Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
علماء مغاربة ذوو أصول أندلسية

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: علماء مغاربة ذوو أصول أندلسية

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    أستاذ جامعي الصورة الرمزية جمال الأحمر
    تاريخ التسجيل
    10/07/2008
    المشاركات
    1,626
    معدل تقييم المستوى
    17

    علماء مغاربة ذوو أصول أندلسية

    علماء مغاربة ذوو أصول أندلسية



    إعداد:

    جمال بن عمار الأحمر




    1- الـمِنْتَوْرِي (ت834هـ)
    هو الإمام العلامة المقرئ، الـمُسند الفقيه، أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن علي بن عبد الملك بن عبد الله القيسي الـمِنْتَوري، ولا يعرف أهي نسبة إلى «حصن منتور من عمل قرطبة»، أم إلى حصن «المنتوري» القريب من «فنيانه» على الحدود بين إقليم غرناطة وإقليم ألمرية، وأغلب الظن أن فقيهنا من هذا الموقع.
    ولد المنتوري في أوائل شهر ربيع الثاني من عام واحد وستين وسبعمائة(761هـ) بمدينة غرناطة مهد العلم والعرفان، ونشأ داخل أسرة عرفت بالخير والصلاح والفضل، مما ساعد على توجهه العلمي وتكوينه الديني.
    أقبل ـ رحمه الله ـ منذ طفولته على التعلم والتفقه، وقد روى خلال حياته العلمية عن عدد من الشيوخ في المغرب والمشرق سمَّـاهم وعرف بهم في آخر برنامجه الذي يدل ـ مع مؤلفاته الأخرى ـ على ما حاز من مشاركة علمية وحقق من ثقافة موسوعية، أما تكوينه الحقيقي فقد تم على يد شيوخه المغاربة والأندلسيين؛ فقد درس القراءات والنحو واللغة والفقه والحديث والتوحيد والتصوف على شيخ غرناطة وكبير مفتيها أبي سعيد فرج بن لب، وروى عنه كتبا عديدة في العلوم المذكورة وغيرها، وذلك في المدرسة النصرية اليوسفية، وهي مذكورة في برنامجه، كما أخذ عن إمام الأئمة في إقراء القرآن أبي عبد الله محمد بن محمد بن علي القيجاطي وتأثّر به تأثرا بالغا ترك أثره الكبير في حياته العلمية، وللمنتوري شيوخ مغاربة لقي بعضهم في غرناطة ورحل إلى فاس للأخذ عن بعضهم الآخر نظرا لعلو أسانيدهم وسعة مروياتهم، من بينهم: المقرئ أبو الحجاج يوسف بن علي بن عبد الواحد المكناسي، وأبو عبد الله محمد بن محمد المعروف بابن عدل الكناني السبتي، وأبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن الأشهب، وغيرهم من الأعلام البارزين في زمانه.
    وقد نوّه العلماء بالمكانة العظيمة التي احتلها هذا الإمام بين علماء زمانه؛ فقال عنه قرينه الشيخ المسند يحيى السرّاج: «صاحبنا الفقيه، القاضي النزيه، الأستاذ المحقق الحافظ»، وقال عنه ابن القاضي: «العالم الأستاذ الرُّحلة، المحدّث المتفنن، شيخ الجماعة»، واستدعي المنتوري ـ رحمه الله ـ لولاية القضاء، ولا توجد إشارات تخبر أين كانت هذه الولاية ولا كيف كانت، ويبدو كذلك أنه باشر التوثيق فالمصادر تشير إلى أنّه ألّف في الموضوع كتابا سمّاه: «الرائق في نصوص الوثائق»، واشتغل ـ رحمه الله ـ بالتأليف فترك تراثا نافعا أفنى فيه زهرة عمره، وهذا بعض ما وصلنا منها: كتاب برنامج رواياته، كتاب شرح رجز أبي الحسن بن بري، كتاب ري الظمآن في عدد آي القرآن، كتاب المقطوعات الشعرية في الوصايا والمواعظ.
    امتد العمر بمُتَرْجَـمنا إلى أن بلغ ثلاثا وسبعين سنة، فوافته المنية في رابع ذي الحجة من عام أربعة وثلاثين وثمانمائة (834هـ).
    مصادر ترجمته: فهرسة المنتوري (مخطوط)، درة الحجال في أسماء الرجال، لابن القاضي(2/287)، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، لأحمد بابا التنبكتي (495) ، فهرس الفهارس والأثبات، لعبد الحي الكتاني (2/564)، مقال بعنوان من أعلام أواسط العصر الغرناطي:المنتوري، لمحمد بنشريفة.
    تاريخ النشر : 26-12-2008
    http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=1201&S=13




    2- عبد الواحد ابن عاشر الفاسي (ت 1040هـ)
    هو الإمام، العالم العلامة، الورع الناسك، أبو محمد عبد الواحد بن أحمد بن علي ابن عاشر الأنصاري نسباً، الأندلسي أصلاً، الفاسي منشأ وداراً، المعروف بابن عاشر الفاسي، وهو من حفدة الشيخ الشهير أبي العباس ابن عاشر السلاوي (ت765هـ).
    ولد بمدينة فاس عام 990هـ/1582م، وسكن بدار أسلافه الكبرى بحومة درب الطويل من فاس القرويين. بدأ تحصيل علومه بحفظ القرآن الكريم، فقرأه على يد الشيخ أبي العباس أحمد بن عثمان اللمطي، وأخذ القراءات السبع على يد الشيخ أبي العباس الكفيف، ثم على الشيخ أبي عبد الله محمد الشريف التلمساني(ت1052هـ)، كما أخذ الفقه عن جماعة من شيوخ عصره، أمثال: أبي العباس ابن القاضي المكناسي(ت1025هـ)، وابن عمه أبي القاسم، وابن أبي النعيم الغساني، وقاضي الجماعة بفاس علي بن عمران، وأبي عبد الله الهواري، وقرأ الحديث على العلامة محمد الجنان(ت1050هـ)، وعلى أبي علي الحسن البطيوي، وكان يتردد على الزاوية البكرية، فأخذ عن علمائها المبرزين، وحضر مجالس محمد بن أبي بكر الدلائي(ت1046هـ) في التفسير والحديث.
    وبعد أن تضلع مترجمنا في عدد من العلوم رحل إلى المشرق، فأخذ عن الشيخ سالم السنهوري(ت1015هـ)، وعن الإمام المحدث أبي عبد الله العزي، وعن الشيخ بركات الحطاب، وغيرهم، وحجّ سنة (1008هـ)، فالتقى بالشيخ عبد الله الدنوشري، وأخذ التصوف عن العالم العارف ابن عزيز التجيبي (ت1022هـ)، وعلى يده فُتِحَ عليه بسعة العلم والعمل.
    ولابن عاشر رحمه الله مشاركة قوية في جل الفنون، وتبحر في عدد من العلوم، خصوصاً علم القراءات، والرسم، والضبط، والنحو، والإعراب، وعلم الكلام، والأصول، والفقه، والتوقيت، والتعديل، والحساب، والفرائض، والمنطق، والبيان، والعروض، والطب، وغيرها، وتذكر المصادر أنه تولى التدريس، والخطابة، وتشير إلى إقبال الطلبة عليه، ومن أبرزهم: أبو عبد الله محمد بن أحمد ميارة (ت1072هـ)، وأحمد بن محمد الزموري الفاسي(ت1057هـ)، ومحمد الزوين (ت1040هـ)، وعبد القادر الفاسي (ت1091هـ)، والقاضي محمد بن سودة (ت1076هـ)، وغيرهم.
    ومن أخلاقه رحمه الله التي اشتهر بها: الورع، والزهد، والاعتكاف، والجهاد، والتواضع، وحسن الخلق، وكان لا يأكل إلا من عمل يده، مثابراً على التعليم، كثير الإنصاف في المباحثة، وكانت له سلاسة في التعبير، وحسن العرض لدروسه في القرويين، ومن أقواله المأثورة في الإجازة:«لو لم يجيزوا إلا لمن أتقن ما بلغنا شيء»، وقوله في تلاوة القرآن للميت:«قراءة الحزابين عذر في التخلف عن الجنائز».
    وعبارات العلماء في الثناء على مترجمنا كثيرة، منها قول أبي عبد الله الكتاني في سلوة الأنفاس:«الشيخ الإمام الكبير، العالم العلامة الشهير، الحجة المشارك، الورع الناسك، الخطيب المقرئ المجاهد، الحاج الأبر الزاهد، شيخ الجماعة بفاس ونواحيها».
    ألف الشيخ ابن عاشر رحمه الله تآليف عديدة نافعة، في غاية التحرير والإتقان، بلغت أربعة عشر كتاباً، كان أهمها وأشهرها نظمه في قواعد الإسلام الخمس ومبادئ التصوف، الذي سماه:«المرشد المعين على الضروري من علوم الدين»، وبه اشتهر وعرف، داخل المغرب وخارجه، فاعتنى به الناس حفظا، وشرحا، وتعليقا، وختما، ومن تآليفه أيضاً:«شرح مورد الظمآن في علم رسم القرآن»، و«شرح على مختصر خليل، من النكاح إلى العلم»، و«رسالة في عمل الربع المجيب»، و«تقييد على العقيدة الكبرى للسنوسي»، وغيرها.
    توفي ابن عاشر رحمه الله عن عمر يناهز الخمسين سنة، إثر إصابته بمرض مفاجئ يسمى على لسان العامة بـ:«النقطة»، وهو داء عصبي يؤدي إلى الشلل الكلي، وقيل: مات مسموماً بسبب سم وضع له في نوار الياسمين، وذلك يوم الخميس 3 ذي الحجة عام 1040هـ/الموافق لـ 3 يوليوز 1631م، ودفن من الغد بأعلى مطرح الجنة، بقرب مصلى باب فتوح بفاس، وبني عليه قوس معروف غرب روضة يوسف الفاسي، بجوار السادات المنجريين.
    مصادر ترجمته:
    الدر الثمين والمورد المعين لمحمد ميارة:(3)،
    صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر للصغير الإفراني:(124)،
    نشر المثاني للقادري:(1/283)،
    التقاط الدرر للقادري:(91)،
    شجرة النور الزكية لمخلوف:(299)،
    الفكر السامي:(2/327)،
    سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس لأبي عبد الله الكتاني:(2/310-312)
    ، معلمة المغرب:(17/5837-5838).
    تاريخ النشر : 02-04-2009
    http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=1576&S=7




    3- ابن بشكوال (تـ 578هـ)
    الإمام الحافظ، المتقن الحجّة، الناقد المجوّد، المؤرّخ الفقيه، محدّث الأندلس وراويتها: أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى الأنصاري الخزرجي، الأندلسي القرطبي، المالكي، المعروف بابن بشكوال.
    ولد في قرطبة يوم الإثنين ثالث ذي الحجة سنة أربع وتسعين وأربعمائة(494هـ) في بيت علم وفضل، وكان والده من أهل الفقه والقراءات، كما أن أخاه الأصغر كان من أهل الرواية والفقه أيضا. وكعادة أهل بلده توجّه إلى طلب العلم في قرطبة وإشبيلية ولم يرحل من الأندلس، لكنه تحمّل عن جماعة من أهل المشرق بالإجازة، حتى بلغ عدد من تلقى عنه نحو المائة، ومن أشهر شيوخه بالسماع: المحدّث الكبير الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتّاب القرطبي (تـ520هـ)، والإمام الفقيه قاضي القضاة أبو الوليد محمد بن أحمد بن رُشد القرطبي (تـ520هـ)، والإمام الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري الإشبيلي (تـ543هـ). ومن أشهر شيوخه بالإجازة: الإمام الحافظ الكبير أبو عليّ الحسين بن محمد بن فيرُّه بن سُكَّرة الصدفي السّرقسطي (تـ514هـ)، والإمام الحافظ الناقد أبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن عطيّة المُحاربي الغرناطي (تـ518هـ)،والإمام الحافظ الفقيه المسند أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني السِّلَفي (تـ576هـ)، وغيرهم من الأعلام البارزين ممن جمعهم في معجم شيوخه بقي اسمه وضاع رسمه.
    وقد ولي ابن بشكوال لشيخه أبي بكر بن العربي قضاء بعض جهات إشبيلية، وعقد الشروط بقرطبة، ثم تفرغ لنشر العلم، وتلقى عنه عدد كبير لا يكادون يُحصون؛ قال ابن الأبار: «والرواة عنه ـ لعلو الإسناد وسَعَة المسموع ـ لا يُحصون كثرة»، فمن أشهرهم: الإمام البارع الحافظ عالم الأندلس أبو بكر محمد بن خير الإشبيلي المتوفى قبل شيخه ابن بشكوال سنة (575هـ)، والإمام الحافظ الفقيه أبو محمد عبد الله بن سليمان بن داود الأنصاري البلنسي الأُندي المعروف بابن حَوْط الله (تـ612هـ)، والعالم المحدّث الراوية أبو الحسين أحمد بن محمد الأنصاري الإشبيلي المعروف بابن السّرّاج (تـ657هـ)، وهو آخر من روى بالسماع عن ابن بشكوال.
    وقد أشاد الأئمة بمنزلة ابن بشكوال العالية، وأثنوا عليه ثناءً حسنا، وحسْبُنا من ذلك قول ابن الأبار: «وعُمِّر طويلا، فرحل الناس إليه، وأخذوا عنه، وانتفعوا به، ورغبوا فيه، وحدثنا عنه جماعة من شيوخنا الجلة، ووصفوه بصلاح الدِّخْلة، وسلامة الباطن، وصحة التواضع، وصدق الصبر للراحلين إليه، ولين الجانب».
    ترك ـ رحمه الله ـ تراثاً علميا غنيّاً يدل على إمامته وحفظه واتّساع روايته، وعامة تآليفه في علم الحديث وتراجم الرجال؛ ومـمـا طبع منها: الصلة، الغوامض والمبهمات، أخبار ابن وهب، أخبار أبي وهب الزاهد، القُرْبَة إلى رب العالمين بالصلاة على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، المستغيثين بالله تعالى عند المهمات والحاجات والمتضرعين إليه سبحانه بالرغبات والدعوات وما يسّر الله الكريم لهم من الإجابات والكرامات، الآثار المروية في فضل الأطعمة السرية والآلات العطرية، الذيل على جزء بقي بن مخلد في الحوض والكوثر.
    وبعد حياة حافلة بالجدّ والعطاء توفي ابن بشكوال رحمه الله تعالى، وذلك في بلده قرطبة ليلة الأربعاء لثمان خلون من شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة (578هـ)، وله ثلاث وثمانون سنة، ودفن بمقبرة قرطبة بقرب قبر الإمام الفقيه يحيى بن يحيى الليثي تلميذ الإمام مالك عليهم رحمة الله أجمعين.
    مصادر ترجمته: التكملة لابن الأبار (1/248-250)، المعجم لابن الأبار (82-85)وفيات الأعيان لابن خِلِّكان (2/240-241)، السير (21/139-143).
    تاريخ النشر : 30-01-2009
    http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=1352&S=8




