آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هل الشعر مشروع خاسر ؟ - د. شاكر مطلق

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية الدكتور شاكر مطلق
    تاريخ التسجيل
    01/04/2007
    العمر
    86
    المشاركات
    259
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي هل الشعر مشروع خاسر ؟ - د. شاكر مطلق

    هل الشعر مشروع خاسر ؟


    د. شاكر مطلق


    إذا كان الشِّعر فعلاً ، كما أرى ، هو : تألق فكري في حالة وعي استثنائي ، فهو أحد الأشكال الفكرية لنشاط الدماغ البشري ، وما أكثر تلك الأشكال وما أكثر تنويعاتها ؟
    إفرازات الدماغ البشري ، في مجال الإبداع ، وإن كانت كلها تُستخرج من منجم واحد ، إلاَّ أنها تتفاوت في الشكل والتركيب وتتفاوت – بالفائدة – المادية وتتفاوت في تأثيرها بوسطها الحياتي وبما يحتويه من كائنات ، تفاوتاً عظيماً .
    العالِم الذي يبدع فكرةَ معادلة ما في الرياضيات أو في العلوم الأخرى ، قد تؤدي فكرته ، في نهاية الأمر ، إلى تطبيقات عملية قد تغير من مجرى الحياة بأكملها وربما لكافة الكائنات الحية ، كما هو الأمر في عملية – انشطار الذرة – وما نجم عنها من استعمالات بناءة : - الطب وغيره – أو فتاكة مدمرة : الأسلحة النووية وإمكانيتها اليوم ، ولأول مرة في تاريخ البشرية ، من تدمير هذا – الكوكب الأزرق – الأرض – تدميراً تاماً .
    الأمثلة على – الجدوى – من الأفكار الخلاقة في مجالات الحياة المتعددة ، وبالنهاية الجدوى الاقتصادية قد تجدها في معظم إفرازات الدماغ البشري ، وهي أكثر من أن تحصى .
    في الطب مثلاً : إدخال- الصّادات – في علاج الأمراض القاتلة سابقاً – وعلاج الأورام بالأشعة ، والهرمونات والمشرط الضوئي الـ –لازر – واستعمالات الذّرة السلمية ، وغيره الكثير .
    في الكيمياء : الأدوية ، ومركبات أخرى ، غير موجودة بشكلها النهائي أصلاً في الطبيعة ، أسهمت ، أحياناً عديدة ، في سعادة الإنسان وتطور مستوى حياته : كالمبيدات الحشرية – والمركبات المختلفة التي لا غنى اليوم عنها في الحياة العصرية وغيرها الكثير وإن كانت لا تخلو في الوقت ذاته من ظلِّ مخيف وهو – التلوث – الذي أطاح وما زال بالعديد من تلك الإنجازات الهامة ومن بعض الآثار السلبية.
    في الرياضيات : تألق – روبرت أينشتاين – في نظريته النسبية – التي أعادت صياغة مفاهيم شتى على كافة الأصعدة وحتى الفلسفية ، وما ذلك (الكائن ) الصناعي العجيب المسمى – بالكمبيوتر – والذي دخل ، بخطوات واثقة ، مختلف جوانب الحياة ، إلاّ إفراز فكري رائع في هذا المجال . والتحدث عن كافة تلك الإنجازات ، ومنها الشبكة العنكبوتية ، والهاتف الجوال ، وحتى تطبيقات " النترو غليتسيرين ( الديناميت ) – ألفريد نوبل - يكاد يكون اليوم غير ممكن إلاّ في النطاق الأكاديمي والموسوعي .
    لكن ماذا حول الشعر ؟ ماذا يقدم الشعر ، في النهاية ، لسعادة البشرية ؟
    هل فيه حقاً فائدة – الدواء ؟ أو إنجاز – المبيدات المفيد لتأمين الغذاء لآلاف الملايين من البطون الخاوية على الأرض ؟ أو الرغيف الذي لا بد منه ؟ الرغيف اليومي ، أم هو ضرب من الـترف في – الغذاء – الفكري يمكن الاستغناء عنه – كالكافيار - ؟ وهل يستطيع الشعر أن يحرك الإنسان باتجاه العطاء والخير وحب الإنسان والوطن حقاً ، وترك آثاره على الممارسات اليومية عنده؟ وهل يمكن له فعلاً ، في المحصلة ، أن يسهم في خلق – عالم أفضل - ؟
    أقول ، بتحفظ ، لا . لا يمكن للشعر أن يكون كذلك ، موضوعياً على الأقل . فالشعر ، برأيي ، يمتاز من عطاءات الفكر الأخرى ، حتى العطاءات الأدبية والفنية ، بأنه مشروع فاشل اقتصادياً في زمن تطغى فيه المادية على كل شيء .
    حتى اللوحة الفنية يمكن لها أن تصبح ، ذات يوم ، ثروة لمالكها في ظروف معينة . والرواية – مثلاً - قد تصبح ذات مردود مادي ملموس ، وقد تغير اجتماعياً واقتصادياً في حياة العديد من الناس بمن فيهم المؤلف ، إذا ما تحولت مثلاً إلى عمل مسرحي ناجح أو عمل سينمائي متميز ، والأمثلة على ذلك كثيرة .
    لكن ماذا تفعل القصيدة ؟ تلك الومضة العابرة من التألق الفكري التي هي دوماً وبشكل ما وإلى حد ما ، صرخة يطلقها الشاعر في فضاء عبثية الوجود الواسع ، قد يلتقطها البعض ، كما يلتقط الشّارات اللاسلكية القادمة من سحيق الكون ، يصغي لها بعضاً من الوقت ثم تتلاشى أو تطغى عليها أمواج أخرى .
    الشاعر والقارئ للشعر معاً ، في زمن المادة الساحقة ، بين جدران حضارة الخفان ، وبين إرهاصات الحياة اليومية ومتطلباتها ، هم يعيشون - بلا شك فكرياً - في عالم آخر ، عالم – المدينة الفاضلة – التي ما زال فيها من يجد أن الإصغاء إلى قصيدة جيدة هو غذاء فكري لا بد منه لكي يشعر الإنسان بأنه يمتاز من غيره من الكائنات ، ليس فقط بأنه استقام على ساقين ومشى وبأن إبهامه أصبح في وضعية مقابلة للكف سمحت له بخلق الآلة والعمل بها ،وإنما بشعوره بالنقاء والسّمو من خلال عالم الشعر والموسيقى والفن بعامة وبانتمائه الفعلي إلى أفق " الكائن الأسمى " الحضاريّ ، ومن هذا المنظور فقط يكون الشعر مشروعاً رابحاً لإنسانية الإنسان .
    ===================
    نشرت في " العروبة " – حمص- سورية
    تاريخ النشر26/12/1985 _ رقم العدد 6369
    E-Mail:mutlak@scs-net.org

