب رئيس المباحث الأمنية لولاية خوتن ،وشامان جوجانغ رئيس المباحث الأمنية لولاية كاشغر.
وقد بات المسلمون اليوم لا يكترثون بما يعانيه إخوانهم إلا نادرا، ربما خوفا من وصفهم بالإرهاب، أو ربما لانشغالهم بمشاكلهم الخاصة ، وهم يتفرجون على ما ينكل ببعضهم ، بدون أن يثير في نفوسهم اشمئزازا أو امتعاضا ، حتى ولو بالقول ، أو بالإيماءة والإشارة ، ويكفي أن يعرف المسلمون واقعهم المؤلم ، وهم يرون رأي العين ما يحدث من قتل وتدمير في فلسطين في كل يوم ، ولا يفعلون شيئا وهم خمس سكان العالم ، فما بالك بما يحدث في تركستان الشرقية لشعب مسلم يباد خلف الستار الحديدي في جنح ظلام التعتيم الإعلامي ، بدعاوى سياسية ودعائية ملفقة تنتهجها الحكومة الصينية ؛ للاستفادة من الظروف الدولية لممارسة إجراءاتها الرامية لاستئصال الشعب الاويغوري التركي، ومحو هويته الإسلامية، لولا بعض الهيئات الدولية والباحثين الذين يكتبون عن وضع الاويغور المسلمين بين وقت وآخر ، ويثيرون بذلك مزاعم الصين بالتدخل في شئونها ، لأنها تريد أن يتم ما تنفذه ضد المسلمين بصمت تام ، ولكن يأبى الله إلا أن يفضح ما تمارسه الصين من ظلم واضطهاد.
وفي الختام أشيد بما كتبه بعض الباحثين المسلمين أمثال الأستاذ فهمي هويدي والأستاذ محمد صلاح الدين والأستاذ هارون موغل عما يتعرض إليه المسلمون التركستانيون من ممارسات جائرة وكذلك على مرئياتهم القيمة لمعالجة هذه القضية الإسلامية، و أوكد معهم أن التركستانيين يتطلعون إلى حل سلمي يخفف عنهم ألآمهم و يرفع عنهم الظلم والاضطهاد، ويطالبون الدول المجاورة لبلادهم وبلدان العالم الإسلامي التي يهمها الاستقرار في هذا الجزء من العالم، وكذلك الهيئات الدولية والإسلامية وفي مقدمتها منظمة المؤتمر الإسلامي أن تعمل على الإنقاذ هذا الشعب من الضياع و الموت البطيء، و أن تتعاون معهم لا لدعم الإرهاب والعنف ، بل بمطالبة حكومة الصين أن تتفاوض مع ممثلي هذا الشعب المنكوب لتسوية هذه القضية الإنسانية ويحفظ حقوقه الإنسانية ويصونه من الانصهار والذوبان، ومن مقدمات هذا الحل هو أن يعرف العالم حقيقة ما يجري في هذا الجزء المنعزل، وهي دعوة صادقة لأجهزة الإعلام الاسلامي أن يمارس واجبه الإنساني الإسلامي الحق أمام ربه وأمام أمته، وعلى الأقل تكون النصرة لهم بالقول، وهو اضعف الايمان ، وبالله التوفيق...