السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* الموضوع : " مذكرات حاج إلى عرفات إلى الله / في ضيافة النبي صلى الله عليه و سلم "
للفقير إلى الله : عز الدين بن محمد الغزاوي
خلال موسم الحج لسنة 1416 هجرية
* الفصل الخامس : في رحاب الحرم النبوي الشريف
استمرت إقامتنا بمكة المكرمة ، و نلنا بها أسمى الغايات ، و بلغنا بها أعلى المقامات
نلنا شرف الإقامة رفقة و مسكنا ، و عرفنا الله فيها بإخوة في الله لم تلدهم لنا أمهاتنا
مرت الأيام سراعا و تباعا ، و اقترب الموعد الذي حددته لنا الوكالة للرحيل إلى المدينة المنورة
1- الاستعداد للذهاب إلى مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم
حزمنا أمتعتنا و كنا على أهبة السفر ، بعد أن اتفقنا مع صاحب سيارة أجرة أن يأخذنا إلى المدينة المنورة
حدث أن التحق بنا فردين آخرين من المغرب حتى يكتمل النصاب ، أي ثمانية أفراد
أما الموعد فقد حددناه بعد صلاة المعرب مباشرة ، فطلبنا من كل الأفراد أن يكونوا في الموعد
لقد حز في قلوبنا مغادرة مكة ، لكننا فرحنا حيث سنعانق رحاب الحرم النبوي الشريف
علمنا بأن السفر سيكون طويلا ، نظرا للمسافة التي تبعد بها المدينة عن مكة
و على هذا الأساس ، فقد أخذنا كل الاحتياطات و الترتيبات اللازمة لذلك
2- طواف الوداع ... و بالوالدين ، إحسانا
كان حري بنا أن نقوم بطواف الوداع ، قبل مغادرة مكة
و كنت الأخير في مجموعتي ، فلم أتمم الطواف إلا قبيل صلاة المغرب
و خلال قيامي بالطواف ، لفت نظري شاب يحمل والدته على ظهره ليتم بها طواف الوداع
كان المشهد مؤثرا حقا ، لأن قول ربنا سبحانه :
" و بالوالدين إحسانا " صدق الله العظيم
لا يمكن الوفاء به مهما قدم الأبناء من تضحيات في سبيل والديهم
إن هذا الشاب البار بوالدته ، قد قارب بعض الشيء هذه الآيات
فهو حامل لوالدته على ظهره ، و يطوف بها بابتسامة عريضة و رضى لا يعلمه إلا الله
لقد أثر هذا الموقف في العديد من الحجاج الطائفين ، فوقفوا يباركون هذا العمل المبرور
أما أنا ، فقد سالت الدموع من عيني و دعوت لهذا الشاب بالتوفيق و السداد
لقد وفقه الله فعلا ، و ها هو ينال رضى والدته العجوز حيث مكنها من إتمام المناسك
فهنيئا له بهذا الكسب المبارك ، و متعه الله برضى والدته في الدنيا و أعطاه الجنة
بعد الانتهاء من الطواف ، صليت ركعتين شكرا لله ثم أديت صلاة المغرب مع جماعة المؤمنين بالحرم المكي
و قد كانت هي الصلاة الأخيرة لنا بمكة ، قبل الانتقال إلى المدينة
و قبل المغادرة ، ملأت وعاءين من ماء زمزم ، و ذلك من نقطة قريبة من الحرم المكي
و مما سهل عملي الأخير هذا ، مرافقة الأخ السعودي لي و الذي آثر على ملازمتي حتى لحظة السفر
التحقت برفاقي الذين كانوا قد أتموا استعداداتهم ، فوضعوا أغراضهم في سيارة الأجرة
و دعنا صاحب الدار و الأخ التونسي ، ثم ركبنا السيارة متوجهين في حفظ الله و رعايته إلى المدينة
3- وداع مكة ... و التوجه إلى مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم
ودعنا مكة المكرمة ، و قد كان الأذان ينادي لصلاة العشاء
انطلقت السيارة تحملنا نحو حمى الحرم النبوي الشريف ، و قد امتلأت جوارحنا شوقا إليه
و نحن في طريقنا ، من مكة إلى المدينة كان حري بنا أن نتذكر المواقف التي عاناها سيدنا محمد صلى الله
عليه و سلم و هو يهاجر من مكة إلى المدينة
نعم ، لقد هاجر صلى الله عليه و سلم بعد أن آذاه كفار قريش و أنزلوا به و بأصحابه أذى كثيرا
انطلق صلى الله عليه و سلم ، لبناء الدولة الحديثة و إرساء معالم الحضارة الإسلامية كما أرادها الله سبحانه و تعالى
و هناك بالمدينة المنورة ، كانت انطلاقة الفتوحات الإسلامية يزكيها الله عز و جل و يباركها سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هو و صحابته الكرام
في طريقنا إلى المدينة المنورة ، توقفنا في محطة للاستراحة أخذنا فيها قسطا من الراحة و أكلنا شيئا من الطعام
و قد كانت المدينة تبعد عن مكة بحوالي 180 كلم أي بعد مسيرة دامت زهاء ساعتين من الزمن
و نحن على مشارف المدينة المنورة ، بدأت أنوارها تشع من بعيد فابتهجت أحاسيسنا ، و تهللت ملامحنا
قبل الدخول إلى المدينة المنورة ، كانت المراقبة في مركز مراقبة الحجاج من أجل إحصاءهم و مراقبة خروجهم من مكة
دخلنا المدينة المنورة ، و قد كان الوقت فجرا فأدينا صلاتي الصبح و الفجر في مسجد الوكالة التي ننتسب
إليها
بعد ذلك أخذنا السائق إلى قرب الحرم النبوي الشريف ، حيث تتواجد الفنادق و دور الضيافة
نزلنا بفندق متوسط يسمى " دار الإيمان " ، فأخذنا غرفتين غرفة للنساء و غرفة للرجال مع توفر حمام و مطبخ لكل غرفة
وضعنا أمتعتنا في الغرفة ، و جلسنا لاسترداد أنفاسنا استعدادا لمعانقة الحرم النبوي الشريف الذي طالما تحرقنا لمعانفته
اتفقنا على الذهاب إلى الحرم النبوي لأداء صلاة الظهر و زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم
4- في رحاب الحرم النبوي الشريف
كان الوقت ظهرا و نحن نأم الحرم النبوي الشريف
و ما إن رفع الأذان لصلاة الظهر ، حتى كنا قد أخذنا أماكننا بين صفوف الحجاج المصلين
كانت مشاعرنا تهتز فرحا و طربا أن هيأ الله لنا هذه الزيارة المباركة
أقيمت الصلاة بنفس الطابع المدني الذي أذن به ، و هذا من المميزات للمدينة المنورة كرمها الله
و قد سالت دموعي فرحا و أنا في صلاة الظهر ، حتى اندهش أحد المصلين بجواري ، لكنني طمأنته بأن
هذا حال الحب و الهوى في حق رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم
بعد انتهاء الصلاة توجهنا في حشود نحو القبة الخضراء ،حيث قبر النبي صلى الله عليه و سلم و صاحبيه
و قد عمل المنظمون للزيارة على عدم التوقف أو لمس شباك القبر الشريف ، لما في ذلك من بدعة
و ما إن وقفنا أمام القبر الشريف ، حتى ارتفعت أصوات الزائرين بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم
كل زائر يردد صلاة خاصة ، لكن الكل في حب خير البرية هائم و متيم فهنيئا لهم بنيل المنى
أنهينا الزيارة و التي كانت شافية كافية ، بها تصفى القلوب و تتشوق الأرواح لمعانقته و هو خير الأنام
إن بزيارته و الصلاة عليه تنحل العقد ، و تنفرج الكرب ، و تقضى به الحوائج ، و تنال به الرغائب و حسن
الخواتم و يستسقى الغمام بوجهه الكريم
فاللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه و كل من سار على نهجه و صرطه المستقيم
اللهم شفعه فينا غدا يوم القيامة ، و أدخلنا الجنة مع صحابته الكرام آمـــيـــن
* لقد قاربت رحلتي من النهاية ، و قد تابعت مذكراتي بحضور مكثف بالجسد و الروح
* دعواتي الصادقة لكل أعضاء واتا بأن يحقق لهم حجة مقبولة إن شاء الله
* صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
* تابعوني في الحلقة الأخيرة ، تشكراتي على المتابعة و المرور بهذا المتصفح
المفضلات