تركستان الشرقية والصرح الحضاري

(محمود بيومي)
(1)
القسم الأول
10/2/1426
20/03/2005
يبدو أن الأمة الإسلامية قد أرهقتها المشكلات وتكاثرت عليها المحن.. فتناسىالمسلمون العديد من القضايا المهمة.. ومن القضايا التي تناساها المسلمون .. قضيةشعب تركستان الشرقية المسلمة.. التي تاهت وضاعت وسط الكيان الصيني .. حيث قامتالصين بطمس كافة المعالم التاريخية لهذه الدولة المسلمة.. واعتبرتها مقاطعة صينيةأطلقت عليها اسم مقاطعة " شينكيانج " ومعناها " الأرض الجديدة " .. دون أن يعترضالعالم الإسلامي أو يتنبّه إلى خطورة ما حدث وما يحدث لهذه الدولة المسلمة.
فالشعب المسلم في تركستان الشرقية .. يعاني من الاضطهاد، ويتعرّض لمؤامرةكبرى لتذويب كيانه المسلم .. فقد تعرّضت تركستان الشرقيّة المسلمة لجميع الممارساتاللاأخلاقية التي استهدفت القضاء على هويّة الشعب المسلم هناك .. فقامت الصينبإنشاء معسكرات جمعت فيها الشباب والفتيات من أبناء المسلمين.. لإشاعة الرذائلبينهم والنيل من القيم الأخلاقية التي تنادي بها تعاليم الدين الإسلاميالحنيف..وحين اعترض المسلمون على هذه الممارسات .. قامت السلطات الصينية بقتل (360) ألف مسلم من خيرة الشباب المثقف .. وقد سجل التاريخ التركستاني أسماء العديد منالشهداء أمثال: عبد الرحيم عيسى، وعبد الرحيم سيري، وعبد العزيز قاري وغيرهم .

تغيير المعالم
قامت سلطات الاحتلال الصيني بتغيير المعالم الثقافيةوالقومية وكافة مرتكزات البنيان الاجتماعي لتركستان الشرقية .. وعملت على تنحيةالعقيدة الإسلامية، ومحو الشخصية الإسلامية لشعب مسلم يضم أكثر من عشرين مليون نسمةمن المسلمين.
إن قضية هذه الدولة المسلمة وهذا الشعب المسلم .. الذي يجاهدوحده للحفاظ على هويّته العقائدية وكيان دولته المسلمة .. في حاجة ماسّة إلى جهودالمسلمين ومؤسّساتهم التثقيفية والإعلامية .. لتعريف كافة شعوب العالم، وشعوب الأمةالإسلامية بأبعاد قضية تركستان الشرقيّة .. وكيف آلت إلى مصيرها هذا وسط صمت إسلاميعجيب!
لقد تلاشت دولة تركستان الشرقية من الوجود السياسي .. فإذا نظرت إلىخريطة قارة آسيا.. فلن تجد دولة اسمها تركستان الشرقية .. وإنما تجد مقاطعة فيالنطاق الصيني اسمها " شينكيانج " وتعتبر تركستان الشرقية من أهم المواقعالاستراتيجية في قارة آسيا .. وقد ظلت تركستان المسلمة موضع نزاع بين روسيا والصينعبر المراحل التاريخية المختلفة .. حتى تم اقتسام منطقة تركستان بينهما .. فحصلتروسيا على تركستان الغربية – التي ضمت الجمهوريات الإسلامية التي حصلت علىاستقلالها بعد تفككك الاتحاد السوفيتي – وحصلت الصين على تركستان الشرقية.
تبلغ مساحة تركستان الشرقية( مليون و828 ألف و418) كيلومتراً مربعاً .. أيأنها أكبر مساحة من باكستان وأكبر من مساحة تركيا.. ويبلغ عدد سكانها أكثر من عشرينمليون نسمة غالبتهم العظمى من المسلمين.. وعاصمتها هي مدينة "كاشغر" التي فتحهاقتيبة بن مسلم الباهلي .. وكان علم هذه الدولة علماً إسلامياً لونه أزرق يتوسطهالهلال والنجمة تأكيداً على إسلامية هذه الدولة.