    4- محمد العابد الفاسي (ت1395هـ/1975م)
    هو العالم العامل والفقيه العابد والباحث النبيه، أبو عبد الله محمد العابد بن عبد الله الفاسي الفهري، من سلالة العلامة أبي السعود عبد القادر الفاسي، وجَدِّه أبي المحاسن يوسف الفاسي، دفينَيْ فاس الشهيرين، يرجع أصلهم إلى عائلة بني الجد الأندلسية، وأولهم هجرة إلى المغرب أبو زيد عبد الرحمن بن أبي بكر سنة 885هـ.
    ولد يوم السبت 21 شعبان سنة 1320هـ/1902م، وتربى في حَجر والده العالم أبي محمد عبد الله الفاسي (ت1348هـ/1930م)، وعلى يديه نشأ وترعرع وأخذ مبادئ العلوم، فحفظ القرآن على النمط المعروف، ثم سَمَتْ هِمَّتُهُ إلى مواصلة التحصيل العلمي فحضر حلقات التدريس بجامعة القرويين وأخذ عن حفاظ الوقت كالشيخ أحمد بن محمد الخياط الزُّكَاري(ت1343هـ)، وأحمد بن المامون البُلْغِيثِي(ت1348هـ)، وعبد الله بن إدريس الفْضِيلي(ت1363هـ)، والحافظ أبي شعيب الدكالي(ت1399هـ)، وغيرهم من أعلام العصر، وحصل على إجازات بما أخذه عنهم، كما أجازه آخرون إجازة عامة كالعلامة محمد بن جعفر الكتاني لما قدم فاس سنة 1345هـ/1926م.
    وفي سنة 1351هـ/1932م توجه العابد الفاسي إلى المشرق لأداء فريضة الحج، ولم تكن هذه الرحلة لتمر دون زيارة الحواضر العلمية ولقاء مشايخها؛ فدخل دمشق وبيروت والقاهرة، وحضر حلقات الدروس العلمية، وحصل على إجازات عامة، وأجازه كذلك بعض الأشياخ من طرابلس الغرب والعراق لقيهم بالحرمين الشريفين، وقد سطّر ذلك في الرحلة الحجازية، التي وصف فيها ما عاينه وشاهده.
    وأثناء رجوعه إلى المغرب عرَّج على باريس حيث كانت له اتصلات مع بعض رواد الحركة الطلابية، التي شكَّلت النواة الأولى للحركة الوطنية فساهم في إرساء دعامها إلى جانب ابن عمه المرحوم علال الفاسي(ت1394هـ).
    شغل المترجم عدة مناصب بدأها كاتبا بمحكمة أحواز فاس عام1351هـ/1932م، ثم اشتغل بالتعليم الحر ما بين 1355 -1361هـ /1936م -1942م، ثم تولى نظارة أوقاف زاوية الشيخ عبد القادر الفاسي، وفي سنة 1362هـ/1943م عينته وزارة الأوقاف مع رفيقه في البحث المؤرخ عبد السلام بن سودة باحثا ومنقبا في الكتب المتلاشية بخزانة القرويين، ثم نائبا لقيم الخزانة عام 1371هـ/1951م، ثم محافظا لها عام 1376هـ/1956م، كما عُيِّن أستاذا للتعليم العالي بكلية الآداب بفاس عام 1382هـ/1962م، فدرس مواد التشريع الإسلامي، وفقه اللغة، والبلاغة، والعروض، وكذلك تولى التدريس بكلية الشريعة بفاس من 1963م إلى 1973م، فدرّس الفكر الإسلامي، والنظم الإسلامية، والدين والمذاهب، والحديث، وعلم الاجتماع.
    ودرّس بدار الحديث الحسنية بالرباط من 1965م إلى 1973م طبقات رواة الحديث، ومناهج إسناده، وتراجم أئمته، إلى غير ذلك من المناصب التي شغلها.
    ونظرا لما يتحلى به المترجم من سعة اطلاع، إلى ما جُبِلَ عليه من كريم الصفات؛ اتسعت دائرة علاقاته مع أهل عصره، جسدتها تلك الرسائل المتبادلة بينه وبينهم، يُثْنُون عليه فيها، ويُحَلُّونَه بأحسن الأوصاف؛ من ذلك رسالة العلامة محمد المختار السوسي يقول فيها:«الأخ العلامة الكبير سيدي العابد الفاسي»، ومن هذا الثناء أيضا قول صديقه المؤرخ عبد السلام بن سودة: «العالم المطلع البحاثة النقاد».
    وُلِعَ المترجم بالتأليف منذ سن مبكرة، فألف تآليف كثيرة نشر بعضها، وأغلبها ما زال مخطوطا، فمن كتبه المنشورة «روضة الأمنية والأماني في مطلوبية القيام عند ذكر ولادة المصطفى للتعظيم والتهاني»، و«الخزانة العلمية بالمغرب» ألّفه بمناسبة عيد جامعة القرويين سنة 1380هـ/1960م.
    ومن آثاره المخطوطة «تاريخ آل الفاسي»، في عدة مجلدات، و كتاب «ذكرى الوزير أبي محمد عبد الله الفاسي» عرّف فيه بوالده وذكر الحوادث التي كانت في زمنه مما يفيد المؤرخ كثيرا، وله كذلك تأليف رَدَّ فيه على الشيخ محمد عبد الحي الكتاني في رسالته «التنويه والإشادة بمقام رواية ابن سعادة» الذي جعله مقدمة لنسخة من صحيح البخاري برواية ابن سعادة، و«الرحلة الحجازية»، ويبقى الفهرس الوصفي لمخطوطات خزانة القرويين أعظم تآليف العلامة العابد الفاسي، وأغزرها فائدة، وقد نُشِرَ بعد وفاته في أربعة أجزاء، هذا بالإضافة إلى عدة مقالات وأبحاث نشرت في مختلف المجلات المغربية والمشرقية.
    وبعد حياة حافلة بالعطاء العلمي توفي رحمه الله يوم يوم الجمعة 2 ذي الحجة عام 1395هـ/ 5دجنبر 1975م بالدار البيضاء، ونقل إلى فاس في نفس اليوم، ودُفِنَ بضريح جده أبي المحاسن يوسف الفاسي رحمهم الله جميعا.
    المصادر: الترجمة التي عملها ابنه محمد الفاسي الفهري في مقدمة فهرس مخطوطات خزانة القرويين (1/5) فما بعدها، التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين (2/425)، إتحاف المطالع (2/627)، سل النصال (ص220)، معلمة المغرب (19/6401).
    تاريخ النشر : 06-07-2009
    http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=1937&S=4




    5- محمد التاودي بنسودة (ت 1209هـ/1795م)»
    هو أبو عبد الله محمد التاوُدي بن الطالب بن محمد بن علي بن سُودة-بضم السين وفتحها- الُمرِّي القرشي النجار، الغرناطي الأصل، ثم الفاسي المنشأ والدار، فقيه المالكية، وشيخ الجماعة بفاس، المعروف بالتاوُدي، نسبة إلى تاؤُدة قرية من أقاليم فاس، صار أهل المغرب عامة وأهل فاس خاصة يلقِّبون بها أبناءهم، تيمناً بولي الله محمد التاودي دفين فاس.
    ولد بفاس سنة 1111هـ/1700م، وبها نشأ وترعرع وسط أسرة ابن سودة، وهي من أعرق البيوتات العربية بفاس، ينتسبون إلى بني مُرّة القرشيين، وأصل هذا الفرع من دمشق الشام، ثم استوطنوا إقليمي إلبيرة ورَيّة من الأندلس، إلى أن هاجروا إلى فاس في القرن الهجري الثامن ، فنبغ أفرادها، وكان منهم قضاة، وأئمة، وخطباء.
    بدأ أبو عبد الله تحصيله للعلم بأخذ علوم وقته عن شيوخ بلده أمثال: الشيخ أحمد بن جلون، والشيخ أحمد السجلماسي اللمطي، والشيخ محمد بن الكندوز، والشيخ محمد التماق، والشيخ بوجيدة الزموري، وغيرهم، وأخذ في رحلته إلى الحج عام (1191هـ) عن غير واحد من علماء المشرق ، فاستفاد منهم، وأفادهم، مثل الشيخ السّمان، والشيخ مرتضى الحسيني.
    كان رحمه الله مقدماً في كثير من علوم الشريعة، محققا لها، متضلعا فيها، لا سيَّما التفسير، والحديث، والفقه، والأصول ،والتصوف، والكلام، والمنطق، وتخرج على يديه علماء أجلاء، كولده الشيخ أحمد، والشيخ الحسن الجنوي، والشيخ أحمد الملوي، والشيخ الطيب بن كيران، وغيرهم.
    وبذلك صار شيخ مشايخ المغرب جملة، ومجدد سند التعليم في القرن الثاني عشر الهجري، بالغ التأثير في مجتمعه، نبيل الخصال، يقول صاحب سلوة الأنفاس:«كان مجتهداً في العبادة، حسن الخلق، محباً لآل البيت، شديد الاعتناء بأمور الناس، رقيق القلب، كثير البكاء غزير العبرة». درات عليه الفتوى في نوازل الدين والدنيا، بل إن السلطان سيدي محمد بن عبد الله كان يستفتيه ويستشيره، وكان له الفضل في الإفتاء بتنصيب المولى سليمان في ظل القلاقل التي عاشها المغرب بعد وفاة أبيه .
    ألف أبو عبد الله تآليف عديدة منها: «زاد المجد الساري وهو حاشية على البخاري في أربعة أجزاء»، و«حاشية على شرح الزرقاني لمختصر خليل، سماها: طالع الأماني»، و«شرح على التحفة لابن عاصم»، و«شرح الزقاقية»، و«شرح الأربعين النووية»، و«شرح جامع الشيخ خليل»، وغير ذلك.
    توفي رحمه الله يوم الخميس 19ذي الحجة 1209هـ/7يوليوز 1795م.
    سلوة الأنفاس (1/118-120)، إتحاف المُطالع (1/78-79)، الاستقصا للناصري (7/127)، معلمة المغرب:(15/5161-5162)، موسوعة أعلام المغرب،:(7/2453-2454)،الأعلام (6/62).
    تاريخ النشر : 02-09-2008
    http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=708&S=11




    6- بَرَكَة التطواني
    علي بن محمد بن محمد بن بركة، أبو الحسن التطواني الأندلسي، ولد بتطوان، وعاش بها في النصف الثاني من القرن الحادي عشر، وبها تلقى دراسته الأولى، ويعتبر الربع الأخير من القرن الحادي عشر زمن قوة الشيخ علي بركة، وفيه كان نشاطه وانكبابه على التحصيل والتعليم والإرشاد والكتابة والتأليف، وقد أخذ العلم بتطوان عن والده محمد بن محمد بركة، ثم انتقل لفاس للأخذ عن كبار علمائها أمثال؛ الشيخ عبد القادر الفاسي الذي أجاز له إجازة عامة، وأخذ كذلك عن أبي علي اليوسي، وأبي عبد الله محمد بن عبد القادر الفاسي وغيرهم، وبعد أن فرغ من الدراسة بفاس رجع إلى بلده تطوان، فتصدر للتعليم والتدريس، وكان له فيها صيت كبير، وذكر شهير، حيث درس مع الطلاب علوم مختلفة، كالأصول، والنحو، والحديث، والفقه، كما عقد مجالس للوعظ والإرشاد للعموم، وبفضله انتشر العلم في تطوان، وتخرّج على يديه عدد وافر من العلماء من داخل المدينة وخارجها، كان من أهمهم: الشاعر المغربي محمد بن زاكور الذي قصد تطوان للدراسة على الشيخ علي بركة، وأبو عبد الله محمد بن عبد السلام بناني، وأبو الحسن علي مندوصة الأندلسي، ومحمد بن الطيب العلمي وغيرهم، ولا شك أنه أخذ عن بعض علماء المشرق أثناء رحلته إلى الحج.
    وتفيدنا المصادر أن الشيخ تصدى للتدريس بجامع السوق الفوقي، و كان خطيبا به، وطبقت شهرته مدينة تطوان ونواحيها، وأثنى عليه الناس، ومن ذلك قول تلميذه محمد الطيب العلمي في كتابه الأنيس المطرب: «هو عالم تطوان وإمامها وبركتها، قطب رحاها، وشمس ضحاها، الشيخ الإمام العلامة الصالح...».
    ترك الشيخ علي بركة مجموعة من المصنفات، منها: حاشية على شرح المكودي، وشرح الأجرومية، وهما معا في علم النحو، وله حاشية على شرح الرسالة لابن أبي زيد القيرواني ، ويذكر مؤرخ تطوان الأستاذ محمد داود أن له تأليفاً في مناسك الحج، يوجد بحوزته. وتأليفا فيما يخاطب به الإنسان، من الإسلام والإيمان والإحسان، وله تقاييد علمية كثيرة في مسائل مختلفة.
    عاش رحمه الله في كنف العلم والتعليم والصلاح والتقوى، إلى أن اختاره الله لجواره عام عشرين ومائة وألف (1120هـ)، ودفن قرب مسجده حيث بنيت بعد دفنه زاويته المشهورة المجاورة لمسجد السوق الفوقي، وهي المعروفة في تطوان بزاوية سيدي بركة.
    المصادر: تاريخ تطوان (1/347ـ383).
    الأعلام للزركلي (5/14ـ15).
    معلمة المغرب (4/1186ـ1187).
    تاريخ النشر : 26-03-2008
    http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=260&S=10




    7- ابن الفرضي (تـ403هـ)
    هو الحافظ الإمام الحجة عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي القرطبي، يكنى أبا الوليد ويعرف بابن الفرضي، نسبة إلى أبيه الذي تتلمذ على حباب بن عبادة الفرضي حتى اشتهر به فنسب ابنه إليه، كان مولده في ذي القعدة سنة 351هـ، وإن كانت المصادر لم تتحدث عن أسرته ونشأته، فيمكن القول إنه نشأ في أسرة لها عناية بالعلم، ودراية بالفقه، فوالده كان من أهل الفرائض والحساب، فكان أول من لقنه مبادئ العلوم، ثم بعد ذلك قدمه للسماع على الشيوخ فكان بدء سماعه سنة 366هـ، أي عندما كان عمره خمس عشرة سنة كما أفاد عن نفسه في تاريخه.
    أخذ ابن الفرضي عن شيوخ بلده أمثال: أبي محمد عبد الله بن قاسم بن سليمان الثَّغري، وأبي جعفر أحمد بن عون الله القرطبي، ومحمد بن أحمد بن يحيى بن مُفَرِّج القاضي، وأبي زكرياء يحيى بن مالك بن عائذ، ثم تاقت نفسه إلى الرحلة لأخذ العلم وتوسيع المدارك، فأخذ بالقيروان عن أبي الحسن علي بن محمد القابسي، وأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، وبمصر عن أحمد بن محمد بن إسماعيل البنّا المهندس، وأبي محمد الحسن بن إسماعيل الضرّاب، والحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي، وبمكة عن أحمد بن عمر الزجاج القاضي، وأبي يعقوب يوسف بن أحمد الدخيل الصيدلاني المكي، وأبي القاسم عبيد الله بن محمد السقطي البغدادي وغيرهم. وقد كانت لهذه الرحلة العلمية فوائد جعلته يُنَوع علومه، ويُنمي معارفه ويأخذ بالحظ الأوفر منها، لاسيما علم التاريخ والتراجم الذي بلغ فيهما شأوا كبيرا، وكذلك علا كعبه في علم الحديث، وعلم اللغة والأدب، وهذه المؤهلات العلمية التي توفرت فيه جعلت الطلبة يفدون عليه، ويتسابقون في الأخذ عنه، فتخرج على يديه حفاظ كبار أثْرَوا المكتبة الإسلامية بمعارفهم وعلومهم منهم: أبو مروان حيان بن خلف بن حيان الأندلسي مؤرخ الأندلس، والحفاظ: أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي، وأبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال القرطبي، وأبو عمر يوسف بن عبد البر النمري وغيرهم كثير، وهذا ما أهله أيضا لتولي مختلف المناصب، فتولى قراءة كتب الفتوح الواردة على الخليفة بالمسجد الجامع بقرطبة، ثم بعد ذلك ولاه محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب بالمهدي قضاء بلنسية، ولم تسعف المصادر في معرفة مدة مكوثه بهذا المنصب، وسيرته فيه.
    ولما كان ابن الفرضي بهذه المنزلة فلا غَرْوَ أن يحليه العلماء بأحلى الأوصاف الدالة على علوّ مرتبته، وسموّ مكانته، فقد قال فيه الحميدي صاحب «جذوة المقتبس» ونقل قولته ابن عميرة الضبي صاحب «بغية الملتمس»: «كان حافظا متقنا عالما، ذا حظ من الأدب وافرٍ»، وقال فيه تلميذه وقرينه أبو عمر ابن عبد البر كما نقل ذلك عنه ابن بشكوال في «الصلة»: «كان فقيها عالما في جميع فنون العلم؛ في الحديث، وعلم الرجال، وله تواليف حسان، وكان صاحبي ونظيري، أخذت معه عن أكثر شيوخه، وأدرك من الشيوخ ما لم أدركه أنا، كان بيني وبينه في السن نحو من خمسَ عشْرة سنة، صحبته قديما وحديثا، وكان حسن الصحبة والمعاشرة، حسن اللقاء».
    سبقت الإشارة إلى أن ابن الفرضي أخذ علوما متنوعة، وقد تجلى هذا في تصانيفه البديعة، التي ضاع بعضها بسبب الظروف السياسية التي كانت تعيشها الأندلس في تلك الفترة، وكتب لبعضها البقاء، ومن مؤلفاته المشتهرة كتاب «تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس»، الذي دارت في فلكه مجموعة من التصانيف ما بين ذيل واستدراك، وكتاب «الألقاب»، و«المتشابه في أسماء الرواة وكناهم وأنسابهم» وغير ذلك من المؤلفات.
    توفي رحمه الله رحمة واسعة شهيدا في فتنة دخول البربر قرطبة سنة 403هـ، ويحكى أنه لما احتضر، كان يردد هذا الحديث: «لاَ يُكْلمُ أحدٌ في سبيل الله ـ والله أعلمُ بمن يُكلمُ في سبيله ـ إلا جاء يوم القيامة وجُرْحُه يَثْعَبُ دما، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، والرِّيحُ رِيحُ المسكِ»، كأنه يعيده على نفسه.
    المصادر: جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس(ص:237-239)، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (1/470-471) بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس(334-336)، الصلة(1/246-250)، تذكرة الحفاظ(3/1076-1078)، الديباج المذهب (1/398)، أبو الوليد ابن الفرضي القرطبي حياته وآثاره العلمية(الجزء الأول).
    تاريخ النشر : 15-01-2009
    http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=1285&S=13




    8- ابن الحَذَّاء القرطبي(ت416هـ)
    هو الحافظ المحدث، والفقيه الكبير، والخطيب المفَوَّهُ، أبو عبد الله محمد بن يحيى بن محمد بن داود التميمي الأندلسي يعرف بابن الحَذَّاء، من أسرة علمية عريقة عرفت بالعلم والنباهة. ولد في المحرم من سنة (347هـ) بقرطبة عاصمة العلم والخلافة، وتردد على حلقات الشيوخ، فأخذ عن أبي بكر محمد بن يبقى بن زَرب (ت381هـ) الذي استَخَصَّهُ منذ صغره وتفقه عنده، وأبي بكر محمد بن عمر ابن القُوطِية(ت367هـ)، وأبي محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي(ت392هـ)، ورحل إلى المشرق فدخل القيروان، وأخذ بها عن أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني (ت386هـ)، وبمصر عن أبي الطاهر محمد بن محمد الذهلي (ت367هـ)، وأبي القاسم الجوهري (ت381هـ)، وبمكة عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم البلخي كان حيا سنة (373هـ)، وغيرهم.
    وبعدما استكمل رحلة الأخذ والتلقي عن الشيوخ، تصدى للتعليم وغدا مدرسةً يقصدها الطلبة من كل الآفاق، فدرَّس بقرطبة، ومدينة سالم، وسرقُسطة، وكانت جل حلقاته في الحديث؛ متونه ورجاله، وتخرج على يديه عدد من الحفاظ أمثال حافظ الأندلس أبي عمر يوسف بن عبد البر (ت463هـ)، وأبي مروان عبد الملك بن إسماعيل بن فورْتش (ت437هـ) وولديه أبي عمر أحمد (ت467هـ)، وأبي محمد عبد الله (ت436هـ) ابنا الحَذَّاء، وجماعة آخرين.
    وإلى جانب مهمة التدريس شغَل المترجَم منصب القضاء ببجّانة، ثم إشبيلية، وأخيرا بتُطِيلَة، وكان مع ذلك في عداد المشاوَرين بقرطبة، وتولى أيضا خِطة الوثائق السلطانية، وبعد هذا، فلا عجب أن يُحلي العلماء ابنَ الحذاء بأسمى عبارات المدح والثناء، ويشهدوا له بالحفظ والفقه والإتقان وحسن السلوك، فقد نقل القاضي عياض عن ابن عفيف أنه أثنى عليه بقوله:«كان أبو عبد الله هذا فقيها، عالما، يقظا، متفننا في الآداب، حافظا للرأي، مميزا للحديث ورجاله، بصيرا بالوثائق... وغلب عليه الحديث فَبَذَّ في علومه أهلَ زمانه»، وقال أبو علي الغساني:«كان أبو عبد الله ابن الحذَّاء أحد رجال الأندلس فقها، وعلما، ونباهة، متفننا في العلوم، يقظا؛ ممن عني بالآثار، وأتقن حملها، وميَّز طرقها وعللها، وكان حافظا للفقه، بصيرا بالأحكام إلا أن علم الأثر كان أغلبَ عليه».
    ألف أبو عبد الله ابن الحَذَّاء كتبا نافعة، تلقاها العلماء بعده بالقبول، وبعضها قرئ عليه في حياته، منها:«التعريف بمن ذكر في الموطأ من النساء والرجال» وهو مطبوع، و«الاستنباط لمعاني السنن والأحكام من أحاديث الموطأ»، و«الإنباه في أسماء الله»، و«البشرى في عبارة الرؤيا»، و«كتاب الخطب والخطباء». توفي رحمه الله يوم السبت قبل طلوع الشمس لأربع خلون من شهر رمضان سنة (416هـ).
    مصادر الترجمة:
    بغية الملتمس (ص146)، ترتيب المدارك (8/5)، الصلة (2/505)، معجم الأدباء (6/1276)، الديباج المذهب (2/218)، مقدمة تحقيق كتاب التعريف بمن ذكر في الموطأ من النساء والرجال (1/251) وما بعدها.
    تاريخ النشر : 14-05-2009
    http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=1745&S=14




    9- محمد المهدي مَتْجِنُوش (ت1344هـ/1922م)
    هو الإمام الفقيه الأستاذ العلامة المقرئ الرياضي أبو عيسى محمد المهدي بن عبد السلام بن المعطي متجنوش، الأندلسي الأصل، الرباطي المولد والمنشأ، المشهور بمَتْجِنُوش: بفتح الميم، ثم تاء مثناة فوق ساكنة، ثم جيم مكسورة، ثم نون مضمومة، بعدها حرف مد وشين: لقب إسباني بمعنى المسكين.
    ولد برباط الفتح في فجر شوال عام 1267هـ/ 1850م، من أسرة متجنوش ذات الأصل الأندلسي، وهي من البيوتات المهاجرة إلى المغرب عقب سقوط غرناطة، حيث استحال بها العيش وسط جو نصراني مستبدّ لا يكفل حرية الدين ولا النفس، فهاجرت الأسرة إلى المغرب الأقصى إبّان حكم الدولة السعدية عام 1019هـ/1610م، فتلقتهم بصدر رحب، وأنزلتهم برباط الفتح مع باقي الأسر الأندلسية، فأعادوا عمارته، وزهت حضارتهم به.
    بدأ المترجم تحصيل العلوم الشرعية عن علماء العدوتين، فأخذ القراءات وأحكامها عن أخيه الأستاذ محمد متجنوش، والأستاذ علي الشرقاوي الحسنوي، وتعلم الفقه على الشيخ أبي إسحاق التادلي، وأخذ التصوف عن الشيخ محمد بن عبود، وفي باقي العلوم عن القاضي أبي عبد الله بن إبراهيم، والفقيه عبد الرحمن لُبَرِيس(ت1307هـ)، والفقيه الهاشمي الضرير المكي ابن عمرو، وغيرهم.
    اكتفى الإمام متجنوش بالرحلة داخل بلده، فتنقل بين عدة حواضر علمية كان أبرزها فاس، ومكناس، ومراكش، وطنجة، وتلقى بها عن نخبة من علمائها وشيوخها، واستجاز واستفاد وأفاد.
    وتتلمذ عليه عدة شيوخ أشهرهم العلامة المؤرخ محمد بوجندار (ت1345هـ)، كما أجاز لبعض العلماء منهم الإمام عبد الحفيظ الفاسي(ت1383هـ)، والمكي بربيش(ت1373هـ)، وغيرهم.
    كان عالما موسوعيا ذا اطلاع واسع في كثير من العلوم والفنون، متمكناً من علم القراءات ووجوهها وأحكامها، وله باع جيد في علم الرياضيات والهندسة والفلك، ميالاً إلى التصوف والابتعاد عن مخالطة الناس، حلو الفكاهة، أَبِيّ النفس مع إقلال وضعف حال.
    بدأ حياته المهنية بالاشتغال كعدل من العدول لتلقي الشهادة في سماط العدول بالرباط، ثم انتقل إلى مدينة سلا فاشتغل كاتباً محرراً لباشا المدينة محمد الصبيحي (ت1389هـ)، ثم تخلى عن ذلك لممارسة التدريس في كتّاب فتحه لتعليم القرآن بمدينة الرباط، إلا أن ظروفه المعيشية لم تسعفه على الاستمرار، فهاجر إلى طنجة وقضى بها مدة كابد أثناءها مشاق الاحتراف الأدبي، إلى أن راسله الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد السلام الرُّندة (ت1365هـ) برسالة عطف وتقدير يرجوه فيها بالعودة إلى مسقط رأسه، وهذا دليل على التقدير والاحترام اللذين حظي بهما مترجمنا من لدن أقرانه وعلماء وقته.
    ولذلك أثنى عليه مترجموه بجميل العبارة، منها قول عبد الله الجراري:«كان عالما مشاركا في كثير من العلوم والفنون، متضلعا في علم القراءات، مطلعا على وجوهها وأحكامها».
    خلف العلامة متجنوش إنتاجا علميا زاخرا، وشملت تآليفه العديد من العلوم؛ من فقه، وأدب، وحساب، وفلك، وتصوف، وغيرها، نذكر منها كتاب:«شفاء الغليل على فرائض خليل» في مجلد جمع بين الفقه والعمل والحساب، وكتاب:«التبصرة والتذكرة» في علم الحساب، ومنظومة:«نتيجة الأطواد في الأبعاد»، ومنظومة:«تحفة السلوك» في التوقيت والحساب، ومنها:«رعاية الأداء في كيفية الجمع بين السبعة القراء»، و«التحفة في مخارج الحروف» في التجويد، ومنها نظم في الولي والولاية وحقيقة ذلك وشروطه عن أبي يعزى، وغير ذلك من المؤلفات والتقاييد.
    توفي رحمه الله ليلة الأحد 15 ربيع الأول عام 1344هـ/1922م، ودفن بمقبرة سيدي الحسن إفران بدار القصار المتصلة به.
    العلامة الرياضي محمد المهدي متجنوش لعبد الله الجراري، ط1، 1402هـ/1982م، سلسلة شخصيات مغربية (6)، أعلام الفكر المعاصر لعبد الله الجراري:(2/227-231)، الأعلام للزركلي:(7/114-115)، معلمة المغرب:(20/6973).
    تاريخ النشر : 02-03-2009

    http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=1453&S=6

    التعديل الأخير تم بواسطة جمال الأحمر ; 14/10/2009 الساعة 12:22 AM

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •