Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
سيرة الشيخ : سعيد أحمد آل لوتاه في سطور.. .

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: سيرة الشيخ : سعيد أحمد آل لوتاه في سطور.. .

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي سيرة الشيخ : سعيد أحمد آل لوتاه في سطور.. .

    سيرة الشيخ : سعيد أحمد آل لوتاه في سطور.. .



    معلومات رئيسة عنه :
    الحاج سعيد لوتاه

    *] ‬الحاج سعيد لوتاه رائد العمل المصرفي* ‬الإسلامي* ‬في* ‬الامارات*.‬
    *] ‬بدأ حياته العملية مساعدا لوالده في* ‬تجارة اللؤلؤ في* ‬عملية اختيار حبات اللؤلؤ واصلاحها وشرائها وبيعها*.‬
    *] ‬مؤسس الحاج سعيد لوتاه بنك دبي* ‬الاسلامي،* ‬في* ‬عام *٥٧٩١.‬
    *] ‬أسس الحاج سعيد في* ‬عام *٩٧٩١ ‬الشركة العربية الاسلامية للتأمين* »‬اياك*«.‬
    *] ‬اسس في* ‬عام *٦٥٩١ ‬شركة* »‬س.س*. ‬لوتاه للمقاولات*«‬،* ‬التي* ‬لم تزل إحدى الشركات المساهمة في* ‬الطفرة التي* ‬شهدتها الإمارات على امتداد العقود الماضية*. ‬
    *] ‬شارك الحاج سعيد في* ‬مجالس بلدية دبي* ‬لسنوات عدة*.‬
    *] ‬شغل* ‬منصب رئيس مجلس الإعمار في* ‬دبي* ‬الصناعة*.‬
    *] ‬دخل الحاج سعيد قطاع الصناعة فأسس منذ مطلع التسعينات مصنعا لـ»البولي* ‬باك*« ‬وآخر للاسلاك،* ‬ومصنعا لتعليب اللحوم،* ‬التي* ‬حرص على ان تكون منتجا اسلاميا،* ‬لما* ‬يعرف ايضا بمنتجات الحلال*.‬
    *] ‬تعلم الحاج سعيد القراءة والكتابة والحساب في* ‬مدة اربعة أشهر ونصف الشهر في* ‬طفولته*.‬
    *] ‬ولاهتمامه بالعلم أسس في* ‬عام *٣٨٩١ »‬المدرسة الاسلامية للتربية والتعليم*«‬،* ‬شملت مراحل التعليم الثلاث ابتداء من التأسيسية وحتى الثانوية*.‬
    *] ‬وفي* ‬مرحلة لاحقة اهتم بالتعليم العالي* ‬فأسس* »‬كلية دبي* ‬الطبية للبنات*« ‬في* ‬عام *٦٨٩١ ‬و»كلية الصيدلة للبنات*« ‬عام *٢٩٩١.‬
    *] ‬أسس في* ٢٩٩١ »‬مركز دبي* ‬الطبي* ‬التخصصي*«‬،* ‬و»مختبرات الأبحاث الطبية*«.‬
    *] ‬وفي* ‬مجال العلم والتعليم أسس أيضا* »‬جامعة آل لوتاه العالمية*« ‬عام *٠٠٠٢ ‬بكلياتها الخمس*.‬
    *] ‬أسس الحاج سعيد* »‬المعهد التقني*« ‬لتخريج المهنيين في* ‬مجالات الصناعة والكهرباء والنجارة والسيارات،* ‬طارحا شعار* «‬تعلم مهنة واملك ورشة*»‬،* ‬كان ذلك في* ‬عام *٢٩٩١. ‬للقضاء على النقص الحاد في* ‬الكوادر المهنية في* ‬الإمارات*.‬
    ** ‬في* ‬الشأن الاجتماعي* ‬اسس الحاج سعيد* »‬مؤسسة تربية للأيتام*« ‬من عمر خمس سنوات،* ‬وحتى عمر خمسة عشر عاما عام *٢٨٩١ ‬التي* ‬تتولى تربيتهم ورعايتهم وتشغيلهم بعد ذلك في* ‬مؤسساته*.‬
    ** ‬كتب الحاج سعيد العديد من المؤلفات،* ‬تنوعت موضوعاتها بين الشأن المصرفي* ‬والديني* ‬والشعر النبطي*.‬
    ** ‬تلقى الحاج سعيد الكثير من جوائز التكريم،* ‬كان من بينها جائزة* »‬الدرع الذهبي*« ‬للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بتونس*.‬
    ** ‬منح شهادة الدكتوراه الفخرية من الأكاديمية الدولية للمعلوماتية في* ‬روسيا،* ‬بالاتفاق مع الأمم المتحدة ودكتوراه فخرية من جامعة باركتون في* ‬الولايات المتحدة


    وفيما يلي سنتناول سيرة الحاج سعيد وذلك نقلاً عن كتاب : عبقرية سعيد آل لوتاه للمؤلف : أسامة رقيعة ، الذي يقول فيها عن هذه الشخصية :
    ففي حياة الحاج/ سعيد أحمد ناصر لوتاه مواقف وقيم إنسانية لا يمكن إن يمر بها العاقل مرور الكرام، ولا يجب أن تترك دون أن تعرفها الأجيال فهي مواقف تضيء كالقناديل، وترمز إلى قيم خالدة في نفس هذا الرجل ويجب أن تبقى.

    إن صاحبنا من أرض الإمارات تلك الأرض الودود الولود البكر التي أنجبت خيارات من خيارات القادة والحكماء، فكان منها زعيمهم المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ العبقري راشد بن مكتوم مؤسس نهضة دبي الحديثة وأخوته الكرام حكام الإمارات، إنهم رجال في السيرة العربية يجب أن يتقوم عندهم العرب ليس نظراً لثروتهم بل نظراً إلى حكمتهم وفطنتهم، فإن الثروة لم تصنعهم بل هم الذين صنعوا الثروة، فالمال لا يصنع الرجال ولكن الرجال يصنعون الثروات، كمثل صاحبنا سعيد لوتاه، فإنك لا تشعر أبدا أن عظمته آتية من ثروته، بل أن عظمته آتية من شيء ما في داخل نفسه الأبية وفؤاده النقي، فإذا دخلت عليه في مجلسه تشعر بالأمان كأنك في أحد دور العبادة، فوجوده في أي مكان يضفي نوعاً من الاطمئنان والسلامة والأمان، والرجل هكذا لا يكون إلا متوضئا فهو يعقب الوضوء بالوضوء، حتى في غير ميقات الصلاة وفي يقينه إن كل التفاتة، أو عمل، أو مناقشة أمر من أمور العامة، هو عبادة، وهو يعني ما يقول إذ أن كل شيء في تصوره هو لوجه الله تعالى، ابتغاء مرضاته، ونيلاً لحسناته.

    قال لي ذات مرة وقد كنت استأذنه في بعض أمور العمل: لا تظلمنا ولا تظلم غيرنا، وإن كان لابد فاظلمنا قليلاً..!

    وقد كفاني إرشاداً بمقولته إن العدل هو مسار تفكيره، وأن التوسط في الأمور ديدنه، حتى في سماته وصفاته، فهو لين في غير هوان، رقيق في غير ضعف، سخي في غير إسراف، سريع في كل شيء من غير استعجال، دقيق غير متعنت لرأيه إذا أراد شيء طالبك بالدليل، فإذا كان الدليل عقلانياً وراجحاً قبله، واقره، وعمل به، فهو لا يقبل بالقول من غير عمل وشعاره:
    (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) الآية

    وفي صباح من الصباحات، وجدته يتحدث عن الإسلام فجلست وكان حديثه يقع في القلب منعشاً كنسمات الفجر ثم لا تشعر بأن هناك مشكلة في الدنيا، وأنك بذلك قادر على معالجة مشاكل الدنيا كلها بما في ذلك مكافحة تسو نامي وأثاره، وإزالة الفقر من أفريقيا، والدعارة من آسيا، والحروب من الشرق الأوسط، وأنه لإحساس سليم وصحيح تماما، لأن كل مشاكل الدنيا تحل من القلب، فلماذا هناك فقر في أفريقيا؟ لأن قلب الإنسان صار يحمل الضغائن، وكل فرد يحاول أن يستفرد بكنوز الأرض، ولو ترك لقال وكنوز السماء أيضاً، ولماذا الدعارة في آسيا والحروب في الشرق الأوسط، إنها اقتتال على كسرة الخبز، إن القلب هو مفتاح الحل، وقد قالها أحد المفكرين من الغرب محدثا عن محمد رسول الله الإسلام صلى الله عليه وسلم، فقد قال إن محمدا يستطيع أن يحل مشاكل العالم وهو يرشف فنجان قهوة، وهو لا يقصد إن محمد صلى الله عليه وسلم بيده عصاه سحرية، ولكنه يقصد إن محمدا يحمل قلبا صافيا وفطرة نقية.

    وسعيد لوتاه ، وأنت تتحدث معه تجد أن كلماته تغسل عن قلبك درن الحياة، وعن فطرتك شوائب التفكير غير السليم، فتقارب وأنت معه أن تكون صافي القلب سليم الفطرة، ومن هنا تأتيك المشاعر بالطاقة الخلاقة للتغلب على مشاكل العالم، إننا بالفعل في هذا العالم نحتاج إلى الكلمة الصادقة، التي تخرج من القلب الصادق ونحتاج إلى أن نتعلم كيف ندرب قلوبنا على الصدق، والإخلاص وذلك من أجل حياة نظيفة خالية ولا ارتفاع معدلات الكربون في هواء التنفس، ولكن هي القيم السالبة التي تخنق المجتمعات وتقتلها، في أوربا، وأمريكا، وسويسرا خاصة حيث أعلى مستوى للرفاهية، نجد أيضاً أعلى مستوى للانتحار! لماذا يختار الإنسان أن يموت وهو في يده كل شيء؟ لأنه قد اختنق بالتلوث الاجتماعي، ولأن قلبه لم يستطع أن يتنفس، فإذا كانت الطبيعة تحتمل مصادرا للأكسجين، فإن مصادر الأكسجين في المجتمعات هم الرجال القادة أصحاب الهمم العالية، والعزيمة المؤمنة.


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: سيرة الشيخ : سعيد أحمد آل لوتاه في سطور.. .

    وقفــات في رمضــان



    في رمضان حيث يكون العطاء كالريح المرسلة، تبدو عظمة هذا الرجل، ليس في بسطه للموائد التي يأتيها عامة الناس وخاصتهم، بل في نفسه الخيرة الكريمة والمتواضعة، حيث تجده جالساً وسط الناس يتناول إفطاره مما يتناولون، غير مميزاً لنفسه عنهم، إنه تصرف لا يأتي إلا من نفس عامرة، وقلب ذكي، وفؤاد مؤمن، أنه حقا متواضع، تواضع المؤمن، الصادق، الخدوم الذي يحب الخير لنفسه وللناس، وإنك أمامه ومعه تشعر بأنك في حضرة تاريخ طويل من العروبة الأصيلة والفروسية المحنكة.

    في كل اجتماع أحضره معه، أدرك قوته ومتانة فكره، فهو لا يحب الجدال ولكنه يبارز بكلماته المختصرة فينتصر، ثم تشعر بأنه جدير بالانتصار، لأدبه الجم فهو يفحم الحضور دون أن يمس بهم أو يخدش فكرهم، أنه يحترم الرأي الآخر غير أنه يعتد برأيه.

    وفي يوم من أيام الأسبوع كلفني بعمل، وقد كان كبيرا فقلت له متحمساً:
    - إن هذا العمل سيكون خالصا يوم غد أو بعده، إن شاء الله.!
    فقال لي متسائلاً:
    - شو اليوم من أيام الأسبوع؟
    فقلت له:
    - الثلاثاء.
    فقال لي:
    - إذا قد ضاع منا الأسبوع.
    فوقع كلامه في فؤادي، فأقدمت على العمل فورا وأكملناه في يوم واحد، وجاء رأيه صادقا كفلق الصباح، وقد كسبنا أسبوعا كنا بالفعل في حاجة إليه، إنها الهمة العالية، عندما تشحذ الهمم الأخرى، وتحضها على البزل والعطاء.

    وذات يوم من أيام رمضان اتفقت مع صديقي على أن نتناول الإفطار معه، فرحب ببساطة العربي الأصيل، وقبل الإفطار بدقائق وجدته يهاتفنا مخبرا أنه سيصحبنا إلى منزل ابنه لمناسبة هناك، وبتواضع جم دعانا إلى ترك سيارتنا الخاصة والصعود معه في سيارته هو، وكعادته ينتهز كل فرصة للتجمع إلى شحذ الهمم ودعوتها إلى العمل، فما إن فرغنا من الإفطار إلا وقد وجدنا أنفسنا في حلقة علم وتفاكر يقودها هو ويسأل الجميع: ما هو دورنا تجاه الإنسانية؟ فتتعدد الأجوبة وتبقى عظمة هذا الرجل ترسم نقوشا تربوية خالدة في نفوسنا ونفوس الجميع.

    يتبع في الحلقة الثانية ...


  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: سيرة الشيخ : سعيد أحمد آل لوتاه في سطور.. .

    عصامية.. تحدي.. انطلاق


    إن الحديث عن سعيد لوتاه ليس بالأمر اليسير، فهو رجل فذ من كل جانب وشخصية لامعة، صانعة للأفكار الصائبة، بل هو من الدعاة إلى الله تعالى، إن تحدث وجدت الرأي السديد، وإن عمل وجدت الخبرة السخية، والتطلعات البناءة، فيتأكد لك أنك مع رجل موهبة من الباري الكريم، إلى أمة خيرة في زمان كادت أن تنضب فيه ينابيع الخير، لقد قالت عنه المنظمة العربية للثقافية والعلوم:


    أنه من أخلص الحكماء، وأنفع الناس في دولة الإمارات، والأمة العربية والإسلامية وقد وهبه الله تعالى قلبا ملئا بالحب، والصفاء، والطهر والسلامة، وأجدها صادقة فيما قالت بل هو أكثر من ذلك.


    ففي يوم كان العمل فيه هادئا تفقدناه فلم نجده، وسألنا عنه فقالوا إنه في رحلة برية مع الأيتام الذين يكفلهم، وقد استغرقت الرحلة عدة أيام، فكفانا ذلك الرد ويجب أن يكفيكم، أنه في رحلة برية مع الأيتام .


    ولا أخفي شيئاً إن قلت إنني أمضيت يومين أفكر في هذه الخطوة التي منه، وفي هذه السماحة التي فيه، وإن رحلته هذه قد أثرت فيَّ كما لم تؤثر أية خطبة أخلاقية، أو دعوية تمتلئ بالعبارات وتخلوا من العمل.


    إن العظمة في الأمم هي أن يتمثل رجالها بما يقولون وأن يفعلوا ما يؤمنون وإن الرسالة لا تصل إلى الخلق والناس بالكلام وإنما بالعمل، فكم نحن في حاجة إلى العمل؟ وكم نحن في حاجة إلى عظماء يلامسون المجتمع، ويبثون فيه القيم ويجعلونه يتنفس.


    ماذا فعل هذا الرجل؟ دعوني أولا أتركه يحكي لكم عن قصة عصامية، هي قصة أول بنك إسلامي في العالم، ألا وهو بنك دبي الإسلامي، لعلكم تتلمسوا فيها جانبا من عظمة هذا الرجل وعبقريته:


    في البداية أود أن أوضح أنني نشأت ولله الحمد في بيئة متميزة وأسرة صالحة ومنعمة، إذ كان والدي وعائلتي من التجار المعروفين في المنطقة، وكان اللؤلؤ من أهم الأمور التي يتاجرون فيها.


    ثم تطور العمل في التجارة مع النهضة الاقتصادية التي شهدتها المنطقة. ولقد بدأت فكرة إنشاء مصرف إسلامي منذ بداية حياتي وحين تفتحت عيناي على النظر إلى ما في شريعتنا من الخير الوفير الذي من الله به على عباده، فهو سبحانه وتعالى لم يحل لنا شيئا إلا وفيه النفع لنا، لم يحرم علينا شيئا إلا لما فيه من المضرة علينا، قال تعالى: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) سورة الأعراف آية (157) كنت أذهب إلى المسجد لأصلي فأسمع الدروس والمواعظ، ومن بين ما كنت أسمعه تحريم الربا وأنه من الكبائر.


    وكثيراً ما كنت أناقش الأمر مع إخواني وأصدقائي حتى إننا كنا نجتمع حول خطيب الجمعة بعد انتهاء الصلاة، ونسأله: " قلتم لنا أيها الشيخ الكريم إن الله تعالى حرم علينا التعامل بالربا فما البديل إذن ؟ " ويصمت الشيخ، فكنت أقول لمن حولي "الحل يجب أن نبحث عنه ونفكر فيه جميعا".


    ومن هذا انطلقت فكرة البحث عن بديل إسلامي مناسب لاسيما مع انتشار المصارف في كل مكان وصعوبة الاستغناء عنها في العمل التجاري الدولي.



    وبدأت البحث في موضوع الربا، فقرأت كتابات السلف في أبواب الربا، ورأيت كيف أن الإسلام قد سد كل ثغرة يمكن أن ينفذ منها الربا إلى المجتمع المسلم. وقرأت أيضاً كتابات المعاصرين من أمثال د. عيسى عبده، و د. غريب الجمال، و أ/ محمد باقر الصدر وغيرهم، ومن خلال هذه الكتابات المستفيضة عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية السيئة للتعامل بالربا ثم إمكانية إقامة بنوك لا تتعامل بالربا، كل هذا جعلني أفكر واسأل نفسي، هذه كتابات نظرية عن بنوك إسلامية فأين التطبيق؟ وما مدى الإمكانات المتاحة؟


    وفي ذات يوم كنا جلوساً مع سمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي آنذاك مؤسس النهضة الحديثة لإمارة دبي وأول من أرسى دعائم دولة الاتحاد مع أخيه صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ودار الحديث حول التعامل بالربا.


    فقال: " أتمنى لو أننا وفقنا إلى إيجاد مؤسسة مالية لا تتعامل بالربا حتى نرفع عن أنفسنا وعن إخواننا حرج الوقوع في هذا الإثم " ، وكم كان لهذه الكلمة من وقع رائع في نفسي فيها هو ولي الأمر يتمنى الشيء الذي طالما تمنيته؛ يتمنى وجود مؤسسة مالية لا تتعامل فيها حرمه الله، وظننت عندئذ أن الشيخ "رحمة الله عليه" كان يقصد بهذا قيام بنك إسلامي وما إن سافرت إلى الخارج لأعرض آرائي على العلماء وأصحاب الفكر الاقتصادي الإسلامي حتى فوجئت بتخوفهم من ناحية وإشفاقهم علي من ناحية أخرى لما رآه بعضهم من استحالة إنجاز هذا العمل في مثل هذه الظروف، وظللت أناقشهم وأحاورهم في صبر متحليا بإيماني وقناعتي، حتى شرح الله صدر الكثيرين منهم فزاد يقيني بالفكرة وحمدت الله كثيرا على هذا التوفيق.



    ويمكنني أن أقول إنه بعد ذلك بدأت مرحلة العمل إنه بعد ذلك بدأت مرحلة العمل الفعلية، حيث تم الاتفاق على وضع نظام أساسي لبنك دبي الإسلامي، وانطلقنا بعدها لتجميع مؤسسين آخرين طبقا لما تقضي به القوانين المعمول بها في مثل هذه الحالات. وإنها لذكريات خالدة، فكان كل واحد من الناس في حاجة إلى جهود متصلة لإقناعه بالفكرة الجديدة التي لا مثال لها يحتذى في واقع الناس، والحمد لله أولا وأخيرا فقد قيض الله لنا البعض من الغيورين على دينهم والمؤمنين بأن حكم الله في تحريم الربا أمر واجب النفاذ على كل مسلم، ليساهموا معنا إلى جانب أبناء "آل لوتاه"، غير أن الأخوة المشاركين من خارج نطاق العائلة طلبوا مني الاستعانة بمستشارين وخبراء في هذا الأمر حتى يكونوا أكثر اطمئنانا وكنت قد عزمت على ذلك فهو من صميم الأخذ بالأسباب.


    ومن أجل ذلك سافرت إلى السعودية حيث التقيت الشيخ محمد متولي الشعراوي والدكتور عيسى عبده "يرحمهما الله" والدكتور محمد الزبير وغيرهم من أساتذة الجامعة والمختصين الذين كانوا يقيمون في السعودية في ذلك الوقت.


    وعرضت عليهم الفكرة فأيدوها بالإجماع وباركوها، واتفقنا على الفور مع الدكتور عيسى عبده ليقوم بزيارتنا في "دبي" ويطلع على الوقاع بنفسه، وفعلا تمت الزيارة في أواخر عام 1974م، ومما يذكر في هذا المجال موقف الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود "رحمة الله عليه"، حيث شجعنا على هذا العمل وتمنى لنا سداد الخطى ووافق من فوره على إعارة الدكتور عيسى عبده للقيام بهذه المهمة، فأضاف إلى أعماله الجليلة عملا نافعا للإسلام والمسلمين.


    وهناك موقف لا أنساه أبداً ، فما إن بدأنا بإجراءات التنفيذ حتى واجهني موقف من أشد المواقف علي في حياتي كلها، حيث فوجئت بانسحاب بعض الذين كانوا قد وافقوا على الاشتراك معي في تأسيس البنك دون مبررات أو أسباب، وبدا واضحاً أنهم تراجعوا عن الفكرة وآثروا جانب الحرص والحيطة !!!


    وقضيت بعدها أياما عصيبة، لكني كنت على ثقة من أن الله الذي هداني في حيرتي بادئ الأمر لن يضيعني في هذه المرة أيضا، واستعنت بالله وتذكرت قوله سبحانه وتعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} سورة الطلاق آية (2و 3) .


    وصدق الله حيث يقول أيضاً: {ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور} سورة النور آية (40) وبالفعل جاء الفرج من عند الله القدير، إذ دخل علي في مكتبي أحد أبناء العائلة من المؤسسين وهو ناصر راشد لوتاه، وسألني عن الأحوال، وما إن علم بالخبر حتى وقف بجانبي يشد من أزري ويشجعني قائلا:


    "امض في طريقك ولا تتوقف ونحن جميعا معك، فإذا عزمت فتوكل على الله، ولا أنسى له أبداً هذا الموقف المشرف.


    بعدها بدأنا بالإعداد لهذا العمل الكبير سواء من ناحية تخصيص الأسهم وطرحها في الأسواق، أو تجهيز الناحية العملية بعد الافتتاح، وما إن استكملنا إعداد عقد التأسيس والنظام الأساسي للبنك حتى قمنا بعرضه على الشيخ راشد "يرحمه الله" فأمر في نفس اليوم بإصدار المرسوم الأميري المرخص بإنشاء بنك دبي الإسلامي في 29 صفر سنة 1395هـ الموافق 12 مارس سنة 1975م، كما أذن لنا في الإعلان عن قيام البنك وأنشطته بجميع الوسائل الإعلامية المتاحة.


    بعد أن أصدر حاكم دبي قراره بإنشاء البنك أضحى كل شيء مهيأ للمرحلة التنفيذية، فقمنا بتقديم طلب الترخيص بمؤسسة النقد بدولة الإمارات العربية المتحدة حيث لم يكن البنك المركزي قد أنشئ بعد، وكان على رأس المؤسسة آنذاك مدير أجنبي، وحين عرض عليه طلب الترخيص لإنشاء بنك إسلامي يمارس العمليات المصرفية دون أن يتعامل فيها بالربا أخذاً وعطاءً، عقد اجتماعا مع معاونيه لتدارس هذا الأمر واستقر رأيهم على أن يكتبوا إلينا كتابا رقيقا جميلا يطلبون منا في أن نستعيض عن اسم البنك بمؤسسة تجارية، وكانت هذه الكلمات الرقيقة تحمل في طياتها الخبث والدهاء والرفض المقنع لفكرة إنشاء ذلك البنك الإسلامي الذي يساعد على تحكيم شرع الله في المعاملات المصرفية ببلادنا.


    لكن ما إن علم الشيخ راشد بهذا الأمر حتى أصدر أوامره إليهم بضرورة اعتبار بنك دبي الإسلامية مؤسسة مصرفية إسلامية تعمل ضمن دائرة البنوك التي تمارس العمليات المصرفية بالدولة، لأننا على حد قوله "بلد إسلامي والإسلام ديننا" ولا أنسى للشيخ راشد هذا الموقف العظيم الذي شد من أزرنا وجعلنا نتخطى هذه العقبة، ومن ثم جاءتنا موافقة مؤسسة النقد وكتبوا لنا في هذا كتابا يرخص لنا بمزاولة مختلف الأعمال المصرفية بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية الغراء.


    ينبع في الحلقة الثالثة ...
    بــدر نـاصــر الـربـابــة الـسـحـيـم الـحـبـلانـي الــعـنـزي
    Bader. N . Al-Rababah - Kuwait


  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: سيرة الشيخ : سعيد أحمد آل لوتاه في سطور.. .

    الحلقة الثالثة من سيرة سعيد آل لوتاه ...

    --------------------------------------------------------------------------------

    بصورة عامة فإن البنوك الإسلامية استمدت أسسها المالية في المعاملات من النظام الاقتصادي لكونها إحدى مؤسساته المالية التي يتمثل نشاطها في جميع المدخرات من مختلف فئات الشعب، والسعي جاهدة في استثمارها بأمان وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وتقديم خدماتها المصرفية، واستشاراتها المالية، ومساعداتها الخيرية الإنسانية على الأسس الآتية:


    1- تظهير المعاملات المالية من الربا والمقامرة والجهالة التي حرمتها الشريعة الإسلامية.
    2- السعي الجاد في تأصيل القيم الدينية والأخلاق الإسلامية في جميع المعاملات المصرفية.
    3- المساهمة الجادة في تحقيق التنمية الاقتصادية والتجارية والصناعية والزراعية والاجتماعية للأمة وفق معايير إسلامية صائبة.

    للأسف الشديد فإن الصحف ووسائل الإعلام الأخرى تطالعنا بين الحين والآخر ببعض الكتابات والأحاديث التي تتناول تجربة البنوك الإسلامية.. فريق يؤيد ويشجع.. وفريق يهاجم ويندد وثالث يغلف كلماته وعباراته بأساليب براقة ظاهرها جيد وباطنها سيء يحاول ن ينفر الناس من التعامل مع هذه البنوك لأغراض خاصة لا تخفى على أصحاب العقول الواعية.. وهناك بعض الصحف في سبيل جذب قرائها تحاول وضع عناوين مثيرة لبعض موضوعاتها.. قد لا تعبر بدقة عن المضمون الحقيقي لهذه الموضوعات.. مما يثير بلبلة لدى الجماهير..

    ونحن نقدر قيمة الإعلام في عصرنا الحديث وتطور تقنياته السريع.. ولكننا نتمنى أن نستثمر هذه التقنيات الحديثة والخبرات الإعلامية الكبيرة في عرض الحقائق بصدق وموضوعية وبطرق جذابة أيضا دون إثارة فالإعلام ينبغي أن يكون مرآة صادقة تعكس آمال وطموحات وهموم أبناء المجتمع.


    ومع تقديرنا لحرية الرأي والتفكير إلا أننا نرجو من قادة الرأي وأصحاب الأفلام أن يكونوا دعاة بناء لا هدم، مبشرين بالحقائق لا منفرين منها..

    فكفانا مهاترات كلامية تؤثر سلباً على مسيرة تنمية مجتمعنا الإسلامي.. لا يستفيد منها إلا أعداء أمتنا الذين يهدفون إلى إذكاء نار الفتية والخلافات بين أبناء الأمة الواحدة خوفا من عودة عصور ازدهارها الماضية التي لولا الخلافات أيضا لكانت هي القوة المؤثرة والحقيقية في هذا العالم.


    وبنظرة سريعة على ما حدث للعالم في الفترة الأخيرة من عمر تطبيق النظامين الاقتصاديين الرئيسين اللذين سادا إعلامنا وهما النظام الشيوعي والنظام الرأسمالي الغربي..


    سنجد أن الأول انهار إلى هوة سحيقة لن يقوم بعدها.. وذلك سنوات طويلة من الدعاية والشعارات الجوفاء والقهر وكبت الحريات وعدم استطاعة إشباع حاجات الناس وحل مشاكلهم.

    أما الثاني فهو يترنح من كثرة مشكلاته وتراكماته واستغلاله لحاجات الناس وإن كان يحاول التماسك اعتمادا على المسكنات الاقتصادية قصيرة الأجل والتي سرعان ما تثبت الأيام عدم جدواها في ضوء ذلك كله يمكن القول إن إنشاء البنوك الإسلامية ولتصبح بعد فترة قصيرة من عمر الزمن قنوات شرعية أساسية للتنمية في المجتمع الإسلامي.. أقبل عليها الناس في مكان.. استثمروا فيها من مدخراتهم وأموالهم في المجالات التي تتفق مع الشريعة السمحاء.. ساهموا في تحقيق التنمية لإخوانهم المسلمين في كل مكان.. مما شجع البنوك الإسلامية على فتح فروع لها في بلاد غير إسلامية..

    ولعل خير دليل على نجاح هذه البنوك هو عدم تعرضها للهزات الملاية التي أطاحت ببعض البنوك الأخرى الأمر الذي دفع البنوك الربوية إلى فتح للمعاملات الإسلامية.. لمحاولة جذب رؤوس الأموال وقناعة القائمين عليها في قرارة أنفسهم أن النظام الإسلامي هو الحل لمشكلاتهم الاقتصادية والمالية وهو الضامن لعدم تعرض بنوكهم للإفلاس والسقوط، فروع إسلامية للبنوك التقليدية.

    ولقد سارعت هذه البنوك إلى الاستفادة من تجربة المصارف الإسلامية وإنشاء وحدات وفروع خاصة تعني بالتعامل وفق الشريعة الإسلامية بهدف اجتذاب أكبر عدد من الزبائن وبعد أن رأت نجاح التجربة المصرفية الإسلامية، ومن واقع التجربة العملية في إنشاء بنك دبي الإسلامي ونجاحه ومن بعد نجاح البنوك الإسلامية الأخرى..

    وإضافة إلى ما تقدم من توضيح نرى أن تجربة البنوك الإسلامية تساهم مساهمة فعالة في علاج الأزمات الاقتصادية المزمنة وأهمها التضخم والبطالة التي تعاني منها معظم دول العالم..

    فقد قدمت البنوك الإسلامية تصحيحا للنظرية الخاطئة بالنسبة للمال فلا ينبغي أن ينمو رأس المال بمعزل عن المجتمع ولابد من مشاركة العمل مع رأس المال فلا ربح دون جهد.. وتقوم أعمال المصارف الإسلامية على قاعدة المشاركة الحقيقية فيزيد بذلك الإنتاج والربح بدليل من الفائدة..

    وتتسع دائرة الملكية كذلك تحرص هذه البنوك على تمويل المشروعات ذات النفع العام مما يدفع المنتج إلى الشعور بالأمان.. وبالتالي زيادة المشروعات الاستثمارية التي توظف العمالة وفي نفس الوقت تجعل صاحب رأس المال يشعر وكأنه يعمل لنفسه وللآخرين. ويتم توزيع الثروة توزيعا عادلاً.. مما يؤدي إلى تواجد قوة شرائية في المجتمع وبالتالي سرعة توزيع المعروض من سلع ومنتجات ونتيجة لذلك يزداد الطلب على السلع والحاجة إلى العمالة المنتجة لهذه السلع.


    في إطار العمل على امتداد مظلة التكافل الاجتماعي التي يدعونا إليها ديننا الحنيف.. قدمت البنوك الإسلامية المشروع الخيري (القروض الحسنة) لمساعدة المحتاجين في تدبير أمور حياتهم بدون فوائد..

    كذلك تأتي نظرة البنوك الإسلامية للزكاة وهي الأموال التي يتسابق المسلمون عليها إلى إيداعها في هذه البنوك لثقتهم في حسن توزيعها واستثمارها لصالح المسلمين.. في مشروعات توفر فرص العمالة للأفراد مما يساهم أيضاً في حل مشكلة البطالة والاحتكار وتنمية المجتمع المسلم، وعلى جانب آخر نحن نعلم جميعا أن النظام المصرفي الربوي في البلدان الإسلامية لم يقم إلا في عهد الاستعمار الغربي لها.. وأنه ساعد في توثيق حلقة التبعية للمراكز المالية والاقتصادية العالمية..

    ولم يستطع هذا النظام أن يساعد في عملية التنمية الاقتصادية ولن يتمكن من هذه إلا إذا سارت البلدان الإسلامية في تبعية المؤسسات والسياسات الاقتصادية الغربية وارتبطت بالعالم الغربي ارتباطا تاما أو تجاهلت هويتها.. كما إننا نعرف إن نظام القروض الربوية هو العامل الرئيسي وراء مشكلة المديونية الخارجية التي تكاد توقف عملية التنمية في معظم البلدان النامية ومنها البلدان الإسلامية.


    وأخيراً يمكن القول إنه للخروج من حالة التردي والتخبط بين النظم الاقتصادية لابد لنا ونحن مسلمين أصحاب الرسالة أن نطبق النظام الرباني المتمثل في منهج الاقتصاد الإسلامي لأنه نظام متكامل ومنهج إلهي شامل وهو قادر بلا شك على تحقيق حياة طيبة لأهله.


    وأتمنى أن تقوم الدول الإسلامية بتجربة وتطبيق النظام الإسلامي وإعطائه الفرصة الكاملة للتطبيق كما أعطت الفرصة للمناهج والأنظمة الأخرى وذلك قبل أن يحكموا بالصلاحية أو عدم الصلاحية، ولا ينبغي أن نطبق أحكامنا على المنهج الإسلامي الاقتصادي من تجربة غير ملتزمة لشركة من الشركات أو قصور في بعض نواحي الأداء في بنك من البنوك أو تطبيق غير سليم لدولة من الدول بل علينا أن ندرس المنهج نفسه ونتدرب عليه ونطبقه تطبيقا قبل أن نحكم عليه.

    إنها ليست قصة تأسيس ثروة، وإنما هي قصة واقعية لترسيخ قيمة، ليست هي قيمة إسلامية فقط، بل هي قيمة اقتصادية، وإنسانية أيضاً، حيث أن الكل الآن صار يعي ما سيحيق بالمجتمعات إذا ما إذا استشرى الربا وقلت البركة.

    كم بنك أسس في العالم؟ وكم بنك إسلامي الآن في العالم؟ إنها كثر ولكن لماذا بنك دبي الإسلامي وحده هو الذي كان مثار الفكر والنقاش؟ ربما لحداثة فكرته من حيث التخلص من الربا، ولكني أرى إن صدق الهدف الإنساني هو الذي جعله رمزا في تاريخ البنوك في العالم.

    لقد منح سعيد لوتاه لقب رجل الاقتصاد الإسلامي، وفاز بالعديد من الجوائز القيمة التي لا تحصى، كما منح درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة باركتون – ايبوا – الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك حصل على جائزة المعلمين لدولة الإمارات العربية عن كتابه لماذا نتعلم، وكل هذا وأنت لا تجده يلتفت كثيرا لهذه الجوائز والأوسمة والتذكارات، ولا يسعى لها وهي تأتيه تباعا، وذلك من خلوص منهجه، وتجرد توجهه فلا تجد في مجلسه آثرا لهذه الشهادات، وأن كان هو يحترمها ويقدر مانحيها، فلذلك هي سمة العالم العارف، فليس الغاية من الأعمال هي اقتناء الشهادات، وإنما نفع الناس، وتحقيق التطور والازدهار في الاقتصاد والمجتمعات.


    يتبع الحلقة الرابعة ...
    __________________

    بــدر نـاصــر الـربـابــة الـسـحـيـم الـحـبـلانـي الــعـنـزي
    Bader. N . Al-Rababah - Kuwait


  5. #5
    أستاذ بارز الصورة الرمزية السعيد ابراهيم الفقي
    تاريخ التسجيل
    30/11/2007
    المشاركات
    8,653
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي رد: سيرة الشيخ : سعيد أحمد آل لوتاه في سطور.. .

    الحلقة الرابعة من سيرة سعيد آل لوتاه ...

    --------------------------------------------------------------------------------

    نبت صالح في أرض صالحة




    لو توقفنا قليلا عند تاريخ نشأة صاحبنا، لعرفنا أن كل نبت صالح لا يكون إلا في أرض صالحة، إن صاحبنا من أسرة عريقة، اشتهرت بتجارة اللؤلؤ، وقد كان أبوه حكيما، عارفا بحاجات عصره، فأرسله إلى تعلم القراءة، والكتابة، وعلوم الحساب، وقد أجادها صاحبنا في أربع شهور ونصف فقط، ثم انطلق بعدها ليس للعمل، وإنما إلى جانب العمل التعلم من كل شيء، ومن الحياة ومدرستها الواسعة، فقد تعلم تجارة اللؤلؤ وإصلاحه واختباره وهو في الثانية عشر من عمره ثم حج بيت الله الحرام عام 1358هـ عابرا الصحراء بالجمال، وعائدا بالسفن الشراعية، لينفذ طلب والده بإكمال نصف دينه والزواج.


    قد كان واضحا إن معالم الشخصية القيادية قد رسخت سماتها فيه، حيث أنه ما لبث أن رشح قائدا وتاجرا ليقود السفن الشراعية في غمار الخليج العربي، والمحيط الهندي متنقلا بين سواحل القارة الهندية، وأفريقيا الشرقية وقد برزت مقدرته في تحديد الاتجاهات وحركة النجوم.


    ومن البحر إلى البر تتكرر الخبرات، فينزل صاحبا إلى البر ليعمل مهندسا مدنيا ومعماريا، فينشئ أول شركة إنشائية في الإمارات في العام 1956 وهي شركة س س لوتاه، ولوتاه هي لقب الأسرة أما س فتعني سعيد، والأخرى تعني سلطان معتزا بذلك بأخيه سلطان لوتاه، ثم تتوسع الأعمال تحت شعار:

    ( تعليم – إخاء – اقتصاد ) ، وتنضم إليها العيد من الشركات التجارية، والعقارية، والاستشارية، والمالية، والدولية، كما أنه أسس أول جمعية تعاونية في الإمارات ومنطقة الخليج، تحت اسم جمعية دبي التعاونية، ثم شركة تأمين إسلامية هي الشركة العربية الإسلامية للتأمين، ثم مؤسسة تعليمية شاملة للطب، والصيدلية، والبحوث، والمراكز العلاجية، ومدارس إسلامية ذات نمط تعليمي خاص ، وإنك لتندهش عندما تعلم إن جميع هذه المؤسسات التعليمية هي وقفا لله تعالى.


    إن المؤسسات التجارية والعلمية التي قام بتأسيسها لا تحصى، غير أنه يكفينا هذه اللمحة من العمل الدءوب المخلص، وهو لا ينسب هذه الأعمال إلى نفسه، وإنما يقول هي من عند الله، فكيف لا يكون عظيما وهو يرجع كل شيء إلى مالكه.


    فإذا هو أوقف مؤسساته التعليمية فإن العمل في مؤسساته التجارية، هو أيضا وقفا لله تعالى، حيث إن كل شيء، وأن كان في سياق التجارة والربح والمنفعة، فهو أيضا يجب أن يكون لوجه الله تعالى، وملتزما بضوابط الحلال والحرام، ومتوخيا للعدل والمساواة والبركة، فأوقات العمل تبدأ في الصباح الباكر لتنتهي عقب صلاة الظهر، ثم من بعد صلاة العصر إلى صلاة المغرب، تيمنا بأقوات الصلاة والتماسا للبركة.




    أفكاره ومنهجه في الحياة




    أن نمط الحياة، ومنهجية التفكير، لدى سعيد لوتاه، تكشف عن نوع خارق من الريادية والرغبة في السمو، ليس السمو الفردي الذي يمكن أن يكون مطمح ومطمع كل إنسان عادي، بل هو السمو الجمعي، الهادف إلى رفعة المجتمع والبيئة المحيطة، وهذه هي من سمات الشخصية الغيرية، التي لا تعرف نفسها إلا من خلال الآخرين، وكذا هي الشخصية القيادية، ولو توقفنا عند بعض أفكاره التي يسعى لتطبيقها للمحنا هذه العبقرية، والنظرة الغيرية بوضوح:

    أولاً- التعليم لسن التكليف:


    يولد الإنسان وفي عنقه واجبات تجاه مجتمعه، وأسرته، مثلما عليه من حقوق، وقد درجت سائر الأنظمة التعليمية على نمط طويل من الأعداد، يستغرق أكثر من خمس وعشرين سنة، ثم بعدها يصبح الفرد قادرا على لعب دوره في المجتمع والقيام بواجباته، ويرى سعيد لوتاه إن مثل هذه الأنظمة عقيمة ما عادت تنفع العصر الحالي الذي تراكمت فيه المعلومات، وتوسعت فيه الخبرات، وتسارع فيه الزمن من جانب آخر، حيث أن هذه الأنظمة تحرم المجتمعات من الإفادة من الطاقات الفردية الخلافة لسنوات طويلة من عمرها، مما يترتب عليه هدر هذه الطاقات.

    ولما أمعن سعيد لوتاه التفكير، وجد أن خير دليل للإنسان في حياته هو ما يأتيه من ربه تعالى، الذي هو اعلم ببواطن الخير والشر في الحياة، وقد لاحظ أن الله تعالى قد كلف الإنسان بالواجبات التعبدية عند سن معينة، فأخذها على أ،ها قرينة يفاد منها أن الإنسان في هذه السن يصبح مؤهلا كي يؤدي الواجبات ويحاسب عليها، وبالتالي هي سن للتكليف، وعندها يتحول الفتى إلى رجل، والفتاة إلى امرأة رشيدة، وبما أنه كذلك لماذا لا يعد الفرد أيضا ليكون جاهزا عند هذه السن يصبح مؤهلا كي يؤدي الواجبات ويحاسب عليها، وبالتالي هي سن للتكليف، وعندها يتحول الفتى إلى رجل، والفتاة إلى امرأة رشيدة، وبما أنه كذلك لماذا لا يعد الفرد أيضاً ليكون جاهزا عند هذه السن، لكي يلعب الدور المطلوب منه في المجتمع.


    وتطبيقا لهذه الفكرة الهادفة إلى رفعة المجتمعات، فقد أنشئ سعيد لوتاه مدرسة نظامية للبنين والبنات، هي المدرسة الإسلامية للتربية والتعليم – بدبي، ليقوم فيها النظام /

    أولاً: على فكرة معلم الفصل الشامل، الذي يجيد تعليم وتدريس كافة المواد والمقررات الدراسية، بما في ذلك اللغة الإنجليزية، وعلوم التجويد والقرآن وعلوم الطبيعة.

    وثانياً: على اختصار سنوات الدراسة إلى تسع سنوات فقط ليتخرج بعدها الطالب عند سن الخامسة عشرة، متخصصا في التجارة، أو الاقتصاد، أو الكمبيوتر، أو (ومحياي ومماتي لله رب العالمين) الأنعام 162، وفي نظري لو أن كل الشركات، والقطاعات العاملة، والمؤسسات الحكومية، والأفراد تمسكوا بهذا الفهم، لتغيرت أحولنا من هذا الواقع المحبط، إلى واقع أكثر فاعلية وإنتاجا.


    فالعمل عبادة من حيث كونه يحتاج إلى التجرد، والإخلاص، والاجتهاد والمكابدة الصادقة، والأخوية الحقة، فقد رأينا كيف أنه أحيانا تتحول بيئية العمل إلى بيئة لا تجرد فيها، ولا إخلاص، بل وصولية، وأنانية، وذاتية مفرطة، بل لا اجتهاد فيها إلا بالقدر الذي يحقق المصلحة الخاصة، وذلك لأن مفهوم العمل عندنا صار محصورا على أنه هو الوسيلة السائغة لا متاع النفس بالكسب، والاغتناء، وهو مفهوم قاصر في الإطار الإيماني والاستراتيجي للحياة فإنه إذا كان العمل هو للكسب (اليد العليا خير من اليد السفلى).


    إلا أنه لابد من الإيمان بالقواعد مثل: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً، أن يتقنه) ، وإنه (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).. الخ ، من القواعد المؤدية إلى رفع الطاقة الإنتاجية، من حيث كونها تهيئ الفرصة الأوفر للعطاء والرفاهية الاجتماعية.


    وسعيد لوتاه، كما أراه يدعو إلى ذلك ويطبقه على نفسه، فهو أكثر الموظفين حرصا على المداومة والإشراف، ولا تشعر أنه يعمل بدافع الحرص على تنمية مؤسسات فقط، بل وأنه بالإضافة إلى ذلك تلمس لديه تذوقا للعمل، والإنتاج بروح إيمانية عالية، من الصعب أن تلمحها في غيره، هذه الروح الإيمانية تجعله يبدو محبا لمن هم حوله، مهتما بظروفهم، غير واضعاً للعوائق أمامهم، بل يشحذ همتهم، ويتمثل قدوتهم، ثم تجده مناديا بأن:

    " كل قول لابد أن يتبعه عمل " وأن التعاون ، والإخاء ، والتواضع ، وحب الخير والغير، ودوام التعلم ضروريات من ضروريات الحياة، تماما كالماء والطعام، وأن الوقت أفضل من ذهب، وأن المرأة كل المجتمع، في دعوة ريادية منه، للاهتمام بدور المرأة، وهو يطبق ما يقول، فقد أنشأ كليات خاصة للطب والصيدلة هما كلية دبي الطبية للبنات، وكلية دبي للصيدلة.

    يتبع الحلقة الخامسة ...
    __________________

    بــدر نـاصــر الـربـابــة الـسـحـيـم الـحـبـلانـي الــعـنـزي
    Bader. N . Al-Rababah - Kuwait


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •