جـهـرة الشـوق
عبد الرحمن الطويل
نَاجِ من تَهوى و إنْ لَم يسمعِ=إنّما في القلب حقُّ المَسمَعِعبد الرحمن الطويل
كم مناداةٍ على إسمَاعِها=لم تُصب أنّاتُها قلباً يَعي
رُبّ شوقٍ طائرٍ في ليلةٍ=بدرُها في أفْقها لم يَطلع
بالغٌ قلبَ الحبيب المُرتجَى=وصلُهُ أو عائدٌ بالمطْمَعِ
فالتمس صدق الصبابات التي=إن تُلامس قلب صدقٍ تجمعِ
و ابعث الشوق و حمّله بما=صُغتَ من أُنشودةٍ أو مطلع
إنّ بعضَ الشوق أعلى جهرةً=من خطيبٍ في البرايا مصقعِ
أبلغَ القولَ مدارات العُلا=بين أسراب النُّجوم الطُّلَّعِ
فاروِ آذان السراة اللُمّع=بالحنين الشاعر الشادي النَّعي
و إذا ما هوّن الأمر فتى=قُل له يا صاحبي لم تَلتَعِ
إنّ عين الصبّ من أحزانِهِ=رُبّما تبكي و إنْ لَم تَدمَعِ
***=***
حدِّث النفس بما لم تسمعِ=إنّ ذا خيرٌ لها من مفجع
و اطوِ تذكار الجراحات التي=لم تزَع شوق الفتى أو تنزع
إن تُطعك النفس تُسلِمْك و إنْ=تَعصِ تُؤلمْك بما لم تصنَعِ
إنّ جُرحَ القدس في القلب لَهُ=ألف طَعّانٍ و ألفا مَوضعِ
جال فيها الدهرُ حتى أوسعت=ريبُهُ منها الذي لم يُوسَع
فابك للأقصى و إن لم تدمعِ=و اصطرخ آهاتِ قلبٍ مُوجَعِ
تسكن الأسوار و الحاراتُ في=جوفِه رغم ابتعاد الموقِعِ
و المزاراتُ التي لم تنمحي=و المناراتُ التي لم تًركعِ
و المحاريب التي ترنو إلى الـ = ـبيت رَنْوَ المستغيث المُفزَع
رنوَ مشتاقٍ إلى أحبابهِِ=آدهُ الشوق ليوم المجمَعِ
و المفاتيحُ التي أصحابُها=علّقوها في قلوبٍ خُضَّعِ
و النسيم الحاملُ الذكرى إلى=مهجة النائي و قلب المُدَّعِي
***=***
نادِمِ القلبَ و إن لم يَقنَعِ=و ارتضِ الصبر و إن لم ينفعِ
و اسرِ في الأحلام و القَ المُرتَجَى=و اروَ من كأس الوصالِ المُترَعِ
و ادخُل القدس و زُر أركانَها=و إن اسطَعتَ البقا لا تَرجعِ
ثم عرّج نحو أرضٍ غضّةٍ=حُسْنُها في غيرها لم يُجمَعِ
أرض أملاكٍ و أعلامٍ عَلَوْا=ذات مجدٍ عبشميٍ أرفعِ
فاهنَ في الزهراء منها و ارتعِ=و اثو في الحمراء منها و اربعِ
و انتجع في قصر إشبيليّةٍ=و القَ في روْضاتِهِ ما تدَّعي
***=***
تلك أحلامي و آمالي و لا=عيْش لي إلا بأَنْ تحيا مَعي
إن تكن وعداً فحسبي أن أفي=أو تكن غيباً فحسبي أن أعي
و غداً يأتي زمانٌ بَعْثُهُ=بَعْثُ آمال الهوى من مصرعِ
إن يُطل صبراً فإنّي موقنٌ=أنّه حَتمٌ و إن لم يُسْرعِ
الجيزة ـ الأربعاء 9 من ذي القعدة 1430هـ
المفضلات