    حمص – سورية / Homs-Syria
    بغطاسية – شارع ابن زريق 3
    هـ : عيادة (Prax.) 2222655 31 963 +
    ص.ب.( 1484) P.O.B.
    E-Mail:mutlak@scs-net.org

  2. #2
    باحث لغوي وكاتب الصورة الرمزية أحمد محمد عبد الفتاح الشافعي
    تاريخ التسجيل
    27/07/2007
    العمر
    80
    المشاركات
    405
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: هل الشعر مشروع خاسر ؟ - د. شاكر مطلق

    تخيل يا سيدي أن كل المشاريع الإبداعية فنية وأدبية في بلادنا الحزينة مشاريع خاسرة كل الخسران، ما عدا المرتبط منها بمدح السلطات العميلة. والذي يدور في فلك الرأسمالية الكومبرادورية، مدحا واستحسانا.
    أحمد الشافعي


  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية الدكتور شاكر مطلق
    تاريخ التسجيل
    01/04/2007
    العمر
    86
    المشاركات
    259
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: هل الشعر مشروع خاسر ؟ - د. شاكر مطلق

    شكراً لملاحظتك المؤلمة لنا جميعاً ،والصئبة للأسف- يا أخي الأستاذ أحمد-ولكن، وكما يقول الألمان، ( مجداً لكلّ ما يزيدنا صلابةً ).
    مع أطيب تحياتي لشخصكم الكريم.
    حمص-سورية 27-10-09

    حمص – سورية / Homs-Syria
    بغطاسية – شارع ابن زريق 3
    هـ : عيادة (Prax.) 2222655 31 963 +
    ص.ب.( 1484) P.O.B.
    E-Mail:mutlak@scs-net.org

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •