العزيز نعيم الغول المحترم
تحية طيبة وبعد

أوافقكم الرأي على أننا لا نقف بعيدا عن الدفاع عن حقوق كل مظلوم لرفع الحيف عنه أيّا كان.. ونتفق بالتأكيد على أننا في عالم تسوده حالات الاستلاب والقهر والظلم حتى ليسود الأمر فئات الشعب العريضة من دون استثناء... ويكون بهذا من الواجب علينا العمل من أجل حل إشكال العلاقات الإنسانية في مثل هذه الحالات بشكل شامل وهذه مهمة وطنية وإنسانية فيما يخص شعبا أو البشرية جمعاء..
ولكنك قد تتفق معي أنه ليس من تعارض بين المطالبة بهذه الحلول الشاملة وبين العمل المطلبي الخاص بكل فئة في مجتمعنا.. كما قد تتفق معي في دلالة الآية الكريمة "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" ودلالة وأهمية ووجاهة الإفادة من عالم جليل أو أستاذ قدير وحجم دوره في ما يُقدَّم للبشرية نسبة لحجم الدور الذي يلعبه ابن آخر من أبناء المجتمع وما قد يرتِّبه هذا التناسب من أهمية في التصدي للحفاظ على تلك الشخصية انطلاقا من الأولويات والأسبقيات وليس انطلاقا من نية إهمال أو إغفال لطرف أو جهة أو فئة..
يلزمنا أيها العزيز ونحن نؤكد علاقاتنا الإنسانية الصريحة الشفافة الواضحة القائمة على المساواة أن نتذكر مع مساواتنا اهتمامنا بأولويات إنسانية حياتية.. إذكرك هنا بأنه عند فرق سفينة تكون الأولويات لإنقاذ النساء \ الأطفال\ الشيوخ \ .... ولكل حالة ترتيبها وأولوياتها..........
وأؤكد لك أن الدفاع عن الأستاذ الجامعي هو جزئية ومفردة من حالة الدفاع عن فئات المجتمع كافة والتركيز على هذه الإشكالية يعني فيما يعنيه دعوة المجتمع لرفض الجهالة والتجهيل والضلال وظلمة التفكير لأننا عندما نسحق وجهاءنا وعلماءنا ومفكرينا ونمر عليهم مرّ الكرام وكأن شيئا لم يكن سيتقرر مزيد من الإمعان في استغلال كل فئات المجتمع وسحقه بمزيد من العنف والاستهتار بحقوقه..
المسألة إذن، لا تتعلق بـ [الدال] وعقدتها المفتعلة فجوهرها ليس عقدة وليس تعالِ ِ ولا فوقية أو استعلاء ودونية للآخرين بل جوهرها تعميق إنسانية الإنسان وتكريمه في عقله وفي منطقه الموضوعي.. وتكريم عالم صرف دم قلبه وعصارة جهده وحياته وصرف عليه المجتمع من تضحيات أبنائه إنما يعني تكريم مجموع المجتمع.. في حين سيكون وضع العالم والجاهل في موضع واحد من باب منع استعلاء أصجاب [الدال] على البدون يمرر جريمة تضليل وظلامية موقف لمزيد من الإمعان في إيذاء المجتمع...
القضية عميقة أبعد من طرح الأمر بعقدة الدال وأنا أثق بأنك أنت بعيد عنها وأنك تقصد بكلمتك نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي الإيجاب والإشارة إلى مفاعلة الحملة من أجل الأستاذ الجامعي بالحملات من أجل جميع الفئات المظلومة مع عدم إغفالك لأهمية ومكانة وأولوية حملة على أخرى لتمكين الحملات وتفعيلها وتوكيد ما ترومه من مضامين إنسانية
تحية لصوتك الطيب وتأكد بأن الحملة من أجل حقوق الأستاذ الجامعي ليست تمييزا وليس فيها من رؤية تسوّق للفصل بين العلماء ومجموع محيطهم الإنساني بقدر ما فيها من عمق تلك العلاقة إنسانيا وإعلاء شأن العلم والعقل والحكمة والسداد في تكريم أهله من عيون العقل والرشاد ومرة أخرى أثق بأنني سأجدك ومجموع أبناء مجتمعنا في أعمق حالات التضامن والتأييد ولنترك من يروم الفصل بين طليعة المجتمع والمجتمع ذاته بعيدا حتى نحقق الخير والسؤدد للجميع بفضل مواقفنا الموضوعية الصائبة..

أ.د. تيسير الآلوسي