ازمة البرنامج السياسي الفلسطيني والحل الديمقراطي

[سميح خلف]

ازمة البرنامج السياسي الفلسطيني والحل الديمقراطي
عندما ابتعد الفلسطينيون عن مبدأ الحل الديمقراطي كان يعني ذلك الانهيار التاريخي لحركة النضال الوطني الفلسطيني وكان يعني ايضا ً السير في اتجاه تحقيق مصالح غير عادلة تخص الكيانية االفلسطينيةعلى الارض الفلسطينية ولصالح الدولة الصهيونية .
ما يسمى البرنامج المرحلي والنقاط العشر الذي اعتمدت عليه منظمة التحرير الفلسطينية كان بمثابة انسلاخ عن الحقيقة وعن الجذور والدخول في مدرج التنازل المتدرج للوصول الى فكرة اقامة الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية وغزة وهذا ما اكده اليوم الرئيس عباس في كلمته أمام المجلس المركزي ، أي الدولة على ما قبل الرابع مع حزيران عام 1967 .
منذ ذاك التاريخ دخل البرنامج الفلسطيني في أزمة لقيادة مهزومة ولواقع عربي مهزوم عبر عنه بالعديد من المبادرات وبالقبول بالبرنامج العربي وصولا ً إلى أوسلو وملحقات أوسلو ثم خارطة الطريق ، هذا كل ما انتجته الدبلوماسية الأمريكية والدولية وما اقتنعت به بوفاء القيادة الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح .
هذا المنطق دفع دولة الكيان الصهيوني لأن تزيد من تشرذمها الفكري واللوجستي وصولا إلى فكرة الدولة اليهودية على الارض الفلسطينية وعلى اعتبار ان الضفة الغربية هي ارض تاريخية للعدو الصهيوني وللمستجلبين الصهاينة من انحاء العالم ، ووصل الأمر الى تهويد القدس عمليا ً .
خطاب المنظومة السياسية الفلسطينية يبتعد كثيرا عن المصالح الحقيقية للشعب الفلسطيني ويبتعد عن المفهوم التاريخي والجغرافي للأرض الفلسطينية .
فلسطين لا تقبل دولتين إلا إذا كانت الدولة الفلسطينية شعاراً سطحيا يحمل في احشائه حكم ذاتي ومفهوم أمني اقتصادي يرتبط بالعدو الصهيوني كدولة أقوى وتمتلك مفاتيح الدعم الدولي وتمتلك مفاتيح الجغرافيا للكيانية المزعومة ، أي يبقى الشعب الفلسطيني خارج حقوقه وخارج طموحاته في تحقيق العدل والمساواة على بقعة ارض لا تتسع لأكثر من كيانية سياسية وأمنية واقتصادية .
فكرة الدولة الواحدة هي الرد الوحيد دعاة التشرذم والعصبوية ، هم هؤلاء الذين يلتقون في مصالحهم بعيد عن الشعوب ، هم من يطبقون النظرية أو الفلسفة الماركسية لرأس المال الامبريالي الرأسمالي .
اليوم تقع المنظومة السياسية الفلسطينية في لغط ومغالطات وتبتعد بجانبيها ما يسمى بالوطني بقيادة السلطة الوطنية وقيادة حركة فتح ومنظري أوسلو وكذلك حماس وكلا الجانبين انساقى إلى أدلجة مفهوم أوسلو من انتخابات وسلطة لدولتين قد حددت مفهومها سابقا ً على قطعة أرض لا تتجاوز مئات الكيلو مترات في حل غير عادل بين شعب يقيم على ارض فلسطين التاريخية وهو ملكه مع شعب مستجلب من كل أنحاء العالم .
كلا الجانبين ابتعدا عن الحل الديمقراطي وهو الحل التاريخي لينهي أزمات المنطقة وينهي أزمات الديموغرافيا وعدم العدالة على الارض الفلسطينية وربما الطرح باقامة الدولة الفلسطينية على ارض ما قبل 1967 هو اجحاف بحق الشعب الفلسطيني وتنازل عن بند هام من حقوقه وهو بند الأرض وحق الانسان اللاجئ وحق تقرير المصير ، ومن هنا تقع المنظومة السياسية الفلسطينية المقررة بكاملها في خطأ تاريخي يمكن ان يعرضهم لمسألة تاريخية من أبناء الشعب الفلسطيني مستقبلا ً وابناء الشعب العربي أيضا ً.
إسرائيل تدفع بقواها مستعينة بأمريكا والغرب ومنهجية النظام العربي لأن تدعم فكرة الدولة اليهودية على حساب شعوب المنطقة واللعب في الزمن الذي يقول ان الحتمية يجب ان تكون بالحل الديمقراطي على الارض الفلسطينية.
الفلسطينيون يدفعون من أجل تدعيم وتعزيز فكرة التشرذم الصهيوني والعنصرية الصهيونية في اتجاه الدولة اليهودية ، الفلسطينيون في تراجعاتهم عن الحل الديمقراطي خسروا كثيرا ً ، خسروا المبادئ والجغرافيا والتاريخ ، اما الصهاينة فقد اكتسبوا الأرض واكتسبوا السياسة وزوروا التاريخ ، هذه هي التراجعات المميتة في البرنامج السياسي الفلسطيني.
الحل الديمقراطي ان اجلا ام عاجلا سيفرض نفسه على واقع الأرض ولأن الأرض لن تتسع لأكثر من دولة والمنظومات الاقتصادية لن يسعها دولتين بل دولة واحدة تختفي فيها مظاهر العنصرية الصهيونية والمؤسسات الصهيونية وترسانة الحرب النووية الصهيونية في اتجاه تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني ولكل الشعوب والديانات المحبة للسلام على الارض الفلسطينية .
بقلم/ سميح خلف