المقامة البطريقية في وصف الأزمة الطرطورية


كان فيمن كان قبلكم في الزمان، رجل يسمى البطريق بن النعام، وكان عالما عظيما، وبأمور الدين عليما، وبالتفسير والحديث، وبالفقه والمواريث، ولا يبلغ التمام، إلا رب الأنام، فقد كان لا يحسن الكلام، وإذا خاطبه مُريد فيما لا يريد أو في أمر شديد، أرغى وأزبد، وهدد وتوعد، وإذا لم يعجبه الكلام، أصدر الأحكام، بالسجن والإعدام، وفي يوم من الأيام، مر في سوق الإمام، ويا لهول ما جرى، وبالجرم الذي افترى، فقد شاهد أحد الصغار، يلبس الطرطور بالمندار، فهاج وماج وكسر الزجاج، وخطف الطرطور، ورماه في التنور، وأفتى أنه حرام لبس الصغار للطرطور بالمندار، وغرَّم والد الصبي ما لا يطيق، لأنه خالف البطريق، أما الصبي المسكين، فالبكاء اكتفى، ومن السوق اختفى، وسار هائما في الطريق، لا يعرف عدوا من صديق، وحدثت المشكلة، وأوشكت أن تكون قاتلة، فقد أعلن الأعلام، رفضهم ذلك الكلام، وأنه يجوز للصغار لبس الطرطور بالمندار، وأمر بن النعام رجاله المغاوير، بحرق جميع الطراطير، في الشوارع والميادين، وقامت معركة كبيرة جعلت أوضاع البلد خطيرة، وعندما حذر الحكماء، من قدوم الأعداء، وصفهم بالدهاء، وأن هناك مكيدة، لثنيه عن العقيدة، ومنع القرار من الصدور، بحظر ذلك الطرطور، وأن هناك دخلاء، للعدو عملاء، يريدون إفساد الصغار، بلبس الطرطور بالمندار، ولما حاصر الأعداء المدينة، التي لم تكن يوما حصينة، نادى مناد بالجهاد، فوصفهم بزعزعة أمن البلاد، وإرهاب العباد، بشائعات ليس لها إسناد، ووضع بن النعام رأسه في الرمال، وأنكر جميع ما قال، ودخل الأعداء، فأُخِذَ وسُحِل، ومن العلم ما قتل.


إذا عرفت من هو البطريق، فسارع بالوصول واتصل على المحمول لتربح الطرطور.