آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: شاهد عيان يحب باكستان-الفصل الثاني-مجبر أجاك لا بطل-الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف

  1. #1
    رئيس قسم اللغة الأردية بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر فرع البنات بالقاهرة مصر الصورة الرمزية إبراهيم محمد إبراهيم
    تاريخ التسجيل
    16/10/2006
    العمر
    61
    المشاركات
    236
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي شاهد عيان يحب باكستان-الفصل الثاني-مجبر أجاك لا بطل-الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف

    مجبر أخاك لا بطل
    الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف
    قبل عدة سنوات أتيح لي زيارة الإسكندرية ، في رحلة من رحلات اليوم الواحد ، وكان من بين برنامج الرحلة مشاهدة حديقة المنتزه التي كان يتنزه فيها الملك فاروق أثناء إقامته في قصر المنتزة بالإسكندرية ، أما قصر المنتزه فيقع داخل الحديقة الجميلة المنسقة المترامية الأطراف ، والقصر واحد من قصور عدة على مستوى مصر كلها كانت بمثابة استراحات للملك فاروق وأسرته وضيوفه حيثما حلوا .
    ولم أكن أتصور أبداً أن هناك حدائق ومروجاً وقصوراً بهذا الشكل أعدت خصيصاً لكي يستمتع بها الملك ، ولكن هذا لم يكن سوى قصور في تصوري وتفكيري أنا الشخص الريفي البسيط ، فالملك هو الملك ، وما يملكه يفوق تصور الفقراء ، ولا يدركه إلاّ الملوك أمثاله ، أو المقربون منه ، أو من هم على شاكلته . وعندئذ أدركت مدى الصعوبة التي واجهها الملك فاروق حين أجبر على الاستقالة وترك الحكم والبلاد التي يحكمها ، أو بمعنى أدق البلاد التي يملكها ، فمن الصعب جدا أن يتنازل الشخص عن شيئ يملكه حتى ولو كان مثقال ذرة ، وخاصة إذا كان هذا التنازل تحت التهديد والضغوط والإجبار ، فما بالك إذا كان هذا التنازل عن كل هذا النعيم المجاني الذي يذهب بلب أمثالي إذا ما رأوه رأي العين !!
    أقول هذا الكلام بمناسبة الاستقالة التي قدمها الرئيس الباكستاني ( السابق ) برويز مشرف من منصبه رئيساً للجمورية بعد حكم دام ما يقرب من تسع سنوات كاملة ( 12 أكتوبر 1999م – 18 أغسطس 2008م ) ، فلا بد أنه عانى كثيراً وتردد كثيراً وفكر كثيراً قبل أن يقدم على هذه الخطوة ، لأنه بالتأكيد يعرف عواقب ونتائج مثل هذا العمل ، وأقل هذه العواقب وهذه النتائج حياته التي ستكون معرضة للخطر على خط مستقيم ، هذا بالطبع إن فكر في الاستقرار في باكستان بعد ترك منصبه .
    ومع ذلك فقد سبق برويز مشرف إلى هذا العمل آخرون منهم كما ذكرت الملك فاروق وملك نيبال السابق وغيرهما من رؤساء وملوك دول العالم الثالث ممن تشابهت ظروف استقالتهم .
    لقد حكم برويز مشرف باكستان لفترة تقرب من تسع سنوات كاملة ( ثمان سنوات وعشرة شهور وستة أيام ) كما ذكرنا ، وخلال هذه الفترة لا بد أنه حقق إنجازات ، وأصابته إخفاقات أيضاً مثله مثل أي شخص آخر في مثل منصبه وبلده ، بصرف النظر عن كل ما يقال ويكتب ويذاع هذه الأيام بعد استقالته من أنه لم يفعل خيراً قط ، وأن فترة حكمة كانت فترة عبودية ( لأمريكا ) ، ولم تنل منها باكستان سوى العار والشنار والحرق بالنار !! فالناس ينسون ، وشعوب العالم الثالث ذاكرتهم ضعيفة ، وتركيزهم – بسبب المشاكل المستمرة التي يعيشونها – مهزوز ، ويكفي أن تعرف أن الباكستانيين أظهروا فرحة غامرة ، ورقصوا رجالاً ونساءاً في الشوارع ، وأدوا صلاة الشكر في الميادين العامة عندما جاء برويز مشرف في الثاني عشر من أكتوبر عام 1999م بانقلاب عسكري على الحكومة القائمة في ذلك الوقت ، واعتقل رئيس الوزراء نواز شريف ، ونفاه بعد ضمانات واتفاقات معينة خارج البلاد ، وعرض التلفزيون الباكستاني هذه المناظر وشاهدها العالم كله ، ولما استقال برويز مشرف أظهر الباكستانيون نفس الفرحة الغامرة ، ورقصوا رجالاً ونساءاً في الشوارع ، وأدوا صلاة الشكر في الميادين العامة ، وعرض التلفزيون الباكستاني هذه المناظر ، وشاهدها العالم كله أيضاً ، فما تفسيرك لهذا كله إن يكن ضعفاً في ذاكرة الشعب الباكستاني الذي يئن تحت ضغط المشاكل التي تحاصره من كل جانب مثله مثل باقي شعوب العالم الثالث وخاصة من المسلمين ؟.
    ربما كان هذا يدل على انعدام الوعي لدى الشعب الباكستاني مما يجعله يرقص لكل من يعتلي سدة الحكم ويجلس على عرش البلاد ، وربما كان يدل على بعد نظر من هذا الشعب في التعامل مع الحكام فيصفق لهم جميعاً أملاً في أن يتقي شرهم ، وينال بعضاً من خيرهم إن كان فيهم خير ، وربما همس البعض من المساكين أمثالي بأن هذا ببساطة يندرج تحت قاعدة " كما تدين تدان "! وكما احتفل الشعب بمجيئ مشرف احتفل أيضاً برحيله !!.
    بصوت حزين ووجه تبدو عليه إمارت الاستكراه قال بروبز مشرف في خطاب استقالته :
    " بعد الاطلاع على الدستور واستشارة المستشارين القانونيين والأصدقاء ، ومن أجل مصلحة باكستان ومصلحة الشعب الباكستاني أعلن اليوم استقالتي من منصبي رئيساً للجمهورية . "
    " لقد واجهت منذ توليت السلطة عام 1999م وحتى عام 2008م خمس أزمات كبرى على المستوى القومي والدولي وهي الإقتصاد المتردي ، وسنة من الجفاف عام 2001م ، وعشرة شهور من التوتر المستمر في العلاقات مع الهند حتى خيمت أجواء الحرب على البلاد عام 2001م ، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م ، وزلزال أكتوبر عام 2001م ، وقد واجهت هذه الأزمات كلها بنجاح ، واستطعت الحفاظ على باكستان " .
