السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
و أنا أتطلع إلى متصفح الأخ الكريم الدكتور صلاح الدين محمد " حج 1430 " عادت بي الذكرى إلى حوالي 14 سنة خلت ، أي سنة 1416 حيث أديت مناسك الحج و العمرة
و قد وفقني الله سبحانه و تعالى ، فدونت هذه الرحلة المباركة في " مذكرات حاج إلى عرفات الله "
و كما يقال " المناسبة ، شرط " فإن مناسبة حلول موسم الحج لهذه السنة ، جعلتني أبادر لنشر بعض اللحظات و المحطات المشرقة التي عشتها و أنا أؤدي شعائر الحج و العمرة أتمنى صادقا أن يستفيد كل متصفح لهذه المذكرات ، و أن يكتب له حجة مقبولة إن شاء الله
[U]* الموضوع : " مذكرات حاج إلى عرفات الله " للفقير إلى الله عز الدين بن محمد الغزاوي ، خلال موسم الحج لسنة 1416 من الهجرة./U]
1- المقدمة :
يقول الله في كتابه العزيز :
" و أذن في الناس بالحج يأتوك رجالا و على كل ضامر ، يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم و يذكروا إسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ، فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير"
صدق الله العظيم / سورة الحج آية 24 و 25
و يقول سبحانه عز من قائل :
" و لله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ، و من كفر فإن الله غني عن العالمين "
صدق اله العظيم / سورة آل عمران آية 96
إن المتدبر في هذه الآيات البينات ، و التي تشع نورا و قدسية ليجزم لا محالة بان أداء فريضة الحج و التي هي الركن الخامس من أركان الإسلام ، أمر ضروري إن كانت له الإستطاعة ، و استجابة تلقاءية لداعي الله و أذان الحج
هكذا و كسائر العبادات ، لا بد من النية أولا بل و إخلاصها استعدادا لأداء هذه الفريضة و ذلك مصداقا لقول نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم :
" إنما الأعمال بالنيات ، و إنما لكل امرئ ما نوى " حديث صحيح
و أضيف إن هذه النية يسبقها تهييء و استعداد ، و بالفعل إن كثيرا من عباد الله المخلصين تسبق لهم العناية الربانية لتيسير أعمال الخير المقبلون عليها
فمثلا ، إن المقبل على الزواج يلقى التيسير و العون ، و كذلك العازم على بناء سكن لأهله تتيسر له الصعوبات و يأتيه الله بالزق الكافي للبناء و بالنسبة للمسلم الذي عقد النية و العزم على أداء مناسك الحج و العمرة ، فإن الله يمهد له الطريق و ييسر له السبيل
و قد صادف و أنا بمكة المكرمة أتحدث مع بعض الأخوة السعوديين ، فقد أكدوا لي نفس الفهم أي أن المقبل على الزواج ، و العمارة و الحج يجد التيسير و لا يصادف في طريقه أي تعسير
نعم أيها الأخوة الأفاضل ، كانت عندي نية الحج ، و اشتاقت روحي لتلك البقاع الطاهرة لكن ظروفي المالية لم تكن بالمتيسرة كثيرا
و في يوم من الأيام ن كنت أنا و أخ لي في الله في مهمة بأحد المراكز التجارية بمدينة الدار البيضاء ، و فور انتهاءنا من المهمة طلب مني صديقي أن ندخل إلى مكتب وكالة الأسفار ، و بدون مقدمات وجدته يسأل عن الأثمنة المقترحة و يفاجأني قائلا : " و الله لقد تمنيت لك هذه السنة حجة و عمرة " فأجبت على التو :
" اللهم آمين "
و بالفعل ففور هذه الزيارة لوكالة الأسفار ، صدع النداء في قلبي و نطقت روحي بنداء الأذان للحج فقلت :
" لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد ، و النعمة لك و الملك ، لا شريك لك "
لكن و في نفس الوقت تساءلت :
" أنى لي بالقيام بهذه الفريضة ، و أنا لا أتوفر على مال كاف للسفر و كذلك ما يفي بحاجيات اسرتي "
و جاء موسم الحج ، و بدأت الإستعدادات على قدم و ساق ، فبدأت أسمع عن أصداء الأحباب و الأصدقاء الذين سيتوجهون لأداء الفريضة هذه السنة ، و بدأت شعلة الشوق تزيد شيئا فشيئا
و مرة و أنا أتناول وجبة الغذاء مع أبناءي خاطبت زوجتي قائلا :
" هل تسمحين لي بأداء مناسك الحج و العمرة لوحدي ؟ "
فبدأت تحملق في وجهي لحظة قبل أن ترد على سؤالي :
" إن كنت قد تشوقت إلى ذلك المقام ، فاذهب و لا تتوانى ، على بركة الله "
و شاءت الأقدار أن يكون جاري في السكنى قد عقد العزم على الذهاب رفقة زوجته ، فما كان مني إلا أن اتصلت به و أخبرته بالأمر ، لكنه تعذر لي بكونه قد سلم الجوازات للحصول على التأشيرة ، و قد يكون الوقت قد فات ، لكن إصراري جعله يأخذ جواز سفري و يسلمه للمصالح المسؤولة عن التاشيرات
و جاءت البشارة ، فبعد يومين جاءني يحمل جواز سفري و به تأشيرة الذهاب ، بل إن رقم تأشيرتي كان هو الأول قبل جواز سفره و جواز سفر زوجته
و أتذكر بأنه تدارك الموقف قائلا :
" لماذا لم تصطحب معك زوجتك ؟ "فأجبته متحسرا :
" لقد فكرت في الأمر ، لكن استطاعتي المادية لا تسمح كما أن زوجتي لا يمكنها الذهاب و تترك ابنتي الصغرى التي لا يتجاوز عمرها 4 سنوات "
فاقتنع بالأمر ، و تابع الإجراءات التي تقتضيها هذه الرحلة المباركة
لا تتصوروا إخواني فرحتي و أنا أطلع زوجتي على جواز السفر و هو يحمل التأشيرة ، بل و بعد يوم واحد كانت بطاقة الإركاب على متن " الخطوط الجوية السعودية " جاهزة ، فقد تحدد يوم الرحلة و بالتالي علينا الإستعداد لأداء مناسك الحج و العمرة لهذه السنة.
أعود للتيسير الذي عشته في هذه الفترة ، فقد كلمني صديق لي كنت قد ربطت معه صفقة تجارية ليخبرني بأنه سيعطينا نصيبي من الأرباح ، و الذي جاء و الحمد لله مستوفيا لما أحتاج إليه في السفر و كذلك ما يحتاجه أبناءي أثناء غيبتي
لا أستطيع وصف مشاعر الفرحة و السرور التي غمرتني حتى الأعماق ، و أنا أزف الخبر لكافة أفراد أسرتي و أصدقاءي بل لقد اختنقت الكلمات في حنجرتي و أنا أبشر والدتي، فأخبرها بيوم السفر لتتوجه إلي، بفيض من الدعاء بالرضى و التوفيق و قد غمرتها الدموع فرحة بهذه البشارة المباركة
و بدأ الإستعداد الحقيقي بشقيه : الشرعي و المادي ، فقد زارني أخي الحاج سعيد الذي سبق و أدى المناسك قبلي ، و قدم لي رعاه الله مجموعة من الملخصات للأدعية و الأعمال التي يجب على الحاج أن يقوم بها ، و لا أنسى وصيته المباركة و التي لن أنساها طول العمر ، قال لي :
" عليك بالصبر ، عليك بالصبر ، عليك بالصبر "
ثم جاء دور صهري الحاج حدو رحمه الله ، الذي أكد لي ما قاله أخي مضيفا أن أقف مليا في أداء المناسك بدون خطأ و أن لا أقلد الناس الذين لا يعيرون إهتماما للمناسك
أما الإستعداد المادي ، أي اقتناء الحاجيات الضروررية للإقامة و أهمها : لباس الإحرام ، و النعل الذي قدمته لي أخت زوجتي هدية ، أضف إلى ذلك بعض المقتنيات الضرورية اللازمة هناك
فقد ساعدني جاري كثيرا في هذا الجانب ، علما بأنه سبق و أدى المناسك مرتين كما أن الرفيق الذي سيكون معنا ، هو الحاج عبد الرحمان أضحى علما في أداء مناسك الحج و العمرة.
لقد اكتملت التجهيزات و صرنا على أتم استعداد لشد الرحال إلى عرفات ، فاللهم بلغ مقاصدنا و وفقنا لما
تحبه و ترضاه ، آميـــن.
* صادق مودتي / عز الدين الغزاوي
( لي متابعة للموضوع ،2- المرحلة الأولى : في الطائرة )
المفضلات