Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
" مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 26

الموضوع: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .

  1. #1
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    و أنا أتطلع إلى متصفح الأخ الكريم الدكتور صلاح الدين محمد " حج 1430 " عادت بي الذكرى إلى حوالي 14 سنة خلت ، أي سنة 1416 حيث أديت مناسك الحج و العمرة
    و قد وفقني الله سبحانه و تعالى ، فدونت هذه الرحلة المباركة في " مذكرات حاج إلى عرفات الله "
    و كما يقال " المناسبة ، شرط " فإن مناسبة حلول موسم الحج لهذه السنة ، جعلتني أبادر لنشر بعض اللحظات و المحطات المشرقة التي عشتها و أنا أؤدي شعائر الحج و العمرة أتمنى صادقا أن يستفيد كل متصفح لهذه المذكرات ، و أن يكتب له حجة مقبولة إن شاء الله

    [U]* الموضوع : " مذكرات حاج إلى عرفات الله " للفقير إلى الله عز الدين بن محمد الغزاوي ، خلال موسم الحج لسنة 1416 من الهجرة./U]

    1- المقدمة :

    يقول الله في كتابه العزيز :
    " و أذن في الناس بالحج يأتوك رجالا و على كل ضامر ، يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم و يذكروا إسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ، فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير"
    صدق الله العظيم / سورة الحج آية 24 و 25
    و يقول سبحانه عز من قائل :
    " و لله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ، و من كفر فإن الله غني عن العالمين "
    صدق اله العظيم / سورة آل عمران آية 96
    إن المتدبر في هذه الآيات البينات ، و التي تشع نورا و قدسية ليجزم لا محالة بان أداء فريضة الحج و التي هي الركن الخامس من أركان الإسلام ، أمر ضروري إن كانت له الإستطاعة ، و استجابة تلقاءية لداعي الله و أذان الحج
    هكذا و كسائر العبادات ، لا بد من النية أولا بل و إخلاصها استعدادا لأداء هذه الفريضة و ذلك مصداقا لقول نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم :
    " إنما الأعمال بالنيات ، و إنما لكل امرئ ما نوى " حديث صحيح
    و أضيف إن هذه النية يسبقها تهييء و استعداد ، و بالفعل إن كثيرا من عباد الله المخلصين تسبق لهم العناية الربانية لتيسير أعمال الخير المقبلون عليها
    فمثلا ، إن المقبل على الزواج يلقى التيسير و العون ، و كذلك العازم على بناء سكن لأهله تتيسر له الصعوبات و يأتيه الله بالزق الكافي للبناء و بالنسبة للمسلم الذي عقد النية و العزم على أداء مناسك الحج و العمرة ، فإن الله يمهد له الطريق و ييسر له السبيل
    و قد صادف و أنا بمكة المكرمة أتحدث مع بعض الأخوة السعوديين ، فقد أكدوا لي نفس الفهم أي أن المقبل على الزواج ، و العمارة و الحج يجد التيسير و لا يصادف في طريقه أي تعسير
    نعم أيها الأخوة الأفاضل ، كانت عندي نية الحج ، و اشتاقت روحي لتلك البقاع الطاهرة لكن ظروفي المالية لم تكن بالمتيسرة كثيرا
    و في يوم من الأيام ن كنت أنا و أخ لي في الله في مهمة بأحد المراكز التجارية بمدينة الدار البيضاء ، و فور انتهاءنا من المهمة طلب مني صديقي أن ندخل إلى مكتب وكالة الأسفار ، و بدون مقدمات وجدته يسأل عن الأثمنة المقترحة و يفاجأني قائلا :
    " و الله لقد تمنيت لك هذه السنة حجة و عمرة " فأجبت على التو :
    " اللهم آمين "

    و بالفعل ففور هذه الزيارة لوكالة الأسفار ، صدع النداء في قلبي و نطقت روحي بنداء الأذان للحج فقلت :
    " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد ، و النعمة لك و الملك ، لا شريك لك "
    لكن و في نفس الوقت تساءلت :
    " أنى لي بالقيام بهذه الفريضة ، و أنا لا أتوفر على مال كاف للسفر و كذلك ما يفي بحاجيات اسرتي "

    و جاء موسم الحج ، و بدأت الإستعدادات على قدم و ساق ، فبدأت أسمع عن أصداء الأحباب و الأصدقاء الذين سيتوجهون لأداء الفريضة هذه السنة ، و بدأت شعلة الشوق تزيد شيئا فشيئا
    و مرة و أنا أتناول وجبة الغذاء مع أبناءي خاطبت زوجتي قائلا :

    " هل تسمحين لي بأداء مناسك الحج و العمرة لوحدي ؟ "
    فبدأت تحملق في وجهي لحظة قبل أن ترد على سؤالي :
    " إن كنت قد تشوقت إلى ذلك المقام ، فاذهب و لا تتوانى ، على بركة الله "
    و شاءت الأقدار أن يكون جاري في السكنى قد عقد العزم على الذهاب رفقة زوجته ، فما كان مني إلا أن اتصلت به و أخبرته بالأمر ، لكنه تعذر لي بكونه قد سلم الجوازات للحصول على التأشيرة ، و قد يكون الوقت قد فات ، لكن إصراري جعله يأخذ جواز سفري و يسلمه للمصالح المسؤولة عن التاشيرات
    و جاءت البشارة ، فبعد يومين جاءني يحمل جواز سفري و به تأشيرة الذهاب ، بل إن رقم تأشيرتي كان هو الأول قبل جواز سفره و جواز سفر زوجته
    و أتذكر بأنه تدارك الموقف قائلا :

    " لماذا لم تصطحب معك زوجتك ؟ "فأجبته متحسرا :
    " لقد فكرت في الأمر ، لكن استطاعتي المادية لا تسمح كما أن زوجتي لا يمكنها الذهاب و تترك ابنتي الصغرى التي لا يتجاوز عمرها 4 سنوات "
    فاقتنع بالأمر ، و تابع الإجراءات التي تقتضيها هذه الرحلة المباركة
    لا تتصوروا إخواني فرحتي و أنا أطلع زوجتي على جواز السفر و هو يحمل التأشيرة ، بل و بعد يوم واحد كانت بطاقة الإركاب على متن " الخطوط الجوية السعودية " جاهزة ، فقد تحدد يوم الرحلة و بالتالي علينا الإستعداد لأداء مناسك الحج و العمرة لهذه السنة.
    أعود للتيسير الذي عشته في هذه الفترة ، فقد كلمني صديق لي كنت قد ربطت معه صفقة تجارية ليخبرني بأنه سيعطينا نصيبي من الأرباح ، و الذي جاء و الحمد لله مستوفيا لما أحتاج إليه في السفر و كذلك ما يحتاجه أبناءي أثناء غيبتي
    لا أستطيع وصف مشاعر الفرحة و السرور التي غمرتني حتى الأعماق ، و أنا أزف الخبر لكافة أفراد أسرتي و أصدقاءي بل لقد اختنقت الكلمات في حنجرتي و أنا أبشر والدتي، فأخبرها بيوم السفر لتتوجه إلي، بفيض من الدعاء بالرضى و التوفيق و قد غمرتها الدموع فرحة بهذه البشارة المباركة
    و بدأ الإستعداد الحقيقي بشقيه : الشرعي و المادي ، فقد زارني أخي الحاج سعيد الذي سبق و أدى المناسك قبلي ، و قدم لي رعاه الله مجموعة من الملخصات للأدعية و الأعمال التي يجب على الحاج أن يقوم بها ، و لا أنسى وصيته المباركة و التي لن أنساها طول العمر ، قال لي :

    " عليك بالصبر ، عليك بالصبر ، عليك بالصبر "
    ثم جاء دور صهري الحاج حدو رحمه الله ، الذي أكد لي ما قاله أخي مضيفا أن أقف مليا في أداء المناسك بدون خطأ و أن لا أقلد الناس الذين لا يعيرون إهتماما للمناسك
    أما الإستعداد المادي ، أي اقتناء الحاجيات الضروررية للإقامة و أهمها : لباس الإحرام ، و النعل الذي قدمته لي أخت زوجتي هدية ، أضف إلى ذلك بعض المقتنيات الضرورية اللازمة هناك
    فقد ساعدني جاري كثيرا في هذا الجانب ، علما بأنه سبق و أدى المناسك مرتين كما أن الرفيق الذي سيكون معنا ، هو الحاج عبد الرحمان أضحى علما في أداء مناسك الحج و العمرة.
    لقد اكتملت التجهيزات و صرنا على أتم استعداد لشد الرحال إلى عرفات ، فاللهم بلغ مقاصدنا و وفقنا لما
    تحبه و ترضاه ، آميـــن.


    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
    ( لي متابعة للموضوع ،2- المرحلة الأولى : في الطائرة )

    التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن محمد الغزاوي ; 30/10/2009 الساعة 12:43 AM

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية فارس الحريري
    تاريخ التسجيل
    20/07/2009
    المشاركات
    50
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .

    [QUOTE=عز الدين بن محمد الغزاوي;474007][FONT="Simplified Arabic"][SIZE="5"][CENTER]
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    [COLOR="Navy"]و أنا أتطلع إلى متصفح الأخ الكريم الدكتور صلاح الدين محمد " حج 1430 " عادت بي الذكرى إلى حوالي 14 سنة خلت ، أي سنة 1416 حيث أديت مناسك الحج و العمرة
    و قد وفقني الله سبحانه و تعالى ، فدونت هذه الرحلة المباركة في " مذكرات حاج إلى عرفات الله "


    جعلك الله من عتقاء النار وتقبل الله طاعتك وغفر ذنبك
    اتمنى من الله ان يقبلك عنده بحج مبرور وسعي مشكور ..
    دمت وسلمت يا حاج عز الدين


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .

    بورك بكم أخي الكريم عز الدين بن محمد الغزاوي
    يرزقك الله الحج والعمرة مرات ومرات أخرى بإذن الله
    همسة صغيرة : أرجو الإستعجال في تنزيل بقية الموضوع وشكرا


  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية سمير النعيمي
    تاريخ التسجيل
    14/09/2009
    المشاركات
    305
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . الحاج عز الدين محمداهنئك من كل قلبي لانك زرت البيت العتيق وقبر الرسول صلوات الله عليه مع التسليم ..الحاج عز الدين لقد هيجت المشاعر ونزلت دموعي ودموع زوجتي مدرارا حيث كنت وزوجتي قد عقدنا النية والعزم على حج البيت قبل خمسة سنوات وكان المبلغ زهيدا لا يتجاوز ال 400 دور للحاج ودخلت اسمائنا للقرعة وكانت النتيجة بفعل المحاصصه الطا ئفية عدم ظهور اسمائنا لاربع سنوات متتاليه ومع اني لي اقرباء تعمل في الاوقاف ولكني يشهد الله اني قد اوصيتها ان لا تدخل اسمي بدون استحقاق ولا اريد ان اغمط حق غيري حتى لا احج وانا مجروح الضمير وهي ايضا حاجة وشكرتني على هذة التوصيه ولكن الان اخي العزيز فقدنا الامل واصبح الحج بالنسبة لنا بعيد المنال لان المبلغ اصبح مبالغ فيه حيث يبلغ ال 5000 دولار للحاج كما مدت القرعة العجيبة الغريبة الى السنوات القادمة حيث اصبحت قرعة الحج تعتمد على المحاصصه الطائفية كما اسلفنا واصبح نصيب اهل السنه قليل جدا لا يمثل اعدادهم ومنهم من يظهر اسمه على سنة 2012 او 2014 وهكذا ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فأ أليه اوجه المشتكى لا الى غيره واليه الامر من قبل ومن بعد و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


  5. #5
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : " مذكرات حاج إلى عرفات الله " للفقير إلى الله / عز الدين بن محمد الغزاوي.

    2- المرحلة الأولى : على متن الطائرة.