    " لقد كان إنتاج الكهرباء حتى يونيه عام 2007م 14000 ميجاوات ، وأصبح في يونيه 2008م – أي بعد تغيير الحكومة - 10000 ميجاوات فقط " .
    " باكستان عشقي ، وسأبقى في خدمة باكستان مستقبلاً أيضاً ، ومستعد للتضحية بروحي من أجل باكستان " .
    قدم برويز مشرف استقالته من منصب رئيس الجمهورية يوم الإثنين 18 / 8 2008م الموافق 15 شعبان 1429هـ إلى الدكتورة فهميدة مرزا رئيس مجلس الشعب في كلمات قليلة هذه ترجمتها :
    " بناءاً على الأسباب التي ذكرتها في خطابي إلى الشعب فإنني طبقاً للفقرة الثالثة من المادة 44 من الدستور أتقدم باستقالتي الفورية من منصب رئيس الجمهورية على أن يعتبر خطابي جزءاً لا يتجزأ من الاستقالة . والله يحفظ باكستان ويحميها " . برويز مشرف .
    لقد بدأت إجراءات المطالبة باستقالة الرئيس برويز مشرف أو عزله فعلياً حين قامت مجالس البرلمانات الإقليمية الأربعة وعلى رأسها مجلس البرلمان البنجابي يوم 11 / 8 / 2008م بالتصديق على قرار بسحب الثقة من الرئيس مشرف ، بل وطالب بعض الأحزاب بمحاسبته وتقديمه للمحاكمة ، ولم يعترض على موضوع المحاكمة هذا سوى حزب الرابطة الإسلامية جناح القائد وحزب المهاجرين القومي بقيادة ألطاف حسين (1) . ثم جاء موقف القائد العام للقوات المسلحة الجنرال إشفاق كياني بمثابة رسالة واضحة للرئيس برويز مشرف يطالبه فيها بالرحيل حين شارك في الاحتفال بعيد الاستقلال يوم الرابع عشر من أغسطس الذي أقامه رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني ، ولم يشارك في الاحتفال الذي أقامه برويز مشرف على غير المعتاد ، ويقال - والله أعلم - إن الجنرال إشفاق كياني أنذر برويز مشرف يوم 14 ، 8 ، 2008م بأن عليه الاستقالة من منصبه خلال ثلاثة أيام حتى لا يضطر إلى التدخل بالجيش .
    على أية حال لا أشك في أن الرئيس مشرف حقق للبلاد خيراً منه على سبيل المثال إنشاء ميناء جوادر ، وربما أصابها بسببه بعض الشر ، وقولي هذا يستند إلى حسن النية وعدم الشك بغير دليل ، والمتهم برئ حتى تثبت إدانته ، والرئيس برويز مشرف في نهاية الأمر مواطن باكستاني لا نشك في وطنيته وحبه لبلده ، وفي نفس الوقت لا ندعي أنه كان ملاكاً أو ولياً من أولياء الله الصالحين .
    لقد جاءت عناوين الصحف والجرائد الباكستانية الصادرة صباح اليوم التالي لاستقالة الرئيس برويز مشرف على هذا النحو :
    • استقالة مشرف ، والبلاد كلها في عيد .
    • إنتهاء أسوأ عهود الدكتاتورية بغير محاسبة .
    • دفع مشرف غالياً ثمن عملية المسجد الأحمر ( لال مسجد ) وعزله لقاضي القضاة في 9 مارس 2007 .
    • إعتزاز أحسن نقيب المحامين يصرح : سيحتفل المحامون اليوم بيوم الشكر ، ولا بد من محاكمة مشرف ، وإعادة القضاة المعزولون إلى مناصبهم في ثلاثة أيام .
    • إستقالة المدعي العام الباكستاني ملك قيوم . رئيس الوزراء يصرح : أشرقت شمس الديموقراطية ، ودفنت الدكتاتورية إلى الأبد ... ونهنئ الشعب الباكستاني ، ونحيي نواز شريف وبينظير وكل من يكافح من أجل الديموقراطية .
    • مشرف غادر مبنى رئاسة الجمهورية ، وسيمكث لعدة أيام في مسكنه الرسمي .
    • لقد أضر مشرف بقضية كشمير ضرراً لا يمكن تصوره .
    • الحكومة الأمريكية تطالب الحكومة الباكستانية بعدم الإساء إلى مشرف .
    • رئيس وزراء إقليم بلوشستان يصرح : يجب محاكمة مشرف بتهمة القتل ، ويجب أن يكون الرئيس القادم من إقليم بلوشستان .
    • مشرف كان الرئيس رقم 12 لباكستان ، وشهد عهده خمسة رؤساء للوزارة ، ومن الزعماء المحببين إلى نفسة القائد المؤسس محمد علي جناح وأيوب خان ، ومن الكتب التي يحبها كتاب ( القادة ) للرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون ، وأحب المدن إليه مدينة استانبول التركية .
    • محلات الحلوى بمدينة لاهور خالية من الحلوى بعد استقالة مشرف (2) .
    • لا يمكن لمشرف أن يعيش في باكستان ، وسوف يتذرع بأداء العمرة ليغادر إلى المملكة العربية السعودية .
    • قيمة الروبية ترتفع في مقابلة العملات الأجنبية بعد استقالة مشرف ، وأصبح سعر الدولار الأمريكي للبيع 74 روبية وللشراء 75 روبية (3) ، وكان قبل يوم واحد 77 روبية ، وارتفاع مؤشرات البورصة ارتفاعاً ملحوظاً .
    • خطاب استقالة الرئيس مشرف يستغرق ساعة كاملة ودقيقة واحدة من الواحدة والربع وحتى الثانية وست عشرة دقيقة ظهراً ، وأذاعت الخطاب على الهواء مباشرة كل قنوات التلفزيون الخاصة .
    • علي جيلاني زعيم حزب الحرية الكشميري ( كشمير المحتلة ) يصرح : إستقالة مشرف بشرى للشعب الكشميري .
    • مئات من طالبات مدرسة حفصة الدينية بقيادة أم حسان يخرجن في مظاهرة يصرحن فيها بأن مشرف إرهابي ويجب إعدامه شنقاً .
