محاضرة لأستاذ جامعي – أين؟


القاعة مكتضة بالطلبة ... المرحلة الأولى لقسم الآداب، والكل متشوق لقدوم الأستاذ المحاضر يعرفون أسمه حسب المنهاج لكنهم لم يحضوا برؤيته لحد هذه اللحظة.

مقاعد الطلبة مسيطرة على مسرح القاعة، وللجميع حظاً لرؤية الأستاذ وهو واقف وراء المنصة. الكثيرون منهم يدمدمون مع البعض، منهم من يروي حادثة مؤلمة حصلت لأحد أفراد عائلته والآخر ينقل خبراً شاهده من خلال شاشة التلفاز، وطالبٌ يحاول التلاطف مع طالبة قد أدى بها حضها لذلك المقعد، وهي تبدو متحرجة بعض الشيء ... لكنها غير رافضه.

بعد دقائق قلائل يدخل الأستاذ وهو يمسح عرق جبينه بمنديلٍ أزرق وبيده اليمنى، بينما يده اليسرى تحمل محفظته السوداء. تخطى نحو عتبة المسرح ليقف وراء المنصة، وبدأ يدق بأصبعه على المايكرفون لكي يتأكد من أن الصوت مسموع في القاعة. وأول ما بدأ به قال في هذا الوطن لا يمكن ضبط الوقت والمواعيد... فليس من واجبي أن أعتذر إن تأخرتُ عنكم قليلاً.
وواقع الأمر الكل تؤيده لهذا الأمر.

بدأ الدكتور محاضرته بالترحيب بالطلبة وحثهم على الاعتماد على أنفسهم في البحث عن المواضيع التي سوف يتناولها من خلال الكتب التالية: عدد بعض منها...وعليكم الاستعانة بالمكتبة الخاصة بالجامعة والمكاتب العامة، ولا تنسوا الأنترنيت. وعندها صاح طالباً: أين الكهرباء يا أستاذ. وعندها عمة ضجة في القاعة، والمحاضر حاول بكل الوسائل أن يهدأ الوضع، ومع شق الأنفس أسترجع سيطرته على الطلبة، لكي يبين لهم بعض النقاط المهمة في الموضوع المطروح....

وعند توجهه للطبلة بأن لوكان هناك أسألة لديهم، رفع بعضهم الأيادي ... وكانت بعض الأسألة لها علاقة بالدراسة بشكلٍ عام، والبعض تطرق للموضوع ذاته لعله كان غير منتبه لما قاله الأستاذ لكن الدكتور كرر بعض مرافق الموضوع دون أن يستكثر. لكن أحد الطلبة سأل الأستاذ ( من أي مذهبٍ أنت ) فأجابه الأستاذ أنا مسلم وهذا يكفي...فسأله الآخر من أي حزبٍ أنت وتكررة أمثال هذه الأسألة إلى أن رفض الدكتور السماح لهم بالاستمرار في طرح مثل هذه المواضيع التي لا علاقة لها بالدراسة.

لم يمضي على الأمر أكثر من أسبوعاً إلا ونسمع بقتل الأستاذ بعد خروجه من داره متوجهاً للجامعة.


في أي بلد الواقعة ؟

عباس النوري