آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: الاكتمال التدريجي: سمة العمل الدؤوب (إلى المترجمين والكتّاب التقنيين الجدد)

  1. #1
    مدير برنامج الإختبار والإعتماد الصورة الرمزية أحمد الفهد
    تاريخ التسجيل
    28/09/2008
    المشاركات
    360
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي الاكتمال التدريجي: سمة العمل الدؤوب (إلى المترجمين والكتّاب التقنيين الجدد)

    الاكتمال التدريجي: سمة العمل الدؤوب
    (إلى المترجمين والكتّاب التقنيين الجدد)

    عندما تجد نفسك في بيئة عمل تخلو من الود والتعاطف، وعندما ينتابك شعور بأن كل هؤلاء الموظفين القدماء لا يريدونك بينهم وأن أحداً منهم لا يريد أن يعلِّمك حرفاً أو يمنحك بعضاً من وقته أو يفتح لك باب الأسئلة كي لا تعتاد على طرحها، وعندما تجد أن ما تنتجه موضع نقد وتهكم المسؤول عنك، فلا تبتئس كثيراً، فكل هؤلاء كانوا في مكانك يوماً ما. المهم: ألا تصبح في مكانهم غداً.
    في أواخر عام 1989، تعيّنت في شركة أمريكية كبرى بالعربية السعودية بوظيفة مراجع/كاتب تقني. وكان زملائي الثلاثة إنجليز واسكتلنديين. وتم تكليف موظف مخضرم وخبير اسمه ريتشارد (أو دِك (Dick) كما يدلعونه) ليشرف على شغلي حتى يشتد عودي. وكنت كلما راجعت مجموعة من الوثائق والأدلة وكتبت تعليقاتي عليها أعطيتها لدِك.
    بعد بضعة أسابيع من العمل دخل "دك" مكتبي وألقى علي المنضدة رزمة من نماذج التعليقات مع أدلة التشغيل والصيانة وقال بأسلوبه المحافظ المقتضب: "هذا تعليقاتي". ثم ألقى أمامي برزمة أخرى كانت بيده الثانية وأردف قائلاً عبر فتحة ضيقة حافظَ عليها بمهارة بين صفي أسنانه العلوي والسفلي: "...وهذه النفاية التي كتبتها أنت!"
    بعد تبادل غير قصير للنظرات بيننا، استدار دِك مغادراً وهو يدندن بنغمة لم تكن تفارق فمه كلما تحركت قدماه طيلة الأربع سنوات التي جمعتنا في العمل بعد ذلك.
    بعد أن انخفض منسوب الغضب والأدرينالين وأنزيم الحقد الطبقي "المهني" في عروقي، أخذت أقرأ تعليقات دِك وأقارنها بتعليقاتي. كانت المقارنة مستحلية، كان دك يكبرني بنحو أربعين سنة وهي الحد الأدنى للفرق أيضاً بين خبرتي وخبرته، والأهم هو أنه كان يتمتع بالأفضلية الحاسمة وهي أنه متحدث أصلي للغة الإنجليزية.
    المحاولة الثانية لي كانت عبارة عن محاولة لتقليد أسلوب دك في الكتابة.
    شعرت من الطريقة التي أعاد لي رزمة التعليقات فيها أن ثمة تحسن، ولكن شغلي لا يزال –على حد تعبيره- "(Terrible)".
    في إحدى ملاحظاته كان دك يشير إلى رقم المواصفة التي تدعم رفضه لما جاء في أحد أدلة التشغيل. فذهبت إليه وسألته: "ما معنى رقم المواصفة هذا؟" فنهض من وراء مكتبه وقال لي "اتبعني".
    شعرت بالتفاؤل حذر، وتبعته إلى غرفة مجاورة فيها خزانة من أرفف معدنية عليها ما لا يقل عن 30 كتاباً حجم الواحد منها لا يقل عن 1200 صفحة بالمعدل، وقال: هذه مواصفات جميع العقود المحالة في المشروع، هنا تجد الجواب.
    لم يكن شيئاً يجبرني على القراءة في تلك المجلدات الضخمة إلا الرغبة في المعرفة وإثبات قدرتي على التعلم الذاتي تحت شتى الظروف. أمضيت بين الكتب أياماً بل أسابيع، كانت كتب مواصفات العقود التفصيلية.
    لم يكن دك رقيقاً جداً، أليس كذلك؟
    ولكني بعد مضي الشهور والسنين، عدت صدفة إلى بعض من تعليقاتي الأولى ووجدت أنها كانت –ببساطة- "مريعة".
    نحن نتحسن تدريجياً مع مضي الوقت والمراس، وسرعة التحسن تعتمد على عدة عوامل، منها مدى القدرة على التعلم والإرادة ووجود الحافز الخارجي (ليس بالضرورة مثيل لدِك). وهذا التحسن يتجه نحو الاكتمال النسبي الذي نسميه الحرفية أو الاحتراف.
    في بداية حياتك المهنية ...
    - قد تجد نفسك في بيئة عمل محبطة ومخيبة للآمال. وقد تشعر أحياناً أن زملاءك لا يريدونك بينهم، لا أحد يريد أن يعلِّمك أو يجيب عن أسئلتك. وقد تتعرض للنقد أو التهكم. لا تبتئس كثيراً، فكل هؤلاء كانوا في مكانك يوماً ما. المطلوب منك ألا تنضم إليهم عندما تجتاز مرحلة "الأغرار"، فتلك أولى درجات السقوط بعيداً عن المهنية.
    - لا بد من تقبل النقد... مهما كان مؤلماً طالما أنه يدور في حدود العمل. قد تشعر بالإهانة لوصف مستواك العلمي أو المهني أوصافاً لا تحبها، هذا صعب نعم. يمكنك الاحتجاج على الأسلوب إن شئت ولكن الحقيقة تبقى حقيقة، وكون الأسلوب سيئاً، لا ينفى أن النقد صحيح.
    - لا بد من تحويل النقد إلى نتائج طيبة. أول خطوة في ذلك هي افتراض أن النقد صحيح خاصة إذا كان مصدره شخص أكثر منك خبرة في العمل. الخطأ الأكبر الذي يرتكبه المبتدئ هو تبديد وقته على إثبات خطا ناقده الخبير بعمله.
    اكتشفت بعد مضي الوقت أن "دك" [الرقيق] كان يائساً من قدرتي على القيام بواجبات العمل. قال لي ذات يوم "كنت عندها أردأ بكثير من أن يُراهن عليك"!
    - اصعد الجبل. إذا حال بينك وبين الفهم جبل من الكتب. عليك بقراءتها. أقصر طريق إلى المهنية لا يمر عبر أسهل الحلول بل عبر الطريق التي تعتقد أنه لا وقت لديك لسلوكها.
    - إذا كانت "لا أدري" هي نصف العلم، فنصفه الآخر هو ألا تكررها رداً على نفس السؤال.
    مع أمنيات التقدم على المسار المهني،،
    أحمد الفهد


  2. #2
    أستاذ بارز
    تاريخ التسجيل
    03/05/2009
    المشاركات
    966
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: الاكتمال التدريجي: سمة العمل الدؤوب (إلى المترجمين والكتّاب التقنيين الجدد)


    الأخ أحمد الفهد المحترم
    تحية ..

    أحسنت صنعا بعرض هذه النصائح التي لا تقدر بثمن والتي على صعيد شخصي لم أجد من يوفرها لي في بداية عملي مترجما. لكن المسألة التي طرحتها هي وجه من بعدي المشكلة والبعد المطروح هنا هو الحالة المتوقعة عموما في أي بداية مطلقة لأي مشوار عمل. وبما أن هذا الهاجس السيء للتعرض للنقد الجارح مغروس في مخيلة كل مترجم مبتدئ مهما كان ضليعا فإن وقع هذا النقد يكون أخف وطأة من المشاكل غير المتوقعة. وهنا للمقدرة الشخصية دور هام في التعامل بذكاء ولباقة مع هذه المشكلة المتوقعة وتجاوزها بمرور الوقت، وهذا ممكن في أحيان كثيرة.

    أما الوجه الآخر للمشكلة وهو لا يقل أهمية عن بعدها الأول، وهذا يحتاج إلى حذر فائق في التعامل، فبعض المترجمين المتمرسين يتعرضون لمحاولات احباط وتثبيط في عملهم فيما لو قادهم حظهم العاثر التعامل مع شخص مزاجي منهك نفسيا، وهولاء بالمناسبة موجودون في أي مكان، يحاول بوسائل خبيثة ودوافع نفسية مريضة الحط من المقدرة الفنية للمترجم بل ويجدها طريقة لاثبات قوة شخصية مزعومة له أو لإثبات مركز على كرسي دوار من خلال الترصد والتصيد "برأي هايف" لمجرد هفوة عابرة لا تخل بصلابة العمل وفاعليته ، بل ربما يتعمد هؤلاء الايقاع بك والنيل منك. وهذا ما تعرضت له شخصيا.

    اللهم أجرنا برحمتك شر الطرفين .. شكرا أخي أحمد على ملاحظاتك القيمة ..

    التعديل الأخير تم بواسطة أديب القصراوي ; 08/11/2009 الساعة 10:30 AM

  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية سمير النعيمي
    تاريخ التسجيل
    14/09/2009
    المشاركات
    305
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: الاكتمال التدريجي: سمة العمل الدؤوب (إلى المترجمين والكتّاب التقنيين الجدد)

    بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


    الاخ احمد الفهد نشكرك للتحدث عن هذا الموضوع المهم ولكن كثيرا ما صادفنا ناس انانيين يسيرون على مبدأ سر المهنه ويغفلون عنا الكثير واقصد بكل الاعمال
    والخبرات وليس للترجمة فحسب

    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


  4. #4
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    06/08/2009
    المشاركات
    12
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: الاكتمال التدريجي: سمة العمل الدؤوب (إلى المترجمين والكتّاب التقنيين الجدد)

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أشكرك أستاذي الفاضل على هذه النصائح الغالية، التي أثلجت صدري، لاسيما واليأس دائما ما يطرق بابي من هذا القبيل، وحقا صدق من قال، كفى بالزمان معلما، وبالتجارب مغنما.
    لك مني تحية عنوانها الود وختامها التقدير والاحترام
    إبراهيم القط
    مترجم ألماني ناشئنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  5. #5
    مدير برنامج الإختبار والإعتماد الصورة الرمزية أحمد الفهد
    تاريخ التسجيل
    28/09/2008
    المشاركات
    360
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: الاكتمال التدريجي: سمة العمل الدؤوب (إلى المترجمين والكتّاب التقنيين الجدد)

    الأخ العزيز أديب قصراوي،
    أحييك بدروي يا صاحب الهمة العالية دائماً. نعم البعد الآخر الذي تحدثت عنه مهم وموجود وقلائل هم المحظوظون الذين لا يمرون بتجربة التحطيم والطمس التي أسميها شخصياً "الاغتيال المهني". وقد تعرضتُ –مثلك- لتجربة محزنة دفعتني إلى "الهجرة" من عالم الوظيفة وحروبه الكيدية والتناحر "والتحفير" والشللية إلى عالم الإنترنت الرحب في أواسط عام 1999 رغم أني كنت على أعتاب قطف ثمار المجهود المهني قبلها.
    هؤلاء أخي أديب موجودون في كل مكان، بل هم مستنسخون وكأن أحد شروط العقد ينص على حصولك على واحد منهم على الأقل. فما هي نصيحتك يا ترى لمن ابتلاه الله بمن يتصيد له الأخطاء أو بمدير أو مشرف يخطط للإيقاع به "وتطفيشه"؟
    الحقيقة أني كتبت موضوعي أعلاه قبل نحو خمسة أشهر وكان السبب في كتابته مداخلة لزميل جديد على موضوع لم أعد أذكرها الآن. كان قصدي منه ألا يتعجل المترجم الجديد، والموظف عموماً، بلوغ درجة التمكن وأنها ليست درس يقرأه فيحفظه فيتحقق المراد. لقد ذقت الأمرين في الأشهر الستة الأولى من تلك التجربة لدرجة أن مديري كان يظن أني لن أعود إلى العمل من إجازتي الأولى. وكان من فضل الله أن الأمور بعد ذلك سارت بطريقة ممتازة واستمرت خمس سنوات سمان.
    شكراً لإضافتك مع تمنياتي الصادقة،
    أحمد الفهد


  6. #6
    مدير برنامج الإختبار والإعتماد الصورة الرمزية أحمد الفهد
    تاريخ التسجيل
    28/09/2008
    المشاركات
    360
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: الاكتمال التدريجي: سمة العمل الدؤوب (إلى المترجمين والكتّاب التقنيين الجدد)

    الأخ الكريم سمير النعيمي،
    وأنا أشكر تعقيبك وكلمتك الطيبة.
    واللهِ أصبت، فتلك حالة عامة. أما خرافة سر المهنة فهي لم يعد لها وجود إلا في عقول الأنانيين كما تفضلت. نحن اليوم في عصر عمل الفريق والعلوم والمصادر المفتوحة، أما النزعة الفردية والأنانية ستوديان بصاحبهما أولاً. إن كتمان العلم عن الآخرين ذنب يحرمه الدين والأخلاق والمعايير المهنية والإنسانية.
    مأساة الموظف الجديد أنه إذا كان جاهلاً بسبب حداثة عهده يتهرب القدماء من تعليمه وإذا كان خبيراً ذكياً حاربوه خشية على مراكزهم. إن منبع مشكلتنا هذه يكمن في أنماط التفكير المتهالكة والإطار الذي تضع فيه تربيتنا "الآخر" في رؤيتنا للحياة وفلسفتنا لها... فالآخر منافس وخصم لدود لك إن لم تسبقه سبقك، وإن لم تأكله أكلك، وإن لم تفطر به سيتعشى عليك. هل يمكن لإطار مثل هذا أن يبعث على التعاون وتبادل الخبرات والمعارف والتعاضد وتطوير الفريق والمؤسسة وروح العمل وخدمة المجتمع ورفعة الأمة؟ هل تعتقد أخي سمير أن من يتعامل بشعار سر المهنة أن يبني فريقاً أو شراكة من أي نوع مفيد، أو أن يخطر بباله تلك "الترهات" من قبيل تماسك المجتمع ورفعة الأمة وروح الجماعة؟ كلا بالتأكيد.
    أكرر شكري وتقديري وإلى مزيد من اللقاءات على صفحات المنتدى بكم وكل الساعين إلى خدمة شعوبهم بإذن الله.
    أحمد الفهد


  7. #7
    مدير برنامج الإختبار والإعتماد الصورة الرمزية أحمد الفهد
    تاريخ التسجيل
    28/09/2008
    المشاركات
    360
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: الاكتمال التدريجي: سمة العمل الدؤوب (إلى المترجمين والكتّاب التقنيين الجدد)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم القط مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أشكرك أستاذي الفاضل على هذه النصائح الغالية، التي أثلجت صدري، لاسيما واليأس دائما ما يطرق بابي من هذا القبيل، وحقا صدق من قال، كفى بالزمان معلما، وبالتجارب مغنما.
    لك مني تحية عنوانها الود وختامها التقدير والاحترام
    إبراهيم القط
    مترجم ألماني ناشئنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الأخ العزيز إبراهيم القط،
    وعليك السلام ورحمة الله.
    لا تفتح لليأس باباً يا عزيزي أبداً. كل بداية صعبة وكل صعوبة تحمل لنا معها الكثير والمفيد. المهم ألا ينسى المرء عند اشتداد ساعده تلك المعاناة وألا يتبادل المواقع مع المثبطين والأنانيين في وجه القادمين الجدد... يجب أن تصل أمتنا وثقافتنا إلى لحظة القضاء على العقلية الفردوية في العمل ولو على عهد أبنائنا.
    مع تقديري وتمنياتي بالتوفيق والنجاح المهني،
    أحمد الفهد


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •