ثالوث الكيف
القهوة .. الدخان .. الحشيش


وفدت القهوة على المجتمع المصري والإسلامي في السنوات ما بين 900و910هـ. (حوالي نهاية القرن 15 وبداية القرن 16م) ، وكان فقراء (متصوفة) اليمن ومكة والمدينة يشربونها في الجامع الأزهر لتنعشهم وتعينهم على مواصلة الصلوات والذكر.. وقد ثار الجدل بين الفقهاء حول القهوة هل هي حلال أم حرام ؟ وكان السماح ببيعها وتناولها يتوقف دائماً على رغبة ومصالح السلطة الحاكمة. ومن بين صفوف حملة الأقلام كان يتقدم من يسخر قلمه في خدمة ومصالح السلطة الحاكمة فيضع كتابأ يعضد به قرار السلطة مثل كتاب " إثارة النخوة بحل القهوة " لفخر الدين بن أبي بكر بن أبي يزيد . وأصبحت القهوة مشروباً يتناوله الناس كلهم . واستخدمت كلمة القهوة للدلالة على المكان الذي يقدم فيه مشروب القهوة وكانت القهوة تشرب في البيوت وتقدم للضيوف تعبيرأ عن الترحيب بهم.

وبعد القهوة وفد الدخان (التبغ) الذي استعمله الهنود الحمر في المناسبات الدينية، وانتشرت زراعته بالأمريكتين قبل وصول الأوروبيين بزمن طويل ، وكريستوفر كولومبوس هو أول الأوروبيين الذين عرفوه ، وأدخل التبغ إلى أوروبا في عام 1556م واستعمل نباتأ للزينة وللأغراض الطبية ، ولم تنتشر عادة التدخين بأوروبا حتى عام 1586 م . ويذكر " الإسحاقى" أن عادة تدخين التبغ بدأت في الانتشار في مصر بين 1010و 1012هـ. ( 1601، 1603م ) وقد زرع التبغ في مصر سنة 994هـ. (1589م) في عهد ولاية الوالي التركي " عويس باشا " الذي تولى حكم مصر فى عام 1585م وعزل في عام 1590م وقد ثار الجدل أيضاً بين الفقهاء حول التبغ ، هل هو حلال أم حرام ؟ ويقدم أحد حملة الأقلام الإجابة المطلوبة من خلال كتاب وهو كتاب " الجواهر الحسان في حل شرب الدخان " لعيسى الصفتي (توفي 1143هـ.) ويصبح التدخين عادة منتشرة بين كل الناس الرجال والنساء ،و الأغنياء والفقراء ، الحكام والمحكومين . ويمارس الناس التدخين في كل مكان في البيوت والأسواق والدكاكين والحدائق والقهاوي (المقاهي) وتتعدد أشكال أدوات التدخين فهناك الشبك وهو الغليون ذو القصبة الطويلة يحمله الناس معهم أينما ذهبوا ، والنارجيلة ( الجوزة متخذة من ثمرة جوز الهند ) والشيشة (من كلمة شيشة الفارسية بمعنى زجاج) . وفى القهوة يلتقي ثالوث الكيف (القهوة ، الدخان ، والحشيش) ويبدأ الناس في تدخين الحشيش ممزوجا بالتبغ ، ويطلق عليه المصريون " حسن كيف ".

وقد ذكر إدوارد ويليام لين في كتابه " عادات وتقاليد المصريين المحدثين" أن بالقاهرة ما يزيد على ألف قهوة, وأن بعض هذه القهاوي تبيع الحشيش، ويدخن فيها مع التمباك(التبغ العجمي) باستخدام الجوزة .
ويصف " لين " المحششة " حيث يباع الحشيش المعد للتدخين وهو عادة الأوراق الصغيرة بمفردها أو مخلوطة مع التبغ، والمعاجين (المربات) التي تصنع من زهر الحشيش بعد تخليصه من البذور وطحنه وخلطه مع عدة مواد ذات رائحة عطرية، ويذكر أسماء بعض هذه الخلطات مثل " البسط" و شيره" وقد أورد "جون لويس بوركهارت" فى كتابه " الأمثال العربية أو عادات وتقاليد المصريين المحدثين من خلال الأمثال السائرة في القاهرة" هذا المثل : " اخلط الهم بالزبيبة " ثم فسر الزبيبة بأنها خلط من زهرالحشيش والأفيون وعسل النحل وهي مخدرة للغاية وذكر أنها تستعمل بين الطبقات الدنيا والفلاحين ، وذكر أن في الحجاز تخلط زهرة الحشيش مع الزبيب مع التبغ وتدخن هذه الخلطة فى الغليون الفارسي ولعل اسم الزبيبة اشتق من هذه الخلطة (بوركهارت لندن 1875، ص23).

ولاشك أن هذه القهاوي والمحششات كانت تدار تحت سمع وبصر الحاكم وبرضاه ويدعم هذا الرضا الأبحاث والكتب التي تحل ثالوث الكيف .