لا تلتفتْ ...

د . شاكر مطلق


لا تلتَفتْ نحو الوراءِ
إذا عزَمتَ على الرَّحيلِ
إلى الجحيمِ أو الفضَاءْ ...

لا تلتفتْ نحو الوراءْ
فتَرى عيونَكَ دامعاتٍ
فوق قبرِكَ في العَراءِ
يلفّهُ سَعَفُ النّخيلِ
وحولَه تعوي كلابٌ
أو ذئابٌ في المساءْ ...

لا تلتفتْ نحو الوراءْ
فتَرى حصانَكَ صادِياً
في الرّملِ يَنهلُ مِن سَرابْ
ويقودُه كفُّ الغريبِ
ليرتوي من نهرِ دمعٍ
أو ينابيعِ العذابْ
وعِنانُه الفِضيُّ مُلقى في التّرابْ ...

لا تلتفتْ نحو الوراءْ
فترى على سعَفِ النَّخيلْ
ربَّاتِ حُلْمٍ نائماتٍ
فوقَ أطلالِ " النَّجفْ "
يُلقينَ بالثوبِ الجميلِ
وما تخمَّرَ في الجسدْ
للنّهرِ في طقْس الخَلاصْ
فيُثِرنَ ذاكرةَ القصبْ
يَبكينَ " تموزَ " القتيلْ ...

لا تلتفتْ نحو الوراءْ
يا أيها الظِّلُّ النّحيلُ
ولا تبالغْ بالعَويلْ
فالفصلُ فصلُ الفاجعهْ
النّهرُ يدعو للبقاءْ
والرّيحُ تدعو للرّحيلِ
فأيُّ دربٍ _ يا صديقي _
سوفَ يغدو قبرَنا
ويقودُنا عبْرَ النّخيلِ
لتستوي فينا الرُّطبْ
ويفيضَ في الرّوحِ الغضبْ ؟ ...

لا تلتفتْ نحو الوراءِ
فثَمَّ مجزَرةٌ هناكَ
يسيلُ فيها ما تبقّى
في النّخيل مِن الدّماءِ
وفي الملوكِ من الرِّياءِ
وربما بعضُ الحَياءْ ...

لا تلتفتْ نحو الوراءْ
إنْ لم تكنْ أهلاً لذاكْ :
لعبورِ تجربةِ الفصولِ
وحُلْمِ " يوسفَ " في الشَّتاتْ
وعبورِ برزخِها الطويلْ
مِن أجلِ أنْ يلِدَ النّخيلْ
في أرض " سومَرَ " و" الفراتْ "
" ثورَ السّماءِ " المنتَظَرْ ...

=================
حمص _ سورية 24 / 11 / 2004
E-Mail:Mutlak@scs-net.org