" زهرةُ شمسٍ " (*)
( إلى المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد )

شاكر مطـلق
كانتْ تحلُمْ ...
عينان تحدُّقُ في البَدرِ
وصغيرٌ يخفقُ في الصّدرِ
ويرتِّلُ أنشودةَ حُبٍّ
عن جارٍ فلاحٍ أسمرْ
ناجاها يوماً في البَيْدرْ
يوماً ، إذ مرَّ وحيَّاها
كانت تحلمْ ...
والقمرُ النّشوانُ الأزرقْ
كغلامٍ ، في الليلِ تألّقْ
يختالُ بروضٍ من حُلَلِ
صوبَ الجبلِ
ليصبَّ بأذنيها هَمسهْ
عمّن يعبدها في خُلْسهْ ...

ويشقُّ الغابَ ، عوا ذئبِ
عبرَ الدّربِ
ويروِّعُ أسرابَ اللقلقْ
ويـفِرُّ فتانا في زورقْ
ويخَضِّبُ أثوابَ السُّحبِ
لونٌ أحمرْ
جرحٌ أحمرْ ...

الحُلْمُ شرودٌ ما ينفعْ
لهَبُ المِدفعْ
يختالُ كلصٍ في الحقـلِ
يَبتلعُ القمحَ مع الفُـلِّ
فتهبُّ " جميلةُ " مذعورهْ
من ذا اللِّصُ
ماذا يبغي ؟
ماذا يصنعْ ؟ ...

وتسيرُ تسيرُ إلى البَيْدرْ
فتلاقي الفلاحَ الأسمرْ
مذبوحاً وبيدهِ اليمنى
بعضُ القمحِ
ويسارهُ تحملُ كالرُّمحِ
زهرةَ شمسٍ ...

وتمرُّ سنونُ والمدفعْ
ذئبٌ مسعورٌ لا يَشبعْ
لكن المدفعَ يَندحرُ
فالمدفعُ يُسكته المدفعْ
وينوحُ القرصانُ الأحمقْ
فالمركبُ يوشكُ أن يغرقْ
وتُقادُ " جميلةُ " للسّجنِ
وتعشّشُ في السّقفِ حمامهْ
وعلى جدرانٍ سوداءَ
كضميرِ المجرمِ سوداءِ
وبرغم البَرد مع الدّاءِ
تَنبتُ زهرهْ
عَبْرَ الحُجْرهْ
" زهرةُ شمسٍ " ...
======================
(*) نشرت في جريدة " النور " - جريدة الحزب الشيوعي السوري - ، وصدرت في دمشق آب 1958.
E.-Mail:mutlak@scs-net.org