معاناة الأويغور المسلمين

د. جبريل العبيدي (كاتب وباحث ليبي)

لعل في مقتل المئات من المسلمين الأويغور في أحداث الأيام الماضية في الصين بعد احتجاج مسلمي الأويغور على الأوضاع المأسوية والظروف الصعبة التي يعيشونها ورغم أن الاحتجاج كان سلميا إلا انه تحول إلى ضحية لعنف الدولة القمعية، حيث فتحت الشرطة الصينية نيران أسلحتها بشكل عشوائي على مظاهرات سلمية لتنتهي بمذبحة راح ضحيتها مئات من المسلمين العزل من السلاح. كما صرح الأمين العام للمؤتمر الدولي للأويغور دولقون عيسى. وقال : "لقد بلغ عدد القتلى عدة مئات بكل تأكيد".
وتتذرع الصين الشيوعية بأن المحتجين لديهم نزعة انفصالية وأنهم ينتمون للقاعدة في محاولة لتضليل للرأي العام العالمي والمحلي في حين ما خفي من حقيقة المأساة كان أعظم فما ظهر من المشكلة ما هو إلا ما يعرف بـ " ظواهر جبل ثلجي" فما خفي من الجبل الثلجي أكثر مما ظهر منه ليظهر محاولات السلطات القمعية الصينية إبادة الأقلية الاويغورية المسلمة في إقليم شينجيانغ غرب الصين الغني بالنفط والمعادن ويسكنه الأويغور. وهي كلمة تعني التضامن.
والأويغور قومية استوطنت الإقليم منذ القرن الثالث الميلادي وكان دخولها للإسلام في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان. وفي الأصل كانت إمبراطورية إسلامية احتلتها الصين وسكنوا الإقليم وتعايشوا فيه مع أعداد محدودة من قومية الهان ‘المدعومة من قبل السلطات الصينية الشيوعية’ الإقليم البالغ عدد سكانه 20 مليون نسمة.
عقب الأحداث قال كين غانغ المتحدث باسم الخارجية الصينية ان ‘الحكومة الصينية اتخذت إجراءات حاسمة’، بل وهدد أحد أعضاء الحكومة الشيوعية بتنفيذ حكم الإعدام في قادة المتظاهرين.
وتُعتبر معاداة الإسلام جزءاً من الايديولوجية الرسمية في الصين أي إجراءات قمعية بدءا من معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية إلى منع الصلاة وإغلاق المساجد وخاصة في مدينة أورومتشي كبرى مدن إقليم شينجيانغ والتهديد بإعدام المحتجين المسالمين والتضييق على الحريات الدينية للمسلمين وفرض غرامة مالية قدرها 630 دولارا أمريكيا على من ترتدي الحجاب من نساء الأويغور وتتشكل أغلبية النساء المحجبات في المنطقة من ساكنات القرى، ومن المعروف أن الدخل السنوي للأويغور لا يزيد عن 500 دولار في العام وتجبر الحكومة الناس على التوقيع على تعهد بعنوان "لا أذهب إلى أداء فريضة الحج" ويلجأ المسلمون إلى كهوف تحت الأرض لتعليم أولادهم القرآن، ويكون مصير الأستاذ القتل أو السجن. كما كشفت التقرير الرسمي لمنظمة العفو الدولية التابعة للأمم المتحدة، والذي صدر مؤخرا أن الصين نفذت عددا قياسيا من عمليات الإعدام العام الماضي في حملتها ضد المسلمين.
وأحصت منظمة العفو الدولية 4015 حكما بالإعدام صدرت ونفذ منها 2468 حكما. وهذا العدد من الإعدامات في أقلية كالأويغور يؤكد حجم الإبادة الذي لم يدفع السيد اوكامبوا لتحويل رئيس الصين وحكومته الى محكمة العدل الدولية كمجرم حرب ومتورط في جرائم ضد الإنسانية، مما يؤكد الانتقائية والممارسات التعسفية ضد أقلية مسلمة تعيش ضمن أغلبية ملحدة بل أن السلطات قامت بتشجيع وتحريض أثنية الهان على زعزعة الاستقرار في الإقليم، حيث باتوا ينافسون السكان المسلمين في ظل نظام شمولي قمعي. ولعل ما ذكرته صحيفة "التايمز"البريطانية في تقرير لها في 7 تموز (يوليو)، حيث ألقت باللوم على قومية الهان التي ينتمي إليها أغلبية سكان الصين فيما يحدث حاليا من انتهاكات ضد الأويغور المسلمين. ولعل هذه المحاولات هي لتذويب القومية الأويغورية ضمن النسيج الشيوعي الصيني.
فما تمارسه السلطات الصينية الشيوعية هو إرهاب دولة منظم ضد أقلية مسلمة هي الأويغور في ظل صمت العالم الغربي عن إبادة الأويغور في حين صرح أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي قائلا :"ان مناخ الخوف الذي يعيش فيه شعب يبعث على الأسى" مكتفيا بوصف ما يحدث بأنه يبعث عن الأسى دون وضع اي آلية للتحرك لحماية هده الأقلية المسلمة من الإبادة. في حين على الدول الإسلامية مسؤولية تاريخية لمنع إبادة الأويغور في حين غضب العالم وتحرك لحماية التبت لم نلاحظ اي تحرك أو آلية لحماية قومية الأويغور من الإبادة سوى بعض التحركات والتصريحات الخجولة لمنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الأمم المتحدة لإيقاف التنين الصيني المسعور.