Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
عباس أفندي البابي البهائي 1910

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 4 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 63

الموضوع: عباس أفندي البابي البهائي 1910

  1. #1
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    عباس أفندي البابي البهائي 1910

    ((مجلة المنار ـ المجلد [13] الجزء [10] ص 785 ‌ شوال 1328 ـ نوفمبر 1910))

    ( عباس أفندي البابي البهائي )

    البهائية فرقة من البابية ، رئيسها الآن عباس أفندي بن ميزرا حسين علي الملقب بالبهاء أو بهاء الدين دفين عكا ، وهم آخر طوائف الباطنية يعبدون البهاء عبادة حقيقية ، ويدينون بألوهيته وربوبيته ، ولهم شريعة خاصة بهم ، وكان عباس أفندي محجورًا عليه في عكا ، فلما صارت الحكومة العثمانية دستورية تسنى له أن يخرج من عكا ، وقد جاء الإسكندرية في هذا الشهر ، وكتب مدير المؤيد نبذة عنه ، وصفه فيها بالعالم المجتهد ، وبالتضلع من العلوم الشرعية ، والإحاطة بتاريخ الإسلام ، وقال : إن أتباعه يعدون بالملايين وأنهم ( يحترمونه إلى حد العبادة والتقديس ، حتى أشاع عنه خصومه ما أشاعوا ) ، ثم قال مدير المؤيد : ( ولكن كل من جلس إليه يرى رجلاً عظيم الاطلاع ، حلو الحديث ، جذابًا للنفوس والأرواح ، يميل بكليته إلى مذهب ( وحدة الإنسان ) وهو مذهب في السياسة يقابل مذهب ( وحدة الوجود ) في الاعتقاد الديني ، تدور تعاليمه وإرشاداته حول محور إزالة فروق التعصب للدين أو الجنس أو الوطن أو لمرفق آخر من مرافق الحياة الدنيوية ) .

    أقول : إن عباس أفندي رجل عظيم سياسي جذاب الحديث ، يخاطب كل أحد بما يرى أنه يرضيه ويعجبه ، وكان منذ ثلاثين سنة يجيء بيروت فيصلي الصلوات الخمس مع المسلمين ، وكذلك كان يعامل المسلمين في عكا ، يجتمع بالعالم السني فيوهمه أن فرقتهم لم يكن همها من الإصلاح إلا إزالة تعصب الشيعة وتقريبهم من أهل السنة ، والتوفيق بين الطائفتين كما سمعت ذلك عنه من شيخنا الشيخ حسين الجسر ( رحمه الله ) ، وهو في الحقيقة زعيم دين جديد في بعض تعاليمه ومسائله ، وإن كان مبنيًّا على أصول الباطنية الذين منهم الإسماعيلية والقرامطة والدروز والنصيرية ، وهم يدعون المسلمين إلى دينهم بدعوى أنهم منهم ، ويريدون أن يجعلوهم على بصيرة في دينهم : أي وثنيين يعبدون البشر فيالله من هذا الارتقاء والتقدم بالرجوع إلى الوراء ، وكذلك يدعون النصارى بتسليم ألوهية المسيح وادعاء أنه هو البهاء ، وقد جعل قدماؤهم للدعوة أصولاً وأساليب حكيمة بيّنها المقريزي ؛ وغيره من المؤرخين كالتشكيك في آيات القرآن وتأويلها بما تتبرأ منه اللغة والدين كتأويل البهائية السموات السبع بالأديان ، واختصام الملأ الأعلى باختصام أولاد البهاء عباس وإخوته ، وتفسير  هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ  ( البقرة : 210 ) بظهور البهاء وأتباعه ، فهو إلههم وأتباعه ملائكته ، وعندهم أن القيامة قد قامت بظهور الباب والبهاء .

    ولما كان ما ذكره المؤيد عن عظيم القوم يوهم أنه من علماء الإسلام المجتهدين في الدين كالأئمة الأربعة مثلاً ، وأن سياسته كسياسة الماسون ، وكان هذا مما يسهل عليه نشر دعوته في مصر ويحمل من يغتر بظاهر كلام المؤيد على الثقة به ، رأيت أنه يجب عليّ أن أنبه الناس إلى الحق الذي أعتقده بعد الاختبار الطويل ، وما قرأته وسمعته عن هؤلاء القوم ، وما قرأته في كتبهم ، وما جرى لي من المناظرة والمحاورة مع داعيتهم بمصر ميرزا أبي الفضل .

    أقول : إن عباس أفندي ليس إمامًا من أئمة المسلمين المجتهدين ، وللمؤيد أن يقول : إنه عنى بالمجتهد معناه اللغوي لا الأصولي ، بل لا يعد من علماء المسلمين لأن قومه ليسوا منهم ، ولكن لا ننكر أنه مطلع على تاريخ المسلمين وعلومهم ، واجتماع مدير المؤيد به مرتين لا يكفي للحكم بإحاطته بالتاريخ ، وتضلعه من العلوم الشرعية ، وقوله : إن أتباعه يعدون بالملايين غير مُسلَّم أيضًا ، وطالما سمعناهم يدَّعون ذلك ؛ لأنه مما يجذب الناس إليهم ، بل يجعلون هذا دليلاً على أحقية دينهم ، وقد سبق لي كلام معهم في ذلك ، والمؤيد أخذ ذلك عنهم بالتسليم .

    وأما مسألة وحدة الإنسان ، فإنما يعنون بها دعوة الناس إلى دينهم المبني على عبادة البشر وتقديسهم ، حتى قال داعيتهم أبو الفضل في أحد الملاهي العامة بمصر في البهاء : ( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ) ، فتلونا نحن فاصلة الآية  سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ  ( الطور : 43 ) ، والمسلمون يدعون إلى اتحاد البشر واتفاقهم على عبادة الله وتقديسه وحده ، وجعلهم أخوة في الإسلام ، لا يفرق بينهم تعصب لدين ولا جنس ولا وطن ولا غير ذلك ، والنصارى يدعون أيضًا إلى وحدة الإنسان في النصرانية ، وعبادة المسيح عبد الله ورسوله ( عليه السلام ) ، فبماذا امتاز البهائية .

    ألا فليعلم الناس أن هؤلاء الباطنية قد قصدوا في وضع تعاليمهم الأولى محو الإسلام ، وإزالة سلطانه من الأرض ، وضعها بعض مجوس الفرس لمَّا فتح المسلمون بلادهم وأزالوا ملكهم ، واستعانوا عليها بالشيعة وهو حزب سياسي يرى أن الحكومة يجب أن تكون ( أرستقراطية ) للأشراف من آل بيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فصاروا يبثون دعوتهم في هذا الحزب بحمله على الغلو في بُغْض عمر بن الخطاب الذي فتح بلادهم ، و أبي بكر وجمهور الصحابة الذين كانوا أقرب إلى القول بحكومة الشعب ( الديمقراطية ) وقد وجد هذان الحزبان في الإسلام ، ووجد فيهم حزب الفوضوية أيضًا وهم الخوارج ، كما وجد ذلك عند غيرهم ؛ لأن وجود هذه الأحزاب السياسية طبيعي في البشر ، وكذلك خَلْقُ الغلُوِّ طبيعي في البشر ؛ ولذلك نجح الباطنية في دعوة غلاة الشيعة إلى تكفير جماهير الصحابة ، ورميهم بكتمان بعض القرآن ، ولم يدروا أن ذلك يعدّ طعنًا في أئمة آل البيت الذين يتعصبون لهم ؛ لأن رئيسهم عليًّا كرم الله وجهه كان يحفظ القرآن كله ، فلماذا لم يظهر المكتوم ؟ إنهم يجيبون عن هذا بما لا يقبله ذو عقل مستقل كالتقية ، وما كان عليّ بالجبان فيخاف في إظاهر أساس دينه أحدًا ، على أنه كان يمكنه أن يبث ذلك سرًّا في آل بيته وشيعته ، وغرض الباطنية إخراج الشيعة من الإسلام ، كما كانوا يريدون إخراج غيرهم ، ولكنهم خابوا ولا يزالون خائبين ، وللمسلمين من الشيعة وغيرهم السلطان والبرهان الغالب عليهم ، ولمَّا ظهر غلاة المتصوفة توسل الباطنية بهم إلى مقصدهم أيضًا ، فأضلوا كثيرًا من الناس ، ولكن الإسلام ظل غالبًا على أمره في الصوفية أيضًا إلا من كان أو صار من الباطنية ، وسنزيد هذه المسألة بيانًا ، وعسى أن ينشر مدير المؤيد هذا في جريدته ؛ ليزيل الإيهام الذي علق بالأذهان من كلامه ، ولا يعقل أن يكون مقصودًا له ؛ لأن آحاد العامة المتهاونين في الدين لا يمهدون السبيل لدعوة دين وُضِعَ لمحو دينهم ، فكيف يفعل ذلك مثل مدير المؤيد ؛ وهو من يعدّ من خواص المسلمين في علمه وسياسته .

    ومن أراد أن يعرف تاريخ هؤلاء البابية وشيئًا من التفصيل في دينهم ، فيطالع كتاب مفتاح الأبواب تأليف الدكتور محمد مهدي خان ، وثمنه خمسة عشر قرشًا صحيحًا ، ويوجد في مكتبة المنار وغيرها .
    ________________________

    ((مجلة المنار ـ المجلد [13] الجزء [10] ص 785 ‌ شوال 1328 ـ نوفمبر 1910))

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي

    جزاك الله خير الجزاء اخي د. منذر على هذا الموضوع الهام والذي استفدت منه الكثير وخصوصا الامور التي كنت اجهلها واصبحت واضحه الان.
    وسبحان الله العظيم وبحمده
    اثابكم الله

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  3. #3
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    09/04/2007
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0

    Thumbs up حضرة عبد البهاءمركز العهد والميثاق (١٨٤٤-١٩٢١)

    [ حضرة عبد البهاء
    مركز العهد والميثاق (١٨٤٤-١٩٢١)


    في الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) عام ١٩٢١ احتشد جمع غفير من الناس قُدّر عدده بعشرة آلاف شخص يمثّـلون المذاهب والاتجاهات الدينية المختلفة، من يهود ومسيحيين ومسلمين، لتشييع جثمان حضرة عبد البهاء عباس الى مقرّه الأخير فوق جبل الكرمل بالأراضي المقدسة في مدينة حيفا. كان حضرة عبد البهاء الإبن الأرشد لحضرة بهاء الله. عيّنه والده ليخلُفه ممثّلاً لتعاليمه ومبيّناً لآياته وآثاره، وكسب حضرة عبد البهاء في حياته حبّ الجماهير وعطفهم فقامت الحشود التي جاءت لتأبينه بالتعبير عما تَكنّه له من احترام واعتزاز وتقدير معتبرين إياه جوهر الفضل والحكمة والجود والعرفان.(١) وقد وصفه أحد زعماء المسلمين بأنّه "ركن من أركان السلام" جسّد في شخصه "الجلال والعظمة،"(٢) بينما أشار اليه خطيب من الخطباء المسيحيين بقوله إنَّه مُرشد الإنسانيّة نحو "طريق الحقّ،"(٣) وأضاف الى ذلك أحد الأئمة الروحانيين من اليهود فاعتبر حياة حضرة عبد البهاء "مثلاً أعلى للتضحية والفناء"(٤) في سبيل خدمة العالم البشري. وعلّق أحد الزوّار الغربيين فقال في وصف موكب الجنازة "اجتمعت جموع غفيرة آسفة على موته ومستبشرة بذكرى حياته."(٥)

    عُرِفَ حضرة عبد البهاء في كلٍّ من ديار الشرق والغرب بأنَّه سفير السّلام ونصير العدل وأبرز مَنْ حَمَل لواء الدين الجديد. ففي سلسلة من الرحلات التاريخية عَبْر أوروبا وأقطار أمريكا الشمالية، قام حضرة عبد البهاء، بالقول والعمل، ينشر المبادئ الرئيسة لدين والده الجليل بالحجّة والبرهان دون أنْ يفتر له عزم. فأَكَّد بأنَّ "المحبة هي النّاموس الأعظم" والسبب الأَكبر "لتمدّن الأمم"(٦) وأنَّ "الإنسانيّة في أشدّ الحاجة الى التعاون وتبادل المنافع بين الناس جميعاً."(٧)

    وكتب مُعلِّقٌ على رحلات حضرة عبد البهاء لأمريكا فقال: "حينما زار حضرة عبد البهاء هذه البلاد للمرّة الأولى سنة ١٩١٢ وَجَد جمهوراً كبيراً مُحِبّاً ينتظرونه ليُحيّوه بأشخاصهم وليتَسلَّموا من شفتيه رسالته في المحبة والروحانية ... ومن وراء الكلمات المنطوقة كان هناك شيء في شخصيته لا يمكن وصفه، وكان هذا الشيء يؤثّر تأثيراً عميقاً في كلّ مَنْ فاز بمحضره، فرأسه الذي يشبه القبة، ولحيته الأبوية، وعيناه اللّتان كانتا تبدوان وكأنهما تنظران الى ما وراء الزمن والحسّ، وصوته الواضح النفّاذ رغم انخفاضه وتواضعه الخالص، ومحبته الغلاّبة، وفوق كلّ شيء ذلك الإحساس بالقوة يخالطها اللطف الذي زوّد كيانه كلّه بجلال نادر نابع من الغبطة الروحية الذي نأى به عن الناس من ناحية وقرّبه من ناحية أخرى الى أوضع النفوس، كلّ ذلك وكثير مما لا يمكن تعريفه خَلَقَ عند العديدين من أصدقائه ذكريات لا يمكن أن تُمحى، ذكريات نفيسة لا يمكن أن تُوصف بوصف."(٨)

    بَيدَ أَنَّه لا يمكن لهذه الأوصاف كلّها أنْ تحيط إحاطة تامّة بالمقام الفريد الذي يتمتَّع به حضرة عبد البهاء في التاريخ الديني، رغم ما كان لشخصيته الفذّةِ من جاذبية ولبصيرته الثاقبة من فهم عميق لمعنى الحياة الإنسانيّة وسَبْرِ غَوْرها. وقد وجّه حضرة بهاء الله هذه الكلمات الى أتباعه واصفاً حضرة عبد البهاء بأنّه "وديعة الله"(٩) بينهم و "الفضل الأَعظم"(١٠) عليهم، مضيفاً الى هذه النعوت والأوصاف قولَه الموجّه الى حضرة عبد البهاء نفسه "إنَّا جعلناكَ حِرْزاً للعالمين وحفظاً لمن في السموات والأرضين وحِصْناً لمن آمن بالله الفرد الخبير."(١١) وتوّج كلَّ ما سبق ذكرُه فوصف حضرة عبد البهاء مرة اخرى بأنه "غُصْن الله الأعظم العظيم وسرُّ الله الأَقْوم القديم."(١٢) وتشيد الآثار البهائية بشخصيّة حضرة عبد البهاء وتُشير إلى "كيفيّة اختلاط الخصائص المتباينة وانسجامها انسجاماً كاملاً في [شخصيته]، وهي خصائص الطبيعة الإنسانيّة والمعرفة الإلهيّة الغيبيّة."(١٣)

    لقد كان موضوعُ الخلافة الدينية قضيةً شائكة بالنسبة لكل الأديان السماوية. وتَسَبَّبَ عدمُ حسمها في خلق ما لا يمكن تلافيه من الضغائن والاختلافات المذهبيّة. فالغموض الذي اكتنف موضوعَ الخلافتين المسيحية والاسلاميّة مثلاً أدّى الى خلافات عريضة في تفسير النصوص الإلهيّة المقدسة وقيام نزاع ديني مرير في كلتيّ الديانتين. لقد أمر حضرة بهاء الله أتباعه في هذا الدور أن يتوجّهوا إلى حضرة عبد البهاء من بعده ووضّح ذلك في بنود وصيته المعروفة "بكتاب عهدي" حيث ذكر: "إِذا غِيضَ بحرُ الوِصَال، وقُضي كتاب المبدأ في المآل، توجّهوا الى من أراده الله الذي انشعب من هذا الأصل القديم. وقد كان المقصود من هذه الآية المباركة الغصن الأعظم [حضرة عبد البهاء]."(١٤)

    بتعيين حضرة عبد البهاء خلفاً له اختار حضرة بهاء الله الوسيلة التي عن طريقها يمكن نشر رسالته الزاخرة بالأمل والداعية الى السلام العالمي في كل أنحاء المعمورة، ومن ثَمَّ الى تحقيق الوحدة والألفة بين جميع البشر. لقد كان حضرة عبد البهاء باختصار مركزاً للعهد والميثاق الذي جاء به حضرة بهاء الله ضماناً لوحدة الجامعة البهائية وصيانةً لمبادئه وتعاليمه لتبقى تلك التعاليم مُنزّهة عن التحريف والتغيير. فحضرة عبد البهاء كمركز للعهد والميثاق هو قطب الاتحاد يلتف حوله المؤمنون لتبقى كلمة الله طاهرة نقيّة. ولا يدع حضرة بهاء الله لنا مجالاً للشك في ما يعنيه حينما يخاطب حضرة عبد البهاء في أحد ألواحه قائلاً: "البهاء عليك، وعلى من يخدمك ويطوف حولك، والويل والعذاب لمن يخالفك ويؤذيك. طوبى لمن وَالاك والسّقر لمن عاداك."(١٥)

    أصبح حضرة عبد البهاء بصفته المبيّن الرسمي لتعاليم حضرة بهاء الله "اللسان الناطق بفحوى كتاب الله، والشارح لكلمة الله."(١٦) فبدونه لما كان في الإمكان بعث القوة الخلاّقة الهائلة في رسالة حضرة بهاء الله لتعمّ الإنسانيّة، ولا كان من المستطاع إدراك معناها إدراكاً عميقاً كاملاً. وهكذا قام حضرة عبد البهاء بشرح تعاليم دين والده، وفصّل معتقدات ذلك الدين، ورسم المعالم الرئيسة لمؤسساته الادارية. ولقد كان بالفعل القائد السّديد الذي شيّد كيان الجامعة البهائية السريعة النموّ والانتشار. وإضافة الى كلّ ذلك فقد غرس حضرة بهاء الله في حضرة عبد البهاء "الفضائل والكمالات الشخصية والاجتماعية، وأراده مَثَلا أَعلى تحتذي به الإنسانيّة على الدوام."(١٧) وبما أَنَّ حضرة عبد البهاء كان المَثَـل لتعاليم حضرة بهاء الله ومركزاً لعهده وميثاقه فقد أصبح "مَرجِعاً مصوناً من الخطأ لتنفيذ الكلمة الإلهيّة باتخاذ الإجراءات العمليّة من أجل بناء حضارة إنسانيّة جديدة."(١٨)

    وبالنظر الى أحداث الماضي يبدو واضحاً أنَّ حضرة بهاء الله كان حريصاً على تهيئة حضرة عبد البهاء ليرعى شؤون أتباعه من بعده. فقد ولد حضرة عبد البهاء في الثالث والعشرين من شهر أيار (مايو) عام ١٨٤٤ في الليلة ذاتها التي أعلن فيها الباب مولد دورة دينية جديدة، كما أنَّه شارك ولمّا يزل طفلاً والده العظيم صنوف المعاناة إِبّان موجة الاضطهاد والعنف التي تعرّض لها أتباع الباب. وكان عمره ثماني سنوات عندما سُجن والده حضرة بهاء الله لكونه من المدافعين عن الدعوة البابية وأحد أنصارها البارزين. ثم صَحِب والده العظيم طوال سنوات النّفي من بلاد فارس الى عاصمة الإمبراطورية العثمانية الى أنْ انتهى به المُقَام في فلسطين. ولما بلغ حضرة عبد البهاء أَشُدَّه صار الرفيقَ الحميم لوالده ونائباً له ودرعاً يحميه، وممثّـله الشخصي الرئيسي لدى القيادات الروحية والسياسية آنذاك. أما مواهبه غير العادية المتمثّـلة في قيادته الحكيمة، وعلمه الواسع، وخدماته الخيّرة فقد جلبت الهيبة والاحترام لجامعة المنفيين من أَتباع حضرة بهاء الله. واخيراً تولى قيادة الدين البهائي إثْرَ صعود حضرة بهاء الله في شهر أيار (مايو) عام ١٨٩٢.