    * من العادات الحسنة و التي هي من الإسلام و السنة ، الصدقات في المناسبات الحزينة و السارة منها
    و لعل ما دأب عليه المغاربة من كرم في الإطعام خلال هذه الصدقات ، أمر تداوله العديد من الملاحظين
    عقدت العزم أن أقيم صدقة في منزلي ، حيث يحضر المقربين من العائلة و بعض الأصدقاء و تكون مناسبة كي أودعهم قبل أخذ الطائرة ، التي كانت ستقلع من مطار محمد الخامس في مساء يوم الأحد 3 ذو الحجة من سنة 1416 من الهجرة .
    انتهت المأدبة في ساعة متأخرة من ليلة السبت 2 ذو الحجة ، و قبل أن يغادرنا أخي الذي تعهد بإيصالي إلى المطار في ساعة مبكرة ، طلب مني أن أخلد إلى النوم والراحة ، فالذي ينتظرني يحتاج للمزيد من القوة.
    خلدت إلى النوم ، بعدما أنهيت رفقة زوجتي الترتيبات الأخيرة للحقيبة التي سآخذ معي ، لكن أنى لي بالنوم
    و قد أحرقت الأشواق أكبادي كي أصل إلى تلك البقاع الطاهرة.
    و ما هي إلا سويعات ، سمعت جرس الباب إنه أخي الذي وكعادته في الوقت المناسب
    قمت بسرعة و توضأت و اغتسلت ، لألتحف لباس الإحرام ذلك أننا سندخل مكة المكرمة ونحن محرمين
    كانت زوجتي و أبناءي في انتظاري أسفل درج المنزل كي يودعونني ، ذلك أنني طلبت منهم عدم مرافقتي إلى المطار رفقا بهم و تجنبا للإزدحام و الإكتظاظ الذي يسببه المرافقون أكثر من المسافرون.
    انطلقت سيارة أخي تحملني ، أنا و جاري و زوجته اللذان كانا قد جهزا أنفسهما للسفر ، فتلونا دعاء
    السفر حتى يتيسر لنا منه ما استعسر
    كانت الإنطلاقة من "مطار محمد الخامس الدولي" و ليس من مطار الحجاج ، و رغم ذلك كان المطار مكتظا بالركاب و المرافقين
    و بعد إجراءات تسجيل الحقائب و إجراءات طبع الجوازات ، دخلنا بهو الإنتظار في إنتظار الاركاب ، و هنا ودعت أخي الذي ما فتئ يكرر لي : لا تغضب ، لا تغضب ، لا تغضب !
    * وقفت المضيفات بباب الطائرة، لاستقبال الحجاج بالبشاشة المعهودة و إيصالهم كل إلى مقعده المرقم
    كان مقعدي يحمل رقم 51 في الوسط ، حيث كنت الطائرة من الحجم الكبير تحتوي على ثلاثة صفوف
    بدأت الرحلة بكلمات الترحيب التي قدمها قائد الطائرة ، متمنيا للحجاج سفرا ميمونا على متن طائرة الخطوط السعودية
    ثم بدأت بعض المضيفات في تقديم الشروح و التفاصيل المعتادة والتي تشرح استعمال وسائل الإغاثة في حالة وقوع عطب لا قدر الله
    بعد ربط الأحزمة ، بدأت الطائرة في التحرك ورفعت عجلاتها من أرض المدرج ، فهتف الجميع الله أكبر بسم الله مجراها و مرساها
    انطلقت الطائرة ، وهي تحمل وفدا من الحجاج المغاربة قاصدين الديار المقدسة ، و تاركين وراءهم الأهل و الأصحاب إلى بلد الهدى و منزل الوحي ففاضت أعيننا فرحا بما تفضل الله به علينا من كرم فهيأ لنا الأسباب
    كي نسعى إلى حرمه لنطوف و نلبي
    وفي هذه اللحظة بالذات ، وجدتني أبكي و قد اختنقت العبارات في حنجرتي فلم أستطع الكلام ، مما أدهش
    شابا كان بجواري فسألني مستفسرا : [COLOR="DarkOrchid"]
    " ماذا ألم بك ؟ هل تشعر بألم فأستدعي المضيفة ؟
    حاولت أن أرد عليه ، لكن دون جدوى
    و لما هدأ روعي ، و اطمأنت مهجتي قلت له :
    " لا تخف ، إنها فقط أشواق الحب و الجوى للوصول إلى
    تلك البقاع التي تهز مشاعر المسلمين ، و إنها محبة الرسول سيدنا محمد التي أحرقت أكبادي، فاطمئن "

    *نعم إخوتي ، مشاعر تفوق الوصف ، و عواطف تعدت الحدود هي تلك التي اعترتني و أنا لا زلت على متن
    الطائرة التي ستقلنا إلى رحاب البقاع المقدسة
    ما إن أخذت الطائرة طريقها في الإتجاه الذي يقودها إلى المملكة العربية السعودية ، حتى عاد القائد يخبر الحجاج بفك أحزمتهم و بحرية التنقل بل هناك من اجتهد فقام لأداء الصلاة جماعة ، ولو أن هذا الأمر لم يرق للقائد الذي أهاب بالمصلين أن يكتفوا بالصلاة في أماكنهم ، فالمسافر على متن الطائرة ، له رخصة الصلاة في مكانه ، و هذا يسر في الدين و الحمد لله.
    [/COLOR
    - بداية اللا منتظر :
    عندما أخذنا الطائرة كنا نظن بأن الوجهة هي المملكة العربية السعودية ، لكن المفاجأة كانت غير ذلك فقد
    أخذت الطائرة وجهة أخرى مدينة داكار بالسينغال ، و رغم أن هذا الأمر كان طبيعيا بالنسبة لطاقم الطائرة،
    لكن الحجاج لم يستسيغوا الأمر وكانت مفاجأة لنا جميعا وبدأ اللا منتظر
    وقلت في نفسي ، لماذا هذا المسار في الاتجاه المعاكس :فعوض أن تبدأ الطائرة رحلتها من داكار بالسينغال
    فمدينة الدار البيضاء بالمغرب ، لتأخد طريقها إلى جدة بالعربية السعودية هاهي طائرتنا تمشي في الاتجاه المعاكس أي الدار البيضاء بالمغرب فداكار بالسينغال ثم جدة بالعربية السعودية حيث بداية مناسك الحج ، ثم
    عدت لأقول مطمئنا نفسي ومرددا قول ربنا :" و عسى أن تكرهوا شيئا ، و هو خير لكم " صدق الله العظيم.
    استمرت الرحلة زهاء أربع ساعات ، أي من الساعة الثامنة صباحا بتوقيت الدار البيضاء إلى الساعة الثانية عشرة بتوقيت داكار و هو نفس التوقيت العالمي ، و بعد توقف دام ساعة و نصف حيث تم نقل الحجاج السينغاليون ،أقلعت الطائرة لتكون وجهتها هذه المرة مطار جدة الدولي بالمملكة العربية السعودية.
    دامت الرحلة من داكار إلى جدة حوالي سبع ساعات قضيناها في حالة من الضيق و العناء لسببين ، أولا
    طول الرحلة و ثانيا لسوء تنظيم و توزيع وجبات الأكل داخل الطائرة ، فطوال الرحلة لم نل إلا المشروبات و الماء ، في حين أن وجبات الأكل كانت غير كافية.
    وخلال فترة العناء و التعب ، لم نجد ملجأ إلا لقراءة القرآن و الذكر في حين استغرق بعض الحجاج في قتل
    الوقت بالحديث أو النوم ولو أنهم كانوا خاوي البطون
    وما إن وصلنا إلى الميقات ،حتى أمرنا القائد بالإستعداد قائلا :
    " أيها الحجاج لقد دخلنا إلى الميقات ، فأفصحوا عن نيتكم بأداء مناسك الحج ، و تخلصوا من كل مخيط أو محيط و ابدؤوا التلبية "
    وما إن أتم كلامه الذي كان بمثابة البشرى لمجموع الحجاج حتى تعالت أصواتهم :

    " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد و النعمة لك و الملك ، لا شريك لك "

    و اختلطت التلبية بدموع الحجاج وخشوعهم ، و قد اشتاقت أرواحهم لمعانقة البقاع المقدسة هناك بالحرم
    المكي ، و ها هي المسافة قد تقلصت و" باتوا قاب قوسين أو أدنى " من أن تطأ أقدامهم أطهر بقعة شرفها
    الله ، فطوبى لهم بهذا السبق و الظفر برضى المعبود جل علاه.
    حطت الطائرة في حفظ الله بمطار الحجاج الدولي بمدينة جدة ، و بدأ الاستعداد لمغادرة الطائرة وقذ كانت فرحتي و فرحتهم تفوق كل ما يتصوره المرء بل إنه عيد و أي غيد و قد حقق الله في الرجاء و سمع النداء
    نداء الحج إلى بقاعه المقدسة ، فالحمد لله الذي أتم لنا الوصول و أكمل لنا الرجاء ، إنه سميع مجيب لكل
    من دعاه.

    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
    * لي متابعة في المرحلة الثانية : في رحاب الله ، انتظروني ...

    التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن محمد الغزاوي ; 31/10/2009 الساعة 08:42 PM

  6. #6
    طبيب / أديب الصورة الرمزية د- صلاح الدين محمد ابوالرب
    تاريخ التسجيل
    13/10/2006
    العمر
    69
    المشاركات
    4,923
    معدل تقييم المستوى
    22

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .



    الفاضل الحاج عز الدين بن محمد الغزاوي
    انها لحظات رائعة تلك التي تسبق اللقاء الكبير واثناءه
    انها قمة الخشوع
    قمة الشوق
    قمة الايمان
    هذه اللحظات التي يتمناها الجميع
    ادعو الله خالصا ان يتقبل منك طاعاتك وان تكون شفيعة لك
    وان تعيدها مرارا ومرارا
    لنا لقاء على صفحات حج 1430 ان شاء الله

    الدكتور صلاح الدين محمد ابوالرب
    طبيب-كاتب وباحث
    drosalah@hotmail.com

  7. #7
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : " مذكرات حاج إلى عرفات الله "
    للفقير إلى الله عز الدين بن محمد الغزاوي
    خلال موسم الحج لسنة 1416 هجرية

    * الفصل الثاني : في رحاب الله .
    1- بداية الرحلة /
    " يا راحلين إلى منى بانقياد = هيجتم يوم الرحيل فؤادي "
    إنها فعلا ترنيمات و دندنات روحية تشع نورا و قدسية ، و تحت الخطى للتملي بانوار الحرم المكي و الأماكن المقدسة التي تحيط بالمكان
    كل هذه المشاعر كانت تملأ روحي و تعطر قلبي ن و أنا أغادر الطائرة كباقي الحجاج ن في اتجاه الحافلة التي ستنقلنا إلى بهو الغنتظار بمطار جدة الدولي الخاص بالحجاج
    و في البهو كانت تنتظرنا طاقات بشرية ، جندتها وزارة الحج بالمملكة العربية السعودية كي تفي بمتطلبات الاجراءات الأمنية و الإدارية و الجمركية
    كانت الساعة تشير إلى الساعة الثانية عشرة ليلا بتوقيت جدة الصيفي ن عندما دخلنا إلى بهو الإنتظار و قد أصبحنا حجاج المغرب و حجاج السينغال
    و قد استقبلنا في باب البهو بمجموعة من الخوة السعوديون الذين قدموا لنا كتبا دينية لإرشاد الحجاج لأداء مناسكهم بسهولة و بدون خطأ
    و رغم أن البهو لم يكن ملائما لاستقبال الحجاج ، ليس فقط من حيث قدرته الاسيعابية بل و حتى من التجهيز
    فليس هناك و لا مقعد واحد للاستراحة ، ناهيك أنه مخصص لكل الحجاج و من كل الجنسيات
    انتظرنا كثيرا ، و طال الانتظار و مما زاد في الطين بلة هو عامل الجوع الذي أضر بالحجاج نساءهم و رجالهم ضغيرهم و كبيرهم ، لكن ما العمل و قد أغلقوا جميع المنافذ إلا منفذ واحد يؤدي إلى الاجراءات الإدارية التي لا زالت تنتظرنا
    و لا أنسى موقف التآزر و التكافل الذي عم الحجاج و هم يتقاسمون بينهم ما توفر إليهم من طعام و شراب
    فالكل في خندق واحد ، و كما يقال " المصيبة إذا عمت ، هانت "
    و في هذه المرحلة ، بدأت المتاعب ،
    أتعلمون بأن تأشيرتي كانت بدون رقم ؟
    و لما أخبرت رفاقي تفاجأوا
    و لم يستطيعوا لي أي شيء ، علما بأن المراقبة جد دقيقة
    فكرت مليا ن و خوفا من مفاجأة غير سارة كأن يرفضوا لي التأشيرة ، أخذت جوازي السفر لجاري و زوجته
    و اطلعت على الأرقام الموجودة فيهما ثم أخذت قلم حبر جاف من نفس اللون و وضعت رقما متسلسلا يتبع الأرقام التي على الجوازين
    كنت أقوم بهذا العمل و باقي الأخوان المرافقين لي يتتبعون العملية بدقة و استغراب ، و عندما أتممت العمل
    شرعت في ملأ بطاقات المعلومات التي سلمت إلينا كي نملأها ، و قد ساعدت الكثير من الحجاج الذين لا يكتبون في هذه العملية ، و كأنني أكفر عن العمل الذي قمت به بإضافة أرقام التأشيرة
    و أخيرا جاء دورنا كي نتقدم لإتمام الإجراءات ، و أمرنا المسؤول بالإصطفاف الواحد تلو الآخر ، الرجال في جهة و النساء في الجهة الأخرى ، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان حيث قام بعض الحجاج الذين فقدوا أعصابهم بالازدحام بشكل غير منظم و قد تعالت صيحاتهم مما جعل المسؤول بمعاقبتنا و أغلق المعبر مؤكدا
    بانه سيعاقبنا و سنكون آخر من سيمر لاتمام الإجراءات
    زاد انتظارنا و زادت متاعبنا ، فأسلمنا أمرنا إلى الله و انتظرنا ساعة اليسر فقد وضع الله بعد عسر، يسرين
    و أخيرا فرجت و أتممنا الإجراءات ، و لم أتنفس الصعداء إلا عندما تابعت المراقب للتأشيرات و هو يضع الختم على التأشيرة في جواز سفري
    أتممنا باقي الإجراءات الجمركية ، لنجد أنفسنا خارج البهو و نحن نطل على ساحة كبيرة جهزت بكل ما يحتاج إليه الحجاج من ظروف الراحة قبل مغادرتهم المطار
    فور خروجنا من البهو نحمل أمتعتنا ، توجهنا إلى جناح البعثة المغربية حيث وضعنا أمتعتنا و خلدنا لنأخذ قسطا من الراحة و لو على الكراسي ، و قد أخذ منا التعب مأخذه
    و هنا بدأت إشارات الخير و دلالات القبول من الله سبحانه و تعالى تلوح في الافاق ، و هي تنادي و تقول:
    " أقبلوا على الله بكل صدق و افتقار ، يقبل عليكم بالفضل و الإكرام "
    فما إن غادرنا البعثة المغربية ، حتى نودي لصلاة الفجر و أذن المؤذن : حيا على الصلاة ، حيا على الفلاح"
    و ما إن أكمل المؤذن قائلا : الله أكبر ، الله أكبر ، حتى امتلأت عيناي بالدموع ، دموع الفرح شكرا إلى الله على ما غطانا به من كرم و إنعام ، و كأن دموعي تقول : لبيك اللهم لبيك ، فكانت أول صلاة نؤديها بالبقاع المقدسة و هي في الحقيقة صلة لنا بربنا جل علاه ، و نحن نطأ هذه الأرض المباركة التي شرفها الله على كل البقاع.
    * ميزان المحبة /
    من اشراقات منزلة أداء المناسك تقربا إلى الله ، الميزان الذي يمتحن الله به قلب العبد المؤمن بين محبته هو جل و علا ن و نبيه سيدنا محمد صلى اله عليه و سلم ، و محبة باقي الأغيار
    فعندما يشد الحاج رحاله إلى عرفات الله، فإن محبة المال و الأولاد تنقص شيئا فشيئا حتى تكاد تنعدم ، في حين يمتلأ قلب العبد المؤمن بمحبة الله و رسوله الكريم ، و تختفي محبة الأغيار
    للإشارة فالمراد هنا ليس المقارنة أو المفاضلة بين محبة الله و الرسول و محبة باقي الأغيار ، بل فقط لإبراز الشعور الفياض الذي يشعر به الحاج و هو بالبقاع المقدسة
    أذك أنه و أنا أودع زوجتي و أبناءي متوجها إلى الديار المقدسة ، فقد شعرت و كأن الله ملأ قلبي بمحبته و محبة رسوله و محى منه كل الأغيار بما في ذلك زوجتي و أبناءي ، و إن ندا ء التلبية هذا هو الدليل على ذلك
    و قد انتابني هذا الشعور و الذوق فيما يتعلق بميزان محبة الله و الرسول ، و أنا أعيش حالة الحاج الذي
    هجر الأهل و الوطن ، و أقول مضيفا إن هذا الشعور لا يوصف بل يجب على المسلم أن يعيشة لحظة لحظة و يقوم به خطوة خطوة ، و لن نستطيع تقريب هذه المحبة و لو سخرنا كل الوسائل المستعملة
    إن التوقيت الميقات اللذان يميزان موسم الحج عن باقي مواسم العمرة و الزيارة ، لهما الجوهر و الحكمة من أداء المناسك في الوقت الذي حدده الشرع وفق القرآن و السنة ، و من هذا المنطلق اقول :
    " إن الحكمة من أداء هذا الركن و في وقت معين من السنة ، يبين لنا حرمة الشهور و حرمة المقامات عند الله سبحانه و تعالى "
    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي ، الذي يتمنى للجميع التوفيق في أداء مناسك الحج
    لي عودة إلى الموضوع / الفصل الثالث : يوميات حاج إلى عرفات الله

    التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن محمد الغزاوي ; 04/11/2009 الساعة 11:25 PM

  8. #8
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " / الغزاوي(تابع) .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : " مذكرات حاج إلى عرفات الله "
    للفقير إلى الله عز الدين بن محمد الغزاوي
    خلال موسم الحج لسنة 1416 هجرية

    * الفصل الثالث : " يوميات حاج إلى عرفات الله "
    - اليوم الأول 4 ذو الحجة 1416 / استراحة في مطار جدة للحجاج.
    - بعد أداء صلاة الفجر ، ثم صلاة الصبح جماعة ببهو المطار كان حري بنا أن نغيث بطوننا ببعض الطعام ، فقد أخذ منا الجوع مأخذه
    - قصدنا مقهى متواجد بنفس المكان ، و تناولنا وجبة فطور مختلطة المكونات لكنها أطفأت لهيب الجوع الذي دام زهاء 12 ساعة
    - بعد ذلك كان لزاما علينا أن نأخذ قسطا من الراحة استعدادا لما ينتظرنا من مشقة لإتمام الرحلة إلى مكة المكرمة
    - طالت استراحتنا بالمطار ، و أخذ الحجاج نصيبهم الوافر من الراحة و الأكل وقد شد انتباهي كونهم لم يبحثوا عن المكان الأفضل ، بل كان همهم هو الراحة و كفى
    - استفقنا قبيل صلاة الظهر ، و بعد توضأ مجموع الحجاج أدينا الصلاة جماعة و في بهو المطار الذي جهز ليصبح مسجدا في العراء ، لكن تظلله مظلة كبيرة الحجم
    - بدأنا بإجراءات أداء مصاريف التنقل ، مقابل تذاكر سنستعملها في الوقت المناسب و قد كانت قيمتها حوالي 800 ريال سعودي ، أديناها من العملة السعودية التي صرفناها بالمغرب
    - كان علينا أن نجد الحافلة التي ستقلنا من المطار إلى مدينة مكة المكرمة ، و من أجل هذا الغرض علينا أن نكمل النصاب أي عدد المقاعد التي تسعنا في حافلة واحدة أي 46 راكب
    - و قد صادف اختيارنا مجموعة من الحجاج الذين قدموا معنا على نفس الطائرة ، فكنا نكون أربعة مجموعات
    1- مجموعتنا و التي تتألف من ستة أفراد ، حرمتين و أربعة رجال
    2- مجموعة أخرى من الحجاج المغاربة القادمون من مراكش
    3- مجموعة ثالثة سياحة
    4 مجموعة من الحجاج السودانيون عددهم عشرة
    - قبل أن تغادر الحافلة مطار جدة ، كان لنا أول اتصال بالمغرب ، و من هاتف المطار كلمت زوجتي التي كانت على أحر من الجمر لمعرفة كيف وصلنا و ما هي أحوالنا ، طمأنتها و رجوتها أن تسهر على رعاية الأبناء فكان ردها ،لا تنسانا من الدعاء
    - أخذنا أماكننا في الحافلة التي كان يسوقها مصري يساعده شاب أسمر بشوش المحيا يمثل وكالة النقل المخصص للحجاج ، و هكذا أخد الوفد طريقه إلى بلد الهدى و منبع الوحي ، بلد الطهر و الإيمان ، بلد الحجر الأسود أو الأسعد و مقام سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام ، بلد زمزم و المقام ، إنه "الحرم المكي" ، و بدأنا بترديد نشيد الحج إنه التلبية التي بدأناها و نحن على متن الطائرة :
    " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد و النعمة و الملك لك ، لا شريك لك "
    قبلة المسلمين كافة حيث يتوجهون نحوها كل يوم خمس مرات لأداء الصلوات الخمس
    - انطلقت الحافلة تقطع طريقها إلى مكة ، و لم تكن إلا واحدة من آلاف الحافلات التي كانت تملأ الطريق الواسع الأرجاء و الذي يدخل في التهيئة الفخمة التي قامت بها السلطات الرسمية في المملكة العربية السعودية
    - و نحن في طريقنا ، وصلنا إلى منطقة وضعت عليها لافتات تمنع مرور غير المسلمين ، ثم مررنا باول مركز لمراقبة تنقل الحجاج ، حيث توقف السائق و قام الشاب المرافق له بختم الجوازات التي كانت في حوزته يضعها في كيس كبير من الثوب
    - و في انتظار الإجراءات الادارية ، جاءنا كرم الوفادة فقد قام أحد المسؤولين المتواجدين في هذا الموقع بتوزيع قنينات ماء زمزم على كل الحجاج المتواجدون في الحافلة ، فكانت أول لفتة ربانية من المولى عز و جل ن فشربنا حتى ارتوينا و نحن نقرا الدعاء:
    "طعام طعم ، و شفاء سقم "
    و نيتنا أن ماء زمزم لما شرب له ، نسال الله أن يجعله كذلك
    - أدينا صلاة العصر بالمسجد المتواجد في المركز ، بعدما توضأ الحجاج و أخذوا قسطا من الراحة بالوضوء و الصلاة
    - انطلقت الحافلة مرة أخرى متوجهة إلى رحاب مكة المكرمة ، و قد أدهشتنا التوسعات الهامة التي عرفتها البنية الطرقية ، كما أن تسخير العديد من رجال الأمن و المساعدون لتسهيل مرور الحجاج كان علاماته تظهر في الأعالي و هم يرددون :
    " خدمة الحجاج ، شرف لنا "
    - و مع اقترابنا من مداخل مكة ، بدأت حرة سير الحافلات تكثر شيئا فشيئا و هي توحي بالاكتظاظ ، لكن تواجد رجال الأمن الذين ينظمون حركة السير كانت لهم الأيادي البيضاء في الحيلولة دون توقف الحافلات الشيء الذي سيترتب عليه تعطلنا في الدخول إلى مكة و الوصول إلى الحرم المكي
    - و بعض صعوبات لا بأس بها ، دخلنا مدينة مكة المكرمة و توجه السائق إلى مكان تواجد وكالة النقل و كان يرشده في ذلك الشاب الأسمر ن و في هذه اللحظة أحسسنا بمسؤولية هذا السائق الذي هو بالفعل مسؤول عن 46 حاج و حاجة مع جوازات سفرهم التي هي في حوزة مرافقه
    - بعد اتمام الاجراءات لدى الوكالة و التي تتلخص فيما يلي :
    + ظبط هوية كل حاج و حاجة
    + وضع علامة في معصم كل واحد و هو يحمل العبارة التالية :
    " المؤسسة الهليةالتجريبية لمطوفي حجاج الدول العربية / مجموعة الخدمة الميدانية رقم 4 مغرب / سياحة داخلية / مكتب مكة المكرمة جرول التيسير
    ت : 5444576 ، فاكس : 5444246 عرفات : شارع 6 ، منى ن الشارع الجديد "

    + بطاقة التعريف لكل حاج تحمل صورته الفوتوغرافية ، لحج 1416 و هي تحمل نفس المعلومات التي
    توجد على المعصم
    + كما أنها كانت تحمل العبارة التالية : هذه البطاقة تعبر عن واقع جواز الحاج المحتفظ به لدى مكتب المندوب ، أما في الوجه الخلفي فقد كانت بطاقتي تحمل المعلومات التالية :
    رقم البيان : 2084 تاريخ الاصدار 1416/12/3 هجرية
    اسم الحاج : عز الدين الغزاوي
    رقم الجواز : 050230H
    مصدره : الدار البيضاء
    الجنسية : مغربي
    رقم المحضر : 3484
    ميناء الوصول : 1
    و في أسفل البطاقة طابع المؤسسة و إمضاء رئيس المجموعة

    - أتم الحجاج هذه الإجراءات بدقة متناهية لأهميتها ، ذلك أنها تقلل من نسبة ضياع الحاج بين هذا الجمع الغفير من الحجاج الذين أتوا من كل أقطار العالم
    - تابع السائق سيره بين شوارع و أزقة مكة المكرمة ، حيث أوصل مجموعة من الركاب إلى فندق كانوا قد حجزوا فيه ، من النوع المتوسط لكنه بعيد عن الحرم المكي ، أما الحجاج السودانيون فقد تكلفت الوكالة بإيوائهم ، أما مجموعتنا و مجموعة الحجاج المراكشيون فقد اتفقنا مع السائق على أن يتركنا في اقرب نقطة من الحرم المكي ، حتى يتسنى لنا البحث عن السكن الملائم
    * أقف عند هذه النقطة المهمة و الحساسة في نفس الوقت ، فمنذ أن انطلقنا من الدار البيضاء بالمغرب كنا قد عقدنا العزم على القيام بأداء مناسك الحج و العمرة
    " أحرار ، أحرار ، أحرار " ثلاث مرات.
    * أحرار : أي ليس عن طريق سلطات المقاطعة للسلطات الرسمية المغربية
    * أحرار : أي بدون مطوف
    * أحرار : بدون سكن

    - و فور وصولنا إلى رحاب الحرم المكي المبارك ، لاحت إلينا أنواره الساطعة و تهللت مشاعرنا بهجة و فرحة فقد وافانا الله بما طلبنا و ها نحن في رحاب الحرم الذي يتشوق إليه المسلمون في كل لحظة و حين
    - نعم إخواني ، لا يمكنني وصف مشاعري التي فاضت دموعا و هتافا بالتلبية جهرا و نحن نتملي بانوار الحرم المكي ، و بنفس المشاعر القدسية وجدتني أشكر الله و أزيد في الشكر ، لقد حقق الله ما نويته و أنا
    قد عقدت العزم على أداء المناسك ، فالحمد لله و الشكر لله.
    - و أخيرا وقفت الحافلة لتنزل آخر الحجاج الذين كانوا على متنها و نحن منهم ، و بعد إنزال حقائبنا و متاعنا ، كان علينا أن نقف لحظة و نفكر :
    ماذا علينا أن نفعل من أجل البحث على السكن ، و تهييء إقامة ؟
    تفي بالأغراض المطلوبة و نحن في أوج موسم الحج ، فقد امتلأت مكة عن بكرة أبيها بالحجاج من كل بقاع
    العالم الإسلامي

    أخذت نفسا طويلا و أنا واقف أمام متاعنا محرما و قد أشرف الوقت على صلاة العشاء
    ثم قلت مناجيا ربي :

    + ربي أيبقى بدون سكن، من لجأ إلى حماك ؟
    + أيصاب بالضيم، من أنت عدته و رجاه ؟
    + أيخاف، من ملأ قلبه بذكرك و محبة نبيك صلى الله عليه و سلم ؟
    + كلا و حشى ، و إني توكلت على الحي الذي لا يموت ، و على الذي يجيب المضطر إذا دعاه ، فاللهم إنا مضطرون فأستجب لدعوتعنا فآونا و يسر إقامتنا بحرمك كي نؤدس مناسك العمرة و الحج في احسن الظروف ، آمــيــــن .

    * صادق مودتي / الفقير إلى الله عز الدين الغزاوي
    لي عودة للموضوع ، الفصل الثالث : يوميات حاج إلى عرفات الله ( الجزء الثاني )

    التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن محمد الغزاوي ; 04/11/2009 الساعة 11:28 PM

  9. #9
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي ( تــابــع) .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : " مذكرات حاج إلى عرفات الله "
    للفقير إلى الله عز الدين بن محمد الغزاوي
    خلال موسم الحج سنة 1416 هجرية

    * الفصل الثالث : يوميات حاج إلى عرفات الله
    2/ البحث عن مسكن ، لإقامتنا بمكة المكرمة

    -و نحن واقفون في شارع " إبراهيم الخليل "، حيث وضعنا أمتعتنا في زاوية من الشارع كانت بالنسبة لنا ملجأ موقت حتى ندبر أمورنا ، بتنا قاب قوسين أو أدنى من الحرم المكي
    -تكلف شخصين منا للبحث عن السكن ، أحدهما خبير في الأمر و له تجربة ميدانية ، و بعد غيبة طويلة عادا "بخفي حنين" مِؤكدين بأنه من الصعب جدا إيجاد سكنا و لو مؤقتا ، في هذه الفترة
    -جاء دوري أنا و المرافق الرابع ، و توكلت على الله لنجرب حظنا في إيجاد السكن و أخذنا وجهة أخرى غير التي أخذها صديقينا في الأول
    -و نحن نبحث في كل الزقاق و الدروب ، كل سعينا و لم نجد سكنا يوافقنا مما جعلنا نيأس بعض الشيء في هذه المهمة الشاقة
    -عدنا أدراجنا بخفي حنين كباقي الأصدقاء ، و قد أضنانا التعب لطول المتاعب و عدم ظفرنا بالمسكن المناسب ، لكن و نحن عائدين أدراجنا سمعنا من ينادي علينا من الخلف :
    " أيها الحاجين ، السلام عليكما "
    التفتنا لنجد شابا يفوق سنه الثلاثون ، عليه سمة المؤمنين ، فأجبنا على الفور:
    " و عليك السلام و رحمته تعالى و بركاته "
    استطرد الشاب في أسئلته ، و كأنه يعرفنا مسبقا :
    " هل أنتما مغربيان ؟ هل تبحثان عن مسكن ؟ "
    وقفنا لبرهة نتأمل في أسئلته التي توحي بمعرفة سابقة ، و قد عرتنا الدهشة لكنني تداركت الموقف و قلت:
    " أجل ، نحن من المغرب و يرافقنا حرمتين و رجلان ، و قد أتعبنا البحث عن السكن ، فهل عندك سكن تقترحه علينا ؟"
    أجاب على التو مؤكدا :
    " نعم لدي سكن متواضع ، يتسع لستة أشخاص و بثمن مناسب جدا "
    -لم نصدق ما نسمع ، و التفت لمرافقي و قد غمرتني فرحة عارمة و أنا أبشره بهذا العطاء الربانب و هذا الفرج الذي جاء في ساعة العسر
    -أخذنا هذا الصديق الجديد ، التونسي الجنسية إلى السكن لنجد فيه كل المتطلبات الضرورية و أهما المكيف
    علما بأننا كنا في موسم ترتفع فيه الحرارة إلى ما فوق 45 درجة ، فما كان مني إلا أن أكدت له موافقتنا بدون أن نناقش ثمن الكراء
    -تركت رفيقي بالمسكن و عدت أدراجي لكي أزف البشرى لباقي الرفاق و أحمل معهم الأمتعة إلى السكن الذي ظفرنا به و بطريقة عجيبة و في وقت اكتظت العمارات بالحجاج القاطنين في فترة بداية المناسك


    3/ رب أخ، لم تلده لك أمك !
    -نعم إخواني ، إنني و قد تعرفت على هذا الأخ التونسي الخدوم وجدتني أتعامل مع أخ لم تلده لي أمي ، فهو الأخ الحريص على راحتنا قبل راحته و هو المرشد إلى أماكن التسوق بالأثمنة المناسبة و هو المؤمن الصادق بأقواله و أفعاله
    -لقد ارتحت لرفقته كما هو شأن باقي أفراد الجماعة الذين أرافقهم ، و عن طريقه تعرفنا على صاحب المسكن و هو سعودي يعمل في التعليم لكنه يحترف خلال موسم الحج هو و إخوته كراء المساكن للحجاج
    -لن أفي بتعداد خصال كل من هاذين الأخوين مهما كتبت ، و خلاصة القول لقد تحولت متاعبنا إلى راحة و همومنا إلى أفراح ، و أتذكر قولة قالها مرافقنا الشيخ الوقور الحاج عبد الرحمان ، لقد قال لنا :
    " إن هذا لهو التضخيم في الكرم الرباني ، فشكرا لله على أفضاله و إنعامه "
    -أخذنا نصيبنا من الراحة ، و تناولنا بعض الطعام الذي اقتنيناه بمعرفة الأخ التونسي ، ثم بدأنا الإستعداد لأداء مناسك العمرة بالحرم المكي المبارك
    -و قد أخبرنا الأخ التونسي بأنه يمكننا استعمال طريق فيه منعرجات لكنه قريب و مختصر ، و منه سنأتي إلى الحرم المكي من الأعلى
    -لا أخفيكم بأننا فرحنا كثيرا و بتنا نترقب لحظة الوصول و الإطلالة على الحرم المكي ، بل لقد اتقدت مشاعرنا الجياشة و اضطرمت شعلة محبة الله و الرسول في قلوبنا ، و ملأ أذان سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام آذاننا ، أن هلموا إلى مقامي العالي بالله و معالم الحرم المكي بحجره الأسود الأسعد
    -طوبى لنا بهذا العطاء و المقام ، و جعل الله مقامنا بمكة المكرمة بكرم من الله و فضله و رضاه ، فاللهم أكمل لنا هذه الجائزة بإتمام المناسك في أحسن الظروف ، و وفق ما تركه فينا رسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم.

    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
    لي عودة لإتمام باقي مراحل هذه الحجة ، انتظروني جزاكم الله خيرا.

    التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن محمد الغزاوي ; 06/11/2009 الساعة 12:49 AM

  10. #10
    باحث لغوي وكاتب
    عضو القيادة الجماعية
    الصورة الرمزية ابراهيم ابويه
    تاريخ التسجيل
    12/12/2007
    العمر
    62
    المشاركات
    2,736
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .

    الحاج عزالدين،أطال الله في عمرك.
    تتبعت بشغف كبير مذكراتك الجميلة حول الحج ،فقذ كنت ناقلا فذا وبليغا في ايصال كل التفاصيل التي زادت الرحلة تشويقا وإثارة.
    لقد جعلتنا نتشوق معك الى ذلك المقام ايها الصديق العزيز.
    تحيتي.


  11. #11
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بوركت أخي إبراهيم و أنت تنور متصفحي
    أدعو الله أن يحقق لك هذا الطلب ، فتظفر أنت و زوجتك بحجة مقبولة إن شاء الله
    صادق مودتي / عز الدين الغزاوي


  12. #12
    أستاذ / عضو بارز الصورة الرمزية هري عبدالرحيم
    تاريخ التسجيل
    16/11/2006
    المشاركات
    2,079
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .

    الأخ والصديق العزيز الحاج عز الدين
    تتبعتُ مذكراتك التي بدأتها هنا، هسي جزء من سيرة ذاتية أتمنى أن تتممها لإمتاعنا أولا، وتسجيل تأريخ لرحلة موصى بها، بحيث لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث منها بيت الله الحرام.
    وفقك الله وننتظر المزيد.

    عيد بأية حال عدت يا عيد§§§
    بما مضى أم بأمر فيك تجديد



    لكل حادث غد، وغدي بعثرات على الرمال.

  13. #13
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صديقي المبجل بل أخي العزيز ، عبد الرحيم هري
    تشرفت بمرورك بمتصفحي ، و سررت كثيرا بكلماتك النابعة من أعماق القلب

    بارك الله فيك ، و زاد من عطاءه في قضاء حوائج الناس
    " فقد جاء في السنة المحمدية ، أنه يوم القيامة هناك أناس يدخلون الجنة بدون حساب
    ذلك أنهم كانوا يمشون في قضاء أغراض العباد "

    فهنيئا لك عبد الرحيم ، و جزاك الله بالخير العميم .
    صادق مودتي / عز الدين الغزاوي .


  14. #14
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي/ تابع .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : " مذكرات حاج إلى عرفات الله "
    للفقير إلى الله عز الدين بن محمد الغزاوي
    خلال موسم الحج لسنة 1416 هجرية .

    الفصل الرابع : في رحاب الحرم المكي المطهر .
    1/ الاستعداد لمعانقة الحرم المكي :
    - نعم ، انتهت مشقة البحث عن السكن ونلنا من فضل الله ما يعجز اللسان على وصفه
    - أخذنا قسطا وافرا من الراحة ، و أفئدتنا تكاد تطير شوقا لحمى الحرم المكي
    - اسيقظنا قبيل أذان الفجر و أخذنا كامل الاستعدادات للشروع في مناسك العمرة
    - و قد سبق أن أخبرني الأخ التونسي عن الطريق المختصر إلى الحرم ، و الذي لا يبعد عن سكنانا إلا بعشرة
    دقائق ، و هذا كرم آخر فقد علم الله ضعفنا و نحن أربعة رجال ترافقنا حرمتين .
    - و ما هي إلا دقائق معدودات حتى ارتفع أذان الحرم المكي الطاهر ، و الذي طالما تمتعنا به و نحن في المغرب ، أما الآن فقد صرنا قاب قوسين منه أو أدنى .
    - ارتفع أذان الفجر فاستفاقت له القلوب ، و هو الأذان الذي ذاع صيته في المشرق و المغرب ، و نودي :
    " حيا على الصلاة ، حيا على الفلاح ، الصلاة خير من النوم ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله "
    - امتلأت مآقينا بدموع الفرحة و نحن مقبلون على الصلاة ، استجابة لأذان الحرم المكي و فرحا بأن أتم الله
    مقاصدنا و بلغنا هذه البقاع الطاهرة .
    - أما أنا ، فقد فقدت الصبر و بكيت جهرا مما استغرب له رفاقي ، لكنني تداركت دموعي و قلت لهم ، لا
    تنزعجوا إنها علامات الفرح و القبول إن شاء الله .

    2/ الشروع في أداء مناسك العمرة :
    - قطعنا الطريق المختصر في وقت لم نتمكن من عده ، بل إن خطواتنا كانت تسرع قبلنا و كأنها تريد أن تكون هي من يحظى بملامسة أرض الحرم المكي
    - و أخيرا بدت أنوار الحرم المكي ، و قد وضعت يدي على ناظري من شدتها ، نعم إخواني لا يمكنني أن
    أشرح لكم هذا الموقف فهو يتعدى الوصف و الشرح ، و لا يشعر به إلا من اقترب من الحرم المكي و شاهد
    أنواره .

    " لما بدت أنواره لي متجلية = وضعت يدي خوفا على ناظري "
    " أنواره من نور هداه ساطعة = تنير القلب و حبه في خاطري "

    - كانت كلماتي المرتجلة هذه تخبر عن ما اعتراني من روعة ما شاهدته ، و أنا أطل على الحرم المكي .
    - أسرعنا الخطى و قد أقيمت الصلاة ، لنلحق بجموع المصلين ولم نبحث عن مكان داخل الحرم خوفا من
    الازدحام و تلافيا لعدم الصلاة جماعة .
    - بعد انقضاء الصلاة ، توجهنا إلى الحرم المكي لندخله إن شاء الله آمنين مطمئنين من "باب السلام" عملا
    بالسنة المباركة ، و عملا بوصية صهري رحمه الله الذي أوصاني كثيرا على الدخول من باب السلام
    - بعد ذلك توجهنا إلى الكعبة المشرفة ، و التي كانت قد امتلأت عن بكرة أبيها بالحجيج الذين يقومون بأداء
    المناسك ، و قد توقفوا لأداء الصلاة ثم استأنفوا طوافهم .
    - أثناء الطواف كان يقودنا رفيقنا الشيخ المراكشي ، أما تلاوة الأدعية فقد كلفت بها ، لكنني و في عدة مرات لم أتمالك نفسي و تحولت الأدعية إلى ابتهالات تختلط بالدموع ، لكن إنها مشاعر القرب و دموع الفرح بهذا العطاء .
    - أتممنا الطواف بأشواطه السبعة ، و نحن مرتبطون بعضنا بالبعض خوفا من أن نتيه في وسط هذا الازدحام الغزير .
    - ثم توجهنا خلف مقام سيدنا إبراهيم لأداء ركعتين كما جاء في السنة ، و قد كان الأمر صعبا للغاية نظرا لامتلاء صحن الحرم و خوفا من أن يطأ أحد رؤوسنا و نحن ساجدون .
    - ثم التحقنا بالصفا و المروة لإتمام مناسك العمرة ، و قد كانت هي بدورها غاصة بالساعين مما جعلنا نأخذ مزيدا من الحيطة و الحذر.
    - بعد إتمامنا للمناسك كان حري بنا لنتحلل ، أن نحلق أن نقصر ثم سنعود أدراجنا للسكن كي نخلع رداء الإحرام و نتحلل ، لنستحم بعد ذلك بالماء الساخن علنا نسترجع بعضا من حيويتنا و نشاطنا .
    - يا لها من راحة شعرنا بها و نحن نميط عن أجسامنا عناء السفر و المعاناة التي حملناها منذ أن وطأت أقدامنا الطائرة من مطار محمد الخامس الدولي من مدينة الدار البيضاء .
    - ها نحن أخيرا في بلد الهدى و الإيمان ، منزل الوحي و القرآن ، مكة التي شرفها الله بطه العدنان ، فطوبى لمن حقق الله الرجاء و حج به إلى هذه البقاع الطاهرة ، فهنيئا لنا و دعواتنا بان لا يحرم أحدا من المسلمين كي يؤدوا مناسك الحج و العمرة ، آمـــيـــن .

    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي .
    * تابعوني في الحلقات المقبلة ، جزاكم الله كل الخير ...


  15. #15
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي ( تابع ) .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : " مذكرات حاج إلى عرفات الله "
    للفقير إلى الله ، عز الدين بن محمد الغزاوي .
    خلال موسم الحج لسنة 1416 هجرية .

    * الفصل الرابع : إقامتنا في مكة المكرمة ... في انتظار الميقات .
    1- حديث مع صاحب الدار :
    - اسمه عبد الجبار من أصل "برمي" يعيش مع اخوته الخمسة و هو بالإضافة لتدبيره مساكن الحجاج ، يعمل في الحقل التعليمي كأستاذ في تحفيظ القرآن و تجويده
    - لقد تولدت بيننا و بينه علاقة أخوية و كأننا نعرفه منذ أمد بعيد ، فصار الأخ الثاني الذي لم تلده لي أمي بالاضافة إلى الأخ التونسي الذي عرفنا به
    - يقولون في المغرب مثل في علاقة الأفراد و توطد العلاقات بينهم :

    " إذا أحبك صاحب الدار ، فاكل بدون أن تغسل يديك "
    و معناه : إن محبة المضيف للضيف ، يجعله يقبله و يعزه لدرجة أنه لا يكثر مراقبته أو توجيه الملاحظات إليه
    - و بالفعل فقد عشنا هذه العلاقات مع أخينا عبد الجبار ، الذي أضحى يطيل الجلوس و الأكل معنا منوها بلذة الأطباق المغربية ، علما بأن معنا حرمتين من أجود النساء اللواتي يطبخن بمهارة و لذة
    - " و قد حصلت الألفة بيننا ، فبطلت الكلفة " فصار صاخب الدار يعاملنا و كأننا نحن أصحاب الدار و هو الضيف


    2-" و أمرهم شورى بينهم " صدق الله العظيم
    - بعدما استقر بنا المقام و أخذنا القسط الوافر من الراحة و الاستراحة ، كان حري بنا أن ننظم أمور إقامتنا و ظبط مصارفنا لأننا و كما أسلفت 3 أحرار " أي علينا أن نحسن تدبير ما في حوزتنا من المال
    - لأجل هذه الغاية ، فقد رشحوني الاخوان كي أكون " أمين المال " أدبر المصاريف و اسهر على توفير الضروريات
    - و في هذا الصدد فقد أسدى لنا الأخ التونسي معروفا لا ننساه ، حيث عرفني بعدد من نقط التسوق المتوسطة في الثمن لكن العالية في الجودة
    - فتذوقنا لحم الإبل ، و أكلنا السمك الطري و الدجاج كما أن مائدتنا كانت متنوعة بالخضر و الفواكه و كل هذا مع مراعاة الميزانية التي حددناها سابقا
    - كما أن تعايشنا كان مبنيا على الاحترام المتبادل و التعاون في كل الشؤون الاجتماعية التي فرضتها علينا هذه الاقامة المباركة
    - و لعل التعبير الذي كان يردده الشيخ المراكشي المرافق لنا ، كان صادقا فهو ما فتئ يردد : " التضخيم "
    أي إنه قمة العطاء الالهي و العناية الربانية

    3 - أيامنا الستة في مكة ، قبيل الذهاب إلى منى
    - كانت هذه الأيام عادية و قد تأقلمنا سريعا مع المناخ الحار في مكة ، لكن المكيف كان يرطب من حرارة الجو
    - كما أن تواجدنا بالقرب من الحرم المكي ، أتاح لنا الفرصة كي نؤدي فيه جل الصلوات إضافة لأداء باقي الصلوات بمسجد قريب من السكن
    - و في أوقات الفراغ كنا نتسوق و نتعرف غلى بعض فضاءات التسوق القريبة من شارع إبراهيم الخليل و من خلال مقارنة السلع و أثمنتها ، علما بأن الريال السعودي يساوي 2.50 درهم مغربي
    - يا لها من إقامة طيبة جمعت " المفيد ، بالممتع " و عشنا أيامها إخوانا لا خلاف أو اختلاف بيننا


    4 - الأذان ... و إقامة الصلاة بالمسجد
    - تكرر توافدنا على مسجد الحي القريب من السكنى ، و قد كنت آخذ متسعا من الوقت قبيل الصلاة فتعرفت على إمام المسجد ، الذي سألني عن اسمي و بلدي فحصل تعارف أخوي بيننا
    - و في وقت صلاة الظهر و قد كنت جالسا بالمسجد أقرأ ما تيسر من القرآن ، فإذا بالإمام يطلب مني أن أرفع الأذان ، فقلت سمعا و طاعة
    - وضعت المصحف الذي كنت أقرأ فيه و أخذت منه الميكروفون لأرفع أذان صلاة الظهر :

    " الله أكبر الله اكبر ، حيا على الصلاة حيا على الصلاة ، حيا على الفلاح حيا على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله "
    - و أنا أرفع الأذان عادت بي الذاكرة لأيام خلت ، و أنا بالزاوية بمدينتي الدار البيضاء ، فكنت آتي قبيل صلاة المغرب كي أحظى برفع الأذان ، فيا لها من ذكريات عطرة أتذكرها و أنا هنا بالبقاع المطهرة بمكة المكرمة أرفع الأذان
    - و بعد لحظات حيث اجتمع المصلون و كان من بينهم رفاقي في السكنى و الحج ، و قد سرهم الأمر أن سيمعوني أرفع الأذان بل و أقيم الصلاة ، ذلك أن الإمام أعطاني مرة أخرى الميكروفون لأقيم الصلاة ، و نقف في صف واحد لا فرق بيننا كي نؤدي الصلاة جماعة
    - لقد أثرت في مشاعري هذه الصورة الروحانية و نحن نتمتع بإقامة و حسن ضيافة بهذا البلد الأمين ، فطوبى لنا و دعواتنا بأن لا يحرم الله أحدا من المسلمين ، فييسر لهم أداء مناسك العمرة و الحج في احسن الظروف
    - إنها و الله أيام حرم هذه العشر من شهر ذي الحجة ، ففيها يتضاعف الأجر و التواب و فيها كلما أقبل العبد على ربه ، ناداه الله أقبل عبدي فستجدني غفارا توابا رحيما لا يرد من دعاه


    5 - التواصل مع أهل المغرب
    - كانت اتصالاتنا مع أهلنا و ذوينا بالمغرب كثيرة و متعددة ، فكلما سنحت لنا الفرصة كنا نتواصل معهم لنطمئنهم و نطلعهم عن يومياتنا و نحن بالديار المقدسة
    - و كنت أنتظر قبيل صلاة الفجر حيث تكون مخادع الهواتف خالية بعض الشيء ، فأتصل بزوجتي كي أستشف أخبار الأولاد و أحدثها عن مجريات الأحداث هنا بمكة
    - لا أخفيكم بأن " ميزان المحبة " الذي ذكرنه سابقا كان في هذه المرحلة و هذه الفترة بالذات ، يميل إلى رب الأكوان ، و قد ملأت محبته الجنان
    - و قد بدا هذا واضحا في تواصلنا بالأهل بالمغرب ، حتى أن زوجتي عندما تسالني : هل أوحشناك و أوحشك الأولاد ، كنت لا أجيب بسرعة و لهفة ، فالحب كله سار إلى الله الخالق الوهاب ، و القلب امتلأ بالشوق و التحرق لمعانقة باقي المشاعر : منى و عرفات ، و هنا تتجلى عظمة السفر لأداء المناسك و هجرة الأهل و الولد لمدة من الزمن نقصد فيها ربنا و خالقنا و واهبنا ، الله سبحانه و تعالى
    - يا لها من أشواق قد أحرقت كل هوى أو سوى من دون الله ، و يا لها من مشاعر لا يكاد اللسان أن يعبر عليها لأنها فاقت كل وصف و تصور
    - فاللهم إنا هدنا إليك ، و تركنا الأهل و الولد راجين عفوك و رضاك ، قاصدين وجهك الكريم ، اللهم تقبل منا صالح الأعمال و وفقنا لما تحبه و ترضاه ، و أتمم لنا ديننا الذي هو عصمة لنا ، و يسر لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، يا خير مأمول و أعظم مسؤول يا رب العالمين .

    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
    * تابعوا معي باقي الحلقات ، جزاكم الله كل الخير.

    -

    التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن محمد الغزاوي ; 17/11/2009 الساعة 10:22 PM

  16. #16
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " الغزاوي .

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    سلام الله على الأخ الفاضل الحاج عزالدين الغزاوي...

    الحقيقة أن سرد الرحلة كان بقلم مبدع يجيد استعمال العبارة في تصوير خطوات المراحل...لذلك كانت مستوفية التفاصيل...خاصة و أنها ليس رحلة من أجل الدنيا بل هي في واقع الأمر رحلة من أجل الفوز بجنة الرضوان التي وعد بها عباده المتقون...

    فاللهم اجعله حجا مبرورا و سعيا مشكورا...

    و اجعل كل مسلم تتوق نفسه لزيارة الديار المقدسة أن يعينه الله جل و علا على ذلك و ييسر أمره و أمور المسلمين...

    و كما جاء في الحديث الصحيح...

    قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث : حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثني يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال سمعت عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.

    لك مني أصدق عبارات الأخوية...


  17. #17
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله / في الطريق إلى منى" الغزاوي .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : " في الطريق ... إلى منى "

    1- الاستعداد للسير إلى منى :
    " يا راحلين إلى منى بانقياد = شوقتم يوم الرحيل فؤادي "
    في يوم الجمعة ، عيد المؤمنين و الذي كان خامس يوم لنا بالديار المقدسة
    كان اليوم الثامن من ذي الحجة 1416
    انطلقت أفواج الحجيج من مكة ن قاصدين حمى منى
    اختلفت و تعددت وسائل النقل ، لكن الوجهة واحدة و القصد وجه الله الكريم
    و قد شددنا الرحال كباقي الحجاج ، حيث امتطينا حافلة ركاب كانت ممتلأت عن آخرها
    و في وسط هذا العبق الروحي الوجداني ، كنت أنا العبد الخاضع لجلال الله
    نلت المنى ، و ها أنذا أشد الرحال إلى حمى منى
    جوارحي كلها تنبض بحب الله الواحد الأحد
    أما روحي فقد سبقتني إلى هناك ، لكن الجسد الشرعي لابد أن يكمل المناسك
    نعم ، في فجر هذا اليوم الأغر يوم الجمعة ، توضأنا و اغتسلنا لصلاة الجمعة ، اقتداء بالسنة النبوية الشريفة
    و قد نطقنا بالنية للدخول في مناسك الحج
    تلحفنا بالإحرام الذي سبق و أن نظفناه استعدادا لهذا اليوم
    إنه استعداد يشبه الاستعداد لمبارزة مع خصم
    لكن الخصم هذه المرة ، هي النفس و الهوى و الشيطان
    و الحكم و المعين ، هو الله رب العالمين
    فما أسعدنا و نحن بتوفيق من الله ، واقفين ببابه نسأله الرضى و القبول
    بقلوب منكسرة ، و نفوس مطمئنة ، و لباس طهر و إيمان
    فإن تحققت النية ، و يا لها من أمنية كل حاج و حاجة ، نلنا الدرجات العلا

    2- الطريق إلى منى :
    و في طريقنا إلى منى ، كان لزاما علينا أن نتزود بما سنحتاج إليه من ضروريات
    و قد علمنا بأن إقامة الحجاج في منى ، ستكون في الخيام

    لكن ، أي الخيام ستأوي حجاجا أحرارا ؟
    كانت هذه هي مشكلتنا ، و التي أفصح عنها شيخنا في الرفقة الحاج المراكشي
    قادتنا الحافلة إلى رحاب منى ، و قد دامت الرحلة أكثر من ثلاث ساعات
    و في طريقنا إلى منى ، كانت الطريق مكتظة بالحافلات التي تنقل الحجاج
    و رغم التوسعات التي عرفتها منى ، فإن عدد الحجاج كان يفوق المرافق التي هيأت لهم
    ما إن أنهت الحافلة رحلتها ، حتى نزلنا نحمل متاعنا من أجل البحث عن الإقامة
    و رغم العنوان الذي حددته لنا مؤسسة الحج ، فقد تهنا و نحن نبحث عن الإقامة
    و لولا
    " الأطفال الكشافة "
    الذين تجندوا لمهمة توصيل التائه ، لأنفقنا وقتا أطول
    و أخيرا وصلنا إلى مخيم الاقامة ، و خيمة الحجاج المغاربة الأحرار فوضعنا الرحال
    و من الصدف أن نلتقي و مرة أخرى مع رفاق الرحلة من المغرب ، فكانت فرحتنا كبيرة
    تحت مظلة خيمة واحدة ، نزلنا رجالا و نساء و حتى نحفظ الحرمات وضعنا حاجزا


    3- تعايش في رحاب منى :
    " ما أقسى الغربة ،إن كانت مرافقة للإختلاف "
    لكننا و لله الحمد لم نشعر بالغربة و نحن رفقاء لحجاج من المغرب ، و آخرون من الجزائر و مصر
    بل و أكثر من هذا و ذاك ، لقد اقتسمنا المأكل و المرقد و صرنا إخوانا على سرر متقابلين
    قدمنا لهم بعضا من "القراشل و السفوف" التي حملتها معي و هي من اعداد زوجتي
    أما هم فقد أعطونا شيئا من "الزميتة" ، و هو خليط من قمح الشعير و مقتطفات من نباتات أخرى مغذية
    كنا نؤدي الصلاة جماعة في الخيمة ، و كنا نتبادل الحديث و النوادر و ألسنتنا لا تفتر عن التلبية
    أما المراقد ، فلم تكن سوى لباسات الإحرام أما الوساد فهي نعالنا
    * لقد أثار اهتمامي حادثة بقيت ملتصقة في ذاكرتي ،" ففي غسق الليل و نحن رقود طرق باب خيمتنا شاب قوي البنية و خاطبنا قائلا :

    من فضلكم ، هلا أفسحتم المجال لأبي الشيخ هذا، كي يأخد قسطا من الراحة ؟
    نظر بعضنا إلى البعض و نحن لا نجد مكانا نفسحه لوالده ، فالخيمة ممتلئة عن آخرها
    لكن الشيخ المرافق للحجاج المراكشيون ، قال لأصحابه آمرا :

    أفسحوا لهذا الشيخ ، و اخلوا له مكانا ليستريح فيه
    فأدعنوا لهذا الأمر و أجلس الشاب أباه ، في المكان الشاغر في حين انزوى هو خارج الخيمة "
    نعم ، إنها و الله قمة الأرحية و الإيثار لكن و نحن في بلد الطهر و الإيمان
    ترى كم سيكون حجم الحسنات و الأجر ؟ الذي يوفيه الله لعباده الصابرين ، و نحن في هذا المقام العظيم
    بتنا نترقب ، و نحن على أحر من الجمر ، إطلالة الفجر كي نستعد للذهاب إلى عرفات الله


    " بشرى لنا حق لنا الافتخار = قد بلغنا قصدنا و حق الهناء "
    " بتنا نترقب الفوز بعد انتظار = هي ذي عرفات نور و بهاء "


    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
    * انتظر مرافقتكم لي في هذه الرحلة المباركة ، و لكم مني خالص الشكر

    التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن محمد الغزاوي ; 26/11/2009 الساعة 01:04 AM

  18. #18
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " ( يوم الحج الأكبر)/ الغزاوي .

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : مذكرات حاج إلى عرفات الله / يو م الحج الأكبر
    للفقير إلى الله ،عز الدين بن محمد الغزاوي
    خلال موسم الحج لسنة 1416 هجرية

    1- الوقوف بعرفات :
    اليوم هو التاسع من ذي الحجة ، "يوم عرفة"
    منذ فجر هذا اليوم ، بدأ الحجيج ينفرون صوب جبل عرفة
    و شمرنا السواعد حتى نكون ضمن الحجاج الذين سيقفون في هذا اليوم المشهود
    سرنا مع جموع الحجاج ، حتى توقف الحشد و صرنا على مقربة من جبل عرفة
    لقد فاز الذين سبقوا و تسلقوا الجبل لكي يكونوا في القمة
    أما باقي الحجاج فقد ، فقد مكثوا حيث وصل بهم الجمع
    دخلنا خيمة مفتوحة الجانبين و استقر بنا المقام في مكان مريح ، و لو أن الراحة لم يعد لها معنى

    2- عياء مفاجئ :
    حصل لي توعك صحي ، فاستلقيت في ركن من الخيمة ملتمسا للراحة
    انشغل رفاقي في أغراضهم الشخصية ، و بقيت وحيدا بدون معين إلا الله
    و رغم العياء الذي ألم بي ، لم يلتمس لي اخوتي أي عذر فقد طالبوني بالنقود كي يقتنوا ما هم في حاجة إليه
    و في انشغالي بصحتي ، سمعت شخصا يناديني باسمي
    التفت فوجدت صديقا لي ، كان بدوره من جملة الحجاج الواقفين بعرفات
    هنأني على تواجدي بهذه الديار المقدسة ن و قدم لي العون اللازم كي أسترد بعضا من قوتي
    لقد كان ظهوره و في هذا الوقت بالذات ، بلسما لاسترداد صحتي
    سقاني من ماء زمزم ، و قدم لي بعض الفواكه أكلت منها قدر المستطاع
    و قد بقي بجانبي مدة طويلة ، حتى استرددت قوتي فاطمأن علي ليلتحق بمجموعته
    أما رفاقي و بعدما سدوا الرمق ببعض من الطعام ، جاءوا عندي ليطمئنوا على صحتي
    شكرت لهم صنيعهم ، الذي لم يكن بالحجم الذي انتظرته
    و رغم كل ذلك ، فلقد " صبرت " كما أوصاني أحي جزاه الله كل الخير

    3- الحج ... عرفة :
    بعد أداء صلاتي الطهر و العصر جمعا و قصرا ، أخذنا أمكنتنا في الخيمة
    نعم ، ها قد دنا موعد الوقوف و الدعاء ، و استعد الجميع لنور الضياء
    وقفنا كرجل واحد ، بلباس واحد ، ندعو بلسان واحد ، ربا أحدا واحد
    يا لها من لحظات القرب إلى الله ، و الكل واقف يرجو رحمة الله
    نفذت العبارات و الكلمات ، و لم يبق إلا الفناء في ذات الذات
    لكم أن أن تتصوروا هذا الموقف المهيب ، و كأننا بين يدي الله نعم المجيب
    جموع الحجاج واقفون خاشعين مبتهلين ، إلى الله الواحد القهار
    لا فرق بين غنيهم و فقيرهم ، و لا بين آمرهم و مأمورهم ، و لا بين صعيرهم و كبيرهم
    هنا ، الكل سواسية كأسنان المشط في تعاون و تآزر لم أشهده قط
    و حتى ننال أوفى الأجر ، كنا نتنقل من خيمة إلى أخرى
    نشارك الحجاج الدعاء و الابتهال إلى الله
    و قد فاضت دموعنا من فيض الأدعية التي كنا نجهر بها

    4- موقف يذكرنا بحجة الوداع ، لرسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم
    نعم إخوة الإيمان ، في مثل هذا اليوم الأغر من العام العشر الهجري وقف رسول الله صلى الله عليه و سلم
    هنا عل جبل عرفة و خطب في الناس خطبة الوداع
    كانت كلمات هذه الخطبة واضحة جلية ، و قد استشف منها الصحابة الكرام بان الرسول صلى الله عليه و سلم ، كان يوصي و كأنه لن يحج مرة أخرى
    إننا و نحن في هذا المشهد العظيم ، نتذكر رسولنا صاحب الوجه الوسيم
    نستعرض و بكل اجلال و اكبار ، نعم الله الواحد القهار
    لقد أوصانا نبينا بالتمسك بالكتاب و السنة ، لنكون للعالمين خير أمة
    صلى الله عليك ياعلم الهدى ، و يا من بنوره كل مسلم قد اهتدى
    نسال الله أن يعلي في الجنة مقامك ، و أن لا يحرمنا كي نكون جيرانك آمـــيـــن ...

    5- النفور إلى مزدلفة :
    مالت الشمس إلى الغروب ، و استكمل الحجاج وقفتهم بكل تدلل و انكسار
    و بعد أداءهم لصلاة المغرب ، بدأوا ينفرون إلى مزدلفة قصد المبيت
    حدونا حدوهم ، و شددنا الرحال نحو مزلفة و قد بلغنا ما قصدناه من الوقوغ في عرفة
    و قد آلينا على أنفسنا أن نقوم بتحد آخر ، سنذهب سيرا على الأقدام و لو بتوفر وسائل النقل
    و هنا أشيد بصبر و شدة عزم الحرمتين المرافقتين لنا ، فقد وافقتا و سرنا جميعا نحو مزدلفة
    وصلنا إلى مزدلفة ، لنجد باقي الحجاج في اغلبهم و قد عمروا كل الجوانب
    فكدنا لا نجد مكانا نلجأ له ، كي نأخذ قسطا من الراحة قبل أن نغادرها صباحا
    و ما إن طلعت بوادر الفجر و أذن لصلاة الصبح التي أديناها جماعة ، حتى نفرنا مع باقي الحجاج إلى
    منى حيث سنقيم ثلاثة ليالي و نرمي الجمرات
    " عرفات تلألأت ببياض الحجاج = ومضات من العلي الرحمان "
    " دعوات بتدلل تودد و ابتهاج = غفر الإله ذنوبهم هو المنان "

    هذه كانت مشاعرنا و نحن نؤدي باقي المناسك ، بقضل من الله و تيسير منه
    فاللهم أتتم لنا ما وعدتنا به من قبول و رضى ، و اجعل ما قدمناه من عمل مقبول لديك يا الله ، يا رب العالمين.
    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
    * لي عودة للموضوع ، شرفوني بمروركم جزاكم الله كل الخير


  19. #19
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله / تابع " الغزاوي .


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : مذكرات حاج إلى عرفات الله / اليوم العاشر : يوم النحر
    للفقير إلى الله : عز الدين بن محمد الغزاوي
    خلال موسم الحج لسنة 1416 هجرية

    - الأحد ، اليوم العاشر من ذي الحجة 1416 هجرية :
    1- يوم النحر و تقديم الهدي
    " نحروا أضاحيهم و سالت دماءها = و أنا من أجلهم نحرت فؤادي "
    جاء يوم النحر و يوم عيد الأضحى ، و كان حري بكل حاج و حاجة أن يقدم الهدي
    و في هذا الصدد ، فقد اجتهدنا و اقتصرنا على أداء قيمة الهدي لكل فرد منا
    و قد ساعدنا في ذلك الأخ التونسي و صاحب المنزل
    فقد أدينا الواجب و كلفناهما كي يتصدقا بمجموع الرؤوس التي أدينا ثمنها ، مع الاحتفاظ برأس واحد بعد عودتنا
    و قد كلفتنا الأضاحي 275 ريال سعودي للنفر
    شددنا الرحال من مزدلفة إلى منى راجلين مستبشرين بما حقق الله لنا من تيسير في أداء المناسك
    لم نكن وحدنا في الطريق ، بل فضل جل الحجاج السير على الأقدام عوض امتطاء الحافلات
    و قد استغرقت الرحلة عدة ساعات ، وصلنا بعدها إلى مدخل منى لنتفاجئ بمنظر يسد الأنفاس
    إنه سيل عرم من الحجاج قد وصلوا إلى مدخل منى
    لكم أن تتصوروا نهرا كبيرا ، تصب فيه الروافد و قد فاض من السيول المترتبة عن المطر
    لم نكن نتصور أن حجم الحجاج سيصل إلى هذه الحد
    و خوفا من الانفلات أو الضياع ، تمسكنا الواحد بالآخر و دخلنا في سيل الحجاج
    كان الموقف صعبا ، و المسلك وعرا لكن و بفضل من الله دخلنا حمى منى و التحقنا بالخيمة التي أوينا إليها
    وضعنا أمتعتنا و أخذنا نفسا للراحة لنتلمس أمكنتنا الأولى
    لقد صادف هذا اليوم العاشر ، يوم جمعة لكننا و لصعوبة الوصول إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة ، اقتصرنا على أداء صلاة الظهر قصرا و في الخيمة
    مما يثلج الصدر أننا تواعدنا في هذه الخيمة المباركة ، و زالت الكلفة لتحل الألفة

    2- خيمة الأبرار ... فيها كل الأسرار
    كانت إقامتنا هينة و تواجدنا مع الجماعة المراكشية ، زاد من جمالية المكان في صحبة الإخوان
    لقد حصل تقارب وطيد بيننا و بين أفراد هذه الجماعة خاصة و أننا ترافقنا منذ أن وطأت أقدامنا هذه الأرض الطاهرة
    و قد صدق فيهم القول : " رب صدفة ، خير من ألف ميعاد "
    اشتركنا الإقامة ، و المراقد و كذلك الزاد
    و قد كان شيخهم من الدعاة ، الذين اشتهروا بمدينة مراكش ، مدينة العلماء و الزهاد و الصالحين
    و هكذا ، و بعد صلاة العشاء كنا نقعد لنتتبع موعظة من مواعظه
    و رغم أنه كان يتزعم تيار السلفية ، فإن أحاديثه معنا كانت عامة في التوحيد و مبادئ الشريعة
    و مما شد انتباهي ، هو توافد الجميع على هذه الخيمة التي امتلأت عن آخرها ، في حين أن هناك العديد من الخيام التي لا يزال فيها متسعا لإضافة يعض الحجاج
    و رغم كل هذا الانسجام ، فقد حدث و أن عمر أمكنتنا حجاجا لم يكونوا متواجدين في البداية ، مما جعل بعض
    أعضاء الجماعة المراكشية يدخلوا في جدال مع هؤلاء الأغراب
    لكن الشيخ الواعظ الوقور ، تدخل لنهي هذا الشنئان و تعود المياه إلى مجاريها فأفسحوا لهم مكانا لكي
    يجلسوا فيه ، عاملين بالمثل السائد : " أن الاتساع في القلب "
    كانت إقامتنا و أينما أقمنا و ارتحلنا ، هينة ميسرة و لاتقينا مع صحبة في الله زادتنا يقينا بان هذا الموسم كان رائعا بجميع المقاييس


    3- رمي الجمرات :
    تتبعنا أخبار الحجاج الذين سبقوا إلى مكان الرمي و قاموا برمي الجمرات الأولى
    لكن الأخبار التي وصلتنا لم تكن سارة ، فقد قيل لنا بان هناك العديد من الموتى الذين قضوا من جراء الزحام القاتل ، و عدم التريث خلال التوجه إلى مرمى الجمرات
    كما أن الجهل أو الفهم الخاطئ لأداء المناسك من طرف فئة عريضة من الحجاج ، كالذين يريدون الرمي في الظهيرة
    ما بالك و الحرارة جد مرتفعة ، إضافة إلى حرارة الازدحام و التدافع الخاطئ بين الحجاج كل هذه العناصر ن خلقت جوا مكفهرا و تسببت في موت بعض الحجاج رحمهم الله
    اتفقنا أن لا نتوجه لرمي الجمرات ، إلا بعد صلاة العشاء حيث تقل حركة الحجاج الذين يذهبون للرجم
    و نحن في طريقنا لأماكن الرجم ، مررنا بقوافل من الحجاج الفارقة الذين يفترشون الرض و يلتحفون السماء أي ليس لهم ماوى ن و قد يتسببون في عرقة سير الحجاج الذين يسعون لرمي الجمرات
    عند وصولنا إلى موقع الرجم ، تفاجأنا لما رأته أعيننا ، إنها آثار معارك ضارية و بقايا هذه المعارك ، هي
    مخلفات الملابس ، أحذية مظلات إلخ ...
    أتممنا رمي الجمرات الثلاث الأولى و رجعنا أدراجنا إلى الخيمة ، و قد بدأت خيوط الفجر تلوح ، فجلسنا نستريح و ننتظر أذان صلاة الصبح
    بعد أداء الصلاة ، كان علينا أن نذهب إلى الحرم المكي قصد إتمام المناسك أي القيام بطواف الإفاضة ثم الحلق أو القصر

    4- إتمام المناسك ، و التحللين الأصغر و الأكبر :
    في الصباح امتطينا حافلة للحجاج لتنقلنا إلى الحرم المكي ، و قد كانت غاصة بالركاب مما أجبرنا أنا و الشيخ المراكشي على الصعود إلى أعلى السطح
    كانت رحلة جميلة ، خاصة و أننا لم نحس بالحرارة التي كانت تفوق 45 درجة مائوية رغم تواجد المكيفات
    لما أتممنا الطواف و السعي ، عدنا أدراجنا إلى منى و نحن في أشد الشوق للاستحمام و التحلل
    فقد لقينا من التعب نصبا ، و أضحينا أشد حبا و شغفا للتخلص من الإحرام و لبس المخيط
    أخذنا لوازم الاستحمام التي حرمنا منها طيلة أداء المناسك ، فاستعملنا كل ما كنا قد حرمنا منه
    و جاءت اللحظة الحاسمة ، إنها عملية الحلق أو التقصير و قد صادف أن رفاقي هددوني بالحلق رغما عن
    أنفي ، لكنني أقنعتهم بعد ارغامي على ذلك لأنني سأقتصر على التقصير فقط
    و ما هي إلا سويعات حتى عدنا إلى حالتنا الأولى أي حالة الانطلاق من المغرب ، و أنهينا مناسك الحج و العمرة و نلبس لباسا عاديا
    و رغم ذلك فضلنا أن نبيت ليلتين أخريتين بمنى قبل الرجوع إلى مكة بصفة نهائية
    حدث أن المسؤول عن الخيام التي كنا فيها ، ارتأى توقيف الخدمات و اخراج الحجاج من خيامهم ، لكننا و بعدما أبلغنا الأمر للمسؤول بمنى ، أرغمه على تمديد الخدمات ليلتين حتى نتم ثلاث ليالي بمنى و نتم كذلك رمي الجمرات الثانية و الثالثة
    أنهينا المناسك و الحمد لله في أفضل الظروف ، و أطيب الأوقات و عدنا إلى مكة متحللين و مستبشرين بان
    الله سبحانه و تعالى قد قبل حجتنا و وفانا مقاصدنا إنه رحيم بعباده
    شكرنا الله على هذه النعم التي فاضت ، و التيسير لأداء المناسك و انشرحت قلوبنا لما وجدناه من حسن الوفادة و سعة الافادة ، اللهم تقبل منا إنك أنت سميع مجيب و احفظنا بما حفظت به الذكر الحكيم ، و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين

    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
    * تابعوا باقي الحلقات ، من مسيرتي في أداء مناسك الحج و العمرة ، شكرا على المتابعة

    التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن محمد الغزاوي ; 27/11/2009 الساعة 11:43 PM

  20. #20
    مـشـرف سابق (رحمه الله) الصورة الرمزية عز الدين بن محمد الغزاوي
    تاريخ التسجيل
    13/10/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    1,039
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: " مذكرات حاج إلى عرفات الله " ( تابع ) / الغزاوي .

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * الموضوع : مذكرات حاج إلى عرفات الله / يومياتي بمكة
    للفقير إلى الله : عز الدين بن محمد الغزاوي
    خلال موسم الحج لسنة 1416 هجرية
    * الفصل الرابع :الإقامة بمكة من 14 ذو الحجة ، إلى يوم ذهابنا إلى المدينة
    تذكرة : بعد المبيت للليلة الثالثة بمنى ، جاءت الحافلة التي ستنقلنا إلى مكة المكرمة و قد أنهينا رمي الجمرات
    1- كرم الضيافة ، و جود الباري عز و جل
    كيف نتصور بين عشية و ضحاها ، أن ننتقل من سكن لا يتكون إلا من غرفتين إلى عمارة من ثلاثة طوابق؟
    كيف ننتقل من ضيق السكن إلى سعة فيه ، لم تكن في الحسبان ؟
    كيف نشكر عطاء من الله جاء في وسع السكن ؟

    إنها أسئلة عديدة ملأت أعماقي و نحن نحل بمكة ، ليفاجئنا صاحب المسكن مخاطبا إياي :
    - أخي عز الدين ، يمكنكم ترك هذا المسكن الضيق و تنتقلوا إلى العمارة القريبة بطوابقها الثلاثة.
    لم أفهم خطابه هذا ، أو لم أتمكن من استيعاب فضل الله هذا فعقبت متسائلا :
    - و لكن لم نرد تغيير السكن ، ثم ليس لنا القدرة على اكتراء عمارة من ثلاثة طوابق
    فرد موضحا و مؤكدا :
    - لن تعطوني شيئا ، بل إن العمارة أصبحت فارغة و لكم أن تسكنوها إلى نهاية شهر ذو الحجة
    جاء كلام الأخ السعودي صاحب السكن بردا و سلاما ، و لم أشعر إلا و الدموع تملأ مقلتاي من الفرح
    شكرته على هذا الكرم الفياض ، و قدمته له تشكرات باقي الاخولن الذين يدعون له بالخير و التيسير
    و هكذا انتقلنا إلى السكن الجديد الواسع الأرجاء ، حيث أخذنا غرفا فردية خاصة الإخوان الذين اصطحبوا
    زوجاتهم
    لقد ساعدنا هذا الوسع في السكن بالإطالة في إقامتنا بمكة ، فكانت إقامة مطولة من 14 ذو الحجة حتى موعد ذهابنا إلى المدينة المنورة

    2- الاجتهاد في الذكر و تلاوة القرآن :
    ( ألا بذكر الله ، تطمئن القلوب ) صدق الله العظيم
    نعم ، إن إقامتنا بمكة كانت له عدة إيجابيات و أهمها أنه أعطانا فرصة واسعة للعبادة و التقرب إلى الله
    و أنا شخصيا ، لقد آليت على نفسي أن أقرأ قذرا كبير من سلك القرآن الكريم التي جعلت توابها لسائر
    الأنبياء و المرسلين ، و لأهل الله الصالحين و لوالدينا و موتانا و موتى المسلمين
    و قد وضعت برنامجا يوميا كنت أحاول الالتزام به : أداء صلاتي الفجر و الصبح بالحرم المكي ، و في طريق عودتي كنت أربط الاتصال بزوجتي و أهلي بالمغرب مستغلا فراغ مخادع الهواتف في تلك الفترة
    و قبل كل هذا كنت أذهب للحرم المكي و أختار مكانا قريبا من الكعبة حيث أشرع في تلاوة القرآن الكريم
    حتى يتسنى لي قراء أكبر عدد من السلك
    لا شيء أعظم من الذكر و قراءة القرآن
    و لا نعمة أكبر من نعمة الاطمئنان بالذكر
    فهنيئا للذي هدى الله قلبه إلى هذا الباب للتقرب إلى الله
    و مغبوط على نعمة الذكر العبد المؤمن الذي هداه الله ، حيث أن أصحاب الجنة لن يتأسفوا إلا على ساعة
    لم يقضوها في الذكر
    لقد اجتمعت لنا كل الظروف المواتية لعبادته متفرغين غير منشغلين بما تركناه في بلادنا
    هنا بهذا البلد الأمين و برحاب مكة المكرمة ، تجتمع الأفئدة و القلوب على العبادة و التقرب إلى الله إضافة
    إلى الفرائض النوافل
    و كما جاء في الحديث القدسي عن الله عز و جل ، على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم :
    " ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل ، حتى أحبه فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، و بصره الذي يبصر
    به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها ، و لأن سألني لأعطينه "
    فالحمد لله و نحن قد أتممنا المناسك في أحسن الظروف ، و بتوفيق من الله تامة غير ناقصة نسأله القبول إن شاء الله

    3- تدبير مصاريف الإقامة بمكة المكرمة :
    كانت مهمتي صعبة و أنا أدبر مصاريف الإقامة لرفاقي
    كنت أقدم تضحيات من أجل جلب التغذية المتنوعة و بأسعار متواضعة
    و قد تذوقنا و الحمد لله من كل شيء : الدجاج ، السمك ، و لحم الإبل ، الفواكه و الخضر المتنوعة التي امتلأت بها كل الأسواق
    كما أنني كنت أدبر لهم الحصول على الخبز و الرغيف في الأوقات الملائمة
    و في هذا السياق ، اكتشفنا أكلة مغذية و بثمن مناسب
    إنه " فروج فقيه مشوي " و هو متواجد في المركز التجاري بن داود ، الذي توفرت في طوابقه كل ما قد يحتاجه الحاج من الضروريات و كذلك التمور و الهدايا التي يمكن له الظفر بها
    إن أكلة " فروج فقيه مشوي " غاية في الاختيار و الروعة
    فبقدر ما هو مغذي و نافع ، فإن ثمنه كان يشجع على تناول أكثر من وجبة واحدة
    كما أن الزبادي ، الذي كان يجمع بين الجودة و المذاق جعلنا لا نبحث عن بديل له
    و قد شهدنا هذا التقدم الضخم للمملكة العربية السعودية في عدة مجالات ، خاصة منها المواد الغذائية
    كانت إقامتنا تزداد متعة و روعة ، و ألفتنا أخوة و سمعة
    فقد زالت بيننا الكلفة و صرنا إخواننا لا فرق أو اختلاف بيننا
    كما أن شعار الاحترام الذي ساد بيننا ساهم في توطيد عرى الصداقة بل الأخوة بيننا
    كما أن تواجد الحرمتين زوجتا اخوانينا ، ساهم كثيرا في توفير ألذ الأطعمة و أشهاها فجزاهما الله خيرا
    طالت إقامتنا و تواصلت علاقتنا مع الأخوين التونسي و السعودي اللذان كانا بالنسبة لنا خير معين و أفضل
    مفيد

    4- " رب صدفة ... خير من ألف ميعاد ! "
    تشاء الصدف و الأقدار أن تصاحب مع مجموعة أخرى من الأخوة السعوديين
    حدث أنه و نحن في المركب التجاري بن داود ، أنا و جاري و زوجته قصد اقتناء بعض الهدايا
    و نحن في الطابق المخصص للعطور و لوازم التجميل ، استرعى انتباهي محلا تجاريا يبيع ماء الورد
    توجهنا إليه لنتعرف على المنتوج المعروض في الواجهة ، و قرأت لافتة ملصقة على الزجاج
    " ماء الور... الملكي " ، أعدت قراءة باقي اللافتات فتأكدت بأن الخطأ يتكرر
    خاطبت جاري قائلا :
    - سندخل للتعرف على هذا السعودي ، و إظهار هذا الخطأ
    دخلنا المحل التجاري ، و سلمنا على صاحب المحل الذي هب للقاءنا ثم خاطبته :
    - يا أخي ، هناك دال غير موجودة على اللافتة هل أكلتها أم ضاعت منك ؟
    خرج للتأكد من الخطأ الذي أشرت إليه ، ثم عاد للتعقيب :
    - معك حق أخي ، إنك الوحيد الذي وجد هذا الخطأ ، من أي بلد أنتم ؟
    أجبته :
    - من المغرب
    فاستطرد قائلا ، إنكم أهل المغرب شديدو الملاحظة و التدقيق ، و قدم يده لمصافحتي
    صافحته و دلكت يده بدقة و تمعن و قلت له :
    - أتشكو من إمساك و غازات في البطن ؟
    فأجاب مستغربا :
    - و اللح حق ، كيف عرفت ذلك ؟ هل الأخ فقيه يكتب الأحرزة ؟
    صححت له قائلا :
    - لا هذا و لا ذلك ، بل هي تقنيات "التدليك و الوخز بالأصابع" التي تعطي فكرة عن الصعوبات الهضمية ،
    و يمكنني أن أساعدك في إزالتها و تحسين حالة أحشاءك ، إن وافقت
    وافق على الاقتراح و اتفقنا على محاولة إزالة الإمساك و الغازات ، لكن بعد صلاة العشاء
    و بالفعل ، فقد رجعنا بعد صلاة العشاء لنجده مستعد لهذه الحصة من التدليك
    و قد قمت بها باستعمال ماء الورد المضاف إليه ماء زمزم
    استمرت حصة التدليك زهاء عشرون دقيقة ، شعر بعدها بارتياح كبير
    و قد اقترح علي القيام بهذه الحصص لمجموعة أخرى من الأخوة السعوديين
    وافقته على ذلك ، لكن حسب ظروف إقامتنا بمكة
    و للإشارة ، فقد حدثنا صاحب محل "ماء الورد الملكي" عن تواجد هذا النوع من الورود فقط في منطقة
    الواحات التي تزخر بثروة مائية هائلة تسمح بنمو هذه الورود البرية لكنها تمتاز بعطرها الفواح
    و قد أخبرته بأنه بالمغرب و بواحات الجنوب ، يتواجد نفس نوع الورد الذي يقوم المنتجون بتقطيره
    و جعله في قارورات للاستعمال المتعدد كانت هذه تجربة أخرى أضفتها إلى مجلد المعارف و المهارات التي أعطاني الله إياها
    و كانت تجربة الوخز هذه ، مفتاح عرفني بالعديد من باقي الإخوان بالسعودية
    و من غريب الصدف أنني و في إحدى حلقات الوخز ، عزمني الأخ السعودي لعرس سعودي تعرفت من خلاله
    على مراسيم الزواج و كذلك قيمة المهر الذي يوصف بالباهظ
    * تلك إذا مذكرات إضافية جعلتها مرافقة لمذكراتي لأداء مناسك العمرة و الحج
    * و الحقيقة أنني جمعت بهذا و كما يقال " جمعت المفيد ... بالممتع "
    " اللهم صل على سيدنا محمد نور الأبصار و ضياءها ، و عافية الأبدان و شفاءها و على آله و صحبه
    و سلم تسليما "

    * صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
    * تابعوني في رحلتي الميمونة هذه ، سأختمها من المدينة المنورة إن شاء الله



    التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين بن محمد الغزاوي ; 01/12/2009 الساعة 10:08 PM

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •