اقتصاديات تركستان الشرقية

تاريخ النشر : 30/07/2009 - 11:47 م

محمد الشرافي
هي بلاد قد حباها الله تعالى ثروات لا تقدر بثمن..إذ تبلغ مساحتها الجغرافية نحو 1.8 مليون كيلو متر مربع وتشكل ما مجموعه خمس المساحة الجغرافية الكلية للصين، وترتبط بحدود جغرافية طبيعية مع ثماني دول مما جعلها تشكل بوابة الصين إلى أوروبا والمعبر الاستراتيجي الذي تمر منه أنابيب النفط والغاز المستورد من وسط آسيا إلى الصين. وتبلغ مساحة الأراضي التي تحتوي على النفط والغاز نحو 730 ألف كيلو متر مربع، ومساحة الأراضي التي تحتوي على الفحم 88 ألف كيلو متر مربع، وتبلغ مساحة الغابات الخضراء فيها والمليئة بشتى أصناف الأشجار والأعشاب والنباتات نحو 90 ألف كيلو متر مربع.
وتعتبر ثاني أكبر منتج للنفط في الصين حيث قارب إنتاجها على 30مليون طن سنوياً، ويقدر حجم احتياطياتها من النفط نحو 8 مليار طن، وتعد أكبر منتج للغاز الطبيعي ويقدر حجم احتياطياتها منه نحو 11 تريليون متر مكعب، وتقدر احتياطياتها من الفحم نحو 2 تريليون طن. أما مخزون الملح الصخري فيقدر بما يكفي استهلاك العالم كله مئات السنين. وتعتبر مدينة ( خوتن ) أشهر المدن في تجارة الأحجار الكريمة.
ويوجد في تركستان الشرقية نهر تاريم وهو أكبر نهر في الصين، كما يوجد فيها أكبر بحيرة عذبة وهي بحيرة بوستينغ، وتتمتع بمناخ مشمس مما أهلها لتكون مركزاً متقدماً في الإنتاج الزراعي وبخاصة زراعة القطن طويل التيلة، وتعتبر مدينة ( قشغر) سلة فاكهة العالم.
ومع كل هذه الخيرات الربانية والثروات الطبيعية فإن 80% من الإيغور المسلمين في تركستان الشرقية يعيشون تحت خط الفقر حيث يبلغ معدل دخل الفرد السنوي نحو 50 دولاراً، ولا يعمل في شركات النفط والغاز في مدينة ( قارماي ) سوى 12% من المسلمين الأويغور بينما باقي الوظائف تذهب لعرق الهان من الصينيين الشيوعيين. ويحرم الأويغور المسلمين من التعليم حيث لا تتعدى نسبة الطلاب الأويغور في الجامعات والكليات الفنية 10% . ومن المحزن أن تتخذ الحكومة الصينية أراضي تركستان الشرقية مركزاً لإجراء تجاربها وتفجيراتها النووية دون اكتراث لأخطار التلوث النووي التي قد تصيب المواطنين من الأويغور المسلمين وهو ما وقع فعلاً حيث تتزايد حالات الإصابة بأمراض السرطان وتشوهات الأجنة وعدم القدرة على الإنجاب وغير ذلك من الأمراض.
وبالمختصر المفيد فإن خيرات تركستان الشرقية تذهب لعرق الهان المستوطنين والويلات تكون من نصيب الإيغور وهم السكان الأصليون للبلاد .
إن الثروات الهائلة التي تتمتع بها تركستان الشرقية تفسر سبب رفض الصين المطلق لحق المسلمين الأويغور في تقرير المصير، وهو ذات السبب الذي يفسر قوة أوراق الضغط التي يمكن لأرباب المال العالمي تحريكها من أجل ترويض التنين الاقتصادي الصيني، هذا الضغط الذي جعل الرئيس الصيني يغادر على عجل اجتماعات دول الثماني لمتابعة مجريات الأحداث في بلاده ، وأما نحن فليس منا فعل ولا حتى رد فعل سوى تركيا التي اعتبرت ما يجري للأويغور إبادة جماعية، وباكستان التي استنكرت محاولات وقف تقدم الصين ولو على حساب دماء المسلمين الزكية ، قاتل الله البراغماتية السياسية !! .
أما دعوات مقاطعة الصين اقتصادياً على المنابر وفي الفضائيات فهي دعوات سطحية بل ساذجة إلى درجة القهر، وكأننا نعيش في زمن (أمطري حيث شئت سيأتيني خراجك ) تحتاجنا الدنيا كل الدنيا ولا نحتاج فيها لأحد. إننا ـ يا سادة ـ يجب أن ننتقل في حالة الصين تحديداً من فعل المقاطعة إلى سنة المدافعة، فنوجه التجار المؤمنين إلى التعامل مع التجار الأويغور ونستحثهم على الاستثمار معهم، ونلقنهم درس الإحصاء الاقتصادي وفيه أن حجم التعامل التجاري بين الشركات العربية والصين بلغ نحو مائة وثلاثين مليار دولار في عام 2008م ، ولو أن نصف هذا المال استثمر مع التجار الأويغور المسلمين لتبدل الحال، فهل نعي سنة المدافعة الاقتصادية ؟ .
المصدر/ جريدة السبيل الأردنية
30/7/2009