صورة الشاعر الألماني هاينرِشْ هايْنِهْ
" Heinrich Heine "




























سلسلة الدراسات الأدبية واللغوية (9)

الشاعر الألماني
هاينرِشْ هايْنِهْ
" Heinrich Heine "
" بمناسبة مرور قرنين على ولادته "
دراسة

د. شاكر مطلق

الشاعر الألماني هاينرش هاينه
دراسة وترجمة في شعره
تأليف : د . شاكر مطلق
جميع الحقوق محفوظة لدار الذاكرة حمص ـ سورية
الطبعة الأولى : 1997 / 11 م . 1418 هـ .
التنضيد والتنفيد : مكتب الشعار للطباعة . حمص
الكتب الصادرة عن الدار تعبّر عن رأي مؤلفيها ، وليس بالضرورة عن رأي الدار .
د. شاكر مطلق
صاحب الامتياز
الغلاف : صورة للشاعر هاينرشْ هايْنِه في شبابه
إعداد دار الذاكرة

رقم الإيداع في مكتبة الأسد الوطنية - دمشق
الشاعر الألماني هاينرش هاينه - دراسة
شاكر مطلق - حمص : دار الذاكرة ، 1997
112 ص . 20 سم (سلسلة الدراسات الأدبية واللغوية - 9) -1 831 ه ا ي ش -2 831,009 م ط ل ض
-3 العنوان -4 هاينه
-5 مطلق -6 السلسلة
مكتبة الأسد



المُشتَمل :
مدخل إلى حياة الشاعر وعصره . ص 7
مقدمة الطبعة الثالثة من كتاب الأناشيد . ص21
مقدمة لقصيدة (اللوره لاي ) ص 30
خرافة (اللوره لاي ) ص 35
ترجمة قصيدة (اللوره لاي) للشاعر هاينه ص 40
هاينه : من الرومانسية إلى الواقعية ص 45
ترجمـات مختـارة من مجموعة قصائد
( إنترميزو الشعرية ) ص 54
الفصل الأخير : أين هـ . هاينه في وطنه الأم (ألمانيا) اليوم ؟ ص 00





طبعة تذكارية تصدرها دار الذاكرة
في حمص ـ سورية
بمناسبة مرور قرنين على ولادة
الشاعر الألماني
هايْنرِشْ هاينهْ
المولود بتاريخ 1797/12/13

دار الذاكرة الناشر والدارس 1997 د. شاكر مطلق


هايْنرِشْ هاينهْ
بين تأجّج الروح المتمرّدة وانطفاء الجسد المريض ، تتألق رومانسيّةٌ شعريةٌ غنائيّة ، وتفضي إلى واقعية سوداء .

مدخل :

تعتبر المجموعة الشعرية الأولى التي أصدرها الشـاعر الألمـاني" هـاينرش هـاينه"(H. Heine )
1856.2.16 / 1797.12.13 عن دار النشر هوفمان - كامبه في هامبورغ / ألمانيا عام 1827 تحت عنوان " كتاب الأناشيد " ، من أهم أعمال الشاعر الأدبية والشعرية على الإطلاق .
ولا تزال هذه المجموعة ، التي عمل الشاعر في طبعتها الثانية على تنقيحها بجدِّية استمرت عاماً أو ما يقارب ، تُعتبر من أكثر الكتب الشعرية رواجاً في نطاق الثقافة الألمانية الزاخرة بأسماء شعراء لامعين عِظام مثل (غُوتِهْ) -بالتاء المخففة- (شِلَّرْ) - أَيْشِنْدورف - هُولْدَرْلين - رِيْلكِهْ ... إلخ.
وإذا كان لابد من إضاءة سريعة للمرحلة التاريخية القلقة التي عاشها الشاعر ، وعاشتها أوروبا في القرن الثامن عشر ، لِفْهم كتابـات الشاعر النثرية والصحفيّة والشعرية بالطبع ، فإنه لابد أيضاً من عرضٍ واستعراضٍ لمأساة حياته ونضاله ضد مرضه ومن أجل سعادة البشرية وحرية المضطهدين والمستضعَفين البؤساء ، وهِجْرته الطوعية إلى باريس للعيش فيها والإبداع حتى الموت ، وإلى التعريف بأصدقائه ومعارفه من المبدعين والعظماء في الفكر والمجتمع مثل : - كارل ماركس - الذي عمل معه عامين في باريس ، و- فريد يرِشْ إنجِلْز- الذي زاره في مرضه ، وصداقته مع - بلْزاك- و ألفريد دي موسيه - وكذلك الموسيقيّين العظام مثل - فرانس لِسْتْ - شوبّان روسِّيني ، وأيضاً - لافاييت - تيريس - فكتور هيجو - لامارتين - فكتور كوزان - ألكسندر دوماس-فيجي- موسيت ... إلخ . وحتى شاعر ألمانيا العظيم (غوتِهْ) قام الشاعر الشاب بزيارته في (فايْمار) بعد رحلةٍ على الأقدام استمرت أسابيع طويلة .... وغير ذلك الكثير .
كان (هاينه) قد ولد في مدينة (دوسِلْدُوْرفْ) بتاريخ 1797/12/13 في أسرة يهودية متواضعة، وكان والده يتاجر بالمناديل ، لذا أطلق عليه الاسم الإنكليزي (هِيري - Herry) . وينتمي الشاعر إلى الجيل الأول من اليهود الذين عاشوا خارج "الغِيتّو" وتفاعلوا مع مجتمعهم الألماني ، حتى أن هاينه ، إبّان دراسته الجامعية ، قد انضم إلى تلك النوادي الطلابية الجرمانية التي تَضرِب بالسيف وتنشِدُ الأغاني الجرمانية العريقة إبان الاحتفالات التي تُستهلك فيها كمياتٌ ضخمة من الجِعَةِ ، وقد تعرّفتهم أيضاً وتعرفت عقليّتهم في جامعة "ماربورغ" العريقة الواقعة على نهر اللان ، حيث ابتدأت دراستي الطب والتي درَسَ فيها (باسترناك) وت.س إليوت ودَرَّس فيها الفيلسوف والناقد المعروف مارتين هايْدِغَرْ M.Heidegger .
وبعد أن رفض عمّه الثّري سلامون (سليمان) في هامبورغ تزويجه بابنته أمالي (Amalie) والتي رفضت هي أيضاً الاقتران به ، وبعد أن أدرك أنه لا يحب التجارة وأعمال المال ، وبناء على نصيحة والدته ، بدأ دراسة الحقوق في جامعة "غوتِنْغِنْ" العريقة عامي (1825-1824) ثم درس في (بون) عند الفيلسوف المعروف شليغل (Schlegel) ، وكذلك في برلين عند الفيلسوف الشهير (هيجل) . وبالرغم من أنه أكمل دراسة الحقوق ، إلاّ أنه لم يكن يشعر برغبة في مزاولة تلك المهنة ، وشعر نفسه متعلقة تماماً بالأدب وبالصحافة التي عمل فيها بجد في باريس مراسلاً الصحف الألمانية ، ناقداً بشدةٍ الأوضاع في بلده الأم ، الأمر الذي أدى إلى منع نشر كتاباته في كثير من الأحيان ، بل وإلى منعـه من العـودة إلى بلده ، على الرغـم من أن ملك بروسيا – الألماني – (وِلْهِلْم الثالث) – وهو من المعجبين بشعره – رغِبَ في السماح له بالعودة ، غير أن المستشارين رفضوا ذلك بشدة .
وبقيت ألمانيا تحتل المركز الأول في اهتماماته الكتابية ، بعد أن تجول فيها على أقدامه واطلع ، عن قرب . على أحوال الناس والفقراء وأصدر عام(1844) كتابه المعروف " ألمانيا خرافة شتائية " ويدور حول السخرية السياسية والاجتماعية . واستمر هذا التقليد ، في مطلع القرن العشرين ، بكتابات شديدة السخرية والنقد كما قرأناها في أعمال " توخولسكي " و " فيده كند " وغيرهما .
وكان ( هاينه ) يرى ألمانيا على عتبة ثورة شعبية ستطيح بالملكية وبالنظام القديم على غرار الثورة الفرنسية غير أن انهيار حركة عام (1848) في بلوغ الهدف جعله يتشاءم من إمكانية قيام أي ثورة ديمقراطية في ألمانيا ، وإنْ ظَلّ يدعو، في كتاباته ، إلى إعادة تنظيم أوروبا (بطريقة ما) سياسياً واجتماعياً وبعيداً عن فكرة الدولة القومية ، التي لم يعد يرى مستقبلاً لها ، لأن ألمانيا التي انطلقت ، قبل قرن ونصف ، إلـى إنجاز مشروعها الوطني – القومي – انطلقت ، حسب رأيه ، متأخرةً وبأنها ستجد ، عند إنجازه ، أنْ لا ضرورة له كما سبق لفرنسا وإنكلترة أن اكتشفا وبالتالي فهو من السّبـاقين لفكرة الوحدة الأوروبية التي نراها تتنامى وتتوطد اليوم .
كان هاينه -منذ شبابه- قلقاً ضجراً بالأوضاع السياسية المنحطّة في بلده -ألمانيا- ويريد التغيير بأي ثمن . وعندما دخل (نابليون) مسقطَ رأسه (دوسِلْدوْرف) بتاريخ 1811/11/3 ، وكان عمره وقتئذٍ ثلاثة عشر عاماً ، أخذ يهلّل له ويرى في ذلك تحريـراً لألمانيا . وسقطت هذه الهالة عن (نابليون) عندما توّج نفسه قيصراً عام (1804) . وكان الموسيقار الخالد (بيتهوفن) قد أهداه السّمفونية الثالثة إعجاباً به ، وقام بسحب هذا الإهداء لاحقـاً ، بعد أن أمسى بطلُه قيصراً . إلاّ أنّ الولد "هاينه" لم يكن يدرك مثل هذه الأمور المعقدة في تلك الفترة . وبعد أن دُحِرَ نـابليون في معركة (واتِرْلو) عام 1814 ، ونُفيَ بعدها إلى جزيرة (إلْبا) وعاد ليحكم مدة مئة يوم، إلى أن قررّ "مؤتمر فينّا" عام 1815 نفيه من جديد إلى جزيرة (سان هيلينا) حتى موته ، وبغياب نابليون عن الحكم عاد (آل بوربون) إلى حكمهم الملكي في فرنسا من جديد .
وعندما حاول الملك الفرنسي (كارل العاشر) أن يحدَّ من حرية الصحافة ويضعها تحت الرقابة وتُضيّق حقوق الشعب الانتخابية ، انطلقت في شوارع باريس ، بعد ساعات فقط ، ثورةُ 25 تموز 1830 - التي ألهبت مشـاعر (هاينه) وجَعَلتْهُ يقرر نهائياً في عام 1831 الذهاب إلى فرنسا والحياة فيها - والتي قام بها الطلاب والعمال الجمهوريون بثورة فيها أدّت إلى النصر .
وكان " هاينه" شأنه شأن العديد من المهاجرين الألمان الذين عاشوا في باريس ، كلاجئين سياسيين ، يتلقى من الحكومة الملكية هناك إعانةً مالية قدرها (4800) فرانك سنوياً ، مما جعل صورته تهتّز في أعين الألمان ، عندما نُشرت لوائحُ وزارة الخارجية الفرنسية بعد ثورة فبراير 1848 وهروب الملك إلى إنكلترا وإعلان الجمهورية ، هذا الدعم الذي كان الألمان المهاجرون يرون فيه (قَرضاً) مؤقتاً كان "هاينه" يرى فيه حقاً بل وطالبَ ، فيما بعد ، بإعادة الدّعم إليه .
علاقة (هاينه) الدينية لم تكن بعامة وثيقة حتى أنه ترك الديانة اليهودية ليصبح ، في السِّر ، مسيحياً (بروتستانت) وذلك في مطلع شبابه ( 25 عاماً) . وقد حوّل اسمَه من هنري إلى هاينْرِشْ،غير أنه بقي، على حد قول الناقد الشرس الشهير "مارسيل رايش رانيكه" العجوز - وهو ألماني يهودي بولوني الأصل - في مجلة ألمانية مطلع هذا العام 1997 ، (بقي أصيلاً وغربياً في البلدين معاً وبالمختصر غريب هنا كما هناك . كان يهودياً بالنسبة للألمان ، وألمانياً بالنسبة للفرنسيين . منبوذ في ألمانيا وغريب في فرنسا) .
ولكن هذا الأمر لا ينطبق ، كما أرى ، مع الحقيقة تماماً . فنحن نقرأ في سيرة الشاعر الضخمة الصادرة عن نفس دار النشر في هامبورغ التي أصدرت كتبه (هوفمان وكامبه) والتي تقع في نحو ستمئة صفحة من القطع الكبير، رداً من الشاعر على أحد أصدقائه الألمان الذي سأله عن حياته الجديدة، كمايلي:
إذا سألك أحدٌ ما عمّا أفعله هنا ، أجِبه وقل له هذا :
إذا سألتْ سمكةٌ في البحر أخرى عما تفعله ( أي عن أحوالها ) فإنها ستجيب :
أنا سعيدة هنا مثل ( هاينه ) في باريس .
وبالفعل انعكست حياته الجديدة هناك وتعرّفه في عاصمة الحضارة العالمية على العديد من الشخصيات العامة وعلى جوانب هامة في الأدب والفن ، على كتاباته ، وكانت باريس بالنسبة له معبراً إلى المجتمع الأوروبي .
وقد أسهم في تعريف الفرنسيين على الفلسفة الألمانية وفي صالونات باريس الأدبية ، وبخاصة في صالون الأميرة " بليجو جوزو" حيث تعرّف وصادف العديد من المشاهير ورجال الأدب والعلم والموسيقى-كما ذكرنا - مثل (شوبان -روسّيني- ليِسْتْ - لافاييت - تيرس - ألفريد دي موسيه - هوغو - فكتور كوزان - جورج صاند " اسم الكاتبة المهاجرة المُستعار" وصديقه بلزاك) وهذا ما كان قد عايشه في صالونات برلين الأدبية قبل ذلك وبخاصة في صالون الثرية اليهودية (راحِيل فارِنْهاغن) التي عهِدَ إليها بنشر ديوانه الأول عام 1822 والذي صدر عام 1827 في هامبورغ . وتعرّف هناك على الموسيقار مِينْدِل سون والعالم الشهير ألِكْسَندر فون هومبولد ، وشِملَر ، وماخَرْ وغيرهم من المشاهير .
اتصل (هاينه) في باريس بعائلة (روتْشِلْدْ) الثرية اليهودية التي كانت ولا تزال تسيطر على سوق المال الفرنسي .
وكان يرى في البارون (جيمس روتشلد) " نيرون " المال ، ورمزاً للأرستقراطية الجديدة التي ستقود إلى الثورة وعلى الرغم من أن العديد من المشاهير كانوا يقترضون من البارون ، مثلا (بلزاك) وغيرهم إلاّ أن "هاينه" يؤكد أنه لم يفعل ذلك لأنه (يرثي لحال الأغنياء) ، غير أنّه تقبّل هدية من البارون على شكل سنداتٍ مالية ساعدَته ، فيما بعد ، في تدبير أوضاعه المالية البائسة وبخاصة بعد موت عمه "سليمان" في "هامبورغ" بألمانيا. وسأل الشاعرُ البارونَ "روتشِلْد" عن أحواله فأجابه: أنا مجنون .
فقال له هاينه : لا أصدّق حتى تُلقي النقودَ من النافذة .
فأجاب البارون : هذا هو جنوني لأنني لست مجنوناً إلى الحد الذي أرمي فيه النقود من النافذة . وكان هاينه يقول : (المال أكثر ميوعة من الماء وأكثر تعرّجاً من الهواء) .
ظلّ "هاينه" يكتب من باريس إلى جريدة (أَوْسبُرغَر العامّة) مقالاته من باريس - وكان الأديب عندها يستطيع العيش من كتاباته الأدبية والصحافية ، ولكن كتاباته تخضع إلى الرقابة أو المنع ، وحتى عندما بعث إلى ناشره في هامبورغ بكتاب عن الأوضاع الفرنسية قام الناشر بحذف نصف المقدمة وبتحويل بعض المقاطع إلى مديح خفيف للقيصر (وِلْهِلْم الثالث) -ملك بروسيا- مما أثار حفيظة الشاعر فكتب إلى جريدة (أوسبرغ) موضحاً الأمر ومطالباً بنشر المقدمة كاملةً ، كما في الأصل ، مع استعداده لتحمُّل كافة النتائج عن ذلك . وأصدر بياناً قاسياً ينتقد فيه الأمراء والملك مع احترامه لشخصه - وأخذ يحذرهم من صحوة الشعب الألماني الذي وصفه (بالمهرّج) الذي ربما ضغط على رؤوسهم حتى تطير أدمغتهم إلى النجوم ، وذلك بعد أن نكث الملك بوعده الشعبَ بإصدار دستور للبلاد عام (1813).
وينتمي الشاعر سياسياً إلى ما يمكن أن يُسمى بالاشتراكيين أو الأحرار الديمقراطيين . أقول إذا كان التعرف على المرحلة التاريخية التي عاشها وعلى معارفه وأصدقائه وحياته الشخصيّة - كان وعَوزهِ المادي الدائم ، برغم مساعدة عمّه الثري له (سالامون) - سليمان - صاحب البنك المعروف باسمه في (هامبورغ) حتى اليوم ، الذي تعرّفته كغيره من المواقع التي كان يعيش فيها (هاينه) إبان إقامتي في تلك المدينة الرائعة لدراسة الطب البشري فيها لأكثر من أعوام ستة ، إذا كان كل هذا ضرورياً فثّمة أمر ، في رأيي - يعتبر (كُونْدِ يتْسيوسِيني كوانون) كما تعبّر المقولة اللاتينية (أي شرط لابد منه) لفهم أعمق اضطرابات نفسه الخلاقة وهو المرض القاتل الذي أصيب به الشاعر والذي لا علاج له ، في ذك الوقت ، المرتبط بالجسد وبأعمق مشاعره الطينية ، ألا وهو مرض (الزٌّهري) الذي ألقاه طريح الفراش لفترة ثمانية أعوام في باريس بعد أن شَلَّ يدَه اليسرى في عام (1832) وأصاب جفنه العلوي الأيسر وهاجم بصره إلى أن أقعده تماماً في عام (1847) بحيث اضطر ما بين (1851-1848) إلى أن يملي شعره، لُيكتَب في مجلد ضخم أشرف هو على تدقيقه وأدى في النهاية إلى موته بتاريخ 1856/2/17 ودفنهِ في مقبرة العظماء (مونت ماتره) . ولا تزال الورود توضع حتى اليوم على قبره من قبل المعجبين به . هذا المرض القاتل ، وليد الخطيئة ووجهها الآخر ، هو الذي يتحدث عنه الشاعر - مرمّزاً - بقصيدة تصدّرت مقدمَته الطبعة الثالثة لديوانه الأول (كتاب الأناشيد) من خلال (رباعيات) مغرقة












صورة










الشاعر هاينرش هاينه على فراش المرض


في الحزن الشفيف ، ومن خلال استعمال رمز (أبو الهول) للتعبير عن الازدواجية وعن التلاحم الغريب ، بين اللذة والألـم ، هذه الثنائية التي أصبح هو ضحيةً لها عندما قبّلته وقضت عليه .
وبما أن (أبو الهول) كرمز شرقي للقوة والذكورة ، هو غير ذلك الذي صنعه منه الإغريق - والذي يتحدث عنه الشاعر - وهو ، عندهم ، على شكل أسدٍ جالسٍ بثديي أنثى ، وبالتالي فهو (المخنّث) وفي لغتهم هو مؤنث - ويذكرني (بالأندروجين) الذي تحدث عنه (أرسطو) - لهذا لا يمكن ترجمة القصيدة إذا التزمنا دلالة (أبو الهول) الذُّكورية المعروفة لنا ، وإنما علينا أن نستعمل الصورة الأخرى الإغريقية لـ (أبو الهول) - المخنّث - كي نوصل للقارئ روح القصيدة طازجاً ونافذاً ومتألقاً ، وإلاّ لانهار البنيان الشعري ومحتواه ، وبقي لنا جذوع الغابة السحرية المحروقة فقط من دون الغابة .
ولهذا فإنني وضعتُ بديلاً للتّعبير عن (أبو الهول) بصيغة المؤنث أو المخنث الذي استعمله الشاعر ، تعبير " الربّة الخُنثى" كمعادل دِلالي لكي أستطيع أن أمضي في إيصال الصورة والألق الشعري بدقة وأمانة (!) أيضاً ، وعذري في كل هذا أنني سعيت إلى إيصال المعنى والمناخ المأساوي لتلك القصيدة التي تصدّرت ، بدون عنوان ، مقدمة الطبعة الثالثة (لكتاب الأناشيد) والتي كانت بحق تحديّاً حقيقياً لمعرفتي وطاقتي في الترجمة الشعرية بشكل لم أتعرّض له في ترجماتي العديدة السابقة -إلاّ في بعض قصائد (الزِّنْ) - من الصين واليابان- وفي بعض ومضات (الهايكو)اليابانية ، وآمل أن أكون قد وفّقت في توصيل الأمانة وبشكل مقبول .
وبما أن كتاب الأناشيد ، يعتبر من أشهر أعمال (هاينه) وأكثرها انتشاراً ، كما ذكرت ، فإن المقدمات التي كتبها لإصدارات الطبعة الثانية والثالثة والخامسة تعتبر - حسب ما أرى- وثائق أدبيـة هامة ، لأنها تتضمن ما يشبه بيانه الفكري – الأدبي – ولهذا فإنني سأقوم بترجمتها أيضاً – في وقت لاحقٍ – وسأعرض نماذج اخترتها من (كتاب الأناشيد) بناء على مشاعر خاصة تربطني بها ، وليس بالضرورة كونها الأكثر شاعرية أو فنية .















مقدمة الطبعة الثالثة

مقدمة الشاعر " هايْنرِشْ هايْنِه " للطبعة الثالثة من ديوانه الأول " كتـاب الأناشيد " الصادر في هامبورغ عن دار نشر " هوفمان وكامبه " عام 1827 ، وكتبَ المقدمةَ في مهجره في باريس بتاريخ 1839/2/20 .

هذه هي غابةُ الحكاياتِ الخرافيّةِ
عَبيرُ أزهار شجرة " اللِّنْدَةِ " (1) يَعْبُقُ
القمرُ الساطعُ الرائعُ
يَسحرُ مشاعري
* * *

تابعتُ مَسيري إليها
ومنذ مشيتُ ، سمعتُ لحناً في الأعالي
إنّه " طائر الليل " (2) - ناخْتِغَالْ - يغنّي
عن الحُبِّ وعن آلام الحُبِّ

* * *

إنه يغني عن الحُبِّ وعن آلامِ الحًبِّ
عن الدّموع والضحِكِ
وهو يهلِّل حزيناً ويَنتَحِبَ فرِحاً .
دموعٌ مَنْسيّةٌ تَستيقظُ .

* * *
تابعتُ مسيري ، ومنذ مَشيتُ
رأيتُ قصراً كبيراً
أمامي في العَراءِ
سطحُه ، القِرْمِديُّ المائلُ ، يرتفع عالياً

* * *
نوافذُ مُغْلَقةٌ في كلّ مكان
صمتٌ واحدٌ وحزنٌ واحدٌ
بدا ( لي ) وكأنَّ الموتَ الهادئَ
يسكن هذه الجدران الموحشةَ
أمام البوابة ( يجثو ) تمثالٌ " لأبي الهول " (3)
( الربّة الخُنْثى )
مُخنَّثٌ ( مَصوغٌ ) من الهَوْلِ واللّذاتِ
البطنُ والقوائمُ كما عند الأسدِ
والرّأسُ والصّدر كما عند الأُنثى

* * *
أُنثى جميلةٌ
نَظْرتُها البيضاءُ تُفصِحُ عن رغَباتٍ وحشيَّةٍ
الشّفتان الصّامتتان تتكوَّرانِ
ببسمةٍ تنمُّ عن القَبولِ
* * *
" طائرُ الليل " يغني بعذوبةٍ
لَمْ أستطعْ مقاومتها
وعندما قبّلتُ ذاكَ الوجه المحبّب ( للتمثالِ )
كان قد قُضِيّ عليّ .
* * *
التّمثالُ المَرمريُّ أصبح حيّاً
وأخذَ الحجرُ يــئِنُّ
لقد شَرِ بتْ جمرَ قبلاتي المُلتهبَ
بعَطشٍ وشوقٍ .
* * *
كادتْ أنْ تشربَ كلَّ أنفاسي
وأخيراً - وبشَهوةٍ عارمةٍ -
عانقتْ ، جسديَ المسكينَ
بأكفِّها الأسديّةِ ، ومزَّقتهُ .

* * *
( أيُّها ) العذابُ السّاحرُ والألمُ العَذبُ
( الذي ) لا حدود فيه للألم واللّذةِ
فبينما تُسعِدني ( منك ) قبلةُ الثَّغرِ
تجرحني قوائُمكَ بقسوةٍ مريعةٍ

* * *

" طائر الليل " غنّى : آهٍ من ( الربّة الخُنثى ) الجميلةِ
أيّها الحُبُّ ‍ ما معنى أن تمزِ جَ
كلَّ ما تعطيه للرّوح من نشوةٍ
بعَذاب الموتِ ؟‍
* * *
آه ( أبا الهَوْل ) ‍ - ( يا الرَّبةُ الخُنثى ) الجميلة
حُلّي ليَ ( هذا ) اللُّغزَ الرّائعَ
لقد فكّرتُ به طويلاً ( طويلاً )
بضع آلافِ السنين ...

* * *
ويتابع (هاينه) مقدمته ، نثراً ويقول :
كل هذا (أعلاه) كان بإمكاني قوله بنثر جيد ... ولكن عندما يقرأ الإنسان القصائد القديمة (التي كتبها) ليعطيها انطباعاً جديداً وبعضَ التّهذيب ، عندها تفاجئ المرَء ، من دون قصد ، عادةُ الإيقاع والنَّظم والقوافي ، وانظر إنها أبيات شعرية تلك التي أفتتح بها الطبعةَ الثالثة لـ (كتاب الأناشيد) .
آه يافوبوس أبولّو(4) (Phoebus Apollo) إذا كانت هذه الأبيات سيّئةً فسوف تسامحني راضياً ، ولأنكَ الرّب العارف بكل شيء ، فإنك تعلمُ جيّداً لماذا لم أستطع ، منذ أعوام عديدة ، التعامل برغبة مع الأطوال و(بحور الشعر) والأنغام المتشابهة للكلمات.... إنّك تعلم لماذا اللهيبُ الذي متّع العالمَ، ذات يومٍ ، بألعابه الناريةِ الرائعةِ يُضطرُ لأن يُستعملَ ، فجأةً ، من أجل (إشعال) حرائق أكثر جدية (5) . إنّك تَعلم لماذا يلتهِم الجمرُ الصامُت الآنَ قلبيَ . إنك تَفهم ، أيّها الرب الكبير الجميل ، الذي بدّلَ أيضاً قيثاره الذهبيَّ ، لفترةٍ ما ، بالقوس القوي وبالسّهام القاتلة . هَلاّ تذكرتَ أيضاً مـارسياس(6) (Marsyas) الذي سلختَه حياً ؟ لقد مرّ زمن طويلٌ (على ذلك) وثمة حاجة لمثل هذا المِثال الآن … إنّكَ تَبتسمُ ، آهٍ أيها الرّب الخالد !.











شروحات لما ورد في النص :

1- شجرة اللِّنْدِهْ " Linde " ذات الرائحة الجميلة، غير موجودة عندنا ، وإنّ ترجمة الشارع الشهير في برلـين ، باسم " تحت ظلال الزيزفون "، هو غير صحيح وغير مقبول وهو : شارع أشجارٍ " اللّنْدِهْ "وورد ذكره في العديد من الأعمال الإبداعية .
2- طائر الليل : هو الاسم الذي اخترته هنا ، كما في السابق لدى ترجمتي للشعر الياباني والصيني ، وهو طائر ليلٍ مهاجر يسمى في اليابان " هوتو غيزو " وفي ألمانيا " ناخْتيغال " Nachtigall ويرد اسمه ، ومنذ القديم ، في العديد من الأعمال الإبداعية في البلدين وبخاصة في شعر (الهَايْكُو) و(التَّانْكَا) اليابانيين .
3- الرّبة الُخنثى : هو الاسم الذي أطلقته على (أبو الهول)، لأنه يمثل عندهم (الخنثى) استناداً إلى الموروث الإغريقي ، حيث أن كلمة سفينكس (Sphinx) تعني الخَنّاقـة ، ويصوَّرُ على شكل أسدٍ جاثٍ بوجه وصدر أنثى مجنحة تطرح الأحَاجي على البشـر ، ومن يُخفِق في الإجابة تقوم بخنقه - بينما هو في مصر (وهو الأصل) يصَّورُ على شكل أسد مستلقٍ برأس رجل ، أي ذكرٍ - بينما يستند عندهم إلى مفهوم (الأندروجين) - الجنس الثالث - الذي تطرّق إليه أرسطو . وقد لجأتُ لذلك لأتمكن أصلاً ،من إيصال المعنى الشعري للقارئ العربي، وهو يرمز هنا - حسب رأيي وحسبَ ما عُرف عن الشاعر(هاينه) لاحقاً- إلى إصابته بالمرض القاتل، يومئذٍ ، مرض الزُّهري (الجنسي) - مزج النشوة بعذاب الموت - كما قال - في الرباعية قبل الأخيرة.
4- أبوّلو : إله الموسيقى والشعر ....
5- يشير إلى عزوفه عن كتابة شعر الغزل من أجل كتابة الشعر السياسي المتعِب والذي كثيراً ما مُنِع نشرُه في ألمانيا
6- مارسْيَاسْ (Marsyas) ينتمي إلى جنـس خرافيّ يُسمى (سْاتِيره) ولهم جسم بشريٌّ وقوائم خلفيـة كالحصان وفيما بعد كالتّيس مع ذيل حيواني ووجه بشري وآذان حصان – عندما اخترعت ربـة الحكمةِ (أثينا) النّايَ ، قامت بعد هذا برميهـا حتى لايتشـوه شكل وجهها من النفخ فيها وأخذ النايَ " السّاتيرُ مارسياس" وتحدّى إله الموسيقى الجميل (أبولّو) ، وخسر الرِّهانَ ، فقام أبولو بسَلْخِ جلده حياً .
=============
(المترجم)





مقدمة لقصيدة ( اللُّورَهْ لايْ )
للشاعر الألماني " هايْنْرِشْ هايْنِه "

تتألف القصيدة الشهيرة من ثلاثة مقاطع ، يضم كل منها ثمانية أشطرٍ ، وهي مستمدّة من حكاية خرافية شهيرة حول نهر "الرَّاين" العظيم ، الذي يطلق عليه الشعب الألماني ، بحبّ واحترامٍ لقب " الراين الأب " .
ومن الحكايات الخرافية العديدة ، التي تتناقلها الألسن وكُتِبتْ في الأدب الشعبي حول هذا النهر ، تحتل الحكاية الخرافية " اللّورهْ لايْ " مكانةً مرموقة وانتشاراً عظيماً جعلها معروفة حتى للتلاميذ الصغار .
والموقع الذي تتحدث عنه الخرافةُ ، وكذلك قصيدة "هاينرش هاينه" الشهيرة حوله هو موقع خرافيٌّ حقاً ، وبخاصة عند هبوط الظلام ، حيث ترتفع الصخور القاسية ، شديدة الانحدار ، بشكل مخيفٍ ، حول موقع معوّج في مجرى النهر ، الذي تندفع فيه المياه بسرعةٍ وبعنفٍ أدّى في الماضي إلى وقوع العديد من حالات الغرق للمراكب الصغيرة وبالتالي لنشوء الخرافة – ولا يزال هذا الموقع - حتى اليوم - يشكل منطقةً خطِرةً في طريق المراكب التي تعبر النهر صاعدةً أو هابطةً.
وقد تعرّفتُ المكانَ الشهير هذا ، إبّان دراستي في ألمانيا (غ) ، كمـا أتيحت لي الفرصة ، منذ وقت ليس بالبعيد ، أن أجد لي غرفةً في فندق صغيرٍ حديثٍ أقيمَ فوق المرتفعَ منذ زمن ليس بالطويل ، حيث عشْتُ أجواءَ هذا المكان الموحشة والرهيبة في العتمة وتحت ضياء النجوم الباهتة وصراخ البوم وغناء " طائر الليل " .
والقصيدة هذه - وهي من منهج دراسة الأدب في ألمانيا في المدارس - كانت تقدَمُ إبّان الحكم النازي - الهتلريّ للتلاميذ بدون ذكر اسم الشاعر - الشاعر مجهول - وهو أمر محزن ومضحك في آن واحد معاً لأن الجميع يعرف القصيدة ويعرف اسم كاتبها أيضاً ، وبالرغم من إحراق كتبه عام (1933) ، في تلك المرحلة العاتمةِ من تاريخ " شعب المفكرين والشعراء " كما يطلقون ، بفخارٍ ، على أنفسهم .

صورة









" خرافةُ اللُّوَرهْ لايْ " :

تقول خرافة" اللّوره لاي " وبشكل مبسّط ومختَزل ما يلي :
في موقع على نهر " الراين " يقع في أعلى مدينة كوبلنز Koblenz - تقع صخرة (اللّوره لايْ) العظيمة ، مطلّة على النهر في انحدار شديد .
وفي الليالي الصافية المقمرة ينظر البحار ، الواقف في قاربه الصغير ، بقلقٍ نحو الأعلى آن يَصلُ الموقع هذا ويسمع نشيد حورية الماء ذات الجمال الخارق والشعر الطويل الذهبي ، يأتيـه من هناك ، فيجد نفسه مصغياً بلهـفٍ ، مسحوراً مما يرى ويسمع ، فيسهو عن الخطر ويترك الأمواج الصاخبة تلهو بقاربه وتقذف بهما إلى الموت على الصخور الحادة الضخمة . ويتلاشى الغناء العذب مع اقتراب شعاع الصباح الأول .
وتعود الحوريّة لتجلس على الصخرة من جديدٍ ، تنظر حالمةً إلى البعيد ، وتطلّ إلى النهر باحثةً عن أُضْحية جديدةٍ ستكون الآن بحاراً شاباً جميلاً يلقي بنفسه في الأمواج الهادرة مشدوداً بسحرها بأعين غائمةٍ وحسٍّ مُخدَّر ونشوةٍ قاتلة .
هذا الشاب هو ابن أمير المنطقة الذي صعقه خبرُ موت ابنه وأمرَ بإحضار الساحرة (اللّوره لايْ) حيةً أو ميتةً إليه .
وطلبَ قائد البعثةِ - الذي انطلق في طلَبها- من أميره أن يسمح له بإلقائها من أعلى الصخور إلى النهر لتواجه الموت الأكيد ، لأنها ستكون قادرةً على التّخلص من الأسر بسحرها ، فوافق الأمير .
ووصلت جماعة الأمير المسلّحة الموقعَ . وبصعوبة بالغةٍ تسلّقت الصخورَ نحو الأعلى في جنح الظلام الهابط . وكانت الحورية تمشط شعرها بمشطٍ ذهبيّ عندما شاهدتْ الخطرَ المحيط بها وسألت ، باحتقـار ، عمّا يفعله أبناء الأرض الضّعفاء في هذا المُرْتَفَعِ .
فأجاب القائد : جئنا لنلقي بك أيتها الساحرة إلى أعماق النهر
- ولكن أبي " الرّاينْ " سيحضر بنفسه ليأخذ ابنته إليه . قالتْ : ساخرة ، وقد انتزعت وشاح الجبين وألقته إلى التيار في الأسفل وأخذت تنشد أغنيتها الغريبة :
" أبي !
أسرع ! أسرع !
وأرسل خيولَك البيضاء لطفلتك !
إنها ترغب الركوبَ على الأمواج والريّاح "

صورة


فجأة اضطربت مياه النَّهر وأخذت ترغي وتزبد ، وارتفعت موجتان عميقتان بيضاوان كالخيول البيضاء ، إلى الأعلى لتحمل الساحرة ببطءٍ إلى أحضان النهر العظيم ،ولتختفي _ منذئذٍ_ عن أعين الناس . لكن غناءها لا يزال يسمع تحت النجوم المتلألأةِ ونور القمرِ ، بين حينٍ وآخر .
هذا هو ملخص الخرافة . بقي أن أشير ألى أن
الوصفَ الذي أعطاهُ الشاعرُ في مقدمتهِ للطبعة الثالثة لكتاب الأناشيد شعراً ، عندما وصف ( السْفينكْسْ )- " أبو الهول "
أو " الربة الخنثى " – كما في ترجمتُه ، مستَمدٌ من نفس الأوصاف الجسدية التي جاءت في هذه الحكاية _ الخرافة .
حتى عبارة : ( تنمّ عن القبول ) وذِكْرُ غناء"طائر الليل" ووصف الشفاه والرغبة ، استقاها الشاعر من الحكاية . والحكاية تتحدث أصلاً عن ثنائية الحب والموت أو الرغبة والعقاب وهو الموضوع الذي حاول الشاعر أن يعبر عنه في قصيدة المقدمة المذكورة ، والذي هو ترميز لإصابته بذلك المرض القاتل المتعلق بالجنس : اللذة والعقاب - مرض (الزُّهري) المعروف والذي لم يكن له من علاج شاف التاسع عشر ، كما ذكرنا .










ترجمتي لقصيدة " اللُّوره لاي " للشاعر الألماني " هايْنرِشْ هاينه " :

لا أدري ما الذي يعنيه
أنني اليوم ، هكذا ، حزينٌ تماماً
خرافةٌ من زمنٍ قديمٍ جداً
لا تغادر وعيي
الهواءُ باردٌ والعَتمة تنتشرُ
وبهدوء يجري ( نهر ) الرّايْنْ
بريقٌ على قمة الجبل
يسطُع في شعاع شمسٍ غاربةٍ
أجمل العذراوات تجلس
بروعةٍ ، هناك في الأعلى .
* * *
عِقدها الذهبيّ يسطُع
وهي تمشّط شعرَها الذهبيَّ
تمشّطه بمشطٍ ذهبيٍّ
وإبّان ذلك ، تغنّي بلحنٍ عجيبٍ
له إيقاعٌ هائلٌ .
البحّار في مركبه الصغير
يتملّكه شوقٌ وحشي (عارمٌ)
لا ينظر إلى نتوءات الصخور
إنّما ينظر ( مشدوهاً ) إلى الأعلى فقط
وأحسب أن الأمواجَ تبتلع
في النهاية البحارَ والمركبَ
وهذا ما فعلته " اللوره لاي "
بغنائها ( الساحر ) .
1997 / 6 ترجمة الدكتور شاكر مطلق
ويعتبر (هاينه) من الشعراء الذين شكّلُوا ، من خلال موضوعاتهم الشعرية وأساليبهم الفنية ، الجسرَ ما بين الرومانسية والواقعية القادمة ، من أمثال :
فريد ريش روكيرت (F.Rueckert) ، يُوهان نيوموك فوغل (Joh.N.Vogel) هوفمان فون فالارْزليبن (H.V.Fallersleben) ، فيرديناند فراي ليغرات (F.Freiligrath) أوْغوست فون بلاتِن (Aug.V.Platen) ، نيكولاوس ليناو (N.Lenau) والشاعران الشهيران تيودور شتروم (Theod.Strom) وغوتغريد كيلّر (G.Keller) وكذلك الفيلسوف الشهير (الشاعر) فريد ريش نيتشه (Fried . Nietzsche) وغيرهم أيضاً .
ولعل ترجمة بعض القصائد القصيرة للشاعر (هاينـه) التي نقدمها الآن توضح لنا الصورة بشكل عملي :



قصيدة :

الآنسةُ وقَفتْ على البحرِ
وتأوّهتْ طويلاً
لقد أثار مشاعرَها كثيراً
(مشهدُ) غروب الشّمسِ
استيقظِي يا آنستي !
إنه لحَدَثٌ عتيقٌ
هنا في الأمام تهبِطُ
لتعود ، في الوراء ، من جديدٍ .

* * *

قصيدة : رقم (50) من مجموعة قصائده المسمّاة Lyrisches Intermezo

جلسوا إلى طاولة الشاي وشربوا
وتحدثوا كثيراً عن الحب
السادة كانوا مؤدَّبين ( أنيقين )
والسيدات ذوات مشاعر مرهفات
" على الحب أن يكون أفلاطونيّاً ! "
قال موظف القصر النحيل
زوجهُ تبسّمت بسخريــةٍ
وبالرُّغم من ذلك تأوّهتْ " آه ! "

* * *
سيد الكنيسة فتح فمَه واسعاً :
" على الحب أن لا يكون فجّاً
( وإلاّ ) أضرّ بالصحة ! "
الآنسةُ همَستْ : كيفَ ؟
* * *
الأميرةُ ، بعواطفَ متأججةٍ ، قالت :
الحبّ هو العذاب (*)
وقدّمتْ بطيبةٍ
قدحَ الشّاي إلى زوجها

* * *
على الطاولة كان ثمَّةَ كرسيٌّ ( فارغٌ )
لقد تغيّبتِ يا حبيبتي
كم كان من الجميل ، يا كُنيزي
لو حدّثتِهم عن حبَّكِ !
__________________________
(*) بمفهوم عذابات السيد المسيح ( Passion ) .

قصيدة :

الموتُ هو الليل الباردُ
الحياةُ هي اليومُ القائظُ
لقد أخذتْ تعتم ، وأخذني النُّعاس
إنّ النهار قد أتعبني
شجرةٌ تنهض فوق سريري
وفيها يغني " طائر الليل "
يغني مفعماً بالحب
وأنا أسمعه حتى في المنام .
* * *
كـانت قصيدة (هـاينه) " أفكارٌ ليلية " - هموم ليلية - والتي تقع في نحو أربعين بيتاً ، تحظى بشهرةٍ واسعةٍ وبخاصةٍ بسبب فاتحتها الرائعة ، عذبة الموسيقى ، التي تقول :
أُفكّر في ألمانيا ليلاً
يذهب النوم عنّي
لا أستطيع أن أغلق عينيَّ
ودموعي الحَرّى تسيلُ .

في هذه القصيدة يتحدث الشاعر عن شوقه العارم إلى أمه العجوز التي لم يضمّها إلى صدره منذ اثني عشر عاماً ، آنَ غادر ألمانيا مهاجراً إلى (باريس) . ويتحدث فيها عن حنينه لأصدقاءٍ قضوا في الوطن ، بدون أن يراهم ويختتمها قائلاً :

الشّكر لله ! فمن نافذتي يقتحم
ضوءُ نهارٍ فرنسيٍّ مرحٍ
زوجي تأتي جميلة كالصباح
لتمسح ابتسامتُها عني ، الهمومَ الألمانية .

في هذه القصيدة نقدٌ للأوضاع السائدة في وطنه الأصل، غير أن ذروة النقد القاسي والمباشر يتجلّى في قصيدةٍ يتحدث فيها بلسان عمال النسيج الفقراء في منطقة شليزْيِن ، التي كانت تابعة لألمانيا في القرن الماضي وعادت إلى وطنها الأم (بولونيا) ، وهي تُصّور مدى تعاطف الشاعر مع البائسين والمسـحوقين ومدى قسوة نقده النظامَ الملكيّ السائد وفيها يقول :

" (عمال ) النسيج الشليزيُّون "
لا دموع في العيون المعتمات
يجلسون إلى مقاعد "النَّوْل" مكشّرين عن أسنانهم :
ألمانيا نحن نغزل كفنَكِ ونحوك فيه اللعنةَ الثّلاثية
نحن نغزل - نحن نغزل
* * *
لعنةٌ على ذلك الذي عبدناه طويلاً
في برد الشتاء وضائقات الجوع

عبثاً أمِلنا وصمَدْنا
فخُدِعنا وسُخرَ منّا ( وجُعلَنا ) كالحمقى
نحن نغزل - نحن نغزل .
* * *
لعنةٌ على الملَك ، مَلِكِ الأغنياء
الذي لم يجعله بؤسُنا يلين
والذي يَعصر منّا آخرَ القروش
ويجعلُ النّارَ تُطلَقُ علينا كالكلاب
نحن نغزل - نحن نغزل
* * *
لعنةٌ على الوطن الكاذب
حيث لا ينمو فيه إلاّ العار والإهانة
وحيث كلُّ وردةٍ تُقصَفُ مبكّرة "
وحيث يزدهر الدودُ والعفونةُ
نحن نغزل - نحن نغزل

* * *
المغزلُ ( المكُّوكُ ) يطير والنَّوْلُ يتحطمُ
نحن نغزل بجدٍ ليلَ نهار
يا ألمانيا القديمة ! نحن نغزل كفنَكِ
ونغزل فيه اللّعنةَ الثّلاثية
نحن نغزل - نحن نغزل .

أقدم ، الآن ، بعض الترجمات المختارة من تلك القصائد الخمسة والستين ، التي وردت مرقمة بدون عناوين تحت عنوان (إنترميزو الشعري-Intermezzo) ، وكانت قد نشرت عام 1823 في برلين ، وضُمّت إلى (كتاب الأناشيد) فيما بعد(1827) ، مع غيرها من المطوّلات (Zyklen) والمآسي الشعرية الأخرى . - والمصطلح يشكل استعارة لذلك المفهوم الموسيقي الذي يعني عزفاً بين مقطوعتين - واضعاً رقم القصيدة بين قوسين وكذلك أقدم مختارات أخرى من أعماله المختلفة .
لابدّ من الإشارة ، هنا ، إلى أنّ هذه القصائد التي ضمّتها مجموعته الشعرية الأولى (كتاب الأناشيد) ، كانت قد صدرت ، جزئياً ، قبل ذلك في المجلات والدّوريات العديدة ، ولكنها في المجموعـة المعتمدة للترجمة والأكثر شيوعاً ، تستند إلى طبعة عام (1844) الأخيرة ، التي قام الشاعر شخصياً بتنقيحها وإعادة صياغتها وأحياناً إلى حدٍّ كبير .
توجد هناك طبعةٌ ، عن النسخة الأصل الأولى الصادرة عام (1827) ، وغير المنقّحة ، أصدرها (إرنْستْ إلسْتَر ) E. Elster عام 1887 في مدينة (هايْليورن) ضمن سلسلة " أعلام الأدب في القرنين الثامن والتاسع عشر " وتحمل الرقم (27) .




مختارات من قصائد مجموعة (إنْتَرْميزُّو الشعري)

رقم (1) :
في شهر أيّار ، رائع الجمال ،
حيث تتفتّقُ كلُّ البراعم
عندها ، في قلبي ،
تفتَّح الحبُّ
* * *
في شهر أيار ، رائع الجمال ،
عندما تغني كلُّ الطيور
اعترفتُ لها
بأشواقي ورغباتي

* * *
رقم (2) :

من دموعي انبثقَ
الكثيرُ من الورود
وصارت آهاتي
جوقةً لطائر الليل ( ناخْتيغال )

* * *

وإذا كنتِ تحبينني ، يا صغيرتي !
أُهدي إليكِ كلَّ ( هذه ) الورود
وأمام نافذتك سوف يصدحُ
نشيدُ طائر الليل .

* * *
رقم (4) :

عندما أنظر في عينيكِ
يتلاشى عذابي وآلامي
ولكن عندما أقبّل ثغرَكِ
أصبح ، تماماً ، معافى
* * *
عندما أتّكئُ على صدركِ
تعتـريني لذّةٌ سماوّيةٌ
ولكن عندما تقولين : أحبّكِ
يستلزمني البكاءُ بمرارةٍ
* * *

رقم (6) :

أسندي خدَّكِ على خدّي
لتسيل الدّموعُ معاً
وعلى قلبيَ اضغطي قلبكَ بقوّةٍ
لينبض اللّهيب معاً
* * *

وعندما ، في اللّهب العظيم ، ينصبُّ
التيّار من دموعنا
وعندما يحيطكِ ذراعي بقوّةٍ
أموت من أشواق الحب .

* * *
رقم (7) :

أريدُ أن أغطّسَ روحي
في كِلْشِ الزّنبقة
وعلى الزّنبقة أن تنفح بنغمٍ
نشيداً عن حبيبتي
* * *
على النّشيد أن يُمطر ويدّوي
كالقبلةِ من ثغرها
تلك التي أعطَتني إيّاها مرّة
في ساعةٍ رائعةٍ عذبةٍ .
* * *


رقم (8) :

في الأعالي
تقف النجوم بدون حَراك
لآلافٍ عديدةٍ من السنين
تطل على وَلَهي

* * *

إنهنَّ ( النّجوم ) يتحدّثنَ لغةً
غنيّةً ورائعة .
ولكن لا عالِم لغةٍ
يستطيع فهمَها .
* * *
ولكنّي تعلمتها
ولن أنسَها أبداً
قواعدُها علَّمني ( إياها )
الوجهُ الأكثر حبّاً إلى قلبي .

* * *
رقم (10) :

زهرة " اللَّوْتَس " تخافُ
من بهاء الشمس ( الساطعة )
وبرأسٍ مُطرقِ
تتـرقّبُ ، حالمةً ، الليل

* * *
القمرُ ، عشيقُها
يوقظها بضيائه
ولهُ ، بمحبةٍ ، تُسفرُ
عن وجهها الوردي البريء

* * *
إنها تزهرُ وتشتعلُ وتشعّ
وتتجمّدُ نظراتُها بصمتٍ ، نحو الأعالي
إنها تعبُق ( بالعبير ) ، تبكي وترتجف
من الحبّ ، ومن آلام الحبّ .

* * *


رقم (16) :

أعلميني ، يا حبيبتي ، اليومَ
أولستُ من صور الحلُم تلك
التي تفيض في أيام الصيف القائظةِ
في دماغ الشاعر ؟

* * *

ولكن لا ، فمثل هذا الفم الصغير
ونور العينين الساحر هذا
هذه الطّفلةُ العذبة المحببة
لا يمكن للشاعر أن يخلقها

* * *
وحوش البازيليسكن(*) ومصاصو الدماء
الزواحف وغيرها من الحيوانات الخطرة
تلك الحيوانات الخرافية المريعة
تخلقها نار الشاعر
* * *

ولكن أنتِ ، وحيَلُكِ
ووجهكِ النبيل
* * *

وتلك النظرات ، كاذبة التّقوى
لا يخلقها الشاعر .
________________________________
(*) حيوان (Basilisk) الخرافي ، قاتل النظرات ويشبه التنين ، نقابله في أسـطورة (زيغفريد) الجرمانية الشهيرة وهو حيوان لا يمكن قتله ، لأنه مسحَ جسَده بالدماء ، إلاّ من موضع وحيد كانت ورقةُ شجر قد غطته ، ومنه يجد البطل (زيغفريد) السبيلَ إلى قتله ، ويذكّر هذا بوتر البطل (آخيل) في الأدب الإغريقي .

رقم (21) :
هذه القصيدة ، تعتبرُ امتداداً للقصائد رقم (20-17)، حيث يتحدث الشاعر فيهم عن زواج حبيبته بغيره، وعن معاناته وعن شكواه التي تستمر في بعض القصائد اللاحقة ، كما سنرى .
لقد نسيتِ تماماً
أنني ملكتُ قلبَكِ طويلاً
قلبكِ العذب المخادع الصغير
لا يوجد أكثر منه عذوبةً وخداعاً
* * *
لقد نسيتِ - إذن - الحبَّ والعذاب
اللّذَيْن ضغطا على قلبي بينهما
لا أعلمُ ، هل كان الحب أم العذاب أكبر ؟
أعرف فقط أنّ كِليْهما ، كان عظيماً .

رقم (22) :

لو عرفَتْ الأزاهيرُ الصغيرةُ
عن عُمقِ جرحِ قلبي
لبكَتْ معي
من أجل شفائه من آلامه
* * *
ولو عرفَتْ " طيورُ اللّيل " - ناخْتيغال -
كَمْ أنا حزينٌ ومريضٌ
لأطلقَتْ بمرحٍ
غناءً منعشاً
* * *

ولو عرفتْ بحسرتي
(تلك ) النجوم الصغيرة الذّهبية
لأتتْ من الأعالي
إليَّ لتواسيني

* * *

إنهم جميعاً ، لا يمكن لهم أن يعلموا
غيرُ واحدةٍ تعرف آلامي
لأنها هي ( التي ) مزّقتْ
مزّقتْ ليَ قلبي .

* * *

رقم (23) :

لماذا الورود هكذا شاحبة
تكلّمي يا حبّي ! لماذا ؟
لماذا في العشب الأخضر
يصمت البنفسج الأزرق ؟

* * *

لماذا تنشِدُ ، بصوت نادبٍ ،
القُبّرةُ في الهواء ؟
لماذا تنبعثُ من عشب البلسم
رائحةُ الجيفة ؟
* * *

لماذا تشع الشّمسُ بين آنٍ وآخرَ
باردةً ، عَكِرة المِزاج ، نحو الأسفل ؟
(و) لماذا الأرضُ رماديّة
خاويةٌ كالقبر ؟

* * *

لماذا أنا نفسي مريض ، متعكرٌ هكذا
يا حبيبتي المحببّة ؟ تكلّمي !
آهٍ – تكلّمي ! يا أكثر الأحباء حباً لقلبي
لماذا هجرِتني ؟

* * *
رقم (25) :

شجرةُ " اللِّندَةِ " تُزهرُ ، طائرُ الليل يغنّي
الشمسُ تَضحك بمرحٍ لطيفٍ
عندها قبّلتِني ، وذراعُكِ عانقتني
وضغطتِني إلى صدرك المتورّم
الأوراقُ تساقطتْ - والغرابُ ينعق فارغاً
الشمس تحيّي بنظرةٍ مهمومةٍ
عندما قلنا ، بصقيعٍ ، لبعضنا بعضاً : " الوداع "
عندها انحنيتِ بأدبٍ ، أكثر الانحناءاتِ أدبا .
* * *
رقم (26) :

لقد شَعرْنا الكثيرَ ، حيال بعضنا بعضا
وأيضاً تحمَّلنا ، رائعاً ، بعضنا بعضا
كثيراً ما لعبنا (دورَ) الرّجلِ والمرأةِ
ومع ذلك لم نتشاجر أو نتضارب
بكينا ، ومزَحنا سويّاً
وقبّلنا وأحببنا ، بنعومةٍ ، بعضنا بعضا
وفي النّهاية ، ومن مرحٍ طفوليٍّ
* * *
لَعبنا ، في الغابة والمروج ، لعبة التّخفّي(الغُميّضة)
وعرفنا (جيّداً) كيف نتخفّى
حتى أنّنا لم نستطعْ أن نجدَ ، أبداً ، بعضنا بعضا
* * *
رقم (30) :

بنفسجُ العينين الأزرق
وردُ الخدّين الأحمر
زنبقُ اليدين الصغيرتين الأبيض
لازالت تزهرُ وتزهرُ باستمرارٍ
وحدَه القلب قد جفَّ .

* * *
رقم (33) :

شجرةُ ( الفِشْتِه ) تقفُ وحيدةً .
(هناك) في الشّمال ، على جردٍ مرتفعٍ قاحلٍ
إنها تغفو محُوطةً
بوشاحٍ من الثّلج والصّقيع

* * *
تحلُم بنخلةٍ
في بلاد الشرق البعيد
تتأسّى ، وحيدةً صامتةً
على جدارٍ صخريٍّ مُشْتعلٍ

* * *
رقم (36) :

مِنْ آلاميَ الكبيرةِ
أصنَعُ أناشيديَ الصَّغيرةَ
ترفعُ ريشَها (جناحيها) الصّادح
وتخفِقُ بحسْبِ أهواء قلبها .

* * *
لقد وجدتْ الطريقَ إلى محبوبتي
ولكنها تعود لتشكو
تشكو ، ولا ترغب أن تقول
عمّا رأتهُ في القلب .

* * *
رقم (38) :

بعضُ صور الزمان المنسيِّ
تَصعُد من قُــبَّر ةٍ
وتري ( ني ) ، كيف قُر بكِ
كنتُ أحيا
في النّهار أترنّحُ حالماً
في الشوارع بدون هدفٍ
الناس يَعجبون لمظهري :
كنتُ حزيناً ، صامتاً .

* * *

في اللّيل ، كان ( الأمرُ ) أفضل
فالشوارع فارغات
وأنا وظلّي معاً
نتجوّل ، بصمتٍ ، مُتسَكّعين
بخطواتِ ذوات صدى
أتجوّل فوق الجسر
القمرُ يخترقُ من الغيوم
ويحييّ بنظرةٍ صارمةٍ .

* * *

توقفتُ أمام منزلكِ
وتجمدتْ نظراتي نحو الأعلى
تجمّدتْ نظراتي نحو نافذتكِ
وقلبي أوجعني كثيراً .

* * *
أعرف ، أنك كثيراً قد نظرتِ
من نافذتكِ نحو الأسفل
ورأيتني ، كالعمود ، واقفاً
تحت أنوار القمر .

* * *
رقم (39) :

فتىً أحَبَّ فتاةً
لكنها اختارت آخرَ
الآخرُ أَحبّ أخرى
لكنه اختار هذه
الفتاةُ تزوجَّت غضباً
أوّل أفضل الرجال
الذين عَدَوْا في طريقها
الفتى في وضعٍ سيِّئٍ .


* * *
إنها قصةٌ قديمةٌ
ولكنها تبقى جديدةً
ومَنْ تحصلُ له
ينشطر قلبُهُ إلى نصفين .

* * *

رقم (40) :

أسمعُ النشيدَ يصدح
- الذي كانت الحبيبة تغنيّه -
ير يد صدري أن يتمزّق
من اندفاع الألم الوحشي
يدفعني شوق قاتم
إلى الأعلى ، إلى أعالي الغابة
هناك ينحلُّ إلى دموعٍ
ألميَ العظيم .

* * *


رقم (47) :

لقد عذبوني
أزعجوني (حتى ) الازرقاق والشُّحوب
بعضُهم بحبّهِ
وبعضهم ببغضهِ .

* * *

لقد سمّموا رغيفي
صبّوا السُّمَّ في كأسي
بعضهم بحبّهِ
بعضهم ببغضهِ
لكن التي عذّبتني .
أزعجتني عكّرتني أكثر ( من الجميع )
لَمْ تكن تبغضني
لم تكن تُحبني .

* * *
رقم (49) :

عندما يفترق اثنان
يمدان اليد لبعضهم بعضا
ويأخذان بالبكاءِ
وبالتنهُّد بدون انقطاع
نحن لم نبكِ
ولم نـتنهّدْ من الأسى
الدموعُ والتَّنهدُ
جاءا بَعْدَ ذلك .
* * *
رقم (47) :

مُسمَّمةٌ أنا شيدي
كيف يمكن للأمر أن يكون غير ذلك ؟
لقد سكبتِ لي السُّمّ
في حياتي المزْهرة
مُسمِّمةً أناشيدي
كيف يمكن للأمر ، غير ذلك ، أن يكون ؟
أحمل الكثير من الأفاعي في قلبي
وأنتِ ( أيضاً ) يا حبيبتي !

* * *
رقم (48) :

الشّمس الحارّةُ ترتمي
فوق خدِّيكِ الصّغيرين
الشّتاءُ الباردُ يرتمي
في قلبكِ الصغير .

* * *
( لكنّ ) هذا سيتبدّلُ عندَكِ
يا من أحبّها كثيراً !
الشتاءُ سيكون في الخدِّين
والشمسُ ستكون في القلب .

* * *
رقم (57) :

في ليلة الخريف العاصفةِ
تعوي الريحُ وينصبُّ المطرُ
أين يمكن الآنَ
أن تكونَ صغيرتي المسكينةُ ؟
إنني أراها متَّكئةً على النَّافذةِ
وحيدةً في حجرتها الصّغيرةِ
العين ممتلئةٌ بالدموع
ونظراتها المتجمّدةُ تحدِّق في الليل .

* * *


رقم (58) :

ريحُ الخريف تهزُّ الأشجارَ
الليلُ رطبٌ وباردٌ
مُتَوشّحاً بمعطفٍ قاتمٍ
أمتطي وحيداً إلى الغابة .

* * *

وعندما أمتطي ، تمتطي أفكاري
وتسبقني ( إلى هناك)
إنها تحملني خفيفاً ، هوائياً
إلى منزل حبيبتي
الكلابُ تنبحُ ، والخدمُ يظهرون
بشموعٍ مرتجفةٍ
أقتحم الدّرجَ الحلزونيَّ صاعداً
(يرافقني ) أزيزُ مهمازيَّ
* * *
في المخدع ذي السّجاد الزاهي
( أشعر ) بالدفء والطيوب
هناك ، تتجمّدُ ، غاليتي - دهشةً -
وأرتمي بين ذراعيها
الريح تعصف بأوراق الأشجار
وشجرة البلّوط تقول ( لي ) :
ماذا تبغي ، أيها الفارسُ الأحمقُ
بحلُمك الأحمقِ هذا ؟
* * *

رقم (61) :

منتصف الليل كان بارداً ، صامتاً
وكنت تائهاً أتسكّع ، في الغابة ، شاكياً
لقد هززتُ الأشجارَ في نومها
فهزتْ رؤوسها تعاطفاً (معي) .
* * *
رقم (64) :

ليلٌ استَلقى على عينيَّ
رصاصٌ استلقى على فمي
بدماغٍ وقلبٍ متجمّدين
استلقيتُ في قعر قبري
* * *
منذ متى قد غَفوْتُ ؟
لا أستطيع أن أقولَ
لقد استفقتُ وسمعت
كيف كان يُدقُّ على قبري
" ألا ترغبُ بالنهوض ( يا ) هايْنرشْ؟
اليومُ الأزليُّ ينبثقُ
والأموات يقومون
والفرح الأزليُّ يبتدي "
* * *
حبيبتي ! أنا لا أستطيع النهوض
لم أزل أعمى
انطفأت عيناي تماماً
من كثرة البكاء
" سأقبلك (يا) هاينرش
ليمضي الليل عن عينيكَ
لتستطيع رؤية الملائكة
وبهاءَ السماء أيضاً "
حبيبتي ! لا أستطيع النهوض
لم يزل ( الجرحُ ) ينزف
حيث طعنتِني في القلب
بكلمةٍ حادةٍ
" بهدوءٍ تامٍ أضعُ _ (يا) هاينرش _
يدي على قلبكَ
عندها سيتوقف النَّزفُ وتشفى من الآلام "

* * *
صورة الشاعر مع زوجته على فراش المرض

حبيبتي ! لا أستطيع النهوض
إن رأسي ينزف أيضاً
لقد أطلقتُ فيه النارَ
عندما اختُطِفت منّي
" بجدائلي - ( يا ) هايْنرِشْ ! -
سوف أدكُّ جرحَ رأسكَ
وأدفعُ تيارَ الدماء
وأجعلُ رأسَكَ سليماً "
كان الرجاءُ ناعماً محبّباً
لم أستطع مقاومته
رغبتُ بالنّهوض
لأمشي إلى الحبيبة
عندها انفتحتْ جراحي
وانصبَّ - بقوّة متوحّشةٍ
من رأسي والصدر - تيّارُ الدّم
وانظرْ ! لقد استيقظتُ .

* * *









" احتفالٌ ربيعيٌّ "

تلكَ هي لذّةُ الرّبيع الحزينة :
الفتياتُ المُزهِراتُ
- السّرب الوحشيُّ -
يندفعن بشعرٍ مائجٍ
وبنحيبٍ حزين ، وصدور عارية " ( ينشدن ):
أدونيس ! أدونيس !

* * *

الّليلُ يهبط
وتحت أنوار المشاعلِ
يَبحثنَ في الغابةِ
جيئةً وذهاباً
صدى الفوضى الخائفة
من البكاء والنّحيب والصُّراخ ( يُردّدنَ ) :
أدونيس ! أدونيس !

* * *

ذلك الفتى ، رائعُ الجمال
ملقيّاً ، على الأرض ، شاحباً وميتاً .
الدَّمُ يصبغ كلَّ الأزاهير بالأحمر
وصُراخ الشّكوى يملأ الهواءَ ( مردّداً ) :
أدونيس ! أدونيس !

* * *
الفصل الأخير للختام
أين هـ. هاينه ، في وطنه الأم
( ألمانيا ) ، اليوم ؟

في زيارتي الأخيرة _ مؤقتاً _ لألمانيا في تشرين أوَّل 1997 - التي درست فيها الطب وتخصصت في أمراض العيون وجراحتهـا، وعملت فيها عدة سنوات بين (1972-1958) - أخذتُ أبحثُ في مدن عديدة مثل برلين - هامبورغ - هانوفر - شويرين ... الخ عن مدى استعداد الناس ، أو على الأقل ، المثقفين منهم لاستقبال الشاعر المشاكس (هاينرش هاينه) بعد مرور قرنين على ولادته .
كذلك بحثتُ في المكتبات الكبرى وفي الصحافة المطبوعة والمرئية عن ذلك .
ملخص القول : الناس في وادٍ وهاينه والأدب بعامة ، في وادٍ آخر . صحيح أن هنـاك العديد من دور النشـر الكبيرة والصغيرة وفي طليعتها ، وبالطبع، دار نشر "هوفمان وكامبـه" - في هامبورغ - التي نشرت للشاعر هاينـه ديوانه الأول " كتـاب الأناشيد "عام (1827) وكل ما ألفــهِ الشاعر أصدرتْ بهذه المناسبة كتباً عنه سواء إعـادة طبع لأعمال معينـة أو ( مجموعة رسائله ) أو أعماله الشعرية الكاملة أو دراسات حديثة عن حياته في ضوء الأبحاث المستمرة ، وعن موقعه الأدبي كما في الكتاب الضخم عن حياته ، الذي ألّفه " فريتس ي. رادّاتس " Fritz J. Raddatz - ويقع في 392 صفحة من القطع الكبير وسعره حوالي أربعة آلاف ليرة سورية ( الناشر Beltz Quadriga ) وغيره ، ولكن الصحيح أيضاً أن (هاينه) لا يزال ، كما كان في حياته ، الشاعر الذي سمع به الجميع ولا يعرفه إلا القلائل ، وذلك بالرغم من أن العديد من أشعاره الرومانسية قد تم تلحينها وغناؤها وانتشرت شعبياً بقدر أو بآخر ، غير أن قراءته في العمق ، لا تزال تشكل صعوبة وإشكالية للدارسين ، بسبب ذلك التناقض ، غير المفهوم بسهولة ، في إنتاجه وفي تصرفاته .
لقد غنى (هاينه) ، شأنه شأن عشرات شعراء الرومانسية قبله ، بعضَ المواضع الشاعرية في ألمانيا وفي مقدمتها موقع صخرة ( اللوره لاي ) (Die Lora Ley) التي نُسجت حولها الأساطير ، وقد أشرنا في هذه الدراسة لذلك ، أو جمال جزيرة (هيلغولاند) - Helgoland - أو غابات منطقة (الهارتس) - Harz - فائقة الجمال ، غير أنه سخر في نصوص أخرى من تلك العواطف المطاطة حيال مثل هذه المواقع ، التي غناها يوماً بمئات القصائد وآلاف الأبيات ليحطّم ، عامداً ، الأسطورة في الأذهان ، الأمر الذي دفع بالكاتب المفكر أدورنو (Adorno) لأن يتحدّثَ مؤخراً ، عن (الجرح هاينه) ذلك الذي " سلب الألمان لغتهم ، كما سلبَهم تلك السكينة أو الاستكانة الوطنية (التي يشيدون بها) في لغتهم " ....
وقد عمل أيضاً ، وهو الرومانسي الأصل ، على تحطيم الرومانسية ، ولذلك فإن صاحب الدراسة الحديثة عن حياته (رادّاتس) المذكور أعلاه ، يشير إلى أنّ الألمان يودون وضعه كالتماثيل هناك في الأعلى ، حيث لا تبدو ملامحه إلاّ بصعوبة ، لأنه إنسان من نوع ال (Dandy) ذلك الذي يحتاج إلى الجرح ليقوم بتزيينه - ربما مازوخية فنية كما أعتقد - لأنه يشعر دوماً بأنه المنبوذ في المجتمع الألماني الذي تُشكّل " معاداة السامية " فيه تقليداً عريقاً وبخاصة في أوساط ثقافية محافظة ، ناهيكَ عن الجيش والإدارة .
وعلى الرغم من أنه اعتنق المسيحيةَ فإنّه كان يوشم ، في ألمانيا دوماً ، باليهودية ، وتُحجبُ عنه ممارسةَ حياة المواطن العادي - الأمر الذي ساهم أيضاً في هجرته النهائية وحياته حتى موته في فرنسا .
وفي فجر النازية (1933) تم إحراق كتبه وأشعاره ، ولكن قصيدته الشهيرة (اللُّوره لاي) كانت تدرّس في المدارس ، كالعادة ، وإن اختفى اسمه من تحتها وأشير إلى أن مؤلفها مجهول ، على الرغم من أن الجميع يعرف اسم مؤلفها ، كما ذكرنا أعلاه .
وحتى قبل ثلاثة عقود ، عند تأسيس الجامعة في مدينة ولادته (دوسلدورف) - Duesseldorf - قام نقاشٌ حاد حول إطلاق اسمه على الجامعة فيها .
ولازال (هاينه) يشكل "حالة صدامية" أو "إشكالية" بالنسبة للأدب الألماني ، على حد قول الناقد اللاذع العجوز (مارسيل رايش - رانكي ) -Marcel Reich - Ranicki - .
هذا الناقد الذي تصدّرتْ صورتُه ، قبل عام ، أو أكثر بقليل - على ما أظن - إحدى طبعات مجلة " دير شبيغل " - المرآة - الشهيرة ، الأسبوعية التي تصدر من (هامبورغ) ، حيث صوّرته على شكل كلب دمويٍّ جارحٍ وهو بولوني - يهودي - الأصل ، ويحظى ، في الأوساط الأدبية ، وحتى الآن في الندوات التلفازية بشهرةٍ كبيرةٍ ، حتى أن الناشر لكتاب ما يَعمد ، إبّان الإرسال ، إلى رفع عدد النسخ في المطبعة ، إذا تحدّث (رانكي) عن الكتاب بشكل إيجابي . وكانت له مع الكاتب الشهير " غونتر غراس " حالة صراعٍ بسبب كتاب (غراس) الأخير (حقل واسع) ولا مجال هنا للتوسع أكثر في الموضوع .
أما حداثة (هاينه) ومعاصرته أيضاً فهي تنبع، - على حد دراسة (رادّاتسْ) من طبيعة فنّه وقانونه الخاص في إبداعاته ، قانونه الخاص وأنه لم يكن يبشّر بعقيدة ما ، على الرغم من انتمائه الفكري إلى (اليسار) - على حد زعمي وشعوري وليس على حد قول (راداتس) - غير أنه لم يكن يخضع لعقيدة سياسية معينة ولم يدَعْ أحداً يسيطر عليه فكرياً ، وأذكّر هنا بعمله ولقائه مع (كارل ماركس) في باريس ، وبكثير من مقالاته السياسية المعادية للقيصرية في وطنه ، وبإعجابه بالثورة الفرنسية بل وبمناداتهِ بالثورة أيضـاً ، حيث كان في حياته من النوع (الإنقلابي) - Revisionist - .
وكان (هـ.هاينْهْ) أولَّ من ألّفَ ، في عصره ما يعرف اليوم بأدب الرحلات : ( رحلة الهارتس ) –Harzreise - - أو " ألمانيا (خرافةٌ شتائية) .- Deutschland ein Winter Maerchen – وهي المجموعة الشعرية التي كتبها وأصدرها عام 1844 في هامبورغ ، بعد زيارته الأولى للوطن عام 1843 وبعد هجرته إلى فرنسا عام 1831 (المنفى الطوعيّ) ، والتي لاقت نقداً لاذعاً واتهاماً له " بتلويت العش " – الوطن – من معاصريهِ وفيما بعد الحرب الكونية الثانية أيضاً ، وهي آخر قصائد ما يُسمى " القصائد الجديدة " وكتب الشاعر مقدمتها في هـامبورغ بتاريخ (1844/9/17) . ورسائل (هيلغولاند) وغير ذلك .
كما أنه أول كاتب وصحفي استطاع أن يعيش من عمله الكتابيّ ، في الوقت الذي كان غيره من الأدباء - في الغالب - من الموظفين أو رجال الدين أو أمناء المكتبات ....
لقد كان شاعراً وأديباً وصحفياً ومؤرخاً ، إلى حد ما ، ودراميّاً بدون حظ ، ومغالطاً هجوميّاً من طرازٍ فريد .
وكانت هذه الهجومية تتبدّى ، عندما يتخذ النقد منه صيغة عرقيةً أو يتضمن سخرية من أصله اليهودي ، كما حدث مع له مع النبيل ( أوْغوست فون بلاتن ) - August V. Platen - الذي قام (هاينه) بمهاجمته ، بشكل فجٍّ سوقيٍّ واتّهمه (بالشذوذ) بسبب نقده لـه كيهودي . وكذلك فعل في حالة (بورنه) - Boerne - وأساء إلى سمعته بوجود علاقة ثلاثية له في زواجه .... وكان (هاينه) ، بذلك المؤسس للصحافة السوقية الساعية إلى الإثارة والفضائح ، على حد قول (رادّاتس) في كتابه الجديد عنه .
ولكن ، وبالرغم من مقولة (أدورنو) عن (هاينه) بأنه يظل (الجرح المفتوح الذي لا يلتئم) ، فهو - حسب رأيي – لا يزال يشكل حالة متميزة في إبداع القرن التاسع عشر الشعري بخاصة والأدبي بعامة ، حالة لم تتوقف أمام (التابوهات) ولا الممنوعات ولا (الكليشات) الاجتماعية السائدة ، وترك لنا إرثاً أدبياً وفكرياً يستحق أن يقرأ ، حتى بعد مرور قرنين على ولادته .
أمّا بالنسبة لاستقبال هذه الذكرى في العالم العربي ، فلا معرفة لي بذلك ، ولكن أستطيع أن أشير ، إلى أنّ الباحث الصديق الدكتور (عبده عبود ) ، وهو من الاختصاصيين في الأدب الألماني ، قد نشر مؤخراً دراسة موجزة عنه في جريدة الأسبوع الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق العدد /578/ (1997.9.20) ، كما أنني دفعتُ إلى مجلة ( الآداب الأجنبية ) - الصادرة أيضاً عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق ، بدراسة حوله ، ستنتشر في عددٍ لاحق ، ربما كان خاصاً بالشاعر ، كما أننا ، كلانا قد دعينا ، من قِبَل المركز الثقافي الألماني بدمشق ، للمشاركة في (ندوة) حول الشاعر (هاينه) ، مع باحثين آخرين عرب وألمان وفرنسيين ، ستنعقد في دمشق بتاريخ 1997/11/24 .
=========
ملاحظة لاحقة( 10-2009 ) :
لقد عقِدت الندوة ، وشاركت في أعمالها .











هذه بعض المختارات التي سمح المقام بترجمتها ، نقدِّمها إلى القارئ العربي ، ليطّلع على عالم شاعرٍ كبيرٍ ، لا يزال عطاؤه يتألّق دراسة ونقداً وانتشاراً بعد مرور قرنين على ولادته .

تحية إلى ( هايْنِرشْ هايْنِه )
في ذكراه المئوية الثانية







ملاحظة حول المراجع :
مصادر هذه الدراسة ، عن الشاعر (هـ. هاينه) ، هي متعددة وعديدة ، وتشتمل أعماله الشعرية والأدبية الأخرى ، والعديد من الكتب المؤلفة عنه قديماً وحديثاً ، وهي معروفة ، بالطبع ، للمهتم الدارس لهذا الشاعر بلغته الألمانية الأصل . ولذا لا أرى من جدوى في ترجمة عناوين هذه المصادر أو ذكرها .
حمص - سورية د. شاكر مطلق
تشرين الثاني /1997/
ملاحظة : صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب عن دار الذاكرة بحمص في 11 / 1997 م . 1418 هـ .


صدر للمؤلف

الدكتور شاكر مطلق

مجموعاتٌ شعريةٌ :
1 _ نبأٌ جديدٌ مطابع الروضة / حمص 1957
2 _ معلقة كلكامش على أبواب أوروك 1985
دار الإرشاد/حمص
3 _تجليات عشتار دار الكتاب / حمص 1989
4 _زمن الحلم الأول دار الذاكرة / حمص 1990
5 _ذاكرة القصب دار الذاكـرة / حمص 1993
6 _تجليات الثورة البري دارالذاكرة/حمص 1997
7 _ياأبانا / ياأبانا (مكاشفات العارف) 1997
دار الذاكرة/حمص
8 _تجليات للعالم السفلي دار الذاكرة/حمص 1999
9 _تجليات الظلال دار الذاكرة / حمص 2000
دراسة :
من المشهد الشعري نهاية القرن العشرين في حمص
بيبلوغرافيا مع مداخل نقدية ، بالاشتراك مع الشاعر محمد علاء الدين عبد المولى .
ترجمة :
أ‌- أدب :
1 _ فصول السنة اليابانية / شعر(هايكو وتانكا) 1990
اتحاد الكتاب العرب / دمشق ( مع دراسة أيضاً ) .
2 _ لا تبح بسرك للريح/شعر وحكم من اليابان 1991
دار الذاكــرة / حمص
3 _على شاطئ الأيام البعيدة (شعر ياباني) 1995
دار الذاكــرة / حمص
4 _هاينرش هاينه(شعر ألماني) /دراسة/ 1997
ط _1 دار الذاكــرة / حمص
5 _ درب الكشف شعر/زِنْ/ من الصين واليابان 1999 دارالذاكرة/ حمص

6 _ ( لي تايْ بايْ ) شاعر قديم من الصين 1999
دار الذاكرة / حمص

ب- طب :
1 _ معالجة جروح العين الثاقبة1991 دار الذاكرة/ حمص
2 _تمارين البصر 1991 دار الذاكــرة / حمص
3 _فحص البصر التطبيقي 1994 دار الذاكرة / حمص
4 _ ألواح تشريحية 1997 دار الذاكــرة / حمص

قيد الإعداد للطبع :
1 _ هكذا نتكلم يا زرادشت " نص فكري _ أدبي "
( صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق عام 2007 )
2 _ من أجل ذاكرة الندى " شعر "
3_ ذاكرة البحر " شعر "
4 _ خطيئة المقدس ، وردة الجحيم " شعر "
5 _ قد يحزن الرجال " شعر "
6 _ مئة حالة للقمر " شعر "
7 _الشخصية والألوان ( ترجمة )
8 ـ جذور الحداثة الشعرية عبر التاريخ وحتى القرن الثامن عشر ق م . ( قدمت فصول منه في اتحاد الكتاب العرب _ حمص _ منذ 1983 م . ) .
9ـ العلاج الصيني بواسطة الضغط ( ترجمة ) .
10 ـ مذكرات سارة شن ( اليابان ) من منشورات اليونسكو ( ترجمة ) .
11 ـ مجموعة كتب علمية للأطفال والفتيان .




Heinrich Heine
Zum Zweihundersten Geburtstag

Dr. Shaker Mutlak

Homs - Syria
11 / 1997