معارض الآثار المصرية في الخارج ما لها و ماعليها


المعارضون لسفر الآثار يرون أن في ذلك إهداراً لكنوز مصر ويخشون من تعرضها للتلف وهم من الشعب, أما المؤيدون فهم المسئولون و علي رأسهم وزير الثقافة فاروق حسني الذي دافع عن المعارض الخارجية أمام لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب فقال : إن قانون الاثار يعطي الحق في إقامة معارض في الخارج للآثار غير المتفردة. واحتج بأن الآثار تعطي صورة حضارية لمصر من خلال المعارض الخارجية. وأكد أهمية العائد من المعارض في دعم ميزانية الدولة وترميم الآثار. ويأتي بعد الوزير الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار الذي يري أن المعارض الأوروبية للآثار المصرية يمكنها حل مشاكل مصر الإقتصادية لولا وجود " الطابور الخامس " في إشارة إلي منتقدي المعارض كما قال في ندوة " ليونز الجيزة "

ورغم أن الحجج تبدو قوية و مقنعة للوهلة الأولي إلا أنها تهتز أمام مخاوف المصريين الغيورين علي تراث مصر و ما خلفه لنا الأسلاف. فقد يكون العائد كبيراً و لكن هل تساوي أموال الدنيا فقد أثر من آثار مصر أو تعرضه للتلف ؟ ولعل أقرب مثل علي تعرض الآثار للتلف ما نشر عن معرض الآثار المصرية ( الفرعون : الإنسان .. الملك الإله ) بالبحرين فرغم التأمين البالغ173 مليون دولاراً علي الآثار فعندما انتقل المعرض من المنامة بالبحرين إلي مدينة فالنسيان الفرنسية اكتشفت خدوش أصابت بعض قطعه عند وصوله إلي فرنسا وطالب المتحف المصري شركة التامين بتعويضات بلغت255 ألف دولار للإهتمام ومراعاة إجراءات النقل في المرات القادمة. ومما يدعو للدهشة ضآلة التعويض بالنسبة إلي مبلغ التأمين فضلاً عن تحقق المخاوف التي يحذر منها المعارضون لفكرة المعارض الخارجية الذين يسميهم الدكتور حواس " الطابور الخامس ". ورغم العدد الكبير من المعارض التي أقيمت في عديد من دول العالم فلم يحل و لو جزء يسير من مشاكل مصر الإقتصادية المزمنة !!


الآثار في دائرة الأخطار

من حقنا أن نخاف علي آثارنا التي تسافر إلي الخارج وذلك لعدة أسباب :


- إمكانية تعرض قطع المعرض المسافرة للضياع بالكامل – لا قدر الله – في حالة تعرض الطائرة الناقلة لحادث و هو أمر وارد بالطبع.
- تعرض الآثار للتلف نتيجة سوء التغليف و التداول و النقل وقد حدث ذلك في معرض البحرين.
- الخوف من تعرض بعض القطع للإستبدال بقطع مزورة فليس للأثر بصمة للتحقق من أن القطعة التي سافرت هي التي عادت خاصة و أن هناك بعض ضعاف النفوس من المسئولين عن الآثار كما جاء في دراسة " جرائم سرقة وتهريب الآثار في مصر " فقد أشار الباحث الدكتور أحمد وهدان المستشار بالمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية إلي أن من أسباب ارتفاع معدلات جرائم السرقة والتهريب فى الآونة الأخيرة بنسبة عالية فساد بعض الموظفين الحكوميين المسئولين عن حماية الآثار، الذين تورطوا بشكل أو بآخر من أشكال النشاط الإجرامى المتصل بسرقة الآثار، نظرًا للأرباح الطائلة التى تدرّها تجارة القطع الأثرية.
- تعرض الآثار للتلف أو السرقة دون الكشف عن ذلك فالموظف المسافر مع المعرض يعد نفسه محظوظاً أن أتيحت له فرصة السفر ولا يريد أن يفقد رضا أصحاب القرار فيعتصم بحكمة القرود " أنا لا أري .. لا أسمع .. لا أتكلم ". و قد يأتي السفر مكافأة للصمت وإذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
- ضياع الأموال التي من أجلها كانت الموافقة على تعرض الآثارلمخاطرالسفر و التي يري الدكتور زاهي حواس أنها يمكن أن تحل مشاكل مصر الإقتصادية !! فقد كشف عن سفر آثارنا إلى كوريا الجنوبية وإيطاليا دون الحصول على المقابل المادي للسفر وتعرض مجلس الآثار للنصب خاصة أنه لم يحصل على خطاب بنكي يضمن الحصول على المستحقات المالية في حالة الإخلال بالسداد. وقد كشف أن رئيس إحدى الشركتين الكوريتين المنظمتين للمعرض سبق أن اجتمع مع الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثاروحصل منه على وعد بعدم إثارة هذا الموضوع مرة أخرى أو اللجوء للتحكيم وهو ما يمثل إهداراً للمال العام . كذلك تقاعس الجانب الإيطالي عن سداد مبلغ 173 مليون ليرة إيطالية, وتم استنفاذ كافة الطرق الودية للحصول على تلك المستحقات المالية ودون جدوى وهو ما أدي إلي اللجوء إلى المحاكم كما حدث في المعرض الكوري !!
تراث مصر ملك لكل أبنائها ومن حق كل مصري أن يخاف علي هذا التراث وأن يفصح عن تلك المخاوف التي تتزايد و تعربد في نفوسنا نتيجة ما نسمع ونقرأ من حوادث الإعتداء علي هذا التراث. فلا تلومونا أو تنعتونا ظلماً بأننا طابور خامس. ومن الخير لمصر أن نتكاتف جميعاً شعباً و حكومة لحماية تراثها.