نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
[
د. خيرالله سعيد:عـندما إشتـدّت الأزمـة على الخليفة الثـالث عـثمان بن عـفـان – قتل 35 هـ/656 م من قبل أبـناء الصحابة في مختلف الأمصار الإسلامية ، في المدينة المنـورة، والتي عرفت قـائعـهـا بـ ( الفتنـة الكبرى) كان الإمام عـلي بن أبي طالب يقـول( اللـّهمَ زدهـا حتى يخـرج الخبيث من الطيـّب والطيب من الخبيث ) ووقـائع التـاريخ العراقي تعيد للذاكرة مثل هـذه التشـابهـات في الوقـائع، نظراً لكثرة الأحـداث الـدامية فيه ، لكنـّـه يبقى عصيـّاً على كل قـوى الشـر التي تريد النيل من وجـوده،فالعراق سـليل أكثر من ثمان حضارات، وأنهـار الـدم التي عـمـّدت بنـيانـه ليس من السهل على الأعـداء إختراق هـذا البنـيان ، لذلك حاولت وستبقى تحـاول خلق اختراق يهشهش هذا البنيـان ، وقـد ( نجحت ) هذه القـوى الشريرة، بقيادة الولايات المتحـدة وعملائها في الـداخل والخارج العراقي ، من إحـداث ( شـرخ) مؤقـّـت في نسيجه الأجتماعي وذلك من خـلال زرع الطائفية والمحاصصة في كيانه السياسيـي ، ضمن أجـندة
الولايات المتحدة ومشروعها الصهيوني في منطقـة الشرق الأوسط ،وفي العـراق أنيـاب
ومخـالب تسـاعـد على هـذا التمـزيق ، بقـوة شديدة الوهـم والطموح ، لتنفـيذ تلك
الأجـندات
وقد اعتمدت ( حكومـة بول بريمر الأمريكية في العراق- عام 2003 ) على قـوى سـاهمت بكل
قـوة لأن تكون ، حـاملة للمشروع الأمريكي – الصهيوني، بكل وضوح وإدراك ، لنيل مكاسب(
مؤقـّـته) أغـوتهم بها الولايات المتحـدة ، كان على رأس هـذه القـوى، المنفـّذة للأجندة
الأمريكية الحزبـان الكرديـّان الرئيسـيـّان ( الإتحـاد الوطني الكردستاني ، بقيادة
جـلال الطلباني ، والحزب الديمقراطي الكرستاني بقيادة مسـعود البرزاني) مع القـوى
الطائفية الشيعية ، التي عرفت تحت مسمى ( الإئتـلاف الشيعي) ومن ثم لحقت بهـا قوى
طائفية سنية ، كي تساعد هي الأخرى تجذير الطائفية في العراق ، ممـّا يسـهـّل تنفيذ المشروع الأمريكي في العراق ، أولاً ، وفي منطقة الشرق الأوسط ثانيـاً .
الطـرف الكـردي ، هـو الأكـثر ممـاهـاةً مع المشروع الأمريكي ، بأجـندتـه الصهيونـية ،
وعلى المكشـوف ، فقد كانـوا أكـثر إيـغـالاً في نتئ جـروح العـراق ، وكـأن الفرصـة
التـاريخية قد سنحت لهـم في هـذا الإحـتلال الأمريكي البغيض للعـراق ، فراحـوا يؤلمـون
العراق في كل زاويـة، وقـد كانوا أوّل من دعى الأمريكان الى الدخـول الى أر ض العراق
عبر إقليمهـم الكردستاني لإسقاط صدام حسين ونظامه ، عشية الإجتياح الأمريكي
للعراق عام 2003 ،وهـم على مـدى التـاريخ العراقي الحـديث ، كانـوا مصدر إخـلال بالأمن
والعصيان على كل الحكومات المتعاقـبة على العـراق، منذ أن قسـّمت الـدول الغربية والأوربية تركة الخلافة
العثمانية وقسـّمت الدول ضمن( معاهـدات سلفـر 1925) الجائرة على شعوب المنطقـة ، وحتى
هذه اللحظة ، فقـد فرضـوا شروطهم على (الإئـتلاف الشيعي ) وبقية القـوى التي جاءت مع
الإحتلال الأمريكي ، وشغلوا أخطر الوظائف في الدولة وفي البرلمان وفي الحكومـة ،
وفـرضوا رؤيتهـم على بنـود الدستور العراقي ، ووضعوا كل الإشكالات التي تعيق الدولة
والحكومة في إيجـاد خطط تنمية أو تقـوية لكيان الدولـة العراقية، بحيث أن كل من ينظر
الى الدستور العراقي يقرأ بوضوح بصماتهم على أغلى مواده ،وبما يخدم مصالحهم بالذات ، دون بقية كل المكونات العراقية ومن ثم أوجدوا (نظاماً شبه كونفدرالي) كامل القسمات ،وتنسجم معـه مـواد الدستور التي وضعوهـا هم ،
بحجة عـدم إعـادة الديكتاتورية ، ولا يكفيهم ذلك ، بـل بدأت نغمـة (الإستقلال )
كـدولة تتردد في أدبيـّاتهم وفي خطاباتهم في وسائل الإعـلام المختلفة ، وبـدأوا
بتـوزيع ( خـرائط جـديدة) تحدد مديات توسـّعهم المقبل في الأرض العراقية ، الأمر الذي
باركتـه القـوى الصهيونية ،وراحت تعمل على تنفيـذه ، من خـلال الإحتلال الأمريكي
للعـراق ، مستغلة هذه الدوائر ضعف الدولة والحكومة وضعف كـوادرها السياسية- في هـذه المرحلة- فلقـد كشف الإعـلام المرئي والمسموع والمكتـوب ،تبادل الزيـارات بين الكيان الصهيوني والكيـان الكردي ، وعلى أعلى المستويات ،بل وصل
الأمر إلى تـدريب الصهاينة قـوات البيشمركة الكردية التابعـة للحزبين الكرديين ،
وإقامة التحالفـات ( الغير مرئية) بين المؤسسات الصهيونية، وبين الأنشطة الكردية
المختلفة بكافة أنحاء العـالم ، لاسيما في أوربـا وأمريكا ، وبـدأت – نغـمة الحرية
الكردية- في إختيار ( أصحاب الشعب الكردي) من مختلف الأجناس ،وبـدأ الشيوعيون الأكراد
– من ورثـة الحزب الشيوعي العـراقي- بترديد (حق الشعوب بتقرير مصيرهـا) وبتطرف قومي يسقط معـه كل معاني الوطنية ، وبـدأت بعض الكوادر)الكردية بإعـلان التخلي عن كل محمولات الثقافـة العربية- الإسلامية، والعـودة
الى الزرادشتيـّة ،والتخلـّي عن كل مايجمعهم بالعرب من ثقافة وحضارة وتاريخ وجغـرافية
،وكل ذلك ( لأن العرب- كما يـدّعـون- رفضوا تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي )
والتي إنتهت بالتقـادم الزمني ، فـزادت نغمـة التحـدي من قبل قياداتهم السياسية
بالإنفصال وفرض الأمر الواقـع بالقـوة ، مستغلين ضعف كيان الدولة، في هـذه المرحلـة،
ومستقوين تماماً بالإحـتلال وبالأجندةالصهيونية التي جاءت مع الإحـتلال ،وقـد كشـفت ( محـاضـرة وزير الأمـن الإسرائيلي
السـابق،آفـي ديخـتر) التي ألقـاهـا في يوم 4-سبتمـبر-2009 في معهـد الأمن القـومي
الإسرائيلي- سيجد القـاري المحاضرة كاملة مع رابطهـا الإعـلامي المنشورة فيه في نهـاية
المقـال ، للإطلاع والتوثيق ، لمن بريد التحـقـّق
فقـد كشف هذا الوزير الصهيوني- بتلك المحاضرة- كل خبـايا وخفــايا التعاون الوثيق بين
أكـراد العـراق وبين الكيان الصهيوني ، من خـلال أجـندة الإحـتلال الأمريكية في
العـراق،بحيث أن الغشـاوة التي كانت مسدلة على بصر وبصـائر الناس قـد أزيلت بالتمـام ،
لكل متابع للشـأن العـراقي فهـو يقـول، على سبيل المثـال : (*(إنّ تحييد العراق عن طريق
تكريس أوضاعه الحالية تشكل أهمية استراتيجية للأمن الصهيوني) وهذا الأمريتطابق كليـّاً
وما تقـوم به الأحزاب الكردية في شمال العراق- ومن خلال العملية السياسية ذاتهـا، على
صعيد الممارسـة والتشريع وفرض الأمر الواقـع على كل مفاصل العملية السياسية .
وفي مفصل آخر أخطر يقـول هـذا الوزير (*(إن العراق تلاشى كقوة عسكرية وكبلد متحد،
وخيارنا الاستراتيجي بقاءه مجزءاً).. ) وكل من يتابـع وضعية الأكراد في العملية
السياسية يدرك هـذا المنحى من خلال سلوكهم وتطبيقاتهـم السياسية والعملية لإبقـاء
العـراق ضعيفاً ، لاسيما على الصعيد العسكري والأمني والسياسي، والإبقـاء المتعـمـّد
على المحاصصة الطائفية والتوافقات السياسيةعلى كل مجريـات العملية السياسية، ضمن بنـود
( الديمقراطية) التي يريدونهـا ، وتنسـجم مع مشروعهم المتطابق مع رؤيـة المشروع
الصهيـوني
ثـم يوضح هـذا الوزير الصهيوني رؤيتهـم الستراتيجية ببقـاء العراق ضعيفاً وغير فاعـل
في محيطـه الأقليمي العربي فيقـول (*((ما زال هدفنا الإستراتيجى هو عدم السماح لهذا
البلد أن يعود الى ممارسة دور عربى واقليمى). )وهـذا ماتسعى إليـه كل القـوى والأحزاب
الكردية ، وتمارسـه كنهـج عملي في نشاطهـا السياسي ، وبشكل يومي وحثيث ،خالقـة كل
المشاكل بوجـه العراق ، بل وصل الأمر بالأكراد الى ( رفض عروبة العـراق) في بنـود
الدسـتور، وهـو ما احتجـّت عليه جامعـة الـول العربيـة، ذات مـرّة، وبقيت ( هـذه
الجـامعـة) تأخذ دور المتفـرّج على مايحدث في العـراق ، ومايخطط ويحـاك لـه في الدوائر الصهيونية وأتباعهـا الكردية وغيرهـا.