    لقد هزم الحزب الحاكم في باكستان – حزب الرابطة الإسلامية جناح القائد والذي ينتمي إليه برويز مشرف – في انتخابات مجلس الشعب التي عقدت بتاريخ 18 فبراير 2008م ، وحصل حزب الشعب الباكستاني ( حزب بينظير بوتو ) على الأغلبية ، تلاه حزب الرابطة الإسلامية جناج نواز بقيادة نواز شريف على المركز الثاني ، وبالتالي شكل حزب الشعب الحكومة بالتعاون مع حزب نواز شريف ، وجلس الحزب الحاكم السابق على مقاعد المعارضة في مجلس الشعب .
    ونظراً لأن انتخاب الرئيس في باكستان يكون من خلال مجلسي الشعب والشيوخ والبرلمانات الإقليمية ، ولأن شعبية الرئيس برويز مشرف قد كانت تدنت إلى أدنى حد لها بعد عملية المسجد الأحمر وجامعة حفصة وإقالة قاضي القضاة في البلاد ، لهذا ظهرت المطالبة بأن يتم انتخاب الرئيس برويز مشرف من خلال البرلمانات التي ينتخبها الشعب في فبراير 2008م ، ولكن الرئيس برويز مشرف أصرّ على تطبيق الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية من خلال البرلمانات القائمة ، وهي البرلمانات التي يحوز فيها الأغلبية مع حزبه ، وتم انتخابه رئيساً لفترة ثالثة بالفعل قبل انتهاء فترة البرلمان .
    ثم وقع المحظور ولم يفز الحزب الحاكم بالأغلبية ، وشكل حزب الشعب الحكومة مع حزب نواز شريف ، فوقع برويز مشرف بين مطرقة نواز شريف وسندان آصف زرداري (4) ، وكلاهما يحمل بداخله رغبة خفية في الانتقام ، فنواز شريف يريد الانتقام من برويز مشرف لأنه هو الذي انقلب عليه وحرمه من الحكم ونفاه لما يقرب من عشر سنوات خارج البلاد هو وأسرته ، وآصف زرداري يريد الانتقام للسنوات التي قضاها في السجن والتهم التي يواجهها في كل مكان حتى خارج باكستان أيضاً والتى انتهت قصتها الآن ، وخرج منها زرداري مثل الشعرة من العجين ، وسواء كانت هذه التهم صحيحة أم لا فإن زرداري لا يلقى قبولاً بين عامة الناس وخاصتهم ، وهناك شعور خفي كامن بأنه كان وراء اغتيال زوجته بينظير ، فهو المستفيد الوحيد من اختفائها من على ساحة الحياة ، بالإضافة إلى اتهام عاطفي بأنه عذّب بينظير كثيراً في حياتهما الزوجية .
    وبعد استقالة الرئيس برويز مشرف بدأت الصحف والجرائد والمجلات ووسائل الإعلام كلها تعدد مساوئ عهده ، وتذكرها بكثير من التفخيم والتعظيم ، فالتعليم في عهده تراجع مائة ضعف ، وغلاء الأسعار وصل إلى عنان السماء ، ونسبة الفقر بين الشعب الباكستاني زادت حتى كادت تغطي أفراد الشعب كله ، ويده تخضيت بدماء الآلاف من أبناء شعبه أطفالاً ونساءاً ورجالاً في جامعة حفصة والمناطق القبلية وغيرها ، واقتصاد البلاد تدني إلى أسوأ مستوياته ، فالكهرباء تنقطع في البلاد كلها عشر ساعات يومياً على الأقل في أوقات مختلفة ، وأسعارها رغم غيابها تسابق الخيال ، والماء قليل للغاية وملوث ، والغاز ضعيف لا يكاد يصل إلى مطابخ البشر ، وفوق هذا كله انعدم الأمن من ربوع البلاد ، وانتشرت السرقات وجرائم الاغتصاب والقتل والنهب بشكل مرعب ، وأصبحت البلاد لعبة في يد أمريكا تحركها كيفما تشاء ووقتما تشاء ، وانتشر العري والفساد والانحلال الخلقي في أرجاء البلاد ، وزادت البطالة أضعافاً مضاعفة ، وتضاعفت الهجمات الانتحارية ، وزادت نسبة الانتحار بين الناس....
    وأخذت الجرائد والصحف والمجلات تكثف من نشر الإحصائيات التي تسيئ من قريب أو بعيد إلى برويز مشرف وفترة حكمة ، وتنم عن مدى الشماتة التي يكنها المعارضون لمشرف – وما أكثرهم – ورغبتهم الدفينة في التشفي فيه والانتقام منه ، فعلى سبيل المثال نشرت الصحف الإحصائيات التالية في أوقات مختلفة :
    * رؤساء استقالوا أو ماتوا أو قتلوا في نفس عمر مشرف ( 64 عاماً ) حين استقال وفي نفس الشهر الذي استقال فيه ( أغسطس ) . وهؤلاء الرؤساء هم :
    1 – الجنزال ضياء الحق ، وقد مات في حادثة طائرة غامض في 17 / 8 / 1988م .
    2 – الرئيس سكندر مرزا .
    3 – الرئيس يحي خان .
    4 – الرئيس فضل إلهي شودري .
    5 – الرئيس برويز مشرف .
    * ثلاثة رؤساء استقالوا وشهد نواز شريف استقالتهم وهم :
    1 – غلام إسحاق خان .
    2 – فاروق لغاري .
    3 – برويز مشرف .
    * من الرؤساء الذين استقالو تحت الضغط الشعبي الرئيس أيوب خان ، وأطول فترة رئاسة كانت لأيوب خان أيضاً ، ثم لضياء الحق ، ثم لبرويز مشرف .
    ولم يتوقف الأمر عند الإحصائيات المحلية فقط ، وإنما تعداه إلى تسقط الإحصائيات الدولية بهذا الخصوص أيضاً ، فنشرت الصحف دراسة ميدانية وإحصائية لمنظمة جالوب الدولية عن فترة حكم برويز مشرف جاء فيها :
    • 63 % من الشعب الباكستاني أظهر فرحة غامرة باستقالة مشرف .
    • 15 % من الشعب الباكستاني أبدى أسفاً للاستقالة .
    • 20 % من الشعب الباكستاني لم يبد فرحة أو حزناً إزاء استقالة برويز مشرف .
    • 65 % من الشعب الباكستاني يؤيدون محاكمة برويز مشرف بتهمة خرق القانون .
    • 26 % من الشعب الباكستاني يؤيدون العفو عن برويز مشرف .
    • 70 % من الشعب الباكستاني رفض شعار ( باكستان أولاً ) الذي أطلقه مشرف .
    • 20 % من الشعب الباكستاني لا يهمه بحال من الأحوال ما يحدث في باكستان ولا ما يجب أن يكون ، وهذه النسبة تشمل الطبقة التي تكاد تعجز عن تدبير لقمة العيش ، والطبقة التي تحتفظ بكل ثرواتها خارج باكستان .
    • في عهد مشرف أصبح 40 % من الشعب الباكستاني يعيش تحت خط الفقر ، ومن هؤلاء 35 % يتراوح دخلها اليومي بين دولار واحد ودولارين ، وهي المرحلة التي يتحول فيها الفقير إلى مريض نفسي .
    ثم تضيف الصحف إلى ما سبق ما هو من إحصائها هي فتعقد مقارنة بين أسعار السلع الضرورية عام 1999م ، أي قبل تولي برويز مشرف السلطة في البلاد ، وعام 2008م ، أي العام الذي تخلى فيه مشرف عن السلطة كالتالي :
    السلعة أسعار 1999م أسعار 2008م
    * الدقيق ( 10 كيلو ) 80 روبية 400 روبية
    * الزيت ( 5 كيلو ) 270 روبية 775 روبية
    * الأرز ( 1 كيلو ) 28 روبية 100 روبية
    * لحم البقر ( 1 كيلو ) 60 روبية 180 روبية
    * اللبن السايب ( 1 لتر ) 16 روبية 40 روبية
    * البنزين ( 1 لتر ) 26 روبية 82 روبية
    * السولار ( 1 لتر ) 11 روبية 67 روبية .
    وتواصل الجرائد إحصائياتها :
    * في عهد مشرف تم لأول مرة إقامة سباق الماراثون مع ما فيه من اختلاط محرم بين الرجال والنساء .
    * في عهد مشرف تم الاحتفال لأول مرة بعيد الحب ( فلنتاين دي ) ، وبلغ عدد الرسائل القصيرة التي تم تبادلها على التليفونات المحمولة ملياري رسالة .
    * في عهد مشرف صدرت الأوامر بإعادة الاحتفال بعيد الربيع والسماح باستخدام الطائرات الورقية في الاحتفال رغم أن المحكمة العليا كانت قد ألغت الاحتفال بهذه الطريقة لما ينتح عنها من ضياع للأرواح وإعاقات وجروح خطيرة بسبب الخيوط المستخدمة في صناعة هذه الطائرات ، بالإضافة لما ينتج عن هذا الاحتفال من صقوط أطفال وكبار من فوق أسطح المنازل خلال عملية تطيير الطائرات ومن حوادث مرورية أليمة بسبب متابعة الأطفال للطائرات التي تنقطع خيوطها وتتهاوى على الأرض وفي الشوارع وغير ذلك من الأسباب .
    * في عهد مشرف لأول مرة يحدث صدام مسلح بين الشعب والجيش .
    * في عهد مشرف ونتيجة لسياساته المنفذة لإرادة أمريكا في محاربة الإرهاب يهتف الناس : يسقط الجيش الباكستاني ، وكانوا من قبل يهتفون : يحيا الجيش الباكستاني .
    * في عهد مشرف تم تعطيل القانون وفرض قانون الطوارئ مرتين .
    * في عهد برويز مشرف ولأول مرة تفوض المحكمة العليا رئيس البلاد في تغيير الدستور .
    * في عهد برويز مشرف ولأول مرة يتم قصف الأطفال والشيوخ والنساء بالإضافة إلى الرجال والشباب بالقنابل في المناطق الشمالية ووزيرستان ووانا وباجور بما زاد من بعد المسافات بين الشعب والجيش وهو ما ترغب فيه أمريكا وإسرائيل .
    * في عهد مشرف تم قصف منطقة بكتي وقتل النواب أكبر بكتي مما زاد في إمكانات الحملات الخارجية على البلاد (5) .
    وغير ذلك من الإحصائيات التي تظهر مشرف في صورة المجرم القاتل والدكتاتور المستبد .
    وبالإضافة إلى ذلك فقد تعرض الرئيس برويز مشرف وحكومته لكثير من النقد والسخرية من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ، حتى أن قناة من قنوات التلفزيون الخاصة بحثت عن شبيه لبرويز مشرف ، وعثرت عليه بالفعل ، وقدمته – ولا تزال – في برامج تسخر من برويز مشرف ، وهذا كله بطبيعة الحال يعطيك فكرة عن مدى الحرية التي تمتعت بها وسائل الإعلام في عهده ، ومن الإنصاف الاعتراف له بذلك .
    ومن النقد اللاذع والسخرية ما ينشر في الصحف ، ونذكر منه :
    1 – ذات مرة لمست يد أحد الأشخاص سلكاً كهربائياً مكشوفاً ، فأمسكت الكهرباء بالرجل ، ولكن فجأة انقطعت الكهرباء ( والكهرباء في باكستان تنقطع في هذه الأيام مالا يقل عن 12 ساعة يومياً في أوقلت متفرقة من اليوم والليلة ) ، فنجا الرجل من الموت ، وحينئذ قام يقول وهو ينفض عن نفسه التراب : يحيا مشرف .
    2 – مندوب مبيعات يعرض على الناس منتجات شركته من الشمبوهات قائلاً : اشتر منتجاتنا واحصل على ما يشبه الدقيق ، ويحيا مشرف ( وفي باكستان أزمة دقيق طاحنة هذه الأيام ) .
    3 – في عام 1998م كان العريس يطالب العروس بأن تقدم له في الجهاز سيارة ومكيف ودي في دي وغيرها من الأجهزة الكهربائية ، والآن أصبح يطالب بالدقيق والسمن ومولد كهربائي ، والفرق واضح ، ويحيا مشرف " .
    4 – قبل سبع سنوات كانت تكلفة مكالمة الموبايل سبع روبيات ، وكان رغيف الخبز بروبيتين ، واليوم أصبح رغيف الخبز بأربع روبيات ومكالمة المحمول بروبيتن ، من يقول إن هناك غلاء . يحيا مشرف .
    5 – كان برويز مشرف يقول لأحد العاملين لديه من البتهان ( صعايدة باكستان ) : لقد أطلقت القوات العسكرية 21 طلقة مدفعية حين ولدت . فتعجب البتهان قائلاً ، وكيف أخطأت هدفها جميعاً ؟! يحيا مشرف .
    6 – من فضلك لا تسب أحداً ولا تشتمه ، فإن هذا يزيد في ذنوبك ، وإذا كنت ستشتم أحداً وتسبه لا محالة فقل له : يا مشرف ، لا أكثر ، وسوف يذوب خجلاً من نفسه ، ويحيا مشرف .
    ومن رسائل المحمول التي كانت تتداول في عهد مشرف :
    7 – أصدرت هيئة البريد الباكستانية طابعا بريدياً يحمل صورة مشرف ، فاحتار الناس عند لصقه على خطاباتهم على أي ناحية من الطابع يبصقون للصقه !!.
    8 – ألقاب :
    * القائد محمد علي جناح : مؤسس الأمة .
    * فاطمة جناح : والدة الأمة ( أم الباكستانيين ) .
    * لياقت علي خان : شهيد الأمة .
    * برويز مشرف : خائن الأمة .
    9 - أعمار بعض رؤساء باكستان عند وفاتهم كانت كالتالي :
    1 – سكندر مرزا : 64 عاماً .
    2 – أيوب خان : 64 عاماً .
    3 – فضل إلهي : 64 عاماً .
    4 – ضياء الحق : 64 عاماً .
    وسوف يكمل برويز مشرف عامه الرابع والستين في أغسطس من هذا العام 2008م ، فهل هناك أمل !! وهل يعيد التاريخ نفسه !!.
    10 – اصطاد أحد الأشخاص سمكة وقال لزوجته أن تطبخها له ، فقالت الزوجة : ليس عندنا دقيق ولا سمن ولا توابل ، فأخذ الرجل السمكة وعاد بها إلى النهر وألقاها فيه ثانية ، فقفزت السمكة من النهر سعيدة وهي تقول : يحيا مشرف .
    كما ظهرت الأشعار التي تتحدث عن خروج مشرف من السلطة على صفحات الجرائد وتبدي سعادتها لذلك ، ونقدم هنا نماذج من هذه الأشعار مع الاعتذار للقارئ نظراً لانحطاط مستواها الفني :
    إنزاح ورحل
    • إنزاح ورحل عهد الدكتاتورية الظالم .. إنزاح ورحل عهد الاستغلال .
    • انتهت لعبة المصلحة الشخصية .. فلقد عرض " الحاوي لعبته ورحل " .
    مظفر وارثي – 19 / 8 / 2008م .
    استقال مشرف
    • لم يعد الرئيس مشرف هو الرئيس مشرف .. وعمت البلاد حالة من الاحتفالات .
    • كم من الأوضاع التي ظهر فيها مشرف .. وفي كل وضع كان يبدو شباباً .
    مظفر وارثي – 20 / 8 / 2008م .
    بعد الاستقالة
    • لقد استقال مشرف في نهاية الأمر .. وكانت عقارب تفكيره قد توقفت عند إعادة القضاة .
    • ورغم براءة جسده من كل ألم .. إلا أن رواحه لا تزال غير مستريحة .
    مظفر وارثي : 22 / 8 / 2008م .
    إعادة القضاة
    • لو كان أعاد القضاة قبل رحيله ... لذهب إلى بيته مستريح البال .
    • ولم تكن الاقتراحات تقدم له واحداً تلو الآخر .. وما كان على رأسه عبء ثقيل .
    مظفر وارثي – 23 / 8 / 2008م .
    المهم لم تترك وسائل الإعلام نقيصة ولا عيباً ولا تهمة إلا وألصقوها ببرويز مشرف ، بل وأخذوا يلمحون إلى رغبتهم الدفينة في موته بعد الفرحة الشديدة باستقالته وذلك بالتذكير بأن هناك عدداً من الرؤساء استقالوا أو ماتوا أو قتلوا في نفس عمر الرئيس برويز مشرف عند استقالته ، وأن شهر أغسطس شهد تخلي اثنين من الرؤساء الباكستانيين المقربين جداً من أمريكا عن الحكم وهما الرئيس الراحل ضياء الحق والرئيس برويز مشرف ، وقد تعاملت أمريكا مع استقالة مشرف ببرود تام مثلما تعاملت مع سابقه يحي خان ، فأدت الشكر له على تعاونه وأوصت الحكومة الباكستانية بحسن التعامل معه ، وفي نفس الوقت أعلنت أنها لا تفكر في منح الرئيس برويز مشرف إقامة في أمريكا . وكأن برويز مشرف اعتلى حكم البلاد في الرابع عشر من أغسطس عام 1947م ، وليس في الثاني عشر من أكتوبر عام 1999م !! مع أنك لو طالعت وسائل الإعلام هذه قبل مشرف وبعد مشرف ستجد نفس العناوين والتهم والجرائم بنفس المستوى وبنفس الطريقة !!. وعلى سبيل المثال مشكلة القضاة الستين الذين عزلهم مشرف في الثالث من نوفمبر عام 2007م عندما فرض حالة الطوارئ لما ازدادت الأمور سوءاً – طبقاً لوجهة نظر مشرف وحقه الدستوري - في البلاد ، هؤلاء القضاة الذين رفضوا حلف اليمين طبقاً لقانون الطوارئ ، ومن بينهم قاضي القضاة افتخار محمد شودري ، هذه المشكلة التي كانت واحدة من أعقد المشاكل التي واجه مشرف بسببها نقداً شديداً ومعارضة أشد ، هذه المشكلة التي احتاجت لكي تحل إلى قيام مسيرة هائلة من كل أنحاء البلاد باتجاه إسلام آباد رغم تنحي مشرف عن السلطة ، ولولا الخوف من توابع هذه المسيرة لما وصلت إلى نهاية منطقية ، ورغم المعاهدات المكتوبة والموقعة بين نواز شريف وزرداري والتي تنص على إعادة هؤلاء القضاة إلى مناصبهم معززين مكرمين خلال أربع وعشرين ساعة من تنحي مشرف ، إلا أن الحكومة تراخت وتراخت في التنفيذ ، ومضت شهور طويلة على استقالة برويز مشرف ، ولم يعد قاض واحد إلى منصبه لا معززاً ولا مكرماً ، اللهم إلا ما قترحته الحكومة بعد انتخاب آصف زرداري رئيساً للبلاد من إعادة حلف اليمين للقضاة المعزولين وكأنهم يعينون من جديد ، وهو ما وافق عليه كثير من القضاة المعزولين وحلفوا اليمين بالفعل ، وكل هذا بغرض تجنب إعادة السيد افتخار تشودري قاضياً للقضاة ثانية نظراً للاختلافات الشديدة له مع حزب الشعب ورئيسه رئيس البلاد آصف زرداري ، حيث أن افتخار تشودهري من القضاة الذين حكموا على آصف زرداري بالسجن في قضايا الفساد التي وجهت إليه في العهود السابقة .
    واستمرت الاختلافات حول موضوع القضاة هذا على أشدها بين الزعماء السياسيين ، هذا الموضوع الذي كان واحداً من النقاط الأساسية في البرامج الانتخابية التي تقدمت بها الأحزاب إلى الشعب ، وحصلت بسببها على أصوات البشر ، والأكثر من ذلك أن هناك أحزاب عارضت أصلاً إعادة هؤلاء القضاة إلى مناصبهم بما فيهم السيد شودري نفسه (6) ، على اعتبار أن هؤلاء أيضاً كانوا قد أدوا اليمين طبقاً لقانون الطوارئ عندما فرضه مشرف للمرة الأولى في البلاد عند توليه السلطة ، وبالتالي فهم ليسوا فوق مستوى الشبهات ، ولا فضل لقاض من هؤلاء على آخر ممن أدوا اليمين طبقاً لطوارئ 3 نوفمبر 2007م ، ولا فرق إلا في التوقيت الزمني ليس إلاّ ، وهو كلام له منطقه أيضاً (7) .
    لقد جاء برويز مشرف إلى سدة الحكم بانقلاب عسكري أبيض على رئيس الوزراء السابق نواز شريف ، وكان السبب في ذلك – كما يذكر برويز مشرف – محاولة اغتيالة بتدبير حادثة للطائرة التي كان يستقلها أثناء عودته من زيارة رسمية خارج البلاد ، بالإضافة إلى الاختلافات السابقة بينه وبين رئيس الوزراء أيام كان قائداً للجيش . يذكر برويز مشرف عن الاختلافات التي كانت بينه باعتباره قائداً عاماً للقوات المسلحة وبين نواز شريف رئيس الوزراء في ذلك الوقت أنها كانت تتركز في التالي :
    1 – عدم تنفيذ برويز مشرف لمطالبة نواز شريف له بعزل اثنين من جنرالات الجيش يشك في ولائهما له ، بينما كان مشرف يرى أن العزل بهذه الطريقة لا يليق بمكانة وكرامة الجيش ، ولا يليق به هو قائداً عاماً لهذا الجيش ، وإنما ينبغ أن تقدم صحيفة الاتهامات لهذين الجنرالين ، ويمنحا فرصة الدفاع عن نفسيهما وتوضيح موقفيهما .
    2 – عدم تنفيذ مشرف لمطالبة رئيس الوزراء بمحاكمة السيد نجم سيتهي مدير صحيفة ( فراي ديز ) الأسبوعية محاكمة عسكرية بسبب اختلافات بين رئيس الوزراء ونجم سيتهي .
    3 - قضية مرتفعات ( كارجل ) الكشميرية التي احتلها الجيش الباكستاني خلال مواجهاته مع الجيش الهندي عام 1999م ، وإصرار نواز شريف على انسحاب الجيش الباكستاني من هذه المرتفعات خضوعاً للضغوط الخارجية وخاصة الأمريكية عليه ، مدعياً أن هذه العملية العسكرية تمت بغير إذنه ودون موافقته ، مما خلق جواً من التوتر بين نواز شريف وقيادات الجيش الباكستاني (8) .

    من هو برويز مشرف ؟
    ولد برويز مشرف في 11 أغسطس عام 1943م بدهلي بالهند في أسرة من الأشراف هاجر الجد الأعلى فيها من الأراضي الحجازية إلى الهند ، وجده الأعلى هو خان بهادر قاضي محيي الدين ، وكان يعمل نائباً لمسئول تحصيل الضرائب في دهلي في زمانه ، وتزوجت آمنة بنت القاضي محيي الدين هذا من سيد شرف الدين الذي هو جد مشرف ، وقد تزوج هذا الجد على زوجته آمنة فرحلت بولديها " سيد مشرف الدين : والد برويز مشرف " و " سيد أشرف الدين " (9) إلى بيت والديها ، وفي هذا البيت ، يعني بيت جد برويز مشرف لأمه ولد مشرف ، وله أخ يكبره بعام واحد هو جاويد ، وأخ يصغره وهو نويد ، وهذه هي أسرة والد برويز مشرف ، وكان والد برويز مشرف يعمل محاسباً بوزارة الخارجية قبل التقسيم ، ثم ارتقى فيما بعد ليصبح مديراً ، وقد توفي هذا الأب بعد تولى برويز مشرف زمام الحكم في باكستان بعدة أشهر ، أما والدته فهي السيدة زرين ، ولا تزال على قيد الحياة حتى تاريخه ، وهي حاصلة على ليسانس الآداب من جامعة دهلي والماجستير من جامعة لكهنو في وقت لم يكن أحد يقبل على تعليم البنات ، وكانت السيدة زرين تعمل مدرسة في إحدى المدارس قبل التقسيم .
    هاجر برويز مشرف مع أسرته إلى كراتشي عند قيام باكستان في أغسطس من عام 1947م وكان عمره لا يتعدى أربع سنوات ، وتسلم والده عمله في وزارة الخارجية ثانية ، بينما عملت السيدة زرين في مصلحة الجمارك . وبعد عامين عين والد برويز مشرف مراقب حسابات في السفارة الباكستانية في تركيا ، وانتقلت الأسرة إلى تركيا بالتبعية حيث عاشت في مدينة أنقرة ، وهناك عملت السيدة زرين في السفارة الباكستانية أيضاً كاتبة على الآلة الكاتبة ، وفي تركيا التحق برويز مشرف بالمدرسة هو وإخوته ، وأجاد التركية ، وبقيت الأسرة هناك لمدة سبع سنوات عادت بعدها إلى كراتشي في أكتوبر من عام 1956م ، وكان عمر مشرف إذ ذاك 13 عشر عاماً ، وتسلم والده عمله في وزارة الخارجية وكان مقرها في ذلك الوقت في مدينة كراتشي التي كانت عاصمة لباكستان منذ قيامها ولفترة تزيد على عشرة أعوام ، أما والدته فقد التحقت بالعمل سكرتيرة للسيد برنك ( Brink ) الألماني مدير مصنع فيلبس للألكترونيات بمرتب جيد ، والتحق برويز مشرف أولاً بمدرسة ماري كولاسو : Mary Colaco بكراتشي ، بينما التحق أخوه الأكبر جاويد – وكان أذكى منه على حد قوله - بمدرسة القديس باتريك : Patrick School بمدينة كراتشي أيضاً ، ثم التحق بعد ذلك بمدرسة أخيه ، ثم التحق برويز مشرف بعد ذلك بكلية " إف . سي : Forman Christian College : فارمن كرستشين كالج " بلاهور ، وقبل أن يتخرج منها كان قد التحق بالأكاديمية العسكرية في كاكول ، ولكنه مع ذلك تخرج في الكلية وحصل على شهادته وإن كان بترتيب ضعيف .
    التحق برويز مشرف بالجيش عام 1961م ، وكان عمره إذ ذاك 18 عاماً ، وتلقى تدريبه الأولي في الأكاديمية العسكرية بكاكول ، وترقى في رتب الجيش إلى أن وصل إلى رتبة جنرال " لواء " في 15 يناير عام 1991م ، ثم رتبة " فريق " في 21 أكتوبر عام 1995م ، وفي 7 أكتوبر عام 1998م عينه نواز شريف رئيس الوزراء في ذلك الوقت قائداً عاماً للقوات المسلحة الباكستانية بعد استقالة الجنرال جهانجير كرامت ، وهو المنصب الذي أقاله منه نواز شريف رئيس الوزراء في ذلك الوقت في الثاني عشر من أكتوبر عام 1999م ، وعين بدلاً منه الجنرال ضياء الدين بت ، وكان برويز مشرف في ذلك الوقت في طريقه إلى باكستان قادماً من سريلانكا ، وهو نفس اليوم الذي حدث فيه الانقلاب العسكري على حكومة نواز شريف المدنية ، وبالتالي لم يستمر عزل برويز مشرف ، وفي حرب باكستان مع الهند عام 1965م كاد برويز مشرف يتعرض لمحاكمة عسكرية بسبب تركه الخدمة دون إذن مسبق ، لكن شفعت له شجاعته الفائقة التي أبداها أثناء الحرب ، وأثناء حرب 1971م مع الهند كان من المقرر أن ينتقل إلى مشرق باكستان قائداً لفرقة عسكرية ، إلا أن تعطل الطيران في ذلك الوقت حال دون ذلك ، ، فبقي في البنجاب ، وفي مايو من عام 1999م بدأت معركة كارجيل المعروفة بين باكستان والهند نشبت على أثرها خلافات حادة بين الحكومة المدنية بقيادة نواز شريف والقوات المسلحة بقيادة برويز مشرف ، وبتدخل من الرئيس الأمريكي جون كلنتن اضطرت القوات المسلحة الباكستانية إلى الانسحاب من مرتفعات كارجيل في 4 من يوليو عام 1999م ، واستقال برويز مشرف من منصب القائد العام للقوات المسلحة الباكستانية في 28 نوفمبر 2007م وسلم قيادة الجيش للجنرال إشفاق كياني الحالي .
    تزوج برويز مشرف في 27 ديسمبر عام 1968م من السيدة صهبا بنت السيد غلام غوث فريد الذي كان يعمل موظفاً مرموقاً بوزارة الإعلام في ذلك الوقت ، وكان برويز مشرف بدرجة نقيب في الجيش ، ورزق من السيدة صهبا بابنته عائله في 18 فبراير 1970م ، وهي الآن زوجة السيد عاصم رضا المخرج المعروف ، ولها منه مريم : 23 يونيه 1997م ، وزينب : 16 يوليو 2000م ، وابنه بلال (10) في 17 أكتوبر 1971م ، وهو الآن متزوج من السيدة إرم وله منها حمزة : 18 سبتمبر 2003م ، وزويا : 31 يوليو 2005م .
    وبعد انقلاب 12 أكتوبر عام 1999م تولى برويز مشرف رئاسة البلاد في 20 يونيو عام 2001م بعد استفتاء عام في البلاد ، ثم شكل حزباً جديداً باسم حزب الرابطة الإسلامية جناح القائد ، وخاض به انتخابات مجلس الشعب والمجالس النيابية ، ونجح هذا الحزب في حكم البلاد ثمانية أعوام متصلة ، وهكذا جمع برويز مشرف في يده أربعة مناصب في وقت واحد هي : " القائد العام القوات المسلحة – القائد الأعلى للقوات المسلحة – الحاكم العسكري – الرئيس " .
    تعرض برويز مشرف لثلاث محاولات اغتيال الأولى في 14 ديسمبر 2003م والثانية في 25 ديسمبر 2003م أيضاً ، والثالثة في 17 يوليو 2007م ، ولكنه نجا منها جميعاً ، وشهد عهده خمسة رؤساء للوزارة هم : مير ظفر الله خان جمالي ، شودري شجاعت حسين ، شوكت عزيز ، محمد ميان سومرو ، ويوسف رضا جيلاني .
    بلغ عدد التهم الموجهة إلى برويز مشرف 20 تهمة منها : الزج بباكستان في حرب الإرهاب تأييداً لأمريكا ، وتخريب المؤسسات الدستورية ، وقتل الجنود بغير وجه حق في حروب لا طائل من ورائها ، وتسليم المواطنين الباكستانيين إلى أمريكا بحجة أنهم من المنتمين إلى تنظيم القاعدة وطالبان ، وعدم السماح للقيادات السياسية بالعودة إلى البلاد من منفاهم ، وتخريب العلاقات مع أفغانستان ، والإساءة إلى قضية كشمير ، وعزل قاضي القضاة إفتخار محمد شودري ، والعملية العسكرية على المسجد الأحمر وجامعة حفصة ، وهي التي قال عنها جملته المشهورة : " وسيكون هذا مصير من يتجرأ على تحدي قانون الدولة " ، وزيادة عدد المفقودين السياسيين ، ومسئوليته عن مقتل ما يقرب من خمسين شخصاً في 12 مايو 2007م في مدينة كراتشي ، وقد قال مشرف في هذا الخصوص جملته المشهور : " لقد رأيتم قوتنا الشعبية اليوم ، وسيكون هذا هو مصير من يتجرأ مستقبلاً على تحدي هذه القوة الشعبية " ، وتعطيل الدستور مرتين آخرها حين فرض قانون الطوارئ في 3 نوفمبر عام 2007م ، وعزل 60 قاضياً من هيئة القضاة ، واعتقال الدكتور عبد القدير خان أبو القنبلة النووية الباكستانية ، وغيرها .
    المهم أن برويز مشرف رحل عن السلطة ، وبقي فترة في مزرعته والتي يبلغ ثمنها 300 مليون دولار بالعاصمة الجميلة إسلام آباد ، ثم رحل إلى شقته الجميلة بالعاصمة البريطانية " لندن " مع أسرته ، ويمارس حياته بشكل عادي ، ويلقي محاضرات في جامعات العالم المختلفة مقابل آلاف من الدولارات ، ورحل رئيس وزرائه شوكت عزيز إلى أمريكا التي يحمل جنسيتها ، وتولى حزب الشعب حكم البلاد ، وانتخب الشعب الباكستاني يوسف رضا جيلاني رئيساً للوزراء ، والسيد آصف زرداري رئيساً للبلاد ، واشتدت الاختلافات بين حزب الشعب وحزب الرابطة فرع نواز ، وانتهي التحالف بين الحزبين ، وانسحب أعضاء حزب نواز من حكومة حزب الشعب الفيدرالية ، وبقيت حكومة حزب نواز في البنجاب ، وازدادت المشاكل والأزمات تعقيداً ، وأخذت الصحف والجرائد والمجلات تردد ما كانت تقوله عن برويز مشرف ثانية ، ولكن هذه المرة عن الحكومة الحالية ، والدائرة تدور ، والشعب الباكستاني يعاني ، ولم يبق لديه من احتياطي العملة الصعبة في البنك المركزي الباكستاني سوى 6 مليار دولار ، وهذه هي الأخرى في تناقص ، ولم يعد أمام الحكومة الباكستانية سوى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للاستدانة منه بشروطه لإنقاذ البلاد من حالة الإفلاس التي تخيم على أجوائها ، ، وبالفعل اقترضت الحكومة الباكستانية من صندوق النقد الدولي ما يقرب من عشرة مليارات من الدولارات ، وأصبح الدين الخارجي على باكستان يفوق 54 ملياراً ، وبرويز مشرف يعلن أنه لن يعود إلى السياسة ثانية ، وأنه يستمتع بحياته الآن وهو يمارس الرياضة المحببة إلى نفسه ويطل على المشهد من بعيد ... ولا يستطيع أحد أن يتوقع ما يمكن أن تأتي به السياسة الباكستانية بعد لحظات وليس بعد أيام وشهور وسنين .
    هوامش
    1 - ألطاف حسين قائد حزب المهاجرين القومي يعيش منذ فترة طويلة في لندن ويوجه حزبه من هناك ، وهو متهم بجرائم قتل وإرهاب ، وكان أعضاء من حزبه يشاركون حكومة مشرف في إقليم السند .
    2 - لأن الحلوى تم توزيعها على الناس ابتهاجاً بالاستقالة .
    3 - بلغ سعر الدولار في هذه الأيام أكثر من 84 روبية ، وفي الأسابيع الماضية وصل إلى 88 روبية .
    4 - بعد اغتيال السيدة بينظير بوتو رئيس حزب الشعب الباكستاني في 27 ديسمبر 2007م تولى ابنها بلاول بوتو زرداري رئاسة الحزب ، وتولى زوجها آصف زرداري منصب نائب رئيس الحزب ، ونظراً لأن بلاول صغير ولا يزال في مراحل التعليم فإن سلطة الحزب الفعلية في يد أبيه آصف زرداري .
    5 - ملحق الأحد ( مجلة الأحد : Sunday Magazine ) لصحيفة ( نوائي وقت : صوت العصر ) الصادر في 2 نوفمبر 2008م .
    6 - من هؤلاء حزب الحركة القومية المتحدة ( Muttahida Qaumi Movement : M.Q.M ) بقيادة أطاف حسين الذي يعيش في لندن منذ سنوات عديدة ، وحزب الشعب الحاكم أيضاً ، وخاصة زرداري نفسه الذي يخشى السيد شودرى ويخافه ، فهو الذي حكم عليه بالسجن في القضايا التي حوكم فيها في باكستان في الفترات السابقة ، وخشي زرداري إن أعاد شودري إلى منصبه قاضياً للقضاة أن يعيد فتح القضايا من جديد ويزج به في السجن مرة أخرى .
    7 - تم بالفعل إعادة هؤلاء القضاة جميعاً إلى مناصبهم في المحاكم الباكستانية مند مارس 2009م ، ولكن ليس برغبة الحكومة ورضاها وإنما رغما عنها وتجنباً لكارثة كبيرة كادت تحل بالبلاد وذلك حين حكمت المحكمة العليا في 25 فبراير 2009م بعدم أهلية نواز شريف ( قائد حزب الرابطة الإسلامية جناح ن ) وأخيه شهباز شريف ( الوزير الأعلى للبنجاب ) لخوض الانتخابات ، وعليه تم حلّ حكومة شهباز شريف ، وسادت الفوضى في البنجاب ، واعتقدت الحكومة أنها بهذا الشكل القانوني تخلصت من عصفورين بقرار واحد ، ولكن الشعب خرج في مسير طويلة باتجاه العاصمة إسلام آباد يقودها نواز شريف في الخامس عشر من مارس 2009م ، وبدأت الصدامات بين الناس والبوليس تأخذ شكلاً درامياً ، مما اضطر الحكومة إلى القبول فوراً وقبل أن تكمل المسيرة ربع الطريق من لاهور إلى إسلام آباد بمطالبات نواز شريف والشعب الباكستاني بعودة القضاة ، والنظر في إلغاء قرار المحكمة العليا بحل حكومة البنجاب لأنها أصلاً لا تملك الصلاحية لإصدار هذا القرار باعتبارها غير دستورية ، وهو ما حدث بالفعل في الأول من أبريل 2009م حيث عادت الأمور إلى وضعها الطبيعي بقرار المحكمة العليا الجديد باإلغاء القرار السابق .
    8 - راجع : برويز مشرف – سب سـ بهلـ باكستان : باكستان أولاً – فيروز سنز – لاهور – باكستان - الطبعة الأردية الأولى 2006م – ص 173 ، 174 ، 175 .
    9 - تخرج هذان من جامعة علي كرهـ الاسلامية المعروفة بالهند .
    10 - كان اسمه في البداية شهريار ، ثم غير برويز مشرف اسمه إلى بلال على اسم أحد أصدقائه وزملائه الذي استشهد أمامه في حرب ديسمبر 1971م .


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية راسخ كشميري
    تاريخ التسجيل
    13/10/2007
    العمر
    42
    المشاركات
    107
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: شاهد عيان يحب باكستان-الفصل الثاني-مجبر أجاك لا بطل-الرئيس الباكستاني السابق برويز مشر

    فترة رئاسته لم تكن مشرفة، ضاع وأضاع باكستان ... قتل ونهب وسلب ثم ولى مدبرا... دكتاتور من الدرجة الأولى، رغم أن في بداية حكمه كان مشرفا بالفعل ... لكن!! وألف قصة وراء لكن...


  3. #3
    رئيس قسم اللغة الأردية بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر فرع البنات بالقاهرة مصر الصورة الرمزية إبراهيم محمد إبراهيم
    تاريخ التسجيل
    16/10/2006
    العمر
    61
    المشاركات
    236
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: شاهد عيان يحب باكستان-الفصل الثاني-مجبر أجاك لا بطل-الرئيس الباكستاني السابق برويز مشر

    أخي العزيز راسخ كشميري
    هكذا التاريخ فترات منها ما هو مشرف ومنها ما هو سوى ذلك والله يحفظ باكستان .


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •