بكين تستخدم«الإرهاب»حجة لنسف الأويغور.وتطلق عليهم أهل«الهان»للتخلص منهم

الأويغور: الأقلية المسلمة التي تضطهدها الصين تاريخ طويل يجمع مسلمي شينجيانج ببوذيي التبت.. ولكل منهم زعيم في المنفي!

كتب-حازم فؤاد:

ربما لا يتمتع إقليم «شينجيانج»(تركستان الشرقية) الصيني الذي شهد أعمال عنف عرقية هي الأسوء منذ عشرات السنين خلال الثلاثة أيام الماضية بنفس شهرة إقليم «التبت» الصيني، إلا أن الإقليمين يعيشان حياة القمع والاضطهاد بسبب «العرق»، ولكل منهم زعيم في المنفي توجه له أصابع الاتهام فور وقوع أي أعمال عنف أو شغب في أحد الإقليمين.
فمثلما يعيش الدالاي لاما - الزعيم الروحي لبوذيي التبت - في منفاه في الهند بعد نفيه من الصين منذ الستينيات بسبب ثوراته ومطالباته باستقلال التبت عن الحكم الشيوعي الصيني، تعيش ربيعة قادير - زعيمة الأويغور في واشنطن - بعد تعرضها للسجن ونفيها بعد الإفراج عنها عام 2005.
والأويغور هم طائفة مسلمة تعيش في إقليم «شينجيانج» وهي المنطقة التي كانت تعرف «بتركستان الشرقية» قبل أن تستولي عليها الصين بشكل تام عام 1949.
وفي أقل من 48 ساعة وصل عدد القتلي في مدينة «أورومتشي» عاصمة منطقة «شينجيانج» في شمال غربي الصين إلي 156 قتيلاً وحوالي 1080 شخصاً مصابًا، بينما وصل عدد المعتقلين علي خلفية تلك الأحداث إلي 1434 شخصاً؛ بسبب أعمال شغب قامت بين مسلمي الأويغور الذين يحكمون الإقليم بشكل ذاتي تحت قبضة الحكومة الصينية، ويشكلون نسبة الأغلبية فيه، وبين صينيين منتمين لعرق «الهان» الذي يشكل عرق الأغلبية في جمهورية الصين الشعبية.
وبعد قيام السلطات الصينية بحملة الاعتقالات التي حصدت رجال الأويغور، زادت حدة أعمال العنف؛ حيث خرج الأويغور في تظاهرات احتجاجاً علي اعتقال أبناء طائفتهم بشكل عشوائي ودون اتهام محدد.
وتعد أعمال العنف التي تضرب إقليم «شينجيانج» الصيني الأعنف علي الإطلاق منذ وقت طويل، وهو ما فسره المحللون علي أنه دليل علي ضيق صدر الأويغور من القبضة الحكومية الصينية عليهم، وبأنهم الآن وصلوا إلي «مرحلة الغليان» بسبب ازدياد القمع والتمييز بينهم وبين أهل طائفة «الهان». وتشترك «شينجيانج» مع منطقة «التبت» الجنوبية في تاريخ طويل من القمع والاضطهاد العرقي من جانب الحكومة الشيوعية، ولم تنل تلك المنطقة التي يسكنها حوالي 8.3 ملايين إيغوري استقلالها عن القبضة الشيوعية الصينية سوي مرتين، حيث كانت الأولي عام 1930 بعد قيام مسلمي الأويغور بثورة استطاعوا من خلالها التخلص من القبضة الصينية لفترة قصيرة، ولكن سرعان ما ضمتها الصين مرة أخري، وكانت المرة الثانية عام 1940، لكن سرعان ما ألقي الحزب الشيوعي قبضته عليها بعد فوزه عام 1949.
وكانت تلك المنطقة التي تقع في الشمال الغربي من الصين وتبعد حوالي 3000 كيلو متر عن العاصمة بكين تسمي «بتركستان الشرقية» قبل أن يستولي عليها الحكم الصيني، ومنذ تولي الشيوعية السيطرة علي تلك المنطقة قامت بكين بتهجير الملايين من سكانها المنتمين لعرق «الهان» إلي تركستان لتحد من الأغلبية الإسلامية التي وصلت إلي 90% قبل سياسة التهجير، ثم انخفضت إلي 70%، وأدي ذلك إلي طمس المعالم الإسلامية في تلك المنطقة، ثم قامت الصين بضم تركستان إليها وأطلقت عليها اسم «شينجيانج»، وتعني بالصينية «المقاطعة الجديدة». وتبلغ مساحة «تركستان الشرقية» أو «إقليم شينجيانج» حوالي 1.8 مليون كيلومتر مربع، أي خُمس مساحة الصين، وهي تعد أكبر الأقاليم الصينية، ويزيد عدد سكانها علي 25 مليون نسمة، ويتكون سكانها من أطياف عرقية متعددة يشكل الأويغور أغلبيتهم، والقازاق، والأوزبك، والتتار، والطاجيك، ونسبة المسلمين بها حوالي 95%. ويقدر عدد الأويغور في العالم بنحو 8.5 ملايين نسمة( حسب الإحصاءات الصينية) يعيش 99% منهم داخل إقليم شينجيانج الصيني ويتوزع الباقون بين كازاخستان ومنغوليا وتركيا وأفغانستان وباكستان وألمانيا وإندونيسيا وأستراليا وتايوان والسعودية. وتنظر الصين إلي تلك المنطقة بعين تجارية حيث إنها أصبحت الآن أحد أهم شرايين اقتصاد التنين الصيني، فهي غنية بموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية، فتمتلك احتياطيًا ضخمًا من البترول ينافس احتياطي دول الشرق الأوسط، وبها أجود أنواع اليورانيوم في العالم، بالإضافة إلي أنها مركز الصناعات الثقيلة والعسكرية الصينية، فالصواريخ الصينية النووية، والصواريخ البالستية عابرة القارات تنتج في تلك المقاطعة الصينية.
وتتعامل الحكومة الصينية مع هذا الإقليم بحذر شديد وتقوم كل فترة باعتقال أبرز الشخصيات الأويغورية التي تبدي نشاطاً في محاولة إقامة ثورة للمطالبة بالاستقلال، كما أنها تفرض رقابة شديدة علي الأنشطة الإعلامية والصحفيين في شينجيانج، ولتكون كل المعلومات المتوفرة للإعلام عن هذا الإقليم وسكانه الأويغور معلومات حكومية. ومثل أهل التبت، يحلم أبناء شينجيانج الأويغور ولو بجزء ضئيل من خيرات الثروة الاقتصادية التي تعيشها الصين، وعلي الرغم من تنامي الحركة الاقتصادية في إقليمهم فإن ذلك لا ينعكس عليهم ولا يحصلون علي شيء، حيث إن الحكومة الصينية توجه كل دعمها المادي والاقتصادي إلي أهالي عرق «الهان» الذين دفعت بهم الحكومة الشيوعية خصيصاً إلي تلك المنطقة ليتحول المسلمون الذين كانوا في فترة من الفترات القوة المسيطرة علي تلك المنطقة، إلي أقلية عرقية مضطهدة.
ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي ضربت الولايات المتحدة عام 2001، بدأت بكين أكبر حملاتها لقمع الأويغور بدعوي أنهم يشكلون «فرع القاعدة» في الصين، لتبدو بكين أمام العالم وأمام الولايات المتحدة بشكل خاص وكأنها في حرب مع الإرهاب ليكون كل ما تمارسه من قمع واضطهاد ضد الأويغور المسلمين في شينجيانج مبررًا أو أمراً مشروعاً، الأمر الذي زاد من ضجر الأويغور ليبدأوا مرة أخري عمليات الشغب والتخريب بهدف الانتقام من الحكومة الصينية.

المصدر/ جريدة الدستور
20/7/2009