وصف صناعة أواني الخزف الصينية : ( من كتاب الجماهر في معرفة الجواهر للبيروني )


" وسمعت في ( الأواني ) الصينية الخاصة أنهم إذا أتموا تهيئة المروة والتي لهم منها أفضل مما لغيرهم ، وقد وصفوها بشفاف كشفاف البلور طرحوها . في أوعية معمولة من جلود الجواميس ، وأخذ الفعلة دوسها بالأرجل وهي رطبة كل واحد مدة معلومة ثم ينقلها عند تمام المدة إلي صاحبه الذي يليه فيأخذ هو في مثله وتدور النوبة بالعمل والراحة فيما بينهم والغرض منها أنها لا تتعطل لحظة من الدوس فإنها تجمد وتفسد . وهكذا إلي أن تصير كما يراد لزجة متمددة كالعجين وتعجن بكلس الرصاص القلعي المحرق – وربما يعمل منه القصاع فإذا يبست أشرب ظواهرها وبواطنها ذلك الكلس وأدخلت الأتون – وذكر وينال الصابئ : أن هذه القصاع يرتفع الفائق منها من بلد ( ينكجوة ) من بلدانهم وزاد بعض المخبرين عنها أنه إذا بلغ غايته أدخلوه في حياض ويديمون تحريكه بالأقدام من عشر سنين إلي مائة وخمسين، يتوارثونه، وربما مكث أربعمائة سنة، وأنها تكون كالزجاج إذا انكسرت ذوبوها وأعادوا صنعتها – وقيل إن خير الغضائر الصينية المشمشية اللون الرقيقة الجرم الصافية ذات الطين الحاد الممتد بالنقر ثم الملمع ، وربما بلغت قيمة الواحد منها عشرة دنانير، وكان لي بالري صديق من الباعة أصبهاني أضافني في داره فرأيت جميـع ما فيهـا من القصاع والأسكرجات ( للخل ) والنوفلات والطباق والأكواز والمشارب حتى الأباريق والطسوس والمحارض من ( أوعية الحرض وهو الأشنان ) والمنارات ( الشماعد ) والمسارج وسائر الأدوات كلها من خزف صيني ، فتعجبت من همته في ذلك التجمل " .

ويعلق الدكتور ب . سرجنت في كتابه عن الخزف علي هذا الوصف بقوله " ولا يكاد يكون هنالك شك في أن هذا الوصف للآنية الصينية وصف صادق في جوهره " كذلك يصفه بأنه " أغزر المقالات وأهمها عن صناعة الخزف الصيني " .