    وبعد مرور أربعة عقود من الزمان، تحمّل فيها حضرة عبد البهاء السجن والمعاناة، بدأ عام ١٩١١ رحلاته الى الغرب، وهناك عرض ببساطة مدهشة على الشريف والوضيع دونما تفرقة نظام حضرة بهاء الله لتجديد المجتمع الإنساني روحياً وخلقياً. فصرح حضرة عبد البهاء بأن "دعوة الحقّ هذه قد بَعَثَتْ في هيكل الإنسانيّة حياة جديدة، ونفخت في عالم الخَلْق روحاً جديدة، فأنعشت قلوب البشر وضمائرهم، ولن يَطولَ الزمان كي تظهر أثار هذا البَعْث الجديد فيستيقظ أولئك الذين ذهبوا في سبات عميق."(١٩)

    وكان من أَبرز العناصر الجوهرية للنظام الإلهيّ الذي أَعلنه لقادة الرأي العام والى الجماهير على السواء في أثناء سفراته التبليغيّة، "التحرّي عن الحقيقة تحرّياً مستقلاً دون تقيّد بالخرافات ولا بالتقاليد، ووحدة الجنس البشري قطب مبادئ الدين وأساس معتقداته والوحدة الكامنة وراء جميع الأَديان، والتبرّؤ من كل أَلْوان التعصب الجنسي والديني والطبقي والقومي، والوئام الذي يجب أنْ يسود بين الدين والعلم، والمساواة بين الرجل والمرأة فهما الجناحان اللذان يعلو بهما طائر الجنس البشري، ووجوب التعليم الإجباري، والاتفاق على لغة عالمية إضافية، والقضاء على الغنى الفاحش والفقر المدقع، وتأسيس محكمة عالمية لفضّ النزاع بين الأمم، والسموّ بالعمل الذي يقوم به صاحبه بروح الخدمة الى منزلة العبادة، وتمجيد العدل على أنه المبدأ المسيطر على المجتمع الإنساني، والثناء على الدين كحصن لحماية كل الشعوب والأمم، واقرار السلام الدائم العام كأسمى هدف للبشرية."(٢٠)

    أَكّد حضرة عبد البهاء مراراً وتكراراً بأَنه ليس الاّ "المبشّر بالسلام والتفاهم" و "المدافع عن مبدأ وحدة الجنس البشري" و "العامل على دعوة الإنسانيّة لاستقبال مملكة الله" على الأرض. ورغم ما لَقِيَتْه دعوته من القبول والاستحسان رأى من الضرورى أَنْ يوضّح بكل صدق وأمانة مصدر إِلهامه وحقيقة مقامه، فكتب الى أتباعه في أمريكا قائلاً:

    "إِنَّ اسمي عبد البهاء، وصفتي عبد البهاء، وذاتي عبد البهاء، وحقيقتي عبد البهاء، وحمدي عبد البهاء، وعبوديتي للجمال المبارك هي إكليلي الجليل ... فليس لي أبداً ولن يكون لي اسم أو لقب أو ذِكْر أو ثناء سوى إنَّني عبد البهاء، إنَّ هذا هو أملي وغاية رجائي، وفي هذا حياتي الأبدية ومجدي الخالد."(٢١)


    وهكذا رفض حضرة عبد البهاء أنْ يترك أَدنى شك لدى أيّ من أتباعه بأَنه ليس سوى خادم حضرة بهاء الله المخلص الأمين وعبده القائم على خدمته، وأنَّ كلّ ما يحقّقه من إنجاز إنَّما يتمّ بفضل حضرة بهاء الله وتأييده وبركاته، وأَنّه مدين في كلِّ ما يقوله من قول ويفعله من فعل لوالده الجليل، صاحب الرسالة الإلهيّة لهذا العصر.

    اعلى



    --------------------------------------------------------------------------------
    (١) H.M. Balyuzi, ‘Abdu’l-Bahá: The Centre of the Covenant of Baha’u’llah, Oxford, George Ronald, 1992, p. 466
    (٢) المصدر السابق، ص ٤٦٦.
    (٣) المصدر السابق، ص ٤٦٧.
    (٤) المصدر السابق، ص ٤٧١.
    (٥) شوقي أفندي، كتاب القرن البديع، من آثار حضرة ولي امر الله شوقي أفندي رباني، ترجمة الدكتور السيد محمد العزّاوي، من منشورات دار النشر البهائية في البرازيل، ٢٠٠٢، ص ٣٦٩.
    (٦) عبد البهاء، منتخباتي از مكاتيب حضرت عبد البهاء، ويلمت، لجنة نشر آثار امري، ١٩٧٩، ص٢٥.
    (٧) Abdu’l-Baha, The Promulgation of Universal Peace, Wilmette, Baha’i Publishing Trust, 1978, p.27
    (٨) شوقي أفندي، كتاب القرن البديع، ص٣٤١.
    (٩) شوقي أفندي، دور بهائي، لانكنهاين: لجنة نشر آثار امرى، ١٩٨٨، ص٦٠.
    (١٠) المصدر السابق، ص٦٠.
    (١١) المصدر السابق، ص٦١.
    (١٢) المصدر السابق، ص٦٢.
    (١٣) شوقي افندي، دورة حضرة بهاء الله: ملحق الادارة البهائية، الاسكندرية، المحفل الروحاني المركزي للبهائيين بالقطر المصري والسودان، ١٩٤٧، ص٤٦.
    (١٤) حضرة بهاء الله، مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله نزلت بعد الكتاب الاقدس، من منشورات دار النشر البهائية في بلجيكا، ١٩٨٠، ص ٢٠٠.
    (١٥) شوقي افندي، دورة حضرة بهاء الله: ملحق الادارة البهائية، ص٤٨.
    (١٦) من رسالة بيت العدل الاعظم الموجّهة الى البهائيين في العالم. ٢٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٩٣.
    (١٧) المصدر السابق .
    (١٨) المصدر السابق.
    (١٩) شوقي افندي، نظم جهان بهائي، منتخباتي از آثار صادره از قلم حضرت ولي امر الله، دانداس: مؤسسه معارف بهائي، ص١١٠-١١١.
    (٢٠) شوقي افندي، كتاب القرن البديع، ص٣٢٩.
    (٢١) شوقي افندي، دورة حضرة بهاء الله: ملحق للادارة البهائية، ص٥٣.[/color][/size]


  4. #4
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    09/04/2007
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0

    Thumbs up المبادئ والاحكام التي اعلنها حضرة بهاء الله(هذه حقيقه البهائيه من اهلها)

    لا يمكن التعريف بالمبادئ والتعاليم والأحكام التي أمر بها حضرة بهاء الله في العُجالة التي يفرضها الحيز المحدود لهذه الصفحات، ولكن يكفي أن يتعرّف القارئ - مؤقتاً - على بعض الدعائم الأساسية التي يقوم عليها الدين البهائي وتتناول تفصيلها تعاليمه وأحكامه، حتى يتسنّى له أن يلمس بنفسه مدى قدرتها على إبراء العالم من علله المميتة، ويرى بعينه النور الإلهي المتشعشع من ثناياها، فتتاح لمن يريد المزيد من البحث والتحرّي أن يواصل جهوده في هذا السبيل.

    وأول ما يسترعي الانتباه في المبادئ التي أعلنها حضرة بهاء الله طبيعتها الروحانية البحتة، فهي تأكيد بأن الدين ليس مجرد نعمة سماوية فحسب، بل هو ضرورة لا غِنى عنها لاطمئنان المجتمع الإنساني واتحاده وهما عماد رُقيّه مادياً وروحانياً*. وفي ذلك يقول حضرة بهاء الله: "إن الدين هو النور المبين والحصن المتين لحفظ أهل العالم وراحتهم، إذ أن خشية الله تأمر الناس بالمعروف وتنهاهم عن المنكر"١ كما يتفضل أيضاً في موضع آخر: "لم يزل الدين الإلهي والشريعة الربانيّة السبب الأعظم والوسيلة الكبرى لظهور نيّر الاتحاد وإشراقه*. ونموّ العالم وتربية الأمم، واطمئنان العباد وراحة من في البلاد منوط بالأصول والأحكام الإلهية"٢.

    ولكن القدرة والحيوية والإلهام التي يفيض بها الدين على البشر لا يدوم تأثيرها في قلوبهم إلى غير نهاية، لأن القلوب البشرية بحكم نشأتها خاضعة لناموس الطبيعة الذي لا يعرف الدوام بدون تغيير. وقد ذكر سبحانه وتعالى في مواضع عدة من القرآن الكريم قسوة قلوب العباد من بعد لينها لكلماته كما جاء في سورة الحديد مثلاً: "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُم وَكَثِيرٌ مِنْهُم فَاسِقُونَ"٣.

    فَبدارُ الناس إلى الاستجابة لأوامر الله محدّد بأمد معيّن، تقسوا قلوبهم من بعده وتـتحجّر فتضعف استجابتها لكلمة الله وبالتالي لإسلام الوجه إليه، فينتشر الفساد إيذاناً بحين الكَرَّةِ. فَتَعاقُبُ الأديان ليس مجرد ظاهرة مطّّردة فحسب، بل هي تجديد متكرّر للرباط المقدس بين الإنسان وبارئه، وتجديد للقوى التي عليها يتوقف تقدّمه، وتجديد للنّهج الذي يضمن بلوغه الغاية من خلقه، فهو بمثابة الربيع الذي يجدّد عوده المنتظم نضرة الكائنات،* ولذا يصدق عليه اسم البعث الذي يُطلقُ الطاقة الروحانيّة اللازمة لنماء المواهب الكامنة في الوجود الإنساني. وفي هذا المعنى يتفضل حضرة بهاء الله: "هذا دين الله من قبل ومن بعد مَن أراد فليقبل ومَن لم يرد فإن الله لغنيّ عن العالمين"٤.

    فتجديد الدين إذاً، سُنّة متواترة بانتظام منذ بدء النشأة الأولى، وهو تجديد لأن أصول الرسالات السماوية ثابتة وواحدة، وكذلك غاياتها ومصدرها، ولكن أحكامها هي العنصر المتغيّر وفقاً لمقتضى الحاجة في العصر الذي تظهر فيه، لأن مشاكل المجتمعات الإنسانية تتغير، ومدارك البشرية تنمو وتتبدل، ولا بد من أن يواجه الدين هذا التغيير والتبديل فيحل مشاكل المجتمع ويخاطب البشر بحسب نمو مداركهم، وإلاّ قَصَّرَ عن تحقيق مهامه. ‬فما جاء به الأنبياء والرسل كان بالضّرورة على قدر طاقة الناس في زمانهم وفي حدود قدرة استيعابهم، وإلاّ لما صلح كأداة لتنظيم معيشتهم، والنهوض بمداركهم في التقدم المتواصل نحو ما قَدَّرهُ الله لهم.

    والمتأمل في دراسة الأديان المتتابعة بدون تعصّب يرى في تعاليمها السامية خطة إلهية تتضح معالمها على وجه التدريج، غايتها توحيد البشر. فالواضح في تعاليم الأديان المختلفة سعيها المتواصل لتقارب البشر وتوحيد صفوفهم على مراحل متدرجة وفقاً للإمكانيات المتوفرة في عصورهم. ولهذا فإن المحور الذي تدور حوله جميع تعاليم الدين البهائي هو وحدة الجنس البشري قاطبة؛ اتحاد لا يفصمه تعصّب جنسي أو تعصّب ديني أو تعصّب طائفي أو تعصّب طبقي أو تعصّب قومي، وهذا في نظر التعاليم البهائية أسمى تعبير للحب الإلهي، وهو في الواقع أكثر ما يحتاجه العالم في الوقت الحاضر*.

    ولكن لا يمكن تحقيق هذا الركن الركين لسلام البشرية ورخائها وهنائها إلاّ بقوة ملكوتية، ومَدَدٍ من الملأ الأعلى مُؤيَّدٍ بشديد القوى، لأنه هدف يخالف المصالح المادية التي يهواها الإنسان ويسعى إليها بحكم طبيعته، وكلّها مصالح متباينة ومتضاربة ومؤدّية إلى الاختلاف والانقسام. وقد نبّه حضرة عبد البهاء إلى التزام البهائيين بهذا المبدأ بقوله: "إن البهائي لا ينكر أي دين، وإنما يؤمن بالحقيقة الكامنة فيها جميعاً، ويفدي نفسه للتمسك بها، والبهائي يحب الناس جميعاً كأخوته مهما كانت طبقتهم أو جنسهم أو تبعيّـتهم، ومهما كانت عقائدهم وألوانهم سواء أكانوا فقراء أم أغنياء، صالحين أم طالحين".‬

    ولو أعدنا قراءة التاريخ وتفسير أحداثه بمعايير روحانية لتَحَقَّقَ لنا أن هذا الهدف لم يهمله الرسل السابقون، وإنما اقتضت ظروف أزمنتهم تحقيق أهداف كانت حاجة البشرية لها أكبر في عصورهم، والاكتفاء بالتمهيد للوحدة الإنسانية انتظاراً لحين توفر الوسائل المادية والمعنوية لتحقيقها. وقد وَحّدت تعاليم السيد المسيح بين المصريين والأشوريين وبين الرومان والإغريق بعد طول انقسام وعديد من الحروب المهلكة. كما وَحّدت تعاليم الإسلام بين قبائل اتخذت من القتال وسيلة للكسب، وجمعت أقواماً متباينة مآربها، مختلفة حضاراتها، متنوعة ثقافاتها، متعددة أجناسها؛ من عرب وفرس وقبط وبربر وأشوريين وسريان وترك وأكراد وهنود وغيرها من الأجناس والأقوام*.

    وهكذا تهيأت بالتدريج الوسائل والظروف لكي تُشيِّدَ التعاليم البهائية الاتّحاد الكامل الشامل للجنس البشريّ بأسره في هذا العصر الذي يستعصي فيه التوفيق بين ثقافات وحضارات الشرق والغرب، ويقدم توحيدهما تحدّياً أعظم من التحديات التي اعترضت سبيل توحيد الأمم في العصور السالفة*.

    ألا يذكرنا التوافق بين ظهور رسالة حضرة بهاء الله والتغيير الذي شمل أوضاع العالم بالتغييرات الجَذرِيَةِ التي حقّقتها الرسالات الإلهية السابقة في حياة البشر؟ ألا يدعونا هذا التوافق إلى التفكير في الرباط الوثيق بين الآفاق الجديدة التي جاءت في رسالة حضرة بهاء الله وبين التفتّح الفكري والتقدم العلمي والتغيير السياسي والاجتماعي الذي جدّ على العالم منذ إعلان دعوته؟

    ومهما بدت شدة العقبات وكثرتها فقد حان يوم الجمع بعد أن أعلن حضرة بهاء الله: "إن ربّكم الرحمن يحبّ أن يرى مَن في الأكوان كنفس واحدة"٥، ويتميز المجتمع البهائي العالمي اليوم بالوحدة التي تشهد لهذا الأمر والتي جمعت نماذج من كافة الأجناس والألوان والعقائد والأديان والقوميات والثقافات وأخرجت منها خلقاً جديداً، إيذاناً بقرب اتحاد البشرية وحلول السلام والصلح الأعظم، إنها المحبة الإلهية التي تجمع شتات البشر فينظر كل منهم إلى باقي أفرادها على أنهم عباد لإله واحد وهم له مسلمون. إنّ فطرة الإنسان التي فطره الله عليها هي المحبة والوداد، والأخوة الإنسانية منبعثة من الخصائص المشتركة بين أفراد البشر، فالإنسانية بأسرها خلق إرادة واحدة، وقد خرجت من أصل واحد، وتسير إلى مآل واحد، ولا وجود لأشرار بطبيعتهم أو عصاة بطبعهم، ولكن هناك جهلة ينبغي تعليمهم، وأشقياء يلزم تهذيبهم، ومرضى يجب علاجهم. حينئذ تنتشر في الأرض أنوار الملكوت، ويملأها العدل الإلهيّ الموعود*.

    كان الاتحاد دائماً هدفاً نبيلاً في حدّ ذاته، ولكنه أضحى اليوم ضرورة تستلزمها المصالح الحيويّة للإنسان*. فالمشاكل التي تهدّد مستقبل البشريّة مثل: حماية البيئة من التلوث المتزايد، واستغلال الموارد الطبيعيّة في العالم على نحو عادل، والحاجة الماسة إلى مشروعات التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة في الدول المتخلّفة، وإبعاد شبح الحرب النوويّة عن الأجيال القادمة، ومواجهة العنف والتطرف اللذين يهددان بالقضاء على الحريّات والحياة الآمنة، وعديد من المشاكل الأخرى، يتعذّر علاجها على نحو فعّال إلاّ من خلال تعاون وثيق مخلص يقوم على أسس من الوفاق والاتحاد على الصعيد العالمي، وهذا ما أوجبه حضرة بهاء الله: "يجب على أهل الصفاء والوفاء أن يعاشروا جميع أهل العالم بالرَّوح والرّيحان لأن المعاشرة لم تزل ولا تزال سبب الاتحاد والاتفاق وهما سببا نظام العالم وحياة الأمم*. طوبى للذين تمسّكوا بحبل الشفقة والرأفة وخلت نفوسهم وتحرّرت من الضغينة والبغضاء"٦.

    علّمنا التاريخ،* وما زالت تعلّمنا أحداث الحاضر المريرة، أنّه لا سبيل لنزع زؤان الخصومة والضغينة والبغضاء وبذر بذور الوئام بين الأنام، ولا سبيل لمنع القتال ونزع السلاح ونشر لواء الصلح والصلاح، ولا سبيل للحدّ من الأطماع والسيطرة والاستغلال، إلا بالاعتصام بتعاليم إلهية وتشريع سماوي تهدف أحكامه إلى تحقيق هذه الغايات، و‬من خلال نظام عالمي بديع يرتكز على إرساء قواعد الوحدة الشاملة لبني الإنسان وتوجيه جهوده إلى المنافع التي تخدم المصالح الكلية للإنسانية*.

    وفي الحقيقة والواقع أَنَّ حسنَ التفكيرِ والتدبيرِ مساهمان وشريكان للهداية التي يكتسبها الإنسان من الدين في تحقيق مصالح المجتمع وضمان تقدّمه. فإلى جانب التسليم بأن الإلهام والفيض الإلهي مصدر وأساس للمعارف والتحضّر، لا يجوز أن نُغفِل دور عقل الإنسان أو نُبخّس حقّه في الكشف عن أسرار الطبيعة وتسخيرها لتحسين أوجه الحياة على سطح الأرض، فهو من هذا المنظور المصدر الثاني للمعارف اللازمة لمسيرة البشرية على نهج التمدّن، والتعمّق في فهم حقائق العالم المشهود*.

    وقد تعاون العلم والدين في خلق الحضارات وحلّ مشاكل ومعضلات الحياة*، وبهما معاً تجتمع للإنسان وسائل الراحة والرخاء والرقي ماديّاً وروحانيّاً*. فهما للإنسان بمثابة جناحي الطير، على تعادلهما يتوقّف عروجه إلى العُلى، وعلى توازنهما يقوم اطّراد فلاحه. أما إذا مال الإنسان إلى الدين وأهمل العلم ينتهي أمره إلى الأوهام وتسيطر على فكره الخرافات، وعلى العكس إذا نحا نحو العلم وابتعد عن الدين، تسيطر على عقله وتفكيره ماديّة مفرطة، ويضعف وجدانه*، مع ما يجرّه الحالان على الإنسانية من إسفاف وإهمال للقيم الحقيقية للحياة. ولعلّ البينونة التي ضاربت أطنابها بين الفكر الديني والتفكير العلمي هي المسؤول الرئيس عن عجز كليهما عن حسن تدبير شؤون المجتمع في الوقت الحاضر.

    لقد وهب الله العقل للإنسان لكي يحكم به على ما يصادفه في الحياة فهو ميزان للحكم على الواقع، وواجب الإنسان أن يوقن بصدق ما يقبله عقله فقط، ويعتبر ما يرفضه عقله وهماً كالسراب يحسبه الناظر ماء ولكن لا نصيب له من الحقيقة. أما إذا دام الإصرار على تصديق ما يمجّه العقل فما عساها تكون فائدة هذه المنحة العظمى التي منّ الله بها على الإنسان وميّزه بها عن الحيوان. فكما أن الإنسان لا يكذّب ما يراه بعينيه أو ما يسمعه بأذنيه فكذلك لا يسعه إلاّ أن يصدّق بما يعيه ويقبله عقله. والحقّ أن العقل يفوق ما عداه من وسائل الإدراك فكل الحواس محدودة في قدراتها بالنسبة للعقل الذي لا تكاد تحدّ قدراته حدود، فهو يدرك ما لا يقع تحت الحواس ويرى ما لا تراه العين وينصت لما لا تصله إلى سمعه الآذان، ويخرق حدود الزمان والمكان فيصل إلى اكتشاف ما وقع في غابر الأزمان ويبلغ إلى حقائق الكون ونشأته والناموس الذي يحكم حركته. ومن الحق أن كل ما عرفه الإنسان من علوم وفنون واكتشافات وآداب هي من بدع هذا العقل ونتاجه. أفلا يكفي عذراً إذن لمن ينكرون الدين في هذه الأيام أن كثيراً من الآراء الدينية التي قال بها المفسرون القدماء مرفوضة عقلاً، ومناقضة للقوانين العلمية والقواعد المنطقية التي توصل إليها العقل؟

    والمبدأ المرادف للمبدأ السابق هو مسئولية الإنسان في البحث عن الحقيقة مستقلاً عن آراء وقناعات غيره، وبغض النظر عن التقاليد الموروثة والآراء المتوارثة عن السلف والقدماء مهما بلغ تقديره لمنزلتهم ومهما كانت مشاعره بالنسبة لآرائهم. وبعبارة أخرى يسعى لأن تكون أحكامه على الأفكار والأحداث صادرة عن نظر موضوعي نتيجة لتقديره ورأيه تبعاً لما يراه فيها من حقائق. إن الاعتماد على أحكام وآراء الغير تَسبّبَ في الإضرار بالفكر الديني والتفكير العلمي وملكة الإبداع في كثير من الأمم، فإحباط روح البحث والتجديد التي نعاني منها اليوم كانت نتيجة التقليد الأعمى واتباع ما قاله السلف والتمسك بالموروث بدون تدقيق في مدى صحته أو نصيبه من الحقيقة أو اختبار أوجه نفعه*.

    فواجبنا اليوم أن نتحرّى الحقيقة ونترك الخرافات والأوهام التي تشوب كثيراً من تصورات ومفاهيم وتفاسير السلف في مختلف الميادين وعلى الأخص فيما يتعلق بالمعتقدات والتفاسير الدينيّة. لقد خلق الله العقل في الإنسان لكي يطلع على حقائق الأشياء لا ليقلد آباءه وأجداده تقليداً أعمى. وكما أن كل من أُوتِيَ البصر يعتمد عليه في تبيّن الأشياء، وأن كل من أُوتِيَ السمع يعتمد عليه في التمييز بين الأصوات، فكذلك واجب كل من أُوتِيَ عقلاً أن يعتمد عليه في تقديره للأمور ومساعيه لتحري الحقيقة واتباعها. وذلك هو النصح والتوجيه الإلهي حيث قال تعالى: "وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمَعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهِ مَسْئُولاً"٧‬.

    وإهمال المرء الاستقلال في بحثه وأحكامه يورث الندامة. فقد رفض اليهود كلاّ من رسالة المسيح ورسالة محمد نتيجة لإحجامهم عن البحث المستقلّ عن الحقيقة واتباع التقاليد والأفكار الموروثة، من ذلك نبوءات مجيء المسيح - التي وِفقاً للتفاسير الحرفية التي قال بها السلف - أنه سيأتي مَلَكاً ومن مكان غير معلوم بينما بُعث المسيح فقيراً وجاءهم من بلدة الناصرة، وبذلك أضلّتهم أوهام السلف عن رؤية الحقيقة الماثلة أمام أنظارهم ومنعتهم عن إدراك المعاني الروحانية المرموز إليها في تلك النبوءات. ثم أدّى التشبث بمفاهيم السلف إلى بث الكراهية والعداوة بينهم وبين أمم أخرى دامت إلى يومنا هذا. وما ذلك إلاّ بسبب الانصراف عن إعمال العقل والاستقلال في التعرف على الحقيقة*.

    ومن مبادئ الدين البهائي التحرّر من جميع ألوان التعصب*. فالتعصبات أحكام ومعتقدات نسلّم بصحتها بدون مزيد بحث أو تحرٍّ لحقيقتها، ونتخذها أساساً لتحديد مواقفنا، وعلى هذا تكون التعصبات جهالة من مخلّفات التفكير القبليّ، وأكثر ما يعتمد عليه التعصب هو التمسك بالمألوف وتجنب الجديد، لمجرد أن قبوله يتطلّب تعديلا في القيم والمعايير التي نبني عليها أحكامنا*. فالتعصب نوع من الهروب، ورفض لمواجهة الواقع.

    بهذا المعنى، التعصب أيّاً كان، جنسياً أو عنصرياً أو سياسياً أو عرقياً أو مذهبياً، هو شر يقوّض أركان الحقّ ويفسد المعرفة، بقدر ما يدعم قوى الظلم ويزيد سيطرة الجهل. وبقدر ما للمرء من تعصّب يضيق نطاق تفكيره وتنعدم حريّـته في الحكم الصحيح*. ولولا هذه التعصبات لتجنّب الناس في الماضي كثيراً من الحروب والاضطهادات والمظالم والانقسامات*. ولا زال هذا الداء ينخر في هيكل المجتمع الإنساني، ويسبّب الحزازات والأحقاد التي تفصم عُرَى المحبّة والوداد*. إنّ الرسالة البهائيّة بإصرارها على ضرورة القضاء على التعصب، إنمّا تحرّر الإنسان من نقيصة مستحكمة، وتبرز دوره في إحقاق الحقّ وأهميّة التمسك بخصال العدل والنزاهة والإنصاف في كل الأمور*.

    ومن مبادئ الدين البهائي مبدأ التضامن والتآزر بين أفراد المجتمع الإنساني بُغيَةَ القضاء على الفقر المدقع*. فالعَوَز قد كان وما زال داءٌ يهدّد السّعادة البشريّة ويحرم الفقراء من الضروريات ويسلبهم الحياة الكريمة، كما يزعزع الفقر أركان الاستقرار والأمن في المجتمع. وقد اقتصرت محاولات الماضي في معظم الأحيان على الصّدقات الخيرية فردية أكانت أم جماعية، ولم يصل العزم على القضاء على الفقر في أي وقت سابق إلى درجة الوجوب والإلزام على المجتمع. ولذا طال أمد الفقر واستشرى خطره في وقتنا الحاضر، وأصبح أقوى عامل يعوّق جهود الإصلاح والتنمية في أكثر المجتمعات*، وامتدّت شروره إلى العلاقات بين الدّول والجماعات لتجعل منه سبباً لأزمات حادّة وأخطار عظيمة.

    ولا يعني ذلك أن المساواة المطلقة بين الناس في النواحي المادية للحياة ممكنة أو أن من ورائها جدوى ما دامت كفاءات البشر غير متساوية. إلاّ أن من المؤكّد أيضاً أنّ لتكديس الثروات في أيدي الأغنياء مخاطر ونكسات لا يُستهان بهما*. ففي تفشّي الفقر المدقع إلى جوار الغنى الفاحش مضار محقّقة تهدّد السكينة التي ينشدها الجميع، وإجحاف يتنافى مع العدل ومع مشاعر الأخوّة التي يجب أن تسود بين الناس، ولذلك ينبغي إعادة تنظيم وتنسيق النظريات الاقتصادية على أسس روحانية حتى يحصل كل فرد على نصيب من ضرورات الحياة الكريمة كحقّ لا صَدَقَةً. فإن كان تفاوت الثروات أمراً لا مفرّ منه، فإنّ في الاعتدال والتوازن ما يحقّق كثيراً من القيم والمنافع، ويتيح لكل فرد حظّاً من نعم الحياة*. لقد أرسى حضرة بهاء الله هذا المبدأ على أساس ديني ووجداني، كما أوصى بوضع تشريع يكفل المواساة والمؤازرة بين بني الإنسان، كحقّ للفقراء. وأوصى حضرته بالفقراء في مواضع كثيرة من وصاياه: "لا تحرموا الفقراء عمّا أتاكم الله من فضله وإنه يجزي المنفقين ضعف ما أنفقوا إنه ما من إله إلاّ هو له الخلق والأمر يعطي من يشاء ويمنع عمّن يشاء وإنه لهو المعطي الباذل العزيز الكريم"٨.

    ومن واجبات البهائي السعي إلى اكتساب الصفات الملكوتية والتخلّق بالفضائل الأمر الذي أكد عليه حضرة بهاء الله: "الخُلُق إنه أحسن طراز للخَلْق من لدى الحقّ، زيّن الله به هياكل أوليائه، لعمري نوره يفوق نور الشمس وإشراقها*. مَن فاز به فهو من صفوة الخَلْق، وعزّة العالم ورفعته منوطة به"٩، فمن بين الغايات الرئيسة للدين تعليم الإنسان وتهذيبه*. وما من رسول إلا وأكّد على هذا الهدف الجليل الذي ينشد تطوير الإنسان من كائن يريد الحياة لذاتها، إلى مخلوق يريد الحياة لما هو أسمى منها، ويسعى فيها لما هو أعزّ من متاعها وأبقى، ألا وهو اكتساب الفضائل الإنسانيّة والتخلّق بالصفات الإلهيّة تقرّباً إلى الله "إن أوامره هي الحصن الأعظم لحفظ العالم وصيانة الأمم*. نوراً لمن أقرّ واعترف وناراً لمن أدبر وأنكر"١٠.

    أمر حضرة بهاء الله في الكتاب الأقدس: "زيّنوا رؤوسكم بإكليل الأمانة والوفاء، وقلوبكم برداء التقوى، وألسنكم بالصدق الخالص، وهياكلكم بطراز الآداب، كل ذلك من سجيّة الإنسان لو أنتم من المتبصّرين*. يا أهل البهاء تمسّكوا بحبل العبودية لله الحقّ بها تظهر مقاماتكم وتثبت أسماؤكم وترتفع مراتبكم وأذكاركم في لوح حفيظ"١١. فالقرب إليه تعالى ليس قرباً ماديّاً، ولكن قرب مشابهة وتَحَلّ بصفاته بقدر كفاءة الإنسان*. وهذا يفرض على البهائي أولاً: السّعي للتعرّف على التعاليم والأحكام الجليلة التي أظهرها مشرق وحيه ومطلع إلهامه*، وثانياً: اتّباعها في حركته وسكونه، وفي ظاهره وباطنه: "إنّ الجنود المنصورة في هذا الظهور هي الأعمال والأخلاق المرضية، وإنّ قائد هذه الجنود تقوى الله"١٢. فالعمل بما أنزل الله هو فرع من عرفانه، وليس المقصود بعرفان الصفات الإلهية التصوّر الذهني لمعانيها، وإنّما الاقتداء بها في القول والعمل وفي ذلك تتمثّل العبوديّة الحقّة لله، تـنزّه تعالى عن كل وصف وشبه ومثال*. وقد أوجز حضرة بهاء الله هذه الحقيقة في قوله: "قل إن الإنسان يرتفع بأمانته وعفّته وعقله وأخلاقه، ويهبط بخيانته وكذبه وجهله ونفاقه*. لعمري لا يسمو الإنسان بالزينة والثروة بل بالآداب والمعرفة"١٣.

    و‬ينهي الدين البهائي عن ارتكاب الفواحش وما لا يليق بمرتبة الإنسان من القتل والضرب والشجاج، والسرقة والخيانة، والغش والخداع، والسلب والنهب وحرق البيوت، ويحرّم الزّنا واللواط والخمر والمخدرات، والقمار والميسر، ويحذر من الكذب والنفاق والغيبة والنميمة والجدال والنزاع. كما تنفرد تعاليم الدين البهائي بتحريم الرقّ والتسوّل وتعذيب الحيوان وتقبيل الأيدي والرياضات الشاقة، فضلاً عن رفع أحكام الرّهبنة والكهنوت والاعتراف بالخطايا طلباً للغفران*. وتأمر بالصوم والصلاة، وتلاوة الآيات في كل صباح ومساء، والتأمل في معاني الكلمات الإلهية، وتقوى الله، وإسلام الوجه إليه في كل الأمور، والعفّة والطهارة، والعدل والإنصاف، والعفو والتسامح والصبر وسعة الصدر، وتحصيل العلوم والفنون النافعة. وتوصي بإكرام الوالدين ورعاية حقهما، وبتربية الأولاد وتعليمهم بنيناً وبناتاً، وبالتزام المجتمع بتعليم الأولاد عند عدم مقدرة الأبوين*.‬

    ومن مبادئ الدين البهائي المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء*. لأن ملكات المرأة الروحانيّة وكفاءتها لعبودية ساحة الأحدية فضلاً على قواها العقليّة لا تفترق عمّا أوتي الرجل منها، وهذه هي جوهر الإنسان وحقيقته، فالمرأة والرجل متساويان في الصفات الإنسانيّة، وقد أكّد سبحانه وتعالى مراراً أَنَّ خَلْقَ الإنسان جاء على صورة ومثال الخالق، لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى*. وليس التماثل الكامل بين الجنسين في وظائفهما العضويّة شرطاً لتكافئهما طالما أن علّة المساواة هي اشتراكهما في الخصائص الجوهريّة، لا الصفات العرضيّة*. إنّ تقديم الرجل على المرأة في السابق كان لأسباب اجتماعيّة وظروف بيئيّة لم يعد لهما وجود في الحياة الحاضرة*. ولا دليل على أن الله يفرّق بين الرجل والمرأة من حيث الإخلاص في عبوديّـته والامتثال لأوامره والتحلّي بالأخلاق المثالية؛ فإذا كانا متساويين في ثواب وعقاب الآخرة، فلِمَ لا يتساويان في الحقوق والواجبات إزاء أمور الحياة الدنيا؟

    عدم اشتراك المرأة في الحياة العامة في الماضي اشتراكاً متكافئاً مع الرجل، لم يكن أمراً أملته طبيعتها بقدر ما برّره نقص تعليمها وقلّة مرانها، وثقل أعباء عائلتها، وعزوفها عن النزال والقتال*. أمّا وقد فُتحت اليوم أبواب التعليم أمام المرأة، وأتيح لها مجال الخبرة بمساواة مع الرجل، وتهيّأت الوسائل لإعانتها في رعاية أسرتها، وأضحى السلام بين الدول والشعوب ضرورة تقتضيها المحافظة على المصالح الحيويّة للجنس البشري، لم يعد هناك لزوم للحيلولة بينها وبين المساواة. إنّ تحقيق المساواة بين عضوي المجتمع البشري يتيح الاستفادة التامة من خصائصهما المتكاملة، ويسرع بالتقدم الاجتماعي والاقتصادي والعلمي والسياسي، ويضاعف فرص الجنس البشري لبلوغ السعادة والرفاهية والاستقرار.

    ومن مبادئ الدين البهائي إيجاد نظام تتحقّق فيه الشروط الضروريّة لاتحاد البشر وضمان دوامه*. وبناء هذا الاتحاد يقتضي دعامة سندها العدل لا القوّة، وتقوم على التعاون لا التنافس، وغايتها تحقيق المصالح الجوهريّة لعموم البشر، حتى تحظى البشرية بعصر يجمع بين الرخاء والنبوغ على نحو لم يسبق له مثيل*. وقد فصّل حضرة بهاء الله أسس هذا النظام البديع في رسائله إلى ملوك ورؤساء دول العالم في إبّان وجوده في سجن عكّا، وكان من بينهم ناپليون الثالث، والملكة ڤكتوريا، وناصر الدين شاه، ونيقولا الأول، وبسمارك، وقداسة البابا بيوس التاسع، والسلطان عبد العزيز، ودعاهم للعمل متعاضدين على تخليص البشريّة من لعنة الحروب وتجنيبها نكبات المنازعات العقيمة.

    ‬ولكن قوبل نداؤه هذا آنذاك بالاستنكار والرفض لمخالفته لكل ما كان متعارفاً عليه في العلاقات بين الدول*. لكن وجدت هذه التعاليم طريقها إلى تفكير المسئولين عن تدبير شئون البشريّة، وفرضت نفسها على مجريات الأحداث الدوليّة، ووجد جزء منها طريقه للتطبيق بالتدريج حتي أضحت اليوم مبادئ هذا النظام الدولي - في نظر أهل الخبرة والتدبير - الحلّ الأمثل للمشاكل العالمية، ويراها المفكّرون في زماننا من مسلّمات أي نظام عالمي جاد في إعادة تنظيم العلاقات بين المجموعات البشريّة على نمط يحقّق الأمن والرفاهية والعدل في العالم. ومن أركان هذا النظم الذي أعلنه حضرة بهاء الله حوالي سنة ١٨٦٨م :

    • نبذ الحروب كوسيلة لحلّ المشاكل والمنازعات بين الأمم، بما يستلزمه ذلك من تكوين محكمة دوليّة للنظر فيما يطرأ من منازعات، وإعانة أطرافها للتوصّل إلى حلول سلميّة عادلة.



    • تأسيس مجلس تشريعي على النطاق الدولي لحماية المصالح الحيويّة للبشر وسنّ القوانين اللازمة لصون السلام في العالم.



    • تنظيم إشراف دولي يمنع تكديس السلاح على نحو يزيد عن حاجة الدولة لحفظ الأمن والنظام داخل حدودها.



    • إنشاء قوّة دوليّة دائمة لفرض احترام القانون وردع أي أمّة عن استعمال القوّة المسلحة لتنفيذ مآربها.



    • إيجاد أو اختيار لغة عالميّة ثانويّة تأخذ مكانها إلى جانب اللغات القوميّة تسهيلا لتبادل الآراء، ونشرا للثقافة والمعرفة، وزيادة للتفاهم والتقارب بين الشعوب.

    وخير ما تُختم به هذه المقتطفات من المبادئ والتعاليم البهائية نُصْح حضرة بهاء الله لأوليائه المخلصين:‬

    "إنّا ننصح العباد في هذه الأيام التي فيها تغبّر وجه العدل وأنارت وجنة الجهل وهُتك ستر العقل، وغاضت الراحة والوفاء وفاضت المحنة والبلاء، وفيها نُقضت العهود ونُكثت العقود، لا يدري نفس ما يبصره ويعميه وما يضلّه ويهديه*.

    قل: يا قوم دعوا الرذائل وخذوا الفضائل، كونوا قدوة حسنة بين الناس وصحيفة يتذكّر بها الأناس، من قام لخدمة الأمر له أن يصدع بالحكمة ويسعى في إزالة الجهل عن بين البريّة، قل أن اتحدوا في كلمتكم واتفقوا في رأيكم واجعلوا إشراقكم أفضل من عشيّكم، وغدكم أحسن من أمسكم*. فضل الإنسان في الخدمة والكمال لا في الزينة والثروة والمال، اجعلوا أقوالكم مقدّسة عن الزّيغ والهوى وأعمالكم منزّهة عن الريب والرياء*. قل لا تصرفوا نقود أعماركم النفيسة في المشتهيات النفسيّة ولا تقتصروا الأمور على منافعكم الشخصيّة*، أنفقوا إذا وجدتم واصبروا إذا فقدتم إنّ بعد كل شدّة رخاء ومع كل كدر صفاء، اجتنبوا التكاهل والتكاسل وتمسّكوا بما ينتفع به العالم من الصغير والكبير والشيوخ والأرامل، قل إيّاكم أن تزرعوا زؤان الخصومة بين البريّة وشوك الشكوك في القلوب الصافية المنيرة*.

    قل: يا أحبّاء الله لا تعملوا ما يتكدّر به صافي سلسبيل المحبّة وينقطع به عرف المودّة، لعمري قد خلقتم للوداد لا للضغينة والعناد، ليس الفخر لحبّكم أنفسكم بل لحبّ أبناء جنسكم، وليس الفضل لمن يحبّ الوطن بل لمن يحبّ العالم*. كونوا في الطّّرف عفيفاً، وفي اليد أميناً، وفي اللسان صادقاً، وفي القلب متذكّراً، لا تسقطوا منزلة العلماء في البهاء ولا تصغّروا قدر من يعدل بينكم من الأمراء، اجعلوا جندكم العدل وسلاحكم العقل وشيمكم العفو والفضل وما تفرح به أفئدة المقرّبين"١٤.‬





    --------------------------------------------------------------------------------

    ١. بهاء الله، الإشراق الأول، ألواح حضرة بهاء الله (بروكسل، دار النشر البهائية في بلجيكا، ١٩٨٠) ص ٢٣
    ٢. بهاء الله، الإشراق التاسع، المرجع السابق ص ٢٨
    ٣. سورة الحديد، آية ١٦
    ٤. بهاء الله، منتخباتي من آثار حضرة بهاء الله (آنكنهاين، لجنة نشر الآثار الأمرية، الطبعة الأولى) فقرة ٧٠
    ٥. بهاء الله، منتخباتي من آثار حضرة بهاء الله، فقرة ١٠٧
    ٦. بهاء الله، مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله، ص ٥٢
    ٧. سورة الإسراء، آية ٣٦
    ٨. بهاء الله، منتخباتي من آثار حضرة بهاء الله، فقرة ١٢٨
    ٩. بهاء الله، مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله، ص ٥٢
    ١٠. بهاء الله، مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله، ص ٦٨
    ١١. الكتاب الأقدس، فقرة ١٢٠
    ١٢. بهاء الله، مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله، ص ٢٥
    ١٣. بهاء الله، مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله (بروكسل، دار النشر البهائية


  5. #5
    شاعر العامية المصرية الصورة الرمزية الشاعرمحمدأسامةالبهائي
    تاريخ التسجيل
    10/01/2007
    العمر
    66
    المشاركات
    1,214
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الدعوة لسبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ولقد جاء في محكم آياته الكريمة بسورة النحل الآيات الكريمة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83) وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (85) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93) وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) صدق الله العلي العظيم ( النحل 98:81 )


  6. #6
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    ((مجلة المنار ـ المجلد [‌3] الجزء [ 23] ص‌ 547 ‌ 21 جمادى الآخرة 1318 ـ 15 أكتوبر 1900))

    البدع والخرافات
    الديانة البهائية وكتاب الدرر البهية

    أعظم بدعة ظهرت بين المسلمين في هذا العصر فتنة البابية و البهائية فإن
    هؤلاء قد ابتدعوا دينًا جديدًا لا مذهبًا جديدًا كما يتوهم الغافلون , وأساس مذهبهم أن
    زعيمهم ( بهاء الدين ) الإيراني دفين عكا هو الروح الأعظم وهو المعبر عنه
    بالمسيح ابن مريم الذي ينتظر أهل الكتاب نزوله من السماء . بل هو الموعود به
    في قوله تعالى :  هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ 
    ( البقرة : 210 ) ويجرون عليه جميع أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة
     سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُواًّ كَبِيراً  ( الإسراء : 43 ) وبالجملة إن دينهم
    خلاصة المذاهب الباطنية . وهو أقرب إلى المسيحية من الإسلامية وقد كانوا
    يدعون إليه سرًّا ولم يطبع لهم كتاب في البلاد العربية قبل كتاب ( الدرر البهية )
    الذي طبع في هذه الأيام . وفيه إنكار كون القرآن معجزًا ببلاغته وفصاحته وتأويل
    آيات القرآن على ما ينطبق على بدعتهم وغير ذلك من الضلال والفتن , وهو أضر
    على المسلمين من كتاب ( المسيح أم محمد ) بل ليس في هذا الكتاب شبهة يلتفت
    إليها مسلم مهما كان جاهلاً , وأما كتاب الدرر البهية فإنه فتنة للمسلمين لأنه مملوء
    بالآيات القرآنية محرفة ومأوَّلة واسم مؤلفه وألقابه إسلامية وناشره مجاور في
    الأزهر ويبيعه في الأزهر نفسه من غير نكير . اللهم إنه وجد عالم واحد غيور
    انتهر هذا المجاور وهدده بالطرد من الأزهر , وأرسل الكتاب إلى فضيلة شيخ
    الجامع واستلفته إلى ما فيه ولا ندري هل ينكر ذلك كما أنكر على شيخ الجامع
    الدسوقي طلب تقرير امتحان الطلبة ( كما ترى في النبذة التالية ) أم ماذا يكون شأن
    الدعوة إلى غير دين الإسلام فوق رأسه في نفس الجامع ؟ وهذه الدعوة مبثوثة في
    الأزهر منذ تولي مشيخته هذا الأستاذ الحالي أو قبلها بقليل وقد أشرنا إليها في مقالة
    ( الدعوة حياة الأديان ) وانتظرنا أن تنبه تلك الإشارة فضيلة شيخ الجامع فيتلافى
    الأمر بالحكمة , وكأنه ذهل عنها أو لم يقرأ المقالة , وحيث قد تنبه للأمر الأستاذ
    البصير الذي أشرنا إليه آنفًا ونبه فضيلة شيخ الجامع فإننا نرجو أن يتلافى الأمر
    قريبًا وتصطلم هذه الفتنة من الأزهر الشريف .

    ثم إن لي كلمة أخرى في هذا الموضوع مع أصحاب المطابع الإسلامية وهي
    كيف طبعت كتاب ( الدرر البهية ) مع أن العهد بالمسلمين أن لا يتجروا بما لا
    يبيحه دينهم , فقلما تجد في مصر حانة لمسلم مع أن أكثر أهلها يشربون الخمر
    وقلما نرى جريدة إسلامية تنشر إعلانًا عن الخمر أيضًا .

    أما نحن فإننا نتتبع آثار أهل هذا الدين الجديد ووعدنا بعض أصدقائنا بأن
    يرسل إلينا الكتابين اللذين هما أصل دينهم وهما ( البيان ) و ( الكتاب الأقدس )
    ومتى جاءا وقرأناهما ننشر فصولاً متتابعة في تاريخ الباطنية وفرقهم نختمها بهذه
    الفرقة التي هي خلاصتهم , ومن تعاليمهم أخذت دينها الجديد , ونسأل الله التوفيق
    لخدمة دينه بمنه وكرمه آمين .

    ***
    ((مجلة المنار ـ المجلد [‌3] الجزء [ 23] ص ‌ 547 ‌ 21 جمادى الآخرة 1318 ـ 15 أكتوبر 1900))

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  7. #7
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي

    ((مجلة المنار ـ المجلد [ 3] الجزء [24] ص ‌ 569 غرة رجب 1318 ـ 25 أكتوبر 1900))

    البدع والخرافات
    ( 2 )
    كتاب البهائية وناشره

    نشكر لمشيخة الأزهر الجليلة الاهتمام بكتاب طائفة البهائية الذي تكلمنا عنه
    في الجزء الماضي ، فقد بلغنا أنها عاقبت ملتزم طبعه ونشره بقطع جرايته ومرتبه
    من الأزهر إلى مدة أربعة أشهر ، وهذا بناء على تنصله واعتذاره بأن مقدمة الكتاب
    نشرت باسمه من غير إذنه وأنه هو إلى الآن لم يعلم بما يشتمل عليه الكتاب مما
    يخالف دين الإسلام ويثبت الديانة البهائية , وحاصل هذا التنصل والاعتذار أن
    البهائية قوم مزورون استخدموا اسم مجاور في الأزهر لخلابة المسلمين وخداعهم
    بإيهامهم أن دينهم منتشر في الجامع الأزهر الشريف وكتابهم يباع فيه ولولا أنه حق
    لما سكت عليه شيوخ الأزهر ولما أقروا ناشره وبائعه فيه على نشره وبيعه مع أنه
    اشتهر عن بعضهم المعارضة في بيع رسالة الردّ على هانوتو فيما خاض فيه من
    دين الإسلام بناء على أن البيع في المساجد ممنوع شرعًا .

    ومن العارفين بناشر هذا الكتاب من يعتقد أنه دخل في الديانة البهائية ، ولكن
    اعتذاره هذا طعن فاحش بهذا الدين وأهله يدل على أنه غير موقن به ولا معتقد , إذ
    لو كان معتقدًا لما اختار هذا المتاع القليل وهو الجراية على دينه الجديد مع أن العهد
    بالداخلين في الأديان عند ظهورها شدة التمسك بها والمحافظة على كرامة أهلها
    والله أعلم بالسرائر .
    ***
    منكرات التقاريظ
    وكتاب البهائية

    للناس في تقريظ الكتب والجرائد منكرات كثيرة تكلمنا عنها في كتابنا
    ( الحكمة الشرعية في محاكمة القادرية , و الرفاعية ) بمناسبة الكلام على
    كتب مشحونة بالباطل قرظ عليها بعض العلماء المشهورين من غير اطلاع على ما
    فيها ولا ظهور على قوادمها وخوافيها .

    ومن هذا النحو تقريظ بعض الجرائد الوطنية الإسلامية لكتاب البهائية فيما
    نظن ، وإن كان ظاهر التقريظ أن كاتبه اطلع على الكتاب لأنه ذكر أمهات مسائله
    ومهمات مواضيعه , ومنها الكلام في المعجزات التي ينكرها البهائية بالمعنى
    المعروف عند المسلمين , وينكرون كون إعجاز القرآن ببلاغته كما تقدم في الجزء
    الماضي ومنها تفسير قوله تعالى :  ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ  ( القيامة : 19 ) فقد
    نوهت به الجريدة المذكورة مع أنه الأساس الذي يقيمون عليه بناء دينهم , والراية
    التي يرفعونها لنشر بدعتهم , والزمام الذي يقودون به المسلمين إليهم . وذلك أنهم
    يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين للناس معنى القرآن الحقيقي وأسراره
    الخفية وبواطنه المعنوية , ولا بينها الصحابة والأئمة من بعده , وإنما بقيت مجهولة
    مبهمة حتى قام ( بهاء الله ) الأعجمي الفارسي الذي لم يحسن العربية فبينها على
    حقيقتها لأن الروح الإلهي حلَّ به فأنطقه بذلك .

    رأينا ذلك التقريظ فكان كسهم أصاب الفؤاد وعجلنا إلى تنبيه بعض الأفاضل
    لذلك والاستعانة به على تنبيه صاحب الجريدة لتلافي الأمر وتداركه وقد كان .
    ولكن التلافي كان بعبارة غير مقبولة عند المنكرين عليها ممن عرف ذلك الكتاب
    وفتنته لأنها بنيت على أن المقرظ ذكر اسم الكتاب غلطًا لأنه اشتبه عليه بغيره ,
    وإنما يقبل هذا القول لو لم يذكر في التقريظ ما يشتمل عليه الكتاب من المسائل ,
    أما وقد ذكرها فما معنى الغلط في اسم الكتاب ؟

    هذا ما يوقع الشبهة على الجريدة والذي يناجينا به الوجدان أن المقرظ برئ
    من تعمد مدح الكتاب مع العلم بما فيه وندفع شبهة ذكر المسائل والمواضيع بأنه
    أخذها من الفهرست كما يفعل كثير من المقرظين المتساهلين لا سيما عند ظن الخير
    في المؤلف . وعسى أن تكون هذه الواقعة عبرة وموعظة للذين يتهجمون على
    التقريظ عن غير بينة فيغشون الناس ويقودونهم إلى الضلال فيكونون ضالين
    مضلين والعياذ بالله تعالى .
    ________________________

    ((مجلة المنار ـ المجلد [ 3] الجزء [24] ص ‌ 569 غرة رجب 1318 ـ 25 أكتوبر 1900))

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  8. #8
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    ((مجلة المنار ـ المجلد [3] الجزء [25] ص ‌ 595 ‌ 11 رجب 1318 ـ 4 نوفمبر 1900))

    البدع والخرافات
    ديانة البهائية
    لأحد وكلاء المجلة

    سيدي الفاضل صاحب المنار الأغر

    يا طالما دار في خلدي أن أستفسر منكم عن البدعة السيئة التي ظهرت في هذا
    العصر والتصقت بالدين الإسلامي الشريف ألا وهي الديانة البابية البهائية فقد علمت
    بها منذ نصف سنة تقريبًا غير أني كنت أقدم مرة وأحجم أخرى ظنًّا مني أن هذه
    الديانة ليست مما يصل خبرها إلى مسامعكم لقلة القائمين بها في مصر حتى رأيت
    في عدد ( 23 ) من المنار نبذة عن هذه الديانة المحدثة وأن لها وا أسفاه مروجًا في
    الأزهر من طلبته فلا حول ولا قُوَّةَ إلا بالله . وبما أني قد أطلعت على بعض دخائل
    هذه الديانة إطلاعا أظهر لي جلية كنهما ممن اعتنقوها فأشرح لكم الآن ما وصلت
    إليه وعثرت عليه فأقول : جمعني وبعض أهل هذه الديانة مجلس , ودار الحديث
    بيننا في المهدي المنتظر وشأنه ، وما ورد بهذا الصدد من الأحاديث فما كان من
    محدثي إلا أن قال لي : اعلم أن المهدي المنتظر قد أتى وتحققت علاماته المسطرة
    في الكتب فقلت له : عَلَّكَ تشير إلى مهدي السودان فقال : لا إني لأجلّ من أن
    أصدق في هذا أنه كان مهديًّا , فقلت له : إذا لم يكن ذاك فأي مهديّ تعني , قال :
    أعني ( محمد بن علي ) الإيراني ذلك المهدي المنتظر حقيقة , فقلت له : أريد أن
    تقص عليَّ خبره فإني لم أسمع بهذا المهدي إلا منك الآن , فقال : لا بأس اعلم أيها
    الصديق أن محمد بن علي الإيراني مات أبوه وهو صغير فكفله خاله حتى بلغ أشده
    واستوى فقام يدعو الناس إلى اتباعه ويزعم أنه هو المهدي وانضم إليه كثير من
    الناس , وبعد زمن سافر إلى البيت الحرام لأداء فريضة الحج فاجتمع عليه أيضًا
    خلق كثير وبايعوه بين الركن والمقام واشتهر أمره في الموسم وبعد انقضاء الموسم
    رجع إلى بلاد فارس وأتت إليه الرايات السود من خراسان تحملها الرجال ( كذا )
    وظهر أمره ظهورًا زائدًا فلما علمت حكومة إيران بذلك أمرت واليها في تلك الجهة
    بالقبض عليه وقد كان , وأرسل إلى طهران وأفتى العلماء بقتله وكفره فحينما قدموه
    إلى الصلب كان هناك 800 جندي كلهم شاكي السلاح حاملو البنادق المحشوَّة
    بالرصاص ولما انتظم عقد الاجتماع ورفع ذلك المهدي على الصليب أمرت العساكر
    بإطلاق البنادق جميعها دفعة واحدة عليه وقد كان , فبعد أن راق الجو من دخان
    بارود 800 بندقية أقبل الناس إلى خشبة الصليب ينظرون ماذا صنع بالمهدي فإذا
    هو واقف على الأرض بجوار الصليب ليس به إصابة ما [1] .

    ومن صَحِبَ الليالي علمته خداع الألف والقيل المحالا
    وصيرت الخطوب عليه حتى تريه الذرَّ يحملن الجبالا

    ثم عمد إلى بعض أتباعه الذين كانوا مشاهدين هذه الواقعة وسلمهم دواته
    وقلمه وأمرهم أن يتوجهوا إلى ( بهاء الله ) ويسلموه هذه المخلفات ,
    وأخبرهم أنه سيقتل في ثاني مرة , ثم أخذه الجند فعلقوه ثانيًا وأطلقوا عليه بنادقهم
    فبعد أن صفا الجو وأنزلوه عن الصلب رأوا جسده كالشبكة كله ثقوب ( ومن يعش ير
    صليبًا ينصب ومسيحًا يصلب ) ثم قام الجند بحراسة الجثة خوفًا من ضياعها غير
    أنه لما أصبح الصباح لم يجدوا الجثة في مكانها ولم يقفوا لها على أثر ( علها
    صعدت مع أثمان القطن [2] ) , ثم قام بعده بالدعوة بهاء الله , وهذا الأخير
    يعزون له من المعجزات ما لو أتينا على ما سمعناه منها لضاقت عنه صفحات
    المنار غير أننا نأتي هنا للقراء على بعضها ومنها يعلم باقيها .

    ينسبون إلى بهاء الله أنه كان يومًا راكبًا على ( حمار ) متوجهًا إلى بعض
    القرى ومعه بعض أتباعه فعارضه في الطريق رجل من الفلاحين قد حرث أرضه
    وهيأها للزرع والبزر ولم ينقصه غير المياه لريّها فقال له : أيها ( البهاء ) الأعظم
    أسألك أن تنزل لي مطرًا لأروي به الأرض التي شققتها فأجابه : سأفعل , وأراد أن
    يذهب فلم يدعه الرجل وألحّ عليه , فأجابه ثانيًا : اذهب إلى أرضك تجد المطر قد
    سبقك إليها , فتركه الرجل ومضى , قال ( راويهم ) : فلم نقطع قليلاً من السير
    حتى تشققت السماء بالغمام وانهمر المطر حتى تعذر علينا المسير , فقال ( البهاء ) :
    هذا ما كنت أحذره . وغير ذلك من المعجزات التي أضرب عنها صفحًا مخافة
    التطويل , ثم مات بهاء الله بعد أن نفي بعكا وقبره الآن فيها واستخلف بعده على
    أمته ابنه ( عباس أفندي ) الملقب ( بالغصن الأعظم ) وهو الآن بعكا أيضًا , وقد
    نقش على خاتمه ( يا صاحبي السجن ) وهو يجد ويجتهد في نشر ديانته , ويبث
    المبشرين في بعض الجهات لذلك .

    وأتباع هذا الدين يسمون بالبابيين نسبة إلى ( محمد بن علي المهدي ) فإنه
    كان يلقب نفسه ( بالباب ) وبهائيين نسبة إلى ( بهاء الله ) , وقد وضع هذا الأخير
    كتابًا وسماه ( الإيمان ) وهو عندهم بمثابة القرآن عندنا أي يعتقدون أنه وحي إلهيُّ
    فضلاً عن اعتقادهم الألوهية في واضعه , ومن يطالع كتبهم يقف على ذلك , وهذا
    الكتاب قد رأيته بعيني غير أني لعدم إلمامي باللغة الفارسية لم أفهم منه غير الآيات
    القرآنية التي تخلل سطوره وصفحاته . وهذا الكتاب مطبوع ويا للأسف في مطبعة
    بعض المجلات الإسلامية بمصر على ورق جيد . وَلِمَ نأسف من طبعه في مطبعة
    إسلامية , وقد مدح صاحب مجلة إسلامية تدعي الإرشاد وهداية الأمة ( الغصن
    الأعظم ودينه بقصيدة رأيتها في ذيل كتاب من كتبهم المطبوعة حديثًا ولنترك ذلك
    لحضرتكم فاطلاعكم أوسع وسيفكم أقطع , ولنرجع إلى ما كنا بصدده فنقول :

    هذا - إلى ما اطلعت عليه من مؤلفات بهاء الله التي لم تطبع كالتفسير الذي
    وضعه على بعض سور القرآن الشريف , وككتابه في الرؤيا , وكتابه المسمى
    بالألواح أعني الرسائل التي بعث بها ( على ما يزعمون ) إلى الملوك الذين كانوا
    في عصره يدعوهم فيها إلى الدخول في ديانته , ومن ينظرها ير العجب وكيف
    تكون الكتب , ولغصنه الأعظم تصانيف كثيرة وجميع البهائيين يعتقدون أنها إلهامية
    ككتب أبيه , وكلها بالكتابة اليدوية لم يطبع منها شيء على ما أظن . ولهذا الدين في
    مصر مبشرون قائمون بالدعوة إليه , ورئيس هؤلاء المبشرين رجل إيراني يلقبونه
    ( بابن التاريخ و أبي الفضل ) وقد صنف هذا كتابًا وضمنه كثيرًا من الآيات
    القرآنية والأحاديث النبوية , وأوَّلَها تأويلاتٍ غير الذي يعطيه معناها , وغايته من
    ذلك الاستدلال بأن هذه الآيات قد بشرت بمجيء إلاههم وقرب ظهور دينه , ويزعم
    أن هذا هو الحق ,  َلَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ
    ( المؤمنون : 71 ) ولا تسل عن استدلاله بما جاء في كتب بعض الصوفية
    كالطبقات للشعراني . أذكر أني كنت في يوم من الأيام أناظر محدثي السالف الذكر
    في هذه الديانة وصحتها ، فقال : أما اطلعت على كتاب الطبقات للشعراني ؟ فقلت :
    لا , فقام في الحال وأتى به وقرأ ما ورد في شأن المهدي , واستطرد في القراءة
    حتى أتى على قوله : ( ويحضر الموقعة الكبرى بمرج عكا التي هي مأدبة الله
    الإلهية للطيور والسباع ) فسألته قائلاً : وهل تحققت هذه العلامة ؟ فبهت ولم يبد
    جوابًا , وظهر لي أنه ندم على مباحثتي , ولأتباع هذه الديانة مهارة غريبة في جذب
    النفوس واستمالة القلوب ينطلي زخرفها على البسطاء , فإنهم يظهرون لكل أمة من
    الأمم أنها على الحق وأن كتبها تنبىء وتبشر بمجيء بهاء الله , فتراهم يقتبسون من
    الإنجيل والتوراة آيات , ويجهدون أنفسهم في تطبيقها على إلاههم المزعوم , أما
    استنباطهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فهذا شيء فوق ما يتصور . هذا ما
    يتعلق بنشأة هذا الدين , أما أحكامه فمنها أنهم لا يصلون في مساجد المسلمين ولا
    كصلاتهم , بل لهم معابد وصلوات مخصوصة كما أنهم لا يحجون البيت الحرام بل
    يحجون قبر بهاء الله والمهدي ، ولا يصومون رمضان بل يصومون تسعة عشر
    يومًا ابتداؤها يوم شم النسيم , والسنة عندهم تسعة عشر شهرًا , وبالجملة فلو اطلع
    أحد على حقيقة دينهم اطلاعًا تامًّا لعلم أن الإسلام بريء منهم , وأن ما يتصفون به
    من قولهم : إنا نحن مسلمون ؛ رياء وكذب لا يرضاه الله ولا المسلمون أجمعون .
    فيا أيها العلماء , إن دينكم الإسلام يناديكم : ألا هبوا لمحو البدع والمنكرات التي
    يلصقها به المارقون , ويا ذوي الغيرة حتام يهان الدين وتطمس أعلامه ويحدث فيه
    ما يحدث ولا تنصرونه .

    لعمري لقد نبهت من كان نائمًا وأسمعت من كانت له أذنان
    م . أ
    ***
    ________________________
    (1) المنار - الذي عرف واشتهر وكتب في بعض الجرائد والكتب أنهم عندما أطلقوا عليه الرصاص
    أصابت رصاصة وثاقه فقطعته فوقع وولى هاربًا , ولو ملك جأشه ووقف لتمكن من فتنة الجند , ثم
    علقوه ثانيًا وقتلوه .
    (2) يقول أتباعه : إنها رفعت , ويقول سائر الناس : أكلتها الكلاب .

    ((مجلة المنار ـ المجلد [3] الجزء [25] ص ‌ 595 ‌ 11 رجب 1318 ـ 4 نوفمبر 1900))

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  9. #9
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    ((مجلة المنار ـ المجلد [7] الجزء [9] ص ‌ 338 غرة جمادى الأول 1322 ـ 15 يوليو 1904))

    استغناء البشر عن دين جديد
    ومعنى كون دين الفطرة آخر الأديان
    وافتجار البابية

     فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ
    ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ  ( الروم : 30 )  مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا
    أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً 
    ( الأحزاب : 40 ) .

    لقد كان من عموم رحمة الله تعالى وسعتها أن جعل للحق السلطان على
    الباطل ، وللخير الرجحان على الشر ، فلله الشكر والحمد ، ولله الأمر من قبل ومن
    بعد ، خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وهداه إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، كَمَّله
    بالمشاعر البادية والكامنة ، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة ، وأعطاه العلم والإرادة ،
    وأناط بعمله غوايته ورشاده ، ولذلك خلقهُ ضعيفًا جهولاً ، ليكون باكتسابه قويًّا
    عليمًا ، وجعل حياة الأمة من نوعه ، شبيهة بحياة الفرد في شخصه ، تتربى بكسبها
    وتبلغ كمالها بالتدريج ، وجعل عقل الأمة العام النبوة يظهرها في أكمل أعضائها ،
    كما أن عقل الأفراد يكون في أشرف عضو فيها ، وشذوذ بعض آحاد الأمة عن
    هدي نبيها شبيه بشذوذ بعض أعضاء الشخص عن حكم العقل ، كاليد تبطش حيث
    يضر البطش ، أو الرجل تسعى إلى ما يحكم العقل بوجوب القعود عنه ، وسبب
    ذلك التقصير في التربية الدينية والعقلية .

    ومن آياته تعالى أن جعل شذوذ الأفراد عن الأصل ، وميلهم عن الجادة ، سببًا
    من أسباب التربية ، وعلمًا من أعلام الهداية ، كما جعل انتشار الباطل في الأمم
    معدًّا لها لقبول الحق . وتغشي الظلم والاستبداد ، من مقدمات الحرية والاستقلال ،
    فله سبحانه في أثر كل شدة رخاء ، وفي تضاعيف كل نقمة نعماء ، فما عَمَّ الضلال
    في أمة إلا وجاءها بعده الهدى ، ولا تفاقم الباطل في قوم إلا وانجلى بعد ذلك بقوة
    الحق ؛ كان يظهر لهم ذلك بتعليم الوحي المناسب لحالهم ، حتى إذا ما استعد النوع
    لأن يكون أمة واحدة ، منحه الله الهداية العامة ، والرحمة الشاملة ، منحه دين
    الإسلام ، الذي هو كالعقل العام ، والمرشد الحكيم لجميع الأنام .

    كان لضلال البشر قبل الإسلام علتان إحداهما ضعف قوى الخلقة ، وثانيهما
    الانحراف عن سنن الفطرة ، فكان من الضعف أن يعتقد الناس في كل مظهر من
    مظاهر الخليقة لا يعرفون علته أنه هو القوة الغيبية التي قامت بها جميع المظاهر
    وهي القوة الإلهية فيعبدوا ذلك المظهر . وكان من الانحراف عن قوانين الفطرة ما
    كان من الأوضاع والبدع والتقاليد الوضيعة الكثيرة ، ومن عجيب أمرهم أن أسندوا
    معظم ذلك للدين حتى صار من المقرر عند أهل الدين وعند الحكماء الباحثين في
    طبائع الملل أن الدين أوضاع كلها وراء ما تدعو إليه الفطرة ويرضي العقل ، كأنه
    وضع لمصادمة الخلقة ومناصبة الفطرة ومحاولة تبديل خلق الله بشرع الله حتى جاء
    القرآن ينادي الداعي إليه :  فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ
    عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ  ( الروم :
    30 ) فعلم الناس أن الدين الحق إقامة الفطرة لا مقاومتها ، والاستنارة بنور العقل لا
    إطفاؤه ، وأن العمدة في معرفة الحق الدليل ، والعمدة في العبادة الإخلاص لله تعالى
    وحده ، والعمدة في معرفة الأحكام ، والحلال والحرام ، اجتناب المضار واجتلاب
    المنافع ، فبهذا كان الإسلام هو الدين الأخير الذي أخرج البشر من حجر القصور
    وعبوديته ، إلى فضاء الرشد وحريته ، وكان ناسخًا لما قبله من الأديان ، ولا يمكن
    أن ينسخ أو ينقضي الزمان .

    يبلغ في الشخص رشده فيؤذن له بالتصرف في حاله ، والاستقلال في أعماله
    فيمضي فيها فتارة يخطئ وتارة يصيب ، وينجح في عمل وفي آخر يخيب ، وربما
    أضاع رأس ماله زمنًا ، ثم استعاده في زمن آخر ، والأمم أولى بالتخبط بعد بلوغ
    رشدها , إذ الرشد لا يظهر في جميع أفرادها دفعة واحدة وإنما يظهر في بعض دون
    بعض ، فتارة يغلب إصلاح الراشدين فيها ، وطورًا يُغْلَب ، والمجموع يستفيد من
    كل فوز وكل خيبة , فلا يظهر الإفساد في موضع إلا ويلوح الإصلاح في موضع
    آخر تامًّا أو ناقصًا حتى يبلغ الكمال البشري أشده ، ويصل إلى كماله العام باستقلاله
    في عمله بدون حاجة إلى مسيطر ديني جديد كما كان يقع في الأمم قبل ظهور دين
    الفطرة الأخير وهو الإسلام ولا يزال الإصلاح والإفساد يتنازعان كل أمة قبل
    الوصول إلى الكمال الأخير .

    كذلك كان شأن الناس في الإسلام نهض به الذين ظهر فيهم أولاً ، ثم عميت
    عليهم سُبُلُه فوضعوا وابتعدوا ، وأولوا واخترعوا ، وتركوا الاستقلال بنور العقل
    في فضاء الفطرة وأقاموا لهم زعماء فنيت عقولهم وإرادتهم فيهم ، وكان قد أخذ
    الاستقلال والاهتداء بسنن الفطرة عنهم قوم آخرون , فغلب خير هؤلاء على شرهم
    كما غلب شر أولئك على خيرهم ، والسيادة والسعادة يتبعان الخير والاستقلال دائمًا
    وقد قُلَبَ أصحاب السيادة في الأرض المِجَنّ للخاسرين فقالوا : ( إن خساركم قد
    جاءكم من دينكم فاتبعونا تفلحوا ) ، وكان هؤلاء الخاسرون يقولون في أيام سيادتهم :
    إننا قد سُدْنا بديننا فاتبعوه أيها الناس تفلحوا ، وإنما كانت السيادة لكل من السائدين
    بالاستقلال واتباع سنن الفطرة التي أرشدنا إليها الإسلام ؛ ساد بها أولئك من حيث
    عرفوا موردها ، وساد بها هؤلاء من حيث جهلوا مصدرها ، وإنما يستظل أهل
    الزعامة الدينية منهم والسيطرة الروحانية فيهم بظل الذين تركوهما ، ويخدعون
    أولئك بلقب الدين المشترك بينهما ، فعلم بهذا أن المسلمين قد تركوا ما ساد وسعد به
    سلفهم الصالحون ، والآخرين جهلوا منبعث هذا النور الذي هم في ضوئه يسيرون ،
    وزعم بعضهم أن دينهم هو الذي هداهم إليه ، ولكن لماذا لم يهتدوا إليه بدينهم عقيب
    دخولهم في ذلك الدين بل ظلوا يتسكعون في الظلمات بضعة عشر قرنًا حتى انتشر
    الإسلام فأطلق الأفكار من سيطرة الرؤساء ، والإرادة من عبودية الزعماء , ووصل
    تعليمه وهديه إلى تلك الأرجاء .

    لا عجب في إنكار المخالفين مزية في الإسلام بالقول ، بعد ما أنكرها أهله
    بالفعل ، ولكن العجب العُجاب في صنيع قوم قاموا يداوون الداء بالداء ، ويعودون
    بالنوع البشري إلى مضيق العبودية والاستخذاء . ذلك أن الأمة الإسلامية ضاقت
    ذرعًا بأوزار البدع والتقاليد التي وضعها الرؤساء وألزموا الناس بها تقليدًا أعمى
    فطفقت تَئِطّ وترمي عن عاتقها بعض ما حملت على غير بصيرة فيما ترميه
    وتستبقيه هل هو النافع أم الضار ، وتنتظر زعيمًا قائمًا بالحق ينتاشها مما وقعت
    فيه من الجهل والفقر والذل والعبودية ، وإذا بصائح يصيح : أنا القائم المنتظر ,
    وكان ذلك مؤسس دين البابية .
    * * *
    البابية

    المسلمون متفقون على أن الدين قد ضعف في النفوس . يعترف بهذا عالمهم
    وجاهلهم في الجملة ويختلفون فيه بالتفصيل ، ومتفقون على أنهم في حاجة إلى
    الإصلاح وإلى أن هذا الإصلاح إنما يكون بالرجوع إلى العمل بكتاب الله تعالى
    وسيرة رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ، ويعتقدون أن هذا الإصلاح إنما يكون
    على يد زعيم يدعى بالمهدي يبطل المذاهب ويقيم الناس على مثل ما كانوا عليه في
    عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدين وأحسن مما كانوا عليه في الدنيا ، وهذا
    الاعتقاد ظهر في الشيعة وامتد إلى غيرهم من المسلمين حتى لا يكاد ينكره إلا أفراد
    في كل زمان ، وقد ظهر ( الباب ) في بلاد الفرس بهذه الدعوة في أثر ضيق شديد
    فتوهم الناس ومعظمهم هناك من الشيعة الذين ينتظرون المهدي في كل يوم أنه هو ،
    وحمل الضيقُ والبلاءُ كثيرًا من الناس على اتباعه ، وماذا كان منه ؟ هل جاء على
    ما كانوا يعتقدون من الصفات والنعوت والأعمال ؟ كلا ، إنه جاء بنزعة وثنية
    مناقضة لما جاء به الإسلام من الهداية العليا التي أشرنا إلى مزاياها في مقدمة هذا
    المقال ، مبنية على استئصال جراثيم حرية الفكر واستقلال العقل ، وعلى الخضوع
    والعبودية لرجل مضطرب الفكر بعيد من نور العلم . لا مزية له إلا اللغو بما يخدع
    جهال الأعجمين . وضعفاء المقلدين . الذين اعتادوا على اعتقاد الولاية والعرفان .
    في أصحاب الدجل والهذيان فكان ظهور هذا الرجل واتباع كثير من الشيعة له
    وتصديقهم من بعده إلى تعميم دعوته ورفع كلمته أشد مضار الاعتقاد بالمهدي
    المنتظر ، وأكبر العظات فيها والعبر .

    لم يحاول هذا الداعي المشترع إبطال دين الإسلام فيمن ينتظرون تأييده وإنقاذه
    من التقاليد التي ذهبت باستقلاله ، بل حاول إفساد الفطرة وإطفاء نور العقل الذي
    أذكاه الإسلام وأطلقه من سجنه ، وبنى دينه الجديد على تقاليد الشيعة الذين ظهر
    فيهم لأنه كان شبعان ريان بهذه التقاليد ، ومحكوم الشعور والوجدان بها ، ولولا هذا
    ما راجت دعوته في أولئك الغلاة الذين إذا سمعوا ذكر آل البيت عليهم السلام
    والرحمة ظلت أعناقهم له خاضعين ، وكانوا لكل ما يقوله ذاكرهم بالخير متقبلين ،
    ولو أن المسلمين لا مذاهب لهم ، ولا كتب دينية غير القرآن وسيرة النبي وآله
    وصحبه في أعمالهم وأحوالهم وأقوالهم المنقولة بطرق متفق عليها بينهم ، مطابقة
    للأعمال والأحوال غير مخالفة للقرآن ما سرت إليهم هذه الضلالات في الماضي ولا
    في الحاضر فهكذا فعل التقليد بالمسلمين جعلهم غرباء عنه فسهل على المضللين أن
    ينتزعوا بعضهم منه .

    القرآن بشر البشر بأن الله تعالى رفع عنهم سيطرة الرؤساء الروحانين حتى
    خاطب من أنزله عليه بقوله :  فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ 
    (الغاشية : 21-22 ) وسماه عبدًا متبعًا ما أمر به , وإنما ذكرهم بما تعهده الفطرة
    السليمة , فإقامة هذا الدين هو الرجوع إلى الفطرة المعتدلة كما ترشدنا إليه الآية
    التي صدرنا بها المقال ، وذلك تبشير برشد البشر واستقلالهم ، والبابية يحاولون
    إرجاع السيطرة الدينية للأشخاص بأقبح ما كانت عليه من أشكال الوثنية فهم يعيدون
    البشر إلى حجر الطفولية التي تفتقر إلى القَيَّمِ المطاع طاعة عمياء .

    القرآن بشر البشر بأن محمدًا خاتم النبيين فلا حاجة بعده إلى تعليم سماوي ،
    ولا وحي جديد ؛ لأن تعليمه هو التعليم العالي الذي يرتقي به العقل ويستقل ، فلا يقبل
    الشيء إلا ببرهانه ، ولذلك استدل على العقائد ، وبَيَّن منافع الآداب والأحكام وطالب
    بالدليل والبرهان ، وجعله شرطًا للاعتراف بالصدق  قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ
    صَادِقِينَ  ( البقرة : 111 ) والبابية يحاولون إرجاع أهل هذا التعليم العالي إلى
    تعليم الأطفال الابتدائي الذي يؤخذ فيه كل شيء بالتسليم والإذعان ، بدون دليل ولا
    برهان .

    القرآن أبطل التقليد لأن فيه حجرًا على العقول أن تفهم الدين عن الله بنفسها
    وتفهم مصالحها في الدنيا بالتجربة والاختبار ، فقال فيمن احتجوا بتقليد ما كان عليه
    آباؤهم :  أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ  ( البقرة : 17 . ) فبين
    أن أحدًا لا يأخذ بقول أحد إلا إذا عَقَلَهُ وتبين له وجه الهداية فيه . والبابية يحاولون
    إقرار الذين ضلوا عن الاستقلال على ضلالهم وإلزامهم باتباع رؤسائهم في
    التأويلات التي لا تعقل والخضوع لهم فيما علموا وجهلوا ، بل أوجبوا عليهم
    عبادتهم ( يا للمصيبة والرزية ، وضعف البشرية ) .

    القرآن جعل آية محمد الكبرى علمية أدبية ، ولم يحتج على نبوته بالآيات
    الكونية ؛ لأنه دين العقل والآيات الكونية لا تعقل ، ولأنه دين العلم وهي لا تعلم .
    ولأنه جعل ركن ارتقاء البشر الهداية إلى سننه تعالى في الخلق وكونها لا تتبدل ولا
    تتحول ، وهي على غير السنن الكونية ، والبابية زعموا أن الباب كان مؤيدًا
    بالخوارق والآيات ، ولكن لم يستطيعوا إثبات ذلك ، بل جعلوا اللغو دلائل كما ترى
    قريبًا .

    القرآن أرشد البشر إلى العلوم الكونية وحثهم عليها في آيات كثيرة ، والباب
    حرم عليهم كل علم إلا ما يؤخذ عنه ، وفرض عليهم في البيان محو جميع الكتب ثم
    نسخ البهاء ذلك ( في ص 22 من الكتاب الأقدس ) ولئن أصاب البهائية في هذه فهم
    لا يخرجون عن كونهم فرعًا من البابية ، وكون ديانتهم مَبْنية على أساس البيان ,
    والمبني على الفاسد فاسد .

    ماذا عسى أن نقابل وننظر بين تعليم الإسلام وتعليم البابية ؟ هذا شيء يطول
    وأفضل منه التنبيه والإيماء إلى سبب قبول بعض المسلمين لهذا الدين مع رفضهم
    لدين النصرانية الذي يجتهد دعاته في تنصيرهم ، ويبذلون القناطير من الأموال ،
    ويتقنون فنون التشكيك والجدال ، على أن البابية تشبه النصرانية بالقول بألوهية
    البشر ، وهي دونها فيما عدا ذلك , فإن كلام الباب بمكانة من السخف واللغو
    يضحك منها الصبيان . وإنما راجت دعوته في طائفة الشيعة من المسلمين ،
    والسبب في ذلك أمور خاصة بهذه الطائفة ، وأمور أخرى عامة يشاركهم فيها
    غيرهم من طوائف المسلمين :

    ( السبب الأول ) عموم الجهل بالقرآن ، فمن فهم القرآن يستحيل أن يقبل
    دينًا آخر لأنه يعلم أنه لا حاجة للبشر معه إلا إلى استعمال ما وهبهم الله من القوى
    العقلية والبدنية لنيل سعادة الدنيا والآخرة ، وكان يجب على المسلمين أن يُعلِّموا كل
    مسلم ومسلمة هذا القرآن ، لا ألفاظه فقط ، بل ألفاظه ومعانيه , وكان الخلفاء
    الراشدون يفرضون العطايا لمن يتعلم القرآن ، ولكن سلاطين الجور من بعدهم
    أبطلوا هذا ، واتفق بعد ذلك أئمة الجور من الملوك والفقهاء على الاكتفاء بكتب الفقه
    عن كل الدين .

    ( الثاني ) عموم الجهل بسيرة النبي وسنته فإنهما خير البيان لما أنزل الله
    تعالى ، ولكنهم لم يحفلوا بذلك حتى لا تجد في مثل الأزهر من يتعلمهما ، والعلة فيه
    ما تقدم .

    ( الثالث ) الجهل باللغة العربية التي يتوقف عليها فهم القرآن ، ولا شك أن
    تعميم تعليمها واجب إذ لا يفهم الدين بدونه ، وإنني لا أعرف في بلاد المسلمين
    مدرسة ولا مكانًا تعلم فيه هذه اللغة , وإنما يعلم في المدارس بعض فنونها والكتب
    المؤلفة بها ، أما اللغة وأساليبها فلا تعلم بحيث ينطق بها المتعلم ويكتب ويخطب ,
    ولو كان أولئك الذين استجابوا للباب يعرفون هذه اللغة الشريفة لسخروا من تقليده
    للقرآن بالفواصل مع كثرة اللغو والغلط واللحن في كلامه حتى إن فيه ما لا يعقل له
    معنى قط , وإنما هو جعجعة وسجع كسجع الكهان ، ربما يظنه الأعجمي شيئًا
    عظيمًا بليغًا كالقرآن إذ لا يفهم من القرآن شيئًا ، ولا يذوق لبلاغته طعمًا .

    ( الرابع ) تعوُّد المسلمين على أخذ كلام العلماء في الدين بالتسليم من غير
    إسناد إلى كتاب ، ولا سنة ولا دليل , أي تعودهم على التقليد البحت الذي ذمه
    القرآن و أبطله .

    وقد عمَّ هذا التقليد حتى في العقائد ، فلو أن رجلاً في هذه البلاد مثلاً خالف
    مثل السنوسي في الصفات العشرين والدلائل التي جاء بها عليها لعدوه مارقًا من
    الدين وإن وافق هدي القرآن في سرد العقائد والاستدلال عليها بآيات الله في الكون .

    ( الخامس ) تعوُّد المسلمين على الخضوع والإذعان للظاهرين بمظهر
    الصلاح واللابسين لباس التصوف ، وتقديم كلامهم على كل كلام حتى ما يعتقدون
    أنه من الدين بلا خلاف ( راجع الكلام في الصوفية من تفسير هذا الجزء ) وكم
    خدع المسلمين خادع من الباطنية وغيرهم باسم التصوف ، وأفسد في دينهم ما شاء
    وما هؤلاء البابية إلا فرقة من الباطنية الملحدين ، وكان الباب قد دخل الخلوات
    وبالغ في الرياضات . قبل أن يقوم بهذا الافتئات ، ومن العجائب أن علماء
    المسلمين اليوم يقدسون كل كلام ينسب للمتصوفة مع اعترافهم بأن منه ما لا يفهم
    ومنه ما يناقض الكتاب والسنة وإجماع الأئمة ككلام محيي الدين بن عربي وعبد
    الكريم الجبلي وغيرهم . فلا عجب بعد هذا إذا قبل القوم كلام الباب في تفسير
    سورة يوسف بقصة الحسين وخضعوا للغوه في البيان والصحف والخطب والرسائل
    الكثيرة .

    ( السادس ) غلو الشيعة في تعظيمهم المنتسبين لآل البيت والباب منهم
    واعتقادهم الجازم بالمهدي المنتظر ، وأنه معصوم لا يُسْأَل عما يفعل ، ولا يعارض
    فيما يحكم . وقد بنى الباب دعوته على تقاليد الشيعة في الأئمة والمهدي كما تقدم
    وإننا نورد للقراء مثلاً من أقوال الباب التي يدعي أنها مُنزلة ليحكموا حكمًا
    صحيحًا ، ونبدأ بما أرسله إلينا في البريد الأخير أحد كبار البابية في طهران ردًّا لما
    كتبناه من قبل في المنار . ومحاولة لإقناعنا بهذا الدين ولعله أمثل ما عندهم ،
    وسنورد بعده ما هو شر منه ، وإننا نورد ما يأتي بنصه ونصححه على أصله بغاية
    الدقة ، فلا يتوهمن أحد أن ما فيه من الغلط والسخف من التحريف ، بل هو كلام
    الباب بحروفه قال :
    الصحيفة السادسة في الخطب
    وهي مرتبة بأربعة عشر خطبة

    ( الخطبة الأولى )

    ( هذه الخطبة قد أنشأت في كل ما سطر في ذلك الكتاب ليكون الكل بذلك من
    الشاهدين .

    بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي خلق الماء بسر الإنشاء ، وأقام
    العرش على الماء بشأن الإمضاء ، وأنزل الآيات من عالم العماء بجريان القضاء ،
    وفصل ما قدر في طور السيناء بحكم الثناء ، وأمضى ما قدر بالبهاء بذوبان
    الاقتضاء ، سبحانه وتعالى قد أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ألا يعبدوا إلا إياه ،
    وجعل في يدي كل أحد منهم شأنًا من قدرته التي يعجز عن مثلها كل ما سواه ،
    فيثبت الحق بكلماته ، ويبطل الباطل بآياته لئلا يكون لأحد بعد العلم بمحل حكمه
    حجة ، وكان الكل له مُسَلِّمين ، فسبحانه وتعالى قد جعل بينه وبين رسله شأن البهاء
    من الكلام لأنها أعظم النعماء في الإنشاء ، وبها يتشرف الرسل بعضهم على بعض ،
    كما نزل في التنزيل ، بحكم الله الجليل  وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً
    أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ 
    (الشورى : 51 ) ، وجعل في كلامه شأنًا من القدرة التي لا يشتبه بكلام عباده ، وإنه
    سبحانه حي قادر ينزل على من يشاء بما يشاء من آياته سبحانه وتعالى عما يصفون ،
    أشهد الله في ذلك الكتاب بما شهد الله لنفسه بنفسه من دون شهادة أولي العلم من
    عباده بأنه لا إله إلا هو لم يزل كان بلا ذكر شيء ، والآن هو الكائن بمثل ما كان
    لم يكن معه شيء . قد علا بعلو ذاته عن نعت الإنشاء وأهلها ، وتعظم بعظمة نفسه
    عن وصف الإبداع وما يشابهها . سبحانه تقطعت الإبداع كينونيته ، وتفرقت
    الاختراع إنيته ، من قال هو هو فقد فقده لأنه لا يوجده غيره ، ولا له صفة دون
    ذاته ولا اسم عين بهائه فمن وحده فقد جحده ؛ لأنه لا يعرفه بشيء , ولا يدركه عبد
    انقطعت الأسماء من عالم العماء بجبروتيته ، وامتنعت الصفات من عالم الأمثال
    بملكوتيته ، لم يزل كان ربًّا بلا مربوب ، وعالمًا بلا معلوم ، وقادرًا بلا مقدور ،
    وموجدًا بلا موجود ، والآن كان الله بمثل ما كان وهو الكائن لا مربوب ، وهو
    العالم لا معلوم ، وهو القادر لا مقدور ، وهو الموجد لا موجود ، لا اسم له ولا
    وصف ، ولا نعت له ولا رسم ، قد تقطع الكل ذاتيته ، وتفرق الكل كينونيته ، لا
    ذكر له بالفصل ، ولا بيان له بالوصل ، من قال هو الحق ، يرجع الأمر إلى الخلق ،
    ومن قال هو العدل ، يمنع العدل عن الوصف ، سبحانه وتعالى قد وجدت الإبداع
    بالإنشاء بلا مسِّ النار من ذاته ، واخترعت المشية بالإبداع بلا فصل من نفسه ،
    وقد منعت الإبداع عن معرفة إبداعه ، وانقطعت الاختراع عن محبته باختراعه ،
    سبحانه وتعالى لا ذكر هنالك لا بالنفي ولا بالإثبات ، ولا بالثناء ولا بالآيات , ولا
    بالبهاء ولا بالعلامات ، ولا بذكر الهاء ولا الفرار عن الواو , ولا بالقيام بين
    الأمرين ، ولا بحرف اللاء سبحانه وتعالى عما يصفون ، ( وأشهد ) لمحمد صلى
    الله عليه وآله بما شهد الله له به حيث لا يعلم ذلك إلا هو بعدما اخترعه لعزة ذاته ،
    واصطفاه لقدس جنابه ، وجعله منفردًا من أبناء الجنس في تلقاء جماله ، للقيام على
    مقامه . إذ هو لا يدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ،
    (وأشهد ) أن محمد بن عبد الله رسوله قد بلغ ما حمل في أمره , وقبض ما أجرى
    القضاء بأيدي نفسه ، سبحانه وتعالى ويحذركم الله نفسه . ألا تقولوا في حقه دون ما
    قدر الله لنفسه . سبحانه وتعالى عما يشركون ( وأشهد ) أن أوصياء محمد صلى الله
    عليه وآله اثنَيْ عشر نفسًا في كتاب الله يوم ما خلق حرفًا في الإمكان غيرهم بما قد
    شهد الله لهم في عز جبروتيته , وقدس لاهوتيته , وعظم سبوحيته , وعلو
    صمدانيته بما لا يعلم ذلك أحد غيره . ( وأشهد ) أنهم قد بلغوا ما حملوا من وصاية
    رسول الله صلى الله عليه وآله , وأنهم الفائزون حقًّا . ( وأشهد ) أن قائمهم سلام
    الله عليه حَيٌّ به قد أقام الله كل شيء , وله يمد الله كل شيء , وبه يوجد الله كل
    شيء . وأن له رجعة حق بمثل ما جعل الله لهم فسوف يحيي الله الأرض بظهوره ,
    ويبطل عمل المشركين . ( وأشهد ) أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله
    ورقة مباركة عن الشجرة البيضاء لا إله إلا الله سبحانه وتعالى عما يشركون .
    ( وأشهد ) لكل حق بمثل ما شهد الله له في علم الغيب , ولكل باطل بمثل ذلك , وإنه
    ليعلم بأنِّي عبد الله مؤمن به وبآياته وبكتابه الفرقان الذي لم يوجد بمثله , وبالمحبة
    لكل ما أحبه وبالبراءة لكل ما أبغضه , وكفى بالله عليَّ شهيدًا . ( وأشهد ) أن
    الموت والسؤال والبعث والحساب وحشر الأجساد والأجسام , وما جعل الله وراء
    ذلك في علمه لَحَقّ بمثل ما كان الناس في علم الله ليوقنون ( وأشهد ) أن كل ما
    فصل في ذلك الكتاب حق من فضل الله عليَّ ولكن أكثر الناس لا يشكرون .
    ولقد فصل في ذلك الكتاب كل ما خرج من يدي من سنة 1240 إلى سنة
    1242 من شهرها بما مضى نصفه من شهرها ، وهو أربعة كتاب محكم وعشر
    صحيفة متقنة التي كل واحدة منها تكفي في الحجية على العبودية لمن في السموات
    والأرض , وأنا ذا أذكر أسماءها بأسماء الله منزلها لتكون حنيفًا في البيان ومذكورًا
    في التبيان .

    ( الأولى ) كتاب الأحمدية في شرح جزء الأول من القرآن . ( والثانية )
    كتاب العلوية وهو الذي قد فصل فيه سبعمائة سورة محكمة التي كل واحدة منها سبع
    آيات . ( والثالثة ) كتاب الحسينية وهو الذي قد فصل فيه خمسين كتابًا محكمة
    بالآيات القاهرة . ( والرابعة ) كتاب الحسنية في شرح سورة يوسف عليه السلام
    التي كلها المفصلة بمائة وإحدى عشرة سورة محكمة التي كل واحدة منها اثنتان
    وأربعين آية التي كل واحدة منها تكفي في الحجية لمن على الأرض وما في تحت
    العرش لو لم تغير وكفى بالله شهيدًا . ( والخامسة ) صحيفة الفاطمية , وهي مرتبة
    بأربعة عشر بابًا في أعمال اثنَيْ عشر شهرًا في كتاب الله . ( والسادسة ) صحيفة
    العلوية , وهي مرتبة بأربعة عشر دعاء في جواب اثنَيْ وتسعين مسألة التي قد
    فصلت بعد رجعي على الحج في الشهر الصيام . ( والسابعة ) صحيفة الباقرية ,
    وهي مرتبة بأربعة عشر بابًا في تفسير أحرف البسملة . ( والثامنة ) صحيفة
    الجعفرية , وهي مرتبة بأربعة عشر بابًا في شرح دعائه عليه السلام في أيام الغيبة .
    ( والتاسعة ) صحيفة الموسوية , وهي مرتبة بأربعة عشر بابًا في جواب اثنين
    نفس من عباد الله التي قد قضت في أرض الحرمين . ( والعاشرة ) صحيفة
    الرضوية , وهي مرتبة بأربعة عشر بابًا في ذكر أربع عَشْرَةَ خطبةً غراء الناطقة
    عن شجرة الثناء لا إله إلا هو العزيز المنان . ( والحادي عشر ) صحيفة الجوادية ,
    وهي مرتبة بأربعة عشر بابًا في جواب أربع عَشْرَةَ مسألة لاهوتية . ( والثاني
    عشر ) صحيفة الهادية , وهو مرتبة بأربعة عشر بابًا في جواب أربع عَشْرَةَ مسألة
    جبروتية . ( والثالث عشر ) صحيفة العسكرية , وهي مرتبة بأربعة عشر بابًا في
    جواب أربع عَشْرَةَ مسألة ملكوتية . ( الرابع عشر ) صحيفة الحجية , وهي مفصلة
    بأربعة عشر دعاء قدوسية التي قد ظهرت في بدء الأمر , وتنسب إلى أيام العدل .
    فكل ذلك أربع عَشْرَةَ نسخة مباركة موجودة في ذلك الكتاب مع صحيفة
    المشهودية في آخره في أربعة عشر كتابًا من أولياء العباد . كل ذلك مكتوب في هذا
    الكتاب , وأما ما خرج من يدي , وسرق في سبيل الحج قد نذكر تفصيله في
    صحيفة الرضوية , فمن وجد منه شيئًا وجب عليه حفظه , فيا طوبى لمن استحفظ
    كل نزل من لديَّ بألواح طيبة على أحسن خط , فوالذي أكرمني آياته حرفًا منها
    أعز لديَّ من ملك الآخرة والأولى , وأستغفر الله ربي عن التحديد بالقليل , وسبحان
    الله رب العرش عما يصفون , وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
    ( المنار ) يرى القارئ أن هذا اللغو الذي لا يفهمه حتى كاتبه إنما خدع
    بعض الفرس لما فيه من نسبة الصحف إلى آل البيت ، وأن الله أوجد ويوجد
    بقائمهم كل شيء , وهذا شرك , ولعلهم ظنوا أن ما لا يفهم منه هو الأفهام والعقول
    كما يظن عامة المسلمين في كلام الصوفية .
    * * *
    أدلة الباب السبعة على دينه

    هفت دليلي است كه بجهة جواب يكي إز علماء نقطة بيان نازل فرموده اندكه
    أول إز عربي است وفارسي هم تفسير الدامر قوم فرمود عند عربي إند أنوشتم[1] .

    ( بسم الله الأفرد الأفرد )

    إنني أنا الله لا إله إلا أنا قد خلقت كل شئ بأمري ، وما جعلت لشيء من أول
    ولا آخر جودًا من لدنا , إنا كنا على ذلك لقادرين ، وانتهيت كل ما قد خلقت إلى
    بديع الأول أمرًا من عندنا إنا كنا على كل شيء لمقتدرين . ثم انتهينا ما قد خلقنا
    من بديع الأول إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلاً من لدنا إنا كنا
    فاضلين . وربينا الذين أوتوا الفرقان في ألف وماتين ثم سبعين سنينا لعلهم
    يستبصرون , في دينهم ليوم ظهور ربهم وحين ما يعرفهم الله نفسه ليجيبون الله
    ربهم ثم لينصرون . وعلمناهم في الفرقان دلائل سبعة كل واحدة منهن يكفي كل
    العالمين .

    قل ( الأول ) : إن غير الله لن يقدر أن ينزل مثل الفرقان , وهل من
    خلق أعجب من هذا إن أنتم فيه تتفكرون ، وأمهلنا الذين أوتوا الفرقان من يومئذ
    إلى حينئذ ، حتى كل يوقنون بأنهم عاجزون ، لعل الذين هم يستمعون آيات الله
    حين ظهور حجته بما آمنوا من قبل يؤمنون ، انظر كيف قد سدد الله أبواب حجتهم ،
    ولا يمن الله على أمم مثلهم , ولكنهم عن أمر الله غافلون . حين ماقدروا آيته لا
    سبيل لهم في دينهم إلا أن يقولون : هذا من عند الله المهيمن القيوم . وأن يقولون
    هذا من عند غير الله يكذبهم قول الله من قبل في الفرقان بأن غير الله لن يقدر أن
    يأتي بآية , وأنتم كلكم بذلك من قبل موقنون .

    قل ( الثاني ) : ما استدل الله في الفرقان بأمر محمد رسول الله إلا بعجزكم
    عن آيات الله إن أنتم قليلاً ما تتفكرون ، ولم يكن عند الله حجة أكبر من هذا
    ليستدلن الله به , وأن مادونه ما أنتم لتذكرون كمثل ظلال عند الشمس أفلا تبصرون .
    وأنتم كلكم أجمعون . لتقولون : إن الفرقان أكبر آيات محمد رسول الله من قبل إن
    أنتم بذلك موقنون . كيف لا تستدلون يومئذ ولا به في دين الله تدخلون .

    قل ( الثالث ) : إن آيات الله أكبر عن آيات النبيين من قبل إن أنتم قليلاً ما
    تتفكرون . إذ لو لم يكن أكبر لا ينسخ الله بآيات الفرقان دين عيسى بعد موسى ثم
    النبيين قبل موسى , ولكنكم في حجة دينكم من قبل لا تتفكرون . لو لم يكن آيات
    الفرقان أكبر من عصى موسى ثم كل آيات النبيين من قبل موسى وبعد عيسى كيف
    ينسخ الله بها ما نزل من قبل أفأنتم في دلائل الله لا تتفكرون . أفأنتم في حجج الله
    لا تتأملون ، ولو أنكم أنتم من قبل في الفرقان مستبصرون . حين سمعتم من آية
    لتعظمن في أفئدتكم أكبر عن خلق السموات والأرض وما بينهما ، ولكنكم لا
    تتفكرون ولا تتذكرون .

    قل ( الرابع ) : إنما الآيات لا يكفين الذين أوتوا الفرقان من قبل ومن بعد إن
    أنتم بما أنزل الله من قبل لموقنون . قل : إن ذلك الدليل ليثبتن الكتاب بأنه حجة من
    عند الله ويكفين كل العالمين مثل ما نزل الله في سورة العنكبوت وأنتم بالليل والنهار
    لتقرءون . أولم يكفهم أنا أنزلنا إليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى
    لقوم يؤمنون .

    قل ( الخامس ) : دليل عقليّ مقطوع لو أراد أحد من النصارى أن يدخل في
    دين الإسلام أنتم كيف تستدلون . وهل يكن حجتكم بالغة بالكتاب أو أنتم بغيره
    تستدلون . لو تستدلون بغيره لن يقبل عنكم ، وإن تستدلون به فإذا أنتم غالبون .
    سواء يقبل عنكم أو لا يقبل فإن حجتكم قد تمت وكملت عليه , هذا ما أنتم من قبل
    في الإسلام مستدلون . كيف لا تستدلون يومئذ في البيان وأنتم على الصراط بالحق
    لتمرون [2] .

    قل ( السادس ) : قد أظهر الله قدرته في الآيات على شأن كل عنها عاجزون ،
    ولا يحسبن أن هذا أمر خفيف , فإنه لا تقل عما في السموات والأرض وما بينهما ،
    ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، ما خلق الله خلقًا أعز من الإنسان , وكل عند ذلك
    عاجزون . انظر كل بحروف الثمانية والعشرين متكلمون . وأن الله قد سخر تلك
    الحروف وركبها بشأن كل عنها يعجزون . هذا صنع الله كل به يخلقون ، إن الذين
    يدعون من دون الله ما لهم دليل في كتاب الله , مثلهم مثل الذين هم كانوا من قبلهم
    لو شاء الله ليهديهم , وإن يشاء ليمهلنهم , وذلك نارهم عند الله ولكنهم لا يعلمون .
    ولكنهم لو يتفكرون أقرب من لمح البصر ليهتدون .

    قل ( السابع ) : كل موقنون بأن الله لن يعزب من علمه من شيء , ولا
    يعجزه من شيء لا في السموات ولا في الأرض ولا ما بينهما , وأنه كان بكل شيء
    عليمًا , وأنه كان على كل شيء قديرًا . فإذا نسب أحد نفسه إليه إن لم يكن من عنده
    فعلى الله أن يظهرن من يبطلن ذلك بدليل كل به يوقنون ، فإن لم يظهر دليل أنه
    حق من عند الله لا ريب فيه كل به مؤمنون . انظر إن الأمر في ظهور البيان
    أعجب عما نَزَّل الله من قبل الفرقان وجعله آيه من عنده على العالمين ، قل الله قد
    نزل الفرقان من قبل بلسان محمد رسول الله في ثلث وعشرين سنة ، وكل يومئذ به
    لمدينون من الذين أوتوا الفرقان , ومن لم يؤمن به فأولئك هم عن صراط الله
    لمبعدون ، ولكن الله لو شاء لينزلن مثل ما نزل من قبل في يومين وليلتين إذا لم
    يفصل بينهما إن أنتم تحبون فتستنبئون . فإنا كنا على ذلك لمقتدرين ، انظر بآيه قل
    نزل الله من قبل في ذكر الحج في حول كم من خلق في حول الطين يطوفون ، هذا
    عظمة أمر الله في آياته , وسيشهدن الذين هم يأتون من بعد في آيات البيان أكبر
    من ذلك , ولكن الناس هم لا يعلمون ، هذا في شأن إنا كنا بلسان الخلق مستدلون ،
    وإلا كيف نعرفن أنفسنا بآياتنا , وإنها هي خلق في كتاب الله تعرف بالله ربها ,
    والله لا يعرف بها وإنا كنا على كل شيء لشاهدين ، إن كنت في بحر الأسماء
    لمن السائرين . مامن إله إلا الله رب العالمين ، له الأسماء الحسنى من قبل ومن
    بعد ، كل عباد له وكل له عابدون ، وإن كنت في بحر الخلق لمن السائرين ، قد
    خلق الله كل شيء بأمر واحد , وجعل مثل ذلك الأمر كمثل الشمس إن تطلع بما لا
    يحصي المحصون ، وإنها هي شمس واحدة , وإن تغرب بمثل ذلك إنها هي شمس
    واحدة ، قل كل بالله قائمون ، فإذا في كل الرسل أمر واحد ، وفي كل الكتب أمر
    واحد ، وفي كل المناهج أمر واحد ، كل بأمر الله من عند مظهر نفسه قائمون ، هذا
    معنى حديث أنتم في ذكر قائمكم لتذكرون ، ليذكرن من بديع الأول إلى محمد ،
    وليقولن من أراد أحد من أنبياء الله فلينظرون إليَّ ، ولا يقولن : فلينظرن إلى غيري
    إذ كل فيه ، وكل بأمر الله إذا يشاء ليظهرون . هذا معنى قول محمد من قبل في
    ذكر النبيين بأنهم إياي إذ ما في كل أمر واحد قد اتصل بمحمد رسول الله ، ومن
    محمد إلى نقطة البيان , ومن نقطة البيان إلى من يظهره الله ، وممن يظهره الله إلى
    من يظهر من بعد من يظهره الله إلى آخر الذي لا آخر له أنتم مثل أول الذي لا أول
    له لتستنبئون ثم لتوقنون[3] . فاذا في كل ظهور فيه وكل ما يظهر من عنده يظهر
    ذلك معنى ما أنتم في بحر الأسماء تذكرون . سبحانك اللهم إنك أنت الأول ولم يكن
    قبلك من شيء وأنك أنت مؤل الأولين ، قل : اللهم إنك أنت الآخر ، ولم يكن بعدك
    من شيء وأنك أنت مؤخر الآخرين . قل : اللهم إنك أنت الظاهر فوق كل شيء ولم
    يكن فوقك من شيء وأنك أنت مظهر الأظهرين . قل : اللهم إنك أنت الباطن دون
    كل شيء ، ولم يكن غيرك من شيء ، وإنك أنت مبطن الأبطنين . سبحانك اللهم
    إنك أنت القادر على كل شيء لن يعجزك من شيء لا في السموات ولا في
    الأرض، ولا ما بينهما ، تنصر من تشاء بأمرك إنك أنت أقدر الأقدرين . وإن كنت
    في بحر الخلق ناظرين . مثل ذلك في مرءات الأزل إنا كنا منزلين ، إذ لا يرى في
    المرات إلا مجليها ذلك رب العالمين ، فانظر من أول ما قد دخلت في دينك هل
    رأيت من نبي أو حجة إلا وقد شهدت الفرقان من عند الله رب العالمين ،
    واستدللت به من غير أن تسكن فيه وكنت به لمن الموقنين . فلتنصفن حين ما قد
    رأيت الفرقان أو آيات البيان هل رأيت ما تحجبنك عن هذا أو توقننك في هذا
    إن كنت من المستبصرين ، وإن ما تشاهدن غير قواعد النحويين والصرفيين ,
    هؤلاء يستنبئون علمهم من كتاب الله , وما يتلى الكتاب من عند الله لا يستنبئ من
    علمهم فما لهؤلاء القوم لا يتفكرون ولا يتذكرون [4] , وهذا دليل على أنكم توقنون
    بأن الله قد أظهر حجته من عند من لم يتعلم شئون علمكم لعلكم أنتم بذلك
    تستطيعون في دين الله توقنون ، وإنا لو نشاء لننزلن مثل ما أنتم في قواعدكم
    مستدلون ، مثل ما قد نزلنا كتبًا من قبل , وإن كنا على ذلك لمقتدرين ، وإن الله في
    كل ظهور ليحبن أن يدخل الناس في دين الله بحجة ودليل , وعلى هذا لينصحن
    الرسل في كل ظهور كل عباد الله المؤمنين ، وإلا إذا يبعث الله ذا طول عظيم
    ليدخلن الناس في دين الله سواء يحيطون علمهم بدليل أو لا يحيطون ، مثل كل ما
    أدخل محمد رسول الله من قبل في الإسلام بجبر وقهر فإن أولئك هم سواء يطلعون
    بدليل أو لا يطلعون . ليدخلنهم الله في رضوان الدين بفضله سواء هم يعلمون أولا
    يعلمون . فلتتفكرن هل يكن حجة الذين أوتوا التورية بالغة على الذين أوتوا الزبور,
    كيف هم صبروا في دينهم ، وما دخلوا في دين موسى ولا هم يتذكرون ،
    يحسبون بينهم وبين الله بأنهم محسنون ، بعدما أنهم عند الذين هم أوتوا التورية
    مسيئون ، وكيف عند الله ولكن لا يعقلون ، ثم انظر إلى الذين أوتوا الإنجيل لم يكن
    حجتهم بالغة على الذين هم أوتوا التورية كيف هم قد صبروا في دينهم ويحسبون
    بينهم وبين الله بأنهم محسنون ، بعدما أنهم عند الذين أوتوا الإنجيل لمسيئون .
    وكيف عند الله ربهم ولكنهم لا يتذكرون , ثم انظر إلى الذين أوتوا الفرقان بأن
    حجتهم بالغة على الذين أوتوا الإنجيل كيف هم يحسبون بأنهم بينهم وبين الله
    محسنون . وأن ما وعدهم عيسى ما جاء , وهم يحسبون بينهم وبين الله ربهم بأنهم
    في دينهم مستبصرون . بعدما أنهم عند الذين أوتوا الفرقان لمسيئون وغير
    مبصرون . وكيف وعند الله ربهم , ولكنهم لا يعلمون ، ثم انظر إلى الذين أوتوا
    الفرقان كيف حجة الذين هم آمنوا بأئمة الدين بالغة على الذين لم يؤمنوا بهم وهم
    يحسبون بأنهم محسنون ، بعدما أنهم عند هؤلاء غير محسنون . ثم انظر إلى الذين
    أوتوا البيان فإن حجتهم بالغة على كل الأمم ، وكل بينهم وبين الله يحسبون بأنهم
    محسنون في دينهم محتاطون ثم لمتقون . ولكنهم عند الذين أتوا البيان غير محسنون
    ولا متقون ، وكيف عند الله وعند مظهر نفسه وعند شهداء مظهر نفسه ولكنهم لا
    يتفكرون ولا يتذكرون . ثم انظر إلى الذين هم أوتوا الكتاب من يظهره الله في
    القيامة الأخرى فإن حجتهم بالغة على الذين هم أوتوا البيان ، ولكنهم يحسبون في
    دينهم بأنهم متقون ومحسنون . بعدما أنهم عند الذين أوتوا ذلك الكتاب غير متقون
    ولا محسنون ، وكيف عند الله وعند من يظهره الله وعند أدلائه يا أولي البيان بالله
    تتقون . أن لا تفضحن أنفسكم مثل الأمم قبلكم بأنكم تحسبون بينكم وبين الله بأنكم
    متقون . وعند خلق آخر غير متقون ومحسنون . وكيف عند الله ربكم فلتنقطعن عن
    كل علمكم وعملكم , ولتستمسكن بمن يظهره الله ثم دليله وحجته , ثم بما يستدل
    المستدلون , وبأهوائكم لا تستدلون , ثم بما يرضى لترضون ، ولا تجعلون
    رضائه بما ترضون بل تجعلون رضائكم بما يرضى ، ولا تسألونه عن آيات
    غير ما يؤتيه الله فإنكم أنتم لا تستجابون . قد وصيناكم حق الوصية لعلكم في
    دينكم تتقون ، وعلمناكم سبل الدلائل في الآيات لعلكم في البيان لتتقون ثم
    لتخلصون . ثم بالحق تستدلون . اهـ

    ( المنار )
    الذي يمكن أن يفهم بالقرائن من مجموع هذا اللغو الطويل الذي أفرغ فيه
    الباب جعبة دلائله ؛ أن أهل كل دين جديد يرون أنهم محقون ومهتدون وغيرهم
    مبطل , وهكذا يراهم غيرهم ، وأن المسلمين الذين يؤمنون بالأئمة مع الذين لا
    يؤمنون بهم كذلك ؛ فوجب أن يكون دينه كذلك . ولو نهض هذا دليلاً لجاز لكل أحد
    في كل يوم أن يخترع دينًا ويحتج به ! ! ! . ‍وقد جهل الباب أو نسي أن المسلمين
    الذين يحتج عليهم يعتقدون بأن الأديان قد ختمت بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم .
    وأن الدليل عليها لم يكن التنازع والخلاف بين أهل الأديان بل كان دليلاً
    حقيقيًّا معقولاً .

    وقد بنت البهائية دينها على قوله : من يظهره الله , ولكن أي معنى لوجود
    شارع يضع دينًا ، ولا يلبث أن ينسخ دينه في عصره ، ويكتم كتابه قبل أن يعلم به
    الناس إلا قليلاً لا يعتد بهم , فإن البهائية يخفون ( البيان ) إذ وجد فيهم من أدرك أنه
    سخرية ؟ ويا ليت هذا الدين الصبياني قد انقسم إلى دينين فقط . كلا , إنه انقسم إلى
    أربع فرق يكفر بعضها بعضًا في الغالب ، وهي كما في خاتمة كتاب ( مفتاح باب
    الأبواب ) الذي نوهنا به من قبل , وقد تم طبعه الآن وسيصدر بعد أيام قال مؤلفه :
    * * *
    فرق البابية

    ( الأولى البابية الخُلَّص ) أي الذي اتبعوا الباب فقط ، ولم يرضخوا لأوامر
    من قام من بعده مثل الميرزا يحيى صبح أزل وأخيه الميرزا حسين على البهاء
    وغيرهما ، وهم يعملون بأحكام البيان ، وينبذون جميع ما ألف ، وكتب بعد الباب
    ظهريًّا , وهؤلاء يبلغون نحو مائتي نفس في البلاد الإيرانية دون غيرها , وفي
    أثناء وجودنا بطهران تقابلنا مع أناس منهم , وعلمنا منهم ما لا تعلمه البابية الأزلية
    والبهائية .

    ( الثانية البابية الأزلية ) وهم القائلون بخلافة أو أصالة الميرزا يحيى صبح
    أزل سجين قبرص الآن أي أن الأزل هو مصداق لما ورد في كتاب البيان ( من
    يظهره الله أو من يريده الله ) وهؤلاء يؤيدون مدعياتهم بكتب عديدة من الباب ,
    والميرزا حسين عليّ إلى الميرزا يحيى ، وهي موجودة عند الأزل , ويتمسكون
    ويستدلون بها على بطلان أمر البهاء وأتباعه وعددهم ألفان ونيف تقريبًا في البلدان
    الإيرانية وغيرها ، وداعيتهم الأكبر وعميدهم الأعظم وهو الحاج الميرزا ......
    القاطن الآن بطهران هو وأنجاله وأناس آخرون منهم , ذكرنا أسماءهم في كتابنا
    (باب الأبواب ) وهؤلاء يتظاهرون بالإسلامية ، ويتبرءون من الباب والبابية
    ويعملون بالتَّقية ، يصلون ويصومون ويقومون بجميع فرائض الدين الإسلامي في
    الظاهر , ويكفرون البهاء وأتباعه ويلعنونهم في الظاهر والباطن , ويستبيحون
    أموال وأنفس المسلمين والبهائية عند المقدرة , ويستعينون على قضاء حوائجهم هذه
    بالكتمان وشدة الحذر , ويسندون الخلافة من بعد الميرزا يحيى إلى الحاج الميرزا
    ...... المذكور , ولهم إشارات ورموز خاصة بهم لمعرفة بعضهم بعضًا .

    ( الثالثة البابية البهائية ) وهؤلاء على ما مر عليك من أخبارهم يعتقدون
    بربوبية وألوهية البهاء ، وأنه هو الذي بعث الأنبياء والرسل ، وأن زردشت
    وموسى وعيسى ومحمدًا صلى الله عليه وسلم ، والباب إنما كانوا يبلغون أحكامه
    ويبينون آياته فهم مظاهر أوامره , وبشروا به وبظهوره كما أن ابنه الأكبر عباسًا
    يكون كذلك من بعده وأن ليس لأحد أن يقوم بعده ويدعي بالأمر إلا بعد ألف سنة
    كاملة , وبعد ذلك يكون الأمر لمن يظهره الله ( يعني لمن يظهره هو كما علمت من
    أقواله ) وأن من يدعي أمرًا قبل ألف سنة يتحتم قتله لا محالة , ويبلغ عددهم نحو
    ثلاثة آلاف نفس في إيران , ونحو ألفي نفس في خارجها ، ولا عبرة بما يدعونه
    من أنهم يبلغون الملايين من النفوس في البلدان الإيرانية ومئات الألوف في الممالك
    الروسية والإفرنجية والعثمانية , ومثلها في الممالك المتحدة الأمريكية ؛ لأن الإطراء
    والإغراق والغلو هي ديدنهم ، ودأبهم في تجسيم وتعظيم الأمور الراجعة إليهم
    كشأنهم في بقية المسائل المختصة بهم .

    ( الرابعة البابية البهائية العباسية ) هؤلاء هم البابية البهائية , ولكن يقدسون
    ويمجدون العباس كتقديسهم لأبيه البهاء بل البعض منهم يجعلون البهاء مبشرًا به ,
    كما كان الباب مبشرًا بأبيه , وولد العباس في اليوم الخامس من جمادى الأولى
    1265 هجرية بطهران , ورافق أباه بالنفي إلى بغداد و أدرنه و عكا ولم يكن
    للبابية البهائية شأن يذكر قبل ترعرعه ، ولما بلغ أشده واستلم زمام الأمور بكياسته
    المشهورة ، نثر ونظم , عقد وحل , غَيَّرَ وبدَّل , ألَّف وصنَّف ، وهو الذي أشار
    على أبيه بالاستقلال في الأمر والاستبداد بالرأي حتى فرق بين أبيه وعمه الأزل ,
    وجعل للبهائية شأنًا يذكر , ولولاه لما قامت للبابية قائمة ، وما قام بشخص يسقط
    بسقوطه ويزول بزواله إذا لا بقاء له بذاته . نعم ، إنه كان يتظاهر أمام البابية أنه
    كأقل عبد متواضع خاشع للبهاء ، ولكنه كان ماسكًا دفة الأمر بيد من حديد ، يدبرها
    كيف شاء وأنى شاء ، وكان يخاطبه أبوه بلفظة ( آقا ) ومعناها ( السيد ) , ولما
    مات البهاء آلت إليه الرياسة , وانفرد بالمحو والإثبات في الأحكام , فذعر من ذلك
    إخوته والخاصة من أصحاب أبيه مثل الميرزا آفاجان الكاشاني الملقب بخادم الله
    ومحمد جواد القزويني و جمال البروجردى وأصهار البهاء , فانضم هؤلاء إلى
    الميرزا محمد علي النجل الثاني للبهاء الملقب بغصن الله الأكبر , وأرسلوا الدعاة
    إلى البلدان , ونزغوا إلى الطغيان والعصيان ، وألفوا كتبًا بالفارسية والعربية
    وطبعوها بالهند أظهروا بها مروق العباس وأشياعه في دين البهاء وكفروه وسلقوه
    بألسنة حداد ( عندنا نسختان من الكتب المذكورة ) ، ومن جراء ذلك انشقت البابية
    البهائية إلى قسمين : قسم سمي ( بالناقضين ) هم الميرزا محمد عليّ وأشياعه ,
    وقسم سمي ( بالمارقين ) هم العباس وأشياعه , وقام كل منهم الآن يؤيد دعواه
    ويكفر من عداه , فاعتزلوا المعاشرة ، وحرموا معاملة بعضهم لبعض ، وعداوة كل
    منهم للآخر أشد من عداوتهم جميعًا للمسلمين وغيرهم , فهذا ما آل إليه أمر البهائية
    بعد موت البهاء . ولله الأمر من قبل ومن بعد
    ________________________
    (1) هذه العبارة الفارسية لمرسل الرسالتين , ومعناها : الدلائل السبع التي تفضلت بإنزالها نقطة
    البيان في جواب العلماء بالعربية , ومترجمة بالفارسية فبادرت بإرسال العربية إليكم .
    (2) المنار : زعم البابي أن هذا دليل عقلي , وملخصه أن كتابه البيان حجة على المسلمين كما أن
    القرآن حجة على النصارى , وهذا جهل مثل سابقه ولاحقه ذلك أنه يجهل طريق الاستدلال عند
    المسلمين وهو البرهان على الألوهية بالعقل , ويدخل في ذلك استحالة حلول الباري في البشر ,
    والبرهان بالعقل على الحاجة إلى الرسالة وإلى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم , والاستغناء عنها
    بدينه , وههنا يجيء الاستدلال بالقرآن بما فيه من العلوم العالية مع أن الجائي به أمي , ومن البلاغة
    التي أعجزت البلغاء , وليس بيان الباب إلا عيًّا ولغوًا يسهل مثله على الصبيان والمجانين .
    (3) المنار : يظهر أن الشيعة يروون حديثًا مرفوعًا في هذا الموضوع , والعارف بالعربية وأساليبها
    يجزم بأنه موضوع لا أصل له , ويفهم من العبارة أن الباب يعتقد بخلود الناس في الدنيا .
    (4) انظر إلى هذا الاعتذار السخيف عن عجزه عن الكلام الصحيح كأن الله تعالى يحب اللغو الذي لا
    يفهم .

    ((مجلة المنار ـ المجلد [7] الجزء [9] ص ‌ 338 غرة جمادى الأول 1322 ـ 15 يوليو 1904))

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  10. #10
    شاعر / أستاذ جامعي الصورة الرمزية نذير طيار
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    المشاركات
    1,025
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    أخي الفاضل منذر:
    للشيخ المرحوم أحمد حماني رئيس المجلس الأعلى الإسلامي الجزائري الأسبق كتابا ضخما تحت عنوان "الدلائل البادية على ضلال البابية وكفر البهائية"
    والمعلوم أن الإجماع حاصل بين مذاهب المسلمين السبعة بكفر هذه العقائد.

    رياضيات - صحافة - شعر - فلسفة علوم - معلوماتية

  11. #11
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نذير طيار مشاهدة المشاركة
    أخي الفاضل منذر:
    للشيخ المرحوم أحمد حماني رئيس المجلس الأعلى الإسلامي الجزائري الأسبق كتابا ضخما تحت عنوان "الدلائل البادية على ضلال البابية وكفر البهائية"
    والمعلوم أن الإجماع حاصل بين مذاهب المسلمين الخمسة بكفر هذه العقائد.
    أخي نذير،

    أتساءل إن كان بالإمكان العثور على نسخة اليكترونية من هذا الكتاب، أو على تعريف مختصر به على الأقل؟

    وشكرا لك على المتابعة.

    منذر أبو هواش

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  12. #12
    شاعر / أستاذ جامعي الصورة الرمزية نذير طيار
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    المشاركات
    1,025
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    أخي منذر:
    الكتاب ليس بحوزتي الآن لكن يمكنني تحصيله في القريب العاجل. بإذن الله. نسخة إلكترونية لا أعنقد ذلك.

    رياضيات - صحافة - شعر - فلسفة علوم - معلوماتية

  13. #13
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    أخي نذير،

    سوف أحاول السؤال عنه هنا، لكن في الأثناء يسعدني أن أقرأ لك هنا نقلا مفيدا موسعا عن أهم النقاط الواردة في الكتاب. هذا إن استطعت الوصول إليه بعون الله.

    بارك الله بك، وشكرا على مثابرتك،

    منذر أبو هواش

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  14. #14
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشاعرمحمدأسامةالبهائي مشاهدة المشاركة
    الدعوة لسبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ولقد جاء في محكم آياته الكريمة بسورة النحل الآيات الكريمة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83) وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (85) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93) وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) صدق الله العلي العظيم ( النحل 98:81 )
    قال تعالى في التنزيل الكريم:

    ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (النحل 125)

    إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا
    (النساء 48)

    إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا (النساء 116)

    لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (المائدة 72)

    قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف 110)

    حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (الحج 31)

    أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (الأعراف 173)

    وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (الرعد 36)

    لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (الكهف 38)

    وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (الكهف 42)

    قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (الجن 20)

    قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام 14)

    اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام 106)

    بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (التوبة 1)

    وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (التوبة 3)

    فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (التوبة 5)

    وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (التوبة 6)

    إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (التوبة 36)

    وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (يونس 105)

    قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (يوسف 108)

    فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (الحجر 94)

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة 28)

    هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (التوبة 33)

    هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (الصف 9)

    صدق الله العظيم وبه نستعين

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  15. #15
    شاعر العامية المصرية الصورة الرمزية الشاعرمحمدأسامةالبهائي
    تاريخ التسجيل
    10/01/2007
    العمر
    66
    المشاركات
    1,214
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الأخ الفاضل منذر أبو هواش
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    والسلام علي كل من أتبع الهدي
    أشكر لحضرتك كل هذا النشر الواعي العلمي والعملي والذي يدرس ليستفيد منه القاصي والداني
    وفرحتي كبيرة جدا أستاذي العزيز لدعم مداخلتي بكل هذا الفيض من النور الألهي والقبس القرآني
    والحمد لله رب العالمين علي نعمة الإسلام اللهم احفظنا بها دنيا ودين.
    أثابك الله ونصرك وثبيت علي طريق الحق خطاك
    تقبل عاطر التحايا والأحترام
    سيدي الفاضل
    أخيكم محمدأسامة البهــائي
    (والبهائي هذا لقب للعائلة)


  16. #16
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشاعرمحمدأسامةالبهائي مشاهدة المشاركة
    الأخ الفاضل منذر أبو هواش
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    والسلام علي كل من أتبع الهدي
    أشكر لحضرتك كل هذا النشر الواعي العلمي والعملي والذي يدرس ليستفيد منه القاصي والداني
    وفرحتي كبيرة جدا أستاذي العزيز لدعم مداخلتي بكل هذا الفيض من النور الألهي والقبس القرآني
    والحمد لله رب العالمين علي نعمة الإسلام اللهم احفظنا بها دنيا ودين.
    أثابك الله ونصرك وثبيت علي طريق الحق خطاك
    تقبل عاطر التحايا والأحترام
    سيدي الفاضل
    أخيكم محمدأسامة البهــائي
    (والبهائي هذا لقب للعائلة)
    أخي محمد،

    آمين ... آمين ... وبه نستعين ...
    شكرا لكلماتك الرقيقة ...
    وشكرا لمرورك ...
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ولك تحية،

    منذر أبو هواش

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  17. #17
    مترجم الصورة الرمزية عامرحريز
    تاريخ التسجيل
    16/10/2006
    العمر
    41
    المشاركات
    1,453
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    صورة بيت العدل الأعظم .. مقر محفل البهائية في حيفا..

    نقلا عن ويكيبيديا

    عامر حريز

  18. #18
    مترجم الصورة الرمزية عامرحريز
    تاريخ التسجيل
    16/10/2006
    العمر
    41
    المشاركات
    1,453
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    قبر الباب في حيفا

    عامر حريز

  19. #19
    مترجم الصورة الرمزية عامرحريز
    تاريخ التسجيل
    16/10/2006
    العمر
    41
    المشاركات
    1,453
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    صور أخرى للقبر

    عامر حريز

  20. #20
    مترجم الصورة الرمزية عامرحريز
    تاريخ التسجيل
    16/10/2006
    العمر
    41
    المشاركات
    1,453
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    أحد شعارات البهائية منقوشة على إسوارة

    ويكيبيديا

    عامر حريز

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 4 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •