مسلمو الصين.. والصمت الكريه

جهان محمد عبدالله
لم أر بلداً يبخس الروح الإنسانية ويسترخص حقها في البقاء ويحاول الوقوف بجرأة كبرى إمام القدر ويقرر عدد عباد الله في أرضه ويمسك بعصا الظلم والاضطهاد من أجل أن لاتزداد النفوس البشرية عن قدر ما يريد بقدر ما رأيناه في الصين.. بلد الأساطير والخرافات.. البلد الذي يُقتَل فيها الأطفال المواليد ويُطهَون ويُأكلون! البلد الذي تذبح فيها الفتيات البريئات ذبح الشياه من نحورهن نهاراً جهاراً قرابين في مناسبات خرافية.. البلد الذي يُقتَل فيها المسلمون اليوم وتحت غطاء أو زعم الإرهاب الذي نسجه بوش بعد أحداث 11 من سبتمبر.
ليس ثمة أبلغ مما وصفته تركيا (بالفظائع) لعمليات قتل واضطهاد الأويغوريين أو مسلمي الصين، في مشاهد وصفها الكثيرون على أنها إبادة جماعية، في حين وجدت الحكومة الصينية ضالتها في (قشة الإرهاب) كذريعة دولية تعلل فيها الكثيرون قبلها من أجل إذلال العالم الإسلامي وظلمه واضطهاده وتشويه صورته إلى أقصى درجة، لتضيع ملامح سماحة الإسلام خلف هذه الصورة المشوهة القبيحة.
ولمن لايعرف شيئاً عن مسلمي الصين أو الأويغوريين، فهم مسلمون صينيون ناطقون باللغة التركية، يتعرضون للقمع السياسي والديني الممارَس في الصين تحت غطاء محاربة الإرهاب، ولهم علاقات ثقافية مع جيرانهم المحليين أقرب من علاقاتهم مع قومية الهان الصينية التي يرفض الأويغور تواجدها بينهم وسيطرتها الاقتصادية المتزايدة، هذا بخلاف الرقابة التي تفرضها الحكومة على الدين والثقافة، علماُ بأن إقليم شينجيانج (تركستان الشرقية) والذي يقطنه مسلمو الصين يعتبر من أكثر المناطق حساسية في الصين، لذا تحاول الحكومة جاهدة إطباق سيطرتها على الحياة الدينية والثقافية فيه، وسط صمت إسلامي بالدرجة الأولى، إذ لم تنبس شفة الدول الإسلامية ولاسيما العظمى منها بكلمة تدين فيها ما يتعرض له المسلمون في الصين. وإذا كانت أمريكا قد تناولت موضوع القمع الصيني للأويغور فقد تناولته على استحياء على غير ما جرت العادة، كما تفعل بشأن دارفور وبشأن إيران مؤخرا (مع الفارق الكبير بين قتلى الأويغور وقتلى إيران)، وإن كنا نعرف طبيعة علاقات المصالح الأمريكية الصينية، إلا أنه يبقى أن الموقف لنا نحن المسلمين وتبقى الكرة عندنا ولن تحاول أي دولة تسجيل هدف في مرمانا ولأجل عيوننا.

وللأسف فإن الصمت لم يقتصر على الأنظمة فحسب بل حتى الشعوب الإسلامية تبلدت مشاعرها إزاء ما يحدث، فهل يجب أن تكون شينجيانج فلسطيناً حتى يتفاعل معها المسلمون وتخرج لأجلها المظاهرات وتصدر لها البيانات، إذ لم يصدر ولو بيان واحد من أية جمعية سياسية عندنا على الأقل تدين فيه ما يتعرض له مسلمو الصين من قتل واضطهاد بإسم الإرهاب!
يبدو أن الشراكات الاقتصادية القائمة بين الصين وبين أغلب بلدان العالم العربي والإسلامي لايمكن أن تضحى بها الأخيرة لأجل عيون مسلمي الصين وتخفيف الضغط عليهم، ويبقى أننا نراقب وسط صمت كريه وقلة حيله وقمع صيني لايتوقف.


المصدر/ جريدة النبأ البحرينية
2/9/2009