المرحلة الثانية


المرحلة الثانية


المرحلة الثانية

المرحلة الثانية من
(محاور في المقام العراقي)



2009



محاور في المقام العراقي
دراسة بحثية متسلسلة لمحاور تخص شأن
غناء وموسقى المقام العراقي
يـكـتبها في حلقات

مطرب المقام العراقي
حسين اسماعـيل الاعـظمي


الاردن / عمـَّان
كانون الثاني January 2009


اليكم أعزتي القراء في الصفحات التالية
المرحلة الثانية من (محاور في المقام العراقي) التي تم نشر تسعة عشر محورا في المرحلة الاولى من العام الماضي 2008 ، وها نحن نستهل عامنا الجديد 2009 بالمحور رقم (1) والمحور رقم (2) والمحور رقم (3) والمحور رقم (4) والمحور رقم (5) والمحور رقم (6) والمحور رقم (7) والمحور رقم (8) والمحور رقم (9) والمحور رقم (10) والمحور رقم (11) والمحور رقم (12) والمحور رقم (13) والمحور رقم (14) والمحور رقم (15) تكملة لمحاور المرحلة الاولى واستهلالاً للمرحلة الثانية .. وهذا المحور رقم (16) مذكــِّراً ، في حال فقدان أية حلقة من حلقات المحاور في مرحلتها الاولى والثانية أن تكتبوا إليَّ لأرسلها إليكم
***
أو الذهاب الى موقع كوكل google والبحث عن (محاور في المقام العراقي) او (محاور في المقام المرحلة الثانية) حيث تجدون كل المحاور منشورة في المواقع والشبكات الالكترونية مع الشكر والتقدير لكل اخوتنا واصدقائنا في هذه المواقع والشبكات

المرحلة الثانية
من المحاور المقامية


المحور رقم

(16)


Hussain_alaadhamy@yahoo.com


00962795820112


المحور رقم
(16)
*****
مرة اخرى
محمد القبانجي
(1901 – 1989م)
(مطرب العراق الاول في القرن العشرين)1*

- نشأته وولادته
- ظهور القبانجي
- جيل التحول
- الاصلاح الادائي
- بين ثقافة الذاكرة وثقافة العقل


صورة / محمد القبانجي

(تضمن المحور رقم (1) من هذه المحاور المقامية في مرحلتها الثانية عن الفنان الكبير محمد القبانجي ، مجموعة مقالات سبق لي ان نشرتها في الصحف العراقية في مناسبات ذكرى وفاته .. وطبيعي ان المقالات لا تكفي بالضرورة توضيح معظم ما يعني محمد القبانجي كمطرب مقامي بارز على مدى العصور المقامية في العراق .. خاصة وحدود النشر في الجريدة اليومية معروفة للجميع ..! وها انا الآن اعود الى استاذنا الكبير محمد القبانجي مرة اخرى في هذا المحور للحديث عن انجازاته وسيرته ، في اهم جوانبها الابداعية والفنية التي سنكملها في المحور التالي برقم (17) ان شاء الله ..)


*************

نشأته وولادته

ولد الفنان الكبير محمد عبد الرزاق عبد الفتاح مصطفى الطائي القبانجي ، في محلة سوق الغزل بجانب الرصافة من بغداد عام 1901م ، وتوفي في مستشفى ابن البيطار ببغداد يوم 2/4/1989 عن عمر بلغ ثمانية وثمانين عاماً .. ودفن في مثواه الأخير بجامعه الذي أنشأه بحي الحارثية (جامع محمد القبانجي) ..



صورة / في جامع القبانجي بمنطقة الحارثية من بغداد ، وذلك في اربعينية المرحوم محمد القبانجي التي اقيمت في جامعـِهِ ، مايس 1989 ويظهر فيها من اليمين حسين الأعظمي وهو يتبادل الحديث مع المرحوم الفنان عازف السنطور حمودي الوردي ..

وفيما يخص سنة ميلاده ، فقد إختلف الرواة حولها ، رغم الاتفاق العام الذي يرافقه الشك في ميلاده المثبت تقريباً 1901 .. فهناك روايات عدة تقول بعضها أن ميلاده عام 1889 أو عام 1890 أو عام 1891 .. وفي كتاب (محمد القبانجي) لمؤلفه سعدي حميد السعدي ، ذكر أن ميلاده هو عام 1897 دون أن يبرهن على صحة ذكره لهذه السنة .. وربما هناك روايات مختلفة اخرى .. وفي صدد هذا الموضوع الذي شغلني كثيراً ، لأنني كنت قد باشرت بإعداد بحثاً مسهباً عن استاذنا محمد القبانجي وطريقته (الطريقة القبانجية) الذي أصبح الآن كتاباً بين يديك عزيزي القارئ الكريم .. أود أن أذكرَذ حادثتين إثنتين ، أولهما عندما كنت طالباً في كلية الفنون الجميلة ببغداد ، كان استاذي الكريم حمدي قدوري الذي درستُ على يديه مادتي الهارموني والكونترابوينت ، قد حدثني مرَّة عن موضوع ميلاد القبانجي ، إذ يبدو أنه على صلة قربى مع القبانجي أو صلة مصاهرة ولو من بعيد ، سألته فأجابني قائلاً ( إن اللواء الركن عبد الرحمن شرف وهو أحد اقربائي ، قال لي يوماً ، أن القبانجي كان يلعب معنا عندما كنا صغاراً قبل دخولنا الى المدرسة .. واللواء عبد الرحمن شرف من مواليد 1889 وهو ايضاً مع زميله نوري السعيد (رئيس الوزراء) من نفس دورة الكلية العسكرية وقد تخرجا معاً ، ونوري سعيد من مواليد 1889 ايضاً ، وهذا يعني ان عمر القبانجي مقارب جداً من عمريْ عبد الرحمن شرف ونوري السعيد) .. هذا وقد أضاف لي استاذي حمدي قدوري بعض المعلومات الجانبية الاخرى ، حيث ذكر بأنه كان ينادى على والدة محمد القبانجي بإسم الدلع (عدُّولة) .. وقال ايضاً ، انني غير متأكد من اسمها الحقيقي ، فهو أما عديلة أو عادلة ، وهي من مدينة حديثة ..
أما الحادثة الثانية ، فقد إلتقيت أكثر من مرَّة بالسيد صبحي محمد القبانجي قبل إنتصاف التسعينات من القرن الماضي ، وسألته عن مواليد والده وقلت له ، هل انها في 1901 فعلاً .!؟ فأجابني مؤكداً صحة ذلك ، وقال ان هذه السنة التي ذكرتها هي مواليده الحقيقية ..!!




صورة / حمدي قدوري

من ناحية اخرى ، فقد عُرِفَ عن القبانجي على انه لايحب أن يرى نفسه بالمرآة .! أو لايحب أن يُذكر موضوع الموت والحياة أمامه ، ولايحب أن يستمع الى أي حديث عن الاعمار او سنة المواليد ، فضلاً عن انه كان يبدي إرتياحاً واضحاً لمادحيه ..!
نشأ القبانجي في بيئة شعبية بغدادية من عائلة عريقة وأصيلة محافظة على القيم والتقاليد والاخلاق العربية ، ومن اسرة ذات دخل متوسط ، وبسبب ظروفه ، لم يكمل الدراسة الابتدائية ، فانصرف الى تعلم القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم في (الكتاتيب)*2 التي كانت شائعة جداً ، عند الملا احمد تعويضاً عن تركه للمدرسة ..
تزوج من ابنة عمه عبد الجبار القبانجي الذي كان يعمل مع والده في علوة البيع والشراء لمختلف الحاجات ، ومن هنا جاء لقب والده ومن ثم لقبه بـ (القبانجي) نسبة الى مهنة القبانة وكنايتها – القباني – كما يتداولها إخوتنا في باقي المشرق العربي أو باقي الدول العربية ايضاً ، ولكن هذه الكنية في العراق على إختلاف في اللفظ والكتابة ، اذ يتداولها العراقيون بلفظة اخرى وهي – القبانجي – بحرف الجيم الاعجمية – وهكذا سرى لقب مطربنا محمد على هذه الكنية وذاع صيته في الآفاق ..
مارس في بداياته الاداءات الدينية مشاركاً والده في قراءة الشعائر الدينية كالمنقبة النبوية الشريفة أو حلقات الذكر أو التهاليل أو التمجيد ..


صورة / في منقبة نبوية شريفة يظهر فيها محمد القبانجي قارئا فيها
وبجانبه الملا عبد الفتاح معروف الكرخي

ظهور القبانجي
في عشرينات القرن العشرين ، ظهر المطرب الكبير محمد عبد الزاق القبانجي في بغداد ، مطرباً مثيراً للانتباه ، ذا إمكانية ادائية كبيرة في غناء المقام العراقي ليمسي بعدئذ رائداً للأساليب الادائية الحديثة في الابداع والابتكار المقامي .. بعد أن إستفاد من كل المؤدين السابقين له ، فكان خلاصة لهم ، وكان اول مطرب عراقي يخرج بكل جرأة من محلية الابداع والابتكار الى عالم إبداعي أوسع وأرحب في الرؤية والتفكير والذوق ، بعد أن تأثر بموسيقات البلدان حواليه .. وكان الظرف الذي واجهه القبانجي يختلف كل الاختلاف عن تلك الظروف التي واجهها المؤدون السابقون له .. لقد بدأ بظهور القبانجي عهد جديد في غناء المقام العراقي .. إذ كان المنعطف الذي ميَّز هذه الحقبة .. بسماتها الجديدة في تطور اجهزة الحفظ والنشر والتسجيل والتوزيع ، واستطاع القبانجي من خلالها أن ينفذ الى المجتمع بكل قوة ويسيطر على الساحة الغنائية بصورة لم يسبق لها مثيل ..! بعد أن سجل معظم المقامات ، أو جميع المقامات المتداولة ، بواسطة اجهزة التسجيل الصوتي (الكرامافون) وغيره .. وانتهت تلك الاصوات العملاقة لسوء حظها لأنها لم تدرك التطور التكنولوجي لحفظ اصواتها وتدوين وتوثيق جهودها وابداعاتها .. فكان حظ القبانجي ومن عاصره وافراً حيث ظهر في هذه الحقبة الزمنية من التطورات الصناعية ، حتى تسيَّد الساحة الغنائية بكل إقتدار مبشراً بتعابير وأساليب عرض أدائية جديدة .. وطريقة خاصة سادت الاوساط المقامية في العراق معلنة عن إنبعاث تيار جمالي جديد في الغناء عموماً سرعان ما أصبح لها تابعون ومقلدون لاحقون ..
لقد قويت علاقة المقام العراقي بالتعابير الوجدانية في هذه الحقبة ، وتأسست فيما يبدو مناهج جديدة لأساليب الاداء والعرض والاستماع والنقد المقامي الحديث والمعاصر ، مع دراسة وتحليل الاداءات القديمة التي أدركت التسجيل الصوتي في بداياته الاولى .. وهذا مقام المحمودي (سلَّمه بيات) المغنى من قبل القبانجي في فترة العشرينات بهذا الزهيري ..

يامن جميع المحاسن حـــزت وانتبها
سكران بمحبتك ما فــــــز وانتبها
لا يحوجك للدجى مصــــباح وانتبها
دمعي طفه نار مصباحك لجـــدي وبس
آني صحت يا لهيب يـــــيزي وبس
أحرق جميع الجسد ثم الجـــوارح وبس
واحذر على مهجتي لتــذوب وانتبها




صورة / محمد القبانجي

إن مفاهيم الاستماع ومفاهيم النقد والمفاهيم الادائية ، التي تطرح الآن ، إستقت ينابيعها ومعارفها من خلال تطور المجتمع المستمر في العلم والمعرفة والدراسة والتحليل والاطلاع على تجارب الشعوب والاحتكاك بها وعلى الاخص منذ بدايات القرن العشرين .. ومع ذلك فإننا بحاجة ماسة الى تطور الثقافة الاجتماعية في التذوق الموسيقي والتعرف على مقومات الاداء الناجح ومفاهيم النقد لتقويم الحركة الموسيقية بصورة عامة في عصرنا الراهن .. لأن أي عمل فني نريد له النجاح لا يمكن له أن يستقيم إلا من خلال تطوير حركة النقد التي هي بحاجة ايضاً الى نقاشات تقويمية وإختبار مدى صلاحيتها وجدارتها ، خاصة وإن العراق مرَّ وما زال يمرُّ بظروف خاصة لا تشابهها أية ظروف في أي بلد آخر..!! سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، أو الحياة برمتها .. لذا ينبغي إعادة النظر في المفاهيم النقدية السابقة وبلورتها من جديد بواسطة نقادنا الحاليين امثال عبد الوهاب الشيخلي وعادل الهاشمي وحميد ياسين وآخرين من الوسط الموسيقي والمقامي والمتخصصين في هذه الشؤون ممن اتيحت لهم فرص المعرفة أكثر من سابقيهم ومسكوا زمام الفترة الحالية بكل إقتدار .. وعليه فقد أصبحت حاجتنا ماسة ايضاً الى مواجهة القديم في صورته النهضوية الجديدة ، ومواجهة هذا الجديد في صورته البراقة رغم ايغاله بالفردية ..

جيل التحوّل
لقد كان جيل القبانجي بداية جيل التحوّل ، تميَّز لأول مرَّة بالخروج عن طاعة المحلية ، وظهر للجميع ان المراحل القادمة ستكون مراحل تطورية وابداعية .. وقد أوحت الابداعات القبانجية الجديدة ، أن جيل التحول هذا ، لم يعد مستعداً للمضي في قبول الاساليب القديمة التي أمست قديمة فعلاً ولا تواكب تطورات الحقبة .. وما علينا لأجل إدراك هذا المنحى الادائي في التحولات التطورية الجديدة ، في حقبة التحول ، إلا أن نستمع الى مقام الاورفه لأستاذنا محمد القبانجي المُغنّى بهذه الابيات الشعرية لعبد الغفار الاخرس ، حيث تتجسَّد كل معاني الاداء الناجح والتطلعات الجديدة في ثقافة الحياة المستجدة ..

كـفِّ المـلام فمـا يفـيـد ملامي
الـداء دائي والسقام سقامـي
جسـدُ تعـوَّده الضنـى وحشاشة
ملئت بلاعج صبوتي وغرامي
حتـى اذا حـار الطبيـب بعلـَّتي
وقف القياس بها على الايهامِ
مايدري مامرض الفؤاد وما الذي
أخفيتــه عنـه مـن الآلام
فأذا أخذت الكأس قلـت لصاحبي
العيش في دنيـاك كأس مدام

صورة / الافندي محمد القبانجي

لقد بدأت علاقات ظهور الافكار الابداعية في الجيل الجديد الذي أسميناه جيل التحوّل ، الجيل الذي رفض الصيغة الواحدة لنتاج الاعمال الفنية التي إجتاحت الجيل السابق ، بل الاجيال برمَّـتها ، ونحى جيل التحول هذا منحىً جديداً في تعدُّدْ الصيغ الادائية وتنوع أساليبها التي كانت إستجابة طببعية للتغيُّرات الاساسية في تاريخ الواقع ... ذلك ان قضية تطورات العصر التكنولوجي والتغيرات المستمرة وتسارعها , تميــَّزت وتحددت على نحو يفرض مواجهة مختلفة ، ولم يعد لدى الجيل الذي سبق القبانجي تأثيرٌ كبيرٌ خلال ظهور القبانجي الذي عاصر أواخر حياتهم ومسيرتهم الغنائية .. وبقي معظمهم ، إن لم يكن جميعهم ، بعيدين عن الصيغ الادائية الجديدة التي ميـَّزت هذه الحقبة الزمنية رغم إستمرارهم ومواصلتهم لأداء المقامات العراقية .. وابتعدوا تدريجياً عن مواجهة الواقع الاجتماعي المتغير مواجهة فاعلة .. ورغم ان القبانجي قد تسيـَّد الساحة الغنائية تماماً وحقـَّق لطريقته الادائية أساساً متيناً للاجيال التي تلته , إلا أن متغيرات الحقبة الزمنية التي عاشها القبانجي كانت في الاقل ، أساساً جديداً ايضاً لنهضات إبداعية مثلت سمات هذه الحقبة في كل جوانب الحياة ايضاً .. ونظرة فاحصة الى نتاجات هذه الحقبة التي تخللتها هذه التغيرات والتطورات في كل المجالات ، نجد أن القبانجي هنا ، قد وازن او قرَّب بين متناقضات هذه الاختلافات الادائية في المقام العراقي الذي ما إنفك يغترف من تراث سابقيه ليقدمه بأداء مغاير وجديد ..! وظل يدعو طيلة حياته الى الاعتماد على طريقته الادائية الجديدة وتأكيد ذلك بالرغم من أن معظم المؤدين اللاحقين له قد اتبعوه وقلَّدوه فعلا واستفادوا من هذه الاسس الابداعية في طريقته واشعاعاتها في الغناء المقامي .. ولا شك ان القبانجي قد حاول جاهداً من ناحية اخرى أن يُعيدَ أو يُطوِّرَ أو يُؤَسِّسَ جمهوراً متلقياً جديداً هو الآخر ، يأخذ على عاتقه إمتلاك ثقافة ذوقية في سماع غناء وموسيقى المقام العراقي .. واليك عزيزي القارئ الكريم مقام الرست الذي تصرف فيه القبانجي على غير عادة المغنين التقليديين بهذه الابيات الشعرية المخمسة ..

بوصالٍ إليك هل من وصـــولِ لك أشكو ما شفـَّني من نحــول
خنتَ عهدي حفظاً لعهــد عذول بأبي أنت مــن خلـــيلٍ ملول
لم يدم عهده اذا الــــظل دامــا
حول خديك عذَّب الله قومــــاً تصطلي كالـفراش في النار دوماً
يا حياتي وما ســــلوتك يوماً إن للناس حـول خديــك حوماً
كالفراش الذي على النــار حامــا


صورة / محمد القبانجي في اربعينات القرن العشرين

الاصلاح الادائي
بلا ريب ان هذه الفطرة التجديدية وهذا المنحى العفوي الذي يمتلكه القبانجي نحو الاصلاح الادائي للمقام العراقي تتجلى آثاره في تسجيلاته المقامية التي سجلها على أجهزة إسطوانات الحاكي المتاحة حتى ذلك الوقت ، ومحاولة إقامة التوازن والترابط بين الفن المقامي والمجتمع المتلقي لهذه الاداءات التراثية في الغناء والموسيقى ، منها مثلاً مقام الخنبات (سلَّمه وإستقراره بيات مع جنس النهاوند) بالقصيدة الصوفية لشاعر الصوفيين عمر ابن الفارض ..

شربنا على ذكـــــــر الحبيب مدامةً
سكرنا بها من قبـــل ان يخلق الكرمُ*3
لها البدر كأس وهي شمسٌ يديــــــرها
هلالٌ وكم يبدو اذا مــــــزجت نجم*4
ولولا شذاها ما إهتديت لحانــــــــها
ولولا سناها ما تصـــــورها الوهم*5
ولو طرحوا في فيئ حائط كــــــرمها
عليلاً وقد شفى لفـــــــارقه السقم
ولو عبقت في الشرق أنفـــــاس طيبها
وفي الغرب مـــــزكوم لعاد له الشم
ولم يبقِ منها الدهر غـــــير حشاشةٍ
كأن خفاها في صـــــدور النهى كتم*6
فإن ذكرت في الحي أصـــــبح أهلهُ
نشـــــاوى ولا عار عليهم ولا إثم
ومن بين احشاء الدنان تصاعــــدت
ولم يبق منــها في الحقيقة إلا إسم*7
ويكرمُ من لم يعرِفِ الجودَ كــفــُّهُ
ويحلمُ عند الغـــــيظِ من لا له حلم
ولو نال فَدْمُ القومِ لثمَ فــِــدامِها
لأكسبه معنـــــى شمائلها اللثم*8
يقولون لي صفها فـــأنت بوصفها
خبير أجل عنــــــدي بأوصافها علم
صفاء ولا ماء ولطـــف ولا هوى
ونور ولا نـــــار وروح ولا جسم
تَقـَدمَ كلَّ الكائنات حــــــديثُها
قديماً ولا شكــــلٌ هناك ولا رسم
وقامت بها الاشيـــــــاء ثَم لحكمةٍ
بها احتجــــبتْ عن كل من لا له فهم
وهامت بها روحي بحــيثُ تمازجا إتـ
ـحاداً ولا جـــــــرم تخلله جرم
فخمر ولا كــــــرم وآدم لي أب
وكرم ولا خمــــــر ولي أُمها أُم
ولطفُ الاواني في الحقيـــــقة تابعٌ
للطـــــف المعاني والمعاني بها تنمو
وقد وقع التفريقُ والـــــكل واحدٌ
فأرواحـــــــنا خمر وأشباحنا كرم
ولا قبلًها قبلٌ ولا بعدَ بعــــــدَها
وقـَبْليةُ الابعــــادِ فهي لها حتم*9
وعصر المدى من قــبله كان عصرها
وعهد أبينا بعــــــدها ولها اليتم*10
محاسن تهدي المـــادحين لوصفها
فيحسن فـــيها منهم النثر والنظم
ويطرَبُ من لم يَدِرها عـــند ذكرها
كمشتاقِ نُعـــــمٍ كلما ذكرت نُعمُ
وقالوا شربتَ الاثم كــــــلاّ وإنما
شربتُ الـتي في تركها عنديَ الاثم*11
هنيئاً لأهل الدير كم سَكــــروا بها
وما شربوا مـــنها ولكنهم همّوا*12
وعندي منها نشوةٌ قبـــــل نشأتي
معي أبــــداً تبقى وإن بَليَ العظم
عليك بها صرفاً وإن شئتَ مـــزجها
فعدلـُكَ عن ظلم الحبــيب هو الظلم*13
فدونكَها في الحان واستَجـْلــِـها به
على نغمِ الألـــحان فهي بها غنم*14
فما سكنتْ والهمَّ يوماً بمــــوضعٍ
كذلك لم يسكـــنْ مع النغم الغم*15
وفي سكرةٍ منها ولو عــــمرَ ساعةٍ
ترى الدهرَ عـــــبداً طائعاً ولك الحكم
فلا عيش في الدنيا لمن عـاش صاحياً
ومن لم يمت ســـكراً بها فاته الحزم
على نفسهِ فليبكِ من ضاع عــمرُهُ
وليس له فيــــها نصيبٌ ولا سهم*16

وهذا مقام آخر حيث نلاحظ فيه الصدق والانفعال الحقيقي وتماسك العلاقات البنائية لمواد المقام ، الذي يغنيه القبانجي بهذا الزهيري (*17) إستجابة لهاجسه الوطني في موقعة فاجعة جسر الشهداء الشهيرة ، بعد أن سارت جموع من الطلاب على هذا الجسر عام 1948 بمظاهرة صاخبة ينادون بإسقاط (معاهدة بيفن – صالح جبر) وقد فتح أعوان الاستعمار النار على هؤلاء المتظاهرين العُزَّل ، فسقط عدد كبير من الشهداء والشهيدات ، وفي خضم هذه المشاعر الوطنية ، تفاعل القبانجي مع هذه المشاهد التي شملت الجماهير الساخطة واحتجاجاتها وما أعقبها من تأَزّم ، إضطرَّ الوصي على عرش العراق أن يقيل وزارة صالح جبر..*18 ليُغنّي القبانجي هذا الزهيري المؤثر ..

خذ من دروس الزمن ، درس الزمن يجري
واحفظ حقوق الوطن ، حق الوطـن يجري
واللي انكتب بالسمـا في ارضــنا يجري

سم المنايا ابفم ارجـــــــــــــالنا شاهد
يا عدل سجل إبتاريخ الظلـــــــــــم شاهد
يا دكة الجسر كوني للوطـــــــــــن شاهد

دم العروبة إبشرف ويه النهـــر يجري

ونلاحظ مرَّة اخرى التوازن والترابط الذي يبغيه القبانجي بين الفن المقامي والمجتمع المتلقي .. في مقامه الشهير – مقام الابراهيمي – (سلَّمه بيات) حيث يغنيه بزهيري لعبد الله الفرج ..

غر تصانيف غنج مــــا رون إسمعن
ليلي بالاسحار نغـــمات الوتر إسمعن
ظبيات عن صيدهن جمع الليوث إسمعن

جرهن صلول الغروب القاطـعات إسماع
ألحاظ اهل الهوى لأهل الخطــاب إسماع
خاطبتهن مل يديرن للخطـــاب إسماع

إشتكيت حالي لهن ما لإشــتكايَ إسماع

وهذا مقام الحليلاوي (استقراره على الرست ويتنوع بين السيكاه والحجاز) بهذا الزهيري ..

إترك هوى من بنيران الجفــــــا يهواك
وبسيف صده وهجره لم يـــــزل يهواك
استر بك كلما نسم علينــــــــا هواك

ما شاقني بالملأ خيٍّ مثــــل خيٍّ إلك
يا ريت ربي بسرج ام العـــــلا خيلك
من حسن ذاتي هويت وجيت انــا خيلك

ما هو غصب جيت لكن خاطري يهواك

وهذا ايضا مقام الحديدي (سلَّمه صبا) بهذا الزهيري لحسين الحاج مهدي ..

أيام زهوة ربيع إركابـــــــنا مالهن
مالن بعكس الوفج بأهل الــــردة مالهن
والنوق حين اسدرن شافــن ولي مالهن

سكرن وهجرن بيابي البــــين عالجته
وسراج همي بيوم انـــــواي عالجته
لو جرح واحد بكـــــبدي كان عالجته

لكن جروحي كثيــــرات ودوه مالهن


صورة / محمد القبانجي في الثلاثينات

كذلك تتجلَّى هذه الآثار بينه وبين عمله الادائي ذاته والموضوع .. وبالرغم من هذا التجديد وهذه الروح التي بدأت تنطلق نحو آفاق فكرية جديدة اخرى سواء في فنون الموسيقى أو في باقي الفنون أو حتى في الاختصاصات العلمية الاخرى ، في هذه الحقبة التي ظهر فيها القبانجي وباقي رُوّاد الاختصاصات الاخرى ، التي كان هذا الاتجاه التطوري سمة من سمات هذه الحقبة الزمنية ، فقد كان مطربنا العملاق رائداً من روادها الاصيلين ومبشراً بمستقبل أمين ..
إن كلمات قليلة قد توضح لنا ما حدث أول مرَّة في هذه الحقبة ، إذ تجلَّت في الدعوة الى نوع من التوازن بين ثقافة الذاكرة التراثية العفوية وثقافة الذاكرة العقلية ..

بين ثقافة الذاكرة وثقافة العقل
إن هذا التوازن يعني أن العقل أو الفكر هنا قد تدخَّلا في بناء النتاجات الفنية التي تحرَّرت من الأسر والقيد الذي فرضته الذاكرة العفوية والفطرة طيلة قرون عديدة مضت .. بل واصبح الحوار بين القديم والحديث ، محاولة لفك القيود والانماط الجاهزة ، وخلق دينامك جديد للعمل الفني ، ليبدأ منعطف جديد في الحداثة ..
لقد تحتـَّم على القبانجي حين إستعد لغناء المقامات العراقية ، أن يواجه حالتين مختلفتين ، أو مشكلة مزدوجة ..! فهو من ناحية وريث المؤدين التقليديين الذين يؤكدون في ادائهم على الناحية الاصولية والقواعدية التقليدية لشكل المقام العراقي ، وتطبيق اداء المسارات اللحنية ذات التعابير البيئية الصرفة ، والحكم السائد على جودة الاداء في تذوقها وسماعها بهذا المنحى الكلاسيكي الصارم .. وهو من ناحية اخرى يعيش السمات الجديدة التي إمتازت بها هذه الحقبة الزمنية بالنظرة الجديدة الى التراث عموماً ، والثورة على الاصول التقليدية الصارمة وزعزعتها .. فبالنسبة للحالة الاولى ، فإن المؤدين قد ركــَّزوا جلّ اهتمامهم بالالتزام بالمحلية والدفاع عن الثقافة التقليدية للذاكرة الموروثة المنقولة من الآباء والأجداد .. فكان على القبانجي وهو رائد الفئة الثانية ، أزاء هذه الذروة الكلاسيكية الاصولية أن يؤكِّد دوماً ومن خلال أدائه التعبيري الجديد ، أن التراث البيئي أصبح لا يكفي وحده لتكوين فن أدائي تراثي معاصر ، ولا يكفي وحده أيضاً لخلق مؤدٍّ أو ناقد بالمعنى المعاصر، نسبة للظروف الثقافية الجديدة التي أتاحت وسائل تعبيرية متعددة في شتى المجالات في هذه الحقبة الزمنية من بداية القرن العشرين الذي أُصطلح على تسميته بعصر السرعة ..
إن الاداء الجديد للمقامات العراقية قد أكد الآن انه خبرة إنسانية فطرية وعقلية , وهو كذلك فعلا ً .! أو هكذا كان الاحساس عند استاذنا القبانجي على الاقل ، هذه الخبرة يتوصل إليها من هم أدق إحساسا من الآخرين بالحياة .. ما هي الحياة .! كيف نفهمها ونكتشف أسرارها ..!؟ إن الثقافة في الحقيقة هي ثقافة انسانية واحدة .. لابد اذن ان يصدر الاداء من هذه الحياة ليعبـِّر عنها ، وهذه الثقافة وهذه التجربة يتعرَّف عليها المؤدي ويحاول معرفة سرّها فيحس بهذا الغموض لينتقل ذلك الى المتلقي الذي يشاركه في ذلك فتهتز مشاعره ويتلذذ بسماعه .. ومن الطبيعي ان هذه الخبرة أو الثقافة التي تصدر عن الاداء الغنائي عموماً للجمهور المتلقي لا تعلو على الحياة التي يعيشها أو يعانيها المؤدي المبدع ، بل تمتزج وتتآلف عناصرها بها ، من خلال أُسلوب تعبيري لا يمكن ترجمته الى لغة من اللغات .. ويمكننا أن نلاحظ َهذه التطلعات الادائية في هذه المقامات التي غناها القبانجي مطلع حياته الفنية ، كمقام الشرقي دوكاه (سلًّمه بيات حسيني) حيث يُغنيه بهذا الزهيري للحاج زاير الدويج ..


صورة / محمد القبانجي

يا ناعس الطرف حظ الجــالسك يا عون
والناس بهواك سكره لا تظـــن يا عود
آني الذي جنت اجيد اعــداي بك ياعون
لخيول هجرك تردهن بالوصــــل لوجن
وهلال سعدي يهل لـــــيلي علي لوجن
والناس يم عود تقصد بالــــذي لوجن
إلمن يودون قل لي لو تســــودن عود

ويتجسد ذلك عندما نستمع إلى مقام الراشدي (سلَّمه جهاركاه) بزهيري لعبد الله الفرج ..

يا من بحسنه بكه كل عــــالم داري
ادعيت دمع البيابي على الوجــن داري
انت سبب عــلتي وانت إلـ بها داري

ريت الملاح اوردن قبل انهـالك يا جون
وادعيت دمع المتيم على الهوى يا جون
سايلتها مســـأله (مردن كجا ياجون)

قالـــت (برو شسراز من جكر داري)

او تستمع إلى مقام المدمي (سلَّمه حجاز) بهذا الزهيري ولاحظ عزيزي القارئ والمستمع تعابير الحزن التي يتصف بها هذا المقام ، ولكنه حزناً شجيّاً مُتأمِّلاً ..

يا صاح ربعي جفوني اوزودوا وني
علعود روحي عكبهم ما طرب وني
يا حادي العيس يا غالي الجدم وني
خليني اودع حبيب الكلب دار اله
وادموع عيني تكت شبه المزن دار اله
خايف تراني على ظعن الولف دار اله
من حيث دمعي تبعهم للغرك وني



صورة / محمد القبانجي

وهذه المقامات من المقامات التي لفتت إليها الانظار , والتي ظهر على منوالها العديد من المقامات المسجلة بصوت محمد القبانجي واتباع طريقته في هذه الفترة من بداية القرن العشرين ، فقد برزت فيها بوضوح الناحية البنائية في حبكة المسارات اللحنية للمقامات العراقية .. وهذا ايضا مقام الحسيني بهذه القصيدة ...

طلتَ ياليلُ ولم تبدِ صــــــباحا
وعلى الآفاق أسدلـــــتَ الجناحا
فكأنَّ الدهـرَ لـــــيلٌ كله
وكأن الصـــــبحَ قد مات وراحا
وكئيبٍ كلما مرَّ به طـــــــارقٌ
فزَّ من الوجد وصـــــاحا
إن بكى المزن بكى من حـــــزنٍ
واذا لاح حــــــمامُ الايكِ ناحا
أنا ما دمتُ محـــــــبَّاً لم أزل
أسكبُ الدمعَ غــــــدوَّا ورواحا

وفي مقام آخر نلاحظ هذه التطلعات ايضا ، بمقام الحكيمي (سلَّمه هزام) ، بزهيري لعبد الله الفرج ..

ياقلب ياللي بنيران التجـــــافي ذاك
وبسيف هجره قطع منه الــوريد او ذاك
عاشر مهذب وفي صاحب حـليب او ذاك

هناك يذكر مليحك على اللســـان وفا
ما زال ثوب المروة فوق راســـك وفا
ان صحّ في دنيتك واحد من اهــل الوفا

ذاك التريدة لكن وين يحــــصل ذاك


صورة / الباحث والناقد جلال الحنفي في لقـــــطة مع
مطرب القرن العشرين محمد القبانجي


الهوامش
-1 – منح اللقب الفني للقبانجي : انظر مضمون الامر الاداري الصادر يوم 12/10/2003 بعدد 14

وِزارةُ الَّثقافة العدد 14
دائرةُ الفُنون الموسيقية التاريخ 12/10/2003
بيت المقام العراقي/المركز العام
أَمرٌ إداريٌّ
إنطلاقاً من مبدأ إحترام جهود الأَسلاف المجتهدين حتى الوقت الحاضر في رفد وخدمة المقام العراقي ، من مطربين وعازفين وخُبَراء ، وإستناداً للمادة – 4 – فقرة (ز) من النظام الداخلي لبيت المقام العراقي ، وموافقة الهيئة الإِستشارية لبيت المقام العراقي ودائرة الفنون الموسيقية ووزارة الثقافة ، تقَرَّرَ إِختيار مجموعة من الفنانين المقاميين الذين يعتبرون أَبرز فناني المقام العراقي في القرن العشرين ، لمنحهم شهادة تقديرية مع لقبٍ فنيٍ إِعترافاً بجهودهم الكبيرة في خدمة المقام العراقي ، وفيما يلي إِسم الفنان الذي تم اختياره واللقب الذي يستحقه ..
1- رشيد القندرجي (1886 – 1945م) رائد الغناء المقامي المتقن في ق 20
2- نجم الشيخلي (1893 – 1938م) رائد الصوت المقامي الهادر
3- محمد القبانجي (1901 – 1989م) مطرب العراق الاول في ق 20
4- صدِّيقة الملاية (1900 – 1970م) رائدة الغناء المقامي النسوي في ق 20
5- حسقيل قصاب (1899 – 1977م) رائد الكلاسيكية الجديدة في الغناء المقامي
6- جميل الأَعظمي (1902 – 1967م) رائد الغناء المقامي الديني الدنيوي
7- سليمة مراد (1905 – 1974م) رائدة الأُغنية البغدادية الحديثة
8- عبد الهادي البياتي (1911 – 1974م) رائد الغناء المقامي الأُصولي
9- حسن خيوكة (1912 – 1962م) رائد الغناء المقامي الرومانسي
10- يوسف عمر (1918 – 1986م) رائد الغناء المقامي الجماهيري
11- الحاج هاشم محمد الرجب (1920 – 2003م) خبير المقام العراقي الاول في ق 20
12- ناظم الغزالي (1921 – 1963م) سفير الغناء العراقي
13- زهور حسين (1924 – 1964م) رائدة الأُغنية الشعبية الحديثة
14- شعوبي ابراهيم (1925 – 1991م) ملك آلة الجوزة المقامية في ق20
15- عبد الرحمن العزاوي (1928 – 1983م) رائد الغناء المقامي الصوفي
16- مائدة نزهت (1937 - ...... م) فنانة القرن العشرين
17- فريدة محمد علي (1963 - ...... م) رائدة الغناء المقامي النسوي التقني
ينفذ هذا الامر إِعتبارا من تاريخه أَعلاه

نسخة منه إِلى حسين اسماعيل الاعظمي
- دائرة الفنون الموسيقية مدير بيت المقام العراقي
- الإِضبارة الشَّخصية لكل منتسب المركز العام
- الحفظ

- 2* - الكتاتيب : / دار للتعليم ، يعتمد العلوم الدينية في مراحلها الاولى ، وتقوم مقام المدرسة حاليا , يتخرج منها التلاميذ وقد تعلموا القراءة والكتابة وبعضا من تفرعات العلوم الدينية , ليس القصد منها ان تكون هدفا ، بل ربما مرحلة انتقالية للبعض المقتدر ليرتفع بمستواه ، ومن ثم لتسنّم مناصب في وزارة الأوقاف أو في دوائر الدولة الأخرى ... يقوم في الادارة والتدريس رجل واحد يدعى ( الملاّ ) على الاغلب الاعم ويعلم في اكثر من مجال واحد , وقد يحتاج ( الدار التعليمي البسيط هذا ) احيانا الى اكثر من معلم او ( ملاّ ) وهذا من الكتاتيب المهمة والكبيرة او المركزية التي ترعاها الدولة ..(مكالمة هاتفية مع الاستاذ محمد واثق اسماعيل العبيدي, ظهر يوم 26/1/2003 مع المؤلف ) .
- 3* هذه القصيدة مبنية على اصطلاح الصوفية ، يذكرون في عباراتهم الخمرة باسمائها واوصافها ، ويريدون ما افاض الله على البابهم من المعرفو او الشوق والمحبة له تعالى ، ويريدون بالحبيب ذات الخالق جل وعلا ، لأنه تعالى احب ان يعرف فخلق ، والخلق منه ناشئ عن المحبة ، فهو الحبيب وهو المحبوب ..
- 4* لها البدر كأس : يريد ان اناءها مستدير كالبدر ، وهي شمس : أي صافية كالشمس ، يديرها هلال : أي غلام كالهلال في رشاقته ، كم يبدو اذا مزجت نجم : أي يبدو من الفـقاقيع التي تشبه النجوم ..
- 5* شذاها : طيب رائحتها ، حانها : حانوت الخمار الذي تباع فيه ، سناها : نورها ، ما تصورها الوهم : ما خطرت على بال ..
- 6* حشاشة : بقية روح ، خفاها : مسهل خفائها ، في صدور النهى : أي في صدور اهل النهى ، اهل العقول ..
- 7* الدنان : الواحد دن ، وعاء الخمر
- 8* القدم : البليد ، القدام : غطاء ابريق الشراب ، شمائلها : خصالها ..
- 9* يريد ان لا زمان قبل هذه الخمرة ولها البعدية على كل شئ ، الحتم : اللزوم والوجوب ..
- 10* المدى : الغاية ، وقوله عصر المدى : اراد الزمان الطويل الذي هو مبدأ خلق العالم الى حيث لا منتهى ، اما قوله عصرها : فاراد به عصر العنب خمرا ..
- 11* شربت الاثم : اراد شربت الخمرة ، عندي الاثم : أي عندي الذنب
- 12* اراد بارباب الدير : اهل المعارف الالهية ، هموا ، من هم بالشئ : قرب منه ..
- 13* عليك بها : دونك اياها ، صرفا : غير ممزوجة ، عدلك : انصرافك ، ظلم بفتح الظاء : الريق ..
- 14* استجلها : طلب جلاءها ، كشفها : اظهارها ..
- 15* يريد ان الخمرة تزيل الهموم ، كما يزيلها النغم ، وفي البيت بين نغم وغم جناس غير تام ، يسمى المزدوج
- 16* سهم : نصيب ..
- 17* الزهيري :.. نوع من انواع الشعر الشعبي , يتكون من سبعة اشطر , الاشطر الثلاثة الاولى تنتهي بكلمة هي بمثابة القافية متفقة في اللفظ ومختلفة في المعنى , والاشطر الثلاثة الثانية تنتهي بكلمة اخرى جديدة متفقة في اللفظ ومختلفة في المعنى ايضا والشطر السابع ينتهي بنفس كلمة الاشطر الثلاثة الاولى وبمعنى جديد ..
- 18* (الالوسي، جمال الدين، بغداد في الشعر العربي ،مط المجمع العلمي العراقي ، بغداد 1987)





ملاحظة / كل الاغاني ونوطاتها التي وردت في هذا المحور موجودة في كتابي الموسوم (المقام العراقي باصوات النساء) الصادر في كانون الثاني January 2005 في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر .. وكتابي (الطريقة القبانجية في المقام العراقي واتباعها) الصادر في بيروت عن نفس المؤسسة مطلع عام 2009