المرحلة الثانية


المرحلة الثانية


المرحلة الثانية

المرحلة الثانية من
(محاور في المقام العراقي)



2009



محاور في المقام العراقي
دراسة بحثية متسلسلة لمحاور تخص شأن
غناء وموسقى المقام العراقي
يـكـتبها في حلقات

مطرب المقام العراقي
حسين اسماعـيل الاعـظمي



الاردن / عمـَّان
كانون الثاني January 2009
اليكم أعزتي القراء في الصفحات التالية
المرحلة الثانية من (محاور في المقام العراقي) التي تم نشر تسعة عشر محورا في المرحلة الاولى من العام الماضي 2008 ، وها نحن نستهل عامنا الجديد 2009 بالمحور رقم (1) والمحور رقم (2) والمحور رقم (3) والمحور رقم (4) والمحور رقم (5) والمحور رقم (6) والمحور رقم (7) والمحور رقم (8) والمحور رقم (9) والمحور رقم (10) والمحور رقم (11) والمحور رقم (12) والمحور رقم (13) تكملة لمحاور المرحلة الاولى واستهلالاً للمرحلة الثانية .. وهذا المحور رقم (14) مذكــِّراً ، في حال فقدان أية حلقة من حلقات المحاور في مرحلتها الاولى والثانية أن تكتبوا إليَّ لأرسلها إليكم
***
أو الذهاب الى موقع كوكل google والبحث عن (محاور في المقام العراقي) او (محاور في المقام المرحلة الثانية) حيث تجدون كل المحاور منشورة في المواقع والشبكات الالكترونية مع الشكر والتقدير لكل اخوتنا واصدقائنا في هذه المواقع والشبكات



المرحلة الثانية
من المحاور المقامية


المحور رقم

(14)


Hussain_alaadhamy@yahoo.com


00962795820112


المحور رقم
(14)
********
أُسطورة القُدماء
أعتقد أنّني قلت مرَّة ، أنّهُ كلّما إزداد الانسان وعياً وإحساساً بحاضره وواقعه المعاش ، إزداد وعيه الحسِّي بأهمية التاريخ ، باعتباره الجذر الحقيقي لتاريخ الحاضر والواقع والمستقبل .. والغناسيقى (*1) بوصفها من أبرز أدوات تصوير التاريخ ، أو أبرزها فعلا ً ، والأكثر إحساساً وصدقاً ووعياً بالظواهر المحيطة بالإنسان ، فهي تسهم إسهاما كبيراً في إستنباط ما جرى في الماضي ، والأسئلة الماثلة أمامنا دائماً ..
- هل أنَّ الفنان الموسيقي ، أو الفنان بصورة عامة ، قادرٌ على أن يعيد في عمل متناسق صادق تركيب وتنقية وتنقيح الماضي المتناثر الشظايا هنا وهناك ..؟
- هل يكمن ذلك في مجرَّد ما يتميـَّز به فنان عن فنان آخر في أسلوبه أو تقنية عمله ..؟
- أم هو ثقافة ورؤية كل فنان لحقائق الماضي ..؟
-
ولعل الأهم من كل ذلك ..
- ماذا يريد الفنان بنتاجه الفني التاريخي .؟
- أية أهداف يخدم .؟
-
او في الحقيقة وبصورة أكثر دقة ..
- كيف يستطيع الفنان أن يخدم أهداف الحاضر من خلال إستحضار الماضي ..؟

هذه الهواجس والتساؤلات ، وما يحيطها او يدور ضمنها ، هي التي تحفـِّز الجماهير للإستماع الى التسجيلات الصوتية لغناء المقام العراقي والموسيقى التراثية كلها ، وأبرزها تسجيلات مطرب القرن العشرين محمد القبانجي ، بكثير من التأمل والخيال ، وهي ذاتها التي تحفـِّز على الانتشار والتوسع ..
لقد ترك لنا محمد القبانجي تسجيلات صوتية في غناء المقامات العراقية ، أولها كانت في بغداد عن طريق الشركات الصوتية الاجنبية ، التي وصلت الى العراق لهذا الغرض منتصف العشرينات من القرن العشرين ، في جولة مستمرة لتسجيل تراث الشعوب الموسيقي والغنائي ، ثم سجل مجموعة أخرى بألمانيا في العشرينات ايضاً بدعوة من هذه الشركات ، أتبعها بعد ذلك بتسجيلات أخرى في القاهرة عشية مشاركته في المؤتمر الأوّل للموسيقى العربية الذي عقد بالقاهرة عام 1932 .. حيث لم يكن هدفه فيها معالجة قضية فنية تاريخية بحتة ، بل توضيحاً للتفاعل بين الروح التاريخية الغناسيقية التراثية الكبيرة والانواع الموسيقية الأخرى التي يمكن لها ان تصور كلية التاريخ .. ويبقى هذا التفاعل بعد ذلك ، الشغل الشاغل لمحمد القبانجي أو أي فنان آخر تشغله هذه التفاعلات الروحية الكامنة في معاني الموسيقى ..
ولعل المستمع الى تسجيلات صوتية لمقامات عراقية بمستوى مقامات محمد القبانجي ، سيدرك ان القبانجي ومن أمثاله في المستوى ، يقتحم أعماق المشاعر والأحاسيس الانسانية التي يسوقها من التاريخ الغناسيقي التراثي .. وإجمالاً يقف المستمع ، لا بين يديْ مطرب تراثي فحسب ، بل مفكر واجتماعي واقتصادي وسياسي وفيلسوف ..! ولا غرابة إذن ، أن يجد المستمع ، أو أن تجد الجماهير المستمعة ، شيئاً من الصعوبة والغموض في فهم جزء غير هيـِّن مما أنتجه محمد القبانجي من تسجيلات غنائية مقامية فاقت في تعابيرها التاريخية الصادقة حد المعقول .. القبانجي الذي إستهل حياته الفنية غارفاً من كنوز هذا التراث المقامي في بلدِ اقدم الحضارات الانسانية .. وبالتالي ، فإن ما أعطاه وأنتجه محمد القبانجي من تسجيلات غنائية مقامية ، كثير ، فقد سجـَّل معظم المقامات العراقية أو كل المقامات المتداولة في العراق ، ونجح فيها نجاحاً كبيراً ، ولو كان قد إكتفى بتسجيله لمقام المنصوري فقط ، لكان هذا المقام كافياً لتخليده مطرباً مقامياً كبيراً على مدى العصور وهو المغنى بالقصيدة التي مطلعها ..

(كيف يقوى على الجفا مستهام عنك لم يلهه نــــديم وجام)

منذ بواكير حياتي ، كان هاجسي وإلهامي الكبير في الموسيقى والغناء هو المطرب المقامي المعجزة محمد عبد الرزاق القبانجي ، الذي نقلني الى عوالم خيالية واحلام فاقت امكانية تصوراتي في خيالاتها وتأملاتها الروحية حتى هذا اليوم ، خاصة وان الجيل الذي عشته كان قد وعى على زمن كانت فيه منجزات محمد القبانجي الفنية في غناء المقامات العراقية قد وصلت الى مستوى نضوجها المتكامل في قـِيـَمـِها الفنية وانتشارها الواسع .. بحيث وُضِعَ منجزها محمد القبانجي في مصاف المغنين العظماء .... ونحن لم نزل حتى اليوم نستمع بكل دهشة واستغراب لتراث هذا الفنان الكبير من خلال تسجيلاته الصوتية الغنائية وما يتمتع به من امكانية لامثيل لها ، وفنا ً ناضجاً تجاوز الحد المطلوب في غناء المقامات العراقية بصورة فاقت كل التصورات ..

على الإجمال ، لابُدَّ لنا عند الحديث عن المستوى الأدائي للمقامات بأصوات المؤدين القدامى الذين لم نستمع إليهم بأجهزة التسجيل الصوتي لأنهم لم يدركوها ، أن ننتبه الى أن تاريخهم غير وافي ولا يعطي الصورة الحقيقية لمعرفة قيمة ومستوى فنِّهم الغناسيقامي (*2) .. وظلـَّت أخبارهم تنقل إلى الأجيال اللاحقة عن طريق التناول التاريخي من جيل الى جيل شفاهاً أو كتابة تاريخية غير وافية ، دون أن يكون هناك أيضاً تدوين يذكر بلغة الكتابة الموسيقية – النوطة – او أي وسيلة أُخرى نستطيع من خلالها ان نستمع الى إنجازات مغنينا القدماء ، الذين بالغ المؤرخون في إنجازاتهم الفنية ، وفي كل الأحوال يبقى هذا التاريخ أشبه بالهواء في شبك ..! يعتمد على التخمينات والإستنتاجات والرؤْية التاريخية ..
إن فن الموسيقى ، فنـَّا ً حسيـَّا ًوجمالاً مسموعاً لابُدَّ من وسيلة توصلنا الى إدراكه ومعرفته وسماعه ، ولابد أن نعيش هذا التراث ونحن نستمع إليه ونحس بخيالاته وتأملاته وتعبيراته الخصوصية ..

يترتب على المرء إذن ، أن يقطع صلته بالأُسطورة التي تـُمجـِّد هؤلاء القدامى ، خاصة ممن ظهر في القرون الماضية ، رغم إستحقاقهم من حيث المبدأ كمغنين مميـَّزين في عصورهم ، نقـل لنا المؤرخون عنهم أخباراً وصلت في وصفها حد الأساطير ، الأمر الذي يؤدي في غالب الأحيان الى أن هالة هذه التواريخ الاسطورية لمغنينا السابقين تؤدي الى الحط من قيمة وإمكانية مغني القرن العشرين وما بعده ، خاصة وقد ظهر الابتكار العظيم – جهاز التسجيل الصوتي – مطلع القرن العشرين ، الذي أمسى منعطفاً عظيماً في تاريخ البشرية ..! حيث إستطاع أن يوثــِّق ويؤرشف لأول مرَّة في التاريخ الانساني أصوات المغنين ..!

هذه الأُسطورة الرجعية التي تنكر على عصرنا الراهن أي تطور او إبداع أدائي .. لابُدَّ لنا أن نتوقّف وأن ننتبه إليها ، فللقدامى دورهم المحترم وللمحدثين والمعاصرين دورهم الكبير .. ولا يلزم المرء إلا أن يتأمل المنجزات الرائعة المتمثلة بالتسجيلات الصوتية المقامية الاولى والرائدة لمغنين كبار ظهروا في بدايات القرن العشرين مثل مقام الطاهر (سلَّمه جهاركاه) بصوت جميل البغدادي (1876 – 1953م) بقصيدة إستطعتُ أن أعرفَ منها هذين البيتين ..

يا محرقا بالنار وجـــه محـــبه
مهلاً فإن مدامــــعي تطفـــيه
إحرق بها جســـدي وكل جوارحي
واشفق على قلبــــي لأنك فــيه

ومقام البنجكاه (سلَّمه رست) بصوت يوسف كربلائي (1879 – 1943م) بهذين البيتين ..

هتف الصبح في الدجى فاسقنيها
خمرة تترك الحلــيم سفــيها
لست ادري لرقة وصــــفاء
هي في كاسها ام الكـــاس فيها

ومقام السيكاه بصوت رشيد القندرجي (1886 – 1945م) بقصيدة ابي نؤاس ..

نضت عنها القميص لصـبِّ ماء
فورَّد خدَها فرطُ الــــحياءِ
وقابلت الهواء وقد تــــعرَّت
بمعتدل أرقُّ من الهــــواء
ومدَّت راحة كالــــماء منها
الى ماء معدٍّ في إنـــــاء
ولما أن قضت وطراً وهمـَّـت
على عجل لتأخذَ بالــــرِّداء
رأت شخص الرَّقيب على التداني
فأسبلت الظــلام على الضياء
وغاب الصبح منها تحت لــيل
وظل الماء يجــري فوق ماء
فسبحان الإله وقد بــــراها
كأحسن ما تكون من النســاء


صورة / رشيد القندرجي

ومقام السيكاه ايضا بصوت عباس كمبير (1883 – 1971م) بأبياتٍ من قصيدة منسوبة ليزيد إبن معاوية ..

أراكَ طروباً ذا شـجىً وترنُّمِ
تميلُ الى ذكر المحاسن بالفم
أصابك عشق أم رُميتَ بنظرةٍ
وما هذه إلاّ ســجية مغرم
أحسد كاسات خمر تقبل فمها
اذا وضعتها موضع اللث بالفم




صورة / المطرب عباس كمبير(1883 – 1971) صورة / المطرب نجم الشيخلي (1893 – 1938)




ومقام المثنوي(سلَّمه حجاز) بصوت عبدالفتاح معروف (1881 – 1989م) بهذه القصيدة ..

فقتَ حسناً وسؤدداً وافتـخارا
زادك الله رفعـــةً ووقارا
وملكت القــلوب منَّا جميعا
مات الناس في هواك سكارا
أنت نور في الملاحة صـمت
زاده الكون من ثناك إستنارا
لو رأى البدر من جديد صبحنا
لاختفى منك خجلة وتـوارى
لو رأتك الشمس مخـــتالاً
لا ثملت من حينها إستــتارا
وابن ياقوت لو رأى لــتقدم
الفيه نهر النفـــيس وحارا
يا شهيد الملاح رفقاً بقــوم
أردفتك لحاظك منــك عارا




صورة / المطرب جميل حجازي الأعظمي صورة / المطرب حسن خيوكة في صورة تخطيطية
(1902 – 1967) (1912 -1962)

ومقام الرست بصوت نجم الشيخلي (1893 – 1938م) الذي يعتبر من أبرز مغني حقبة التحول ، بهذه القصيدة .. التي أعاد غناءها مرة اخرى بمقام البيات .. أعتقد أنَّها للشاعر أحمد رامي .

كم بعثنا مع النسيم كلامــــا
للحبيب الجـــميل حيث أقاما
وسمعنا الطيور في الروض تشدو
فنقلنا عن الطــــيور كلاما
نحن قوم مخلـَّدون وإن كنــَّـا
خلقنا لكي نــــموت غراما
فاذا نامت العيون فهــــذي
يا حبيبي قلوبــــنا لن تناما
خافقات تدق من ألم الوجـــد
نشيداً فتحـــــسن الانغاما
قد قنعنا بحبه ورضيـــــنا
لو يفي ساعة ويهـــجر عاما
ولكم زارني الكرى فوددنـــا
لو قضـــينا هذي الحياة نياما
فرقت قلبنا العيون اللواتـــي
نلن من صـــحة الجمال سقاما
فكأن القلوب كانــــت أواما
وكأن العيــــون كانت سهاما
ما شربت المدام إلا لانــــها
بأحبابــــي لـــذة الآلاما

او محمد القبانجي في مقام القطر (سلَّمه من النكريز ويتنوع بالحجاز والصبا) بهـذا الزهيري ..
نار الغضا لوعت مني الضمير ابجاي
والغير منهم شرب كاس الوداد ابجاي
تميت اعالج بروحي كالغريج ابـجاي

وانوح من بلوتي نوح الحمــام ابغرب
ارعى وحوش الفلا هايم صباح اوغرب
ما هي مروة تخــــلونة بدار الغرب

ابجي على شوفكم ما تسمعون ابجاي

ومقام الصبا لنجم الشيخلي ايضاً , بهذه القصيدة ..

خليليَّ ما أحلا صـــبوحي بدِجـلةٍ

وأعذبُ منها بالفراتِ غـــبوقي
شربنا على المائيــنِ من ماءِ كرمةٍ
فكان كـدُّرٍ رائقٍ وعقيــــــق
على طرفيْ أُفقٍ وأرضٍ تـــقابلا
على شائقٍ حلوِ اللُّمى ومـــشوق
ولا زلتُ أسقيهِ وأرشفُ ريقَــــه
ولا زالَ يسَقيني ويرشـِـفُ ريقي
فقلتُ لبدرِ التَّمِ , تعرِفُ ذا الفــتى؟
قال نعم هذا أخي وشـــــقيقي

وحسن خيوكة (1912 – 1962م) في مقام الأَوْج بهذه القصيدة ..

هي حزوى ونشرها الفـــيَّاح
كل قلب لذكــــرها يرتاح
مرضتْ سلوتي وصـحَّ غرامي
بلحاظ هي المراض الصـحاح
ليت شعري وللهوى عـَطَــفاتٌ
هل يباح الدنو أم لا يـــباح
كل سرٍّ لهم بقلبي مـــصون
غير أن الهوى لدي مـــباح
يا نسيم الصبا بروضـــة خد
لك منها اذا إعتـــللت إرتياح
ليلة كان لي بها ألف صــبح
يا ترى مالذي أراد الصــباح
لا تلمني على إباحة ســـري
كل عشق لأهله فضــــاح
هجر والهوى وصال وهجــر
هكذا أســــنة الغرام الملاح



صورة / المطرب جميل البغدادي (1886 – 1953) صورة / المطرب عبد الفتاح معروف (1881 – 1989)




وناظم الغزالي (1921 – 1963م) في مقام الجمال (سلَّمه هزام) بهذه القصيدة ..

من زاحم الليث على غابه ظــلماً
سيلقى الحتــــــف في نابه
والليث لا تؤمَنُ غاراتــــــه
إن عاثت الاعــــداء في غابه
شعب تعاهدتم على ظلـــــمه
وخضـــــتم البحر لإرهابه
أغضبتم الراهـــــب في ديره
وغبتم الـــــــشيخ بمحرابه
يا امة ثارت الى حقــــــها
واستمســــــكت منه باسبابه
لا تيأسي إن الذي قد مــــشى
للحق لا يرجـــــــع إلا به
لا يرجع السيف الى غــــمده
أو يرجع الحق لأصـــــحابه

ويوسف عمر (1918 – 1986م) في مقام العجم عُشَيْران بقـصيدة الرُّصافي ..

يا شعرُ إنك صورةٌ لضــــميري
يُبديك حزني تارةً وســـروري
يا شعر أنت بكاي يوم كآبــــتي
وتبـــسمي يا شعر يوم حبوري
مالي أراك من الــــــــذي
يوحيه منــــسيَّاً من الجمهور
كنت تصغي الى شــجيِّ الاغاني
فاسمــــع اليوم أنـَّتي وزفيري
يا عندليب الروض انسني من الرضى
بعض القصـــيد كشعر مشهور
أحمامة غنت بجانب دجـــــلة
لم يبق مــــستمع اليك فطيري

ومقام الراشدي (سلَّمه جهاركاه) بصوت عبدالرحمن العزاوي 1928 – 1983م) بهذا الزهيري..

بهواها شفت العجـــب من يوم خلتني
بفنونها والحـــــسن يا ربي حلتني
بين الحيا والامل والمــــوت خلتني

حاير صرت يا ترى بين الجــــفا وامان
متعاهد اويالولف باقــــــسامنا وامان
بعد الحلف والقســـم يمته الوصل وامان

بلكي يعود الهنـا يا قلبي خلتــــني


صورة / المطرب أحمد موسى (1905 – 1968) صورة / المطرب عبد القادر حسون (1910 – 1964)

أو الحاج هاشم الرجب (1920 – 2003م) وهو يغني مقام الرست بهذه القصيدة الشهيرة لعليِّ إبن الجهم ..

عيون المها بين الرصافــــة والجسر
جلبن الهوى من حيـــث ادري ولا ادر
أعـَدْنَ ليَ الشوقَ القـــــديمَ ، ولم اكن
سلوت ، ولكن زدن جمـــــرا على جمر
سلِمْن َواسْـلـَمن القلـــوبَ ، كانما
تـُشـَكّ ُباطراف الـــمُـثــَقـفةِ السُّمر
وقلن لنا ،نحن الاهــــــلـــَّة ُ، انما
تضيء لمن يسري بليـــــل ولا تغري
فلا بذل الا ما تزوَّد ناظــــــــر
ولا وصل الا بالخــــــيال الذي يسري
أزَحـْن رسيس القلب عن مُستـــقرِّه
وألهبن ما بين الجـــــوانح والصدر
فلو قبل ان يبـــــــدو المشيب بدأنني
بيأس مبين او جنحـــن الى الغدر
ولكنه اودى الشبــــــــــاب ، وانما
تصاد المها بين الشبيـــبة والوفر
أما ومشيـــبٍ راعهــــُـــن َّ لربـَّما
غمزن بنانا بين سَحـــر ٍالى نحر
وبتنا على رغم الوشـــــــاة كأننا
خليطــان من ماء الغمامة والخمر
فإن حـُلـْن َاو انكرْنَ عهـــــــدا عهدته
فغيـــر بديع للغــواني ولا نكري
خليلي , ما احــــلى الهـــوى وامرَّه
واعلمني بالحــــلو منه وبالمر!
كفى بالهوى شغلا ، وبالشيــــب زاجرا
لو ان الهــوى مما يـُنـَهـْنـَه ُبالزجر
بما بيننــــــا من حرمة ، هل رايتما
ارقَّ من الشكـــوى واقسى من الهجر؟
وافصح من عين المحـــــب لسره
ولا سيما ان اطلـــقت عبرة تجري ؟
وما أنسَ مِلأشياء**لا أنس قـــــولـَها
لجارتها ، ما اولــع الحب َّبالـُحرِّ!
فقالت لها الاخرى ، فما لصديقــــــنا
مـُعــَنّـًى؟ وهل في قتلــه لك من عذر؟
صِلـِيه ، لعل الوصل يحييـــــه، واعلمي
بأن اسير الحب في اعـــظم الاسر
فقالت ، اذود النـــاس عنه ، وقلــَّما
يطيب الهـــوى إلا لمنهتك الستر
وايقنتا ان قــــــــد سمعت ، فقالتا،
من الطـارق المصغي الينا وما ندري ؟
فقلت ، فتىً ان شئتمـــــا كتم الهوى
والا فخَــــّلاع الاعـنــَّة والعـــذر
على انه يشـــــــكو ظلــوما وبخلها
عليه بتســــليم البشاشة والبشر
فقالت ، هـُجِــينا , قلت , قــد كان بعض ما
ذكرت ، لعل الشــرَّ يـُدفع بالشرِّ
فقالت ، كأني بالقــــــــوافي سوائرا
يـَرِدْن َبنا مصراً، ويـُصْدِرْنَ عن مـصر
فقلت ، أسأت الظنَّ بي ، لست شاعـــرا
وان كان احيــــانا يجيش به صدري!
فما كل من قاد الجياد يســوســُها
ولا كل من أجرى يقـــال له ، مـُجـْري
صلي واسألي من شئت يخــْــبرْكِ أنـَّني
على كل حال نِعمَ مُسْــتــَودَعُ السر
وما أنا ممّن سار بالشـــــــعر ذكره
ولكن اشعاري يسيــرها ذكري
وللشعر اتبــــاع كثير ، ولم اكن
له تابعـــــا في حال عسر ولا يسر
وما الشعر مما أستـــــظلُّ بظله
ولا زادني قـــدرا ولا حـَط َّمن قدري



صورة /المطرب شهاب الأعظمي (1918 – 1997) صورة/الحاج هاشم محمد الرجب (1920 – 2003)




وكذلك عندما نستمع الى أحمد موسى ( 1905- 25/ 8/ 1968 ) في مقام الحسيني بهذه القصيدة .. للشاعر ابن مليك الحموي ..

قسماً بحفظ عهودكــــم وودادي
لم أقض منكم في الغرام مـرادي
وعليكم حسد العذول أما كفــــى
حتـى العواذل في الهوى حسَّادي
ولشقوتي في الحب قد عزَّ الرقــى
لما تناء يتم وعزَّ رقـــــادي
ما ذاك إلا أن أميال الجـــــفا
طالت وطــرفي كحلت بسهادي
فمروا جفوني بالكرى لتراكــــم
وتبيت من وصل على ميعــاد
أحبابنا عودوا وجودوا باللــــقا
فلقد ضــــنيت وملـَّّني عُوَّادي
روحي لكم قد قدت طــوع هواكم
هذا زماني دونكم وقــــيادي
يا عاذلي عني إقتصـــر إني لفي
وادٍ وأنت عن الهــوى في واد
كم بين من يبغي الصـلاح وبين من
في عذله مني يروم فـــسادي
أنا إن سلوت فما يعاودني الــكرى
كلا ولا زار الخيــــال وسادي
بأبي نزولاً بالحشا قد خــــيَّموا
واسـتوطنوا عوض الخيام فؤادي
لسوى هواهم لم أمل فــــكأنهم
خلقوا على حسب الهوى ومرادي

أمّا رشيد الفضلي (1904 – 1969م) فنستمع اليه في مقام الجهاركاه بهذه القصيدة لشاعر العصور أحمد أبي الطيب المتنبّي..

اليوم عهدكم فـأين الموعــد
هيهات ليس اليوم عهدكم غد
الموت أقرب مخلباً من بينكـم
والعيش أبعد منكم لا تبعدوا
إن التي سفكت دمي بجفونـها
لم تدر أنَّ دمي الذي تتقلد
قالت وقد بان إصفراري مـن
به ، وتنهدت فأجبتها المتنهد
فمضت و قد صبغ المياء
لوني كمـا صبغ اللجين العسجد
فرأيت قرن الشمس في قمر الدجى
متـأوِّداً غصن بـه يـتأوَّد




صورة / المطرب يوسف عمر (1918 – 1986)




وفي مقام الجهاركاه أيضا يغني عبد القادر حسون (1910 – 1964م) ايضاً قصيدة شهيرة لشاعر العصور أبي الطَّيِّب المتنبّي ...

مالنا كلنا جو يا رســـــول
أنا أهوى وقلـــــبك المتبول
كلـَّما عاد من بعثـــــتُ اليها
غار مني وخان فيمـــا يقول
أفسدت بيننا الأمانات عينـــاها
وخانت قلوبهن العـــــقول
تشتكي ما إشتبكت من ألم الشو
ق والـــــــشوق حيث النحول
واذا خامر الهوى قلب صـــبٍ
فعليه لكل عين دلــــــيل
زوِّدينا من حــسن وجهك ما دام
فحسن الوجوه حال تحـــول
وصلــينا نصلكِ في هذه الدنيا
فإن المــــــقام فيها قليل
من رآها بعينيها شامة القــــطان
فيها كما تــــــــشوق الخمول
إن تريني أدمــــــت بعد بياض
فحميد من الفــــــــتاة الذبول
صحبتني على الفلاة فــــــتاة
عادة اللون عنـــــــدها التبديل
لا أقمنا على مكان وإن طــــاب
ولا يمكن المـــــــكان الرحيل
كلما رحبـــــت بنا الروض قلنا
حلب قصــــــدنا وأنت السبيل
نحن أدرى وقد سألنا بنجــــد
أقصــــير طريقنا أم يــطول
فكثير من السؤال اشـــــتياق
وكثير مـــــن ردِّه تعليــــل

ولشهاب الأعظمي (1918 – 1997م) قصيدة شهيرة أُخرى لإبن نباتة المصري يغنيها في مقام النوى ..

أودت فعالـُك يا إسماً بأحشــائي
واحيرتي بين أفعال وأســماء
إن كان قلبك صخراً من قـساوته
فإن طرف المعنى طرف خنساء
ويح المعنى الذي أضرمت باطنه
ماذا يكابد من أهوال وأهـــواء
تحمي بمقلتك السوداء مهــجته
فليس ينفـَّكُّ مجنوناً بســـوداء
يا صاحبيَّ أقلاّ من ملامكـــما
ولا تزيدا بتكرار الهـوى دائي
هذي الرياض عن الازهار باسمةٌ
كما تبــسم عُجْباً ثغرُ لميـاء
والارض ناطقة عن صنع بارئها
الى الورى وعجيب نطق خرساء
خضراء قدمازجتها النفس عن طرب
ورب نفس على التحقيق خضراء
فما يصــــد كما الحال داعية
من شرب فاقعة للــهم صفراء
راحاً غريت بريَّاها ومشـــربها
حتى إنتصبت اليها نصب إغراء
من الكميت التي يجري بصاحبها
جري الرهان الى غايات سرَّاء
في كف أغيد يحسوها مقهــقهة
كما تأود غصــن تحت ورقاء

وهذا عبد الهادي البياتي (1911 – 1974م) حين يغني احدى قصائد معروف الرُّصافي في مقام الأَوْج ..

جمالُكِ يا واحةَ الفضـــاءِ عجـيبُ
وصدرُكِ يأبى الأنـــــتهاءَ رحيبُ
وعينُكِ في أمِّ النـــــجومِ كبيرةٌ
تَضيءُ على الــــــضياءِ لهيب
ومازِلتِ تَغُضِّيها فتخطئُ قــصدَنا
وتفتــــــــحُها برامة فتصيب
فيمرُّ منها في الغديَّةِ مطلـــــعٌ
ويصفرُّ منها في العــــشيِّ مغيب
ويخلِفُها البدرُ المنيرُ حفيــــدُها
وعنها اذا جنَّ الظــــــلامُ ينوب
وليلٌ كأنَّ البدرَ فيه مليـــــحُهُ
اغازِلُها والنــــــــيرانُ رقيب
شربت به والبحر هو بجانـــبي
وردن النسيــــم الغض فيه رطيب
فشاهدتُ فيه الحسنَ ازهرَ مـشرِقاً
له في الـــــعلا وجهٌ اغرُّ مهيب



صورة / البياتي (1911 – 1974)




او مقام الإبراهيمي (سلَّمه بيات) لأحمد موسى بهذا الزهيري مع أُغنية (وعلى جبين الترف) ..


فجر النوى لاح يا عاذل تــــــجلى اوطار
جنهم جفوني ولا منهم قظــــــيت اوطار
جسمي خوة والعقل مني تنحــــــه اوطار

من شفت حادي الرجايــــــب سار لولاهن
بضمايري جاورن لحشــــــــاي لولاهن
المزعجات اللـــــــــيالي الشوم لولاهن

ما جان عاف القطة طيب المــــنام اوطار

الأُغـــــــنية

وعلى جبيــــــن الترف لوكي يا مقرونة يا بابا ليش
وبشهربان العجـــــــب حبي يذكرونه يا بابا ليــش
امان امان دخيـــــل امان لا يمعود شالو بليل او غربو
***********
يالرايحـــــــين الحلب واحمـــــــولكم نومي
يابابا ليش
مِيتِين ناكـــــــه اكحلة ما شالــــــن اهمومي
يابابا ليش
امان امان دخيل امان
يلبعتـــــــني بالرخص بالذهـــــــب ما ابيعك
يابابا ليش
والدنيــــــا ما هي سوه عاين باصابيـــــــعك
يابابا ليش
امان امان دخيل امان
الرايحيــــــــن اكعدو شوفوا حبيـــــبي وين
اوصف جمـــــــاله لكم اسمر وســـــيع العين
يابابا ليش
امان امان دخيل امان

ويوسف عمر كان له مقام الطاهر بهذه القصيدة مع أُغنية (مندل دلّوني)..

عاد المتيمَ في غرامـِــــكَ داؤه
أهو السليمُ تعوده عنـــــــاؤه
بالله أيتها الحمائمُ غــــــرِّدي
ولطالما أشجى المــــشوبُ غناؤه
ما كان داءُ الحبِ إلا نظـــــرةً
هي في الصَّــــبابة داؤه ودواؤه
يا رحمةً للمغرمين وإن تكــــن
قتلى هواك فانهم شهـــــــداؤه
وجزيتموه على الوصال قطيـــعةً
أكذا من الإنصـــاف كان جــزاؤه

الأُغنية

ماندل دلّـــوني يا بابا مانـدل دلّـــــوني
درب المحطة امنيـــن مانـدل دلّـــــوني
رَكّن اعـــيوني يا بابا ركن اعـــــيوني
من كثر نوحي إعْــليك ركن اعـــــيوني

**********
وردة وأشمهـــا يا بابا وردة وأشــــمـها
وأتمنّى وردة يصــــير كل ساعة أشِــــمَّه
بكليبي اضــــمه يا بابا بكليـــــبي أضُمَّه
من الحسد والـــــعين بكليـــــبي أضُمَّه

اللازمة
واشد على اهــواي بابه واشـــد على اهواي
واذكر حبيبي ابلــــيل واشد على اهـــواي
ويدور المــــاي يا بابا ويـــــدور الماي
مثل الكطه العـــطشـان ويـــــدور الماي

اللازمة
مَاندل دلّــــوني يا بابا مانْـــدل دلّـــوني
درب المحــــطة إمنين مانْـــدل دلّـــوني
رَكّنْ اعيــــوني يا بابا ركن اعـــــيوني
من كثر نوحي إعليـــك ركن اعيـــــوني

*************
وغيرهم ... ويمكننا أن نستمعَ بصورة أوسع وبالتدريج الزمني للأصوات المقامية الأخرى التي قدِّر لها أن تسجِّل صوتها في الغناء المقامي منذ بداية القرن العشرين ولحدِّ الآن .. لندركَ التطور التدريجي للغناء المقامي وقيمة الابداعات المستمرة خلال القرن العشرين ، وما يهمـُّنا على أيَّةِ حال ، هو أن نبلورَ على نحو واضح ، واقع التطور المستمر للمستوى الغنائي في نواحيه الفنية والجمالية خلال المائة عام المنصرمة ، بدراسة تاريخه التطوري لمعرفة ماهيَّة الأساس الثقافي والجمالي والذوقي الذي كان عليه الغناء المقامي مستمراً حتى أواخر القرن العشرين .. وفي هذا الصدد .. علينا أن نؤكِّدَ بأن توثيق هذا التطور ودراسته ، يمكن أن نعتبره تمهيداً ثقافياً للنهضة الإبداعية ..


أهمية الحس التاريخي
يعمل الابداع الخلاّق في معظم الاحيان ، بإكتشافه عدَّة حقائق تطورية وعلاقات فنية جديدة لتحويل المجتمع ثقافياً وبمساعدة هذه الحقائق ، من مستوى الى مستوىً آخر، ولذلك كان الماضي بشتّى مستوياته هو أساس كل هذا التطور الذي يحصل للفنون الموسيقية مهما كان عليه من مستوى ثقافي ..
إن الجهل بأهمية الحس الثقافي التاريخي ، لغنائنا وموسيقانا الماثل فعلاً في الكثير من الممارسات الإبداعية ، لاتجعلُنا نستطيع أن نميـِّز الموقع الذي تحتله موسيقانا وقيمتها في سلسلة تاريخها الطويل ، ويبدو لي ، أن كون المقام العراقي تراثاً غناسيقياً حضارياً ، أي أنَّه نتاج مدينة ، فقد لفت هذا الغناء المقامي إنتباه المغنين له وكذلك النقاد والكتاب والمتخصصين في شؤونه الى الاهمية التاريخية في تحديد الموقع الذي يحتله وقيمته في سلسلة التاريخ الممتد منذ آلاف السنين ..
إن النتيجة الحتمية لوضعنا الابداعي والتطوري ، هو تنمية الحس التاريخي والتعمق في دراسته للوصول الى أدقِّ معلومات تاريخية ممكنة ومفيدة تخدم عملية التطور والابداع ..
لقد كانت التجربة الإنسانية في النصف الاول من القرن العشرين ، بنشوب الحربين الكونيتين وغيرها من الأحداث الأخرى ، وعلى الأخصِّ تجربة البلدان العربية ، هي التي جعلت التفكير والإهتمام بالتاريخ لأول مرَّة أكثر من أي وقت مضى على صعيد المجموع .. وأيقظت الشعوبَ الى أهمية تاريحها والمحافظة على تراثها بصورة عامة ، وأمسى هذا التفكير وهذه النقطة التاريخية ، وعْياً ذاتياً على صعيد الفرد ايضاً إضافة الى المجموع .. خاصة في بلداننا العربية ، وربما على وجه التخصيص في بلدنا العراق ، وبالإجمال كان هذا الوعي واضحا في البلدان النامية بصورة عامة ايضاً ، بعد أن مرَّت قرون عديدة من السبات الثقافي والعلمي على هذه البلدان ، وعليه فلا بدَّ لهذا الحال ، أن يعزِّز تعزيزاً كبيراً ، الشعور أولاً ، بأن هناك شىء من الماضي كتاريخ .. وثانياً بأن هذا الماضي يترك أثراً مباشراً في حياة كل فرد وحياة كل مجتمع ..
إن هذا التحول في الوعي بأهمية التراث وأهمية تاريخه لدى الشعوب عموماً ، من صعيد الفرد الى صعيد المجموع ، وإنتباه الحكومات الى هذا الأمر ودعمها للمؤسسات الثقافية والفنية للحفاظ على موروثاتها ، يبدو ايضاً خطوة ثقافية صاحبت التطور الصناعي والتكنولوجي ، ثم يتبلور الأمر ليصبح نهضة جديدة في السياسة والعلوم والثقافة والفنون والآداب بصورة عامة .. فالموسيقى والغناء في العراق في ظروف هذه الحقبة ، إضطرا من خلال فنـَّانيها أن يتعاملا مع المجتمع بحذر تدريجي ، حتى أمست العلاقة بمرور الوقت بأكثرية السكان او المجتمع بأكمله ، علاقة وطيدة ، وأعتقد أن مثل هذه الظروف تحدث ، ليس فقط في بلدنا ، وإنما على صعيد الشعوب الأُخرى ولو بصورة متفاوتة من حيث ردود الأفعال الجماهيرية ، الدينية والدنيوية ، في الموسيقى والغناء .. وعليه فإن حياتنا الداخلية إرتبطت بتطورات هذه النهضة الغناسيقية الجماهيرية الحديثة ، خاصة العلاقة الضمنية الموجودة بين الغناسيقى والمتلقي والفنان .. إرتباطا لم يكن ممكناً على هذا النحو لو لم يحدث التطور في الوعي بأهمية الغناسيقى والفنون الاخرى في بناء وتطور المجتمعات والدول ..
من ناحيةٍ أُخرى .. تلعب كثرة الاحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية دوراً ضمنياً آخراً في تنمية النوعية وظهور مجموعة النخبة من المتلقين بين الجماهير الكبيرة ، هذا هو إذن بعض من تفسير الإنعطافات التطورية في الثقافة والفنون حسب الإمكانات المحسوسة والمتاحة للناس والبلد عموماً .. ليستوعبوا تراثهم بوصفه تاريخهم وهويتهم .. إذ يروا فيه شيئاً يؤثر بعمق في حياتهم اليومية ويعنيهم على نحو مباشر ، ووفقاً لهذا التفسير ، فإن التراث بأجمعه ومحتويات كل المـــاضي هو حامل ومحقق التــقدم للشعوب والإنسانية جمعاء ..


******************************
ملاحظة / كل الاغاني ونوطاتها التي وردت في هذا المحور موجودة في كتابي الموسوم (المقام العراقي باصوات النساء) الصادر في كانون الثاني January 2005 في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر .. وكتابي (الطريقة القبانجية في المقام العراقي واتباعها) الصادر في بيروت عن نفس المؤسسة مطلع عام 2009





الهوامش
1 - الغناسيقى : مختصر لمفردتي الغناء والموسيقى .. الغنائي الموسيقي ..
2- الغناسيقامي : مختصر لمفردات الغناء والموسيقى والمقام ، الغنائي الموسيقي المقامي ..