عباس في ورطة
ج/ الخبر

اتهم محمود عباس أطرافا عربية وإسلامية كانت وراء إرجاء البث في تقرير غولدستن، في جرائم غزة، أمام لجنة حقوق الإنسان الأممية. والدليل على ذلك -حسب المبررات الدامغة التي حاول تقديمها للتملص من التهمة- أن السلطة الفلسطينية ليست عضوا في اللجنة، وبالتالي ليس لها الحق في اتخاذ مثل هذا القرار. كما سارع إلى إصدار أمر رئاسي يقضي بتأسيس لجنة وطنية للتحقيق في ملابسات القضية.
من قال إذن أن عباس هو الذي أمر موفده خريشة باتخاذ قرار الخيانة في حق القضية الفلسطينية؟ يكفي عباس أن يدلّنا على الأطراف العربية والإسلامية التي كانت وراء قرار الإرجاء لأنه لا يمكن أن يقول هكذا ''أطرافا'' دون تعريفها.
قد لا تسكت الكثير من الدول العربية عن تعميم اللبس، وقد لا يكفي أن يتهم مسؤول فلسطيني، في مستوى عباس، التفوّه باتهامات غير مؤسسة.
وقال أمس إسماعيل هنية أن عباس هو الذي أعطى الأوامر لموفده في جنيف.
ونقلت جريدة إسرائيلية عن مصادر فلسطينية ''رفيعة''، أن إسرائيل نفّذت ''مناورة قذرة'' كانت تهدف للكشف عن التفاهمات التي حصلت بين السلطة وإسرائيل وأمريكا، وبهذا الشكل ''ورّطوا أبو مازن''. وأضافت أنه في أعقاب الاتصالات التي جرت بين المندوب الإسرائيلي والأمريكي والفلسطيني، تقرر سحب التقرير، ولكن الوفد الفلسطيني تفاجأ مساء يوم الخميس، بأن سفير إسرائيل في جنيف أعلن أن المندوب الفلسطيني أعلمه بالموافقة الفلسطينية على التأجيل.
وقال المصدر أنه لو تم القرار بموافقة المجموعة العربية والإسلامية، كما تقول السلطة الفلسطينية، لجَرَّ هذا القرار غضبا أقل مما هو عليه الآن على السلطة الفلسطينية، كما أن كافة وسائل الإعلام تُسلط أضواءها الآن على السلطة، والجميع ينظر إليها بصورة سلبية.
وأضاف المسؤول أن خريشة تلقى اتصالات متتالية من مسؤولين فلسطينيين في واشنطن وضغطا عليه للموافقة على تأجيل البحث وسحب التقرير . وقالت المصادر ذاتها، أن صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير والمستشار السياسي للرئيس عباس، نمر حماد، كانا في واشنطن ورضخا لضغوط أمريكية وإسرائيلية كبيرة وطلبا من خريشة الموافقة على تأجيل بحث التقرير. وقيل أيضا أن فياض كان له ضلع في القضية... وأن تهديدات الإسرائيليين تتمحور في تورط عباس في حرب غزة ومشروع الهاتف النقال وغيرها...
هذه جلها مادة دسمة قابلة للطعن، لكنها مكّنت إسرائيل التي كانت في فكّ عفريت من التملص لتورّط عباس وتضع القضية الفلسطينية مما تحمله من تضحيات الأوفياء في مهب الرياح.