ثـم يعـترف هـذا الـوزير الصهـيوني بكل وضـوح وتشـديد على العلاقـة التي تربطهـم
بأكـراد العـراق، بغية تنفـيذ هـذا المخطط الخطير على العراق فيقـول:
(*(ذروة اهداف اسرائيل هو دعم الاكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الامنية من اجل تاسيس
دولة كردية مستقلة فى شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان).) ومن هـنا نـدرك
خطـورة تشـبـّث الأكـراد بضـم كركوك ونفطهـا وأراضيهـا وقومياتهـا الى إقـليمهـم،
كونهـا ( قـدس الأقـداس) الأمر الذي تنسـجم وتتطابق التسـمية مع المشروع اليهـودي-
الصهيوني ، في تهـويد القـدس ، بوصفهـا (أرض أورشليم المقـدّسـة) فالتناظر بالتسمية
والهـدف يطابق المعنى المقصود .
وباعـتراف خطير آخـر ، يقـول هـذا الوزير الصهيـوني في تلك المحاضرة (*(ان تحليلنا
النهائى و خيارانا الاستراتيجى هو أن العراق يجب أن يبقى مجزءأ ومنقسما ومعزولا داخليا
بعيدا عن البيئة الإقليمية) ) وكل متـابع للشـأن العـراقي، يلمس ذلك بوضوح تـام على
سلوك إفتعـال المشاكل مع بقية القـوميات الآشورية والإيزيدية والشبكية ومختلف الأديان
المتعايشة في شمال العراق، وفرض(الكـردنـة) عليهم بالترغيب وبالترهـيب،وفرض-
الهـوية الكردية عليهم بالقـوة ،وضمن دستورهم الإقليمي الموعود , والذي فضح كل
مشروعاتهم القـومية المنسجمة والتطلعات الصهيونية ، فليس اعتباطاً أن توجـّه الى الباحـث الكردي د. كمال سيد قـادر ، تهـمة من العيـار الثقيل وإصدار حكماً قاسياً عليه لمدة 30 سنة لمجرد كتـابتـه مقالاً ينتقـد
فيه روح التسـلط عند القيادات الكردية، ويفضح إرتباطاتهم بالحركة الصهيونية العالمية وبمخابرات السوفيتية المنهـارة (كي جي بي)
ثـم يعـرّج هذا الـوزير الصهيوني بوضوح بتحليلاتـه على( الدولة الكردية القـائمة)بكل
مقوماتهـا فيقول:
(الآن فى العراق دولة كردية فعلا، هذه الدولة تتمتع بكل مقومات الدولة أرض شعب دولة
وسلطة وجيش واقتصاد ريعى نفطى واعد، هذه الدولة تتطلع الى أن تكون حدودها ليست داخل
منطقة كردستان، بل ضم شمال العراق بأكمله، مدينة كركوك فى المرحلة الأولى ثم الموصل
وربما الى محافظة صلاح الدين الى جانب جلولاء وخانقين. ) ومن هنـا نفهم
مطالبـة الأكراد الـدائمة بضم( المنـاطق المتنازع عليهـا الى إقليم كردستان، وتثبيت ذلك
ضمن فقـرات المادة 140 من الدستور العراقي . وهو ماينسجم تماماً وهـذا التصريح
والإقرار من قبل هـذا الوزبر الصهيوني .
ثم يضيف هـذا الوزيـر أمراً خطيراً أخر يربط العـلاقة بينهـم وبين الأكراد على صعيد
الدعـم اللـّوجستي والفنـّي والعسكري فيقول : (التحول الهام بدأ عام 1972. هذا الدعم
اتخذ أبعادا أخرى أمنية، مد الأكراد بالسلاح عبر تركيا وإيران واستقبال مجموعات كردية
لتلقى التدريب فى إسرائيل بل وفى تركيا وإيران ) فهـل هـناك إنكـاراً بعـد هـذا
أيـّهـا( الأخـوة الأكـراد) !؟؟ وهل توضـّحت أمام الرأي العـام العراقي وغيره عن هـذا
التحالف الستراتيجي بين الكيـانين ؟؟
اخبار العراق
[