لوجه الله*:‬

المسلمون التركستان والقهر الصيني*.. ‬حقائق للتاريخ


بقلم: احمد ابو زيد
تركستان الشرقية التي* ‬تعد أحد أقاليم الصين حاليا،* ‬بلاد إسلامية دخلها الإسلام منذ ثلاثة عشر قرنا،* ‬حيث اعتنق أهلها هذا الدين منذ عهد الخليفة الأموي* ‬عبد الملك بن مروان وولده الوليد بن عبد الملك* ‬في* ‬سنة* ‬705م* ‬،* ‬وذلك عندما أسلم حاكمهم* "‬ستوق بغراخان*"‬،* ‬واستبدلوا دينهم البوذي* ‬والوثني* ‬بالإسلام،* ‬ومنذ ذلك التاريخ حمل التركستانيون علي كاهلهم نشر الإسلام داخل الأراضي* ‬الصينية،* ‬وكان لهم فضل في* ‬ذلك حيث انتشر الإسلام في* ‬جنوب الصين وشمالها*.‬ وفي* ‬عام* ‬880* ‬م نشأت أول دولة تركية إسلامية،* ‬وغدت مركزا من مراكز الحضارة الإسلامية* ‬،* ‬خرج منها العلماء والشخصيات في* ‬شتي ميادين العلم والمعرفة*. ‬وكانت مدينتا بخاري وسمرقند في* ‬آسيا الوسطي تجمعين مزدهرين للحضارة الإسلامية خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر،* ‬وكانت تركستان القديمة تضم أراضي* ‬من الصين وجمهوريات آسيا الوسطي وصولا إلي أفغانستان*.‬ * ‬وتعتبر تركستان معقلا من معاقل الإسلام في* ‬أسيا،* ‬حيث تضم أكثرية مسلمة،* ‬وقضيتها مع الحكومة الصينية مأساة إسلامية تنفجر بين الحين والآخر،* ‬بسبب الاحتلال الصيني* ‬الشيوعي* ‬الذي* ‬يحكمهم بالحديد والنار،* ‬ويقوم بالتطهير العرقي* ‬والتهجير في* ‬محاولة* "‬لتصيينها*" ‬ديموغرافيا حتي تحول المسلمون فيها من أكثرية الي أقلية،* ‬وأطلقوا علي الإقليم اسم* (‬سينكيانج*) ‬أي* (‬المستعمرة الجديدة*) ‬بدلا من الاسم التاريخي* ‬المعروف به منذ قرون،* ‬والذي* ‬يعتبر اسما محببا لدي أهلها المسلمين لأنه* ‬يعني* ‬استقلاليتهم عن الصين الشيوعية،* ‬وهذه القضية تشبه الي حد كبير القضية الفلسطينية،* ‬حيث تتعلق بإلغاء هوية شعب،* ‬وإحلال شعب آخر محله،* ‬وسرقة أراضيه،* ‬واطلاق اسم آخر علي وطنه * ‬وتقع تركستان الشرقية في* ‬وسط آسيا الوسطي* ‬،* ‬ومساحتها* ‬1*.‬828*.‬418* ‬كيلومتر مربع* ‬،* ‬ويحدها من الشمال روسيا ومن الغرب الدول الإسلامية التي* ‬كانت تمثل تركستان الغربية* ‬،* ‬وهي* (‬قازاقستان وقيرغيزا وطاجيكستان وأوزبكستان*)‬،* ‬ومن الجنوب باكستان والهند والتبت،* ‬ومن الشرق الصين،* ‬ومن الشمال الشرقي* ‬منغوليا*. ‬ وحسب الإحصائيات الرسمية فإن نسبة المسلمين في* ‬الإقليم عام* ‬1940م كانت* ‬95٪* ‬وانخفضت عام* ‬1949* ‬م إلي* ‬90٪* ‬وإلي* ‬55٪* ‬عام* ‬1983م،* ‬وذلك بسبب سياسة الاستيطان المنظم التي* ‬تمارسه الصين لتوطين صينيين في* ‬هذا الإقليم،* ‬حتي أن نسبة الصينيين في* ‬الإقليم الآن* ‬60٪* ‬والمسلمين* ‬40٪* ‬فقط* ‬،* ‬وتقدم الصين الإغراءات لمواطنيها للإقامة في* ‬تركستان* ‬،* ‬فتقدم لهم الأرض والمنازل وفرص العمل والبدلات،* ‬ونفذت الحكومة الصينية مشاريع تنمية في* ‬الإقليم*.‬ وفي* ‬المقابل تضع قيودا صارمة علي إنجاب أكثر من طفل واحد للأسرة المسلمة،* ‬ومن* ‬يخالف ذلك تفرض عليه ضرائب باهظة ويسجن،* ‬ومن* ‬يفكر في* ‬الدعوة إلي الله فلا مكان له سوي السجن،* ‬ومنذ عام* ‬1990* ‬أطلق حكام الصين شعار فتح تركستان الشرقية،* ‬فبدأوا موجة مكثفه من استقدام المهاجرين الصينيين في* ‬الإقليم وكثفوا رؤوس الأموال فيه علي نطاق واسع*.‬ وسياسة الانفتاح التي* ‬تطبقها الإدارة الصينية في* ‬تركستان تستهدف فتح الطريق أمام إسكان الصينين ونهب ثروات البلاد الطبيعية وتكثيف عمليات نقل هذه الثروات إلي داخل الصين،* ‬وأخيرا القضاء علي الشعب التركستاني* ‬المسلم بصهره في* ‬المجتمع الصيني* ‬صهرا كاملا* .‬ وأمام كل هذه المحاولات الصينية* ‬يحرص مسلمو تركستان علي إسلامهم وهويتهم،* ‬ويبذل رجال العلم التركستانيون جهودا كبيرة من أجل تعليم الشعب المسلم أحكام دينه وقواعده الأخلاقية وتاريخه الوطني* ‬والقومي،* ‬وقد قام أفراد قلائل من المسلمين بحركة انفصالية،* ‬وأعدمتهم السلطات الصينية،* ‬وتعتبر محاولات الانفصال مستحيلة حاليا بسبب قوة الصين الضخمة واعتراف الدول الإسلامية بوحدة أراضيها وقيام علاقات سياسية واقتصادية معها*. ‬ وتعود أهمية إقليم تركستان الشرقية* "‬سيكيانغ*" ‬بالنسبة للصين إلي موقعه الجغرافي* ‬وموارده الطبيعية بما في* ‬ذلك النفط والذهب والبلاتين والنحاس والحديد،* ‬وكذلك مساحته الشاسعة،* ‬إذ* ‬يشكل حوالي* ‬17٪* ‬من مساحة الصين بينما الكثافة السكانية فيه لا تتجاوز نسبة الواحد في* ‬المائة بالنسبة لعدد سكان الصين الإجمالي،* ‬وقبل العهد الشيوعي* ‬كان المسلمون في* ‬الصين* ‬يواجهون الاضطهاد الديني* ‬لكن بشكل عشوائي* ‬وغير منظم* ‬،* ‬وبالتالي* ‬لم* ‬يهدد ثقافتهم بالذوبان،* ‬أما في* ‬مرحلة الشيوعية فراحوا* ‬يواجهون آله ضخمة من التشويه والطمس الأيديولوجي* ‬المنظم المدعوم بالسلطة والمال علي مستوي الترقيات الوظيفية أو العلاوات في* ‬الرواتب والأجور كذلك أحقية التوظيف*.‬ وهم* ‬اليوم* ‬يعيشون مأساة كبيرة بسبب الاحتلال الصيني* ‬وحرب الإبادة وسياسات التطهير العرقي* ‬والديني،* ‬وسياسة الاستيطان المنظم التي* ‬تمارسه الصين لتوطين صينيين بوذيين في* ‬الإقليم،* ‬حيث تسعي الحكومة لتوطين مائتي* ‬مليون بوذي* ‬في* ‬مناطق المسلمين وأراضيهم*.‬ ولا* ‬يتوقف الأمر عند هذا الحد بل نجد الصين تقوم بإجراء التجارب النووية في* ‬مناطق المسلمين* ‬،* ‬وتقارير الأمم المتحدة تؤكد أن مليون شخص كانوا ضحايا هذه التجارب،* ‬هذا الي جانب حملات التنصير المدعومة استعماريا والتي* ‬تركز نشاطاتها في* ‬تركستان لتنفيذ مخطط* ‬التغريب الثقافي* ‬والروحي*.. ‬للحديث بقية الأسبوع القادم ان شاء الله*.‬


المصدر/ جريدة الوفد
23/ 7/2009