التخصص في مهن الرياضة داخل الهياكل الرياضية الجزائرية
بقلم الأستاذ : نعمان عبد الغني
Namanea@yahoo.fr

عرفت الرياضة خلال هذا العصر نقلة نوعية من حيث المبدأ و التطبيق اقترنت خاصة بالتطور الجذري و المتواصل على كل المستويات و ذلك نظرا للاهتمام المتزايد بالقطاع الرياضي من قبل كل الفئات الاجتماعية سواء على المستوى المحلي،الوطني أو العالمي و ذلك وفقا لما ترمي إليه سياسة الدولة في الميدان الرياضي خلال العشرية الأخيرة و القائمة على النهوض بالرياضة لترتقي إلى مستوى العالمية و ما يفرضه ذلك من عناية واستعداد وبرامج وتخصص واختصاصات متعددة في ميدان علوم الرياضة للوصول إلى الاحتراف والحرفية.
و نظرا لما ترمي إليه سياسة مخططات الدولة من أهداف تنموية فقد عملت على ترسيخ النهضة الفكرية و بذلك تغيرت المفاهيم و تطورت الأهداف لتتخذ الرياضة أبعادا تنموية تعنى أولا بالفرد صحيا و فكريا و تربويا و من ثمة المجموعة لتصبح رافدا من الروافد التنموية و الاقتصادية و السياسية ،فقد تم أنشاء هيئات رياضية و مؤسسات تربوية ترمي إلى إعداد الشباب و الاهتمام بالنشء و رعايتهم في ضوء السياسة العامة للدولة .
و من هدا المنطلق ندرك أن الرياضة لم تعد تنحصر ضمن مفهوم الترفيه و التنشيط الرياضي ذا الصبغة التنافسية بل أصبحت ترمي إلى أبعاد اجتماعية و اقتصادية و سياسية بحتة و ذلك نظرا للعناية الفائقة الموجهة من قبل الدول فقد عملت على تاطير القطاع الرياضي و توفير الإحاطة المادية و المعنوية اللازمة للرقي بالقدرات و المؤهلات البدنية و الذهنية للفرد و المجموعة و بالتالي تحقيق النجاحات و النتائج المنتظرة وطنيا ودوليا.
و لهدا نجد أن الدول المتقدمة أو النامية تسعى و تضع الخطط و البرامج و تنشئ المؤسسات و الهيئات و التنظيمات للارتقاء بالمستوى العلمي و الثقافي للنشء و الشباب و لقد علمت الحكومات و الدول أهمية رعاية الشباب و ضرورة الاستفادة من طاقاته لما فيه خيرا للمجتمع و ذلك من خلال إعداد البرامج التي تسعى إلى إحداث التنمية المتكاملة سواء من الناحية الثقافية و الرياضية و الفتية و الاجتماعية أو من أي ناحية أخرى تسعى لاكتمال عملية التنمية، و سعيا لتحقيق هده الأهداف عملت الدولة على إنشاء معاهد و مؤسسات تعنى بالرياضة في جميع الاختصاصات إلى جانب الجامعات و الجمعيات والنوادي الرياضية التي تعمل تحت إشراف وزارة الشباب و الرياضة لتوفير تاطير و تنظيم ناجح يتوافق مع ما وصلت إليه بلدان العالم من تطور تقني و فني و إداري باعتبار أن الرياضة يمكن أن تمارس كهواية تلبي حاجة الفرد البدنية و كذلك كوظيفة و مهنة لها كيان قائم الذات و ذلك طبقا للإجراءات و القرارات الرئاسية المستمرة و الأكيد و على هذا الأساس تم بعث اختصاصات جديدة تعنى أساسا بالتصرف في التنظيم الإداري للرياضة لتكون الإدارة بذلك ركيزة من ركائز تحقيق نجاحات مشرفة و النهوض بالقطاع الرياضي إلى مستوى التخصص في مهن الرياضة و بالتالي إلغاء العمل التطوعي لترتقي هده المهن إلى درجة الانفراد والاحتراف. فالتسيير والإدارة الرياضية بمفهومه العام فن و قواعد يعتمد أساسا على مدى نضج عقلية الإطار و إدراكه للقدرات و المهارات الإدارية وهو يتطلب العمل بالمبادئ التي تعنى بتوزيع الأدوار بين الأعضاء، الانضباط و الالتزام بالقرارات، أولوية المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، النظام و الترتيب،المبادرة و الابتكار و كذلك التعاون كفريق متكامل الأدوار.و اكتساب الطالب المعارف الأساسية و المطبقة في علوم و تقنيات التسيير و التنظيم الإداري للهياكل الرياضية و كذلك الكفاءات المهنية الضرورية ذات العلاقة بالمجال مع إعداد في البحث العلمي.
أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبنية الأساسية والتجهيزات المحيطة بالممارسة الرياضية بصفة عامة في الجزائر ،إضافة إلى أن مهن الرياضة باعتمادها على العمل التطوعي و الخبرة حاليا تفترض وجود مختصين في ميدان الإدارة و التنظيم الإداري للرياضة داخل الهياكل الرياضية لترشيد هذه المهن و تحقيق الأهداف المنشودة سياسيا و رياضيا و مهنيا.
وتتميز الرياضة عن بقية ألوان النشاط البدني بالاندماج البدني الخالص، و من دونه لا يمكن أن نعتبر النشاط رياضة أو ننسبه إليها و كما أنها مؤسسة أيضا على قاعد دقيقة لتنظيم المنافسة بعدالة و نزاهة و هده القواعد تكونت على مدى التاريخ سواء قديما جدا أو حديثا و الرياضة نشاط يعتمد بشكل أساسي على الطاقة البدنية للممارسين، و في شكله الثانوي على عناصر مثل الخطط و طرق اللعب.
تعتبر الوظيفة العامة الخلية الأولى في كل تنظيم إداري و تتضمن مجموعة من الواجبات و المؤسسات تستوجب خدمات شخص تتوافر فيه خبرات و مؤهلات معينة.
و تعرف الوظيفة بأنها منصب مدني أو عمل معين يقتضي من شاغله القيام بواجبات محددة و تحمل مسؤوليات معينة سواء تفرغ لذلك أو لم يتفرغ و بصورة أدق يمكن نعتها ”بالوحدة الأساسية التي يتكون منها كل تنظيم“.الوظيفة هي مركز قانوني يشغله الموظف و تكون مستقلة عن شاغلها.ترتكز الوظيفة على ثلاث أركان عليها هي׃
1- الموظف.
2 - التعليمات و الأنظمة التي تحدد واجباتها و مسؤولياتها.
3 - الأداء و هو الممارسة الفعلية لواجباتها.
العنصر البشري عنصر لا غنى عنه في جميع مراحل التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، و كلما كانت وسائل إعداد العنصر البشري اللازمة لتنفيذ خطط التنمية وسائل فعالة كلما كانت الخطط محققة لأهدافها المنشودة. فالموظف مطالب في كافة مراحل حياته الوظيفية بأن يرتفع بأدائه لمتطلبات الوظيفة و أن يؤكد صلاحيته للاستمرار في الخدمة العامة. كما نص في المادة الثانية من نظام الخدمة المدنية على ضرورة تصنيف الوظائف بتجميعها في فئات تتضمن كل منها الفئات المتماثلة في طبيعة العمل و مستوى الواجبات و المسؤوليات و المؤهلات المطلوبة لشغلها و توظيف الفئات،و توفر الجدارة ضمانات لحصول الجهاز الحكومي على أفضل العناصر من بين المؤهلين كما أن الجدارة تحمي الخدمة المدنية من التضخم الوظيفي الذي ينتج بسبب اللجوء إلى التعيينات الإضافية لسد النقص في التأهيل و التدريب مما يثقل ميزانية الدولة.
..أن الهيئات الرياضية باعتبارها متنفس للأفراد لا بد و أن يتوافر لها تخطيط مدروس من خلال تنظيم علمي فعال مع التوجيه التربوي الدائم و التقويم المستمر من خلال القنوات الرقابية المختصة لمنع التلاعب و الانحراف و بذلك يمكن أن نساهم جميعا في تحقيق أهداف الهيئات الرياضية و لا يمكن أن يحدث ذلك إلا من خلال إدارة لها دراية تامة بالمبادئ العامة للإدارة مما يعود ذلك على الهيئة بالتقدم و النجاح. إن التخطيط يلعب دورا فعالا في تحقيق أهداف الهيئات الرياضية حيث أنه يهتم بتحديد الأهداف سواء كانت أهداف محلية أو قومية فرفع مستوى اللاعبين و الوصول بهم إلى المستويات الرياضية العالية عن طريق التدريب المنظم للفرق الرياضية يعد من الأهداف القومية.فعن طريق التخطيط يمكن تحديد الأهداف المراد تحقيقها لتوسيع قاعدة الممارسين و إيجاد أنشطة رياضية جديدة و الاشتراك في الدورات الرياضية المختلفة و تحقيق الفوز و الحصول على البطولات.
كما أن تحديد الإمكانيات المادية و البشرية و توافرها من أهم أسباب تحقيق تلك الأهداف فالملاعب و المنشئات و الأجهزة و الأدوات الرياضية و كذلك المدربين المختصين و الإحصائيين الرياضيين وحكام المباريات و عمال الملاعب و جميع القائمين على الأنشطة الرياضية على سبيل المثال تعد جميعها إمكانيات لا غنى عنها لنجاح التخطيط . لذا يعد التخطيط الركيزة الأولى و على أساسه تصبح عمليات التنظيم و الرقابة عمليات ذات فاعلية إذا ما أحسن وضع الخطة في اتجاه تحقيق
أن الأهداف من أهم عناصر التخطيط و أن الأهداف تعبر عن الغايات التي ترغب الإدارة في تحقيقها و ترتبط الأهداف أساسا بالمستقبل و تمثل ركنا أساسا من العملية التخطيطية و نرى ضرورة ارتباط الهدف أو الأهداف الموضوعة بالاحتياجات و المتطلبات التي صنعت من اجلهم كما يجب أن يكون الهدف مرنا يمكن تطويره باعتباره محكا للمواقف التعليمية و مرتبطا بمشاكلها و إمكانياتها. كما نؤكد على ضرورة اشتراك الفرد في عملية تحديد الأهداف و وضوحها لدى كافة المستويات الإدارية فيساعد على تنمية الخطط و تركيز الجهود و توجيه الأعمال نحو تحقيق تلك الأهداف و من ثم تقويم مدى الكفاءة الإدارية للعاملين بالهيئة .
أن العمل التطوعي لا يخدم مصلحة الإدارة الرياضية خاصة و أنه قد طغت عليه الأغراض الشخصية وسط نزاع حاد لاستغلال الفرص و لتولي المناصب في حين أن العمل التطوعي هو عمل يعبر عن هواية أو طموح في نفس الفرد و الغاية منه هي اكتساب المعرفة بدرجة أولى و اختبار قدرات الفرد الفكرية و الإبداعية و بالتالي اكتساب الكفاءة التي من خلالها تحقق الأهداف المنشودة لتطوير الإدارة الرياضية التونسية.
و من المعترف به أن الكفاءة هي نتيجة للخبرة و لاقدمية العمل و قد توضح أن هذا المفهوم لا يخدم
مصلحة الإدارة الرياضية حيث أن الخبرة رغم أهميتها فأنها ليست كافية و غير مواكبة لتطوير الميدان الرياضي باعتبارها تقيم بمقاييس الاقدمية في العمل في حين أنه يجب أن تتضمن المعارف علمية و تربصات و تكوين أكاديمي مستمر يواكب إنجازات و تطورات العصر و من خلال ذلك تفرض الخبرة أهميتها و يكون لها تأثير ايجابي على المدى البعيد و بالتالي تكون دافعا للنهوض بالإدارة الرياضية.
ولهذا وجب:
- العمل على إعداد استشارة وطنية حول مهن الرياضة والتخصص في الميدان الإداري الرياضي.
- العمل على تطوير الإدارة الرياضية في الجزائر.
- العمل على تركيز التخصص داخل الهياكل الرياضية الجزائرية.
- ضرورة العمل على تطوير الفكر المهني للتسيير في الإدارة الرياضية.
- مواكبة ما وصلت إليه الدول المتقدمة من سياسة ناجعة تعتمد على حسن التسيير والتنظيم والتسيير الاداري للرياضة.
- ترسيخ مبدأ التخصص في مهن الرياضة و في التنمية الرياضية.
- دعوة المشرفين إلى التفكير في الحلول المناسبة و الأكثر نجاعة في التسيير والتصرف الرياضي.
- ضرورة الوقوف على واقع مهن الرياضة في الجزائر دعم التخصص.
- الحث على دعم التخصص في مهن الرياضة و إدماجه ضمن سياسة التشغيل.
- النظر في جملة الإجراءات التي يجب اتخاذها لمزيد النهوض بالرياضة في الجزائر.
- إحداث نص قانوني ثابت يضمن إدماج مبدأ التخصص في مهن الرياضة.
- إعادة النظر في مردود المباشرين و إثبات كفاءتهم من خلال مجالات تكوينهم.
- النظر في وضعية المتطوعين و تحديد دورهم داخل الهياكل الرياضية.
- دعوة المشرفين إلى توضيح وضعية المتخصصين في التسيير و التنظيم الاداري للرياضة و إدماجهم في سياسة التشغيل.
- إلزام الهياكل الرياضية بانتداب المختصين في التنظيم والتصرف الإداري للرياضة.
- الزام بضرورة وجود مختص في التنظيم والتصرف الإداري الرياضي داخل الهياكل الرياضية وخاصة الجمعيات والنوادي الرياضية.
- العمل على إحداث شراكة بين معاهد التكوين الرياضي والهياكل الرياضية.
- العمل على تطوير البحث والتكوين في مهن الرياضة.
- العمل على رسكلة المسيرين الإداريين الحاليين للهياكل الرياضية.
- ضرورة المحافظة واستغلال البنية التحتية و المنشات و التجهيزات الرياضية و ذلك بدعم التخصص في هذا المجال من خلال التكوين المستمر و تطوير الكفاءات المهنية.
- العمل على صيانة المنشات الرياضية من طرف المختصين في الميدان.