قامت السلطات الصينيةبتقسيم تركستان الشرقية إلى عدة مناطق منذ عام 1945 ميلادية .. وقامت بتغيير اسمهاوأسماء العديد من المدن والقرى إلى أسماء صينية .. كما بدأت الهجرات الصينيةالمنظمة إلى تركستان الشرقية .. بهدف إذابة الكيان الإسلامي داخل الكيان الصيني .. كما تم إغلاق المساجد والمدارس الإسلامية.. بينما وُضعت المساجد التي سمح بافتتاحهاتحت رقابة صينية مشددة.

ثورة المسلمين
لم تهدأ ثائرة الشعب المسلمفي تركستان الشرقية طوال فترة الاحتلال الصيني لوطنهم .. فقد سجّل التاريخ العديدمن الثورات الإسلامية التحرّرية التي قام بها أبناء تركستان الشرقية.. فبعد احتلالالصين لتركستان الشرقية في عام 1760 ميلادية .. قامت هناك ثورة إسلامية في عام 1863ميلادية استطاعت تحرير تركستان الشرقية .. وتولى حكم هذه الدولة الإسلامية المستقلةفي هذا الوقت " يعقوب خان با دولت " الذي أعلن مبايعته للخليفة العثماني " السلطانعبد العزيز خان".
لكن السياسة الروسية والصينية .. قد اتفقتا على ضرورةالقضاء على هذه الدولة المسلمة التي حصلت على استقلالها بعد جهاد مرير..وذلكلمعارضتهما وجود أي كيان إسلامي سياسي في هذه المنطقة من قارة آسيا.. فقامت الصينباحتلال تركستان الشرقية مرة أخرى بعد (13) عاماً فقط من هذا الاستقلال.
الصرح الحضاري

لقد ساهم شعب تركستان الشرقية في بناء صرح الحضارةالإنسانية العالمية منذ أقدم الفترات التاريخية .. فيرجع إلى هذا الشعب الفضل في اختراع حروف الطباعة من الخشب، وقاموا بطبع العديد من الكتب في مختلف المعارف والعلوم.. ذلك قبل أن تعرف ألمانيا هذا الاختراع..فقد أثبتت الحفريات التي قام بهاالمستشرق الأثري " فون لي كوك" بمدينة"طورفان " صحّة ذلك.
كما عرف شع بتركستان الشرقية "التصوير الملون" منذ أقدم الفترات التاريخية .. في الوقت الذي عرفت فيه أوروبا هذا النوع من التصوير منذ وقت قريب.. كما أن خوف ملوك الصين من شعب تركستان الشرقية هو الذي دعاهم إلى بناء سور الصين العظيم.
تقول المصادرالتاريخية لتركستان الشرقية: إنهم عرفوا الإسلام منذ عهد معاوية رضي الله عنه .. وقد أدى اعتناق حاكمها "عبد الكريم صادق بوغرا خان" للإسلام .. إلى دفع مسيرة المدالإسلامي هناك منذ عام 960 ميلادية .. حيث حملوا لواء الدعوة الإسلامية إلى الصينوإلى مناطق متعددة في قارة آسيا .. كما عرفوا اللغة العربية واستخدموا حروفها فيكتابة لغتهم.

القضية الشائكة
قضية تركستان الشرقية ليست منالمشكلات الداخلية في النطاق الصيني التي لا يجوز التدخل فيها .. فتركستان الشرقيةدولة إسلامية خالصة وقعت تحت الاحتلال الصيني وليست مقاطعة صينية .. كما أن قضيةهذا الشعب المسلم ليست قضية من قضايا الأقليات المسلمة بأي حال من الأحوال.
الشعب المسلم في تركستان الشرقية .. يسعى للتخلص والتحرّر من فك الشيوعيةالمفترس .. ويصرّ أبناء هذا الشعب على تقديم التضحيات وتتويج الجهاد بدماء الشهداء .. حيث قدّم أكثر من مليون شهيد في ساحة الجهاد الإسلامي .. وكما حصلت تركستانالغربية على حريتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي .. فإن تركستان الشرقية توأمتركستان الغربية تتوق إلى التحرّر .. وما زالت لدى المسلمين هناك بارقة أمل وبقاياثقة في العالم الإسلامي أن يؤيد جهاده ويبارك خطاه الساعية إلى التحرر .. لتعودتركستان الشرقية – من جديد – دولة إسلامية.

جبهات الجهاد

تأسّست في تركستان الشرقية .. جبهات لمقاومة الاحتلال .. وكان نصيب الجهاد في تركستان أوفر فيتحقيق انتصارات طيبة وتخليص البلاد من الاحتلال وإعلان الاستقلال .. حيث اندلعت فيتركستان الشرقية ثورة إسلامية في عام 1931 ميلادية .. حررت أغلب أراضي تركستان الشرقية .. وأعلنت الدولة الإسلامية المستقلة في عام 1933 ميلادية.. وأصبحت مدينة " كاشغر" عاصمة لهذه الدولة .. لكن التعاون الصيني الروسي قضى على هذه الثورة وعلى هذه الدولة.
كما قامت ثورة إسلامية أخرى في تركستان الشرقية في عام 1944ميلادية استطاعتتحرير ولاية " تادبا غاتاي" وولاية "التاي"، وقد أُقيمت فيهما دولةتركستان الشرقيّة ..التي اتخذت من مدينة " إيلي " عاصمة لها .. وقد سعت هذه الدولة؟إلى تحرير باقي أراضي تركستان الشرقية من الاحتلال الصيني .. لولا التحالف الصيني الروسي الذي قضى على هذه الدولة.

رغم ذلك فقضية الشعب المسلم في تركستانالشرقية لم تجد التأييد الإسلامي أو محاولة إثارة قضية هذا الشعب حتى في المحافل الدولية ..

ونتيجة لسلبية العالم الإسلامي، وعدم اهتمام المسلمين بدعم قضية شعب تركستان الشرقية المسلم .. ظلت هذه القضية الإسلامية المهمة .. محدودة الأفق محصورة في حيز ضيّق لا تستطيع من خلاله أن تمر من عنق الزجاجة الصيني إلى الآفاق العالمية أو الإسلامية على حدّ سواء.

التحرك الإسلامي الشعبي
والتحرك الإسلامي الشعبي تجاه قضية شعب تركستان الشرقية.. يتلخص في أنرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة تقدمت بمذكرة لمؤتمر القمة الإسلامي الذي عُقد في مكة المكرمة عام 1401 هجرية جاء بها: " أنه نتيجة تحسين نظرة حكومة الصينالشعبية للمسلمين.. تطالب رابطة العالم الإسلامي الحكومات الإسلامية بالقيام بمساعلدى الصين الشعبية لتحقيق المزيد من الحرية الدينية للمسلمين في تركستان الشرقية .. هذا بالنسبة للدول التي لها علاقات بالصين .. وإرسال الوفود الإسلامية بصورةمتواصلة لتركستان ومحاولة إيجاد بعض المؤسسات الإسلامية الثقافية وتقديم المساعداتالثقافية".
وفي أبريل 1984 ميلادية .. وجّه الشيخ "طيار آلتي قولاج" رئيس الشؤون الدينية في تركيا – في هذا الوقت – الدعوة إلى أمين عام رابطة العالمالإسلامي في هذا الوقت – الدكتور عبد الله عمر نصيف – لزيارة تركيا .. وهناك التقى بالمجاهد التركستاني "عيسي آلب كين" رئيس وزراء تركستان الشرقية – السابق – والذي استطاع أن يلجأ إلى تركيا .. حيث شرح له قضية بلاده وجهود المسلمين المبذولة لمجرداسترداد اسم دولتهم "تركستان الشرقية" بدلاً من الاسم الصيني "شينجيانج" الذي أُطلق بمعرفة الصين على هذه الدولة المسلمة.



القسم الثاني

18/2/1426
28/03/2005

محمود بيومي
لقد عالجت الأمةالإسلامية العديد من قضاياها بالصراخ الإعلامي ! ولكن قضية تركستان الشرقية قدافتقدت مجرّد هذه المعالجات الهشّة .. وفي ظل الغياب الإسلامي استطاعت الصين أنتسلب وطناً إسلامياً وتعزل شعباً مسلماً عن أمته الإسلامية .. وهذا أمر لا يمكنالسكوت عليه وإنما يتطلب أن ترفع بشأنه رايات الجهاد الإسلامي في كافة المجالات .

الإخلال بالخريطة العقائدية
مرّت بالمسلمين في تركستان الشرقيةمراحل قاسية من الاضطهاد .. حيث تدفقت إلى أراضيها موجات متلاحقة من الهجراتالصينية للإخلال بالخريطة العقائدية من ناحية والإخلال بالخريطة البشرية من ناحيةأخرى .. بهدف تحويل المسلمين هناك إلى أقلية واستغلال ثروات هذا الشعب المسلم .. وكما قامت روسيا القيصرية بابتلاع تركستان الغربية وامتصاص خيراتها .. فعلت الصينبتركستان الشرقية التي تعتبر كنزاً كبيراً لما يتوفر بأراضيها من ثراء معدني .
تبلغ أنواع المعادن الموجودة في تركستان الشرقية 121 نوعاً .. فهناك 56منجماً من الذهب وهناك النفط واليورانيوم والحديد والرصاص .. أما الملح فهناك مخزنطبيعي يكفي احتياجات العالم لمدة عشرة قرون مقبلة .. علاوة على الثروات الزراعيةوالحيوانية والرعوية .. حيث بلغت أنواع الحيوانات 44 نوعاً.
إن أهل تركستانالشرقية ينتمون إلى أصل عرقي واحد .. ولهم تاريخ وحضارة بشرية واحدة .. فتركستان " اسم جامع لجميع بلاد الترك " – كما يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان – المجلدالثاني ص 23 – كما أن " كاشغر" هي قاعدة تركستان وأهلها مسلمون .. لذا فإن تركستاندولة إسلامية خالصة منذ أن تعرّف أهلها على الإسلام في نهاية القرن الأول الهجري .
ومنطقة تركستان الشرقية تقع في شمالي الصين الغربي .. أي تقع في أواسط آسياالوسطى .. وهي دولة متعددة القوميات يقيم بها أبناء قوميات: " الإيغور والقازاقوالهوي والقرغيز والتاجيك والتتار والأوزبك " ـ الذين يعتنقون الدين الإسلامي ـبالإضافة إلى قوميتي " هان" و " المغول " .. وتحتل القومية " الأيغورية " المكانةالأولى .. إذ بلغ عددهم وفقاً للإحصائيات المسجلة في عام 1972 ميلادية خمسة ملايينو949 ألف و655 نسمة .
وكل المسلمين في تركستان الشرقية سنيون أحناف .. وقدعرف الإسلام هناك ـ على وجه التحديد ـ في عام 96 هجرية .. وازدادت قوته وانتشرانتشاراً واسعاً بعد اعتناق " سلطان ستوق بوغرا عبد الكريم خان " الإسلام .. حيثاعتنقه سراً في بداية الأمر ثم أعلن إسلامه .. ونشر الإسلام في ربوع تركستانالشرقية في أواسط القرن الرابع من الهجرة .. وبدأ الناس يدخلون في دين الله أفواجاًيدفعهم الحماس الشديد لهذا الدين الحنيف .
إن الأراضي التي تقع في آسياالوسطى ويقطنها الأتراك .. وتسميها كل من الصين وروسيا بأسماء مختلفة حسب أهوائهماالسياسية .. هي نفس البلاد التي تسمي تركستان في المصادر الإسلامية .. وسكان تلكالأراضي هم من الأتراك المسلمين الذين كان لهم دوراً بارزا في تاريخ وحضارة الإسلام .. وهم جزء من الأمة الإسلامية .. التي اشترك التركستانيون في بناء كيانها الماضيوالحاضر .. وإن حجبتهم الظروف المعاصرة عن المساهمة الفعلية في الوقت الحالي .
ونظراً لأن سياسة "الأمر الواقع" قد جعلت من تركستان الشرقية جزءاً منأراضي الصين .. فإن التناول لهذا الموضوع ـ من خلال استعراض بعض الوثائق الصينية ـليس إقراراً بالتبعية السياسية لتركستان الشرقية للصين ـ بالقدر الذي يسلط دوائرالضوء على دور تركستان الشرقية في نشر الإسلام في الصين .. وعلاقة المسلمين في هذهالدولة المسلمة بسكان الصين منذ أقدم الفترات التاريخية .


لقاء مع قادةالعمل الإسلامي

كانت أول مرة أتعرّف فيها ـ بطريقة مباشرة ـ على أحوال المسلمين في تركستان الشرقية وسائر بلاد الصين .. عندما التقيت ـ في أواخر عام 1982ميلادية ـ بعدد من قادة العمل الإسلامي هناك .. منهم الشيخ نعمان ماشيان نائب رئيس الجمعية الإسلامية في بكين .. والشيخ سليمان قونج نائب أمين عام هذه الجمعية والشيخ المولا حسن شرف جان إمام مسجد شينجيانج ـ تركستان الشرقية ـ و تو تيكل الأستاذ بالمعهد المركزي للقوميات في بكين والشيخ صادق ون هو دينج مدير الشئون الخارجية للجمعية الإسلامية في بكين .
أما قبل هذا التاريخ .. فكنت أكتب عن المسلمين في تركستان الشرقية وفي الصين من خلف السور العظيم .. حيث لا يستطيع أي كاتب أنيزعم أن ما كتب هو الحقيقة .. فقد كنا نتسابق للوصول إلى أقرب شيء من واقع ما يصل إلينا من معلومات تتسرب عبر سور الصين العظيم .. ذلك السور الذي وقعت خلفه أكبرالجرائم ضد المسلمين .. وبعد لقاء قادة العمل الإسلامي هناك والحوار معهم وجهاً لوجه .. ومن أهم ثماره الحصول على معلومات من مصادرها الأصلية .. وإن كانت مغلّفة بغلاف من الحذر السياسي البالغ .
تكررت لقاءاتي بكبار رجال الدعوة الإسلامية هناك .. حيث التقيت بالشيخ إلياس شن شيا شن رئيس الجمعية الإسلامية فيبكين ومدير المعهد الإسلامي هناك .. والشيخ محمد حنفي مدير الشئون الإسلامية والشيخ محمد سعيد ما يون فو وهم الآن من كبار المسئولين في قطاع العمل الدعوي الذي تمارسهالجمعية الإسلامية في بكين .
عندما سألت الشيخ إلياس شن شيا شن رئيس الجمعية الإسلامية في بكين ـ في هذا الوقت ـ عن تاريخ الإسلام في بلاده قال : " دخلالإسلام إلى الصين في أواسط القرن السابع الميلادي .. وتوجد الآن عشر أقليات قوميةتعتنق الإسلام هي : هوي ـ الأويغور ـ القارغيز ـ التاجيك ـ التتار ـ الأوزبك وغيرهم .. وهؤلاء موزعون في تركستان الشرقية وقانسو ونيغيشيا وتشينغهاي في شمال غربي الصينبصورة رئيسية .. بجانب عدد ليس بالقليل من المسلمين " الهويين " ينتشرون في العديدمن المدن والقرى .
كان رئيس الجمعية الإسلامية في بكين يتحدث إلي بلغة صينية .. يتولى ترجمتها لي بلغة عربية ضعيفة للغاية الشيخ محمد سعيد ما يون فو .. الذي واصل الحديث عن التاريخ الإسلامي لبلاده فقال : لقد وصل الإسلام إلي الصين عنطريق الفتح الإسلامي ـ لمقاطعة ـ تركستان الشرقية ـ وعن طريق الدعوة الإسلامية فيالمناطق الداخلية .. وعن طريق الدعوة والتجارة ـ معاًـ في المناطق الساحلية .. حيثحمل التجار العرب أخبار الإسلام إلي المواني الصينية منذ بداية عهدها .. فتأسست فيالمواني جاليات مسلمة منذ وقت مبكر .
وأضاف الشيخ محمد سعيد : إن علاقةالعرب بأهل الصين علاقة تاريخية معروفة من قبل ظهور الإسلام .. وقد أثبت التاريخ الإسلامي في بلادنا .. أن فتوحات المسلمين بقيادة القائد المسلم " قتيبة بن مسلمالباهلي " قد بلغت تركستان الشرقية ـ أي الحدود الغربية للصين ـ قبل أن ينتهي القرنالهجري الأول .. وكان للتجار العرب دوراً كبيراً في نشر الإسلام .. حيث عرف هؤلاءالتجار " طريق الحرير " المشهور في التاريخ في منطقة آسيا الوسطى ـ حيث تولى قتيبةبن مسلم الباهلي أمر " خراسان " في عام 88 هجرية ووصلت فتوحاته إلى كاشغر في تركستان الشرقية عام 96 هجرية وطريق الحرير بوادي فرغانة ـ
وقال : كما عرف الإسلام في شرق الصين منذ عام 31 هجرية ـ في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ـ وقدبلغ عدد البعثات الإسلامية التي جاءت إلى بلادنا منذ هذا التاريخ وحتى عام 184هجرية 28 بعثة إسلامية .. وقد اهتمت هذه البعثات بالدعوة والتعليم الإسلامي .. كمااهتم المسلمون بإنشاء المساجد التيكانت جوامع وجامعات إسلامية مفتوحة أمام طلابالعالم الإسلامي .
لقد أسس المسلمون في تركستان الشرقية العديد من المساجد منذ عام 96 هجرية .. ولكنها اندثرت مع الأيام حيث كانت هذه المساجد مشيّدة وفقاًللعمارة الإسلامية البسيطة على النحو الذي شيّدت به مساجد المدينة المنورة في السنوات الأولى من الهجرة النبوية الشريفة .
أما المسجد الأثري الذي بُني في تركستان الشرقية وما زال قائماً حتى اليوم .. فهو مسجد "سلطان ستوق" الذي يرجعتاريخه إلى القرن الرابع الهجري بعد أن أسلم السلطان ستوق عبد الكريم .. ويتسع هذاالمسجد لثلاثة آلاف مصل ـ وفقاً لتقرير الشيخ محمد صالح مدير المعهد الإسلامي في "أورومجي" بتركستان الشرقية .
إن الإسلام في تركستان الشرقية .. قد أسس حضارة إسلامية راقية .. تمثلت في بناء العديد من المساجد في العديد من المدن والقرى في تركستان الشرقية .. والتي أدت دوراً متميزاً في نشر التعليم الإسلامي ونشرالمفاهيم اِلإسلامية الصحيحة بين المسلمين هناك .. إلى جانب الدور البارز فيالتعريف بهدايات وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف .. مما كان له أثره في جذب عدد لابأس به من أتباع الديانات الأخرى لاعتناق الإسلام .
وبالرغم من تعددالقوميات الإسلامية هناك .. فقد انصهرت كل هذه القوميات في بوتقة واحدة هي القوميةالإسلامية باعتبار أن الإسلام هو قومية جميع المسلمين .. كما تأسست في تركستانالشرقية أعرق المدارس الإسلامية التي التزمت بتدريس المناهج الدعوية والتربويةالأصيلة .. حيث عثر هناك على مدوّنات تناولت أسماء هذه المدارس وأسماء المعلمينالذين تولوا مهام الدعوة والتعليم .. وقد توافد على هذه المدارس طلاب العلم في كافة أنحاء تركستان الشرقية وبعض المناطق الصينية .

كما عرف عن المسلمين فيتركستان الشرقية .. حرصهم البالغ على تأدية مناسك الحج منذ تعرفوا على الإسلام .. وقد تخصص عدد من دعاة الإسلام في نقل الحجاج إلى بيت الله الحرام .. منهم الشيخ "جهنو" الذي بدأ رحلاته لأداء شعيرة الحج مع إخوانه من مسلمي تركستان الشرقيةوالمناطق الصينية المجاورة لها منذ عام 837 هجرية .
وتوجد في تركستان الشرقية العديد من المساجد التي تحمل أسماء : " الحنين إلى النبي" ـ صلي الله عليهوسلم ـ و" ذكرى النبي" والتي تخرج منها وفود الحجيج .. كما اشتهر الشيخ "تيمور خان" بتنظيمه لرحلات الحج للمسلمين الجدد .. حيث اعتنق الإسلام على يديه 160 ألف نسمة وأدى فريضة الحج منهم عدد كبير .


المصدر: الإسلام اليوم